ندوة تعريفية وحلقة عمل في مسندم
حول قانون التوفيق والمصالحة
حول قانون التوفيق والمصالحة
[INDENT][INDENT]
نطمت وزارة العدل صباح أمس تحت رعاية سعادة الشيخ سعيد بن محمد البريكي محافظ مسندم ندوة «التوفيق والمصالحة كطريق لحل المنازعات المدنية والتجارية ومنازعات الأحوال الشخصية» وذلك بالقاعة الكبرى بالمجمع الشبابي الرياضي بخصب حضرها لفيف من أصحاب السعادة والقضاة وقادة الوحدات العسكرية وعدد من المواطنين.
حيث ألقيت محاضرتان الأولى لفضيلة الشيخ الدكتور يعقوب بن محمد السعيدي قاض بالمحكمة العليا رئيس المكتب الفني بعنوان أهمية التوفيق والمصالحة كطريق لحل المنازعات قال فيها انطلاقاً من اعتبار القاضي رجل الصلح والتصالح، أرى أنه من المفيد بل من الواجب أن نتساءل عن دور القاضي في الدفع بالطرفين لإبرامه؟ وأن نتوقف عند أهمية الصلح في إنهاء النزاعات. وما هي الإمكانيات التي يوفرها نظامنا القضائي لنشر قيم التوفيق والمصالحة وإشاعة ثقافة التسامح ومبادئ العدل والإنصاف في كل العلاقات بين أفراد المجتمع؟ امتثالاً لتعاليم ديننا الإسلامي الحنيف، واقتداء بسنة السلف الصالح، وبعثا وتجديدا لتراثنا القضائي التليد، وتقاليدنا العريقة الضاربة جذورها في أعماق التاريخ وأخيراً وفوق كل ذلك تفعيلاً للنصوص القانونية الشكلية والموضوعية منها التي تزخر بها الترسانة التشريعية العمانية.
ومن ثم ألقى فضيلة عاصم عبدالجبار قاض بالمحكمة العليا محاضرة بعنوان إجراءات عرض المنازعات على لجان التوفيق والمصالحة وأثارها ــ وفقــاً لقانــون التوفيــق والمصالحة قال فيها: الالتجاء إلى لجان التوفيق والمصالحة الواردة بالمرسوم السلطاني رقم 98/2005م بإصدار قانون التوفيق والمصالحة قد يغني عن الخصومة القضائية وأن كان لا يحول دونها، وذلك إن اختصاص لجان التوفيق والمصالحة لا يمس حق الخصوم في الالتجاء إلى قاضيهم الطبيعي، لأن اختصاص تلك اللجان لا يتضمن تعديلاً لاختصاص جهات القضاء ولا ينحيها عن مباشرة وظائفها، فضلاً عن أن اللجوء إلى هذه اللجان اختياري للخصوم وليس إجبارياً وتخلل المحاضرات النقاش بين الحضور.
وعقدت حلقة عمل تناولت مدى جواز انعقاد اللجنة حال غياب الرئيس أو وجود مانع لديه وخلصوا إلى ــ أنه وعملا بالمادة الثانية من القرار الوزاري رقم 303/2006 يحل محل رئيس اللجنة عند غيابه أو قيام مانع لديه، كما تم بحث حالة تنازل طالب الصلح عن طلبه قبل إتمام الصلح أو إذا حضر الخصم وطلب التنازل أو تغيبا ــ واتفق على أن تصدر اللجنة قراراً بعدم إتمام الصلح لسبب تنازل مقدم الطلب أو الخصمان أو بسبب الغياب (مراعاةً للمواعيد المنصوص عليها في المادة 17). التي نصت على سريان مواعيد انقطاع التقادم من اليوم التالي لتاريخ إتمام الصلح أو صدور قرار بعدم إتمامه ومن ثم حتى تسري هذه المواعيد فيجب صدور قرار بعدم إتمام الصلح أيًّا كان سببه سواء لعدم الحضور أو التنازل أو الرفض حتى لا تصبح مواعيد الانقطاع والتقادم سارية رغم صدور قرار بالحفظ، والنص صريح في المادة 14 على أنه إذا لم يحضر الأطراف يصدر قرار بعدم الصلح.
وناقشت الحلقة مسألة استعانة اللجنة بأهل الخبرة واتفق على أن اللجنة يمكنه الإستعانة بمن ترى أن في حضوره فائدة لاتمام الصلح، وتشير اللجنة بالمحضر إلى استعانتها بخبير أو استعانتها بمن رأت أن في حضوره مصلحة لإتمام الصلح وخلاصة رأيه أو ما انتهى إليه، لكنه لا يشترط أن يوقع الخبير أو من تمت الاستعانة به على محضر الصلح فيوقعه أطرافه ورئيس اللجنة ومن حضر جلسة الصلح من أعضاء اللجنة. وليس هناك مانع من الاستعانة بخبير بأجر إذا وافق طالب الصلح أو خصمه على الوفاء بأتعاب الخبير أو اتفقا على أن يتحملاها سويا شريطة أن تسدد الأتعاب كاملة قبل ندب الخبير.
كما طرحت الحلقة مسألة التوكيل بالحضور أمام اللجنة وماذا لو كان الخصم في طلب التوفيق والمصالحة شركة أو مؤسسة وانتهى الرأى إلى أنه ــ يجوز ذلك إذا كان الوكيل بيده توكيل يبيح الصلح والإبراء سواء كان الموكل شخصاً طبيعياً أو اعتبارياً.
واختتمت الحلقة أعمالها ببحث إمكانية نظر المنازعة التي سبق وأن صدر بشأنها حكمٌ قضائيٌ وكانت مما تقبل التغيير والتبديل بتغير دواعيها كالشأن في دعاوى النفقة فهل يجوز تقديم طلب الصلح لزيادة النفقة أو انقاصها؟ وخلصت إلى أن ــ كل ما يجوز إعادة طرحه على القضاء ابتداءً في المسائل المدنية والتجارية ومسائل الأحوال الشخصية يجوز تقديم طلب الصلح بشأنه؛ فإذا اصطلح على زيادة النفقة الثانية بحكم قضائي أعدت اللجنة محضراً يتضمن تفاصيل الصلح يجري تنفيذه بالطريقة التي تنفذ بها الأحكام القضائية النهائية لأن الحكم القضائي بالنفقة لا يحوز إلا حجية مؤقتة.
كما ناقشت الندوة المنازعات التي تحل عن طريق التوفيق والمصالحة عملا بالمادة الرابعة من قانون التوفيق والمصالحة فإن اختصاص اللجان شاملا للمنازعات المدنية والتجارية ومنازعات الأحوال الشخصية ويلاحظ أن اختصاص لجان التوفيق والمصالحة لا يمس حق الخصوم في الالتجاء إلى قاضيهم الطبيعي، لأن اختصاص تلك اللجان لا يتضمن تعديلاً لاختصاص جهات القضاء ولا ينحيها عن مباشرة وظائفها، فضلاً عن أن اللجوء إلى هذه اللجان اختياري للخصوم وليس اجبارياً وإن كان الصلح يتفق من حيث الأثر مع الحكم القضائي فالتوفيق هو محاولة فصل المنازعة بطريقة ودية قبل وصولها إلى القضاء ومن ثم فهو صلح ينحسم به أمر النزاع بين طرفيه والذي تكون محصلته أن يتنازل كل طرف من الأطراف المتنازعة عن جانب من حقوقه مقابل تنازل الطرف الآخر حتى يمكن الوصول إلى اتفاق يرتضيه المتنازعان دون ولوج ساحة القضاء. ويتفق التوفيق والمصالحة مع القضاء في أن ما تنتهي إليه لجنة التوفيق واجب التنفيذ بعد وضع الصيغة التنفيذية عليه ومن ثم فإن التوفيق يلتقي في النتيجة مع الحكم القضائي، وإذا كان قصر اختصاص صلاحيات لجان التوفيق والمصالحة على القضايا المدنية والتجارية والأحوال الشخصية يبدو مجالاً محدوداً في ثلاثة اختصاصات نوعية، إلا أن الممعن للنظر فيها يجد أن هذه القضايا هي أهم القضايا التي تواجه الإنسان أو المواطن في حياته اليومية، فالعلاقات اليومية التي يمكن أن تجمع فيما بين الأشخاص هي هذا النوع من المعاملات علماً أن في حقيقة الأمر كل مجال من هذه المجالات الثلاثة هو بمفرده مجال واسع وعريض جداً يشمل داخله عدداً مهماً من القضايا الحيوية المحورية ورغم الإشارة إلى هذا الاختصاص الواسع للجان التوفيق والمصالحة فلا ينبغي إغفال أن نظرها لهذه القضايا لا ينبغي أن يتعارض فيه مع ما هو مسند من اختصاص أصلي لباقي المحاكم وهذا ما نص عليه المشرع صراحة في المادة الأولى بالمرسوم السلطاني حينما أكد على أن تطبق أحكام هذا القانون في شأن التوفيق والمصالحة دون الإخلال باختصاص المحاكم أو غيرها بإجراء الصلح وفقاً لأحكام القوانين الأخرى.
ولم يفت المشرع العماني الحكيم أن تخصص مادة للاختصاص النوعي تتناول مجال اختصاص التوفيق والمصالحة، حيث معلوم أنها لجنة وليست جهازا قضائيا محضا، وبالتالي من المتصور ان تكون لها اختصاصات واضحة. وبالإضافة الى ذلك فاختصاصاتها محددة في ثلاثة مجالات لا أكثر، حيث ثمة العديد من القضايا الأخرى التي لم ير المشرع ضرورة النظر فيها من طرف هذه اللجان كالمنازعات الإدارية التى تختص بها محكمة القضاء الإداري والمسائل الجزائية ومنازعات العمل والعمال والمنازعات المتعلقة بتملك الأراضي، وهكذا يبدو أن المشرع يحدد مجال عمل اللجان أي مجال اختصاصاتها في اختصاصات ثلاثة: وهي القضايا المتعلقة بالمنازعات المدنية والمنازعات التجارية وكذا تلك المتعلقة بمسائل الأحوال الشخصية اذا اكتفينا بإطلالة أولية على القضايا التي تثور في المجال المدني فقط فان أهمها غالبا ما سوف لن يخرج عن النظرية العامة للعقد من أركان وشروط وخيارات تشوب لزوم العقد كخيار الشرط وخيار الرؤية وخيار التعيين وخيار العيب بالإضافة إلى آثار العقد على أطرافه وعلى الغير، وتفسير العقود وانحلالها، والمسؤولية العقدية والفرق بينهما وبين المسؤولية التقصيرية وآثار الالتزام وما ترتبه طرق التنفيذ بأنواعه الثلاثة: الاختياري وما يعادل الوفاء والجبري، وكذا الأوصاف المعدلة واستحالة تنفيذ العقود0
المصدر جريدة عُمان
[/INDENT][/INDENT]