موضوع غايه فى الاهميه لطلاب وطالبات الاجتماع

    • موضوع غايه فى الاهميه لطلاب وطالبات الاجتماع

      احبابى طلاب وطالبات الاجتماع .......
      ايش ريكم كل مره نختار عالم من علماء الاجتماع نتحدث عنه وعن نظرياته فى الاجتماع و ما اضاف لعلم الاجتماع فى هذه الساحه؟؟؟
      واللى يعرف شى عنه حتى ولو فكره بسيطه يطرحها حتى فى النهائيه تتكون لدينا ثقافه عن هذا العالم ونظرياته ونستطيع ان نسكت اى شخص يناقشنا فى علماء الاجتماع .....

      وبما احد الاخوات قد طرحت العالم الكبير ابن خلدون

      فانا اطرح العالم اوجست كونت ماذا تعرفوا عنه وعن نظرياته ؟؟

    • انا اشوف انها فكرة كثير حلوه بإمكان اي واحد يستفيد وبالنسبة لاوجست كونت فهو صاحب الحالات الثلاث وكان مدافعا عن طبقة الرأسمالية وحاميا لحقوقها كان يعتقد بان اساس المجتمع هو الاخلاق والافكار وليس الاقتصاد مثل ما قال كارل ماركس فكان دايما معارضا له
    • أم خماس كتب:

      وأخيرآ فلحت وبديت تشغل مخك الخربان #m
      إذا تبى أي معلومة تراها شلتي ما بتجصر بس إذا رسبت مالنا خص $$e $$e $$e

      تعرفى ايش بنسوى فيش انتى وشلتش بنوديكم السنغال
      دكار (( هناك جامعه محتاجه فيران عشان التجارب ))

      ههههههههههههههههههههههههههههههههههههه
      ام سلوم وام علاوى وام سعيد وام خماس ===== فئران
    • اوجست كونت فيلسوف فرنسي ولد في مونيليه تأثر بأفكار من سبقوه من فلاسفة القرن18 ،فلسفة كونت هدفها اعادة تنظيم المجتمع درس مشكلات المجتمع بروح عقلية من خلال اطار فكري تصوري محدد....

      وضع كونت علم الاجتماع على قائمة العلوم فاخترع واوجحد المصطلح للعلم
      من قوانينه
      قانون الحالات الثلاث
    • اوجست كونت:
      يرى كونت أن تاريخ البشرية ينقسم إلى ثلاث مراحل من التقدم الشامل ، المرحلة الدينية ؛والمرحلة الميتافزيقية، ثم المرحلة العلمية.

      قدم مقترحات على جانب كبير من التعقيد لإقامة دولة وضعية تقوم على صفوة من علماء الاجتماع لإدارة المجتمع وتوجيهه


      ومن أهم أعماله كتاب " الفلسفة الوضعية" الذي ظهر لأول مرة في ستة أجزاء (1830- 1842)
    • برنسيسه كتب:

      اوجست كونت:
      يرى كونت أن تاريخ البشرية ينقسم إلى ثلاث مراحل من التقدم الشامل ، المرحلة الدينية ؛والمرحلة الميتافزيقية، ثم المرحلة العلمية.

      قدم مقترحات على جانب كبير من التعقيد لإقامة دولة وضعية تقوم على صفوة من علماء الاجتماع لإدارة المجتمع وتوجيهه


      ومن أهم أعماله كتاب " الفلسفة الوضعية" الذي ظهر لأول مرة في ستة أجزاء (1830- 1842)


      صاحبة الجلاله وبرنسيسه الشكر كل الشكر لكما على هذه المعلومات المفيده
    • اشكرك اخوي على الموضوع الرائع حقا ... واتمنى ان يستمر على طووووووووول....
      اما اوجست كونت .. فكان شخص محافظ طبعا اي يدعو الى ان يكون المجتمع بصورة واحده ولا يتغير وكان يقول ان الانسان لازم يغير من نفسه عشان يتاقلم مع المجتمع وان المجتمع ما فيه شي وطبيعي بس الناس هي الي ما قادره تفهمه ... وبعد كان يدعو للوضعية وتعني الايجابية يعني الرضا بالمجتمع واحواله .. واوجست كونت كان يدعو الى ضرورة وجود سيطرة تنظم المجتمع ... وبعد مثل ما ذكروا اخواني قال المجتمع يمر بثلاث مراحل وسماها (قانون المراحل الثلاث) المرحلة اللاهوتيه والمرحلة الميتافيزيقية والمرحلة الطبيعيه ... والكثير الكثير طبعا بس يكفي هذا ....
      وتقبلو مروري
    • اوجست كونت فى سطور

      لد" أوجست كونت " بباريس سنة ثمان وتسعين وسبع مائة وألف, لأسرة متدينة شديدةالتعلق بالنصرانية الكاثوليكية. وكان المنتظر أن يكون ابن أسرته في ذلك, متديناَشديد التعلق بالنصرانية. لكنه فاجأ أسرته بإعلانه كفره بالنصرانية وجميع الأديان, وقد اتخذ هذه الخطوة الخطيرة في سن مبكرة حيث كانت سنة حين أعلن كفره حول الرابعةعشرة, أما عن مسيرته العلمية والعملية ., فهو لم ينتظم في التعليم طويلاً ، ولكنهتولي تعليم نفسه, فدرس الرياضيات وبرع فيها, ثم درس الفلسفة وبرز فيها كثيراً, وفيأثناء دراسته اتصل بالفيلسوف الفرنسي " سان سيمون" وعمل سكرتيرا له لخمس سنين ( 1817-1822 ). ثم اختلف معه حول بعض القضايا الفكرية, فتركه . اشتغل بعد ذلك بإلقاءمحاضرات في " فلسفة العلوم", ثم مزج بفلسفة العلوم فلسفته الوضعية واللاهوتية, وكانت محاضراته تجتذب الكثيرين من العلماء, لكنه بعد ثلاث سنوات أصيب بلوثة عقليةوانهيار عصبي , ولما شفي من مرضه عاد إلى إلقاء محاضراته, ولم يطل به الأمر حتىعاوده المرض العقلي مرة أخرى, فحاول الانتحار, لكن امرأته عنيت به حتى مرت الأزمة. وكان مرضه الثاني بسبب هيامه بامرأة عشقها حتى الجنون, ولما ماتت هذه المرأة بعدسنتين من هيامه بها أصابته هذه اللوثة التي بدا أنه شفي منها ظاهراً, بينما كانتلوثته وجنونه يعيشان معه يستقي منهما أفكاره وفلسفته, حتى كان ذلك الكم الهائل الذيجاء به الرجل من فلسفته التي أقل ما توصف به أنها فلسفة ساقطة, وفكر تافه لا يصدرإلا عن رجل مجنون, وقد ظل هذا الفيلسوف يدعو إلي أفكاره وفلسفته وبخاصة الدين الذياخترعه حتى استطاع في أخريات حياته أن يجتذب إليه طوائف من أمثاله, ثم هلك الرجل فيسنة سبع وخمسين وثمان مائه وآلف.


      ترجع المؤثرات في شخصية " أوجست كونت ", كما يرجع نتاجه الفكريوالفلسفي – فيما نرى – إلى عوامل كثيرة أهمها:

      العصر الذي كان يعيش فيهالفيلسوف.
      حيث اتسم ذلك العصر بالفوضى الفكرية, والغوغائية المذهبية, فقد ظلتالشعوب الغربية تعيش حالة من الكبت والحجر على الحريات لأكثر من ألف عام تقريباً. وكانت تلك الشعوب مطحونة بين رجال الكنيسة وفسادهم من جانب, وطغيان الملوك والحكاموجبروتهم من جانب آخر, فلما جاء الوقت الذي ثارت فيه الشعوب على ثنائي الجريمة هذا, واستنشقت نسيم الحرية الأول مرة منذ ألف عام, انطلق الناس كالسوائم التي طال سجنهافأصابها ما يشبه السعار فأخذوا يعبرون عن أنفسهم بأفكار وآراء على قدر كبير منالشذوذ, والكثير من هذه الآراء والأفكار تخطى عدوة العقل إلى عدوة الجنون, وليس منشك في أن أفكار" كونت" هذا تعتبر أوضح مثال هذه النوعية, وعلى التأثر بهذاالعامل.

      عداء الرجل الشديد للدين والمتدينين.
      ولم يكن الرجل بدعاً فيهذا وقتذاك, فإن العداء للدين, والمقت الشديد للمتدينين كان السمة المميزة لذلكالعصر الذي عاش فيه. غير أن كراهية الرجل للدين, ومقته للمتدينين قد فاقا كل مثال, وتخطيا كل حد . ولعل بعض أسباب ذلك يرجع إلى ما اتسمت به أسرته من التدين الشديد, والتمسك بالنصرانية في تزمت وتعصب مما جعل الأمر ينقلب عند الرجل إلى " رد فعل" عكسي دفع به إلى العدوة القصوى من العداء والمقت للدين والمتدينين . وإذا كان هذابعض السبب., فلعل السبب الأقوى والمؤكد في عداء الرجل للدين والمتدينين إنما يرجعإلى رجال الدين النصراني, وما كانوا عليه من تحجر وجمود في الفكر وعداء شديد للعلموالعلماء, هذا من جانب, ومن جانب آخر ما كانوا مغرقين فيه من الفساد الخلقي والفجوروالانحلال والشذوذ, بينما هم يمثلون الدين, ويوجهون المتدينين .

      ماأدركه الرجل من حاجة المجتمع إلى الدين .
      وهذا ما أصاب الرجل بحيرة واضطرابوفقدان الاتزان النفسي والفكري. فهو يمقت الدين ويرى أنه خرافة ووهم. وفي نفس الوقتيدرك جيدا ًأن الدين يمثل ضرورة جوهرية للمجتمع لا يمكن الاستغناء عنها, من هنااشتعلت نار الحقد في قلب الرجل, وأصابه الاضطراب والحيرة ؛ كيف سيتصرف مع هذا العدوالذي لا غنى عنه ؟ هذه الحيرة وهذا الاضطراب الذي حاول الوصول إلى علاج لهما, والذيستكون لنا معه وقفات- بحول الله سبحانه- .

      حالة الرجل النفسية والعقلية :
      فالرجل كان يتميز بصفات نفسية وعقلية لازمته طوال حياته, وتركت آثارها علىمسيرته الفكرية كلها. فلقد كان ذكياً إلى حد كبير, وكان إلى ذكائه صاحب مزاج حاد, ونفسية مهزوزة, وطبيعة متقلبة, ومشاعر مضطربة. وكل هذه الصفات جعلته مؤهلاً للإصابةبالأمراض النفسية, والهزات العصبية, والاختلال العقلي, المرة بعد المرة كما رأينامن سيرة حياته.ومثل هذا الرجل بحالته التي جعلته معرضاً للجنون في أي وقت, بل جعلتالجنون يراوده ثم يرتاده حيناً بعد حين, مثل هذا لايمكن أن ننتظر منه فكراً سليماً, ولا فلسفة سوية . . وليس من باب المصادفة أن أهم نتاج الرجل في الفكر الإنسانيومراحله, والدين الذي اخترعه ودعا إليه, إنما كتبه وهو في حالة جنونه الأخيرة والتيلم يشف منها قط, بل لازمته ما بقي له من عمر, وقد كان يصرح بأن معشوقته التي هلكتتتمثل له, وتعايشه وتملي عليه جميع أفكاره ومشاريعه الفلسفية, وبخاصة مشروعه الذيأسماه" دين الإنسانية ". أفيكون عاقلا من يزعم أن هذا الرجل قد شفي من جنونه؟

      موقف علماء عصره من فكره :
      لقد كان الرجل بطبعه شديد الاعتدادبنفسه, وكان يرى نفسه فذا بين المفكرين في عصره, فنزعة الغرور والكبر كانت متأصلةفيه, ولما بدأ يلقي محاضراته في فلسفة العلوم أقبل عليه المفكرون يستمعون إليه, ويهتمون بأفكاره, ويثنون عليه, فزاده ذلك غروراً وكبراً. ثم لما انتقل إلى تحليلالمجتمعات الإنسانية والمراحل التي مر بها العقل الإنساني لم يراجعه أحد منالعلماء, بل ازداد إعجابهم به, مما جعله, يزداد اغتراراً واستكباراً إلى أن بلغ بهغروره إلى اختراع دين يعارض به جميع الأديان وليحل محلها.
      ولو أن مفكري عصرهوقفوا لأفكار بالمرصاد يحللونها ويظهرون فسادها وضلالها, ولو أنهم راجعوه وبينوا لهأخطاءه, لعرف لنفسه حداً يقف عنده ولما انتهى به الأمر إلى ما انتهي من إليه من هذاالكم الهائل من الضلال. ولكن أنى لهم ذلك؟ وهم في مثل ضلاله أو أضل.

      ثالثاً: فلسفته :
      للرجل نتاج فكري وفلسفي واسع ومتشعب لكنانستطيع أن نصنفه إلى نوعين :
      الأول : نتاجه الفكري في فلسفة العلوم والرياضياتوغير ذلك مما لا صلة لـه بالدين أو بالعقل الإنساني ومراحله, أو الطبيعة البشريةوما وقع لها أو مر بها. وهذا نتاج فكري له قيمته ووزنه عند المشتغلين به. وهذاالنوع من فكر الرجل هو الذي لفت الأنظار إليه في البداية وصنع له اسمه عند علماءعصره, وبخاصة نتاجه في فلسفة العلوم. وهذا النوع من الفكر قد يصيب فيه الرجل أويخطئ, ولسنا في مجال دراسته أو الحديث عنه أو تقويم فكر الرجل فيه.

      الثاني : فلسفة " كونت " وأفكاره التي تتصل بطبيعة الإنسان, والمراحل التي مر بها الإنسان فيتقدمه وتحضره عبر العصور المختلفة منذ وجد على ظهر الأرض حتى العصر الحديث الذي كانفيه" كونت ". وهذه المراحل التي يطلق عليها " كونت" وأتباعه " "مراحل التقدمالإنساني ". وفي إطار فلسفة "كونت"حول مراحل التقدم الإنساني وضع جملة أفكارهومبادئه التي قام عليها المذهب الوضعي أو الفلسفة الوضعية, التي يعتبر " كونت" هومؤسسها وواضعها, والتي تابعه عليها وطبق مبادئها جمهرة الفلاسفة الذين جاءوا بعده .
      ******************

      فلسفة " كونت " الوضعية :
      نذكر فيما يلي أهم الأسس التي تقوم عليها الفلسفة الوضعية " كونت" . ثم نعقب ذلك بنقد هذه الفلسفة. وأهم الأسس التي تقوم عليها الفلسفة الوضعية :
      تقوم الفلسفة الوضعية على أن الفكر الإنساني لا يدرك إلا الظواهر المحسوسةفي العالم الذي نعيشه. ويدرك ما بين تلك الظواهر من علاقات مادية محسوسة واضحة . أما البحث وراء الظواهر الطبيعية عن علل لها خفية, أو أمور غائية, أو حكمة وعناية, أو فاعل ومدبر, أو خالق وصانع. فهذه كلها أوهام وخرافات ما ينبغي أن يفكر فيها أحد. وإن وجد من يتمسك بها, فإنما هي أوهام ذاتية لا صلة لها بالواقع إطلاقاً. فالبحث عنالعلل والغايات وراء الظواهر إضافة إلى أنه وهم وخيال, فإنه لا يمكن إدراك شئ منذلك, ولا فائدة له في عالم الواقع, وهو مفسدة للعقل, مضيعة للوقت والجهد .
      يتضحمن هذا أن المذهب الوضعي الذي وضع" أوجست كونت " أسسه مذهب مادي إلحادي يقوم علىالإيمان بالمادة وحدها, وينكر كل ما وراء المادة والحس, ويرى أن المعرفة اليقينيةهي المعرفة الحسية المادية التي تقوم على الملاحظة والتجربة الحسية. وكل معرفة لاتقوم على الحس أو التجربة فإنها عند هؤلاء وهم وخيال . المذهب الوضعي – إذن – مذهبمادي إلحادي ينكر جميع الأديان, ويرفض الغيب والمغيبات عن الحس , ويطعن في كل معرفةتأتي عن طريق الوحي, لأنه لا يؤمن بوجود الموحي – سبحانه -.

      قانون الحالات الثلاث :
      يرى " كونت " أن البشرية مرت عبر تاريخها الطويل منذ وجودها حتى زمانهبحالات ثلاث, أو مراحل ثلاث متتابعة ومتوالية. وكل مرحلة تسلم للأخرى التي تليها ،وهذه الحالات الثلاث يطلق عليها " كونت " " قانون التقدم الإنساني" والفيلسوف مثلكل الفلاسفة والمفكرين الماديين الملاحدة يعتقد أن البشرية بدأت حياة بدائية قريبةمن حياة الحيوان. ثم تقدمت تدريجياً عن طريق الخبرات والتجارب الحياتية, دون معونةأو توجيه من وحي أو إله. وهذه هي نفس عقيدة علماء الاجتماع والنفس, فكل هؤلاءيعتقدون أن الإنسان نشأ بدائياً, ثم تدرج بذاته وخبراته وتجاربه ، حتى وصل إلى ماهو عليه الآن. وهذا الرأي مناقض تماماً بل مصادم للعقيدة الحقة التي نعتقدها ونؤمنبها نحن المسلمين. بل ويؤمن بها كذلك اليهود والنصارى أصحاب الكتابين السماويين, رغم ما وقع فيهما من تحريف وتبديل , فالكل يؤمن بأن البشرية بدأ تاريخها بأبيالبشر" آدم" عليه السلام, وأن الله- سبحانه- خلقه ونفخ فيه من روحه وأسجد لهملائكته, وأسكنه جنته. وقد كان آدم عليه السلام نبياً, ولم يكن جاهلاً ولا بدائياً, بل كان لديه من العلم الذي أفاضه الله- تعالى- عليه. وعلمه إياه ما لم يكن لدىالملائكة, ولقد أمر ربنا- سبحانه- آدم أن يعلم الملائكة بعض ما كانوا يجهلون, فقدقال الله- تعالى- لآدم عليه السلام, " ياآدم أنبئهم بأسمائهم " هذه عقيدتنا, وهذاهو الحق لدى المسلمين, بل لدى غيرهم من أصحاب الدينين السماويين .
      لكن" كونت " حسب ما يرى أن البشرية نشأت بدائية ثم تدرجت نحو التقدم, وإنه- بناء على ذلك- وضعما أسماه " قانون الحالات الثلاث, أو التقدم الإنساني ". حيث إن البشرية مرت عبرتاريخها نحو التقدم بثلاث حالات أو مراحل :
      -الحالة الأولى: اللاهوتية
      -الحالة الثانية : الميتا فيزيقية
      -الحالة الثالثة : الوضعية
      -الحالة اللاهوتية : يرى " كونت " أن هذه الحالة أو المرحلة كانتالبشرية تحاول فيها التعرف على ما حولها. وكان العقل الإنساني يبحث في هذه المرحلةعن كنه الأشياء, وحقيقة الظواهر, وكان يحاول إرجاع كل طائفة من الظواهر إلى علة أومبدأ مشترك. ويقرر "كونت " أن الإنسان في هذه الحالة اللاهوتية قد مر عبر ثلاثمراحل :
      -المرحلة الأولى : ويسميها المرحلة " الفتشية " وفي هذه المرحلة كانالإنسان يخلع على الأشياء والظواهر الطبعية من حوله نوعاً من الحياة, ويعتقد أن لهاتأثيراً في حياة الناس وأنها تتصرف في مصائرهم. ومن ثم كان الإنسان في هذه المرحلةيعبد هذه الظواهر أو هذه الأشياء, ويتقدم إليها بأنواع من الطقوس دفعاً لضرهاوطلباً لنفعها. ولعل " كونت " يشير إلى مايذهب إليه علماء الاجتماع الملحدة إلى أننشأة التدين لدى الإنسان ترجع إلى بضع نظريات منها ما يسمونه" غريزة الاستحياء" ويريدون بذلك نفس ما أشار إليه الفيلسوف من أن الإنسان الأول – فيما يزعمون – كانيستحيي الأشياء والظواهر , أي يرى أن لها نوعاً من الحياة , وأن لها قوى تؤثر بهافي حياته, ومن ثم كان يعبدها.
      المرحلة الثانية : من مراحل الحالة اللاهوتية ؛وهي مرحلة تعدد الآلهة المفارقة أو الآلهة العلوية . ويزعم الفيلسوف أن الإنسانيةفي هذه المرحلة أخذت تسلب الحياة وقوة التأثير عن الظواهر الطبيعية التي كانتتؤلهها وترجع القوة المؤثرة في الوجود من حولها إلى كائنات علوية غير منظورة وهيكائنات متعددة بتعدد شئون الحياة ؛ فإله للزرع وآخر للمطر وثالث للصيد وهكذا لكللشأن من شئون الحياة إله علوي غير منظور .

      المرحلة الثالثة : من مراحل الحالة اللاهوتية ؛ وهي مرحلة ( التوحيد) ؛ فالرجل يزعم أنالبشرية في هذه المرحلة قد جمعت جميع الآلهة التي كانت تعبدها ثم وحدتها في إلهمفارق أي علوي غير منظور خارج عن عالمنا الذي نعيش فيه ، ويضرب الرجل مثالا لهذهالمرحلة الأخيرة بظهور الدين النصراني والدين الإسلامي !
      وقد رأى " كونت" أن منخصائص الحالة اللاهوتية وبخاصة في مرحلتها النهائية أن موضوعها مطلق وأن تفسيرهاللظواهر والأحداث تعتمد " ما فوق الطبيعة " وأن منهجها خيالي وهمي ، وأن كل ما لدىأصحابها أمور ذاتية لا صله لها بالواقع أو الموضوع ، لكن الفيلسوف لاحظ شيئا آخرعلى قدر كبير وخطير من الأهمية ، حيث لاحظ أن الدين – أي دين – يمثل أساساً متيناوضروريا وحاجة ملحة للمجتمعات الإنسانية وللعلاقات الاجتماعية وأنها تمثل ضرورةاجتماعية على الفرد أو الجماعة ، كذلك لاحظ أن الدين – كذلك - يمثل من الجانبالسياسي الأساس الذي تقوم عليه سلطة الكهنة والملوك حيث يستمدون سلطاتهم لدىالجماعة من الدين الذي تدين به الجماعة .
      وهذه الملاحظة الأخيرة التي لاحظها " كونت " وهي ضرورة الدين للمجتمعات الإنسانية سيكون لها أعمق الأثر في فلسفته بعدذلك – على ما سنرى بحول الله تعالى .
      الحالة الميتافيزيقية :-
      وفي هذه الحالة يحاول العقل الإنساني – أيضا - أن يكتشف حقائق الأشياءوأصولها ومصائرها ولكنه في هذه الحالة بدلا من أن يبحث عن علل مفاقة للظواهر كمافعل في الحالة الأولى ، فإنه يرفض العلل المفارقة ، ويبحث عن علل وأهداف في ذاتالأشياء وبواطن الظواهر ، ففي هذه المرحلة لا يرجع العقل الإنساني حقائق الظواهر أوالأحداث إلى علل مفارقة ، وإنما يرجعها إلى نظم وقوانين وأسباب داخل الأشياء ذاتها .
      ويرى الفيلسوف أن مسيرة العقل الإنساني ومنهجه في هذه الحالة إنما هي ضرب آخرمن أضرب الوهم والخيال، وأن ذلك ناتج عن أوهام الذات التي لا صله لها بالواقع .
      ويلاحظ الفيلسوف أن هذه الحالة الميتافيزيقية شبيهة بالحالة اللاهوتية من حيثموقف العقل الإنساني منهما . حيث بدأ الإنسان يعتقد في التعدد ثم انتهى بالتوحيد معاختلاف الموضوع في الحالة الميتافيزيقية عنه في الحالة اللاهوتية .
      ففي الحالةاللاهوتية اعتقد الإنسان في موجودات كثيرة ، ثم بدأ يرجع الظواهر إلى كائنات علويةمفارقة ، ثم انتهى به الأمر بتوحيد الكائنات المفارقة في كائن واحد . وهذه الكائناتالمفارقة العلوية التي اجتمعت في واحد بعد ذلك كانت هي التي تتصرف في الأشياءوالظواهر.
      أما في الحالة الميتافيزيقية بدأ العقل الإنساني يبحث عن علل الأشياءوالظواهر في الأشياء والظواهر نفسها ، وليس في كائنات علوية مفارقة . وقد بدأالإنسان في هذه المرحلة بالتعدد أيضا ، فأخذ يرجع العلل إلى قوى متعددة بتعددالظواهر مثل القوة المكيانيكية ، القوة الفيزيائية ، القوة الحيوية .. إلى غير ذلكمن قوى متعددة ثم انتهى الأمر بالعقل الإنساني إلى توحيد هذه القوى المتعددة في قوةواحدة هي ( الطبيعة ) فالطبيعة أصبحت جامعة لكل القوى التي كانت متفرقة في الظواهروالأشياء .
      الحالة الوضعية :-
      يرى " كونت" أن العقلالإنساني في المرحلتين السابقتين كان يعيش حالات من الأوهام الذاتية والخرافاتالمتوارثة التي لا صله لها بالواقع . ولذلك كان يتخبط من الحالة اللاهوتية بمراحلهاالثلاث ، ثم الحالة الميتافيزيقية ، لكن الأمر لا يستمر على ذلك بل أن العقل ينتقلمن هذه الأوهام الذاتية إلى حقائق الحالة " الوضعية" .
      والعقل في هذه الحالةالثالثة التي أطلق عليها كونت " الوضعية" يتخلص في الواقع من أوهام اللاهوتوالميتافيزيقيا ، ويدرك الأشياء على حقيقتها كما هي في الواقع والموضوع . ويرىالفيلسوف أن السبب في تخبط العقل في الحالتين السابقتين أنه كان يبحث في الأشياء عنحقائقها وعللها المطلقة لكنه أخيرا يدرك أنه من المستحيل الحصول على حقائق مطلقةيقينية فيقصر همه على الاهتمام بواقع الأشياء واستكشاف قوانين الظواهر من خلالواقعها المادي الوضعي القائم على الملاحظة والتجربة.
      3- وقد قرر " كونت" أن هذهالحالات الثلاث التي مرت على الإنسانية أو مر بها العقل الإنساني عبر رحلته الطويلةمنذ كانت الإنسانية حتى عصره ، هذه الحالات تمر على الإنسان نفسه أو يمر بها كلإنسان عبر حياته أو مراحل عمره : ففي طفولته أو بداية حياته يقنع بالحلول اللاهوتيةثم في منتصف حياته يتحول إلى الحالة الميتافيزيقية فيبحث عن العلل وحقائق الأشياءفي باطن الظواهر والأشياء . ثم في أواخر حياته حيث يكون قد نضج عقلا وفكرا ينتقلإلى الحالة الوضعية فيعتمد على ملاحظة الظواهر ويجري عليها التجارب متخذًا المنهجالوضعي طريقا للوصول إلى القوانين التي تحكم الأشياء .
      ******************
      رابعا : نقد فلسفته الوضعية:-

      من الملاحظ – ابتداء – أن الفيلسوف " كونت" وهو يتكلمعن فلسفته الوضعية يقدم لها بما افتراه من قانون الحالات الثلاث وغيرها ، نقول : نلاحظ كما لاحظ غيرنا أن الرجل يصدر عن فكر نظري بحت . وعن أوهام ذاتية خالصة لاصله لها بالواقع ولا بالموضوع . وبذلك أضحى – وهو الذي ينعى على الأوهام الذاتيةويدعو إلى الوضعية – مثالا واضحا أو نموذجا فاضحا لهؤلاء الذين يعيشون أسرى الأوهامالذاتية من جانب ثم يصدرون في فكرهم عن أبحاث نظرية لا صله لها بالواقع أو الموضوعمن جانب آخر ،وبذلك فقد الفيلسوف مصداقيته من اللبنة الأولى للنظرية التي أقامعليها فلسفته .
      وقد وقع الفيلسوف في هذه المناقضة الواضحة بين ما يدعو إليهوالحقيقة التي هو عليها فعلا حين أقام نظريته في قانون التقدم الإنساني الذي أطلقعليه " قانون الحالات الثلاث" على فكر نظري خيالي بحت ، دون أن يعنى بدراسةالمجتمعات الإنسانية في بيئاتها المختلفة ، وأقاليمها المتعددة . ودون أن يعطيالحضارات الدينية والوحي الإلهي لدى المتدينين حقه من حيث البحث والنظر والتحليلوالتحقق . كما سيتضح لنا في الفقرات التالية من النقد – بحول بحول الله تعالى ..
      2- ينظر " كونت " إلى المجتمعات الإنسانية على أنها بناء واحد ذو لبناتمتماثلة ، أو أنها كلٌ لا يتجزأ ، وأن تطورها وتقدمها يخضع لقانون واحد ونمط معينلا يختلف ، بينما الواقع يكذب الذي ذهب إليه الرجل ، ويبين أن المجتمعات تختلفاختلافا بينا في أنماطها الحياتية وأساليبها المعيشية ومستوياتها الثقافيةوالحضارية مما يجعل إخضاعها جميعها لقانون واحد في التقدم أو التطور أمرا بعيدا عنالواقع والموضوع ويجعل ذلك وهما ذاتيا أو افتراضا خياليا لا يمت للواقع بصلة .
      3- مما يؤكد ما قلنا أن الحالات الثلاث التي ذكرها الرجل وأقام عليها نظريتهلا تبدو متعاقبة في المجتمعات الإنسانية كما ذكرها بل تختلف المجتمعات فيما بينهامن حيث مرورها بهذه الحالات الثلاث ، ومن حيث ترتيبها – إن هي وردت - ؛ فبعضالمجتمعات يسير فيها الفهم العلمي للظواهر والأشياء متساويا مع الالتزام الديني أياكان حظ الدين من الحق أو الباطل ، وذلك كالغرب النصراني ، أو الشرق الهندوسي . وبعضها يسير الفهم العلمي بعيدا عن الدين كما كان الحال في روسيا الشيوعية قبل أنتسقط الشيوعية وترمى في مزابل التاريخ .
      فالحالة الوضعية – كما يسميها الفيلسوفلم تأت على أنقاض الحالة اللاهوتية بل صاحبتها في جملة المجتمعات الإنسانية عداالمجتمعات الشيوعية التي ما إن زالت الشيوعية عنها حتى عادت إلى ما أسماه الفيلسوف " الحالة اللاهوتية " وعاد الناس كلُ ذي دين إلى دينه .
      4- وحتى الحالةاللاهوتية - كما أسماها الرجل – لا تسير في نفس المراحل الثلاث التي ذكرها . فلمتبدأ الإنسانية في جميع المجتمعات بالتعدد ثم تنتهي جميعها بالتوحيد . بل هناكمجتمعات تقدمت في مسيرتها العلمية – أو الوضعية – وهي مازالت متمسكة بدينها الوثنيالقائم على التعدد ، كما في الهند واليابان وما يماثلها
      5- وفيما يتصل بالمراحلالثلاث التي ذكرها الرجل للحالة اللاهوتية فإن الرجل عكس الأوضاع وقلب الحقائق حينزعم أن التعدد هو الأصل وأن التوحيد طارئ في آخر المراحل .
      فالحق الذي ندين به ،بل ويدين به أصحاب الدينين الكتابيين " اليهود والنصارى" أن التوحيد هو الأصل وهوالصورة الأولى للدين في تاريخ البشرية ، فنحن نؤمن بأن أبا البشر آدم عليه السلامقد خلقه الله – تعالى –وأهبطه إلى الأرض نبيا ، فهو – عليه السلام – أول الأنبياء ،وهو أول البشر ، والدين الذي جاء به هو دين التوحيد لله رب العالمين ، لا شريك له ،وعلى دين آدم عليه السلام كان أولاده ولم يحدث التعدد والوثنية إلا من بعد نوح عليهالسلام .
      فالتوحيد – إذن – هو أصل الدين في الإنسانية والتعدد هو الطارئ الذيجاء بعد التوحيد . على هذا عقيدتنا وكذلك يعتقد اليهود ، ويعتقد النصارى.
      وإذاكان ذلك ، فمن أين وقع الخلط عند الفيلسوف ؟ وما منشؤه ؟ إن الفيلسوف وقع في هذاالخطأ وفي جميع الأخطاء التي شاعت في فلسفته كلها فلم تترك فيها شذرة واحدة من فكرالرجل إلا وهي بينة الخطأ واضحة الفساد ، نقول إنه وقع في ذلك الخطأ وهذه الأضاليلبسبب إلحاده وكفره بالدين النصراني ، وبالأديان جميعها بعامة ، وليس ضلاله هو نوعيةالدين الذي يكفر به ، فدينه النصراني باطل ـ لكن رغم بطلانه كان أفضل من إلحادالرجل وضلاله الذي يجعله يرى أن الأديان كلها فاسدة ، وأنها ظاهرة اجتماعية لا أصللها ، كما أنها من أوهام الذات وأساطير المجتمع لا صله لها بالواقع ، ومن هنا أقامالرجل فلسفته على هذا الأساس الذي يرى أن جميع الأديان باطلة وأنها من أوهام الذات, واختراع الإنسان .
      6- ومن أسباب ضلال الرجل أنه وجد في وقت وزمان كان الناس فيحالة افتتان بالعلم وانصراف عن الدين. إذ من المعلوم أن القرون الميلادية : السابععشر والثامن عشر والتاسع عشر كانت كلها قرون افتتان الناس بالعلم, وانتشار الفلسفاتوالنظريات الإلحادية, وكان الرجل في هذا ابن بيئته وزمانه ومجتمعه, فكان ملحداًشديد الإلحاد, مفتوناً أشد ما يكون الافتتان بالعلم المادي وطرائقه من الملاحظةوالتجربة والفروض والقوانين وغير ذلك. وقد ظن الرجل- كما ظن معاصروه – أن الدين إلىزوال وأفول, وأن الإلحاد إلى انتشار وشمول, ولكن الذي حدث إنما كان على عكس ما توقعالرجل ومتابعوه على " وضعيته ".
      فإنه من بدايات القرن العشرين بدأ الناس يثوبونإلى أديانهم, كل إلى دينه, وبدأت مسيرة الإلحاد تبطئ وتتلاشى تدريجياً, حتى عادالأمر طبيعيا, وبدأت – مساوقة للعودة إلى الدين – الكثير من أصوت الماديين تختفي أوتضعف.
      7- وفي ختام نقدنا فلسفة " كونت" الوضعية, أو الفلسفة الوضعية ممثلة فيشخص أول من نظّر لها وقعّد لمبادئها. نستطيع أن نبين بوضوح أهم ما وقع فيه الرجلومشايعوه من أخطاء كانت السبب في فساد فكرهم, وأفول فلسفتهم, وأهم ذلك كله خطآنكبيران :
      الأول : أن الرجل لم يدرس المجتمعات البشرية كلها, بل ولا الكثرة منها, بل اكتفى بدراسة أحوال المجتمعات الغربية, وبخاصة المجتمع الفرنسي في زمانه, الذيكان يشيع فيه الإلحاد والمادية, فوضع نظريته بناء على دراسته هذا المجتمع, وطبقنظريته على المجتمعات الإنسانية جميعها, ظانا أنها كلها صورة للمجتمع الذي درسه. وهذا خطأ فاحش, ومنهج فاسد أدى إلى فساد النظرية- كما أشرنا قبلا-.
      الثاني :أنالرجل كما اقتصر على دراسة مجتمع واحد ثم عممه على جميع المجتمعات, كذلك اقتصر علىدراسة فترة زمنية معينة, وظن أن ما يجري في هذه الفترة الزمنية هو المقياس والمثاللجميع ما يجد من عصور وظروف وملابسات, وأن ما عاصره من ظواهر اجتماعية في بلدهومجتمعه وفي نهاية الفترة سوف يكون هو بعينه في كل الأزمان والعصور التي تجد حتىنهاية الدنيا. ولكن لو طال بالرجل العمر بضعة عقود فقط لرأى وعاش فشل جميع آرائهونظرياته.
      فالرجل أخطأ كثيراً, لكن كانت أقبح أخطائه أنه وضع نظرياته وآراءهلمجتمع واحد من المجتمعات البشرية, ولفترة زمانية معينة من تاريخ هذا المجتمع ؛فكانت آراؤه فاسدة, وجميع نظرياته فاشلة.

      خامساً : دين الإنسانية :
      1-أشرنا فيما سبق إلى أن " أوجست كونت" رأى أن الأديان لاحقيقة لها ولا صلة لها بالواقع, وأنها من الأوهام الذاتية, والأساطير الجماعية التياخترعتها الاجتماعية تحت ظروف معينة, لكن الفيلسوف لاحظ في الوقت نفسه أن الدين- أيدين- يمثل ضرورة اجتماعية ملحة, حيث هو من أهم العوامل التي تؤدي إلى تماسك أفرادالمجتمع واستقرارهم نفسياً واجتماعياً, كما أن الدين يمثل الأساس المتين الذي تقومعليه العلاقات بين الأفراد, ويعتمد عليه التوازن الاجتماعي على مستوى الفردوالجماعة.

      من هنا نري أن " كونت" قد وقع بين أمرين متعارضين :
      أولهما : أن الدين بكل صوره وأشكاله المعروفة للناس وبخاصة النصرانية التي كان يدين بهاباطل, وأنه خيال ووهم من أوهام الذات- وكما يراه أيضاً جمهرة الفلاسفة المعاصرين لهوالسابقين عليه-. ومن ثم يجب الانصراف عنه, وبيان بطلانه للناس, وتوضيح زيفه للجميعحتى يتم إنقاذ المجتمعات من زيفه وضلاله.
      ثانيهما : أن الفيلسوف لاحظ- أيضاً- أنالدين وإن كان وهماً وخيالاً لا حقيقة له, إلا أنه نافع للإنسانية, وعامل هام منعوامل استقرار المجتمع أفراداً وجماعات, وكذلك رأى أن الدين يحد من انتشار الأنانيةوالأثرة والانحلال في المجتمعات, ويعمل على توازن الفرد وتماسكه نفسياً واجتماعياً. ومن ثم فإن القضاء على الدين قضاء على كل هذه المنافع, ونشر لما يقابلها من مفاسدومضار.
      وهنا يأتي سؤال : ماذا يفعل " كونت " إزاء هذه المعضلة ؟ وكيف يحل هذاالإشكال؟
      لقد توصل " كونت " إلى حل لهذه المشكلة, وهذا الحل يحقق بهالأمرين:
      1-يبطل به الأديان الوهمية الخرافية – كما يزعم- ويصرف الناسعنها.
      2-وفي نفس الوقت يضمن للمجتمعات ويوفر لها جميع المنافع التي كان الدينيحققها لتلك المجتمعات .

      أما كيف ذلك ؟
      إن ذلكيتحقق- فيما رأى الفيلسوف- بإلغاء الأديان التي يدين الناس بها بكافة أشكالها, وبخاصة النصرانية, لأنها أديان خرافية وهمية من جانب, ولأنها تقوم على الإيمانبالغيب, والغيب في نظر الرجل هو أخطر خرافات الدين التي تزيف الواقع وتفسد العقلالإنساني وتضلله .
      ثم بعد أن ألغى الرجل الأديان التي يدين بها الناس, أقامبديلا منها ديناً جديداً من اختراعه هو. وأهم ما يميز هذا الدين أنه لا يقوم علىالغيب ولا يحتوي شيئاً منه, ذلك أن الإله المعبود في هذا الدين إله مشاهد محسوس. ذلك هو ما أسماه الرجل : " دين الإنسانية ". فما هذا الدين ؟
      رأى " كونت " أنالتدين خصيصة النوع الإنساني, وأن جميع أفراد المجتمع تتوحد حوله, وتجتمع عليه, وترى نفسها فيه. وحينما فكر الرجل في اختراع دين جديد أخذ يبحث عن الإله الذي يضعهلدينه. فهداه تفكيره إلى " الإنسانية ".
      ولماذا الإنسانية؟
      لقد رأى الرجل أن الإنسانية هي أعظم شيئ في الوجود يستحق التقديروالإعجاب والإكبار. كذلك فالإنسانية – كما يراها- حقيقة ممتدة من الماضي البعيد إلىالحاضر, ثم هي تنتقل عبر الحاضر إلى المستقبل, ووجود الإنسانية وجود مادي حسيمشاهد, ليس هذا فحسب, بل كل فرد من أفرادها يشارك في صنعها وفي وجودها وتحققها حتىالفيلسوف ومعاصروه .
      فليست الإنسانية قصراً على الماضي, بل هي ممتدة من الماضيالذي يؤثر في الحاضر ويوجهه, ويعطيه الخبرات والتجارب, بل إن تأثير الماضي أقوى منتأثير الحاضر في مسيرة الإنسان الخلقية والعقلية والمادية. إن آثار السابقين أقوىمن آثار الحاضرين. والرجل يخلص من كل ذلك الحديث عن الماضي إلى أن الأموات الماضينمن الإنسانية أحياء بآثارهم في المجتمع الحاضر أقوى من الأحياء أنفسهم.
      ماذايريد الرجل أن يقول من كل حديثه عن الإنسانية الماضية ؟ إنه يريد أن يؤكد على أنمعبوده في دينه الجديد الذي هو الإنسانية معبود حي مؤثر فاعل, فإذا جعلها معبوداًفهو يعبد حياً وليس ميتاً ، حتى ولو كان المعبود هم أفراد الإنسان الذين مضواوهلكوا وانتهى وجودهم .
      وهنا لا بد أن يرد على فكرنا تلك المرأة التي عشقها" كونت " ثم لما ماتت أصيب بالجنون وحاول الانتحار,- وليت محاولته نجحت إذن لا سترحنامن غثائه وضلالاته- ثم كان الرجل فيما بعد يزعم آنها تأتيه وتوجهه وتلهمهأفكاره.
      ويبين الفيلسوف لماذا اختار الإنسانية؟ لأنها صاحبة الفضل على الإنسانفي كل شيئ. فكل فرد مدين للإنسانية بوجوده, لأن والديه هما اللذان أوجداه, ولا شيئآخر, ولأن رخاءه وثراءه من والديه وأقاربه الذين ذهبوا لأنه وارثهم من بعدهم, كذلكهم الذين ربوه وعلموه. . وهكذا يعظم الرجل شأن الإنسانية وأفرادها الماضين, ويخلععليهم ما لله من فضل ونعم على الإنسان.
      إن الرجل يقرر أن الأمر سوف يبدو غريباًفي البداية, ولكن علينا أن نعلم الناس كيف يتحولون بأفكارهم ومشاعرهم تجاه الإلهالجديد الحقيقي الموضوعي بدلاً من آلهة الوهم والخيال . إن الإنسانية هي " الموجودالحقيقي الأعظم " وهو الأوحد المستحق للعبادة ، ولا يوجد سواه. هكذا زعم الرجل عليهمن الله ما يستحق-.
      2- المعبود في الدين الجديد :
      بعد أن أوضح الرجل دينهالجديد الذي جعله بديلاً عن أديان العلم أخذ يوضح تفاصيل هذا الدين ؛ فبدأ بإلههالمقترح, أي المعبود في دينه ، فبين أن الإله يتكون من ثلاثة أشياء. لقد رأى الرجلأن " الإنسانية " التي هي المعبود الأعظم لا تعيش معلقة في فراغ, بل هي تعيش علىالأرض, وتسبح في الهواء وتظلها السماء. فصاغ المعبود في دينه الجديد من هؤلاءالثلاثة: الإنسانية- الأرض- السماء والهواء.
      وقد وضع لكل من الثلاثة اسماً خاصاًبه؛ فصار معبوده مكوناً من :
      أ-الموجود الأعظم. ويقصد به الإنسانية .
      ب-الفتش الأعظم. ويقصد به الأرض .
      ت-الوسط الأعظم. ويقصد به السماءوالهواء .
      هذا معبود الرجل. ثالوث مقدس. ويتضح- بداهة- تأثر الرجل بدينه: النصرانية. وسوف يتضح هذا التأثر في جوانب أخرى كثيرة تتمثل في جميع طقوس الديانةالجديدة المخترعة.

      3- أنواع العبادة في الدين الجديد :
      لقد قسم " كونت " العبادة في دينه الجديد إلى نوعين :
      أ-عبادة فردية . وفيها يتوجه الفردبالعبادة والتقديس إلى ما يخصه هو- شخصياً-, أو ما يتصل بشخصه ممن لهم فضل عليه, مثل أبيه وأمه, أو أحد أساتذته ممن لهم فضل خاص عليه, أو زعيمه السياسي, أو يتجهإلى قبيلته أو أسرته. فيتوجه إلى هؤلاء أو بعضهم بالعبادة تكريماً للإنسانيةالموجود الأعظم في أشخاص هؤلاء.
      ب-عبادة مشتركة. وفيها يتوجه الناس جميعاً بشكلجماهيري جماعي, وفي أيام معينة يطلق عليها الرجل اسم " أعياداً تذكارية" يتوجهونفيها بالعبادة إلى هؤلاء الأفراد الذين قدموا خدمات للإنسانية كلها, وامتازوا بالجدوالاجتهاد في تقدم الإنسانية في كافة المجالات العلمية الاقتصادية والفنية وغيرها. وفي هذه الأعياد يُعبد هؤلاء الأشخاص ويقدسون تكريماً للإنسانية التي يمثلونها .
      4- الهيئة الإكليريكية- رجال الدين الجديد -
      ولأن كل دين لا بد له من رجالدين يُعرفون الناس بدينهم ويرشدونهم فإن " كونت " أنشأ هيئة دينية عليا " إكليريكية " جعل مهمتها الإشراف على شئون الديانة الجديدة, والدعوة إليها, وتوضيح طقوسالعبادة فيها.وفي هذه الهيئة- أيضاً- نصطدم بتأثير التثليث النصراني في الرجل. حيثجعل هذه الهيئة مكونة ومنتخبة من ثلاث فئات, هم : الفلاسفة- الشعراء- الأطباء
      5-طبقات المجتمع في الدين الجديد :
      مثل " كونت " الإنسانية المعبودةبكائن أعظم يتمثل في المجتمع كله بجميع طوائفه. وجعل لهذا المجتمع من الأعضاءوالحاجات مثل ما للإنسان المفرد الحقيقي . ومن ثم فقد قسم المجتمع إلى أربعطبقات:
      أ- طبقة " الإكليريك " أو رجال الدين. وجعل منزلتهم من المجتمع منزلةالرأس المفكر, والعقل المدبر من الإنسان الفرد الحقيقي.
      ب - طبقة النساء. وهن فيالمجتمع بمثابة أعضاء العاطفة والمشاعر والوجدانات في الفرد الحقيقي .
      ج - طبقةرجال الصناعة والمال. وهم في المجتمع بمثابة أعضاء التغذية والنمو في الفرد .
      د - طبقة العمال :وهم بمثابة أعضاء الحركةوالنشاط الإنتاجي في الفرد .

      تعليق على الدين الجديد :
      لم أشأ أن أكتب العنوان : " نقدالديانة الإنسانية " لأن نقد شيئ ما يتطلب بالضرورة أن يكون هذا الشيء قد حصل الحدالأدنى من الفكر المعتبر, والفهم المتزن, والمعالجة المقبولة لدى عامة العقلاء. وإلا ؛ فإنه لا يكون أهلاً للنقد, ولا مستحقاً لبذل الوقت ولإضاعة الجهد.
      وهذاالذي كتبه الرجل" كونت " حول ما أسماه" ديناً" أو " دين الإنسانية" غثاء يعلو عليهالغثاء, وعبث وتفاهة يسمو عليه العبث وتكبر عنه التفاهة. أعني أن كثيراً مما يُطلقعليه غثاء وعبث وتفاهة أعلى وأكثر احتراماً واعتباراً من فكر الرجل. ومن ثم كانفكره هذا لا يستحق أن ينقد, لأنه ليس فيه ما ينقد . ثم إن النقد في ذاته عمل عقلي , وجهد فكرى, وفكر الرجل ومشروعه الذي طرحه عن دينه إزراء بالعقل, وإهانة للفكر, وازدراء بأدنى مستويات المنطق السليم ؛ لذلك آثرت أن أجعل ذلك " تعليقا" على كلامالرجل عن دينه المقترح ، وتعليقي على كلامه عن دينه إنما هو تنبيه إلى تناقضاتواضحة في فكره, وأكاذيب بينة في دعاواه, وسأشير إلى ذلك- بحول الله- دون إطالة فيأمور محددة :
      1-أول الأخطاء التي ارتكبها الرجل : محاولته اختراع دين من عنده ،بدلاً عن دين يدين به المجتمع. فقد جهل الرجل أن الأديان لا تقترح ولا تطرح علىالناس كما تطرح أي فكرة أو رأي أو مشروع .
      2-ثاني الأخطاء التي ارتكبها الرجليتمثل في طرحه ديناً خالياً من " الغيب " ليس فيه غيب أو أمور غيبية. وقد غفلالرجل- جهلا منه وحمقاً - عن أن الدين من حيث كونه ديناً لا يمكن أن يقوم إلا علىالغيب. حتى الأديان التي تعتمد عبادة الأشخاص أو الأوثان المادية المحسوسة لاتستقيم عبادتها إلا على اعتقاد معتنقيها قوي غيبية تحل في هؤلاء الأشخاص أوالأوثان. وإلا ؛فكيف يصير الإنسان إلها عند عابدي الأشخاص وهو على حاله دون اتصالهبقوى غيبية, وامتلاكه إمكانات لا يمتلكها غيره ؟
      3-زعم الرجل بأنه كفربالنصرانية ديناً, وأنه يعارضها ويرفضها ويريد تخليص الناس منها. هذا الزعم كيفنصدقه؟ وقد بان لنا من النظام الذي أقام عليه دينه أنه اختار جميع ما فيه من الأصولعلى غرار النصرانية, حتى إن دينه الجديد كأنه صورة من النصرانية مع نوع من التحريف. ويتضح هذا من الإله الذي صنعه لدينه, إنه ثالوث يتكون من : الموجود الأعظم " الإنسانية " والفتش الأعظم " الأرض ", والوسط الأعظم " السماء والهواء". أليست هذهعودة إلى النصرانية. أو الثالوث النصراني في شكل جديد؟! ثم شيئ آخر يوضح تأثر الرجلبالنصرانية ، وإصراره على أن يكون دينه الجديد صورة مشوهة من النصرانية التي زعمأنه كفر بها ، إنها الهيئة المشرفة على الديانة الجديدة, أو رجال الدين في دينه. إنالرجل جعل هذه الهيئة ثلاثية أيضاً, لا ثنائية ولا رباعية, فجعلها من: الفلاسفة, الشعراء, والأطباء.
      بان لنا أن الرجل ترك النصرانية من الباب علانية, وعاد إليهامن النافذة خفية . ويأتي السؤال :هل تعمد الرجل جعل دينه الجديد مشابهاً هذهالمشابهة الجوهرية بالدين النصراني نتيجة تأثره بالنصرانية, وأنها تعيش داخله دونشعور منه ؟ أم أن هذه خطة من الرجل ليجتذب الجماهير النصرانية التي تعودت التثليثالنصراني, فلكي يجتذبهم إلى دينه الجديد, ويرغبهم فيه, ويجعل النقلة من دينهمالنصراني إلى الدين الجديد يسيرة وسهلة وممكنة؟ يبدو أن الاحتمال الثاني هو الأرجح, بل هو الصواب. فإن الرجل كفر بالنصرانية من بداية شبابه ، وصعب أن يكون لها ذلكالتأثير بعد تلك السنين الطوال التي عاشها الرجل كافرا بالنصرانية وبكل الأديان- عليه من الله ما يستحق-.

      سادساً : موقف المجتمعات الغربيةمن الدين الجديد :
      لقد وجدت آراء " كونت " في دينه المخترع- رغم غرابتها- صدى وقبولاً لدى بعض الطوائف في المجتمعات الغربية النصرانية ، وكان هؤلاء – بطبيعةالحال - من الناقمين على النصرانية ورجالها الرافضين لعقائدها وأضاليلها. وقد تحمسلها الكثيرون, ليس لكونها مقبولة أو معقولة, لكن لأن قبولها كان يمثل بالنسبة إليهمصورة من صور الاعتراض والرفض للدين النصراني, والازدراء والاحتقار لرجاله. ومن هناوبهذا الاعتبار- وجدت الديانة الجديدة أتباعاً لها في فرنسا وإنجلترا,وأمريكاشمالها وجنوبها, والسويد, وألمانيا,وغيرها.. وقد بدأ أتباع الديانة الجديدة عمليين, فأنشأوا لها المعابد, وعينوا لها رجالها وكهانها, وقد اخترعوا لديانتهم هذه شعاراًتعرف به ؛ فاختاروا لها: " المحبة- النظام- التقدم" . وهو شعار تثليثي أيضاًليجذبوا إليهم أتباع النصرانية .لكن بمرور الوقت فقدت الديانة بريقها, وبدأالاهتمام بها يقل, والإقبال عليها يضعف, حتى انتهي شأنها تماماً, ولم يعد لها ذكرإلا في إطار السرد التاريخي للأفكار الساقطة التي شغلت بعض الناس زمناً ثم احتلتمكانها في مزابل التاريخ .
      والذي يجب التنبيه إليه أن الإقبال على هذه الديانةالفاسدة من البعض لم يكن للديانة نفسها, ولكن كان من أجل إظهار وإعلان النقمة علىالنصرانية ديناً ورجال دين, وأن اهتمامهم بها بعض الوقت إنما كان أملا في أن تقضيعلى النصرانية, لكن حين أفاؤا إلى أنفسهم أدركوا أنها مجرد غثاء لا يصلح لشيء ؛فانصرفوا عنها إلى الأبد , لكنهم لم ينصرفوا عن الدافع الذي دفعهم إليها وهو نقمتهمعلى النصرانية ورجالها .
    • غريبه حال هذه الدنيا نزلنا مواضيع ترفيهيه قالوا انته مسخره وانته فاضى وانته ماجدى

      نزلنا مواضيع قيمة عن علماء الاجتماع وبعض المشاكل فى المجتمع العمانى ماحد رد

      عبرنا عن وجهات النظر بصراحه قالوا مازين تشهر بالناس ؟؟؟؟

      ((الله يساعد ))
      علمتني الحيــــــــــــــــــــــــاهـ لقد علمتني الحياه ... ان من يحب بصدق لايستطيع ان يكره علمتني ... ان قساوتها علينا تصنع منا علماء و حكماء علمتني ... ان الطيبه الزائده كالسيل الجارف قد تعودعليك بما يسيء لك علمتني ... ان الابتسامه مفتاح لدخول القلب فاذا دخلت قلوب البشر فانت موجود بين الناس علمتني ... انا مهما كبرنا فيها نظل اطفالا ,نبكي نحتاج الى عطف وحنان علمتني... ان هناك اشياء تحتاج للاشهار واشياء تبوح بها لبعض الاشخاص واشياء لاتخبرها احدا علمتني... ان لااظهر ضعفي وان استمد منه قوتي وان كنت احمل بين جنبي هموم الدنيا باجمعها علمتني ... ايضا ان لااطلب من الاشواك ان تفوح بالعطور ولااطلب من الصحراء ان تنبت بالزهور ولامن فاقد الاحساس ان يهتم بالشعور
    • اميل دوركايم


      فيلسوف و عالم اجتماع فرنسي. يعتبر أحد مؤسسي علم الاجتماع الحديث, وقد وضع لهذا العلم منهجية مستقلة تقوم على النظرية والتجريب في آن معا. أبرز آثاره <في تقسيم العمل الاجتماعي> De la division du travail social (عام 1893), و <قواعد المنهج الصوصيولوجي>

      |a

      ولد إميل دوركايم سنة 1858 بمدينة إبينال بفرنسا حيث نشأ في عائلة من الحاخامين. وكان تلميذًا بارعًا وما لبث أن التحق بـمدرسة الأساتذة العليا (وهي من أفضل مؤسسات التعليم العالي في فرنسا.) سنة 1879 حيث احتكّ ببعض شبان فرنسا الواعدين مثل جان جوريس أو هنري برغسون غير أن الأجواء بالمدرسة لم تعجبه فالتجأ إلى الكتب ليتجاوز الفلسفة السطحية (في نظره ) التي كان يدين بها رفاقه. هكذا اكتشف أوغست كونت الذي أثرت مؤلفاته عليه تأثيرًا عميقًا فاستقى منها مشروع تكريس علم الاجتماع كعلم مستقل قائم بذاته يهدف إلى كشف القواعد التي تخضع لها تطورات المجتمع. فنجد لهذا الاهتمام صدى في أعماله عن قواعد المنهج السوسيولوجي وعن الانتحار وعن التربية حيث تتجلى رغبته في أن يواجه المشاكل المختلفة بمناهج خاصة ومن منظور اجتماعي منزّه من إشكاليات العلوم الأخرى (الفلسفة والتاريخ مثلا) ومقارباتها. كان دركايم يكره التأملات الفلسفية العقيمة والعلم لأجل العلم فقط ولذلك ابتغى أن يجعل من علم الاجتماع علمًا يسلّط الضوء على آفات المجتمع ويستعان به لحلّ بعض مشاكله عن طريق تحسين العلاقات بين الفرد المجتمع. فلذلك أولى عناية كبرى للمشاكل التربوية إذ أن التربية تلعب دورًا أساسياً في اندماج الفرد في المجتمع. قد تفسر لنا هذه التصورات اهتمام دركهايم بمشاكل زمنه إذ أن اثنين من أهم كتبه تتناول الاضطرابات الاجتماعية المتولدة عن التصنيع المفاجئ والكثيف الذي انتاب مجتمعات عصره.

    • تحياتي لك

      مشكور اخي فلاطون على الموضوع الشيق الممتاز بس انت لو عارض الفكرة على الفيلسوف الكبير الاستاذ / محمد سالم الغيلاني ليعطيك وجهة نظرة ... ههههههههههههههههههههههههههههه

      اما عن اوجست كونت فقد قسم المجتمع على ثلاث مراحل :

      1.المرحلة القديمة : التي تتسم بالعادات القديمة
      2.المرحلة الوسطى : التي تتصف بالسكونية والثبات
      3.المرحلة الحديثة : او ما سماه اوجست كونت بفلسفة عصر التنوير

      لكن" كونت " حسب ما يرى أن البشرية نشأت بدائية ثم تدرجت نحو التقدم, وإنه- بناء على ذلك- وضع ما سماه " قانون الحالات الثلاث, أو التقدم الإنساني ". حيث إن البشرية مرت عبرتاريخها نحو التقدم بثلاث حالات أو مراحل :
      -الحالة الأولى: اللاهوتية
      -الحالة الثانية : الميتا فيزيقية
      -الحالة الثالثة : الوضعية او السكونية

      1.الحالة اللاهوتية :
      يرى " كونت " أن هذه الحالة أو المرحلة كانت البشرية تحاول فيها التعرف على ما حولها. وكان العقل الإنساني يبحث في هذه المرحلة عن كنه الأشياء, وحقيقة الظواهر, وكان يحاول إرجاع كل طائفة من الظواهر إلى علة أومبدأ مشترك. ويقرر "كونت " أن الإنسان في هذه الحالة اللاهوتية قد مر عبر ثلاث مراحل :
      1.المرحلة الفتشية
      2.مرحلة تعدد الالهة المفارقة اوالالة العلوية
      3. مرحلة التوحيد
      وقد رأى " كونت" أن من خصائص الحالة اللاهوتية وبخاصة في مرحلتها النهائية أن موضوعها مطلق وأن تفسيرها لظواهر والأحداث تعتمد " ما فوق الطبيعة " وأن منهجها خيالي وهمي ، وأن كل ما لدى أصحابها أمور ذاتية لا صله لها بالواقع أو الموضوع .

      2.الحالة الميتافيزيقية :
      وفي هذه الحالة يحاول العقل الإنساني – أيضا - أن يكتشف حقائق الأشياءوأصولها ومصائرها ولكنه في هذه الحالة بدلا من أن يبحث عن علل مفارقة للظواهر كما فعل في الحالة الأولى ، فإنه يرفض العلل المفارقة ، ويبحث عن علل وأهداف في ذات الأشياء وبواطن الظواهر ، ففي هذه المرحلة لا يرجع العقل الإنساني حقائق الظواهر أوالأحداث إلى علل مفارقة ، وإنما يرجعها إلى نظم وقوانين وأسباب داخل الأشياء ذاتها .
      ويرى الفيلسوف أن مسيرة العقل الإنساني ومنهجه في هذه الحالة إنما هي ضرب آخرمن أضرب الوهم والخيال، وأن ذلك ناتج عن أوهام الذات التي لا صله لها بالواقع .
      ويلاحظ الفيلسوف أن هذه الحالة الميتافيزيقية شبيهة بالحالة اللاهوتية من حيث موقف العقل الإنساني منهما . حيث بدأ الإنسان يعتقد في التعدد ثم انتهى بالتوحيد معاختلاف الموضوع في الحالة الميتافيزيقية عنه في الحالة اللاهوتية .
      ففي الحالةاللاهوتية اعتقد الإنسان في موجودات كثيرة ، ثم بدأ يرجع الظواهر إلى كائنات علوية مفارقة ، ثم انتهى به الأمر بتوحيد الكائنات المفارقة في كائن واحد . وهذه الكائنات المفارقة العلوية التي اجتمعت في واحد بعد ذلك كانت هي التي تتصرف في الأشياءوالظواهر.
      أما في الحالة الميتافيزيقية بدأ العقل الإنساني يبحث عن علل الأشياء والظواهر في الأشياء والظواهر نفسها ، وليس في كائنات علوية مفارقة . وقد بدأالإنسان في هذه المرحلة بالتعدد أيضا ، فأخذ يرجع العلل إلى قوى متعددة بتعددالظواهر مثل القوة المكيانيكية ، القوة الفيزيائية ، القوة الحيوية .. إلى غير ذلك من قوى متعددة ثم انتهى الأمر بالعقل الإنساني إلى توحيد هذه القوى المتعددة في قوةواحدة هي ( الطبيعة ) فالطبيعة أصبحت جامعة لكل القوى التي كانت متفرقة في الظواهروالأشياء .

      3.الحالة الوضعية :
      يرى " كونت" أن العقل الإنساني في المرحلتين السابقتين كان يعيش حالات من الأوهام الذاتية والخرافات المتوارثة التي لا صله لها بالواقع . ولذلك كان يتخبط من الحالة اللاهوتية بمراحلهاالثلاث ، ثم الحالة الميتافيزيقية ، لكن الأمر لا يستمر على ذلك بل أن العقل ينتقل من هذه الأوهام الذاتية إلى حقائق الحالة " الوضعية" .
      والعقل في هذه الحالةالثالثة التي أطلق عليها كونت " الوضعية" اي السكونية يتخلص في الواقع من أوهام اللاهوتيةوالميتافيزيقية ، ويدرك الأشياء على حقيقتها كما هي في الواقع والموضوع . ويرى الفيلسوف أن السبب في تخبط العقل في الحالتين السابقتين أنه كان يبحث في الأشياء عن حقائقها وعللها المطلقة لكنه أخيرا يدرك أنه من المستحيل الحصول على حقائق مطلقة يقينية فيقصر همه على الاهتمام بواقع الأشياء واستكشاف قوانين الظواهر من خلال واقعها المادي الوضعي القائم على الملاحظة والتجربة.
      تسلم ومشكور وما قصرت $
    • بنو عسعس

      مشكور اخوي افلاطون على هالموضوع ....

      بس لو تعطيه محمد العويسي ( قصدي روح البداوة شرقاوي) كان بيعقد اتفاق مع اوجست كونت على اساس يتنازل اوجست كونت عن نظريته لمحمد العويسي ...


      ههههههههههههههههههههههههههههههههههه

      تسلم افلاطوني