~§§ الفيل(مكية)5 §§~
أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ{1} أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ{2} وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبَابِيلَ{3} تَرْمِيهِم بِحِجَارَةٍ مِّن سِجِّيلٍ{4} فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَّأْكُولٍ{5}
أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ{1} أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ{2} وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبَابِيلَ{3} تَرْمِيهِم بِحِجَارَةٍ مِّن سِجِّيلٍ{4} فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَّأْكُولٍ{5}
تفسير الجلالين
الفيل 1 - (ألم تر) استفهام تعجب أي اعجب (كيف فعل ربك بأصحاب الفيل) هو محمود وأصحابه أبرهة ملك اليمن وجيشه بنى بصنعاء كنيسة ليصرف إليها الحاج عن مكة فأحدث رجل من كنانة فيها ولطخ قبلتها بالعذرة احتقارا بها فحلف ابرهة ليهدمن الكعبة فجاء مكة بجيشه على أفيال اليمن مقدمها محمود فحين توجهوا لهدم الكعبة أرسل الله عليهم ما قصه في قوله فسير
الفيل 1 - (ألم تر) استفهام تعجب أي اعجب (كيف فعل ربك بأصحاب الفيل) هو محمود وأصحابه أبرهة ملك اليمن وجيشه بنى بصنعاء كنيسة ليصرف إليها الحاج عن مكة فأحدث رجل من كنانة فيها ولطخ قبلتها بالعذرة احتقارا بها فحلف ابرهة ليهدمن الكعبة فجاء مكة بجيشه على أفيال اليمن مقدمها محمود فحين توجهوا لهدم الكعبة أرسل الله عليهم ما قصه في قوله فسير
التفسير الميسر
ألم تعلم -أيها الرسول- كيف فعل ربك بأصحاب الفيل: أبرهة الحبشي وجيشه الذين أرادوا تدمير الكعبة المباركة؟
ألم تعلم -أيها الرسول- كيف فعل ربك بأصحاب الفيل: أبرهة الحبشي وجيشه الذين أرادوا تدمير الكعبة المباركة؟
قِصّةُ الْفِيلِ
وَكَانَ سَبَبُ قِصّةِ أَصْحَابِ الْفِيلِ - عَلَى مَا ذَكَرَ مُحَمّدُ بْنُ إسْحَاقَ - أَنّ أَبْرَهَةَ بْنَ الصّبّاحِ كَانَ عَامِلًا لِلنّجَاشِيّ مَلِكِ الْحَبَشَةِ عَلَى الْيَمَنِ فَرَأَى النّاسَ يَتَجَهّزُونَ أَيّامَ الْمَوْسِمِ إلَى مَكّةَ - شَرّفَهَا اللّهُ - فَبَنَى كَنِيسَةً بِصَنْعَاءَ . وَكَتَبَ إلَى النّجَاشِيّ " إنّي بَنَيْت لَك كَنِيسَةً لَمْ يُبْنَ مِثْلُهَا ، وَلَسْت مُنْتَهِيًا حَتّى أَصْرِفَ إلَيْهَا حَجّ الْعَرَبِ " فَسَمِعَ بِهِ رَجُلٌ مِنْ بَنِي كِنَانَةَ فَدَخَلَهَا لَيْلًا . فَلَطّخَ قِبْلَتَهَا بِالْعَذِرَةِ . فَقَالَ أَبْرَهَةُ مَنْ الّذِي اجْتَرَأَ عَلَى هَذَا ؟ قِيلَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ ذَلِكَ الْبَيْتِ سَمِعَ بِاَلّذِي قُلْت . فَحَلَفَ أَبْرَهَةُ لَيَسِيرَن إلَى الْكَعْبَةِ حَتّى يَهْدِمَهَا . وَكَتَبَ إلَى النّجَاشِيّ يُخْبِرُهُ بِذَلِكَ فَسَأَلَهُ أَنْ يَبْعَث إلَيْهِ بِفِيلِهِ . وَكَانَ لَهُ فِيلٌ يُقَالُ لَهُ مَحْمُودٌ لَمْ يُرَ مِثْلُهُ عِظَمًا وَجِسْمًا وَقُوّةً . فَبَعَثَ بِهِ إلَيْهِ . فَخَرَجَ أَبْرَهَةُ سَائِرًا إلَى مَكّةَ . فَسَمِعَتْ الْعَرَبُ بِذَلِكَ فَأَعْظَمُوهُ وَرَأَوْا جِهَادَهُ حَقّا عَلَيْهِمْ .
فَخَرَجَ مَلِكٌ مِنْ مُلُوكِ الْيَمَنِ ، يُقَالُ لَهُ ذُو نَفَرٍ . فَقَاتَلَهُ . فَهَزَمَهُ أَبْرَهَةُ وَأَخَذَهُ أَسِيرًا ، فَقَالَ أَيّهَا الْمَلِكُ فَاسْتَبْقِنِي خَيْرًا لَك ، فَاسْتَبَقَاهُ وَأَوْثَقَهُ .
وَكَانَ أَبْرَهَةُ رَجُلًا حَلِيمًا . فَسَارَ حَتّى إذَا دَنَا مِنْ بِلَادِ خَثْعَمَ خَرَجَ إلَيْهِ نُفَيْلُ بْنُ حَبِيبٍ الْخَثْعَمِيّ ، وَمَنْ اجْتَمَعَ إلَيْهِ مِنْ قَبَائِلِ الْعَرَبِ . فَقَاتَلُوهُمْ فَهَزَمَهُمْ أَبْرَهَةُ . فَأَخَذَ نُفَيْلًا ، فَقَالَ لَهُ أَيّهَا الْمَلِكُ إنّنِي دَلِيلُك بِأَرْضِ الْعَرَبِ ، وَهَاتَانِ يَدَايَ عَلَى قَوْمِي بِالسّمْعِ وَالطّاعَةِ . فَاسْتَبْقِنِي خَيْرًا لَك . فَاسْتَبَقَاهُ . وَخَرَجَ مَعَهُ يَدُلّهُ عَلَى الطّرِيقِ .
فَلَمّا مَرّ بِالطّائِفِ خَرَجَ إلَيْهِ مَسْعُودُ بْنُ مُعَتّبٍ فِي رِجَالٍ مِنْ ثَقِيفٍ . فَقَالَ لَهُ أَيّهَا الْمَلِكُ نَحْنُ عَبِيدُك . وَنَحْنُ نَبْعَثُ مَعَك مَنْ يَدُلّك . فَبَعَثُوا مَعَهُ بِأَبِي رَغَالٍ مَوْلًى لَهُمْ . فَخَرَجَ حَتّى إذَا كَانَ بِالْمُغَمّسِ مَاتَ أَبُو رَغَالٍ ، وَهُوَ الّذِي يُرْجَمُ قَبْرُهُ . وَبَعَثَ أَبْرَهَةُ رَجُلًا مِنْ الْحَبَشَةِ - يُقَالُ لَهُ الْأَسْوَدُ بْنُ مَفْصُودٍ - عَلَى مُقَدّمَةِ خَيْلِهِ وَأَمَرَ بِالْغَارَةِ عَلَى نَعَمِ النّاسِ . فَجَمَعَ الْأَسْوَدُ إلَيْهِ أَمْوَالَ الْحَرَمِ . وَأَصَابَ لِعَبْدِ الْمُطّلِبِ مِائَتَيْ بَعِيرٍ .
ثُمّ بَعَثَ رَجُلًا مِنْ حِمْيَر إلَى أَهْلِ مَكّةَ ، فَقَالَ أَبْلِغْ شَرِيفَهَا أَنّنِي لَمْ آتِ لِقِتَالٍ بَلْ جِئْت لِأَهْدِمَ الْبَيْتَ . فَانْطَلَقَ فَقَالَ لِعَبْدِ الْمُطّلِبِ ذَلِكَ .
فَقَالَ عَبْدُ الْمُطّلِب ِ : مَا لَنَا بِهِ يَدَانِ . سَنُخَلّي بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا جَاءَ لَهُ . فَإِنّ هَذَا بَيْتُ اللّهِ وَبَيْتُ خَلِيلِهِ إبْرَاهِيمَ . فَإِنْ يَمْنَعْهُ فَهُوَ بَيْتُهُ وَحَرَمُهُ . وَأَنْ يَخْلُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ذَلِكَ فَوَاَللّهِ مَا لَنَا بِهِ مِنْ قُوّةٍ .
قَالَ فَانْطَلِقْ مَعِي إلَى الْمَلِكِ - وَكَانَ ذُو نَفْرٍ صَدِيقًا لِعَبْدِ الْمُطّلِبِ - فَأَتَاهُ فَقَالَ يَا ذَا نَفْرٍ هَلْ عِنْدَك غَنَاءٌ فِيمَا نَزَلَ بِنَا ؟ فَقَالَ مَا غَنَاءُ رَجُلٍ أَسِيرٍ لَا يَأْمَنُ أَنْ يُقْتَلَ بُكْرَةً أَوْ عَشِيّا ، وَلَكِنْ سَأَبْعَثُ إلى أُنَيْسٍ سَائِسِ الْفِيلِ فَإِنّهُ لِي صَدِيقٌ فَأَسْأَلُهُ أَنْ يُعَظّمَ خَطَرَك عِنْدَ الْمَلِكِ .
فَأَرْسَلَ إلَيْهِ فَقَالَ لِأَبْرَهَةَ إنّ هَذَا سَيّدُ قُرَيْشٍ يَسْتَأْذِنُ عَلَيْك . وَقَدْ جَاءَ غَيْرُ نَاصِبٍ لَك وَلَا مُخَالِفٍ لِأَمْرِك ، وَأَنَا أُحِبّ أَنْ تَأْذَنَ لَهُ .
وَكَانَ عَبْدُ الْمُطّلِبِ رَجُلًا جَسِيمًا وَسِيمًا . فَلَمّا رَآهُ أَبْرَهَةُ أَعْظَمَهُ وَأَكْرَمَهُ . وَكَرِهَ أَنْ يَجْلِسَ مَعَهُ عَلَى سَرِيرِهِ . وَأَنْ يَجْلِسَ تَحْتَهُ . فَهَبَطَ إلَى الْبِسَاطِ فَدَعَاهُ فَأَجْلَسَهُ مَعَهُ . فَطَلَبَ مِنْهُ أَنْ يَرُدّ عَلَيْهِ مِائَتَيْ الْبَعِيرِ الّتِي أَصَابَهَا مِنْ مَالِهِ .
فَقَالَ أَبْرَهَةُ لِتُرْجُمَانِهِ قُلْ لَهُ إنّك كُنْت أَعْجَبْتنِي حِينَ رَأَيْتُك . وَلَقَدْ زَهِدْت فِيك . قَالَ لِمَ ؟ قَالَ جِئْت إلَى بَيْتٍ - هُوَ دِينُك وَدِينُ آبَائِك ، وَشَرَفُكُمْ وَعِصْمَتُكُمْ - لِأَهْدِمَهُ . فَلَمْ تُكَلّمْنِي فِيهِ وَتُكَلّمُنِي فِي مِائَتَيْ بَعِيرٍ ؟ قَالَ أَنَا رَبّ الْإِبِلِ . وَالْبَيْتُ لَهُ رَبّ يَمْنَعُهُ مِنْك .
فَقَالَ مَا كَانَ لِيَمْنَعَهُ مِنّي . قَالَ فَأَنْتَ وَذَاكَ . فَأَمَرَ بِإِبِلِهِ فَرُدّتْ عَلَيْهِ . ثُمّ خَرَجَ وَأَخْبَرَ قُرَيْشًا الْخَبَرَ . وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَتَفَرّقُوا فِي الشّعَابِ وَيَتَحَرّزُوا فِي رُءُوسُ الْجِبَالِ خَوْفًا عَلَيْهِمْ مِنْ مَعَرّةِ الْجَيْشِ . فَفَعَلُوا . وَأَتَى عَبْدُ الْمُطّلِبِ الْبَيْتَ . فَأَخَذَ بِحَلْقَةِ الْبَابِ وَجَعَلَ يَقُولُ
يَا رَبّ لَا أَرْجُو لَهُمْ سِوَاكَا
فَخَرَجَ مَلِكٌ مِنْ مُلُوكِ الْيَمَنِ ، يُقَالُ لَهُ ذُو نَفَرٍ . فَقَاتَلَهُ . فَهَزَمَهُ أَبْرَهَةُ وَأَخَذَهُ أَسِيرًا ، فَقَالَ أَيّهَا الْمَلِكُ فَاسْتَبْقِنِي خَيْرًا لَك ، فَاسْتَبَقَاهُ وَأَوْثَقَهُ .
وَكَانَ أَبْرَهَةُ رَجُلًا حَلِيمًا . فَسَارَ حَتّى إذَا دَنَا مِنْ بِلَادِ خَثْعَمَ خَرَجَ إلَيْهِ نُفَيْلُ بْنُ حَبِيبٍ الْخَثْعَمِيّ ، وَمَنْ اجْتَمَعَ إلَيْهِ مِنْ قَبَائِلِ الْعَرَبِ . فَقَاتَلُوهُمْ فَهَزَمَهُمْ أَبْرَهَةُ . فَأَخَذَ نُفَيْلًا ، فَقَالَ لَهُ أَيّهَا الْمَلِكُ إنّنِي دَلِيلُك بِأَرْضِ الْعَرَبِ ، وَهَاتَانِ يَدَايَ عَلَى قَوْمِي بِالسّمْعِ وَالطّاعَةِ . فَاسْتَبْقِنِي خَيْرًا لَك . فَاسْتَبَقَاهُ . وَخَرَجَ مَعَهُ يَدُلّهُ عَلَى الطّرِيقِ .
فَلَمّا مَرّ بِالطّائِفِ خَرَجَ إلَيْهِ مَسْعُودُ بْنُ مُعَتّبٍ فِي رِجَالٍ مِنْ ثَقِيفٍ . فَقَالَ لَهُ أَيّهَا الْمَلِكُ نَحْنُ عَبِيدُك . وَنَحْنُ نَبْعَثُ مَعَك مَنْ يَدُلّك . فَبَعَثُوا مَعَهُ بِأَبِي رَغَالٍ مَوْلًى لَهُمْ . فَخَرَجَ حَتّى إذَا كَانَ بِالْمُغَمّسِ مَاتَ أَبُو رَغَالٍ ، وَهُوَ الّذِي يُرْجَمُ قَبْرُهُ . وَبَعَثَ أَبْرَهَةُ رَجُلًا مِنْ الْحَبَشَةِ - يُقَالُ لَهُ الْأَسْوَدُ بْنُ مَفْصُودٍ - عَلَى مُقَدّمَةِ خَيْلِهِ وَأَمَرَ بِالْغَارَةِ عَلَى نَعَمِ النّاسِ . فَجَمَعَ الْأَسْوَدُ إلَيْهِ أَمْوَالَ الْحَرَمِ . وَأَصَابَ لِعَبْدِ الْمُطّلِبِ مِائَتَيْ بَعِيرٍ .
ثُمّ بَعَثَ رَجُلًا مِنْ حِمْيَر إلَى أَهْلِ مَكّةَ ، فَقَالَ أَبْلِغْ شَرِيفَهَا أَنّنِي لَمْ آتِ لِقِتَالٍ بَلْ جِئْت لِأَهْدِمَ الْبَيْتَ . فَانْطَلَقَ فَقَالَ لِعَبْدِ الْمُطّلِبِ ذَلِكَ .
فَقَالَ عَبْدُ الْمُطّلِب ِ : مَا لَنَا بِهِ يَدَانِ . سَنُخَلّي بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا جَاءَ لَهُ . فَإِنّ هَذَا بَيْتُ اللّهِ وَبَيْتُ خَلِيلِهِ إبْرَاهِيمَ . فَإِنْ يَمْنَعْهُ فَهُوَ بَيْتُهُ وَحَرَمُهُ . وَأَنْ يَخْلُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ذَلِكَ فَوَاَللّهِ مَا لَنَا بِهِ مِنْ قُوّةٍ .
قَالَ فَانْطَلِقْ مَعِي إلَى الْمَلِكِ - وَكَانَ ذُو نَفْرٍ صَدِيقًا لِعَبْدِ الْمُطّلِبِ - فَأَتَاهُ فَقَالَ يَا ذَا نَفْرٍ هَلْ عِنْدَك غَنَاءٌ فِيمَا نَزَلَ بِنَا ؟ فَقَالَ مَا غَنَاءُ رَجُلٍ أَسِيرٍ لَا يَأْمَنُ أَنْ يُقْتَلَ بُكْرَةً أَوْ عَشِيّا ، وَلَكِنْ سَأَبْعَثُ إلى أُنَيْسٍ سَائِسِ الْفِيلِ فَإِنّهُ لِي صَدِيقٌ فَأَسْأَلُهُ أَنْ يُعَظّمَ خَطَرَك عِنْدَ الْمَلِكِ .
فَأَرْسَلَ إلَيْهِ فَقَالَ لِأَبْرَهَةَ إنّ هَذَا سَيّدُ قُرَيْشٍ يَسْتَأْذِنُ عَلَيْك . وَقَدْ جَاءَ غَيْرُ نَاصِبٍ لَك وَلَا مُخَالِفٍ لِأَمْرِك ، وَأَنَا أُحِبّ أَنْ تَأْذَنَ لَهُ .
وَكَانَ عَبْدُ الْمُطّلِبِ رَجُلًا جَسِيمًا وَسِيمًا . فَلَمّا رَآهُ أَبْرَهَةُ أَعْظَمَهُ وَأَكْرَمَهُ . وَكَرِهَ أَنْ يَجْلِسَ مَعَهُ عَلَى سَرِيرِهِ . وَأَنْ يَجْلِسَ تَحْتَهُ . فَهَبَطَ إلَى الْبِسَاطِ فَدَعَاهُ فَأَجْلَسَهُ مَعَهُ . فَطَلَبَ مِنْهُ أَنْ يَرُدّ عَلَيْهِ مِائَتَيْ الْبَعِيرِ الّتِي أَصَابَهَا مِنْ مَالِهِ .
فَقَالَ أَبْرَهَةُ لِتُرْجُمَانِهِ قُلْ لَهُ إنّك كُنْت أَعْجَبْتنِي حِينَ رَأَيْتُك . وَلَقَدْ زَهِدْت فِيك . قَالَ لِمَ ؟ قَالَ جِئْت إلَى بَيْتٍ - هُوَ دِينُك وَدِينُ آبَائِك ، وَشَرَفُكُمْ وَعِصْمَتُكُمْ - لِأَهْدِمَهُ . فَلَمْ تُكَلّمْنِي فِيهِ وَتُكَلّمُنِي فِي مِائَتَيْ بَعِيرٍ ؟ قَالَ أَنَا رَبّ الْإِبِلِ . وَالْبَيْتُ لَهُ رَبّ يَمْنَعُهُ مِنْك .
فَقَالَ مَا كَانَ لِيَمْنَعَهُ مِنّي . قَالَ فَأَنْتَ وَذَاكَ . فَأَمَرَ بِإِبِلِهِ فَرُدّتْ عَلَيْهِ . ثُمّ خَرَجَ وَأَخْبَرَ قُرَيْشًا الْخَبَرَ . وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَتَفَرّقُوا فِي الشّعَابِ وَيَتَحَرّزُوا فِي رُءُوسُ الْجِبَالِ خَوْفًا عَلَيْهِمْ مِنْ مَعَرّةِ الْجَيْشِ . فَفَعَلُوا . وَأَتَى عَبْدُ الْمُطّلِبِ الْبَيْتَ . فَأَخَذَ بِحَلْقَةِ الْبَابِ وَجَعَلَ يَقُولُ
يَا رَبّ لَا أَرْجُو لَهُمْ سِوَاكَا
يَا رَبّ فَامْنَعْ مِنْهُمُو حِمَاكَا
إنّ عَدُوّ الْبَيْتِ مَنْ عَادَاكَا
إنّ عَدُوّ الْبَيْتِ مَنْ عَادَاكَا
فَامْنَعْهُمُو أَنْ يُخَرّبُوا قُرَاكَا
وَقَالَ أَيْضًا :
لَا هُمّ إنّ الْمَرْءَ يَمْنَعُ رَحْلَهُ
لَا هُمّ إنّ الْمَرْءَ يَمْنَعُ رَحْلَهُ
وَحَلَالَهُ فَامْنَعْ حَلَالَك
لَا يَغْلِبَن صَلِيبَهُمْ
لَا يَغْلِبَن صَلِيبَهُمْ
وَمِحَالَهُمْ غُدُوّا مِحَالَك
جَرّوا جُمُوعَهُمْ وَبِلَادَهُمْ
جَرّوا جُمُوعَهُمْ وَبِلَادَهُمْ
وَالْفِيلَ كَيْ يَسُبّوا عِيَالَك
إنْ كُنْت تَارِكَهُمْ وَكَعْبَ
إنْ كُنْت تَارِكَهُمْ وَكَعْبَ
تَنَا فَأْمُرْ مَا بَدَا لَك
ثُمّ تَوَجّهَ فِي بَعْضِ تِلْكَ الْوُجُوهِ مَعَ قَوْمِهِ . وَأَصْبَحَ أَبْرَهَةُ بِالْمُغَمّسِ قَدْ تَهَيّأَ لِلدّخُولِ . وَعَبّأَ جَيْشَهُ . وَهَيّأَ فِيهِ . فَأَقْبَلَ نُفَيْلٌ إلَى الْفِيلِ . فَأَخَذَ بِأُذُنِهِ . فَقَالَ اُبْرُكْ مَحْمُودُ . فَإِنّك فِي بَلَدِ اللّهِ الْحَرَامِ . فَبَرَكَ الْفِيلُ فَبَعَثُوهُ فَأَبَى . فَوَجّهُوهُ إلَى الْيَمَنِ ، فَقَامَ يُهَرْوِلُ . وَوَجّهُوهُ إلَى الشّامِ فَفَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ . وَوَجّهُوهُ إلَى الْمَشْرِقِ فَفَعَلَ ذَلِكَ . فَصَرَفُوهُ إلَى الْحَرَمِ فَبَرَكَ . وَخَرَجَ نُفَيْلٌ يَشْتَدّ حَتّى صَعِدَ الْجَبَلَ فَأَرْسَلَ اللّهُ طَيْرًا مِنْ قِبَلِ الْبَحْرِ مَعَ كُلّ طَائِرٍ ثَلَاثَةُ أَحْجَارٍ . حَجَرَيْنِ فِي رِجْلَيْهِ وَحَجَرًا فِي مِنْقَارِهِ . فَلَمّا غَشِيَتْ الْقَوْمَ أَرْسَلَتْهَا عَلَيْهِمْ . فَلَمْ تُصِبْ تِلْكَ الْحِجَارَةُ أَحَدًا إلّا هَلَكَ . وَلَيْسَ كُلّ الْقَوْمِ أَصَابَتْ . فَخَرَجَ الْبَقِيّةُ هَارِبِينَ يَسْأَلُونَ عَنْ - 36 - نُفَيْلٍ لِيَدُلّهُمْ عَلَى الطّرِيقِ إلَى الْيَمَنِ . فَمَاجَ بَعْضُهُمْ فِي بَعْضٍ . يَتَسَاقَطُونَ بِكُلّ طَرِيقٍ وَيَهْلِكُونَ عَلَى كُلّ مَنْهَلٍ . وَبَعَثَ اللّهُ عَلَى أَبْرَهَةَ دَاءً فِي جَسَدِهِ . فَجَعَلَتْ تَسّاقَطُ أَنَامِلُهُ حَتّى انْتَهَى إلَى صَنْعَاءَ وَهُوَ مِثْلُ الْفَرْخِ . وَمَا مَاتَ حَتّى انْصَدَعَ صَدْرُهُ عَنْ قَلْبِهِ ثُمّ هَلَكَ .
مر الفيل وقصة النسأ
[ بناء القليس ]
[ بناء القليس ]
ثم إن أبرهة بنى القليس بصنعاء ، فبنى كنيسة لم ير مثلها في زمانها بشيء من الأرض ثم كتب إلى النجاشي : إني قد بنيت لك أيها الملك كنيسة لم يبن مثلها لملك كان قبلك ، ولست بمنته حتى أصرف إليها حج العرب ، فلما تحدثت العرب بكتاب أبرهة ذلك إلى النجاشي غضب رجل من النسأة . أحد بني فقيم بن عدي بن عامر بن ثعلبة بن الحارث بن مالك بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس من مضر .
[ معنى النسأة ]
والنسأة : الذين كانوا ينسئون الشهور على العرب في الجاهلية فيحلون الشهر من الأشهر الحرم ويحرمون مكانه الشهر من أشهر الحل ويؤخرون ذلك الشهر ففيه أنزل الله تبارك وتعالى : إنما النسيء زيادة في الكفر يضل به الذين كفروا يحلونه عاما ويحرمونه عاما ليواطئوا عدة ما حرم الله
[ المواطأة لغة ]
قال ابن هشام : ليواطئوا : ليوافقوا ; والمواطأة الموافقة تقول العرب : واطأتك على هذا الأمر أي وافقتك عليه . والإيطاء في الشعر الموافقة وهو اتفاق القافيتين من لفظ واحد وجنس واحد نحو قول العجاج - واسم العجاج عبد الله بن رؤبة أحد بني سعد بن زيد بن مناة بن تميم بن مر بن أد بن طانجة بن إلياس بن مضر بن نزار .
في أثعبان المنجنون المرسل
ثم قال
مد الخليج في الخليج المرسل
وهذان البيتان في أرجوزة له.
[ إحداث الكناني في القليس ، وحملة أبرهة على الكعبة ]
قال ابن إسحاق : فخرج الكناني حتى أتى القليس فقعد فيها - قال ابن هشام يعني أحدث فيها - قال ابن إسحاق : ثم خرج فلحق بأرضه فأخبر بذلك أبرهة فقال من صنع هذا ؟ فقيل له صنع هذا رجل من العرب من أهل هذا البيت الذي تحج العرب إليه بمكة لما سمع قولك : " أصرف إليها حج العرب " غضب فجاء فقعد فيها ، أي أنها ليست لذلك بأهل . فغضب عند ذلك أبرهة وحلف ليسيرن إلى البيت حتى يهدمه ثم أمر الحبشة فتهيأت وتجهزت ثم سار وخرج معه بالفيل وسمعت بذلك العرب ، فأعظموه وفظعوا به ورأوا جهاده حقا عليهم حين سمعوا بأنه يريد هدم الكعبة ، بيت الله الحرام .
[ هزيمة ذي نفر أمام أبرهة ]
فخرج إليه رجل من أشراف أهل اليمن وملوكهم يقال له ذو نفر ، فدعا قومه ومن أجابه من سائر العرب إلى حرب أبرهة وجهاده عن بيت الله الحرام وما يريد من هدمه وإخرابه فأجابه إلى ذلك من أجابه ثم عرض له فقاتله فهزم ذو نفر وأصحابه وأخذ له ذو نفر فأتي به أسيرا ، فلما أراد قتله قال له ذو نفر : أيها الملك لا تقتلني فإنه عسى أن يكون بقائي معك خيرا لك من قتلي ، فتركه من القتل وحبسه عنده في وثاق وكان أبرهة رجلا حليما .
[ ما وقع بين نفيل وأبرهة ]
ثم مضى أبرهة على وجهه ذلك يريد ما خرج له حتى إذا كان بأرض خثعم عرض له نفيل بن حبيب الخثعمي في قبيلي خثعم : شهران وناهس ومن تبعه من قبائل العرب ، فقاتله فهزمه أبرهة وأخذ له نفيل أسيرا فأتي به فلما هم بقتله قال له نفيل أيها الملك لا تقتلني فإني دليلك بأرض العرب ، وهاتان يداي لك على قبيلي خثعم : شهران وناهس بالسمع والطاعة فخلى سبيله .
[ ابن معتب وأبرهة ]
وخرج به معه يدله حتى إذا مر بالطائف خرج إليه مسعود بن معتب بن مالك بن كعب بن مرو بن سعد بن عوف بن ثقيف في رجال ثقيف .
[ نسب ثقيف وشعر ابن أبي الصلت في ذلك ]
واسم ثقيف : قسي بن النبيت بن منبه بن منصور بن يقدم بن أفصى بن دعمى بن إياد ( بن نزار ) بن معد بن عدنان . قال أمية بن أبي الصلت الثقفي :
قومي إياد لو أنهم أمم قومي إياد لو أنهم أمم
أو لو أقاموا فتهزل النعم
قوم لهم ساحة العراق إذا
قوم لهم ساحة العراق إذا
ساروا جميعا والقط والقلم
وقال أمية بن أبي الصلت أيضا :
فإما تسألي عني لبينى
فإما تسألي عني لبينى
وعن نسبي أخبرك اليقينا
فإنا للنبيت أبي قسي
فإنا للنبيت أبي قسي
لمنصور بن يقدم الأقدمينا
قال ابن هشام : ثقيف قسى بن منبه بن بكر بن هوازن بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس بن عيلان بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان . والبيتان الأولان والآخران في قصيدتين لأمية .
[ استسلام أهل الطائف لأبرهة ]
قال ابن إسحاق : فقالوا له أيها الملك إنما نحن عبيدك سامعون لك مطيعون ليس عندنا لك خلاف . وليس بيتنا هذا البيت الذي تريد - يعنون اللاتي - إنما تريد البيت الذي بمكة . ونحن نبعث معك من يدلك عليه فتجاوز عنهم . ( اللاتي ) : واللاتي : بيت لهم بالطائف كانوا يعظمونه نحو تعظيم الكعبة .
قال ابن هشام : أنشدني أبو عبيدة النحوي لضرار بن الخطاب الفهري
وفرت ثقيف إلى لاتها
وفرت ثقيف إلى لاتها
بمنقلب الخائب الخاسر
وهذا البيت في أبيات له .
[ معونة أبي رغال لأبرهة وموته وقبره ]
قال ابن إسحاق : فبعثوا معه أبا رغال يدله على الطريق إلى مكة فخرج أبرهة ومعه أبو رغال حتى أنزله المغمس ; فلما أنزله به مات أبو رغال هنالك فرجمت قبره العرب ، فهو القبر الذي يرجم الناس بالمغمس .
[ الأسود واعتداؤه على مكة ]
فلما نزل أبرهة المغمس . بعث رجلا من الحبشة يقال له الأسود بن مقصود على خيل له حتى انتهى إلى مكة ، فساق إليه أموال ( أهل ) تهامة من قريش وغيرهم وأصاب فيها مئتي بعير لعبد المطلب بن هاشم ، وهو يومئذ كبير قريش وسيدها فهمت قريش وكنانة وهذيل . ومن كان بذلك الحرم ( من سائر الناس ) بقتاله . ثم عرفوا أنهم لا طاقة لهم به فتركوا ذلك .
[ حناطة وعبد المطلب ]
وبعث أبرهة - حناطة الحميري إلى مكة ، وقال له سل عن سيد أهل هذا البلد وشريفها ثم قل ( له ) : إن الملك يقول لك : إني لم آت لحربكم إنما جئت لهدم هذا البيت فإن لم تعرضوا دونه بحرب فلا حاجة لي بدمائكم فإن هو لم يرد حربي فأتني به . فلما دخل حناطة مكة سأل عن سيد قريش وشريفها فقيل له عبد المطلب بن هاشم ( بن عبد مناف بن قصي ) فجاءه فقال له ما أمره به أبرهة فقال له عبد المطلب : والله ما نريد حربه وما لنا بذلك من طاقة هذا بيت الله الحرام وبيت خليله إبراهيم عليه السلام - أو كما قال - فإن يمنعه منه فهو بيته وحرمه . وإن يخل بينه وبينه فوالله ما عندنا دفع عنه فقال ( له ) حناطة : فانطلق معي إليه فإنه قد أمرني أن آتيه بك .
[ ذو نفر وأنيس وتوسطهما لعبد المطلب لدى أبرهة ]
فانطلق معه عبد المطلب ، ومعه بعض بنيه حتى أتى العسكر فسأل عن ذي نفر وكان له صديقا ، حتى دخل عليه وهو في محبسه فقال له يا ذا نفر هل عندك من غناء فيما نزل بنا ؟ فقال له ذو نفر : وما غناء رجل أسير بيدي ملك ينتظر أن يقتله غدوا أو عشيا ما عندنا غناء في شيء مما نزل بك إلا أن أنيسا سائس الفيل صديق لي ، وسأرسل إليه فأوصيه بك ، وأعظم عليه حقك ، وأسأله أن يستأذن لك على الملك فتكلمه بما بدا لك . ويشفع لك عنده بخير إن قدر على ذلك فقال حسبي فبعث ذو نفر إلى أنيس فقال له إن عبد المطلب سيد قريش ، وصاحب عير مكة ، يطعم الناس بالسهل والوحوش في رءوس الجبال وقد أصاب له الملك مئتي بعير فاستأذن له عليه . وانفعه عنده بما استطعت ; فقال أفعل .
فكلم أنيس أبرهة فقال له أيها الملك هذا سيد قريش ببابك يستأذن عليك ، وهو صاحب عير مكة ، وهو يطعم الناس في السهل والوحوش في رءوس الجبال فأذن له عليك ، فيكلمك في حاجته ( وأحسن إليه ) قال فأذن له أبرهة .
[ عبد المطلب وحناطة وخويلد بين يدي أبرهة ]
قال وكان عبد المطلب أوسم الناس وأجملهم وأعظمهم فلما رآه أبرهة أجله وأعظمه وأكرمه عن أن يجلسه تحته وكره أن تراه الحبشة يجلس معه على سرير ملكه فنزل أبرهة عن سريره فجلس على بساطه وأجلسه معه عليه إلى جنبه ثم قال لترجمانه قل له حاجتك ؟ فقال له ذلك الترجمان فقال حاجتي أن يرد علي الملك مئتي بعير أصابها لي ، فلما قال له ذلك قال أبرهة لترجمانه قل له قد كنت أعجبتني حين رأيتك ، ثم قد زهدت فيك حين كلمتني ، أتكلمني في مئتي بعير أصبتها لك ، وتترك بيتا هو دينك ودين آبائك قد جئت أهدمه لا تكلمني فيه قال له عبد المطلب : إني أنا رب الإبل وإن للبيت ربا سيمنعه قال ما كان ليمتنع مني ، قال أنت وذاك .
وكان فيما يزعم بعض أهل العلم قد ذهب مع عبد المطلب إلى أبرهة حين بعث إليه حناطة ، يعمر بن نفاثة بن عدي بن الدئل بن بكر بن مناة بن كنانة وهو يومئذ سيد بني بكر وخويلد بن واثلة الهذلي ، وهو يومئذ سيد هذيل ; فعرضوا على أبرهة ثلث أموال تهامة ، على أن يرجع عنهم ولا يهدم البيت فأبى عليهم . والله أعلم أكان ذلك أم لا . فرد أبرهة على عبد المطلب الإبل التي أصاب له .
[ عبد المطلب في الكعبة يستنصر بالله على رد أبرهة ]
فلما انصرفوا عنه انصرف عبد المطلب إلى قريش ، فأخبرهم الخبر ، وأمرهم بالخروج من مكة ، والتحرز في شعف الجبال والشعاب تخوفا عليهم من معرة الجيش ثم قام عبد المطلب ، فأخذ بحلقة باب الكعبة ، وقام معه نفر من قريش يدعون الله ويستنصرونه على أبرهة وجنده فقال عبد المطلب وهو آخذ بحلقة باب الكعبة :
لا هم إن العبد يمنع
رحله فامنع حلالك
لا يغلبن صليبهم
لا يغلبن صليبهم
ومحالهم غدوا محالك
( زاد الواقدي )
إن كنت تاركهم وقبلتنا
إن كنت تاركهم وقبلتنا
فأمر ما بدا لك
قال ابن هشام : هذا ما صح له منها .
( شعر لعكرمة في الدعاء على الأسود بن مقصود )
قال ابن إسحاق : وقال عكرمة بن عامر بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار بن قصي .
لا هم أخز الأسود بن مقصود
الآخذ الهجمة فيها التقليد
بين حراء وثبير فالبيد
بين حراء وثبير فالبيد
يحبسها وهي أولات التطريد
فضمها إلى طماطم سود
فضمها إلى طماطم سود
أخفره يا رب وأنت محمود
قال ابن هشام : هذا ما صح له منها ، والطماطم الأعلاج قال ابن إسحاق ثم أرسل عبد المطلب حلقة باب الكعبة ، وانطلق هو ومن معه من قريش إلى شعف الجبال فتحرزوا فيها ينتظرون ما أبرهة فاعل بمكة إذا دخلها .
[ دخول أبرهة مكة وما وقع له ولفيله وشعر نفيل في ذلك ]
فلما أصبح أبرهة تهيأ لدخول مكة ، وهيأ فيله وعبى جيشه وكان اسم الفيل محمودا وأبرهة مجمع لهدم البيت ، ثم الانصراف إلى اليمن فلما وجهوا الفيل إلى مكة ، أقبل نفيل بن حبيب ( الخثعمي ) حتى قام إلى جنب الفيل ثم أخذ بأذنه . فقال ابرك محمود أو ارجع راشدا من حيث جئت ، فإنك في بلد الله الحرام ثم أرسل أذنه
فبرك الفيل وخرج نفيل بن حبيب يشتد حتى أصعد في الجبل وضربوا الفيل ليقوم فأبى ، فضربوا ( في ) رأسه بالطبرزين ليقوم فأبى فأدخلوا محاجن لهم في مراقه فبزغوه بها ليقوم فأبى ، فوجهوه راجعا إلى اليمن ، فقام يهرول ووجهوه إلى الشام ففعل مثل ذلك ووجهوه إلى المشرق ففعل مثل ذلك ووجهوه إلى مكة فبرك فأرسل الله تعالى عليهم طيرا من البحر أمثال الخطاطيف والبلسان مع كل طائر منها ثلاثة أحجار يحملها : حجر في منقاره وحجران في رجليه أمثال الحمص والعدس لا تصيب منهم أحدا إلا هلك وليس كلهم أصابت .
وخرجوا هاربين يبتدرون الطريق الذي منه جاءوا ، ويسألون عن نفيل بن حبيب ليدلهم على الطريق إلى اليمن ، فقال نفيل حين رأى ما أنزل الله بهم من نقمته أين المفر والإله الطالب والأشرم المغلوب ليس الغالب قال ابن هشام : قوله " ليس الغالب " عن غير ابن إسحاق . قال ابن إسحاق : وقال نفيل أيضا :
ألا حييت عنا يا ردينا
وخرجوا هاربين يبتدرون الطريق الذي منه جاءوا ، ويسألون عن نفيل بن حبيب ليدلهم على الطريق إلى اليمن ، فقال نفيل حين رأى ما أنزل الله بهم من نقمته أين المفر والإله الطالب والأشرم المغلوب ليس الغالب قال ابن هشام : قوله " ليس الغالب " عن غير ابن إسحاق . قال ابن إسحاق : وقال نفيل أيضا :
ألا حييت عنا يا ردينا
نعمناكم مع الإصباح عينا
( أتانا قابس منكم عشاء
( أتانا قابس منكم عشاء
فلم يقدر لقابسكم لدينا )
ردينة لو رأيت - ولا تريه
ردينة لو رأيت - ولا تريه
لدى جنب المحصب ما رأينا
إذا لعذرتني وحمدت أمري
إذا لعذرتني وحمدت أمري
ولم تأسي على ما فات بينا
حمدت الله إذ أبصرت طيرا
حمدت الله إذ أبصرت طيرا
وخفت حجارة تلقى علينا
وكل القوم يسأل عن نفيل
وكل القوم يسأل عن نفيل
كأن علي للحبشان دينا
فخرجوا يتساقطون بكل طريق ويهلكون بكل مهلك على كل منهل وأصيب أبرهة في جسده وخرجوا به معهم تسقط ( أنامله ) أنملة أنملة كلما سقطت أنملة أتبعتها منه مدة تمث قيحا ودما ، حتى قدموا به صنعاء وهو مثل فرخ الطائر فما مات حتى انصدع صدره عن قلبه فيما يزعمون .
قال ابن إسحاق : حدثني يعقوب بن عتبة أنه حدث أن أول ما رئيت الحصبة والجدري بأرض العرب ذلك العام وأنه أول ما رئي بها مرائر الشجر الحرمل والحنظل والعشر ذلك العام .
قال ابن إسحاق : حدثني يعقوب بن عتبة أنه حدث أن أول ما رئيت الحصبة والجدري بأرض العرب ذلك العام وأنه أول ما رئي بها مرائر الشجر الحرمل والحنظل والعشر ذلك العام .
[ ما ذكر في القرآن عن قصة الفيل وشرح ابن هشام لمفرداته ]
قال ابن إسحاق : فلما بعث الله تعالى محمدا صلى الله عليه وسلم كان مما يعد الله على قريش من نعمته عليهم وفضله ما رد عنهم من أمر الحبشة لبقاء أمرهم ومدتهم فقال الله تبارك وتعالى : ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل ألم يجعل كيدهم في تضليل وأرسل عليهم طيرا أبابيل ترميهم بحجارة من سجيل فجعلهم كعصف مأكول
وقال لإيلاف قريش إيلافهم رحلة الشتاء والصيف فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف
أي لئلا يغير شيئا من حالهم التي كانوا عليها ، لما أراد الله بهم من الخير لو قبلوه .
قال ابن هشام : الأبابيل الجماعات ولم تتكلم لها العرب بواحد علمناه . وأما السجيل فأخبرني يونس النحوي وأبو عبيدة أنه عند العرب : الشديد الصلب قال رؤبة بن العجاج :
ومسهم ما مس أصحاب الفيل
أي لئلا يغير شيئا من حالهم التي كانوا عليها ، لما أراد الله بهم من الخير لو قبلوه .
قال ابن هشام : الأبابيل الجماعات ولم تتكلم لها العرب بواحد علمناه . وأما السجيل فأخبرني يونس النحوي وأبو عبيدة أنه عند العرب : الشديد الصلب قال رؤبة بن العجاج :
ومسهم ما مس أصحاب الفيل
ترميهم حجارة من سجيل
ولعبت طير بهم أبابيل
وهذه الأبيات في أرجوزة له . ذكر بعض المفسرين أنهما كلمتان بالفارسية جعلتهما العرب كلمة واحدة وإنما هو سنج وجل يعني بالسنج الحجر ، والجل الطين . يعني : الحجارة من هذين الجنسين الحجر والطين . والعصف ورق الزرع الذي لم يقصب وواحدته عصفة . قال وأخبرني أبو عبيدة النحوي أنه يقال له العصافة والعصيفة . وأنشدني لعلقمة بن عبدة أحد بني ربيعة بن مالك بن زيد بن مناة بن تميم :
وهذه الأبيات في أرجوزة له . ذكر بعض المفسرين أنهما كلمتان بالفارسية جعلتهما العرب كلمة واحدة وإنما هو سنج وجل يعني بالسنج الحجر ، والجل الطين . يعني : الحجارة من هذين الجنسين الحجر والطين . والعصف ورق الزرع الذي لم يقصب وواحدته عصفة . قال وأخبرني أبو عبيدة النحوي أنه يقال له العصافة والعصيفة . وأنشدني لعلقمة بن عبدة أحد بني ربيعة بن مالك بن زيد بن مناة بن تميم :
<DIV dir=rtl align=center>
تسقى مذانب قد مالت عصيفتهاوإيلاف قريش : إيلافهم الخروج إلى الشام في تجارتهم وكانت لهم خرجتان خرجة في الشتاء وخرجة في الصيف .</SPAN>
أخبرني أبو زيد الأنصاري ، أن العرب تقول ألفت الشيء إلفا ، وآلفته إيلافا ، في معنى واحد وأنشدني لذي الرمة من المؤلفات الرمل
أدماء حرة شعاع الض
أخبرني أبو زيد الأنصاري ، أن العرب تقول ألفت الشيء إلفا ، وآلفته إيلافا ، في معنى واحد وأنشدني لذي الرمة من المؤلفات الرمل
أدماء حرة شعاع الض
حى في لونها يتوضح
وهذا البيت في قصيدة له . وقال مطرود بن كعب الخزاعي :
المنعمين إذا النجوم تغيرت
المنعمين إذا النجوم تغيرت
والظاعنين لرحلة الإيلاف
وهذا البيت في أبيات له سأذكرها في موضعها إن شاء الله تعالى .
والإيلاف أيضا : أن يكون للإنسان ألف من الإبل أو البقر أو الغنم أو غير ذلك .
يقال آلف فلان إيلافا . قال الكميت بن زيد أحد بني أسد بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد :
بعام يقول له المؤلفون
والإيلاف أيضا : أن يكون للإنسان ألف من الإبل أو البقر أو الغنم أو غير ذلك .
يقال آلف فلان إيلافا . قال الكميت بن زيد أحد بني أسد بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد :
بعام يقول له المؤلفون
هذا المعيم لنا المرجل
وهذا البيت في قصيدة له .
والإيلاف أيضا : أن يصير القوم ألفا ، يقال آلف القوم إيلافا قال الكميت بن زيد
وآل مزيقياء غداة لاقوا
والإيلاف أيضا : أن يصير القوم ألفا ، يقال آلف القوم إيلافا قال الكميت بن زيد
وآل مزيقياء غداة لاقوا
بني سعد بن ضبة مؤلفينا
وهذا البيت في قصيدة له .
والإيلاف أيضا : أن تؤلف الشيء إلى الشيء فيألفه ويلزمه يقال آلفته إياه إيلافا . والإيلاف أيضا : أن تصير ما دون الألف ألفا ، يقال آلفته إيلافا .
والإيلاف أيضا : أن تؤلف الشيء إلى الشيء فيألفه ويلزمه يقال آلفته إياه إيلافا . والإيلاف أيضا : أن تصير ما دون الألف ألفا ، يقال آلفته إيلافا .
[ ما أصاب قائد الفيل وسائسه ]
قال ابن إسحاق : حدثني عبد الله بن أبي بكر ، عن عمرة ابنة عبد الرحمن بن سعد بن زرارة ، عن عائشة - رضي الله عنها - قالت لقد رأيت قائد الفيل وسائسه بمكة أعميين مقعدين يستطعمان الناس