لـ حالمه .. بعد الوداع الأخير / الحقير ، وقبل العاشرة بـ حقيقتين .
* والصـدى ...
لصوت الأشياء التي لا تُرى ،
كـ آهةٍ في ورقة ، أو وسوسةٍ في صلاة ،
أو كـ ( أنا ) تماماً عندما أسمعني في ذاكرة أنثى !
ما يبعث على البؤس ويعبث بالنفس أنّ الإنسان في مرحلةٍ من عمره يُفلس عاطفياً
فلا يعرف كيف يحب أو كيف يكره ؟
وأستذكر الوافي إبراهيم حين يقول :
( الخريف الذي لا يُسقط الأوراق .. يتركها على الغصون خائفة ! )
نعم يا إبراهيم ( الخريف ) حتى في أوهى حالاته لا يمكن وصفه بـ ( ضعيف ) ،
هاهوذا مُتربّصٌ بي خلف الباب المقابل ولا طريق أسلكه أو حيلةً أراوغ بها ..
فقط .. أدركتُ أنّ ربيع العمر ... لا يتكرر .
العمر قصيرٌ جداً وكي تتأكد من ذلك عليك أنْ تُطل من ذاكرة شيخٍ هَرِمْ .
* فضلاً يا صديقة الصدفة :
أغمضي عينيك .. أنتِ بالوادي المقدس هوى
وسيكون صعباً عليك تمييز ما تصادفينه ، أهو غصنٌ طريّ أو حيّةٌ تسعى ؟
وعذراً .. لأنّ المُدقع حزناً يسوءه غطرسة السعادة على وجوه الآخرين ،
كمن يموت جوعاً في أفريقيا ويرى الإسبانيين يتقاذفون لهواً بالفاكهة .
لن تعبري هذه الحروف دونما وجع ، لكني واثقٌ بأنّ حجراً نتعثر به ويؤلمنا قد
يكون نجاةً لنا من هُوّةٍ سحيقة .
ولا تجزعي .. فسيبدأكِ بـ ( كل عيدٍ وأنتِ خيره )
و ( هو ..! ) الذي اعتاد في كل عيد أنْ يبدأ أمّه بالتهنئة هاتفياً ..
فـ تسأله : هل تأكل وتنام جيداً ؟
فـ يجيب : نعم
وتواصل : هل تحافظ على صلاتك ؟
فـ يرد : طبعاً
أسئلةٌ إجاباتها مُحضّرةٌ مسبقاً .. كلها تسترضي أمّه ،
وهو يعلم أنها لا تُصدّقه وستغلق الهاتف ................ ثم تبكي .
ويعلم كذلك أنْ لا شيء يُشعره بالأمان في يوم عيد سوى الإرتماء في حضن أمّه
باكياً ثم ينام .
وإنه لـ يسأل : أيّ ألمٍ يعتصر أبناء الخطيئة في دور الأيتام عندما يدعون بين
السجدتين : ( ربِّ اغفر لي ولوالديّ كما ربّياني صغيرا ) ؟!
* وأسترجعُ ما قلته ذات شكوى :
المطالبة بالعدل في دنيا يسودها الظلم لا تبدو فكرةً ناضجة ،
لكن .. هذا لا يعني أنْ نتقاعس عن إعطاء المريض الدواء بدعوى أنه ميّتٌ لا محالة !
كنتُ مثالياً لحظتها وما علمتُ انّ المثالية لم تُفصّل بمقاسٍ يناسب حجم الواقع .
الواقع واسعٌ شاسع .. كأنه خُلق ليحتوي كل شيء وأي شيء .
عوداً للمريض .. أما كان أرحم له وللآخرين أنْ يُعطى ( حُقنة موت ) ؟
* ممّا سلف .. وهو تلف :
( النون ) ليست قاسيةً عندما استحلّتْ أرض ( الحاء ) ..
فقد كانت تريد أنْ تجعل الـ ( مـ ح ـال ) .. ( مـ ن ـال ) !