Source: alwatan.com/details/439419Alwatan كتب:
محمد بن سعيد الفطيسي:
تعد جرائم الإرهاب وجرائم الفساد من الجرائم التي يترتب عليها العديد من الآثار والنتائج الخطيرة على الأرواح والممتلكات العامة والخاصة، وكم من وطن انهارت أركانه وسقط بنيانه بسبب الفساد، كما أن جرائم الإرهاب هي الأخرى من الجرائم التي تتسع خطورتها لتمتد إلى خارج الحدود الوطنية وبطريقة تبادلية بين الداخل والخارج، فإذا دخل الإرهاب من باب خرج الأمن والاستقرار من النافذة كما يقال.
على ضوء ذلك اهتمت أغلب الدول في مختلف أرجاء العالم بقضايا محاربة الفساد وحماية المال العام وجرائم الإرهاب، عبر منظومة متكاملة من التشريعات من جهة مثل قانون مكافحة الفساد ومكافحة جرائم الإرهاب وتمويله، كما وسعت من الإجراءات الداعمة لذلك عبر شبكة وطنية ودولية من الرقابة والمحاسبة والردع والتعاون الدولي وتبادل المعلومات والخبرات.
بعض الدول لم تتوقف عند هذا الحدِّ، بل شملت ووسعت تلك المنظومة بكل ما يمكن أن يساعد على تحقيق تلك الأهداف، ومن ضمنها توفير نظم وقوانين حماية للأشخاص المساهمين في الحدِّ من جرائم الفساد، وكذلك مكافحة جرائم الإرهاب والتنظيمات الإرهابية، خصوصا الشهود والمبلغين والخبراء والفنيين ورجال الأمن والقضاء ومن في حكمهم وكذلك ضحايا جرائم الإرهاب.
والمتتبع لحركة التأهيل التشريعي وتطوير النظم والبرامج المتعلقة بمكافحة جرائم الفساد والإرهاب، يجد تقدما ملاحظا على التشريعات والبرامج الخاصة بمكافحة الفساد في العديد من دول العالم في الآونة الأخيرة، خصوصا في الدول الأوروبية وبعض الدول العربية مثل دولة الإمارات والعراق ( 1) على سبيل المثال لا الحصر، بينما ما زالت العديد من الدول العربية خصوصا تفتقد لمثل هذه التشريعات والبرامج، أما في جانب التشريعات الخاصة بمكافحة الإرهاب فنجد أنها حصلت على اهتمام واسع بعد أحداث 11 سبتمبر، بينما ـ وللأسف الشديد ـ ما زالت تفتقد وبشكل كبير ومؤثر جدا إلى التشريعات والبرامج الداعمة لمكافحة الإرهاب مثل تشريعات وبرامج حماية الشهود ومن في حكمهم، على سبيل المثال.
وهنا نطرح السؤال التالي: لماذا نركز على هذا النوع من القوانين؟ أقصد قوانين حماية الشهود ومن في حكمهم في جرائم الإرهاب والفساد.
للأسف الشديد عدم وجود قوانين وبرامج (خاصة) بحماية الشهود ومن في حكمهم يؤدي في أحيان كثيرة إلى إفلات الجناة من العقاب، وهو ما حصل بالفعل في العديد من الجرائم ذات الصلة، كما أن المخاوف التي تحيط بالأشخاص الراغبين بالتعاون مع مؤسسات تحقيق العدالة بسبب التهديدات التي يمكن أن يتلقوها من قِبل المجرمين تحول دون رغبتهم في التعاون عبر الشهادة أو الإبلاغ، كما أن حماية الشهود ومن في حكمهم مهم للغاية لتحقيق حسن سير مرفق العدالة في مختلف الجرائم، وتزيد درجة الأهمية عندما يكون ذلك في جرائم ذات درجة عالية من الخطورة والتهديد مثل القضايا المتعلقة بالإرهاب وتمويله وقضايا الفساد وحماية المال العام.
وقد “حظيت المسائل المتعلقة بحماية الشهود ومن في حكمهم في مكافحة الجريمة المنظمة عموما” باعتراف واسع النطاق منذ سبعينيات القرن الماضي (في أوروبا على سبيل المثال)، رغم ذلك ما زالت بعض الحكومات (في العالم العربي) والهيئات الدولية على السواء تقلل من شأن الدور الرئيسي والمهم الذي تؤديه في حماية الشهود وضحايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان أو الانتهاكات الخطيرة للقانون الإنساني الدولي، أو أنها تغفل هذا الدور أو تتجاهله. والتسليم بأن حماية الشهود ليس منَّة، وإنما هي واجب يقع على عاتق الدول”(2 )
وطنيا نالت جرائم الفساد والإرهاب نوعا من الاهتمام التشريعي وإن كان ذلك ما زال في مراحله الأولى، من خلال وجود بعض التشريعات الخاصة الحديثة مثل قانون مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب رقم 30 لسنة 2016، بينما ما زال قانون مكافحة الإرهاب رقم 8 لسنة 2007 بحاجة إلى تأهيل تشريعي واسع لأسباب عديدة ومختلفة تطرقنا إلى تفاصيها في دراسات وبحوث محكمة (3 ) في وقت نفتقد فيه إلى تلك التشريعات والبرامج الداعمة لمكافحة جرائم الإرهاب مثل تشريعات وبرامج وتدابير حماية الشهود والمبلغين ومن في حكمهم.
في وقت لا توجد تشريعات (خاصة) بمكافحة جرائم الفساد رغم وجود بعض التشريعات التي تدخل بشكل غير مباشر في هذا السياق مثل قانون حماية المال العام وتجنب تضارب المصالح رقم 112 لسنة 2011 وقانون حماية المنافسة ومنع الاحتكار رقم 67 لسنة 2014م بينما تفتقد تلك القوانين للتشريعات والبرامج الداعمة مثل قانون حماية الشهود ومن في حكمهم كذلك.
على أن سلطنة عمان، وفيما يخص مكافحة الفساد تحديدا وبحسب ما تناقلته وسائل الإعلام العمانية خلال العام 2021م، أكدت نيتها تخصيص برامج خاصة “لتعزيز النزاهة ومكافحة الفساد وتفعيل دور الإعلام كسلطة رابعة ومن هذه البرامج «برنامج مكافحة الفساد والحد من الاعتداء على المال العام»، ويستهدف وضع التدابير الكفيلة بتعزيز مكافحة الفساد الإداري والمالي، والتصدي لحالات الاعتداء على المال العام والحدِّ منها ومن إساءة استعمال السلطة”(4 )
ختاما نؤكد على أهمية وضرورة الاهتمام بتأهيل قانون مكافحة الإرهاب العماني رقم 8 لسنة 2007، ومن وجهة نظري الشخصية من الأفضل إلغاء القانون الحالي وإصدار تشريع جديد يكون أكثر شمولية ومواكبة للتطورات المعاصرة في الساحة الأمنية، مع التأكيد على أهمية وضرورة وجود قانون أو نظام أو برنامج خاص بحماية الشهود والمبلغين ومن في حكمهم فيما يتعلق بجرائم الإرهاب، ورغم أني لست مع دمج برامج حماية الشهود ومن في حكمهم في جرائم الفساد والإرهاب في تشريع أو برنامج مشترك، إلا أنه وإن كان ولا بُدَّ فيمكن ذلك بشرط إعطاء كل جريمة حقها في التخصيص.
ــــــــــــــــــــــــ
مراجع1 ـ في دولة الإمارات العربية المتحدة القانون الاتحادي رقم 14 لسنة 2020م وفي العراق القانون رقم 58 لسنة 2017
2 ـ التقرير السنوي لمفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان بشأن الحق في معرفة الحقيقة، مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، الدورة(15) البندان (2،3) من جدول الأعمال، تاريخ 12/10/2009م، رقم الوثيقة (A) GE.10-15171 050411 080411، ص 5-6
3 ـ راجع لي. قراءة تحليلية لقانون مكافحة الإرهاب العماني رقم 8/2007، مجلة المعهد، معهد العلمين للدراسات العليا، النجف الأشرف/العراق، ع(5) لسنة 2021، ص333 -360
4 ـ في خطوة غير مسبوقة. الحكومة عازمة على مكافحة الفساد عبر 5 برامج استراتيجية، صحيفة الشبيبة، تاريخ النشر 22/ 9/ 2021 تاريخ الدخول 25 / 9/ 2021، على الرابط: https://shabiba.com/article/164370
قوانين لحماية الشهود ومن في حكمهم في جرائم الفساد والإرهاب
- خبر
-
مشاركة