Source: alwatan.com/details/437369Alwatan كتب:
د. يوسف بن خميس المبسلي:
لقد سبق وأن تطرقنا في أحد المقالات لبعض المحاور الأساسية التي يتطلب مراعاتها خلال مرحلة تصميم منظومة قياس الأداء الفردي في المؤسسات والوحدات الحكومية بالسلطنة، وفي هذا المقال سنسرد بعض التفاصيل حول تحديات مؤشرات الأداء الرئيسية نظرا لأهميتها.
تُعرَّف مؤشرات الأداء الرئيسية بأنها مجموعة من المؤشرات القابلة للقياس الكمي التي تستخدمها أيُّ مؤسسة لقياس أدائها لتقييم مدى نجاح تلك المؤسسة في الوصول إلى أهدافها المحددة. وفي هذا الصدد، فقد رسمت رؤية “عُمان 2040” عددا من التوجُّهات والأهداف، وترجمت تلك الأهداف إلى خطط تنفيذية مع وضع مؤشرات أداء محلية وعالمية، والتي تمكن من قياس وتقييم الأداء بشفافية.
ومن أهم أولويات رؤية “عُمان 2040” المرتبطة بحوكمة الجهاز الإداري للدولة والموارد والمشاريع هي وجود خدمات حكومية بجودة عالية، ووجود قطاع حكومي فعال في مجال التخطيط والتنظيم والمتابعة والتقويم، ومن أجل تحقيق تلك الأولويات ينبغي على المؤسسات الحكومية وضع مؤشرات أداء فعالة ودقيقة.
ونُشير هُنا إلى أعظم ثلاثة تحدِّيات في عالم مؤشرات الأداء الرئيسية، والتي يجب التركيز عليها عند وضع تلك المؤشرات، ويتمثل أكبر التحديات في اختيار مؤشرات الأداء الصحيحة ووفقًا للمسح الاستباني الذي أجراه معهد مؤشرات الأداء الرئيسي مؤخرا، حيث تم إجراء الاستطلاع على المستوى الدولي، وشارك فيه عدد كبير من المهنيين المختصين في مجال مؤشرات الأداء الرئيسي وأوضحت النتائج أن 31.7% من الردود بأن اختيار مؤشرات الأداء هو الجانب الأكثر صعوبة في أغلب المؤسسات، ويكمن التحدي في وجود الآلاف من المؤشرات الأداء القابلة للاختيار. ففي أغلب الأحيان تقوم بعض المؤسسات باختيار بعض المؤشرات الشائعة التي تتبناها المؤسسات الأخرى بغضِّ النظر عن طبيعة النشاط الاقتصادي للمؤسسة والأهداف الخاصة التي تسعى تلك المؤسسات من تحقيقها، في حين أن المؤسسات تختلف فيما بينها من حيث الرؤية والمهمة والأهداف، وبالتالي لا يمكن تطبيق نفس المؤشرات تطابقا جذريا إلا في حالة وجود توافق وانسجام بين الأهداف لِكلتا المؤسستين. ومن هنا نجد أنه تقع على عاتق كل مؤسسة حكومية اختيار مؤشرات محدَّدة تتوافق مع أهدافها العامة، وبالمقابل تنسجم مع رؤية “عُمان 2040”. إضافة إلى ذلك، تُعد عملية جمع البيانات من التحديات الكبيرة لنطاق عمل إدارة مؤشرات الأداء الرئيسية، وفي نفس الدراسة السابقة أظهرت النتائج إلى أن ما نسبة 27.8% من الردود ركَّزت على أن تحدي جمع بيانات مؤشرات الأداء الرئيسية يقع في المرحلة الثانية من تلك التحديات، ويمكن تحديد الأسباب على أنه أثناء عملية جمع بيانات مؤشرات الأداء الرئيسية يتضح بأن العديد من تلك المؤشرات لم يتم قياسها، في حين أن بعض المؤشرات لا تتوافر بياناتها.
ويعود أحد الأسباب هو اختيار عدد كبير من المؤشرات، بشكل غير دقيق بدون النظر على المنهجية العلمية لاختيار تلك المؤشرات؛ لذا نؤكد على أهمية أنه لا بُدَّ أن تكون أي منظومة قياس للأداء مبنية على مؤشرات ذات أسس ومنهجية علمية محدَّدة تتناسب مع النشاط الخدمي لكل مؤسسة، وتعمل على قياس الأداء خلال مرحلة معينة بمؤشرات محدَّدة.
علاوة على ذلك، يجب التركيز على تحديد المستهدفات، إذ تُعد المستهدفات أحد أهم التحديات لمؤشرات الأداء، كما أشارت النتائج إلى أن 18.9% من الردود أكدت على أن ثالث أكبر تحدٍّ في عالم مؤشرات الأداء هو تحديد المستهدفات، فعند وضع المستهدفات يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار أن تكون تلك المستهدفات دقيقة، وأن تتسم بالمنطقية وذات طابع تحدٍّ بحيث يمكن تحقيقها في الوقت الزمني المحدَّد. فعلى سيبل المثال، حسب رؤية “عُمان 2040” فإنه تم وضع مؤشرات تختص بالحوكمة العالمية ـ الكفاءة الحكومية ـ وتم وضع الأداء المستهدف عام 2030 بأن تكون السلطنة من أفضل 30 دولة، في حين تم وضع الأداء المستهدف عام 2040 بأن تكون أفضل من 10 دول، ولتحقيق ذلك لا بُدَّ من أن تقوم جميع المؤسسات والوحدات الحكومية بوضع مؤشرات، ومستهدفات محدَّدة ودقيقة، تسهم بشكل فعَّال في تحقيق مستهدفات تلك الرؤية.
وأخيرا نقول: إن منظومة قياس الأداء الفردي في المؤسسات والوحدات الحكومية بالسلطنة تتماشى مع رؤية “عُمان 2040” التي تسعى إلى تعزيز جودة الخدمات حكومية، وتفعيل دور القطاع الحكومي في مجال التخطيط، والتنظيم، والمتابعة، والتقويم. لذا لا بُدَّ من التركيز على تلك التحديات في المراحل الأولى قبل تطبيق تلك المنظومة بحيث يتم اختيار ووضع مؤشرات أداء دقيقة وواضحة مع وجود مستهدفات محدَّدة بكل مؤسسة أو وحدة حكومية؛ لتحقيق التوجُّه الاستراتيجي من جعل السلطنة ضمن مصاف الدول المتقدمة من حيث الكفاءة الحكومية، كما أن استحداث قسم مستقل يعنى بإدارة الأداء المؤسسي بجميع المؤسسات والوحدات الحكومية يتولى مهام التصميم والتنفيذ والمتابعة قد يكون له دور مهم في نجاح منظومة قياس الأداء الفردي.
تحديات مؤشرات الأداء الرئيسة خلال مرحلة تصميم منظومة قياس الأداء المؤسسي
- خبر
-
مشاركة