محنة أمة عربية لا تقرأ
قراءة في ملف أحزان المبدعين والكِتاب في الوطن العربي
اليوم عزيزي القارئ هو «اليوم العالمي للكتاب وحقوق المؤلف«. فمنذ عام 1996 يحتفل العالم في 23 ابريل من كل عام بهذا اليوم. في الدول المتقدمة يستعدون مبكرا للاحتفال بهذا اليوم بصور شتى.. يقيمون معارض كتب.. يعقدون ندوات عن مختلف القضايا المتعلقة بالكتاب والمؤلفين والنشر والقراءة.. يجرون استطلاعات موسعة للرأي حول افضل الكتب لدى القراء.. ينظمون برامج خاصة للأطفال.. وهكذا.. وهكذا.
أما بالنسبة لنا في الدول العربية، فكما تعلم عزيزي القارئ فانه لا احد تقريبا يتذكر هذا اليوم اصلا، ناهيك طبعا عن ان يحتفل به. والامر مفهوم. ففي حقيقة الامر، ليس لدينا ما نحتفل به في الوطن العربي سواء تعلق الامر بالكتاب والقراءة عموما، وسواء تعلق بالكاتب والمؤلف. لكن «اليوم العالمي للكتاب وحقوق المؤلف« هو على أية حال مناسبة لأن نتأمل ولو قليلا ابعاد محنتنا العربية.. محنة الكتاب والكاتب في الوطن العربي.. محنة أمة عربية لا تقرأ. {{{ بماذا يحتفل العالم؟ لماذا يحتفل العالم بيوم الكتاب وحقوق المؤلف أصلا؟ من المفهوم بالطبع ان الهدف المحوري هو تشجيع الاهتمام بالكتاب وبالقراءة بشكل عام وبالنسبة للأطفال على وجه الخصوص. في البيان الذي اصدره الامين العام لمنظمة الامم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة، اليونسكو، كويشيرو ماتسورا بمناسبة احتفال هذا العام، اشار الى بعض من الجوانب التي تجعل من الاهتمام بالكتاب والمؤلف اهمية حضارية بالغة في عالم اليوم. قال ان الكتاب دوره اساسي في «بناء اقتصاد المعرفة باعتباره أداة لاكتساب المعارف فضلا عن البعد اللغوي للنشر كونه تعبيرا تحيا به اللغة«. وأضاف ان الاهتمام بالكتاب والمؤلف هو عامل حاسم فيما يتعلق بـ «حرية التعبير وصون وتعزيز تنوع اشكال التعبير الثقافي، وهي تحديات تواجه البشرية بأسرها«. بعبارة أخرى، الاهتمام بالكتاب والقراءة من عدمه هو معيار اساسي لمدى ارتباط الدول والمجتمعات بعصر المعرفة الذي نعيشه من عدمه. وهو في نفس الوقت معيار حضاري ومؤشر اساسي على مدى حريات التعبير والفكر المتاحة في المجتمع ومدى الانفتاح على العالم بأفكاره وثقافاته ومعارفه. وبالطبع لا يمكن الحديث عن الكتاب والاهتمام به دون الحديث عن حال الكاتب المؤلف المبدع. فهو الاساس والاصل. ولهذا كان الحرص على الربط بين الاحتفال بيوم الكتاب وحقوق المؤلف في نفس الوقت. فالامر كما قال أمين عام اليونسكو في بيانه ان «هناك ارتباط وتلازم وثيق بين الارتقاء بالكتاب وحقوق المؤلف واهمية العمل على توفير الحماية المعنوية للمصنفات الفكرية ولمبدعيها وصون قيمتها التراثية«. فماذا اذن عن حال الكاتب والمؤلف عندنا في الوطن العربي، وماذا عن حال الكتاب؟ {{{ حكاية بالمناسبة اسمح لي بداية عزيزي القارئ ان احكي لك هذه الحكاية. لي صديق استاذ امريكي كتب لي منذ اكثر من عام يقول انه سوف يزور البحرين وسف يصل في يوم كذا وانه يحب ان يلتقي بي في نفس اليوم ان امكن. بالمصادفة كنت مرتبطا في هذا التاريخ بمحاضرة القيها في مناسبة معينة. كتبت له هذا وقلت له انني سوف التقيه في اليوم التالي. حين التقيته بادرني بالسؤال عن المحاضرة وموضوعها وكيف كان الحضور ورد الفعل، وهكذا. حدثته عن هذا، ثم فوجئت به يسألني: كم اعطوك بالضبط في مقابل المحاضرة؟ اجبته طبعا: لا شيء. في البداية ظن انني امازحه لكن حين تأكد مما قلته له، امطرني بوابل من الاسئلة من قبيل: كيف يحدث هذا وكيف تقبل انت بذلك؟ استغربت من اهتمامه بالموضوع على هذا النحو وسألته عن سبب هذا الاهتمام. قال لأن أمرا حدث اريد ان احكيه لك. سألني: هل تعرف فلانا الكاتب الامريكي؟ قلت: طبعا اعرفه. فهو كاتب شهير ومعروف. صحيح ان مواقفه من القضايا العربية سخيفة وسمجة لكنني اقرأ له وسبق ان التقيته في مناسبة او اثنتين. وسألته ماذا عنه؟ قال صديقي الاستاذ الامريكي: الذي حدث ان جامعتي في مناسبة معينة أرادت ان تدعو الكاتب للالتقاء بالطلاب والقاء محاضرة عامة وكلفوني بالاتصال به وترتيب الامر. والتقيت به فعلا وعرضت عليه طلب الجامعة، فرحب فورا. ثم انني سألته عما اذا كان له طلبات معينة، فقال فورا: المقابل الذي اتقاضاه لالقاء محاضرات عامة معروف. سألته: كم؟ اجاب 50 الف دولار. قلت لصديقي: ياه.. 5 الاف دولار؟ قال: اقول لك خمسة صفر، أي خمسون الف دولار. سألته: وماذا حدث؟ قال: قلت له انه من المستحيل ان تدفع الجامعة مبلغا كهذا وهذه مناسبة طلابية ويجب ان يراعي هذا. وبعد طول جدال ومساومات وافق على ان يخفض المبلغ إلى 15 الف دولار فقط. ودفعت الجامعة فعلا له هذا المبلغ. بعد قليل من التفكير قلت لصديقي: هل تعلم؟.. هو يستحق. اعني طالما ان الجهات التي تدعوه قادرة على ان تدفع له هذا المبلغ فهو يستحقه. في النهاية هذه مهنته وهو كاتب له اسم ونفوذ، فلماذا لا يستحق؟ وهو في امريكا مثلا ليس اقل من المسئولين السابقين الذين يدفعون لهم اضعاف هذا المبلغ في مقابل كلمات تكون في الاغلب تافهة يلقونها في مناسبات عامة. قلت لصديقي هذا، لكنني بالحق كلما تذكرت هذا الحوار اشعر بالحزن الشديد والاسى على حال الكتاب والمثقفين العرب والطريقة التي يعاملهم بها المجتمع. في مناسبات مثل هذه، اعني في أي مناسبة يدعى فيها كاتب او مثقف عربي لالقاء محاضرة عامة، فان الجميع يتعاملون معه كما لو كان مقطوعا من شجرة ليست لديه اسرة ولا التزامات. لا يخطر ببالهم ان هذه هي مهنته ومصدر عيشه. يتعاملون معه كما لو كان استشهاديا جاهزا باستمرار للتضحية بنفسه واسرته على مذبح الثقافة والفكر والقضايا العامة. والشيء العجيب انه في الوقت الذي يتعاملون فيه مع الكاتب والمثقف العربي على هذا النحو، فانهم مستعدون دوما لأن يدفعوا لأي كاتب اجنبي يدعونه من الخارج كل ما يطلبه. {{{ محنة الكاتب العربي على اية حال اردت بهذه الحكاية ان ابرز الفارق الشاسع بين حال الكاتب والمثقف عندنا وفي الدول المتقدمة. حقيقة الامر ان محنة الكاتب والمؤلف والمثقف في دولنا العربية هي اشنع من ان تصفها أي كلمات. اتحدث هنا بطبيعة الحال عن الكتاب والمثقفين الجادين والمحترمين لا عن اولئك الذين لا يكتبون الا نفاقا وبمقابل، وما اكثرهم في وطننا العربي! الكاتب والمثقف الجاد في دولنا العربية يتم التعامل معه بطريقة لا انسانية تماما. تأمل مثلا هذا. اذا عكف مثقف وباحث على اعداد كتاب لا يستطيع في اغلب الاحوال نشره. لماذا؟ دور النشر الخاصة تطلب منه ان يدفع هو تكاليف الطباعة والنشر في مقابل ان يعطوه عددا من النسخ وفقط. واذا قامت جهة رسمية بنشر الكتاب فهي لا تعطيه شيئا ايضا. هي تعتبر انها تفضلت عليه وقدمت اليه خدمة عظمى بمجرد ان نشرت له الكتاب. أي ان الباحث او الكاتب الجاد عليه ان يشقى ويتعب كي يبدع كتابا، لكن عليه ان يدبر بعد ذلك امور حياته وحياة اسرته ورزقه. في الدول المتقدمة، اذا عكف باحث وكاتب على اعداد كتاب جيد، فان هذا الكتاب ومردوده المالي من الممكن ان يؤمن اوضاعه المالية بقية حياته اذ من الممكن ان يدر عليه بضعة ملايين او حتى مليون واحد. بالله عليكم، كيف يمكن ان نتوقع من باحثين او كتاب عرب ان يتحمسوا للإبداع؟ طبعا هذا دون ان نتحدث عن الضغوط السياسية التي يتعرض لها الكتاب والمثقفون والتضييق على حرياتهم البحثية والفكرية والسياسية وما يتعرضون له في كثير من الاحوال من تنكيل بهم. لا احسب ان القضية بحاجة الى مزيد من تفصيل. باختصار نعلم جميعا ان المبدعين والكتاب العرب الجادين حقا والذين ينشدون نهضة الامة يعيشون هم واسرهم عندنا دون حد الكفاف. ولذلك هم ابطال حقا بكل معنى الكلمة. لا شك عزيزي القارئ انك قرأت مرات لكتاب ومثقفين مبدعين عرب يطالبون بأن تعاملهم مجتمعاتنا ودولنا معاملة المطربين ولاعبي كرة القدم. وويل لأمة يصل مبدعوها الى هذه الحال من البؤس. ويل لأمة تقتل مبدعيها على هذا النحو. {{{ .. ومحنة الكتاب كثير من المبدعين المؤلفين العرب يحلو لهم احيانا ان يصبوا جام غضبهم على الناشرين ويتهموهم بسرقة حقوقهم وجهدهم. ولا شك ان مثل هذه الشكوى لها في بعض الاحيان ما يبررها. لكن الحقيقة ان الناشرين معذورون ايضا. لماذا؟ لانه ببساطة ليس للكتاب سوق اصلا في الوطن العربي. قرأت مرة في احد الاحاديث مع الحاج مدبولي الناشر المصري العربي المعروف قوله ان احسن كتاب لاكبر المؤلفين في العالم العربي لا يوزع في احسن الاحوال الا ما بين الفي الى ثلاثة الاف كتاب وعلى امتداد ما بين سنتين الى ثلاث. وهذا الرقم الذي ذكره الحاج مدبولي ليس سوى جانب واحد من جوانب محنة قاسية للكتاب العربي. الارقام هنا مخجلة بكل معنى الكلمة. مثلا، تشير الاحصاءات الى ان العالم العربي كله يصدر سنويا نحو 1650 كتابا، وفي الدول الغربية يبلغ متوسط الكتب التي تصدر 85 الف كتاب. ومثلا، الكاتب التونسي الحبيب الامام ذكر في كتابه «الاقتصاد الثقافي« انه بالنسبة لنشر الكتب في العالم حسب اعداد الكتب لكل مليون من السكان، يبلغ العدد في اوروبا 584 كتابا ، وفي امريكا 212، وفي العالم العربي 30 كتابا فقط لكل مليون عربي. طبعا فيما يتعلق بالكتب المترجمة فالوضع اكثر مأساوية من هذا. ومعروف ان تقرير التنمية الانسانية في الوطن العربي لعام 2002، ذكر ان عدد الكتب المترجمة سنويا الى اللغة العربية يبلغ 330 كتابا أي ما يعادل 20% مما يترجم الى اللغة اليونانية. وذكر التقرير ان ما تمت ترجمته الى اللغة العربية منذ عهد المأمون أي منذ اكثر من الف سنة وحتى الآن لا يتجاوز ما يتم ترجمته الى اللغة الاسبانية في سنة واحدة. هذا اذن بأشد الاختصار هو حال الكتاب في الوطن العربي انتاجا وتوزيعا. لكن لماذا؟ {{{ امة لا تقرأ نحن نغضب احيانا حين يقال عنا اننا امة عربية لا تقرأ. لكن للأسف هذه هي الحقيقة عارية وبكل معانيها. ومرة اخرى الارقام المتاحة بهذا الخصوص مخجلة ومن النوع الذي لا يكاد يصدقه عقل. تشير بعض الاحصاءات مثلا الى ان معدل ما يقرؤه الفرد العربي في السنة هو ربع صفحة. هذا في حين ان متوسط ما يقرؤه الامريكي مثلا 11 كتابا ، والبريطاني 7 كتب. وتشير احصاءات اليونسكو مثلا الى ان متوسط القراءة لكل فرد في العالم العربي يبلغ ست دقائق في السنة. اما القارئ الغربي فيقرأ ما متوسطه 12 الف دقيقة في السنة. هذا اخذا في الاعتبار ان اليونسكو تقدر انه يجب على كل فرد في العالم ان يقرأ 22 كتابا على الاقل في السنة حتى يمكن اعتباره منتميا الى العصر الذي نعيشه. أي يجب ان يقرأ بمعدل كتاب واحد كل 15 يوما. اذن، نحن امة لا تقرأ بالمعنى الحرفي للكلمة. نحن لا نقرأ ليس فقط بهذا المعنى الحرفي المباشر، ولكن ايضا بمعان اخرى لا تقل خطورة. كثير من الكتاب والمثقفين لا يقرأون. نطالع كثيرا جدا ما يكتبه كتاب ومثقفون عرب من الذين يكتبون بانتظام في الصحف العربية مثلا ، فنكتشف انهم لا يقدمون معلومة جديدة ولا فكرة جديدة. فهم ببساطة لا يقرأون ولا يعرفون ما يدور في العالم من جدل وصراع افكار. لا يعرفون الجديد في العالم حتى في المجال الذي من المفروض ان يكونوا مختصين فيه. وطبعا من السهل ان نفهم انه حتى الجهات الرسمية العليا في الدول العربية لا تعرف ما يكتب عن بلادها من ابحاث وما ينشر من مخططات تستهدفها. بعبارة اخرى يبدو انه ترسخت في دولنا ومجتمعاتنا ثقافة احتقار المعرفة. لماذا لا نقرأ؟ الاسباب معروفة. واولها الامية في الوطن العربي التي تتراوح نسبتها بين 47% الى 60%. أي ان اكثر من نصف المواطنين العرب اميون وخارج نطاق موضوع القراءة اصلا. والكتاب العربي وهذه الارقام المخجلة المتعلقة بالقراءة هي تجسيد آخر للثمن الفادح الذي ندفعه على كل المستويات للتشرذم العربي وغياب التعاون والتنسيق. ففي وطن عربي يقطنه اكثر من 300 مليون مواطن لا يوجد سوق عربي مشترك للكتاب، وحواجز الفرقة تمنع الكتاب من التنقل كما تمنع كل شيء آخر. {{{ ماذا نقرأ؟ المأساة لا تتوقف فقط عند اننا لا نقرأ، لكنها تمتد ايضا في بعض جوانبها إلى ما نقرؤه اصلا ان قرأنا. فيما يتعلق بهذه المسألة تحديدا، اجري في عام 2005 استطلاع مهم للرأي شمل خمس دول عربية هي مصر ولبنان والسعودية والمغرب وتونس. الاستطلاع كان عن توجهات القراءة في الوطن العربي وشمل عينة ضمت اكثر من خمسة آلاف مواطن في الدول الخمس. من بين نتائج الاستطلاع الهامة نشير الى ما يلي: ** بالنسبة لموضوعات القراءة، أي ماذا يقرأون بالضبط، اظهرت النتائج ان 6،84% من القراء في مصر يقرأون الكتب الدينية. النسبة بلغت في السعودية 9،63%، وفي المغرب 9،38%، وفي تونس 38%، وفي لبنان 9،23%. ** بالنسبة للقراءات السياسية كانت النسبة في مصر 4،11%، وفي لبنان 4،37%، وفي السعودية 2،21%، وفي تونس 1،17%، وفي المغرب 10%. ** بالنسبة للقراءات الادبية، خاصة الروايات، كانت النسبة في مصر 8،12%، وفي لبنان 9،23%، وفي السعودية 2،21%، وفي تونس 6،27%، وفي المغرب 10%. ** بالنسبة للقراءات في التاريخ كانت النسبة، في مصر 3،14%، وفي لبنان 4،16%، وفي السعودية 18%، وفي تونس 7،19%، وفي المغرب 1،8%. ** بالنسبة للغة القراءة ، أي باي لغة يقرأون. اجاب 100% من القراء في مصر انهم يقرأون بالعربية. والنسبة في لبنان 97%، وفي السعودية 100%، وفي تونس 99%، وفي المغرب 98%. ** ردا على سؤال يتعلق ببرامج التليفزيون التي تعرف بالكتب وتروج لها قالت الاغلبية الساحقة انهم لا يعرفون أي برنامج تليفزيوني يقدم الكتب ويعرف بها. تحديدا، كانت النسبة في السعودية 2،92%، وفي لبنان 3،91%، وفي مصر 3،81%، وفي المغرب 8،75%، وفي تونس 6،60%. وردا على سؤال هل حدث ان اشتريت كتابا تم التعريف به في برنامج تليفزيوني؟ قال اكثر من 90% في الدول الخمس: لا. ما الذي يمكن ان نستخلصه من هذه النتائج؟ 1- القراءات الدينية هي الاساس والتي تستحوذ على الاهتمام الاعظم. يلي ذلك وبنسب ضئيلة مجالات الادب والسياسة والتاريخ. 2- لنلاحظ غياب أي قراءات في مجالات العلوم بكل افرعها. 3- من الواضح ان القراءة باللغات الاجنبية محدودة جدا ولا تكاد تذكر. 4- ان التليفزيون واجهزة الاعلام عموما لا تلعب دورا تقريبا في التعريف بالكتاب والترويج له في الوطن العربي. {{{ ماذا يعني هذا؟ اذن هذه عزيزي القارئ لمحة عامة جدا عن حال الكتاب والمؤلفين والقراءة في وطننا العربي في يوم يحتفل فيه العالم باليوم العالمي للكتاب وحقوق المؤلف. ماذا يعني ان يكون هذا هو حالنا؟ يعني باختصار شديد ما يلي: يعني اننا عمليا امة تعيش خارج العصر الذي نعيشه. نحن معزولون عن العالم لا نعرف ما يدور فيه من افكار وتطورات مذهلة في عالم الفكر. القوة العظمى في عالم اليوم هي قوة المعرفة، ونحن خارج نطاقها. نحن في الحقيقة لا نعرف حتى ابعاد وتفاصيل المخططات التي يرسمونها لنا دولا ومجتمعات ووطنا عربيا عامة. ويعني اننا امة لا تبدع ولا تسهم بشيء يكاد يذكر في النهضة الفكرية والحضارية في عالم اليوم. يكفي ان نسأل: ماذا قدمنا من افكار ابداعية في أي مجال في الثلاثين عاما الماضية مثلا؟ بل ماذا قدمنا من افكار حتى للدفاع عن انفسنا وعن ديننا وحضارتنا؟ {{{ قد يبدو هذا حكما قاسيا. لكننا لن نتقدم خطوة واحدة الى الامام ان لم نصارح انفسنا بالحقيقة ونعرف اين نقف بالضبط. والحقيقة اننا اليوم امة ضائعة. امة لا تعرف ماذا تريد لنفسها اليوم وماذا تريد لابنائها في المستقبل.. امة ضائعة لا تملك مشروعا ولا شبه مشروع للتقدم والنهضة. .. امة لا تملك حتى مشروعا للبقاء. لكن الامة بها الوف مؤلفة من المبدعين الوطنيين الشرفاء المصرين رغم كل شيء على الدفاع عنها.. الذين يصرون الا يذهب تاريخنا وحضارتنا هدرا رغم ضياع وخنوع الحكام.
قراءة في ملف أحزان المبدعين والكِتاب في الوطن العربي
اليوم عزيزي القارئ هو «اليوم العالمي للكتاب وحقوق المؤلف«. فمنذ عام 1996 يحتفل العالم في 23 ابريل من كل عام بهذا اليوم. في الدول المتقدمة يستعدون مبكرا للاحتفال بهذا اليوم بصور شتى.. يقيمون معارض كتب.. يعقدون ندوات عن مختلف القضايا المتعلقة بالكتاب والمؤلفين والنشر والقراءة.. يجرون استطلاعات موسعة للرأي حول افضل الكتب لدى القراء.. ينظمون برامج خاصة للأطفال.. وهكذا.. وهكذا.
أما بالنسبة لنا في الدول العربية، فكما تعلم عزيزي القارئ فانه لا احد تقريبا يتذكر هذا اليوم اصلا، ناهيك طبعا عن ان يحتفل به. والامر مفهوم. ففي حقيقة الامر، ليس لدينا ما نحتفل به في الوطن العربي سواء تعلق الامر بالكتاب والقراءة عموما، وسواء تعلق بالكاتب والمؤلف. لكن «اليوم العالمي للكتاب وحقوق المؤلف« هو على أية حال مناسبة لأن نتأمل ولو قليلا ابعاد محنتنا العربية.. محنة الكتاب والكاتب في الوطن العربي.. محنة أمة عربية لا تقرأ. {{{ بماذا يحتفل العالم؟ لماذا يحتفل العالم بيوم الكتاب وحقوق المؤلف أصلا؟ من المفهوم بالطبع ان الهدف المحوري هو تشجيع الاهتمام بالكتاب وبالقراءة بشكل عام وبالنسبة للأطفال على وجه الخصوص. في البيان الذي اصدره الامين العام لمنظمة الامم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة، اليونسكو، كويشيرو ماتسورا بمناسبة احتفال هذا العام، اشار الى بعض من الجوانب التي تجعل من الاهتمام بالكتاب والمؤلف اهمية حضارية بالغة في عالم اليوم. قال ان الكتاب دوره اساسي في «بناء اقتصاد المعرفة باعتباره أداة لاكتساب المعارف فضلا عن البعد اللغوي للنشر كونه تعبيرا تحيا به اللغة«. وأضاف ان الاهتمام بالكتاب والمؤلف هو عامل حاسم فيما يتعلق بـ «حرية التعبير وصون وتعزيز تنوع اشكال التعبير الثقافي، وهي تحديات تواجه البشرية بأسرها«. بعبارة أخرى، الاهتمام بالكتاب والقراءة من عدمه هو معيار اساسي لمدى ارتباط الدول والمجتمعات بعصر المعرفة الذي نعيشه من عدمه. وهو في نفس الوقت معيار حضاري ومؤشر اساسي على مدى حريات التعبير والفكر المتاحة في المجتمع ومدى الانفتاح على العالم بأفكاره وثقافاته ومعارفه. وبالطبع لا يمكن الحديث عن الكتاب والاهتمام به دون الحديث عن حال الكاتب المؤلف المبدع. فهو الاساس والاصل. ولهذا كان الحرص على الربط بين الاحتفال بيوم الكتاب وحقوق المؤلف في نفس الوقت. فالامر كما قال أمين عام اليونسكو في بيانه ان «هناك ارتباط وتلازم وثيق بين الارتقاء بالكتاب وحقوق المؤلف واهمية العمل على توفير الحماية المعنوية للمصنفات الفكرية ولمبدعيها وصون قيمتها التراثية«. فماذا اذن عن حال الكاتب والمؤلف عندنا في الوطن العربي، وماذا عن حال الكتاب؟ {{{ حكاية بالمناسبة اسمح لي بداية عزيزي القارئ ان احكي لك هذه الحكاية. لي صديق استاذ امريكي كتب لي منذ اكثر من عام يقول انه سوف يزور البحرين وسف يصل في يوم كذا وانه يحب ان يلتقي بي في نفس اليوم ان امكن. بالمصادفة كنت مرتبطا في هذا التاريخ بمحاضرة القيها في مناسبة معينة. كتبت له هذا وقلت له انني سوف التقيه في اليوم التالي. حين التقيته بادرني بالسؤال عن المحاضرة وموضوعها وكيف كان الحضور ورد الفعل، وهكذا. حدثته عن هذا، ثم فوجئت به يسألني: كم اعطوك بالضبط في مقابل المحاضرة؟ اجبته طبعا: لا شيء. في البداية ظن انني امازحه لكن حين تأكد مما قلته له، امطرني بوابل من الاسئلة من قبيل: كيف يحدث هذا وكيف تقبل انت بذلك؟ استغربت من اهتمامه بالموضوع على هذا النحو وسألته عن سبب هذا الاهتمام. قال لأن أمرا حدث اريد ان احكيه لك. سألني: هل تعرف فلانا الكاتب الامريكي؟ قلت: طبعا اعرفه. فهو كاتب شهير ومعروف. صحيح ان مواقفه من القضايا العربية سخيفة وسمجة لكنني اقرأ له وسبق ان التقيته في مناسبة او اثنتين. وسألته ماذا عنه؟ قال صديقي الاستاذ الامريكي: الذي حدث ان جامعتي في مناسبة معينة أرادت ان تدعو الكاتب للالتقاء بالطلاب والقاء محاضرة عامة وكلفوني بالاتصال به وترتيب الامر. والتقيت به فعلا وعرضت عليه طلب الجامعة، فرحب فورا. ثم انني سألته عما اذا كان له طلبات معينة، فقال فورا: المقابل الذي اتقاضاه لالقاء محاضرات عامة معروف. سألته: كم؟ اجاب 50 الف دولار. قلت لصديقي: ياه.. 5 الاف دولار؟ قال: اقول لك خمسة صفر، أي خمسون الف دولار. سألته: وماذا حدث؟ قال: قلت له انه من المستحيل ان تدفع الجامعة مبلغا كهذا وهذه مناسبة طلابية ويجب ان يراعي هذا. وبعد طول جدال ومساومات وافق على ان يخفض المبلغ إلى 15 الف دولار فقط. ودفعت الجامعة فعلا له هذا المبلغ. بعد قليل من التفكير قلت لصديقي: هل تعلم؟.. هو يستحق. اعني طالما ان الجهات التي تدعوه قادرة على ان تدفع له هذا المبلغ فهو يستحقه. في النهاية هذه مهنته وهو كاتب له اسم ونفوذ، فلماذا لا يستحق؟ وهو في امريكا مثلا ليس اقل من المسئولين السابقين الذين يدفعون لهم اضعاف هذا المبلغ في مقابل كلمات تكون في الاغلب تافهة يلقونها في مناسبات عامة. قلت لصديقي هذا، لكنني بالحق كلما تذكرت هذا الحوار اشعر بالحزن الشديد والاسى على حال الكتاب والمثقفين العرب والطريقة التي يعاملهم بها المجتمع. في مناسبات مثل هذه، اعني في أي مناسبة يدعى فيها كاتب او مثقف عربي لالقاء محاضرة عامة، فان الجميع يتعاملون معه كما لو كان مقطوعا من شجرة ليست لديه اسرة ولا التزامات. لا يخطر ببالهم ان هذه هي مهنته ومصدر عيشه. يتعاملون معه كما لو كان استشهاديا جاهزا باستمرار للتضحية بنفسه واسرته على مذبح الثقافة والفكر والقضايا العامة. والشيء العجيب انه في الوقت الذي يتعاملون فيه مع الكاتب والمثقف العربي على هذا النحو، فانهم مستعدون دوما لأن يدفعوا لأي كاتب اجنبي يدعونه من الخارج كل ما يطلبه. {{{ محنة الكاتب العربي على اية حال اردت بهذه الحكاية ان ابرز الفارق الشاسع بين حال الكاتب والمثقف عندنا وفي الدول المتقدمة. حقيقة الامر ان محنة الكاتب والمؤلف والمثقف في دولنا العربية هي اشنع من ان تصفها أي كلمات. اتحدث هنا بطبيعة الحال عن الكتاب والمثقفين الجادين والمحترمين لا عن اولئك الذين لا يكتبون الا نفاقا وبمقابل، وما اكثرهم في وطننا العربي! الكاتب والمثقف الجاد في دولنا العربية يتم التعامل معه بطريقة لا انسانية تماما. تأمل مثلا هذا. اذا عكف مثقف وباحث على اعداد كتاب لا يستطيع في اغلب الاحوال نشره. لماذا؟ دور النشر الخاصة تطلب منه ان يدفع هو تكاليف الطباعة والنشر في مقابل ان يعطوه عددا من النسخ وفقط. واذا قامت جهة رسمية بنشر الكتاب فهي لا تعطيه شيئا ايضا. هي تعتبر انها تفضلت عليه وقدمت اليه خدمة عظمى بمجرد ان نشرت له الكتاب. أي ان الباحث او الكاتب الجاد عليه ان يشقى ويتعب كي يبدع كتابا، لكن عليه ان يدبر بعد ذلك امور حياته وحياة اسرته ورزقه. في الدول المتقدمة، اذا عكف باحث وكاتب على اعداد كتاب جيد، فان هذا الكتاب ومردوده المالي من الممكن ان يؤمن اوضاعه المالية بقية حياته اذ من الممكن ان يدر عليه بضعة ملايين او حتى مليون واحد. بالله عليكم، كيف يمكن ان نتوقع من باحثين او كتاب عرب ان يتحمسوا للإبداع؟ طبعا هذا دون ان نتحدث عن الضغوط السياسية التي يتعرض لها الكتاب والمثقفون والتضييق على حرياتهم البحثية والفكرية والسياسية وما يتعرضون له في كثير من الاحوال من تنكيل بهم. لا احسب ان القضية بحاجة الى مزيد من تفصيل. باختصار نعلم جميعا ان المبدعين والكتاب العرب الجادين حقا والذين ينشدون نهضة الامة يعيشون هم واسرهم عندنا دون حد الكفاف. ولذلك هم ابطال حقا بكل معنى الكلمة. لا شك عزيزي القارئ انك قرأت مرات لكتاب ومثقفين مبدعين عرب يطالبون بأن تعاملهم مجتمعاتنا ودولنا معاملة المطربين ولاعبي كرة القدم. وويل لأمة يصل مبدعوها الى هذه الحال من البؤس. ويل لأمة تقتل مبدعيها على هذا النحو. {{{ .. ومحنة الكتاب كثير من المبدعين المؤلفين العرب يحلو لهم احيانا ان يصبوا جام غضبهم على الناشرين ويتهموهم بسرقة حقوقهم وجهدهم. ولا شك ان مثل هذه الشكوى لها في بعض الاحيان ما يبررها. لكن الحقيقة ان الناشرين معذورون ايضا. لماذا؟ لانه ببساطة ليس للكتاب سوق اصلا في الوطن العربي. قرأت مرة في احد الاحاديث مع الحاج مدبولي الناشر المصري العربي المعروف قوله ان احسن كتاب لاكبر المؤلفين في العالم العربي لا يوزع في احسن الاحوال الا ما بين الفي الى ثلاثة الاف كتاب وعلى امتداد ما بين سنتين الى ثلاث. وهذا الرقم الذي ذكره الحاج مدبولي ليس سوى جانب واحد من جوانب محنة قاسية للكتاب العربي. الارقام هنا مخجلة بكل معنى الكلمة. مثلا، تشير الاحصاءات الى ان العالم العربي كله يصدر سنويا نحو 1650 كتابا، وفي الدول الغربية يبلغ متوسط الكتب التي تصدر 85 الف كتاب. ومثلا، الكاتب التونسي الحبيب الامام ذكر في كتابه «الاقتصاد الثقافي« انه بالنسبة لنشر الكتب في العالم حسب اعداد الكتب لكل مليون من السكان، يبلغ العدد في اوروبا 584 كتابا ، وفي امريكا 212، وفي العالم العربي 30 كتابا فقط لكل مليون عربي. طبعا فيما يتعلق بالكتب المترجمة فالوضع اكثر مأساوية من هذا. ومعروف ان تقرير التنمية الانسانية في الوطن العربي لعام 2002، ذكر ان عدد الكتب المترجمة سنويا الى اللغة العربية يبلغ 330 كتابا أي ما يعادل 20% مما يترجم الى اللغة اليونانية. وذكر التقرير ان ما تمت ترجمته الى اللغة العربية منذ عهد المأمون أي منذ اكثر من الف سنة وحتى الآن لا يتجاوز ما يتم ترجمته الى اللغة الاسبانية في سنة واحدة. هذا اذن بأشد الاختصار هو حال الكتاب في الوطن العربي انتاجا وتوزيعا. لكن لماذا؟ {{{ امة لا تقرأ نحن نغضب احيانا حين يقال عنا اننا امة عربية لا تقرأ. لكن للأسف هذه هي الحقيقة عارية وبكل معانيها. ومرة اخرى الارقام المتاحة بهذا الخصوص مخجلة ومن النوع الذي لا يكاد يصدقه عقل. تشير بعض الاحصاءات مثلا الى ان معدل ما يقرؤه الفرد العربي في السنة هو ربع صفحة. هذا في حين ان متوسط ما يقرؤه الامريكي مثلا 11 كتابا ، والبريطاني 7 كتب. وتشير احصاءات اليونسكو مثلا الى ان متوسط القراءة لكل فرد في العالم العربي يبلغ ست دقائق في السنة. اما القارئ الغربي فيقرأ ما متوسطه 12 الف دقيقة في السنة. هذا اخذا في الاعتبار ان اليونسكو تقدر انه يجب على كل فرد في العالم ان يقرأ 22 كتابا على الاقل في السنة حتى يمكن اعتباره منتميا الى العصر الذي نعيشه. أي يجب ان يقرأ بمعدل كتاب واحد كل 15 يوما. اذن، نحن امة لا تقرأ بالمعنى الحرفي للكلمة. نحن لا نقرأ ليس فقط بهذا المعنى الحرفي المباشر، ولكن ايضا بمعان اخرى لا تقل خطورة. كثير من الكتاب والمثقفين لا يقرأون. نطالع كثيرا جدا ما يكتبه كتاب ومثقفون عرب من الذين يكتبون بانتظام في الصحف العربية مثلا ، فنكتشف انهم لا يقدمون معلومة جديدة ولا فكرة جديدة. فهم ببساطة لا يقرأون ولا يعرفون ما يدور في العالم من جدل وصراع افكار. لا يعرفون الجديد في العالم حتى في المجال الذي من المفروض ان يكونوا مختصين فيه. وطبعا من السهل ان نفهم انه حتى الجهات الرسمية العليا في الدول العربية لا تعرف ما يكتب عن بلادها من ابحاث وما ينشر من مخططات تستهدفها. بعبارة اخرى يبدو انه ترسخت في دولنا ومجتمعاتنا ثقافة احتقار المعرفة. لماذا لا نقرأ؟ الاسباب معروفة. واولها الامية في الوطن العربي التي تتراوح نسبتها بين 47% الى 60%. أي ان اكثر من نصف المواطنين العرب اميون وخارج نطاق موضوع القراءة اصلا. والكتاب العربي وهذه الارقام المخجلة المتعلقة بالقراءة هي تجسيد آخر للثمن الفادح الذي ندفعه على كل المستويات للتشرذم العربي وغياب التعاون والتنسيق. ففي وطن عربي يقطنه اكثر من 300 مليون مواطن لا يوجد سوق عربي مشترك للكتاب، وحواجز الفرقة تمنع الكتاب من التنقل كما تمنع كل شيء آخر. {{{ ماذا نقرأ؟ المأساة لا تتوقف فقط عند اننا لا نقرأ، لكنها تمتد ايضا في بعض جوانبها إلى ما نقرؤه اصلا ان قرأنا. فيما يتعلق بهذه المسألة تحديدا، اجري في عام 2005 استطلاع مهم للرأي شمل خمس دول عربية هي مصر ولبنان والسعودية والمغرب وتونس. الاستطلاع كان عن توجهات القراءة في الوطن العربي وشمل عينة ضمت اكثر من خمسة آلاف مواطن في الدول الخمس. من بين نتائج الاستطلاع الهامة نشير الى ما يلي: ** بالنسبة لموضوعات القراءة، أي ماذا يقرأون بالضبط، اظهرت النتائج ان 6،84% من القراء في مصر يقرأون الكتب الدينية. النسبة بلغت في السعودية 9،63%، وفي المغرب 9،38%، وفي تونس 38%، وفي لبنان 9،23%. ** بالنسبة للقراءات السياسية كانت النسبة في مصر 4،11%، وفي لبنان 4،37%، وفي السعودية 2،21%، وفي تونس 1،17%، وفي المغرب 10%. ** بالنسبة للقراءات الادبية، خاصة الروايات، كانت النسبة في مصر 8،12%، وفي لبنان 9،23%، وفي السعودية 2،21%، وفي تونس 6،27%، وفي المغرب 10%. ** بالنسبة للقراءات في التاريخ كانت النسبة، في مصر 3،14%، وفي لبنان 4،16%، وفي السعودية 18%، وفي تونس 7،19%، وفي المغرب 1،8%. ** بالنسبة للغة القراءة ، أي باي لغة يقرأون. اجاب 100% من القراء في مصر انهم يقرأون بالعربية. والنسبة في لبنان 97%، وفي السعودية 100%، وفي تونس 99%، وفي المغرب 98%. ** ردا على سؤال يتعلق ببرامج التليفزيون التي تعرف بالكتب وتروج لها قالت الاغلبية الساحقة انهم لا يعرفون أي برنامج تليفزيوني يقدم الكتب ويعرف بها. تحديدا، كانت النسبة في السعودية 2،92%، وفي لبنان 3،91%، وفي مصر 3،81%، وفي المغرب 8،75%، وفي تونس 6،60%. وردا على سؤال هل حدث ان اشتريت كتابا تم التعريف به في برنامج تليفزيوني؟ قال اكثر من 90% في الدول الخمس: لا. ما الذي يمكن ان نستخلصه من هذه النتائج؟ 1- القراءات الدينية هي الاساس والتي تستحوذ على الاهتمام الاعظم. يلي ذلك وبنسب ضئيلة مجالات الادب والسياسة والتاريخ. 2- لنلاحظ غياب أي قراءات في مجالات العلوم بكل افرعها. 3- من الواضح ان القراءة باللغات الاجنبية محدودة جدا ولا تكاد تذكر. 4- ان التليفزيون واجهزة الاعلام عموما لا تلعب دورا تقريبا في التعريف بالكتاب والترويج له في الوطن العربي. {{{ ماذا يعني هذا؟ اذن هذه عزيزي القارئ لمحة عامة جدا عن حال الكتاب والمؤلفين والقراءة في وطننا العربي في يوم يحتفل فيه العالم باليوم العالمي للكتاب وحقوق المؤلف. ماذا يعني ان يكون هذا هو حالنا؟ يعني باختصار شديد ما يلي: يعني اننا عمليا امة تعيش خارج العصر الذي نعيشه. نحن معزولون عن العالم لا نعرف ما يدور فيه من افكار وتطورات مذهلة في عالم الفكر. القوة العظمى في عالم اليوم هي قوة المعرفة، ونحن خارج نطاقها. نحن في الحقيقة لا نعرف حتى ابعاد وتفاصيل المخططات التي يرسمونها لنا دولا ومجتمعات ووطنا عربيا عامة. ويعني اننا امة لا تبدع ولا تسهم بشيء يكاد يذكر في النهضة الفكرية والحضارية في عالم اليوم. يكفي ان نسأل: ماذا قدمنا من افكار ابداعية في أي مجال في الثلاثين عاما الماضية مثلا؟ بل ماذا قدمنا من افكار حتى للدفاع عن انفسنا وعن ديننا وحضارتنا؟ {{{ قد يبدو هذا حكما قاسيا. لكننا لن نتقدم خطوة واحدة الى الامام ان لم نصارح انفسنا بالحقيقة ونعرف اين نقف بالضبط. والحقيقة اننا اليوم امة ضائعة. امة لا تعرف ماذا تريد لنفسها اليوم وماذا تريد لابنائها في المستقبل.. امة ضائعة لا تملك مشروعا ولا شبه مشروع للتقدم والنهضة. .. امة لا تملك حتى مشروعا للبقاء. لكن الامة بها الوف مؤلفة من المبدعين الوطنيين الشرفاء المصرين رغم كل شيء على الدفاع عنها.. الذين يصرون الا يذهب تاريخنا وحضارتنا هدرا رغم ضياع وخنوع الحكام.