متى أيها الفجر تستفيق ويعانق ضياءك كوني ففي هذا الليل الممتد الذي تتألق ظلمته في قلبي أردد أفكاراً سخيفة وملوثة بمدادك المعتاد لتسيل على خدها جراح الكون الحزينة التي تولد من رحم هذا الهدوء المخيف .. هذا الهدوء الذي ماتت على ظهره أحلام وردية جميلة وأمنيات كانت ترسم لنفسها ميلاد للحياة .. أمنيات كانت تتألق كالضوء في ذاتي وحفرت لها في سمائي وجه جميل كوجه القمر على خد السماء ، ولكن لعاب هذا الليل وطول إقامته قد أحال أمنياتي إلى سراب وأحلامي إلى أوهام وغدوت كالطائر الذي يطير بجناح مقصوص يود الطيران فيتألم فتعانقه شهوة الموت ولا تأتيه . هذا أنا أعانق الظلمة وأحاول أن أفك رموز سوادها كما أحاول أن أتعرف على موقعي فيها وبين ذاتي وبينها صراع فهذه الذات تود الإرتحال إلى عالم النور وهذا الليل لازال في أول مراتع إقامته يشيد أوتاد خيامه ولا يلتفت كثيراً إلى الوراء وليته يلتفت لعله يراني . آهـ أيتها النافذة الصغيرة ليت نفسي تغادر هذا المكان وليت الليل لا يلج من أثقبك التي حفرها الزمن عبر السنين ففي ذاك الصباح الذي إرتحل منذ أمد بعيد كان عصفوراً يقف كل نهار على أطرافك يعانق فيك وجه الضوء ويشرب من أفراحي ثم يرتحل مغرداً واليوم لا عصفور ولا صباحات ولا حلم ألتحف به ، فكم حاولت كثيراً أن أشعل شموع الرغبة في داخلي لكن ذاكرة الأمس أطفأت تلك الشموع ، وكم حاولت أن أوصل للناس صراخي لكن ساعات الليل قد كتمت هذا الصراخ ولا أعلم متى نهاية هذا المطاف ومتى تقف طوابير الحزن المتوالية والتي تتدافع في هذه الذات التي لا رقعة فرح يسكنها بعد أن أقام الدهر فيها مآتمه وذابت كل السموم على هذا الجسد الكالح .
عفواً أيتها الريح التي تهمهم في سكون خاشع إني أتجرع إحتضاري الأخير وودي ...
جزء من مقالي ( بكاء على صدر الظلام ) والذي سوف ينشر بإذن الله يوم الأربعاءالموافق 26/6/2002 بجريدة عمان
عفواً أيتها الريح التي تهمهم في سكون خاشع إني أتجرع إحتضاري الأخير وودي ...
جزء من مقالي ( بكاء على صدر الظلام ) والذي سوف ينشر بإذن الله يوم الأربعاءالموافق 26/6/2002 بجريدة عمان