أصداف: فرنسا تكرّم (الحركيون)!

    • خبر
    • أصداف: فرنسا تكرّم (الحركيون)!

      Alwatan كتب:

      وليد الزبيدي:
      يثير تكريم الرئيس الفرنسي ماكرون لـ”الحركيون” الجزائريين العديد من التساؤلات.
      في الجزائر أطلقوا عليهم تسمية “الحركيون” وتعني الخونة، وانطلق نشاط هؤلاء بعد تصاعد المقاومة الجزائرية ضد القوات الفرنسية المحتلة، ولم يتأخر الفرنسيون في “صناعة” الجواسيس من الجزائريين الذين كانت وظيفتهم معاونة المحتلين ضد الشباب المقاومين، وقد انطلقت الثورة الجزائرية في الأول من تشرين الثاني/نوفمبر من العام 1954، وبلغ عدد المنضوين تحت لواء “الحركيون” بحدود 200 ألف جزائري ومن بينهم ضباط برتب كبيرة، في حين كان المقاوم أحمد بن بيلا ضابطا في الجيش الفرنسي، وبعد أن رفضوا منح بلاده الجزائر الاستقلال ـ كما وعدوا بذلك ـ إبان الحرب العالمية الثانية حيث كانت فرنسا تقبع تحت نير الاحتلال الألماني حتى نهاية الحرب، بل وزادوا على ذلك بقتل أكثر من أربعين ألفا من المتظاهرين الجزائرين الذين طالبوا في تظاهراتهم بالاستقلال في مدينة سطيف وغيرها بعد انتهاء الحرب الثانية في العام 1945، فما كان من ابن بيلا إلا اتخاذ قراره بترك الجيش الفرنسي والبدء بالتفكير بطريق المقاومة، وكان في ذلك الوقت لا يتحدث اللغة العربية، وبعد تسع سنوات من تلك الجريمة الفرنسية بحق الجزائريين أطلق المقاومون الثورة التي تواصلت حتى طرد الغزاة ونيل الاستقلال في العام 1962.
      وتكررت تجربة “الحركيون” في دول أخرى بعد وقوعها تحت الاحتلال، في فلسطين أسموهم “روابط القرى” وذلك أواخر سبعينيات القرن العشرين، ومهمتهم العمل ضد المقاومين الفلسطينيين، وتكبدت المقاومة خسائر كبيرة بسببهم لكنهم انهزموا وبقيت المقاومة. وفي فيتنام أسس الأميركان خلال احتلالهم لفيتنام ما سُمي بـ”القرى الاستراتيجية”، وفي العراق أطلق المحتل الأميركي أواخر العام 2006 مشروع “الصحوات” بعد أن باتت القوات الأميركيية تترنح وكانوا على وشك الهزيمة، وكانت مهمة “الصحوات” مطاردة المقاومين وإبلاغ قوات الاحتلال عنهم تحت شعار “مطاردة الإرهاب”.
      وبالعودة إلى الخبر الذي تناقلته مؤخرا وسائل الإعلام الفرنسية والعالمية، والذي أعاد إلى الأذهان مجاميع “الحركيون” الذين تعاونوا مع قوات الاحتلال الفرنسي وقدموا خدمات كبيرة لهم بعد انطلاق الثورة الجزائرية ضد قوات الاحتلال الفرنسي، فبينما يكرم الرئيس ماكرون هؤلاء، فقد نبذهم الشعب الفرنسي والشعب الجزائري طيلة العقود الماضية، ورفضت الحكومات الجزائرية العفو عنهم ولم تسمح لهم بالعودة، ويطلق الفرنسيون على أحفاد هؤلاء صفة أحفاد الخونة. وفي خطاب الرئيس الفرنسي ديجول عند استقلال الجزائر في العام 1962 قال كلمته بحقهم، قال (هؤلاء لعبة التاريخ، إنهم مجرد لعبة).
      وانبرى المقاومون الجزائريون بعد الاستقلال مباشرة لمطاردة الخونة والمتعاونين مع المحتل الفرنسي وقتلوا منهم في فترة وجيزة 15 ألف شخص، وسارع الآخرون للفرار إلى فرنسا، التي عزلتهم في مخيمات، ولم تعترف بهم ولم يحصلوا على حقوق المواطنة الفرنسية.
      إنهم يبقون أبدا لعبة التاريخ وتطاردهم لعنات الأجيال.

      Source: alwatan.com/details/439417