Source: alwatan.com/details/439780Alwatan كتب:
حرصت السلطنة منذ انطلاق نهضتها المباركة على بلورة سياستها الخارجيَّة وفق مجموعة من الثوابت الأساسيَّة والمبادئ التي لا تحيد عنها، حيث تتحرك دائمًا لإقامة علاقات دبلوماسيَّة واقتصاديَّة متينة على أساس حُسن الجوار، وعدم التدخُّل في الشؤون الداخليَّة للغير، مُنطلِقةً ـ في سبيل تحقيق ذلك ـ من رؤية تحترم القوانين والأعراف الدوليَّة، مؤمنةً بأنَّ حلَّ أيِّ قضيَّة على المستوى الدولي يحتاج إلى الحوار أولًا. لذا تحرص في إطار حيادها الإيجابي على فتح أبواب الحوار، حتى إذا أوصدتها الصراعات والخلافات وتبايُن المصالح بَيْنَ دول العالم، وهي سياسات عمانيَّة راسخة كان لها دور كبير في الحفاظ على السلام العالمي. فالسلطنة كانت دائمًا بابًا مفتوحًا للتعاون والحوار لِمَنْ أعْيَتْه الصراعات، وآمنَ بأنَّ بالحوار البنَّاء وحده تحلُّ القضايا العالقة.
إنَّ الثَّوابت الخارجيَّة العمانيَّة قد عبَّرت عنها كلمة السلطنة أمام الدورة السادسة والسبعين للجمعيَّة العامَّة للأُمم المتَّحدة، التي ألقاها معالي السيد بدر بن حمد بن حمود البوسعيدي وزير الخارجية، بوضوح معهود، حيث رسَّخت مبادئ يحتاجها العالم حاليًّا للخروج من كبواته الصحيَّة والاقتصاديَّة المتراكمة، وذلك إيمانًا منها بأنَّها جزءٌ من هذا العالم المُترابط، تتشارك مع شعوبه في المصالح والمصير، تُسرُّ لِمَا يَسرُّه وتأسَى لِمَا يَضرُّه، لذا تحمل الحوار البنَّاء حلًّا وحيدًا لحلحلة المشاكل، وتعمل بكُلِّ طاقتها على إرساء السلام في ربوع المعمورة كافَّة، مُتسلِّحة ـ في سبيل ذلك ـ بالصِّدق والموضوعيَّة، والحرص على الوقوف على مسافة واحدة من الجميع، والعمل وفق مبادئ رئيسة تنشد التوازن بَيْنَ الأضداد للتَّعامل مع القضايا كافَّة التي تُؤرِّق المجتمع الدولي، ومحيطها الإقليمي. فالسلطنة تجزم بعدم وجود تنميَة حقيقيَّة دون تعاون مُطلَق في كُلِّ المجالات.
وجاءت كلمة السلطنة أمام الأُمم المتَّحدة مُجددًا لتعبِّر عن آمال وطموحات الشَّعب الفلسطيني، حيث تحرص دائمًا على أن تكون منبرًا يعبِّر عن تأييد لعدالة القضيَّة الفلسطينيَّة ومطالب الشَّعب الفلسطيني للاستقلال وإقامة دولته وعاصمتها القدس الشرقيَّة، وفقًا للقانون الدولي وقرارات مجلس الأمن ومبادرة السلام العربيَّة، فالسلطنة تعمل على وضع القضيَّة الفلسطينيَّة أمام أنظار العالم، والتأكيد عن الحقوق الفلسطينيَّة العادلة إيمانًا منها بعدالة هذه القضيَّة، ونصرةً لإخواننا الفلسطينيين.
إنَّ السياسة الخارجيَّة العمانيَّة تعمل وفق منظومة حريصة على استقرار الدول وحقِّ الإنسان في التَّنمية، وتوجيه ما يتمُّ صرفه من أموال طائلة في صراعات لا جدوى له إلى مضمار النُّمو، والعمل على تحقيق رفاهية الإنسان، لذا كانت وستظل رؤيتها حول قضايا الصراع في المنطقة والعالم تُغلِّب حقَّ الإنسان في حياة كريمة، وتعمل مع الأطراف كافَّة على تواصل الجهود الإنسانية، وتوفير الاحتياجات الأساسيَّة كخطوة أولى، للتوصُّل إلى تسويَة سياسيَّة شاملة تُعيد الأمن والاستقرار لجميع قضايا العالم، خصوصًا قضايا المنطقة، فالسلطنة توَّاقة لمنطقة تكون لُغة التَّنمية عنوانًا رئيسًا في العلاقات بَيْنَ دولها. كما عبَّرت السلطنة خلال كلمتها عن سعيها إلى ترجمة التزامها الدولي في تحقيق أهداف التَّنمية المستدامة للأُمم المتَّحدة 2030، من خلال إدماج محاورها الثلاثة الاقتصاديَّة والاجتماعيَّة والبيئيَّة، وأهدافها الـ17، في استراتيجيَّات السلطنة وخططها التنمويَّة، وعَدَّتها مكوِّنًا رئيسًا في رؤية “عُمان 2040” وخططها التنفيذيَّة.لقد استخدمت السلطنة كلمتها أمام الدورة السادسة والسبعين للجمعيَّة العامَّة للأُمم المتَّحدة لا لتستعرض ثوابتها ومنطلقاتها السياسيَّة والاجتماعيَّة والاقتصاديَّة والتنمويَّة فحسب، بل حرصت على إعطاء خطَّة علاجيَّة لِمَا يحتويه المجتمع الدولي من قضايا عضال، مؤمنةً بأنْ لا حلَّ دون تعاون أُممي للوصول إلى ما تتطلع إليه البشريَّة من استقرار ووئام وازدهار، كما حرصت على ترسيخ المفهوم الحقيقي للشَّراكة والمصير المشترك بَيْنَ سائر الشُّعوب والمجتمعات، وهو الوسيلة المُثلى لتحقيق تلك الآمال، وتعظيم المكانة المرموقة التي ترنو الأُمم المتَّحدة إلى بلوغها واستدامتها.
رأي الوطن: رؤية تستعرض طريق التنمية حول العالم
- خبر
-
مشاركة