بسم الله الرحمن الرحيم .
يا "أهل الدار" هذه بداية مشاركتي بمنتداكم ، فإن لم ترقكم عدتُ أدراجي.
حدّثنا قسورة ، فقال:
بينما كنتُ اطرحُ عن نفسي الكسل ، و انا غارق في الأمل ، شعور بالملل لكثرة العلل ، بما قد لاح من تجاعيد الصباح ، و ما تعودنا من روتين و ابتعادنا عن الدين .. وانا على هذه الحال و المنوال ، اذ اقترب مني استاذ ، بالنسبة لي ملاذ ، و عن عصرنا شاذ ، يحفظ القريض ، و ينهل من العريض . و لي معه صحبتي و قراري ، لأني لا أراه يداري ، و الحاذق في بحره لا يجاري ، يبعث دومًا اصراري ، و يقتفي آثاري ، فكأنما يسير في فلكي و مداري ، و امامه لا أكتم اسراري ، و احبذه في جواري.
و كالعادة بما يبعث على السعادة ، بادرني بمعسول النحو ، و رونق الشدو ،لا يعكره دلو و لا يضيق به بهو . بالشعر حيّاني و نفض الغبار عن آذاني ، آهٍ ! فقد ايقض اشجاني ، و الى المتنبي رماني ، و الحقني بالحريري والهمذاني . فاندفعت ألملـم أوراق زماني .. فكفكف مدامعي و التقط مجامعي حين ردّد على مسامعي :
حيتك عزة بعد الهجر وانصرفـت ****** فحي ويحك من حياك ياجمل
حدث هذا و نحن في موطن الفرنسيس بمدينة "باريس " التي قيل عنها ما قيل : انها " بلد الجن و الملائكة " .و كلها تخرصات و أقاويل .
هذا ، و كنت قد علقت منذ أمد اوتاري .. و الجمت افكاري ، و غيبت جواري ، و كنت قد طويت مداري ، و اعتكفت ـ إلاّ عن العمل ـ بداري .
هذا ، بعد ان جفاني الزمان ، و تبدل الخلان ، و تداخلت الالوان و الغشاوة عمت المكان ، فلا أفق و لا أمان ، و الرداءة اصبحت العنوان ، و نكست الرؤوس عن الابدان ، و استبيحت الاوزان ، و قول " الحق " من الشيطان ، والعبث طال الارصفة و الجدران .
في هذا الزمن اختزلت الاشياء ، و في الوطن العربي تناطحت الاهواء ، واستفحل الداء و عظم البلاء ، و تحزبت الغوغاء ، و استرجلت حواء ، و الرجل قد غاب عن الاضواء .
نعم حدث عند العرب الكثير ، و الامر هام و خطير ، فلا كبير و لا صغير ، وكل من هب و دب له ما يدير ، و لو المتاجرة بيع الخمر و لحوم الخنزير ، ورغم الأذى و النفير ، و ما بالعراق يصير . كأني بالرهط في تخدير ، و بلا ألباب تسير ، و منهم من لا يعتبر رغم الذي ننتظر من هذا المحيط القذر .
و المصيبة ان الكل يعلم بأن لا احد سيسلم ، و لو ارتقى بسلّم مصاف الامم ،فلامحالة من نصيبه الالم ، و الموت القادم الذي لا يرحم ، فالطالع ندم والحاضر سقم .كأن الشاعر يعنينا في قوله فينا :
أرى حمـرًا فوق الصواهل جمة ****** فأبكي بعيني ذل تلك الصواهل
أعادني صاحبي الى الوراء ، أجول بخاطري في تلك الأجواء ، حيث الحال غيرالحال و الأمل يسعه المجال ، بل تمتد الآمال في أفق الخيال .. إنّ للخطاب فصله و للوزن نظمه و للجمهور نجمه ، لا يعتريه قصور و في تحديه جسور ، وعن ذوقه غيور . متجذر في أصوله ، مترفع في ميوله ، ينأى عمّا يضنيه الى مايغنيه ، الوفاء منتهاه و العتق هواه .
و الاذن تحنّ للكريم ، و الذوق السليم ، و تطرب بعبد الحليم ، و تنفطرالقلوب و تحوم ، مع قصيد ام كلثوم ، و لا نفيق من الألبوم و عبث الروم ، والصدى المعدوم . ناهيك عن الصخب المبهم ، و اللحن الأفرم ، و سفور عجرم ، وهي تداعب الزجاجة ، إشهار و حاجة ، لتسويق دجاجة .
و رددت قول الشاعر :
جيفةٌ انتنت فطــار اليها ****** من بني دهرها فراخ الذباب
قلت لصاحبي : كان للتربية مهد ، و للعربي عهد ، و للبيد فهد ، و للجارحرمة ، لا تصادم و لا ازمة ، و لا يصنعها مال ، بل اخلاص الرجال ، فالعزمو التضحية نضال . فالكل يساير دهره و يدرك قدره ، و لا يكشف ظهره .
قاطعني داحضًا ، و لامني واعضًا : صيرورة الزمان و شروط المكان ، فكلامكمدان فعالمنا اليوم واحة كله فسحة و ساحة ، و الناس في راحة فضاء إليك وأنس بين يديك ، فخذ مما يليك . و انشد قائلاً :
تحلو الحياة لكل ثغر باسـم ****** و رشّ عطرها في الفؤاد الحالم .
فامرح وخذ ممايليك فكلها ****** وردٌ تفتــح بالأريج الدائـــــــم .
شعرت بإنقباضٍ و قلت في امتعاضٍ : ترتيبنا في الذيل ، و بنا طفح الكيل ، علوج في بلادنا تصول ، و يقعدنا الذهول ، و الأذي يلحق بالرسول ـ صلى اللهعليه و سلم ـ و لا أمل بادي ، و لا حياة لمن تنادي ، و مناّ من يرى الامرَ عادي .
كل هذا المجون ، و الكفر المجنون و ما يهدد البطون . فالخلق في أرق و قد قتلها القلق ، و الصدر ضاق و فاض ، و تهددت الحياض ..؟
حاول صاحبي كي يجامل ، ثم عض الأنامل ، و ناء كالبعير ، في تحسر كبير ، ثم صرخ و جال ، و استدار و قال : الى متى السكوت و اليوم منا يفوت ..
ثم انكمش في دثاره متسائلاً في قراره ، متحاملاً عن جواره . و القدم منه قد جف ، و الوجه قد خسف ، و الفصل انكشف ، و الوضع انتصف ، فالضر يحوم جراد محموم ،القصد معلوم ، و الدرس مفهوم .
و من وحي الفراسة ، قال ما بال الساسة ، و تجار السياسة . احزاب و حكامالكل نيام يتيهون على الدوام ، كأسراب الهوام ، ألا يعتبرون بصدام ؟..
تأوه صاحبي و تأوهت ، و من الاسى مهمه و مهمهت ، انكسر الحلم و انشطرالظلم . و انحصر الأمام ، و غاب الإمام ، فتعلثم الكلام و جفت الاقلام .
يا "أهل الدار" هذه بداية مشاركتي بمنتداكم ، فإن لم ترقكم عدتُ أدراجي.
حدّثنا قسورة ، فقال:
بينما كنتُ اطرحُ عن نفسي الكسل ، و انا غارق في الأمل ، شعور بالملل لكثرة العلل ، بما قد لاح من تجاعيد الصباح ، و ما تعودنا من روتين و ابتعادنا عن الدين .. وانا على هذه الحال و المنوال ، اذ اقترب مني استاذ ، بالنسبة لي ملاذ ، و عن عصرنا شاذ ، يحفظ القريض ، و ينهل من العريض . و لي معه صحبتي و قراري ، لأني لا أراه يداري ، و الحاذق في بحره لا يجاري ، يبعث دومًا اصراري ، و يقتفي آثاري ، فكأنما يسير في فلكي و مداري ، و امامه لا أكتم اسراري ، و احبذه في جواري.
و كالعادة بما يبعث على السعادة ، بادرني بمعسول النحو ، و رونق الشدو ،لا يعكره دلو و لا يضيق به بهو . بالشعر حيّاني و نفض الغبار عن آذاني ، آهٍ ! فقد ايقض اشجاني ، و الى المتنبي رماني ، و الحقني بالحريري والهمذاني . فاندفعت ألملـم أوراق زماني .. فكفكف مدامعي و التقط مجامعي حين ردّد على مسامعي :
حيتك عزة بعد الهجر وانصرفـت ****** فحي ويحك من حياك ياجمل
حدث هذا و نحن في موطن الفرنسيس بمدينة "باريس " التي قيل عنها ما قيل : انها " بلد الجن و الملائكة " .و كلها تخرصات و أقاويل .
هذا ، و كنت قد علقت منذ أمد اوتاري .. و الجمت افكاري ، و غيبت جواري ، و كنت قد طويت مداري ، و اعتكفت ـ إلاّ عن العمل ـ بداري .
هذا ، بعد ان جفاني الزمان ، و تبدل الخلان ، و تداخلت الالوان و الغشاوة عمت المكان ، فلا أفق و لا أمان ، و الرداءة اصبحت العنوان ، و نكست الرؤوس عن الابدان ، و استبيحت الاوزان ، و قول " الحق " من الشيطان ، والعبث طال الارصفة و الجدران .
في هذا الزمن اختزلت الاشياء ، و في الوطن العربي تناطحت الاهواء ، واستفحل الداء و عظم البلاء ، و تحزبت الغوغاء ، و استرجلت حواء ، و الرجل قد غاب عن الاضواء .
نعم حدث عند العرب الكثير ، و الامر هام و خطير ، فلا كبير و لا صغير ، وكل من هب و دب له ما يدير ، و لو المتاجرة بيع الخمر و لحوم الخنزير ، ورغم الأذى و النفير ، و ما بالعراق يصير . كأني بالرهط في تخدير ، و بلا ألباب تسير ، و منهم من لا يعتبر رغم الذي ننتظر من هذا المحيط القذر .
و المصيبة ان الكل يعلم بأن لا احد سيسلم ، و لو ارتقى بسلّم مصاف الامم ،فلامحالة من نصيبه الالم ، و الموت القادم الذي لا يرحم ، فالطالع ندم والحاضر سقم .كأن الشاعر يعنينا في قوله فينا :
أرى حمـرًا فوق الصواهل جمة ****** فأبكي بعيني ذل تلك الصواهل
أعادني صاحبي الى الوراء ، أجول بخاطري في تلك الأجواء ، حيث الحال غيرالحال و الأمل يسعه المجال ، بل تمتد الآمال في أفق الخيال .. إنّ للخطاب فصله و للوزن نظمه و للجمهور نجمه ، لا يعتريه قصور و في تحديه جسور ، وعن ذوقه غيور . متجذر في أصوله ، مترفع في ميوله ، ينأى عمّا يضنيه الى مايغنيه ، الوفاء منتهاه و العتق هواه .
و الاذن تحنّ للكريم ، و الذوق السليم ، و تطرب بعبد الحليم ، و تنفطرالقلوب و تحوم ، مع قصيد ام كلثوم ، و لا نفيق من الألبوم و عبث الروم ، والصدى المعدوم . ناهيك عن الصخب المبهم ، و اللحن الأفرم ، و سفور عجرم ، وهي تداعب الزجاجة ، إشهار و حاجة ، لتسويق دجاجة .
و رددت قول الشاعر :
جيفةٌ انتنت فطــار اليها ****** من بني دهرها فراخ الذباب
قلت لصاحبي : كان للتربية مهد ، و للعربي عهد ، و للبيد فهد ، و للجارحرمة ، لا تصادم و لا ازمة ، و لا يصنعها مال ، بل اخلاص الرجال ، فالعزمو التضحية نضال . فالكل يساير دهره و يدرك قدره ، و لا يكشف ظهره .
قاطعني داحضًا ، و لامني واعضًا : صيرورة الزمان و شروط المكان ، فكلامكمدان فعالمنا اليوم واحة كله فسحة و ساحة ، و الناس في راحة فضاء إليك وأنس بين يديك ، فخذ مما يليك . و انشد قائلاً :
تحلو الحياة لكل ثغر باسـم ****** و رشّ عطرها في الفؤاد الحالم .
فامرح وخذ ممايليك فكلها ****** وردٌ تفتــح بالأريج الدائـــــــم .
شعرت بإنقباضٍ و قلت في امتعاضٍ : ترتيبنا في الذيل ، و بنا طفح الكيل ، علوج في بلادنا تصول ، و يقعدنا الذهول ، و الأذي يلحق بالرسول ـ صلى اللهعليه و سلم ـ و لا أمل بادي ، و لا حياة لمن تنادي ، و مناّ من يرى الامرَ عادي .
كل هذا المجون ، و الكفر المجنون و ما يهدد البطون . فالخلق في أرق و قد قتلها القلق ، و الصدر ضاق و فاض ، و تهددت الحياض ..؟
حاول صاحبي كي يجامل ، ثم عض الأنامل ، و ناء كالبعير ، في تحسر كبير ، ثم صرخ و جال ، و استدار و قال : الى متى السكوت و اليوم منا يفوت ..
ثم انكمش في دثاره متسائلاً في قراره ، متحاملاً عن جواره . و القدم منه قد جف ، و الوجه قد خسف ، و الفصل انكشف ، و الوضع انتصف ، فالضر يحوم جراد محموم ،القصد معلوم ، و الدرس مفهوم .
و من وحي الفراسة ، قال ما بال الساسة ، و تجار السياسة . احزاب و حكامالكل نيام يتيهون على الدوام ، كأسراب الهوام ، ألا يعتبرون بصدام ؟..
تأوه صاحبي و تأوهت ، و من الاسى مهمه و مهمهت ، انكسر الحلم و انشطرالظلم . و انحصر الأمام ، و غاب الإمام ، فتعلثم الكلام و جفت الاقلام .