"الجزيرة" قناة للأطفال... لكن!
بقلم: د/ طارق البكري
كثرت في الآونة الأخيرة ظاهرة محطات الأطفال الفضائية فضلاً عن برامج الأطفال المتنوعة على المحطات العربية العديدة..
بداية لا بد من تهنئة هذه المحطة الناشئة باعتبار أن مجرد انشاء محطة للأطفال مغامرة خاسرة اقتصاديا ومعنويا وليس لها أي جدوى اقتصادية أو اجتماعية تذكر على عكس ما تحققه المحطات الأخرى على تنوع وتفاوت بينها..
ويجدرالتوقف قليلا عند بدايات هذه المحطة اللافتة التي عليها مهمات جسام ويتوقع أن تؤدي دورا غيرعادي باعتبارها تنشأ من رحم مؤسسة إعلامية كبيرة وأي خطأ تقترفه ولو كان غير متعمد يحسب عليها ويكون الخطأ مضاعفاً لأنه من المفترض أنها ابنة شرعية لتجربة اعلامية كبيرة.
ولكن من الملاحظ أن العروض الأولى للمحطة شهدت برامج مدبلجة وهذا ما لم نكن نتوقعه حقيقة وكنا نأمل أن تقدم المحطة جديدا ومن واقعنا العربي وليس مستوردا لأنها عندما تقدم المستورد وإن كان مدبلجا فإنه يظل غريبا وكنا نفضل ونتوقع من محطة بهذا الوزن الثقيل أن تبدأ ببرامج من انتاجها.. من منشأ عربي خالص.. بدل الاعتماد على الآخر الجاهز وهذا أمر منتشر وملاحظ على مدى المحطات العربية..
وألفت المحطة الناشئة الى تجارب عربية قيمة لا بد من استثمار تجربتها ودراستها وفهم اسباب نجاحها لا الاقتصار على البرامج المستوردة كما تفعل غالبا (سبيس تون وأم بي سي 3 وارتينزوغيرها) ولو فعلت ذلك فأين يكون التميز.. ولعل هذه المحطات معذورة بجانب مهم وهوضعف اقتصاديات محطات الاطفال من حيث الدعم الإعلاني ومن ثم فإن انتاج فيلم كرتوني واحد للأطفال يكلف مبالغ طائلة فضلا عما تكلفة البرامج الأخرى..
ولكن لو درسنا بقليل من التعمق نجاح برنامج (كيدز باور) الذي يبث عبر (ال بي سي) ومنذ سنوات طويلة ولمرتين يوميا أو قل لمرات عدة لأنه يبث على المحطة الأرضية والفضائية وهما يبثان فضائياً عربيا وأوروبيا وعالميا، وتكلفة البرنامج ربما تعد الأقل كلفة من برامج كثيرة تعرضها محطات الأطفال..
ولا بد أن نعترف أننا ما زلنا نعتقد أن إعلام الطفل ليس سوى أسلوبا للتخلص من الطفولة وشقاوتها حيث نرى كثيرا ومن اولياء ينظرون الى برامج الأطفال على أساس انها تشغل الطفل عن المشاغبة، وننسى أنها وسيلة فاعلة لبناء شخصية الطفل من مختلف الجوانب الشخصية وعلى جميع المستويات.
وهنالك مسألة شديدة الخطورة لا أدري كيف فاتت مسؤولي المحطة (ولو كان أمرا مقصودا فهذه مصيبة) وهي توقيت بدء البث مع اليوم الأول لعودة الأطفال الى مدارسهم على الأقل هنا في الكويت، ولا أدري هل هذا مجرد مصادفة أم أنه أمر مقصود؟ وأقطع جازما حسن النية بالتأكيد، كما أن مشاهدة برنامج وثائقي عرض في الفترة الأولى للبث وهو برنامج مترجم قدم فكرة أن القناة الجديدة وفي ايامها الأولى تعتمد على آخرين.
نحن لا نريد أن نستبق التجربة ونعطي حكما أوليا على ما تقدمه هذه المحطة الناشئة، لكنها ملاحظات بسيطة لتجربة اردناها كبيرة معنويا ومادياً وهذا ما نريده لأي تجربة للأطفال لأنها كما قلنا مكلفة وخاسرة في آن واحد.
تحية الى هذه المحطة "الطفل" الجديدة، التي نريدها أن تخرق الحصار المفروض على إعلام الطفل ولا نريدها نسخة متكررة لإعلام موجود عربيا أو مجرد مدبلج لبرامج غربية وهي على أهمية بعضها، لا تروي ظمأ طفولتنا العربية التي تكاد تفقد هويتها.. ربما.
ولا بد من تكرار التهنئة، لأن إعلام الطفل مغامرة صعبة ولن يتغير واقعنا الا بالتفكير بمنح هذا الإعلام ما يستحقه من كرم بالغ من الجهات الرسمية التي تسخو في مكان وتبخل في مكان..
11/9/2005
بقلم: د/ طارق البكري
كثرت في الآونة الأخيرة ظاهرة محطات الأطفال الفضائية فضلاً عن برامج الأطفال المتنوعة على المحطات العربية العديدة..
بداية لا بد من تهنئة هذه المحطة الناشئة باعتبار أن مجرد انشاء محطة للأطفال مغامرة خاسرة اقتصاديا ومعنويا وليس لها أي جدوى اقتصادية أو اجتماعية تذكر على عكس ما تحققه المحطات الأخرى على تنوع وتفاوت بينها..
ويجدرالتوقف قليلا عند بدايات هذه المحطة اللافتة التي عليها مهمات جسام ويتوقع أن تؤدي دورا غيرعادي باعتبارها تنشأ من رحم مؤسسة إعلامية كبيرة وأي خطأ تقترفه ولو كان غير متعمد يحسب عليها ويكون الخطأ مضاعفاً لأنه من المفترض أنها ابنة شرعية لتجربة اعلامية كبيرة.
ولكن من الملاحظ أن العروض الأولى للمحطة شهدت برامج مدبلجة وهذا ما لم نكن نتوقعه حقيقة وكنا نأمل أن تقدم المحطة جديدا ومن واقعنا العربي وليس مستوردا لأنها عندما تقدم المستورد وإن كان مدبلجا فإنه يظل غريبا وكنا نفضل ونتوقع من محطة بهذا الوزن الثقيل أن تبدأ ببرامج من انتاجها.. من منشأ عربي خالص.. بدل الاعتماد على الآخر الجاهز وهذا أمر منتشر وملاحظ على مدى المحطات العربية..
وألفت المحطة الناشئة الى تجارب عربية قيمة لا بد من استثمار تجربتها ودراستها وفهم اسباب نجاحها لا الاقتصار على البرامج المستوردة كما تفعل غالبا (سبيس تون وأم بي سي 3 وارتينزوغيرها) ولو فعلت ذلك فأين يكون التميز.. ولعل هذه المحطات معذورة بجانب مهم وهوضعف اقتصاديات محطات الاطفال من حيث الدعم الإعلاني ومن ثم فإن انتاج فيلم كرتوني واحد للأطفال يكلف مبالغ طائلة فضلا عما تكلفة البرامج الأخرى..
ولكن لو درسنا بقليل من التعمق نجاح برنامج (كيدز باور) الذي يبث عبر (ال بي سي) ومنذ سنوات طويلة ولمرتين يوميا أو قل لمرات عدة لأنه يبث على المحطة الأرضية والفضائية وهما يبثان فضائياً عربيا وأوروبيا وعالميا، وتكلفة البرنامج ربما تعد الأقل كلفة من برامج كثيرة تعرضها محطات الأطفال..
ولا بد أن نعترف أننا ما زلنا نعتقد أن إعلام الطفل ليس سوى أسلوبا للتخلص من الطفولة وشقاوتها حيث نرى كثيرا ومن اولياء ينظرون الى برامج الأطفال على أساس انها تشغل الطفل عن المشاغبة، وننسى أنها وسيلة فاعلة لبناء شخصية الطفل من مختلف الجوانب الشخصية وعلى جميع المستويات.
وهنالك مسألة شديدة الخطورة لا أدري كيف فاتت مسؤولي المحطة (ولو كان أمرا مقصودا فهذه مصيبة) وهي توقيت بدء البث مع اليوم الأول لعودة الأطفال الى مدارسهم على الأقل هنا في الكويت، ولا أدري هل هذا مجرد مصادفة أم أنه أمر مقصود؟ وأقطع جازما حسن النية بالتأكيد، كما أن مشاهدة برنامج وثائقي عرض في الفترة الأولى للبث وهو برنامج مترجم قدم فكرة أن القناة الجديدة وفي ايامها الأولى تعتمد على آخرين.
نحن لا نريد أن نستبق التجربة ونعطي حكما أوليا على ما تقدمه هذه المحطة الناشئة، لكنها ملاحظات بسيطة لتجربة اردناها كبيرة معنويا ومادياً وهذا ما نريده لأي تجربة للأطفال لأنها كما قلنا مكلفة وخاسرة في آن واحد.
تحية الى هذه المحطة "الطفل" الجديدة، التي نريدها أن تخرق الحصار المفروض على إعلام الطفل ولا نريدها نسخة متكررة لإعلام موجود عربيا أو مجرد مدبلج لبرامج غربية وهي على أهمية بعضها، لا تروي ظمأ طفولتنا العربية التي تكاد تفقد هويتها.. ربما.
ولا بد من تكرار التهنئة، لأن إعلام الطفل مغامرة صعبة ولن يتغير واقعنا الا بالتفكير بمنح هذا الإعلام ما يستحقه من كرم بالغ من الجهات الرسمية التي تسخو في مكان وتبخل في مكان..
11/9/2005