جرائم غريبة تهاجم مجتمعنا:

    • جرائم غريبة تهاجم مجتمعنا:

      جرائم غريبة تهاجم مجتمعنا:
      الإنترنت واتساع الحرية والحظائر
      من أهم الأسباب


      طفحت على السطح في الفترة الأخيرة أنواع يمكن وصفها بالجديدة والغريبة من الجرائم على مجتمعنا البحريني كالاختطاف بهدف الاغتصاب والتهديد بالقتل واستخدام الأسلحة النارية وغيرها من الانماط التي تدق ناقوس الخطر بأهمية التصدي لها حتى إن كانت لاتزال محدودة العدد مما يفرض العمل على الحيلولة دون
      تطورها وانتشارها ومن هنا فإن تعاون المواطنين والمقيمين مع الأجهزة الأمنية بالإبلاغ عن أي حالات وممارسات غربية هو مطلب مهم من أجل القضاء على الجريمة قبل وقوعها. وقد أكد المدير العام للإدارة العامة للمباحث والأدلة الجنائية العميد فاروق المعاودة أن عدد الجرائم في المملكة انخفض من 29 ألفا و476 جريمة وقعت عام 2005 إلى 21 ألفا و461 جريمة في العام الماضي وقد أكد تعاون وتكاتف جهود المواطنين في المحافظات كافة وخاصة بعد وجود شرطة المجتمع التي تكامل دروها مع الأجهزة الأمنية. من جانبهم أكد المحامون أن هناك جرائم كالقتل مع سبق الإصرار والترصد تصل عقوبتها إلى الإعدام وقد نفذ هذا الحكم على بعض الجرائم البشعة التي ارتكبت مؤخرا فيما يطالب المواطنون بإيقاع اشد العقوبات على بعض الجرائم كالقتل والاغتصاب. وفيما يرى الباحثون الاجتماعيون محدودية تلك الجرائم لكنهم يدعون إلى التوقف عندها ومعرفة أسبابها ومعالجتها بصورة جذرية من خلال تعاون مؤسسات المجتمع المدني مع الأجهزة الأمنية ووضع الدراسات والحلول الناجعة حتى لا تكون تلك الجرائم ظاهرة يصعب القضاء عليها، فيما يقول البلديون ان وجود بعض حظائر تربية المواشي في أماكن مخفية نوعا ما له دور في ظهور بعض الجرائم. الانفتاح الإعلامي تقول رئيسة جمعية المحامين البحرينية المحامية جميلة سلمان ان ارتكاب جرائم جديدة وغريبة على المجتمع البحريني كجرائم الاختطاف والقتل سواء باستخدام السلاح أو السرقة بالإكراه وغيرها من الجرائم الخطرة إنما هي ناجمة عن الانفتاح الإعلامي الواسع وتطور وسائل الاتصالات، كما أن استخدام شبكة الانترنت قد ساهم في دخول جرائم جديدة على مجتمعنا البحريني. وتضيف: ان الانفتاح السياسي والديمقراطي واتساع الحريات العامة ساهما هما الآخران في إيصال فهم إلى البعض يتعلق بممارسة الحرية بشكل مغلوط مثل عدم احترام القانون ورجال الأمن وارتكاب مختلف الجرائم بدءا من البسيطة وصولا إلى الجرائم الخطرة كالقتل والاختطاف والاغتصاب والاعتداء على العرض. وتشير إلى أن وجود نسبة عالية من العمالة الوافدة له هو الآخر تأثير في ارتكاب جرائم القتل التي نلاحظ أنها أكثر انتشارا في أوساط تلك العمالة، إلى جانب ذلك فإن وجود أوكار الدعارة والمخدرات له تأثير في هذه الجرائم. وأضافت: انه في الوقت الذي نتحدث فيه عن دخول جرائم غريبة على المجتمع البحريني فإنه من المهم الإشارة إلى أن هناك جرائم كانت منتشرة في البحرين ولكن لا يتم إعلانها خاصة جرائم الاغتصاب والاعتداءات الجنسية ولاسيما إذا كانت الجلسات سرية لكن الذي استجد من جرائم هو الاختطاف والتهديد بالقتل. أما المحامي سامي سيادي فيطرح نقطة مهمة تتعلق بأهمية السرعة في اكتشاف الجرائم الخطرة مثل جريمة قتل (الشاخوري) التي لم تتوصل الأجهزة المختصة حتى الآن إلى الجاني، وتحديد الجهة المسئولة عن هذه الجريمة البشعة وخاصة أن جهاز الأمن وأدلة التحقيقات الجنائية لديها الكفاءة العالية في الكشف عن ملابساتها وظروفها وضبط مسرح الجريمة والقيام بإجراءات الاستدلال والتحقيق. أما بخصوص جرائم الاغتصاب، فيقول المحامي سامي سيادي، ان هذه الجرائم ليست جديدة على المجتمع البحريني ويقدم مرتكبوها إلى المحاكمة لنيل جزائهم القانوني ولكن الصحافة في الماضي غير مسموح لها بنشر تلك القضايا في الجرائد على عكس ما يحدث حاليا. ويضيف أن هناك تطورات جديدة دخلت في بعض الجرائم كالتي حدثت مؤخرا بالنسبة إلى بعض الصبية الذين تعرضوا للاختطاف بهدف الاعتداء الجنسي عليهم إذ تعرضوا للتهديد بالقتل كما أن الفاعلين قاموا بتجهيز مسرح الجريمة وإرهاب الأولاد بطريقة غير إنسانية تنم عن أن مرتكبيها هم أفراد أشرار. من جانبه يرى المحامي زكريا الحبيب أن وجود الحظائر في وسط الاحياء السكنية لها مخاطر كبيرة ومدمرة بالنسبة إلى فئة الشباب والمراهقين إذ يستغلها أصحاب الحظائر في إغواء الشباب بجلب نساء من الفنادق لممارسة الدعارة وتعاطي المخدرات، من هنا يجب إزالة تلك الحظائر وعدم سماح وزارة شئون البلديات والزراعة بإقامتها نظرا لما تشكله من مخاطر كبيرة على فئة الشباب ومستقبلهم وإبعادهم عن الوقوع في بؤر الفساد الأخلاقي والانحراف السلوكي. ويشير إلى أن انحراف الشباب والمراهقين وجنوحهم نحو ارتكاب مثل هذه الأفعال المخالفة للقانون مرتبط في الوقت نفسه بعدم احترامهم أوامر ذويهم والخروج عن طاعة الوالدين فيؤدي ذلك إلى ارتكاب المزيد من الجرائم التي يعاقب عليها القانون كالسرقة وتعاطي المخدرات وممارسة الدعارة وغيرها من الجرائم الخطرة. أما المحامي محمد السماهيجي فيرى أن هناك عدة عوامل تسهم في انتشار الجرائم الغريبة على المجتمع البحريني مثل انتشار العمالة الأجنبية بشكل كبير وواسع إلى جانب دخول فئات جديدة إلى المجتمع البحريني لا يتمتعون بمستوى تعليمي رفيع وهي عوامل مساعدة أيضا على ارتكاب الجرائم ودخول الغريب منها إلى المجتمع. ويضيف أن وجود الفقر والجهل والفراغ لدى الشباب وضعف الرقابة من جانب الأهل وترك الأولاد يخرجون مع رفاق السوء هي أيضا عوامل تدفع نحو الانحراف ومن ثم الجنوح نحو ارتكاب الجرائم الخطرة كالاعتداءات الجنسية والسرقة تحت الإكراه وتعاطي المخدرات. { هناك مآخذ على الأحكام القضائية بخصوص جرائم الاعتداءات الجنسية والاغتصاب والقتل إذ ان العقوبات لا تتناسب مع تلك الجرائم، فيختلف الحكم من قضية قتل إلى أخرى على سبيل المثال، فما هو رأي المحامين في ذلك؟ تقول المحامية جميلة سلمان ان لكل جريمة خصوصياتها وملابساتها الخاصة فهناك على سبيل المثال فارق كبير بين القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد وبين جريمة القتل الخطأ، فالحالتان تؤديان إلى وفاة المجني عليه، وهناك ظروف مخففة وظروف مشددة فيما يتعلق بالجرائم بما في ذلك جرائم القتل. القانون والأحكام المخففة وتضيف أنه في حالة الأعذار المخففة تتم مراعاة سن المتهم مثل الذي تجاوز الخامسة عشرة من العمر ولم يتم الثامنة عشرة وكذلك إذا ما كان هناك بواعث وغايات شريفة أو بناء على استفزاز خطر صدر عن المجني عليه من دون حق وأدى إلى ارتكاب الجريمة. وأوضحت أنه إذا توافر عذر مخفف في جناية عقوبتها الإعدام أنزلت العقوبة إلى السجن المؤقت أو الحبس مدة سنة على الأقل، فإن كانت عقوبة الجريمة هي السجن المؤبد أو المؤقت أنزلت عقوبة الجنحة وذلك ما لم ينص القانون على خلافه وفقا للمادة الـ71 من قانون العقوبات. وتشير إلى أن هناك ظروفا مشددة نصت عليها المادة الـ75 من قانون العقوبات، مثل ارتكاب الجريمة لبواعث دنيئة وارتكابها لعجز المجني عليه عن المقاومة وفي ظروف لا تمكن الغير من الدفاع عنه واتخاذ ظرف وحشية ارتكاب الجريمة أو التمثيل بالمجني عليه ووقوع الجريمة من موظف عام أثناء أو بسبب أو بمناسبة تأدية وظيفته ما لم يقرر القانون عقابا خاصا. أما المحامي سامي سيادي فيرى أن هناك ظروفا مخففة في كل قضية تستدعي من القاضي تخفيف العقوبة فإذا ما توافر في جناية ما مثل هذا الظرف فإن القاضي رأفة بالمتهم يخفف العقوبة، فإذا كانت العقوبة المقررة هي الإعدام جاز إنزالها إلى السجن المؤبد أو المؤقت وإن كانت عقوبة الجريمة هي السجن المؤبد جاز إنزالها إلى السجن المؤقت أو الحبس الذي لا يقل عن ستة أشهر وإن كانت عقوبتها السجن المؤقت لا يحكم القاضي بالحد الأقصى للعقوبة ويجوز له إنزالها إلى الحبس الذي لا يقل عن ثلاثة أشهر. ويشير على سبيل المثال إلى قضية ما عرف بـ «قاتل سار« فإن الحكم صدر بإعدام القاتل نتيجة وجود ظروف مشددة مثل القتل مع سبق الإصرار والترصد، بينما في قضية القتل في المحرق التي راح ضحيتها شاب باستخدام سلاح ناري في الجريمة حكمت المحكمة بالسجن المؤبد بسبب عدم وجود سبق الإصرار والترصد ومع ذلك فإن النيابة العامة استأنفت الحكم . ويعزز المحامي سامي سيادي رأيه بالمادة رقم 333 من قانون العقوبات التي تنص على أن «من قتل نفسا عمدا يعاقب بالسجن المؤبد أو المؤقت وتكون العقوبة الإعدام إذا وقع القتل مع الترصد أو مسبوقا بإصرار أو مقترنا أو مرتبطا بجريمة أخرى أو إذا وقع على أحد أصول الجاني أو على موظف عام أو مكلف بخدمة عامة أثناء أو بسبب أو بمناسبة تأديته وظيفته وخدمته أو إذا استعملت في الجريمة مادة سامة أو مفرقعة«. الظروف المخففة للعقوبة من جانبه يرى المحامي زكريا الحبيب أن جرائم الاغتصاب والاعتداء على العرض تختلف العقوبة فيها بحسب سن المجني عليه فعلى سبيل المثال فنحن نجد أن المادة رقم 344 من قانون العقوبات تنص على أنه «يعاقب بالسجن المؤبد من واقع أنثى بغير رضاها وتكون العقوبة الإعدام أو السجن المؤبد إذا كانت المجني عليها لم تتم السادسة عشرة من العمر ويفترض عدم رضا المجني عليها إذا لم تتم الرابعة عشرة من العمر«. ويضيف: انه إذا تم الاعتداء برضا المجني عليها فإن العقوبة تكون على حسب المادة رقم 345 من قانون العقوبات التي تقول «إنه يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على عشرين سنة من واقع أنثى أتمت الرابعة عشرة من العمر ولم تتم السادسة عشرة برضاها، ويعاقب بالحبس مدة لا تزيد على عشر سنوات من واقع أنثى أتمت السادسة عشرة من العمر ولم تتم الحادية والعشرين برضاها«. ويتفق المحامي محمد السماهيجي مع ما ذهب إليه زملاؤه من أن هناك ظرفا مشددا في كل الجرائم مثل جرائم الاعتداء على العرض، فالمادة رقم 348 من قانون العقوبات تقول «انه إذا كان الجاني من أصول المجني عليه أو المتولين تربيته أو ملاحظته أو من لهم سلطة عليه أو خادما عنده أو عند أحد من تقدم ذكرهم أو إذا كان الجاني من الموظفين العموميين أو مكلفين بخدمة عامة أو رجال الدين أو الأطباء أو معاونيهم...« على آخر ما نصت عليه المادة. واتفق المحامون فيما يتعلق بجرائم استخدام السلاح من دون ترخيص التي تعتبر من الجرائم الجديدة على المجتمع البحريني على أن يكون هناك تصد جاد لمثل هذه الجرائم كي لا تصبح من الجرائم الشائعة في المجتمع خاصة أن القانون يتحدث عن العقوبات في مواجهة الجرائم التي ترتكب باستخدام السلاح سواء جاء من مجموعة أو من قبل فرد واحد. فإذا وقعت الجريمة باستخدام هذا السلاح من مجموعة فإن العقوبة تنزل بحق جميع أفرادها مع عدم الإخلال بالعقوبة الأشد التي يستحقها من ساهم في الاعتداء أو أي عقوبة أخرى نص عليها القانون. وشدد المحامون على أهمية مراقبة جميع المنافذ سواء الموانئ البحرية أم الحدود البرية حيث يتم تهريب السلاح عبرها . { إن المعالجتين القانونية والأمنية لمختلف الجرائم يمكن القول عنهما إنهما متوافرتان ويظهر ذلك جليا من خلال المحاكمات التي تجرى للعديد من المتهمين المتورطين في قضايا مختلفة وتتحدث مواد القانون بجلاء وصراحة عن العقوبات الخاصة بمثل هذه الجرائم، ولكن وراء كل جريمة ليس بالضرورة دوافع شريرة فقد تكون هناك أسباب اجتماعية تؤدي إلى توافر عوامل تدفع بارتكاب الجريمة، لكن لا يعني أن توافر هذه الظروف يبرر ارتكاب الجريمة أيا كان نوعها، فما هي أسباب ظهور جرائم غريبة على المجتمع البحريني في الآونة الأخيرة مثل الاختطاف بهدف الاغتصاب أو استخدام الأسلحة النارية في جرائم القتل وغير ذلك؟ يقول الباحث الاجتماعي عضو جمعية الاجتماعيين البحرينية إبراهيم العلوي أعتقد أن الإجابة عن هذا السؤال تكمن في شقين: أولهما أهمية التوضيح أن مجتمعنا لايزال بخير لأن ما شهدناه من جرائم مؤخراً من قبيل الجريمة الأخيرة المتمثلة في الاختطاف الذي حدث لطفلين بهدف اغتصابهما وما سبقها من جريمة القتل بالسلاح الناري أو التي راح ضحيتها شابان في المحرق والشاخورة وفتاتان في سار ومدينة حمد وما سبق ذلك من جرائم متفرقة كالسطو على البنوك ومحال الصرافة صحيح أنها متنوعة ولكنها تبقى محدودة وتمثل بالنسبة الينا بمثابة ناقوس ينذرنا بأنه آن الأوان لإعادة النظر في الكثير من قضايا المجتمع وإعادة ترسيمها بعد دراستها وإلا سنواجه بنفق مظلم سيكون من الصعب اجتيازه بسهولة. تنوع الجرائم أما الشق الثاني المتعلق بما يشهده مجتمعنا الآن من مثل هذه الجرائم فلعل الإجابة عن هذا السؤال تطرح الكثير من علامات الاستفهام ومنها مثلا هل كان هناك مبرر لفكرة شرطة المجتمع ، وهل حدث تدهور مخيف في سلم القيم التي يتعايشها أفراد المجتمع ، وهل كان للتغيير الديموغرافي الذي حدث مؤخراً دور في ذلك ، وهل يمكن أن يكون لإفراطنا في جلب العمالة الأجنبية دور في هذا المجال وما يستتبعه من تزايد معدلات البطالة بأشكالها المتنوعة؟ وأكثر من ذلك أين تقف مؤسسات التنشئة الاجتماعية لدينا سواء الأسرة أو المدرسة أو المؤسسة الدينية من هذه المسألة؟ في الواقع عندما نبحث عن الأسباب فهي بالتأكيد ستكون متنوعة وبقدر الإجابة عن التساؤلات المطروحة إذ انه لا يمكن أن يحدث تغير في المجتمع إلا بتضافر العديد من المسببات المهيئة له التي غالبا ما تكون متداخلة ويصعب الفصل فيما بينها، وليس المهم هنا أن ندق الجرس ونتهرب من المواجهة فقط لأن ذلك سيؤدي حتما إلى ظهور ظواهر أخرى كامنة ولاتزال في طور تكوينها. { ولكن هل يمكن القضاء على ظاهرة الجريمة الخطرة في المجتمع باتخاذ أساليب أخرى غير الأسلوب الأمني الذي لا غنى عنه بالتأكيد؟ يقول الباحث الاجتماعي إبراهيم العلوي ان هذا السؤال يذكرني بالحدث الذي تم في شارع المعارض قبل سنتين ورد الفعل الذي صدر من قبل جهات عدة وللأسف كان من بينها المجلس التشريعي حيث الدعوة إلى الزيادة في الجُرَع «الجرعات« الأمنية وتطبيق القانون بصرامة، وللأمانة فقد كان لموقف جمعيتنا أي جمعية الاجتماعيين البحرينية المخالف لذلك صداه عند جلالة الملك حيث أفسح المجال لمعالجة البعد الاجتماعي للمسألة، ولذا فأنا أقول ان كان صحيحاً أن الحل الأمني مطلوب لأن التزام الجميع بالقانون هو مسألة موت أو حياة للمجتمع لأن فقد الأمن الاجتماعي يعني في النهاية موت للمجتمع ، ولكن ذلك طريق لا يمكن أن يشق بمفرده على الأقل بحسب الكثير من الشواهد التاريخية وبحسب الرؤية التي أصبح يطرحها اليوم من يوكل لهم تنفيذه . الحل الأمني والاجتماعي أعود أمانة لأنوه بموقف جمعيتنا حيث حاولت التنسيق مع وزارة الداخلية في مطلع 2006م لإقامة مؤتمر باسم الشراكة المجتمعية لمواجهة الجريمة وذلك اقتناعا منها بالموقف المعاصر الذي يؤكد الشراكة المجتمعية في مواجهة القضايا المجتمعية. وعلى ذلك أرى أن مواجهة الجريمة لا يمكن بأي حال أن تترك للبعد الأمني رغم أهميته إذ لا بد من مشاركة سائر فئات المجتمع وكل مؤسساته القائمة بعملية التربية والتنشئة فهي صاحبة القرار في ذلك بل انها هي المتضرر الأول منه، وذلك الأمر في اعتقادي يتطلب ألا نكون منفعلين بالمشكلة بل فاعلين خلال إجراء الدراسات العلمية التي تقف على الأسباب الحقيقية للجريمة وهو أمر بالمناسبة يدعونا إلى التعامل بشفافية مع هذه الجرائم حيث تكشف الحالات والأرقام للباحثين. نحن في الواقع بحاجة إلى مشاركة مجتمعية اوسع من قبل الأسرة والمدرسة والإعلام والمؤسسة الدينية. { إذا ما أخذنا كل ما ذكرته بعين الاعتبار فما هو إذًا دور الفراغ بين الشباب وهل لذلك علاقة بظهور مثل هذه الجرائم؟ لعلك بهذا السؤال تتلمسين عمق المشكلة - يقول إبراهيم العلوي- خاصة بالنظر إلى نوعية الجرائم التي تمت والفاعلين لها على الأقل مما يتوافر لنا من معلومات عنها، فالمعروف أن معظم الجرائم يكون مرتكبوها من فئة الشباب لأن النضج كما تعرفين عامل مقيد بدرجة معينة لارتكاب الجريمة، فالشباب الذين لا يجدون عملا ولا مكانا آمنا يفرغون فيه طاقتهم ماذا تتوقعين منهم؟ فهم ليسوا ملائكة إذ ان لهم العديد من الاحتياجات التي للأسف لم يوفرها المجتمع لهم ولديهم الوقت الكثير من الفراغ الذي لا يستغل فيما ينفعهم وينفع المجتمع بسبب قصور أو فقد الأجهزة المخصصة لذلك. التخطيط المستقبلي اعتقد أننا لا يمكن ان نتحدث عن بديل بل عن بدائل وأقولها بحسرة اننا وقفنا عليها منذ فترة ليست بالقصيرة عبر الدراسة التي أجريت حول احتياجات الشباب وأكثر من ذلك عبر الدراسة التي أجريت بعد حادثة شارع المعارض التي لم يؤخذ بنتائجهما وتوصياتهما ولانزال إلى اليوم نتكلم عن استراتيجية لقطاع الشباب وكأننا نبدأ من الصفر. اعتقد أننا بحاجة إلى التخطيط المستقبلي لقطاع الشباب واحتياجاته التي أشبعناها دراسة ولكن للأسف من دون تنفيذ. { يتحدث البعض عن وجود دور مؤثر تلعبه وسائل الإعلام في اتجاه الوعي العام ومع دخول شبكة الانترنت إلى حياتنا اليومية هل يمكن القول ان لهذه الوسائل تأثيرا فيما يحدث عندنا الآن؟ إن لم أكن اجزم - يقول محدثنا - فبالتأكيد لا يمكن بأي حال أن ننكر الدور الخطر الذي يلعبه الإعلام في ذلك حيث يمارس بعض الأجهزة الإعلامية أدوارا ابسط ما يقال عنها انها تربة مفرخة للعنف وذلك عندما تركز في النعرات الطائفية البغيضة التي تؤجج الصراعات داخل المجتمع وتكون أسبابا مهيئة للجريمة، ومن جانب اخر نجد أن ما يعرض عبر شاشات التلفاز والسينما من أفلام وبرامج تنمي لدى شبابنا نزعة العنف، كما أن بعض المنتديات المطروحة على شبكة الانترنت وبسبب فقد السيطرة عليها أو محاولة ترشيدها تؤجج لظاهرة العنف المؤدي أحيانا إلى الجريمة. { هل تعتقد أن للظروف الاقتصادية دورا في مثل هذه الظواهر والجرائم خاصة الجديدة منها؟ بكل تأكيد - يقول إبراهيم العلوي - فقد سبق ان تطرقت إلى الدور الذي يمكن أن تلعبه البطالة بين الشباب الذين هم في سن العمل في شيوع الجريمة فالشباب الذين لديهم العديد من الطموحات والاحتياجات التي يتجاهلها المجتمع، ماذا تتوقعين منهم ان لم يجدوا وسائل أخرى يتم عن طريقها على الأقل إما تأجيل إشباع مثل هذه الاحتياجات وإما إبدالها؟ هنا ستكون الجريمة متنفساً لهم أحيانا بلا وعي حقيقي نحو الإشباع. وللتأكيد فقط فان الجريمة لها أبعاد متعددة لا يمكن فصلها فهناك البعد الاجتماعي والبعد الشخصي والبعد القانوني والأمني ولعل من أكثرها أهمية البعد الاقتصادي. الحظائر مسئولة أيضا { يرى البعض أن وجود الحظائر الخاصة بتربية المواشي والحيوانات المختلفة توفر أماكن آمنة لارتكاب الجرائم أو التشجيع عليها، وقد سبق أن حذر بعض الأصوات البلدية من مخاطر هذه الأماكن خاصة الواقعة منها بالقرب أو في الأماكن السكنية، فما هو رأي البلديين في ذلك؟ يقول ممثل الدائرة الثامنة عضو المجلس البلدي في محافظة العاصمة صادق البصري ان هناك العديد من الجرائم التي تقع في الحظائر كتعاطي المخدرات وممارسة الدعارة وغيرهما من الجرائم الخطرة على المجتمع وقد رفعنا تقارير عدة إلى وزارة شئون البلديات والزراعة بضرورة إزالة تلك الحظائر الخطرة . ويضيف: ان الجريمة التي وقعت مؤخرا والتي تعرض فيها صبية لعملية اختطاف ومحاولة اغتصاب تدق ناقوس الخطر بأهمية الإسراع في إزالة تلك الحظائر خاصة أن هناك مطالبات أهلية عديدة في المحافظات كافة تعبر عن عدم الرضا عن وجودها، ناهيك عن أن هناك الكثير من الطلبات الإسكانية يمكن سدها من خلال إعادة تخطيط المناطق التي توجد بها هذه الحظائر وإزالتها. واكد وجوب الإسراع في تخطيط هذه المناطق خاصة تلك الواقعة في الحزام الأخضر الذي تلاشى بفعل إزالة الأشجار وتعطيشها حتى تموت، كما أنه تجب إعادة تخطيطها وإقامة الوحدات الإسكانية مكانها وإنشاء شوارع فرعية. وشدد على أهمية زيادة عدد الدوريات ومراقبتها لهذه الحظائر والعمل على ضبط الممارسات اللاأخلاقية مثل جلب نساء لممارسة الدعارة خاصة أن الشوارع المؤدية إلى هذه الحظائر مظلمة مما يوفر غطاء طبيعيا لإخفاء تلك الممارسات، موضحا أن هناك الكثير من الجرائم الغريبة على مجتمعنا وقعت في مثل هذه الأماكن.






      function NewWin(url) {NewWindow=window.open(url, 'popUpWindow', 'resizeable=no,width=300,height=410,scrollbars=no,toolbar=no,location=no,menubar=no,status=no') }