Source: alwatan.com/details/440281Alwatan كتب:
د. عامر بن سلطان الحجري:
خامسا: عدم تخصيص موارد مالية كافية من قبل المؤسسين (المالكين) لتطوير هذه الجامعات والكليات وتحسين جودة برامجها الأكاديمية والبحثية وغيرها من الأنشطة، كتلك المتعلقة بتطوير وتحسين الخدمات الطلابية وخدمة المجتمع والتواصل مع المؤسسات الاقتصادية والصناعية. حيث إن أغلب هذه الجامعات والكليات تعاني من محدودية الموارد المالية لتغطية التكاليف المرتفعة لتنفيذ خططها في النمو والتطور، على الرغم من الدعم الحكومي لها خلال أكثر من ثلاثين عاما. بل يمكننا القول إن جميع هذه الجامعات والكليات تعتمد اعتمادا كليا على الدعم المالي الحكومي المباشر وغير المباشر في استمراريتها وبقائها.
سادسا: غياب الخطط الاستراتيجية وعدم الاهتمام بالتخطيط الاستراتيجي على المستوى المؤسسي (الجامعات والكليات)، والكلي (قطاع التعليم العالي)، وإن وجدت بعض الخطط فإنها عادة ما تفتقر إلى الواقعية والقابلية للتطبيق والتنفيذ. كما أن معظم القرارات ذات الطابع التخطيطي تكون على شكل ردود أفعال على أحداث ومستجدات آنية، غالبا ما تكون اقتصادية أو سياسية أو كلتيهما معا، ولا تتخذ البعد التخطيطي الاستراتيجي. وقد يكون السبب في هذه المشكلة هو غياب دور القادة كمخططين استراتيجيين، سواء على مستوى رؤساء الجامعات والكليات أو القيادات العليا في الوزارات والجهات الحكومية المختصة.
سابعا: عدم إيلاء تحسين وتطوير الجودة الأكاديمية في كافة المجالات والمستويات، المؤسسية والبرامجية وغيرها من الأنشطة القدر الكافي من الاهتمام من قبل الجامعات والكليات الخاصة، خصوصا في ظل تهاون المؤسسات الحكومية المختصة عن القيام بدورها في هذا المجال لسنوات طويلة، ولأسباب قد تحتاج إلى مقالات أخرى للبحث فيها.
ولهذا نلاحظ، بأن الجامعات والكليات الخاصة بدأت بإعطاء قدر من الاهتمام بالجودة كمؤسسات وبرامج أكاديمية، وبحث علمي، وغيرها من الأنشطة عندما طلبت منها الجهات الرسمية ذلك وأجبرتها عليه في السنوات الأخيرة، حيث إن هذه الجامعات والكليات وجدت نفسها مضطرة إلى الاهتمام بالجودة الأكاديمية واستيفاء واجتياز معايير الجودة المطلوبة للبقاء والاستمرار والحصول على الدعم المالي الحكومي الذي هو شريان الحياة لبقائها.
ثامنا: عدم وجود خطط فعالة لتمكين الكوادر العمانية لتولي الوظائف القيادية والأكاديمية في الجامعات والكليات الخاصة. حيث إن هذه الوظائف والأدوار المهمة ظلت حكرا على الأكاديميين الوافدين وما زالت كذلك إلى يومنا هذا، بينما تركت الوظائف الإدارية، ذات الطابع الروتيني والدخل المتدني للكوادر العمانية. ومن العجيب والغريب أن نرى وزارتي العمل والتعليم العالي والبحث العلمي والابتكار تجبران الجامعات والكليات الخاصة على تعمين كافة الوظائف الإدارية في هذا العام (2021)، على الرغم من أن أغلبها معمَّن منذ فترة طويلة من الزمن. وكان من المفروض أن تتقدم الوزارتان، وبالتنسيق والتعاون مع الجامعات والكليات الخاصة، بإعداد خطط عملية لتمكين الكوادر العمانية للعمل في الوظائف القيادية العليا والوظائف الأكاديمية في هذه الجامعات والكليات، كوظائف رؤساء ومديري الجامعات، وعمداء الكليات ورؤساء الأقسام الأكاديمية، والأساتذة والمحاضرين. حيث إن هذه الوظائف هي الأساس في تطور ورقي الجامعات والكليات.
تاسعا: محدودية أو عدم استفادة الجامعات والكليات الخاصة من اتفاقيات الارتباط والتعاون الأكاديمي والعلمي مع الجامعات في الدول الأخرى. حيث كان من ضمن شروط إنشاء وتأسيس الجامعات والكليات الخاصة هو وجود اتفاقيات ارتباط وتعاون أكاديمي بين الجامعات والكليات المحلية والجامعات العالمية بهدف المساعدة في تطوير هذه المؤسسات وضمان جودة برامجها وأنشطتها والاستفادة من نظمها المتطورة ونقل المعرفة والتقنيات الحديثة في مجال التعليم الجامعي والبحث العلمي والخدمات الطلابية وخدمة المجتمع والاقتصاد الكلي. إلا أنه وللأسف، لم تستطع مؤسساتنا تحقيق هذه الأهداف وذلك لافتقارها للمتطلبات التي تمكنها من ذلك، والتي سبق ذكرها في هذا المقال، وأهمها نقص الكوادر البشرية المؤهلة، وعدم إتاحة الفرصة للكوادر العمانية الشابة المخلصة المؤهلة للاستفادة من هذه الفرص. بل إن اتفاقيات الارتباط والشراكة هذه أصبحت فرصة للجامعات من الدول الأخرى لتحقيق أهداف مادية لمصلحتها وتسويق برامجها وخدماتها. أي أن الجامعات والكليات المحلية استخدمت كوسيط لتسويق برامج وخدمات الجامعات من الدول الأخرى.
عاشرا: محدودية استفادة الجامعات والكليات الخاصة من التمويل والدعم المقدم من الجهات الحكومية المختصة (مجلس البحث العلمي سابقا، وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار حاليا) في تطوير البحث العلمي، خصوصا فيما يتعلق بإعداد الباحثين العمانيين وإكسابهم مهارات البحث العلمي. والسبب في هذا يرجع إلى عدم اهتمام الجامعات والكليات الخاصة بتوظيف الكوادر العمانية في الوظائف الأكاديمية، وكذلك عدم وجود خطط لدى الجهات الحكومية (وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار ووزارة العمل) لتشجيع وتحفيز الجامعات والكليات الخاصة لتوظيف الكوادر العمانية في المجالات الأكاديمية واقتصار خطط هذه الجهات على الوظائف الإدارية، كما ورد ذكره سابقا. ولهذا نلاحظ أن معظم فرص الدعم المالي للمشاريع البحثية الممولة من قبل الجهات الحكومية المختصة (مجلس البحث العلمي سابقا، وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار حاليا) يتم توجيهها بشكل كبير إلى الوافدين الذين يستحوذون على أغلب الوظائف الأكاديمية والبحثية مع وجود قلة من العمانيين الذين يستخدمون عادة كغطاء للحصول على التمويل من الجهات المختصة، حيث إن هذه الجهات قد تشترط إشراك كوادر عمانية في فرق المشاريع البحثية.
والخلاصة، أن هذا العرض الموجز والسريع لواقع التعليم العالي الخاص في السلطنة يشير إلى أن هذا القطاع الحيوي والمهم، والذي يُعد من الركائز المهمة في دفع عجلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية في السلطنة، لا يزال دون مستوى الطموحات والأهداف المرسومة له، خصوصا من ناحية جودة مؤسساته وبرامجه التعليمية والأكاديمية وجودة الخريجين والأنشطة الأخرى كالبحث العلمي وخدمة المجتمع والتواصل مع المؤسسات الاقتصادية. وللمضي في عملية الإصلاح والتطوير فإنه لا بُدَّ لنا من دراسة أهم التحديات التي تحول دون تحقيق الأهداف والغايات السامية للجامعات والكليات الخاصة في السلطنة، والتي استعرضنا بعضا منها بعجالة في هذا المقال، والعمل على إيجاد الحلول المناسبة لها على وجه السرعة، وإلا فإن كل جهودنا واستثماراتنا سوف تذهب هباء منثورا.أكاديمي عماني
واقع التعليم العالي الخاص في السلطنة وتحديات إصلاحه وتطويره (2 ـ 2)
- خبر
-
مشاركة