الأبداع الفني وتذوق الفنون الجميله والخاطره كيف نكتبها

    • الأبداع الفني وتذوق الفنون الجميله والخاطره كيف نكتبها


      الأبداع الفني وتذوق الفنون الجميله

      الأبداع الفنى في مجال ما يسمى بالفنون الجميله تعد مشكله بل اعمق مشكله وأدقها وأكثرها غموضاُ ولعل هذا يفسر لنا تضارب الأقوال وتباين الآراء فيها
      والأبداع هو ألهام فكل الهام ليس الا وليد التفكير المضني المتواصل والعمليه لا تكون نتاج أبداع لوحده بل هناك أدوار أخرى للحواس والوجدان. ولا يخلو الإبداع من مشكله التشابه بين أعمال الفنان الواحد. ومشكلة وحدة الأسلوب بين مجموعة من الفنانين ومشكلة الصلة بين الفنان والمتذوق.
      ومشكلة الأبداع ترتبط بالإعماق الدفينه للفنان والتى انبثق منها عمله الفنى ومن ثم فهى لاتنظر من نتاج فنى ملموس قدر نظرها فى منبع وعلة وكيفية حدوث هذا النتاج. والبدايات الشاحبه الكامنه غالباُما تكون غامضه ومعقده عن النتاج الفنى الظاهر والأبداع ابتكار يتم عن أصاله. وأصاله تنم عن عبقريه وعبقريه تكشف عن عظمة الفنان وجديته.فالبعض يقول أن الأبداع تلقائى كان يجده دون ان يتوقعه كأنه معجزه تتحقق كامله مفاجئه رائعه كأحسن ما يكون الأبداع يخيل اليه انه قد اصبح المبدع واسطه او أداه أو لسان حال لقوه عليا فيسمع الأنسان دون أن يتعب ويأخذ دون أن يبحث ويعرف دون أن يتساءل عن المانع" وتنبثق لديه فكرة كأنها البرق الخاطف.دون أدنى تردد,وبلا أدنى اختيار.وصور الأبداع كثيره منها أبداع مفاجئ وأبداع بطئ وأبداع يقظ شعورى وأبداع خاضع لحكم العاده.
      دعونا نتجاوز حدود الأحساس الى العقل ونذهب ان الفكره والأراده يخلقان الفنان العظيم كأنى: أقول لكم: أن على المبدع فى حياته عليه أن يعرف ذاته من أجل ذاته وأن يعى من أجل هذه الذات كل ما يختلج فى القلب الأنسانى وإلا كيف يكون المبدع مبدع وهو لم يصل الى هذه الموجه...وأتخصص معكم فى أبداع الشاعر قليلاٌ لقد كانت كلمة الشاعر تعنى دائماُ أنه خالق وكأن الشاعر خالق صور أوأفكار أو موقظ أفكار وخالق عواطف ولما كان التأمل هو ميزة العقل فطابع التأمل هو طابع الخلق وأكثر الأنواع تحقيق للخلق والأبداع هو الفنان الشاعر المتأمل بأدق معنى من معنى التأمل وهكذا دواليك الشاعر يمر بأربع مراحل من الأستعداد والتأهب الى مرحلة ((الأفراخ)) بروز الفكره الى مرحلة تبلور الفكره العامه وأخيراً مرحلة نسج وتفعيل الفكره. ومن هنا فان بداية العمل الفنى ونهايته انما تكتملان فى عملية ابداع تلك الأشكال أو الصور التى يستطيع الفنان من خلالها الوصول( بنادر) أبداعه الى قلب (الوجود) كبدايات معظم الشعراء كانهم يتناولون فى قصائدهم موضوعات اجتماعيه ويعبرون فى أشعارهم عن مشاعر أجتماعيه جماعيه وهكذا أظهرت القصائد القوميه العظيمه التى نعدها اجتماعيه الى ابعد الحدود لأن اصحابها لا يتحدثون عن أنفسهم ولا يتصورون أن يكون بين جمهورالمستمعين شخص واحد لا يتصف بالروح الاجتماعية مثلهم.
      الأبداع ليست الخطوه الوحيده والنهائيه فى مجال الفنون الجميله فنتيجة الأبداع الفنى هو الأعمال الفنيه, العديده والمتنوعه التى يبتكرها المبدعون ويبتدعها الفنانون كل حسب اطاره المسيطر عليه والفنان المبدع لايبدع لمجرد الأبداع وانما هو يبدع للناس, أولئك الذين يقبلون على هذا العمل أوذاك يشاهدونه أو يستمعون اليه أو يقرأونه بغية تذوقه. ومن هنا نجد أنفسنا أمام مسألة فنيه هامه وهى مسألة التذوق الفنى ,تذوق الجمهور لابداعات الفنان وتذوق الفنان لفنه بعد أن يبدعه, كما يمكن أن تثار هنا مسألة تربية الذوق الجمالى:هل الذوق الجمالى مسألة فطريه ام أنها مسألة مكتسبه؟ وان كان فطريا أيمكن أن نقوم بتهذيبه وتشذيبه وتربيته.
      هناك تقسيمات عديده للفنون الجميله أولها ذلك التقسيم الذى يصنف الفنون الى فنون كلاميه وفنون تشكيليه, الفنون الأولى اى الفنون الكلاميه تنقسم الى فن الشعر وفن النثر, وفن الشعر يضم الشعر الغنائى والشعر القصصى التمثيلى والشعر الكوميدى والشعر التراجدى والابريت وغيرها,أما فن النثر فيضم فن المقال والقصه والروايه وغيرها.
      أما الفنون التشكيليه فتضم النحت والعماره والرسم والنقش على الزجاج. وهناك تقسيم للفنون على اساس آخر هو اتصالها بالمكان أو الزمان . فاالفنون التشكيليه الثلاث:العماره والنحت والرسم فنون متصله باالمكان تقابلها الفنون الأيقاعيه وهي الرقص والموسيقى والشعر وهي فنون متصلةبالزمان .ولقد أضيف لهذه الفنون الفن السابع الشهير "فن السينما". وعلى أساس هذاالتمييز يمكن الحديث أيضاً عن فن ثامن هو الفن الأذاعي وعن فن تاسع هو فن التلفزيون وعن فن عاشر هو فن الصور المتحركة وغير ذلك. وسوف التكلم عن تذوق الفنون الكلاميه لأنها من أكثر أدوات الاتصال خفة وحيويه كما تتميز بلهتزاز والوقتنيه شأنها شأن الموسيقى. فالشاعر حين يبنى بها صوره انما يبنى بمواد اذا قورنت باللون والخط اللذين يستعين بها الرسام فى عمله لبدت ضآلتهما وقلة احتمالهما,. ومن ثم فالادب كله والشعر بصفه خاصه يمكن أعتباره غنا مولدا,فهو من جهة موسيقى يقتصر أثرها بالصدع على نغم ولحن, وتتقيد بأصوات متجسده فى لغة بعينها وهو من جهة أخرى يمكن اعتباره شكلاُ من أشكال الاتصال, غير أن سمته الجوهريه هى أنه قالب محرك مثير للخيال من قوالب الاتصال, وقد قدر على الأدب منذ البدايه أن يمضى فى خطين هما الشعر والنثر, والنثر فن واضح لا لبس فيه لنقل ما يراد لنا نقله. أما الشعر فهو فن تكون وسيله اللغه فيه فى الصداره بصفه خاصة, بيد أن صياغة الكلمات وزركشتها ليست هى كل وظيفة الشاعر, كما ان ترتيب حروف السكون والحركه ترتيبا ذكيا ماهرا ليس هو كل التأثير الشعرى , وذلك لان اللغه تشبه الموسيقى فكما ان االنغمات الموسيقيه بمفردها ليست كل الموسيقى كذلك المقاطع القائمه بذاتها ليست هى الشعر حتى ولو كانت سلسه أو مصقوله فالنبضه الأيقاعيه ضروره لا مناص منها فى الصوت البشرى كما أن الخيال الشعرى يؤلف هو او النبضه الأيقاعيه الأثر الشعرى : والحق أن الشاعر يهتم أساساُ فى أيقاض الخيال الخامد مستعينا على تحقيق هذه الغايه بجمال الأصوات وسلاستها وبما للنظم من تتابع وفوق ذلك بما للكلمات التى يستخدمها من قدره على الأيحا, وتتوقف هذه الأيحات على أختياره للكلمات.أذاُ كيف نتذوق الأعمال الفنيه ونفرق بينها وبين الظواهر الطبيعيه الجماليه وهى ان الأوله تتميز بوجود جهد انسانى واضح هو جهد الفنان بينما لا نجد ذلك فى الثانيه .أننا نشعر بنوع من الالفه مع الشخص الذى قام بابداع العمل الفنى وهوأمر نفتقر اليه فيما يتعلق باالظواهر الجماليه الطبيعيه ونحن قد نشعر بالأمتنان لجهد الفنان أو للمعنى الذى أراد ان يوصل اليه ولقدرته على تخطى العقبات.,أننا نشعر بالاعجاب ببراعة الفنان وقدرته على السيطره على مواد عمله الفنى حتى تصبح أكثر نفاذا وأكثر تأثيرا. وهكذ يبدو أن مسألة تفوق الفن على الطبيعه أو العكس هى مسألة معقده ولا يمكن حسمها تماما, وهناك نوعان من الترابط للمتذوقين,
      رابط المندمج :وهو نوع من الترابط تزداد فيه نغمتة الاحساس بالشئ اذ يذوب المتذوق فى الموضوع الجمالى ويندمج فيه. ورابط غير المندمج :وهو ذلك الذى يكون فيه للترابط نغمه انفعاليه قويه خاصة به تغطى على الوعى الحاضر بالموضوع الجمالى.
      وللتذوق خطوات متتابعه يمر بها المتذوق وهى
      1- التوقف لمجرد التفكير العادى وكذا توقف النشاط الارادى فى سبيل استجابه الذات للموضوع الجمالى والاستغراق فى حالة من المشاهدة أو التامل التى تكون بمثابة مفاجأة الذات
      2-العزله أو الوحده وهى تعنى استبعاد كل ما عدا الاثر أو الموضوع الجمالى من مجال ادراكنا بحيث يستاثر ذلك الموضوع الجمالى بكل أنتباهنا,فننعزل عن العالم لنجد أنفسنا أمام الموضوع لنشعر بأننا نحيا مؤقتا خارج العالم
      3-احساسنا بأننا ما ثلون امام ظواهر لا حقائق أى أننا أمام ادراك شئ صورى غير موضوعى ومن ثم فان اهتمامنا لايكون بما هو واقعى وانما بما هو صورى أو شكلى أو مظهرى
      4-الموقف الحدسى وهذا يعنى أن ادراكنا لن يكون ادراكا قائما على الأستدلال والبرهنه العقليه وانما نجد أنفسنا مندفعين الى ما هو حدسى مفاجئ
      5- الطابع العاطفى أو الوجدانىوهو العمل الفنى الماثل امامنا يثير عواطفنا وانفعالاتنا ويؤثر على وجداننا
      6- التداعى وهى ذكريات وعواطف ماضيه تتعلق بعمل فنى جميل مماثل أو مشابه فيقوى أحساسنا بتذوق العمل الفنى القائم
      7-التقمص الوجدانى أوالتوجد أى نضع أنفسنا موضع العمل الفنى ونحقق علاقه بشريه مشابهه أو مشاركه وجدانيه أو محاكاه باطنيه يجعلنا نشعر بألم أبطال المسرحيه ويظهر على قسمات وجوهنا ما يشير الى تقمصنا لمواقف أبطالها وتواجدنا معهم.
      وأختم مقالى الطويل ففى كل عمليه تذوق تكمن معايير ضمنيه للحكم ,وفى كل حكم يكون هناك تذوق وعلى ذلك يكون التذوق الجمالى والنقد الفنى ماثلا فى كل فعل من افعال التأمل الجمالى ككلمات فى الشعر لا تدعونا الى التفكير حولها والحكم عليها بل تدعونا الى ان نندمج فيها بحسنا أو نصير الى حال غير حالنا أى أن نحقق تجربة كامله معطاه فى الكلمات أى الأندماج فى القصيده وامتلاكها..لكل ما فيها من امتلاء عينى.

      الموضوع نقلته من أحد كتب الخواطر
      شاكر تعاونكم