جاء في كتاب شرح النيل وشفاء العليل ، للشيخ محمد بن يوسف اطفيش ، في كتاب النكاح :
( باب آخر في ذلك ( حرم على الرجل نكاح مزنيته ) بفتح الميم وتشديد الياء والأصل مزنويته أبدلت الواو ياء وأدغمت في الياء وكسر ما قبلها , وإنما عدي الزنا لتضمنه معنى الوطء أو الجماع , وذلك من باب الحذف والإيصال , والأصل مزني بها , فلما حذفت الباء كان الضمير نائبا مستترا فأنث اللفظ وصحت إضافته ( وإن بكره ) أو في دبر أو بملفوف أو في جسدها ولو في رأسها ولو طفلة أو لم تغب الحشفة , وقيل : إن غابت , وقال بعض قومنا : الدبر لا يحرم أحدا , وهو ضعيف ( أو بعد توبته ) وتوبتها , وقيل : إن تابا وأصلحا جاز تناكحهما , وقيل : ولو لم يتوبا وهو قول مالك والشافعي وأبي حنيفة ورواه المخالفون عن جابر بن زيد وابن عباس وليست روايتهم عن أصحابنا مثلا بحجة , وما روي عن ابن عباس : أنه لا بأس أوله سفاح وآخره نكاح , وأنه كمن أكل من نخلة أول النهار واشتراها آخره , محله مشرك زنى بمشركة فإنه يجوز لهما التناكح بعد إسلامهما مطلقا , وقيل : إن كانا حربيين أو ممن لا تثبت عليه أحكام الإسلام في وقتهما , ولم يحرم في دينهما , وقيل : لا إلا إن كان الأصل حراما ولو لم يدينا بتحريمه , وقال الشيخ أبو زكرياء : لا يحل لمشرك ومشركة زنيا أن يتزوج أحدهما الآخر بعد الإسلام . والصحيح الجواز , ولا يجوز إن كان أحدهما موحدا , والرواية الصحيحة عن جابر بن زيد : من زنى بامرأة فلا يتزوجها وليجعل بينهما البحر الأخضر , وإن قدر أن لا ينظر إليها أبدا فليفعل وسئل صحابي عن زان بامرأة تزوجها فقال : تزوجها شر من زناه , وسئلت عائشة فكرهته , أي : حرمته , أي : لأنه استحلال , والزنا تشه , ولتكرر الوطء بالتزوج وما يبني عليه وعنه صلى الله عليه وسلم : { أيما رجل زنى بامرأة ثم تزوجها فهما زانيان أبدا } , وعنه صلى الله عليه وسلم : { لا نكاح بعد سفاح } وعن عائشة في قوله تعالى : { وحرم ذلك على المؤمنين } أنه حرم على الزاني نكاح مزنيته , وحكم كلامها - رحمها الله - حكم الحديث المرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم , وفي ذلك رد لقول من قال من المخالفين بتحليل نكاح الزاني بمزنيته مطلقا , ولقول من قال منهم بتحليله بشرط الإصلاح والتوبة . وأجاز أبو حنيفة تزوج امرأة زنى بها أو نظر فرجها , وأجاز الشافعي ذلك أيضا , ومنعا تزوج بنتها وكذا منعا تزوج الابن وتسريه بأمة نظر أبوه ما بطن , وعاب عليهما بعض أصحابنا كيف حلت المزنية وحرمت بنتها ؟ وأقول : الذي عندي أنه لا عيب عليهما في تحريم البنت لأنهما حرماها من حيث إن أمها صارت كزوجة لمن زنى بها , ومس الأم يحرم البنت وإنما يعاب عليهما ويحتج عليهما بما تقدم من الأدلة على تحريم المزني بها , واعلم أن المصنف وأبا زكرياء عمما ما عمما في تحريم نكاح الرجل بمزنيته , ولم يقولا : تعمدا أو لم يتعمدا ; لأنهما إن لم يتعمدا ولا أحدهما لا تحرم ; مثل أن يظن كل منهما أن الآخر زوجه , أو كان أحدهما نائما أو سكرانا أو جن وظن الآخر أنه زوجه أو وجده في فراشه , وظنه زوجه ونحو ذلك مما ليس فيه تعمد الزنا كتزوج برجل يظن أنه ولي فإذا هو غير ولي ( وتسريها وما فوقها وما تحتها ) وتجوز أختها وخالتها وعمتها وغيرهن , ويجوز لبنيه أمهاتها وبناتها التي ولدت قبل زناه بها . ( و ) حرم ( عليها نكاحه ومن فوقه ومن تحته ) وحل غير ذلك كأخيه وخاله وعمه , وإن تناكحا فارقها وأصدقها وثبت النسب ولا يتان , وكان يوسف بن مرداس التميجاري بالحرام مع امرأة مشهورة بالزنا وولد معها ولدا يسميه أهل تميجار ولد يوسف , فقال أبو عزيز : يرثه وينسب إليه , وأقول ليس هذا نصا في أن من ولد مع مزنيته بنكاح يثبت نسبه , لأنه يحتمل أن يكون أثبت النسب لعدم إقرار يوسف بالزنا وعدم الشهادة , وأما الكون معها بالحرام فيحتمل الزنا وغيره , وقيل : يفرقان , وأما إن حرمت بنظر أو مس يد فلا يفرقان إن تناكحا , وقيل : يفرقان قاله في الديوان " فمن أرضعتها مزنيتك لا تحل لك عندنا وعند أكثر أهل العلم , وذلك أن الحرام يحرم الحلال كمزنية الأب لا تحل ولا ما فوقها أو تحتها لمن فوقه أو تحته وإليه رجع مالك , وقيل : لا , وقد روي عن ابن عباس : ما حرم حرام حلالا , ورد بتحريم الخمر والأنجاس ما حل , وفي اللقط ما نصه : وسئل عن زان بامرأة هل يحرم عليه نسلها ؟ قال : لا يحرم عليه إلا بنتها وأمها ولا بأس بجماع امرأة بحضرة طفل لا يعقل , وكل من وطئ امرأة غلطا فلا تحرم عليه , ومن تزوج امرأة غائب على علم ودخل بها , ثم صح أن ذلك بعد موت وانقضاء عدة حلت له وعصى , وقيل : كفر وحرمها بعض بنيته ) .
( باب آخر في ذلك ( حرم على الرجل نكاح مزنيته ) بفتح الميم وتشديد الياء والأصل مزنويته أبدلت الواو ياء وأدغمت في الياء وكسر ما قبلها , وإنما عدي الزنا لتضمنه معنى الوطء أو الجماع , وذلك من باب الحذف والإيصال , والأصل مزني بها , فلما حذفت الباء كان الضمير نائبا مستترا فأنث اللفظ وصحت إضافته ( وإن بكره ) أو في دبر أو بملفوف أو في جسدها ولو في رأسها ولو طفلة أو لم تغب الحشفة , وقيل : إن غابت , وقال بعض قومنا : الدبر لا يحرم أحدا , وهو ضعيف ( أو بعد توبته ) وتوبتها , وقيل : إن تابا وأصلحا جاز تناكحهما , وقيل : ولو لم يتوبا وهو قول مالك والشافعي وأبي حنيفة ورواه المخالفون عن جابر بن زيد وابن عباس وليست روايتهم عن أصحابنا مثلا بحجة , وما روي عن ابن عباس : أنه لا بأس أوله سفاح وآخره نكاح , وأنه كمن أكل من نخلة أول النهار واشتراها آخره , محله مشرك زنى بمشركة فإنه يجوز لهما التناكح بعد إسلامهما مطلقا , وقيل : إن كانا حربيين أو ممن لا تثبت عليه أحكام الإسلام في وقتهما , ولم يحرم في دينهما , وقيل : لا إلا إن كان الأصل حراما ولو لم يدينا بتحريمه , وقال الشيخ أبو زكرياء : لا يحل لمشرك ومشركة زنيا أن يتزوج أحدهما الآخر بعد الإسلام . والصحيح الجواز , ولا يجوز إن كان أحدهما موحدا , والرواية الصحيحة عن جابر بن زيد : من زنى بامرأة فلا يتزوجها وليجعل بينهما البحر الأخضر , وإن قدر أن لا ينظر إليها أبدا فليفعل وسئل صحابي عن زان بامرأة تزوجها فقال : تزوجها شر من زناه , وسئلت عائشة فكرهته , أي : حرمته , أي : لأنه استحلال , والزنا تشه , ولتكرر الوطء بالتزوج وما يبني عليه وعنه صلى الله عليه وسلم : { أيما رجل زنى بامرأة ثم تزوجها فهما زانيان أبدا } , وعنه صلى الله عليه وسلم : { لا نكاح بعد سفاح } وعن عائشة في قوله تعالى : { وحرم ذلك على المؤمنين } أنه حرم على الزاني نكاح مزنيته , وحكم كلامها - رحمها الله - حكم الحديث المرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم , وفي ذلك رد لقول من قال من المخالفين بتحليل نكاح الزاني بمزنيته مطلقا , ولقول من قال منهم بتحليله بشرط الإصلاح والتوبة . وأجاز أبو حنيفة تزوج امرأة زنى بها أو نظر فرجها , وأجاز الشافعي ذلك أيضا , ومنعا تزوج بنتها وكذا منعا تزوج الابن وتسريه بأمة نظر أبوه ما بطن , وعاب عليهما بعض أصحابنا كيف حلت المزنية وحرمت بنتها ؟ وأقول : الذي عندي أنه لا عيب عليهما في تحريم البنت لأنهما حرماها من حيث إن أمها صارت كزوجة لمن زنى بها , ومس الأم يحرم البنت وإنما يعاب عليهما ويحتج عليهما بما تقدم من الأدلة على تحريم المزني بها , واعلم أن المصنف وأبا زكرياء عمما ما عمما في تحريم نكاح الرجل بمزنيته , ولم يقولا : تعمدا أو لم يتعمدا ; لأنهما إن لم يتعمدا ولا أحدهما لا تحرم ; مثل أن يظن كل منهما أن الآخر زوجه , أو كان أحدهما نائما أو سكرانا أو جن وظن الآخر أنه زوجه أو وجده في فراشه , وظنه زوجه ونحو ذلك مما ليس فيه تعمد الزنا كتزوج برجل يظن أنه ولي فإذا هو غير ولي ( وتسريها وما فوقها وما تحتها ) وتجوز أختها وخالتها وعمتها وغيرهن , ويجوز لبنيه أمهاتها وبناتها التي ولدت قبل زناه بها . ( و ) حرم ( عليها نكاحه ومن فوقه ومن تحته ) وحل غير ذلك كأخيه وخاله وعمه , وإن تناكحا فارقها وأصدقها وثبت النسب ولا يتان , وكان يوسف بن مرداس التميجاري بالحرام مع امرأة مشهورة بالزنا وولد معها ولدا يسميه أهل تميجار ولد يوسف , فقال أبو عزيز : يرثه وينسب إليه , وأقول ليس هذا نصا في أن من ولد مع مزنيته بنكاح يثبت نسبه , لأنه يحتمل أن يكون أثبت النسب لعدم إقرار يوسف بالزنا وعدم الشهادة , وأما الكون معها بالحرام فيحتمل الزنا وغيره , وقيل : يفرقان , وأما إن حرمت بنظر أو مس يد فلا يفرقان إن تناكحا , وقيل : يفرقان قاله في الديوان " فمن أرضعتها مزنيتك لا تحل لك عندنا وعند أكثر أهل العلم , وذلك أن الحرام يحرم الحلال كمزنية الأب لا تحل ولا ما فوقها أو تحتها لمن فوقه أو تحته وإليه رجع مالك , وقيل : لا , وقد روي عن ابن عباس : ما حرم حرام حلالا , ورد بتحريم الخمر والأنجاس ما حل , وفي اللقط ما نصه : وسئل عن زان بامرأة هل يحرم عليه نسلها ؟ قال : لا يحرم عليه إلا بنتها وأمها ولا بأس بجماع امرأة بحضرة طفل لا يعقل , وكل من وطئ امرأة غلطا فلا تحرم عليه , ومن تزوج امرأة غائب على علم ودخل بها , ثم صح أن ذلك بعد موت وانقضاء عدة حلت له وعصى , وقيل : كفر وحرمها بعض بنيته ) .