سيرلانكية:"جنة عمان" .. مثال يحتذى به في العالم

نشرت مجلة (ohilseas) التي تصدر في سرلانكا تقريرا خاصا عن السلطنة بمناسبة الاحتفالات بالعيد الوطني السادس والثلاثين المجيد وتعتبر مجلة (ohilseas) مجلة شهرية وتوزع في سرلانكا وتتناول تقارير من الشرق الاوسط واوروبا واليابان.
ويقول "لال ميتراباندو" كاتب التقرير المقيم في السلطنة: عمان احد بلدان الشرق الاوسط المسالمة والجميلة جدا يجاورها من جهة الغرب اليمن والمملكة العربية السعودية ودولة الامارات العربية المتحدة ومن الشرق يحدها بحر العرب ومن الشمال خليج عمان ويغطي حوالي ثلثي مساحتها الواسعة جبال صخرية وصحراء جرداء.
يشهد التاريخ لعمان بماض عريق والقلاع الأثرية الشامخة دليل على صمود وقوة نظام عمان الدفاعي وبمناسبة العيد الوطني لعمان تكتب وتنشر سنويا العديد من المقالات القيمة ولكنني في مقالتي هذه اعتزم القاء الضوء على الاشياء التي ارغب في ان يعرفها الآخرون عن عمان ممن لا يعرفون الكثير عنها وعن اهلها وشعبها المحب للسلام وعن قيمة الانسان واخلاقياته الاجتماعية النادرة التي أراها انا شخصيا تختلف اختلافا كبيرا عن تركيبتنا الاجتماعية ففي الواقع هناك الكثير من الفضائل التي يمكن للشعوب الاخرى المحبة للسلام ان تتعلمها من هذا الشعب البسيط.
مناخ سلطنة عمان بصفة عامة حار جاف صيفا ومتوسط البرودة شتاء وموارد المياه فيها شحيحة وفي هذا الجانب تتمتع سيريلانكا بشلالات وبحيرات كثيرة وغطاء نباتي متعدد الالوان بينما يسود جنوب عمان (منطقة صلالة) المناخ الاستوائي وملامحه الجغرافية مشابهة لسيرلانكا.
فيما يحافظ الجميع في سلطنة عمان على الاسلام كجوهرة نادرة في تاج ملكي يعيش الكثير من الناس فيها من مختلف الاعراق والاديان بين المواطنين العمانيين في محبة ووئام وتعاون ويكمن السر وراء هذا الوئام في تعاليم الاسلام التي تدعو الى التعايش السلمي بين جميع الاطياف وبفضل هذه الميزة الوطنية نادرا ما تصادف جرائم مأساوية في السلطنة او تسمع عنها.
ومن اهم التقاليد الوطنية والاجتماعية في عمان احترام الناس بعضهم البعض وترحيبهم ببعضهم البعض وإفشاء السلام فيما بينهم فهم غالبا ما يتصافحون بالأيدي ذاكرين التحية المعتادة (السلام عليكم) والرد عليها (وعليكم السلام) واحيانا يمسكون بيد الشخص الآخر ويقبلون جبينه دلالة على الاحترام والاعتزاز.
وبين الاصدقاء المقربين قد يحتضن الواحد منهم الآخر او يقرب انفه لأنفه في تحية ودودة.
عادات السلام والتحية هذه منتشرة حتى في المجتمعات النسائية وبالنسبة لعادات اللباس واختلافها من منطقة لاخرى نجد بعض النساء يغطين وجوههن بنقاب أسود.
بصفة عامة لا يفقد العمانيون اعصابهم بسهولة حتى في اعنف المواقف فلهم قدرة عالية على ضبط النفس ويحترم الرجل العماني المرأة عادة احتراما خاصا ويسمح لها بأداء دور فعال في المناسبات الأسرية.
90% من السائقين في سلطنة عمان يقودون سياراتهم بحذر وعناية والسياقة عموما في عمان اسهل منها في الكثير من الدول الآسيوية لعدم شدة الازدحام والاختناقات المرورية بالاضافة الى حرص السائقين على الالتزام بقوانين المرور ويجد المشاة سواء أكانوا رجالاً او نساء او اطفالاً غاية العناية والاحترام وطبعا لا يخلو الأمر من بعض الحوادث السيئة احيانا الناتجة عن قيادة بعض المتهورين بإهمال.
حتى في حالات الازدحام الشديد يكون السائقون على درجة من الصبر ولا يستخدمون ابواق سياراتهم لمزيد من الإزعاج الصوتي كما يحدث في الكثير من الدول الآسيوية.
وعند استخدام الطرق السريعة يكون السائقون والمشاة على درجة عالية من التعاون وتستحق شرطة عمان السلطانية التشريف والتقدير لنجاحها في الحفاظ على القانون والنظام في عمان خصوصا فيما يتعلق بحركة المرور ولا توجد بنايات عالية قريبة من الطرق العامة وتنساب الشوارع داخل المدن بهدوء دون ان تعترض بعضها البعض ومتوسط السرعة في الطرق السريعة (100) كلم في الساعة بينما السرعة داخل المدينة (80) كلم في الساعة.
لا تسمح القيادة بسرعة في سلطنة عمان والطرق مراقبة بأجهزة رقابة الكترونية لكشف مخالفات السرعة نظرا لما لوحظ مؤخرا من اختناقات مرورية في الشوارع العامة الكبيرة وجار حاليا تنفيذ توسعات وتحسينات وفقا للتوجيهات الرشيدة لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس سلطان عمان.
حتى مع زحمة المواصلات واختناقات المرور لا يوجد في عمان ضوضاء نتيجة لاستخدام ابواق السيارات فالسائقون في عمان لا يكثرون من استخدام الابواق وبين الفنية والاخرى قد تسمع صوتا لبوق سيارة تم استخدامه لحاجة ملحة.
يتعامل السائقون بتهذيب شديد فإذا كان هناك طفل او امرأة يرغب ان في عبور الطريق الى الجهة الاخرى يتوقف السائقون للسماح لهم بالقيام بذلك على خلاف ما يفعله السائقون في بلدنا الذين يتصرفون بعدم انسانية ويتسابقون في التقاطعات التي كثيرا ما تخلو من اشارات المرور الضوئية والتي تحتاج للكثير من الحذر الناس في عمان متعاونون جدا في قيادتهم للسيارات وفي كثير من الاحيان يتنازلون عن حقهم في السير تأدبا.
شرطة عمان السلطانية
تستحق شرطة عمان السلطانية ان تتم الاشارة اليها بصفة خاصة فالشرطة في بلادنا عند استدعائها الى موقع من المواقع لحدوث مشكلة ما يأتون الى الموقع ويهاجمون جميع من يراودهم الشك في ارتباطهم بالحادثة وكذلك كل من يحاول التدخل بأي شكل من الاشكال ويأخذون الجميع الى مركز الشرطة اما شرطة عمان فيتصرفون باسلوب مختلف تماما فهم يبادرون بإلقاء التحية على الطرفين المتخاصمين بل يصافحونهم بالايدي ثم يطلبون من المعنيين بالنزاع فقط الذهاب الى مركز الشرطة.
هذا بالاضافة الى عدم التصرف بعجرفة وهم يتجولون في الشوارع ويؤدون مهامهم في الاماكن العامة وانا اذكر حادثة صغيرة صادفتها اثناء عملي كموظف أمن في فندق الخليج بمسقط حيث تعطلت يوما سيارة كنت استقلها أنا وأحد الفرنسيين وجاء شرطي المرور وحاول مساعدتنا في تشغيل السيارة وعندما لم ينجح وحرصا منه على معالجة اختناق السير الذي نتج عن تعطل سياراتنا دفع السيارة بنفسه الى مسافة بعيدة وكان الجو حارا ومشمسا ولكنه نجح في إزالة العائق وحل مشكلة السير.
مرة اخرى وفي الليلة السابقة لكتابتي هذا المقال كنت عائدا من مطار السيب وشاهدت في الطريق العام مجموعة كبيرة من سيارات الشرطة بالقرب من دوار بوشر وكانت الساعة قد تجاوزت منتصف الليل فاعتقدت انه تفتيش من نوع ما ولكنني فوجئت بان عشرة من رجال الشرطة كانوا يعملون بجد في تنظيف الشارع العام من تراب تساقط من احدى الشاحنات الكبيرة التي كانت تقف الى جانب الشارع وقد كان اعجابي شديدا بتصرف الشرطة في هذا الظرف الطارئ.
ومما يلاحظ في عمان ان رجال الشرطة على اختلاف رتبهم الرسمية لا يغترون بملابسهم الرسمية ولا يحاولون أبدا استغلال نفوذهم للحصول على أية منافع ولن تجد ابدا بينهم من يقبل الرشوة بعكس ما يحصل من الشرطة في بلادنا لذا فأنا افكر انه سيكون من المفيد جدا انتداب شرطتنا الى عمان للعمل فيها لتعلم الكثير من شرطة عمان.
جميع المباني التي تشيد بعمان يتم التقيد في بنائها بمواصفات قياسية محددة فهناك خصائص معمارية خاصة بسلطنة عمان.
السيارات التي يتجاوز عمرها (10) سنوات تخضع لفحص سنوي للتأكد من صلاحيتها وعلى الرغم من تطبيق نفس النظام في بلادنا إلا أنه لم ينجح في تقليل عدد السيارات غير الصالحة التي تسير في شوارعنا وتملأها بالدخان.
التعليم في عمان مجاني كما يوفر كذلك النقل مجانا للطلاب من والى المدارس يوميا وطلاب جامعة السلطان قابوس على درجة عالية من النضج وتفخر السلطنة بهم فهم يحلمون بإكمال الدراسة والحصول على المؤهل الجامعي وليسوا مشغولين برفع الشعارات والاشتراك في مظاهرات معارضة يتم تفريقها بمسيل الدموع.
هناك الكثير من القلاع التاريخية موزعة على مختلف المناطق والدولة تشملها بعنايتها الخاصة وتقوم بتجديدها ورعايتها كما يوجد منازل قديمة وعريقة بمحاذة طريق الكورنيش البحري وقد تم ايضا تجديدها مع الحفاظ على نمطها وطابعها القديم على الرغم من وجود الكثير من المباني الجديدة والحديثة حولها.
حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس ابن سعيد المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ سلطان عمان قائد بكل ما تحمل هذه الكلمة من معان وهو يحب شعبه حبا كثيرا وقد تمكن من تحويل عمان من صحراء جرداء الى جنة لشعبه في وقت قصير لقد سبق وان توجت عمان كثاني بلد نظيف في العالم ويبادل الشعب العماني قائده المفدى حبا بحب ويفتديه بالروح ويحرص القائد على لقاء شعبه في قراهم وبلداتهم للسؤال عن احوالهم والاطلاع عليها عن قرب والاستماع الى شكواهم.
الصحف السيرلانكية مليئة بشكاوى النساء السيرلانكيات العاملات بمختلف بلدان الشرق الاوسط ولكن لا يوجد بينها شكاوى من عمان وفي بعض تلك البلدان السجون مليئة بالمواطنين السيرلانكيين والسفارات مكتظة بالعديد من الشكاوى ولن اكون مبالغا اذا قلت ان عمان بلاد تنعدم فيها مثل تلك الجرائم والمظالم بالتأكيد هناك بعض الاشخاص الذين يراجعون سفارتنا احيانا طلبا لمساعدتهم ولكنهم قلائل.
السبب في هذا الفرق بين بلادنا وعمان لا يعود الى اننا نسينا خصالنا الجميلة السابقة التي كانت مجتمعاتنا غنية بها ولكنني اعتقد ان السبب له علاقة بالسياسة والظروف السياسية واعتقد انني أكون على حق عندما اقول ان سبب ما تنعم به عمان من نعمة الاخلاق والمجتمع الحسن هو حاكم هذه السلطنة.
بينما عمان (حفظها الله) تحتفل بعيدها الوطني السادس والثلاثين ندعو لها نحن بالمزيد من البركة وبحياة طويلة وموفقة لشعبها ولسلطانها المفدى(حفظه الله ورعاه) .