الشتم والإستهزاء بالله

    • الشتم والإستهزاء بالله

      صور من الشتم والإستهزاء بالله والدين يجدر التنبيه إليها, لكثرة وقوع كثير من الناس فيها.

      نقلا عن كتيب (تنبيه الغافلين إلى حكم شاتم الله والدين).. صفحة 73-78.
      ^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^

      من صور الكفر والإستهزاء التي يكفر صاحبها, أن يصف أحدُهم حكم الله بأنه لا يصلح لكل زمان ومكان, أو أنه دين رجعي متخلف لا يواكب متطلبات العصر وحاجياته, والدين أفيون الشعوب, أو يقول قتل القاتل و قطع يد السارق وغيرها من الحدود هي ظلم, وهي ظاهرة غير إنسانسة وغير متحضرة, أو يقول سواليف البادية وعاداتهم, وكذلك القوانين الوضعية المغايرة لشرع الله المعمول بها في كثير من البلدان, هي خير من حكم الله, وهي تلبي حاجيات الناس وتواكب التطور أكثر من شرع الله, أو وصف غير شرع الله بأنه حسن وجميل, وهذا كفر لأنه وصف الشرك الذي قبحه الله بالحسن والجمال..!

      أو يقول: بفصل الدين عن السياسة وشؤون الحكم والحياة, وأن الإسلام ساحته المساجد والمواعظ وحسب, وما سوى ذلك فهو من خصوصيات قيصر أو غيره من البشر..

      ومن صور الكفر والإستهزاء كذلك, أن يطرح شرع الله على التصويت والاختيار, ويخضع لاختيار ورغبة الأكثرية, فيُعلى حكم الأكثرية على حكم الله..!

      ومنها أن يقدم بين يدي الله ورسوله بالتعقيب والاعتراض؛ كأن يقال: لماذا أباح الله للرجل الزواج من أربع نسوة, ولم يبح للمرأة أن تجمع في زواجها أكثر من رجل واحد, أو ليس من المساواة أن يفضل الرجل على المرأة في الميراث, أو التعدد في الزواج هو ظلم للمرأة, أو أن الطلاق ظلم وخطأ..!!

      ومنها الإستهانة بالقرآن الكريم, كإلقاء كتب وصحف وجرائد ـ فيها ذكر بعض الآيات الكريمة, أو اسم واحد من أسماء الله الحسنى ـ في حاويات القمامة, وهو يعلم أنها لا تخلوا من ذلك, لأن الاستهانة بآية واحدة من كتاب الله كالاستهانة بجميع أسماء الله الحسنى, ثم لماذا لا يتهيب الناس من أن يلقوا ورقة فيها آية واحدة من القرآن الكريم في حاوية القمامة والأوساخ, ثم يتهيبون من إلقاء المصحف كاملا فيها, علماً أن حرمة الآية الواحدة, بل الكلمة الواحدة من كلام الله كحرمة المصحف كاملاً, ولها نفس قدسية القرآن كاملا, لأنه كله كلام الله, ولا فرق بين كلام وكلام..

      ونحو ذلك وضع الأوساخ وفضلات الطعام على صحف وجرائد لا تخلوا من ذكر آية من آيات القرآن الكريمة أو اسم من أسماء الله الحسنى, أو وضع الصحف المليئة بالآيات في الأحذية كما يصنع باعة الأحذية المستعملة..!!

      فهذا كفر بواح, وفاعل هذا يكفر إن أصر على فعله بعد تذكيره وتنبيهه إلى سوء صنيعه, وقيام الحجة عليه, ونشترط قيام الحجة عليه في هذا الموضع لاحتمال وجود الغفلة والسهو, وعدم قصد الاستهانة...

      ومنها التغني بأسماء الله الحسنى في مواضع الفحش والفجور كما يفعل كثير ممن يسمون أنفسهم فنانين ومطربين..!

      وكذلك ذكر آيات الله عزوجل أو أسمائه الحسنى, أو علماء المسلمين في التمثيل على وجه التهريج والتهكم ليضكوا الناس.. كما يفعل ذلك كثير من ممثلي العصر.. من دون أن يجدوا حسيباً أو نكيراً!!

      ونحو ذلك التهكم باللحية, والسواك, والثوب القصير.. مع علمهم أنها سنن ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم.

      ومنها استحسان سماع الأغاني على سماع القرآن الكريم.. ومنها شتم الحرم, وأراد بذلك الكعبة المشرفة...

      ومن صور الشتم والإستهزاء كذلك, قول أحدهم أو إحداهن: أن الجلباب ـ اللباس الشرعي للمرأة ـ غير جميل, ولا يليق بالمرأة العصرية المتحضرة, أو أنه يدل على التخلف والتحجر, وأن الثياب الكاشفة الفاضحة لعورات المرأة, هي أفضل وأحسن, وأجمل وأليق وغير ذلك من عبارات التحسين (1) والتفضيل.

      أو قول أحدهم: ما الخطأ في أن تكشف المرأة عن رأسها أمام الأجانب, وماذا يحصل لو كشفت عن شيء من جسدها ـ غير الوجه والكفين ـ امام غير المحارم..!!

      ومنها سرد النوادر لإضحاك الناس, وتكون مادة هذه النوادر دين الله تعالى..!!

      ومنها أن يشار إلى مخلوق بصفة هي من صفات وخصوصيات الله تعالى وحده؛ كأن يقال عن إنسان أنه فوق المساءلة أو لا يُسأل عما يفعل, لأن الذي لا يسأل عنا يفعل هو الله تعالى وحده, كما قال تعالى: (لا يسأل عما يفعل وهم يسألون) (2) وقال تعالى: (ليس كمثله شيء) (3).

      ومهنا القول بالحرية الشخصية باسم الديمقراطية, بحيث يكون للمرأة الحرية في أن تتخذ خليلا تزاتيه متى أرادت..!!

      ومنها القول بأن الربى ضرورة عصرية لا يمكن الإستغناء عنه, أو أن النظام الربوي للبنوك نظام حضاري جيد يواكب حاجيات العصر الاقتصادية..!!

      أو أن الإسلام دين الحق, لكن في المجال الاقتصادي يفضل النظام الاشتراكي أو النظام الرأسمالي..!!

      ومنها أن يقال: إن الإسلام لم يعط المرأة حقها, أو أن المرأة قد ظلمت في الإسلام, أو أن قوانين الأنظمة الوضعية قد أنصفت المرأة والبشرية أمثر من الإسلام..!!

      ومنها أن يتمنى المرء حلّ بعص المحرمات كالزنى, والسرقة, وشرب الخمر وغيرها..!!

      أو يتمنى بعض الواجبات الشرعية كالصلاة, والحج, والزكاة أنها لم تكن قد شرعت, وإن كان قد قام بها.

      وكذلك قول أحدهم: حِلْ عن ربي, أو حل عن سماي إن كان يقصد أن الذي في السماء, الله سبحانه وتعالى..!!

      أو قال: يسعد الله, أو الناس أحرار فيما يعتقدون ويتدينون, و(كلمين على دينو الله ايعينوا), أو قال: فلان لا يقدر الله عليه, او لو أمرني فلان ـ لشدة حبه له ـ أن أعبد الأصنام والطواغيت لعبدتها..!!

      أو قال وهو يريد العدد والكثرة: مررت على حواجز الله, أو رأيت أشجار الله, أو فلان عنده مال ربنا..!!

      أو قال لشدة ضجره من فلان ما: يا ابن الله, أو يا الله..!!

      أو اشتغل ببيع الصلبان من أجل التكسب وغير ذلك, أو مسح دبره بالجرائد والصحف التي لا تخلو من ذكر الله عز وجل, وهذا ملاحظ بكثرة في المراحيض العامة التي يدخلها الناس..!!

      أو قال معترضاً على الله سبحانه وتعالى: فلان حرام أن يموت, أو من الظلم أن يموت في هذا العمر..!!

      أو قال لبغضه لجنسية من الجنسيات: لو كان فلان المصري أو السوري نبيا مرسلا لما آمنت به ولا صدقته, أو لو كان النبي مصريا لما آمنت به..!!

      وكذلك مشاهدة الأفلام والمسلسلات والمسرحيات ـ على وجه الإقرار أو الرضى أو التسلية واللعب ـ المليئة بالكفر والاستهزاء والطعن بالدين, ونحو ذلك السماع إلى الأغاني المحشوة بالكفر والتهكم بالدين..!!

      فهذه الأقوال والصور من الشتم والاستهزاء والاستهانة, والاعتراض كلها (4) تعتبر كفراً بواحاً تخرج صاحبها من الملة, وقد تضافرت على ذلك أدلة الكتاب والسنة.

      لذا ينبغي على كل من ينشد السلامة في دينه ودنياه, ويرجو النجاة في الآخرة, أن يحطاط كل الحيطة لنفسه ودينه, ويحفظ لسانه من الكفر والزلل, فرب كلمة واحدة يطلقها المرء لا يلقى لها بالاً, توبقه في نار جهنم أبد الآبدين..

      نسأل الله تعالى السلامة وحسن الختام, إنه سميع مجيب.

      @@@@@@@@@@@@@@@@@@@

      الهوامش:

      (1) هناك فرق بين امرأة لا ترتدي اللباس الشرعي, لكنها تعترف بتقصيرها, وبأنها آثمة, وترجو الهداية, وتقر بأن الحجاب الشرعي هو الأكمل والأفضل والأجمل, وبين امرأة لا ترتدي الحجاب الشرعي, لكنها لا تقر بتقصيرها ولا تعترف بأنها آثمة أو مخطئة, وهي بالمقابل تثني على ثيابها الفاضحة وتصفها بأنها الأكمل والأفضل والأجمل, فالأولى عاصية ولكنها لا تكفر, بينما الأخرى تكفر.

      (2) سورة الأنبياء: 23

      (3) سورة الشورى: 11

      (4) منها ما يستلزم التنبيه وقيام الحجة على صاحبها قبل تكفيره بعينه, ومنها لا يستلزم بحسب احتمال وجود الغفلة والجهل المعذر لكل حالة من الحالات الآنفة الذكر, وعلى العموم نقول: لا يجوز تكفير الشخص المعين إلا بعد التثبت من انتفاء موانع التكفير عنه, وقد تعلمنا عنها في كتابنا ((قواعد في التكفير)), فليراجع.