يستهل الشاعر قصيدته بنداء الريح وقد خص الريح بالنداء ليبين لنا نقطة التشابه بينهما وهي تقلب حالهما، فهما لا يستقران ، ويمران بظروف شتى ، وقد استخدم الشاعر قافية الراء المكسورة ليوضح حالته الكسيرة المليئة بالأحزان ، يلفت الشاعر الريح إلى ما فعلته به ، فقد أثارت أحزانه المكبوتة ، أشجانه المشتعلة ، إن قلبه مليء بالهموم ، وهذا الأمر يشبه حالة الغابات عندما تشتد الحرارة فتشتعل النيران وتنتشر الحرائق بفعل الريح ، ثم يطلب منها أن ترفق به وتعطف بقلبه الملتاع المحترق من الهم ، ويبين أن الريح قد أثارت ما بداخل قلبه أمور ظاهرة أو مخفية لا يكشفها لأحد وقد نسيها ومر عليها الزمن أو تناساها فلم يعد يذكرها وقد خمدت مثل النار المشتعلة إلا أن الريح أيقظت مشاعر قلبه الحزينة بالجذب والتذكير بما مضى من الهم والحزن.
ويرى الشاعر أن صوت الريح مخيف ومفزع فصوتها زئير يشبه زئير الأسد الضاري المولع بأكل اللحوم ، فهو يتعجب من شدة صوتها الممزوج بالألم والحزن فهل ابتليت بفقد عزيز من الأصحاب أو الجيران ، أيضا يتعجب من حال الريح التي تبدو كأنها في هم وخوف مثله أي مثل الشاعر الغريب غريب الزمن والدار ؛ لأنه بعيد عن الأصحاب فيحس أن المكان غريب عنه لغربة الناس فيه وابتعاد الأصحاب والخلان عنه.
يستكمل الشاعر تساؤله حول حزن الريح : فهل فقدت ابنا أو عزيزا وحيدك وبقيت في هذه الدنيا تطلبين حقه والثأر من قاتله، والشاعر لا يرى أن الريح قد فقدت أحدا مألوفا لديها أو تألمت لفقده ، ولم يكن عندها أحلام وأمنيات أرادت تحقيقه والوصول إليها ، فأنت لست مثلي ؛ لأنك تعيشين في هذه الحياة تنفعين الخلق والناس بعملية تقريب السحب وتلاقيها وبعدها ينزل المطر بإذن الله ، وهبوبك الخفيف العليل يمتع النفس الإنسانية المتعبة المرهقة بما تحملين مع نسيمك العليل من روائح ذكية وعطرة ، لكن عصفك الشديد يفزع ويخيف .
ثم يبدأ الشاعر بالتمني ، فيتمنى أن تكون لنفسه صفات الريح ليطهر ويخلص الكون من الشر والأشرار ثم ينشر الخير ويعممه على كل أرجاء الأرض ، مثل الريح التي تساعد في عملية نقل حبوب اللقاح من شجرة إلى أخرى فتثمر الأشجار وتبدأ حياة جديدة مليئة بالحيوية والنشاط ، ويستبعد الشاعر حصول هذا الأمر لأن كل شيء بأمر الله وله في خلقه شؤون ولكل أمر حكم ومقدار.
الشاعر يتمنى أن تعيره الريح جناحا يحلق به كالطائر المغرد الذي ينتقل بكل حرية وسعادة لا لوم ولا بعد ولا هم ولا حزن فقط هناك أغاريد وأشعار وحدائق وأزهار ، ينتقل من غصن إلى آخر منشدا مترنما بأشعاره الحالمة التي تنطلق مع الريح بحرية.
يسأل الشاعر الريح عن سبب تقلبها الدائم وعدم استقرارها لا بأرض ولا مكان عال ، ويبثها حزن قلبه وسبب همه وحرقته وهو أن أصحابه قد خانوه وغدروا بالعلاقة التي كانت بينهم، فليت نفسه ملك في الكون وحوله الجنود العظيمة التي يسيرها ولا تسيره ، ويطلب أخيرا من الريح العطف وتبادل الحب لأنه لن يعطي الحب والعطف لمن لا يستحق.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1- 7) = عتاب الشاعر للريح لأنها هيجت أشجانه
1 – يخاطب الشاعر الريح معاتبا إياها على إثارتها للإحزان في قلبه ، كما أثارت الغابات بالحرائق .
2- يطلب الشاعر من الريح أن ترأف بقلبه التي كانت سببا في إثارة الأحزان فيه بعد أن كانت كالوحش المفترس في تعاملها معه .
3- يقول الشاعر أن الريح كانت سببا في تذكيره بكثير من الأحزان التي نساها .
(( والأبيات (1-3) = إيقاظ الريح لمشاعر الحزن والأسى في نفس الشاعر ))
4- يخاف الشاعر ويفزع عندما يسمع صوت الريح حيث أنه صوت مخيف جدا كصوت الأسد آكل اللحوم .
5- يشبه الشاعر صوت الريح هنا بأنين وكل من يسمع صوتها يرق ويعطف عليها ويسألها إن كانت فقدت غالي
6- يسأل الشاعر الريح عن سبب همها وخوفها والذي تظهر من خلاله كالغريب
7- يسأل الشاعر الريح إن كان سبب ما تفعله من إثارة الحزن والدمار هو فقد ولدها الوحيد وهي بهذه الأعمال تأخذ بثأره .
(( والأبيات (4-7) يسقط الشاعر فيها حالته النفسية على عناصر الطبيعة ))
عود : كل خشبة دقيقة كانت أو غليظة، رطبة أويابسة.
رفقا : عطفا.
لوعة : الحرقة من الهم أو الشوق.
أنشب : علقت .
إعلان: إظهار.
أسرار : ما تكتمه وتخفيه.
إغراء : جذب ، والإغراء هو حث المخاطب على أمرليفعله.
إذكار : تذكير.
زئير : صوت الأسد وهو الصياح من الصدر.
يفزع : يخيف.
يروع : يخيف بشدة.
الفاتك : الغالب الشديد القاتل
الضاري : الأسدالمولع بأكل اللحم.
حن : رق ولان.
بليت : أصبت بمصيبة.
فقد : خسارةوضياع.
موحشة : غير مستأنسة، مهمومة وخائفة.
الثار : أخذ الحق منالقاتل.
إلف : مألوف وهو القريب أو الحبيب ، ج\ الآف.
فجعت : تألمتبشدة.
مدرار: كثير العطاء.
عرض : الأمر الطارئ.
شذى : الرائحةالطيبة.
سطوت : بطشت .
عصف : شدة الهبوب.
إعصار : ريح شديدة تثير الغباروترتفع كعمود في السماء.
تنثر : تنشر
البذر : كل حب يزرع في الأرض
نسمالرياح : الهواء العليل.
هيهات : اسم فعل أمر بمعنى بعد.
أحكام : قضاءوعلم.
مقدار: القضاء والحكم، ج\ مقادير.
أنشد : رفع الصوت بتلحين وحسنإيقاع.
الغريد : الطائر المغرد.
أغاريد : م \ أغرودة وهي غناء الطائر أوالإنسان.
تقرين : تستقرين.
روض: م \ روضة وهي الأرض ذات الخضرة.
أوكار: م \ وكر وهو بيت الطائر.
شقيت : عانت وتعبت .
خان : غدر.
أنصار : أعوانوأصحاب.
عطف : الحنان.
مقة : المحبة المتبادلة
حنوي: حناني وعطفي
قاسي: الغليظ الجاف جامد القلب لا يرحم.
ملاحظة :
شاعرنا من مدرسة الديوان ، وروادها الثلاثة هم : شكري والمازني والعقاد، أحببت تذكيركم فقط بأنه كانت توجد بينهم بعض المشاحنات،أولا هاجم شكري المازني لاختلافهما في بعض القضايا الأدبية، وأخذ العقاد جانبالمازني بعد ذلك تمت تسمية شكري ب " صنم الألاعيب" فاعتزل شكري الحياة الأدبية،وانسحب منها ومر بحالة نفسية صعبة.
الجماليات :
يا ريح : استعارة مكنية ، حيث يشبه الشاعر الريح بإنسان يخاطبه، وفيه تشخيص.
قلبا شجوهواري: شبه القلب بالموقد المشتعل بالحرارة والنار.
البيت الأول بين الشطرينتشبيه حالة القلب بحالة الغابة التي تشتعل بالحريق.
أنشبت إعلاني وأسراري : صورةمستمدة من البيئة الصحراوية ، فالريح فعلت فعل الحيوان الجارح الذي ما إن ينشبمخالبه في فريسته يخرج الدم والأحشاء وكل ما بداخله.
شجونا نارها خمدت : شبهالأحزان بالنار التي كانت مشتعلة وبدأت تنطفئ .
البيت الرابع: تشبيه صوت الرياحالشديد بصوت الأسد المروع.
أنت ثكلى تظل تبغي الثار : شبه الريح بامرأة فقدتوليدها ، واستمرت تطالب بحقه من الثأر والانتقام.
البيت الرابع عشر متأثر بالبيتالشعري الذي يقول:
ما كل ما يتمنى المرء يدركه تجري الرياح بما لا تشتهيالسفن
أطير إلى أفنان أزهار: شبه الشاعر نفسه بالطائر الذي يحلق بحرية وهدوء بينأغصان الأشجار.
الشرح :
في الغالبيركز الشاعر كل جهوده في البيت الأول من القصيدة، إذ يكون ما بعدها غالباً تفسيراًلها. وتمثل كذلك المحور الذي يدور عليه النص فيما بعد، إذ تتعلق الأجزاء الباقية منالنص بالجملة الأولى بوسيلة ما ، فلا بد من فهم نفسية الشاعر من البيت الأوللتستطيع أيها الطالب استيعاب ومتابعة مشاعره خلال القصيدة.
لنبدأ الآنباستعراض الشرح :
يستهل الشاعر قصيدته بنداء الريح وقد خص الريح بالنداءليبين لنا نقطة التشابه بينهما وهي تقلب حالهما، فهما لا يستقران ، ويمران بظروفشتى ، وقد استخدم الشاعر قافية الراء المكسورة ليوضح حالته الكسيرة المليئةبالأحزان ، يلفت الشاعر الريح إلى ما فعلته به ، فقد أثارت أحزانه المكبوتة ،أشجانه المشتعلة ، إن قلبه مليء بالهموم ، وهذا الأمر يشبه حالة الغابات عندما تشتدالحرارة فتشتعل النيران وتنتشر الحرائق بفعل الريح ، ثم يطلب منها أن ترفق به وتعطفبقلبه الملتاع المحترق من الهم ، ويبين أن الريح قد أثارت ما بداخل قلبه أمور ظاهرةأو مخفية لا يكشفها لأحد وقد نسيها ومر عليها الزمن أو تناساها فلم يعد يذكرها وقدخمدت مثل النار المشتعلة إلا أن الريح أيقظت مشاعر قلبه الحزينة بالجذب والتذكيربما مضى من الهم والحزن.
ويرى الشاعر أن صوت الريح مخيف ومفزع فصوتهازئير يشبه زئير الأسد الضاري المولع بأكل اللحوم ، فهو يتعجب من شدة صوتها الممزوجبالألم والحزن فهل ابتليت بفقد عزيز من الأصحاب أو الجيران ، أيضا يتعجب من حالالريح التي تبدو كأنها في هم وخوف مثله أي مثل الشاعر الغريب غريب الزمن والدار ؛لأنه بعيد عن الأصحاب فيحس أن المكان غريب عنه لغربة الناس فيه وابتعاد الأصحابوالخلان عنه.
يستكمل الشاعر تساؤله حول حزن الريح : فهل فقدت ابنا أوعزيزا وحيدك وبقيت في هذه الدنيا تطلبين حقه والثأر من قاتله، والشاعر لا يرى أنالريح قد فقدت أحدا مألوفا لديها أو تألمت لفقده ، ولم يكن عندها أحلام وأمنياتأرادت تحقيقه والوصول إليها ، فأنت لست مثلي ؛ لأنك تعيشين في هذه الحياة تنفعينالخلق والناس بعملية تقريب السحب وتلاقيها وبعدها ينزل المطر بإذن الله ، وهبوبكالخفيف العليل يمتع النفس الإنسانية المتعبة المرهقة بما تحملين مع نسيمك العليل منروائح ذكية وعطرة ، لكن عصفك الشديد يفزع ويخيف .
ثم يبدأ الشاعربالتمني ، فيتمنى أن تكون لنفسه صفات الريح ليطهر ويخلص الكون من الشر والأشرار ثمينشر الخير ويعممه على كل أرجاء الأرض ، مثل الريح التي تساعد في عملية نقل حبوباللقاح من شجرة إلى أخرى فتثمر الأشجار وتبدأ حياة جديدة مليئة بالحيوية والنشاط ،ويستبعد الشاعر حصول هذا الأمر لأن كل شيء بأمر الله وله في خلقه شؤون ولكل أمر حكمومقدار.
الشاعر يتمنى أن تعيره الريح جناحا يحلق به كالطائر المغرد الذيينتقل بكل حرية وسعادة لا لوم ولا بعد ولا هم ولا حزن فقط هناك أغاريد وأشعاروحدائق وأزهار ، ينتقل من غصن إلى آخر منشدا مترنما بأشعاره الحالمة التي تنطلق معالريح بحرية.
يسأل الشاعر الريح عن سبب تقلبها الدائم وعدم استقرارها لابأرض ولا مكان عال ، ويبثها حزن قلبه وسبب همه وحرقته وهو أن أصحابه قد خانوهوغدروا بالعلاقة التي كانت بينهم، فليت نفسه ملك في الكون وحوله الجنود العظيمةالتي يسيرها ولا تسيره ، ويطلب أخيرا من الريح العطف وتبادل الحب لأنه لن يعطي الحبوالعطف لمن لا يستحق.