خطبة الجمعة البديل

    • خطبة الجمعة البديل



      خطبة الجمعة22 شعبان 1427هـ - 15 سبتمبر 2006م



      2 بسم الله الرحمن الرحيم


      إن الحمد لله نحمده و نستعينه و نستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا و يئات أعمالنا ، من يهده الله فهو المهتد ، و من يضلل فلا هادي له ، و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له و أشهد أن محمدا عبده و رسوله صلى الله عليه و سلم –
      ثم و بعد
      أيها المسلمون
      ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون
      صحيح... كبُر الفتق على الراتق، ويوما بعد يوم تزداد الطينة بلة، وتتسع دائرة المظالم ويلحق بركب المظلومين أنس جدد.والله يملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته، هو القائل سبحانه " إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار.وللظالمين مصارع رواها التاريخ وحكاها الأوائل ودل عليها العقل وأكدتها الشرائع.
      (( وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة )).
      أيها المسلمون
      من الخير الذي يصيب الأمم والشعوب أن يكون واليها منها يعطف ويرحم ويتألم لآلامها ويحزن لأحزانها ويرجع إليها مستشيرا ويتقاسم معها رغيف الخبز.
      وهكذا كان النبي صلى الله عليه وسلم وخلفاؤه من بعده.أما أن يكون الحاكم متجبرا مستأثرا متسلطا ظالما ، يشبع هو وبطانته ويجوع الناس ، فهذا مما يستنكره الدين وتأباه الشريعة ، بقدر ما يسبب للناس من الضيق والمظلمة والحرج.
      أيها المسلمون
      إن شعب الجزيرة يعيش العنت والضيق، وإن المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها يموت منهم البعض جوعا ويبيت الكثير منهم يتضورون من البطون المطوية على الخواء، ويفقد مريضهم الدواء، ولا يجد يتاماهم جدارا يستندون إليه.غير أن أموال المسلمين من عوائد الحج والعمرة، وعوائد شعب الجزيرة من النفط تذهب إلى جيوب الظالمين وسماسرتهم المحيطين بهم.لقد قضى آل سعود على فرح أبناء شعبهم، وقضوا على فرح المسلمين عموما، ويوما بعد يوم يزداد الضيق والعنت ويجأر المظلومون إلى الله تعالى .
      ومصارع الظالمين كما أسلفنا معروفة ومؤكدة، ويكفي أن ترجع إلى كتاب الله تعالى ، تفتحه لتقرأ:
      " ولاتحسبن الله غافلاً عما يعمل الظالمون، إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار. مهطعين مقنعي رؤوسهم، لايرتد إليهم طرفهم، وأفئدتهم هواء.".
      آية تهديد ووعيد ولكن ما أعظم مافيها من شفاء لقلوب المظلومين وتسلية لخواطر المكلومين، فكم ترتاح نفس المظلوم ويهدأ خاطره حينما يسمع هذه الآية ويعلم علم اليقين أن حقه لن يضيع وأنه سوف يقتص له ممن ظلمه ولو بعد حين. وأنه مهما أفلت الظالم من العقوبة في الدنيا فإن جرائمه مسجله عند من لاتخفى عليه خافيه ولايغفل عن شئ .
      والموعد يوم الجزاء والحساب، يوم العدالة، يوم يؤخذ للمظلوم من الظالم، ويقتص للمقتول من القاتل
      " اليوم تجزى كل نفس بما كسبت لاظلم اليوم"
      ولكن الله يمهل للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته " إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار"
      أي تبقى أبصارهم مفتوحة مبهوتة، لاتتحرك الأجفان من الفزع والهلع، ولاتطرف العين من هول ماترى، "مهطعين مقنعي رؤوسهم رؤوسهم، لايرتد إليهم طرفهم، وأفئدتهم هواء"
      أي مسرعين لايلتفتون إلى شئ ممن حولهم، وقد رفعوا رؤوسهم في ذل وخشوع لايطرفون بأعينهم من الخوف والجزع وقلوبهم خاوية خالية من كل خاطر من هول الموقف.
      أيها المسلمون
      لقد علّمنا القرآن الكريم أن نبيع الدنيا وأن نشتري الآخرة، وبيّن لنا ما في النفس البشرية من الميل إلى جمع المال وأسباب الرفاهية، وحذّر من أن يسلك المسلم المتقي سبلا منحرفة إلى ذلك.
      لذلك كان لزاما على المسلم أن يعرض نفسه على الحساب في الدنيا قبل الآخرة، وأن يحتسب عند الله ظلم الناس له في خبز أبنائه ودواء مريضه ورقة حاله.
      ووالله إن الكثير من البيوت في الجزيرة العربية تعيش المأساة فعلا، وهي فوق هذا ممنوعة من التعبير وبيان حالها، وإن فعلت فلا أحد يستمع إلى شكواها أو يهب لنجدتها وتلبية مطلبها، وكم من شكاوى بقيت حبيسة أدراج البطانة السيئة، فاستشرت بذلك الرشوة والمحسوبية، وكثر الفساد .
      ووالله لا ملجأ للناس من كل هذا إلا اللجوء إلى الله تعالى لرفع ما بهم من بلاء أصله في آل سعود.
      لقد اشترى آل سعود الثروة بغضب الله، أخذوها من أهلها وأصحاب الحقوق عنوة، دون أن يتدبروا أن ما عند الله خير وأبقى للأتقياء والعقلاء.
      وكل نعيم التراب إلى فناء وزوال.
      قال الله تعالى " زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة و الأنعام والحرث، ذلك متاع الحياة الدنيا، والله عنده حسن المآب. قل أؤنبئكم بخير من ذلكم؟ للذين اتقوا عند ربهم جنات تجري من تحتها الأنهار ، خالدين فيها، وأزواج مطهرة، ورضوان من الله والله بصير بالعباد".

      إنها مقارنة لطيفة بين متاع زائل وبين نعيم دائم ، بين دنيا فانية وأخرى باقية، إنه امتحان ولكنه مكشوف الأوراق ومحدد النتائج ، أمامك اختياران :
      الأول: متاع الحياة الدنيا والثاني: التقوى (للذين اتقوا). والأمر لايحتاج إلى كثير تفكير فأي عاقل لابد أن يختار الخيار الثاني لأن النتيجة هي: جنات تجري من تحتها الأنهار ، خالدين فيها، وأزواج مطهرة، ورضوان من الله
      أفهذا خير أم متاع زائل وشهوة عابرة ونشوة زائلة؟!
      ولكن بما أن المسألة بهذا الوضوح فلماذا يفشل كثير من الناس في هذا الإمتحان؟ لابد أن في الأمر سرا. والسر هو في أول كلمة في الآية : زين .
      من المزين ولماذا هذا التزين؟
      يرى بعض المفسرين أن المزين هو الشيطان وذلك بوسوسته للإنسان وتحسنه الميل لهذه الشهوات، قالوا ويؤيد ذلك قوله تعالى: "وزين لهم الشيطان أعمالهم.."
      ويرى البعض أن المزين هو الله تعالى وذلك للإمتحان والإبتلاء، ليظهرعبد الشهوة والهوى من عبد الله ويؤيد ذلك قوله تعالى:
      "إنا جعلنا ماعلى الأرض زينة لهم لنبلوهم أيهم أحسن عملاً"
      وكلا القولين له وجه.
      فأين آل سعود الذين اشتروا مظالم الناس وأوزار الظلم بمتاع الدنيا الزائل، ممن اشتروا الأبقى من الصحابة والتابعين.
      قال الله تعالى:" ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله والله رؤوف بالعباد".
      وقد قال أهل التفسير:نزلت هذه الآية الكريمة في صهيب الرومي رضي الله عنه، حينما تخلى للمشركين في مكة عن كل مايملك مقابل أن يخلون سبيله ليلحق بالرسول صلى الله عليه وسلم في المدينة المنورة، احتجزوه ومنعوه من الهجرة .
      وقال قائلهم : ياصهيب جئتنا صعلوكاً لاتملك شيئاً، وأنت اليوم ذو مال كثير! - يساومونه- فقال لهم رضي الله عنه: أرأيتم إن دللتكم على مالي هل تخلون سبيلي؟
      قالوا : نعم .
      فدلهم على ماله بمكة ثم انطلق مهاجراً في سبيل الله لايلوي علىشيء تاركاً كل مايملك خلف ظهره وهاجرا إلى الله ورسوله ، فلما وصل المدينة دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال له عليه الصلاة والسلام مهنيئاً له على حسن صنيعه: "ربح البيع أبا يحيى ربح البيع "
      أيها المسلمون
      ليتق الله كل امرئ فيما استرعاه الله، وثقا أن مصارع الظالمين آتية، وأن إمهال الله لهم لا يعني إلا أنهم مأخوذون له.


      ولا حول ولا قوة إلا بالله


      نقلا عن موقع الامة: موقع سياسى يطالب بتحرير الحرمين
      http://www.alumah.com/vico/2006/vic_19.html