الرسول الأعظم وجهاز الحاسوب

    • الرسول الأعظم وجهاز الحاسوب


      *علمانيو العولمة والإعجاز القرآني*

      كثيرا ما نجد بعض الحداثيين وممتطيي موجة العولمة والعلمانية منهم العرب وغير العرب سواء أكانوا من أولئك الرافضين لوجود الدين أصلا، أوممن يميلون الى وجوده والاعتراف بنزوله، ولكنهم ينكرون قدرته على استغراق واحتواء مستحدثات العصر، ومبتكراته، ملمحين أحيانا الى أن الدين قد شل قدرة العقل البشري على التطور وحد من طاقته على التفكير، متحججين في ذلك بالدافع الذي يتمثل في صورالريبة والشك لديهم أنهم كلما أحسوا امتلاكهم قدرا من العلم، ومن أدوات تحليل وتركيب الأفكار،أصبح من واجبهم ومن حقهم امتلاك زمام ريادة الشعوب، وتنصيب أنفسهم أئمة عليها، ليوجهوها نحوالمزيد من التطوروالرقي ـ حسب أهوائهم طبعا ـ وأنه من واجب هذه الشعوب أن ترى ما يرون وتتبع وتنفذ ما فكروا فيه وإلافسوف يحملونها مسؤولية تقهقرها وتخلفها، في شتى الميادين، وأنها لن تستطيع تحقيق نتائج تذكر في مجال محاولات تطورها ورقيها ، وتقدم الإنسان العربي والمسلم وتوفير وسائل راحته وازدهاره.
      فإن كان هؤلاء الحداثيون العلمانيون الذين ما فتئوا يطلون علينا كل يوم ـ تقريبا ـ عبر أعمدة الصحف واسعة الانتشار في مختلف أنحاء الوطنين العربي والإسلامي مرددين باحتشام أن التفكير العلمي الحر قد وقف في وجهه ذلك المقدس الذي لايجوزالاقتراب منه أو البحث فيه، فإن كانت لديهم الشجاعة والجرأة الكافيتين فليقولوا أولا ما رأيهم في خلق السماوات والأرض، وما هي نظرتهم للحياة وللوجود والكون، دونما ارتكازعلى أسس دين أو معتقد وينشرون أفكارهم تلك بدون تلميحات، كما نشر سلمان رشدي وتسليمة نسرين رأيهما بكل وضوح، وساعتها ينتظرون رد من يخالفهم الرأي،عارضين أدلتهم وبراهينهم للدلالة على ما ذهبوا إليه، دونما وجل أو تردد، من "أفكار"وهرطقات وتهويمات، قد خاض في يمها أغلبية المفكرين المسلمين وغيرهم، ولم يتركوا أي مجال لم يقلبوه من جميع أوجهه، فعاد بصرهم ـ بعد تلك الرحلة الشاقة ـ إليهم خاسئا حسيرا، بدءا من المعارك التي خاضها " المعتزلة والقرامطة وانتهاء بالحلاج وبابن رشد..مع بعض التحفظ حول تلك المدارس الفكرية والمداهب الدينية والمشارب السياسية " ومن حذا حذوهم، وما تمخض عنها من مآس ومحن، مانزال نتجرع مرارتها الى اليوم!
      ـ أليس تخلف المسلمين في شتى مجالات الحياة مرده الى أسس فكرية خاطئة، قعد لها أولئك المرجفون وعبر الخريطة الزمنية لما يربو عن عشرة قرون ؟!
      ـ أليس ذلك الصراع الخفي الهادف الى الهدم سعيا لإفشال وإلغاء أفكار الآخرهو ما يهدد وجود الطرفين معا ؟!
      ألم تكن دورة الحضارات في صعودها وتقهقرها ناجمة أصلا عن أفكار ومعطيات أسست لها ؟!
      ـ من باستطاعته البرهنة على أن الفساد السياسي والاقتصادي والثقافي الذي تعيش مظاهره الآن الأمتان العربية والإسلامية سببه تشبث العرب والمسلمين بمباديء عقيدتهم الدينية ؟!
      لمحاولة الاقتراب من الإجابة عن تلك الأسئلة نورد بعض الآيات القرآنية قائلين: أن مثل هذه الأمورنراها لا تقدم ولا تؤخر في مجال البحوث التي تناولت أوستتناول قضايا غيبية كبرى لم يصبح باستطاعة العقل البشري تحمل مشاق الخوض فيها، وأن صراعا بين تيارين معروفين من المفكرين في عالمنا العربي والإسلامي قد استنفد كل منهما طاقاته في عملية محاولة إلحاق الهزيمة بمن يخالفه الرأي في هذا الشأن ، فليتقوا الله في أنفسهم أولا، وفي الأجيال الصاعدة التي لم تعد تتحمل مثل هذه المعارك الفكرية البيزنطية عديمة النفع ثانيا، فإن كان ولابد فليقترح كل من الطرفين عقد مؤتمرعالمي يتباريان فيه بالتوصيات والنتائج التي قد يتوصل إليها الجانبان للفصل في الموضوع، موضوع الديني واللاديني وتنويرالباحثين والمهتمين والمعنيين وكذا عموم الناس، فيظهر من هو على حق ومن يدعو الى باطل، وكل ذلك في إطار (ولا يزالون مختلفين ) (هود، الآية:118)
      الله جل وعلا
      ( ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا ) (الإسراء ،الآية :36 )
      الله هو الأول، الذي لا شيء قبله، والآخِر الذي لاشيء بعده، الظاهر، الذي لا شيء يخفيه، الباطن الذي لا شيء يجليه، سبحانه وتعالى عما يصفون .
      جاء جمع من سكان اليمن إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يسألونه عن كيفية بدء الخلق، فقالوا له: أخبرنا يا رسول الله، كيف كان الكون قبل أن يخلق الله مخلوقاته، أي قبل خلق القلم، واللوح المحفوظ، والعرش، وسائر مخلوقاته وموجوداته من جنة ونار و جن وبشر ووحوش والسماوات والأرض، فقال: كان الله.. فقالوا له كيف؟ فقال في عمى.. أي لا يستطيع العقل البشري تصور شيء.
      فأول شيء خلقه الله هو القلم، و النون التي هي الدواة ( ن والقلم وما يسطرون ) قال الله للقلم : اكتب، قال يا رب ماذا أكتب؟ قال: اكتب علمي فيما هو كائن وما يكون إلى يوم القيامة، ثم خلق اللوح المحفوظ الذي كتب فيه كل شيء .( رفعت الأقلام وجفت الصحف )
      ثم خلق العرش ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه:
      إن السماء الدنيا ما هي بالنسبة للسماء الثانية، إلا كحلقة في صحراء، وأن السماء الثانية، بالنسبة للسماء الثالثة، ما هي إلا كحلقة في صحراء، وأن السماء الثالثة، بالنسبة للسماء الرابعة، ما هي إلا كحلقة في صحراء، وأن السماء الرابعة، بالنسبة للسماء الخامسة، ما هي إلا كحلقة في صحراء، وأن السماء الخامسة، بالنسبة للسماء السادسة، ما هي إلا كحلقة في صحراء، وأن السماء السادسة بالنسبة للسماء السابعة، ما هي إلا كحلقة في صحراء، وأن السماء السابعة بالنسبة للعرش، ما هي إلا كحلقة في صحراء، وأن العرش بالنسبة للكرسي، ما هو إلا كحلقة في صحراء.
      ( ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية.) (الحاقة، الآية: 17 )
      ( ثم خلق باب التوبة من جهة الغرب ، يبلغ اتساع هذا الباب مسيرة سبعين عاما ، تركه مشرعا للتائبين، إلى أن تشرق الشمس من الغرب،أي أن باب التوبة يبقى مفتوحا لمن أذنب وعصى فيرجع ويتوب إلى رب العالمين، فإذا أشرقت الشمس من الغرب أغلق هذا الباب وانتهى الأمر فلا توبة بعده .
      ثم خلق الرحم، التي تعلقت بعرش الرحمان قائلة: أعوذ بك ممن قطعني، فقال لها: (من وصلك وصلته، ومن قطعك قطعته، أترضين قالت رضيت)
      ثم خلق مئة رحمة، فأنزل منها إلى مخلوقاته واحدة، واحتفظ بتسع وتسعين أخرى ليوم القيامة.
      كل ما نراه ونحسه من عطف وتعاطف ومحبة وشفقة في الأمهات والأباء من بشر أو حيوان أو طير،ما هو إلا رحمة واحدة من مئة رحمة خلقها الله جل وعلا.
      ثم خلق الملائكة والجن وبقية مخلوقاته (وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة....)
      ( البقرة الآية 30) ما رأيهم في هذا فلسفيا ولاهوتيا ومنطقيا؟!!

      وترى الجبال تحسبها جامدة..

      توضيحا لذلك أحاول أن أستعرض بعض الآيات ، التي تتحدث عن حقائق إعجازية، وردت في القرآن الكريم وأثبتها العلم الحديث، متحدية أفهام الناس وعقولهم، أيام نزوله وإلى يوم يبعثون على لسان خير البشر، محمد صلى الله عليه وسلم، إذ لم يتعد فهم بعض الناس لمعاني بعض الآيات التفسيرالظاهري لها، وقد كانت تعتبر بالنسبة للكثيرمنهم ـ مؤمنين وكفارا ـ غاية في العمق والشمولية والدقة والبلاغة، وذلك على الرغم من كون القوم كانوا سادة العربية، وفحول بيانها، بينما البعض الآخر أدرك بإيمانه الراسخ، ويقينه الثابت، أن القرآن جملة وتفصيلا، بآياته المحكمات والمتشابهات، هي إعجاز بياني رباني، وإفحام منطقي،لا يمكن مضاهاتها أو التطاول عليها ،لأنها كلام رب العالمين (لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد. (فصلت، الآية: 43 )
      لا ولن يمكن لأي مخلوق ـ وبأي حال من الأحوال ـ أن يأتي بمثله، ولو بآية واحدة منه، ( قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا.)
      (الإسراء ، الآية 88 )
      ولنبدأ بالآية التالية، ثم نرى مدى قدرة وقوة حجج هؤلاء للرد على ذلك :
      ــ (وترى الجبال تحسَبُها جامدة وهي تمرمرالسحاب صنع الله الذي أتقن كل شيء..)
      (النمل، الآية :88 )
      من المعلوم، أن أعلى نقطة في العلو، وصل إليها الإنسان، أيام نزول القرآن الكريم، هي سنام الجمل، أوظهر الفيل، أو صهوة الجواد،أو سطح الكعبة، أو قمة الجبل،أوهرم، باستثناء محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذي وصل إلى سدرة المنتهى، في رحلته المعروفة، ليلة الإسراء والمعراج، بينما ما عداه من الناس لم يكونوا يعرفون معنى لمرور الجبال كمر السحاب، فالآية تتحدث عن مرور الجبال وحركتها، وسفرها الدائمين، فقد كان بعض الناس يظنون أن الجبال، لا يمكن أن تتحرك من مكانها، وأنها ثابتة، ولذلك يُضرب بها المثل في الثبوت، وعدم الحركة، فيقال للشيء: (ثابت ثبوت الجبال). وأن الحديث عن مثل هذا الأمر،أي تحرك الجبال وطيرانها ـ إن جازالتعبيرـ يعتبر ضربا من ضروب الهراء، أو نوعا من أنواع الخبل، الذي قد يصيب عقل من يقول بذلك.
      فلو كان المقصود ـ والله أعلم بمراده ـ رؤية الجبال في يوم القيامة فقط ، تتحرك، وتسير، لذكرت الآية مثلا : (ويومئذ ترى الجبال..) ولكنها قالت: وترى الجبال، أي أنها على غرار (سنريهم آياتنا في الآفاق..) ومن ثم ها نحن أهل القرون الحديثة والبعيدة عن ذلك العصر، نلاحظ أن الجبال تمرمرالسحاب، كيف؟
      الجواب: بعد أن يسرالله للبشروسائل تجاوز الغلاف الجوي، والتخلص من الجاذبية الأرضية والنفوذ إلى الفضاء الخارجي ،بعد أن أخذوا بالأسباب طبعا (ثم أتبع سببا...)(الكهف، الآية: 89،92 )
      (يا معشرالجن والإنس إن استطعتم أن تنفذوا من أقطارالسماوات والأرض فانفذوا لا تنفذون إلا بسلطان..)
      (الرحمن ،الآية :33)
      وصعدوا إلى سطح القمر، بل إلى أكثر من ذلك إلى كواكب أخرى، ما كانت لتخطرعلى قلب بشر، وما نزول رائدي الفضاء (أرمونسترونغ وألدرين) وووضع قدميهما على أديم القمر سوى عينة على ذلك.
      فلو فرضنا مثلا أن أحدا من أهل العصرالأول، الذي نزل فيه القرآن، هوالآن حاضر معنا، وذكرنا له أن الإنسان قد أصبح بإمكانه النزول على سطح القمر،هذا القمرالذي كان الشعراء يتغنون ببهائه وجماله، ويتغزلون بحسنه، صاراليوم جبالا وصخورا، لقال: أن هؤلاء الذين يستطيعون فعل ذلك هم الشياطين وليس البشر، وذلك نظرا لاستحالة تحمل عقله، لهذا الأمر، ناهيك عن التصديق به .وكما جاء في الأثر أن(الجبال لا يقهرها إلا الحديد، والحديد لاتقهره إلا النار ، والنارلا يقهرها إلا الماء ، والماء لا تقهره إلا الريح، والريح، لا تقهرها إلا الصدقات) الصدقات أسرع وأقوى من الريح.
      و لنتلو الآية من جديد ،(وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب) :
      من كان يظن من هؤلاء الناس، أن الأرض مكورة الشكل! أوأنها عبارة عن كرة مستديرة ، تسبح في الفضاء اللامتناهي،أوهي مثل حبة رمل، ملقاة في صحراء، مترامية الأطراف، بالنسبة للمجموعة الشمسية، وللفضاء الفسيح، وما فيه من مجرات؟! أوأنها كوكب صغير،لا يكاد يرى ، في محيط مجرة، تسبح ضمن عدد غيرمعروف لحد الآن من المجرات ، التي لاعد لها ولا حصر، حسب آخر ما توصل إليه علماء الفلك والفضاء، وما تم استنتاجه من نظريات، ثبتت صحة فرضياتها، وذلك بعد أن غزا الإنسان الفضاء الخارجي بوساطة مختلف المسابرالفضائية، وما تم الوقوف عليه من حقائق علمية ثابتة، في أن الأرض ما هي إلا كوكب صغيرجدا جدا يسبح في الفضاء، كسائر الكواكب الأخرى. ألم يكونوا يعتقدون أنها مركز الكون ومحوره ؟!
      وقد جاء في تفسير القرطبي، وابن كثير: أن الجبال يراها الناس يوم القيامة جامدة، أي واقفة، لا تتحرك بينما هي في واقع حالها تتجمع وتسير، لتصير كالعهن أو كالسراب، فتراها العين كأنها غير متحركة ، وهي تمر مر السحاب، وهذا ربما ـ والله أعلم ـ تفسير ظرفي ، جاء لزمانه، بينما الحقيقة الماثلة للعيان الآن، هي أن الجبال تسير، وتتحرك، وهي مسافرة سابحة في الفضاء، ولم يكن باستطاعة هؤلاء المؤمنين، آنذاك إدراك هذه الحقيقة، نظرا لعدم وجود وسائل، تساعدهم على فهم هذه الحقيقة المكتشفة حديثا، وكنوزالقرآن وحقأئقه لا تنتهي بانتهاء حقبة معينة أو عصر من العصور.
      فهو تحدِ واضح جلي، لعقول سكان الجزيرة العربية من غير المؤمنين، الذين كانوا يعتقدون أن محمدا صلى الله عليه وسلم لم يأته جبريل، ولم ينزل عليه الوحي من ربه، بل ربما طاف به طائف من الجن،أو أنه سحر أوأن القرآن الذي أتى به لم يكن سوى من نسج خياله، فهل كان الرسول صلى الله عليه وسلم خبيرا في علم الجغرافيا؟! أو في علم الجيولوجيا؟! أوفي علم الفلك؟! أو أنه كان يملك مراكب فضائية تساعده على الانطلاق في أجواء الفضاء الرحب، ومن ثم يتوصل إلى حقيقة أن الأرض كروية الشكل، وأن الجبال تمر مرالسحاب، بالنسبة للملاحظ الموجود خارج الغلاف الجوي للأرض ....؟!
      فكيف يتسنى لرجل لم يغادر شبه الجزيرة العربية، إلا نحو الشام تاجرا، في رحلة الشتاء والصيف؟!( لإيلاف قريش إيلافهم رحلة الشتاء والصيف) (قريش، الآية: 2 )
      أن يعرف هذه الحقائق من دون وحي، أومن دون وسائل ارتقاء؟!.....

      ( وكل في فلك يسبحون) ( يس، الآية 40) كل شيء في الكون يَسبح ويُسبح بما فيها الأرض التي كانوا يرونها، وهم يمشون على أديمها أنها مركز الكون، فالأوائل لم يكن بإمكانهم إدراك أن الأرض تسبح مثلها مثل بقية الكواكب والنجوم، باعتبار أنهم كانوا يلاحظون بأعينهم أن تلك الكواكب والنجوم من غير الأرض تتحول من مكان الى مكان في حين أن الحقيقة هي أن ما كانوا يشاهدونه هو مواقع النجوم وليست النجوم ذاتها، فالمدة التي يستغرقها وصول الضوء الى الأرض تتطلب زمنا طويلا،(8 دقائق) وبالتالي فالنجوم قد غادرت مكانها منذ فترة غير قصيرة، فهؤلاء لم يكونوا يشاهدون سوى مواقع للنجوم، وهو الأمر الذي ورد في الآية:( فلا أقسم بمواقع النجوم)(الواقعة، الآية:75)
      إذن الأرض تدور حول نفسها دورة كاملة خلال أربع وعشرين ساعة بما فيها الجبال الراسيات على أديمها وفي عمقها وتدور حول الشمس دورة كاملة خلال ثلاثمئة وخمس وستين يوما (وترى الجبال ...نحن نراها من خلال هذه الدورات المتتاليات تمر كمرالسحاب ، فالسحاب يمرحولها سواء أأفرغ حمولته أم لم يفرغها، أأكمل دورة حول الأرض أم لم يكملها، فهو متنقل إذن والجبال متنقلة كذلك.من أين لمحمد صلى الله عليه وسلم معرفة ذلك إن لم يكن ما يقول به وحيا يوحى وتنزيل من رب العالمين؟!!!

      صنع الله الذي أتقن كل شيء
      كل المصنوعات التي نعرفها ونلمسها بأيدينا ونعرف منافعها من أدوات مختلفة ووسائل مادية نستعملها في حياتنا اليومية فيقال أنها من صنع الشركة الفلانية أو العلانية ومن إبداع وتخطيط وتنفيذ وتركيب فلان، هي في حقيقة الامراكتشافات لحقائق كانت موجودة من قبل، فالشركة لم تصنع شيئا يذكرابدا، إنما الإنسان، بعد أن هداه الله الى ذلك توصل إلى قوانين وجودها وتركيباتها المختلفة، وأنه لم يضف إليها شيئا أبدا، فالصانع المبدع هو الله سبحانه وتعالى، فكما أن الإنسان الأول توصل إلى معرفة كيفية إشعال النار بوساطة احتكاك الأشياء بعضها ببعض، كذلك إنسان اليوم توصل إلى حقيقة تذويب الحديد والنحاس ومعادن أخرى وصهرها وتركيب أجزائها، وضمها إلى بعضها البعض، ثم ركب السيارة والطائرة والغواصة ومختلف وسائل التمدن التي نلمس منافعها المباشرة وغير المباشرة، فبعد إعماله النظر في الشيء، وكذا التامل في مكوناته، والعناصر التي يتركب منها ، تاتيه الفكرة،،أية فكرة،، من شأنها أن تقوده إلى الاستفادة من ذلك الشيء، فيحلل، ويركب ويعيد التحليل والتركيب وهو ما يسمى بالتقنية، أي أن الفكرة تتحول من شيء نظري إلى شيء ملموس، فتسمى هذه العملية (تكنولوجية) كل ما يخطر على البال ويمكن استغلاله لصالح الإنسان والاستفادة منه يحول إلى ملموسات ومحسوسات، أصوات.... الصوت مادة، أبواق ،أجراس، طبول،أشرطة اسطوانا... روائح، عطور طيبة، وغير طيبة ،، مأكولات ... ملبوسات .... صنع الله الذي أتقن كل شيء ،، نعم كل شيء،، هل هناك من شيء يمكن استثنا ؤه؟! أبدا المعنى واضح جلي ولا يحتاج إلى تفسير أو تأويل، أتقن أي: عمله بإتقان متناه في أية صورة ما شاء ركبه.في البحر نرى الرخويات، والثديات، بألوانها الزاهية وأشكالها المختلفة،،،،وفي البر نفس الشيء، وفي السماء الأمر ذاته.
      هو المبدع المصور، فاطر السماوات والارض، بينما البشر ماهم إلا مكتشفين لأمور كانت وما تزال موجودة أصلا، في الكون فالإنسان لم يضف إلى تلك الموجودات ولو جناح بعوضة، بل ولو جزء من مليار من جناح بعوضة.
      فكل العناصر المادية الموجودة، المعروفة وغير المعروفة، من حديد وفضة وذهب ونحاس، هي من خلق وصنع الله ، والانسان منذ أن خلقه الله كبقية مخلوقاته، يحاول باستمرار أن يعرف ماهية الأشياء، وكنهها، ولكنه بعد الجهد والعناء والبحث المتواصل عبر مختلف الأجيال والعصور ، يعجزعن إدراك جوهر الأشياء وماهيتها، من ذرات ونترونات... فيعود بصره إليه حسيرا، فلا يستطيع الوصول إلى حقيقة خلق الأشياء، إنما الله هوالذي ييسرله معرفة مكوناتها، للاستفادة منها ومن خصائصها، وتطويعها لصالحه، ولذلك فلا ينبغي أن نقول بضرورة استيراد التكنولوجيا من دول الغرب، فالتكنولوجيا لا تستورد، إنما هي مجرد اكتشافات لقوانين علاقات ونواميس تضبط الأشياء التي غابت عن إدراكنا. فلولا تلك الحواجز والقيود السياسية، والعادات السيئة، والأعراف البالية، التي تعيق جهود النوابغ والعباقرة وتجعل الأجيال تراوح مكانها مقلدة ،غير مكتشفة، مستهلكة غير منتجة ولا مضيفة لما سبق ، في كل شيء، وهي الظروف التي لاتسمح بمحاولة إعمال النظر والتأمل في موجودات الله، الذي أتقن كل شيء، لسارت وقطعت أشواطا طويلة في ميدان الاكتشافات واستغلال العناصر الطبيعية التي أوجدها الله منذ أن فطرالسموات والأرض وما بينهما.
      فالعمل الصالح في نظري الذي فاق إماطة الأذي من الطريق هو صناعة الطائرة واكتشاف الكسندر فليمينغ للبنسيلين واكتشاف الكهرباء ... الى غير ذلك من الأعمال النافعة للإنسان فما الذي جعل المغضوب عليهم والضالين يتمكنون من الوصول الى اكتشاف أسرار قوانين الطبيعة في الجو والبر والبحر ويصنعون ـ لغيرهم الذين أنعم الله عليهم بنور القرآن ـ السيارة والطائرة والباخرة والهاتف والحاسوب والأقمار الاصطناعية، إنها الحواجز السياسية التي تجعل الأجيال متخلفة ثقافيا واقتصاديا ومن ثم اجتماعيا وأخلاقيا فلا تستطيع حتى اكتشاف عوامل تخلفها ولا أسبابه فما بالك باكتشاف أسرار وقوانين موجودات الله في العالم!!
      وأنزلنا الحديد..
      ( وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس..) ( الحديد، الآية: 25)
      ربما لم يسأل بعض الناس عن كيفية نزول الحديد، وأن مفهومهم لمعنى نزول الحديد، لم يتعد الإيمان، والتسليم، لأن البحث بدون توفرالأسباب مضيعة للوقت، وتضييع للجهد، وقفز في الفراغ، في حين نجد أهل العصور الحديثة، قد هيأ لهم المولى تبارك وتعالى، كل أسباب البحث والتنقيب والاطلاع والاكتشاف، وربما قد سألوا عن كيفية نزوله، فاقتنعوا لضرورات الإيمان، وقد جاء في الحديث الشريف عن رسول الله أن الله أنزل أربعة أشياء من رحمته هي الحديد والنار والماء والملح.
      وقالوا كذلك أن الحديد قد أنزل مع آدم كالميقعة أي المطرقة والسندان وكذا الحجرالأسود الذي كان أبيض ثم تحول الى أسود.
      أما الآن فقد زود المبديء المعيد عباده بوسائل علمية، سخرها لهم، وعلموا أن الحديد قد أنزله الله إلى كوكب الأرض، منذ ملايير السنين، ولم يكن عنصرا من العناصرالطبيعية المعروفة ، حسب نتائج آخر الدراسات والبحوث العلمية، أي منذ الإنفجارالأول للكون،(كانتا رتقا ففتقناهما) بإرادة الله ،
      وأن الحديد قد أنزله الله من خارج كوكب الأرض ، فكان الناس لا يسألون إلاعما تصل إليه مداركهم العقلية، والحسية
      (ثم استوى إلى السماء وهي دخان فقال لها وللأرض ائتيا طوعا أوكرها قالتا أتينا طائعين..)
      (أولم يرالذين كفروا أن السماوات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما ....)
      ( الأنبياء، الآية:30 )
      أي أن السماوات والأرض كانتا ملتصقتين ففصلهما الله عن بعضهما، وخلق من السماء سبع سماوات ومن الأرض سبع أراضين،أي أن السماء كانت لا تمطر والأرض لا تنبت، وبعد فتقهما وفصلهما عن بعضهما،أنزل ما شاء من المعادن، وهوالأمرالذي يعبرعنه العلماء الآن بالإنفجار الأول للكون، فكيف تسنى لمحمد صلى الله عليه وسلم أن يدرك هذا الأمر دونما وحي؟! ولماذا كانت (وأنزلنا الحديد.. هي الآية:26 كما يقول العلماء بإضافة آية البسملة إليها التي تأتي في مقدمة كل سورة من سور القرآن وليست مقصورة فقط على سورة الفاتحة، تتوافق مع عدد الوزن الذري للحديد وهو 26 ؟!!.......
      وما أنتم له بخازنين
      ( وأرسلنا الرياح لواقح فأنزلنا من السماء ماء فأسقيناكموه وما أنتم له بخازنين ..)(الحجر ألآية: 22)
      إن الكميات المعروفة من الماء أو غيرالمعروفة،الموجودة على سطح كوكب الأرض، سواء كانت محمولة في ركام السحب أوهي في باطن الأرض أوهي في البحار والمحيطات هي نفسها بأوزانها وأحجامها منذ أن خلق الله الأرض وما عليها، لم تضف إليها قطرة أو تنقص، سواء تبخر الماء، أو لم يتبخر، تحول من سائل إلى غاز، أو جامد، فالكمية هي نفسها، تنتقل من حالة إلى أخرى، دون زيادة، أو نقصان ، الماء نشربه، ثم تخرجه أجسامنا بشكل أوآخر، فيسلك طريقه إلى الأرض، ثم إلى النهر، أو إلى البحر، ثم يتبخر ويتكثف عبر السحاب،وهكذا دواليك، يعيد الكرة نفسها...
      (ثم يجعله ركاما فترى الودق يخرج من خلاله..) (النور ، الآية: 43)
      (ويجعله، كسفا فترى الودق يخرج من خلاله..) (الروم، الآية:48)
      فينزل مرة أخرى مطرا، فننستعمله في أغراض كثيرة، أو نشربه، مرة أولى، وثانية، وثالثة، ورابعة ومليون مرة.... ولذلك يقال:( دورة المياه) وهكذا، (فما أنتم له بخازنين..)
      من بإمكانه تخزين الماء ؟! أفي براميل ؟! أفي أوعية؟! أفي أحواض؟! هذا ليس بتخزين، فالتخزين ألا يغادر مكانه، ولا أن تتحول حالته من حالة إلى حالة، خارج إرادتنا، ذلك مستحيل طبعا .
      تتدخل مشيئة الله، فتغيره من وضع إلى وضع آخر، سواء، بفعل الزلازل والفيضانات والطوفان، أوبحالات التجمد والتبخر...فهل محمد صلى الله عليه وسلم كان كيميائيا! حتى يطلع على هذه الحقيقة العلمية، ألم يكن النبي أميا! لا يقرأ ولا يكتب ؟! من زوده بهذه الحقيقة الثابتة، الراسخة رسوخ الشمس الساطعة ؟! أليس علام الغيوب، غفار الذنوب، ستار العيوب؟! سبحانه وتعالى عما يصفون ...؟

      كأنما يصعد في السماء
      ( يجعل صدره ضيقا حرجا كأنما يصعد في السماء..)
      ( سورة الأنعام، الآية: 125 )
      ـ كيف عرف النبي صلى الله عليه وسلم أن الإنسان إذا ما قطع مسافة ما في ارتفاعه وابتعاده عن سطح الأرض يضيق صدره، ويكاد ينفجر، إن لم يكن مزودا بأجهزة، تمده بالأوكسوجين، وهي نفس العملية التي تحدث للإنسان أثناء غوصه في أعماق البحار، يضيق صدره ولا يستطيع تحمل ضغط المياه ؟!
      فكذلك لا يمكنه تحمل ضغط الجو الخارجي ، كيف كان بإمكان النبي الأمي أن يصل إلى هذه الحقيقة الثابتة التي وقف عليها علماء البحار وعلماء الفضاء والفلك في العصرالحديث؟! أفبعد هذا ينكرون؟!! فبأي حديث إذن يؤمنون؟!!أليست الآيات باهرات ومعجزات ؟!! أليست لهم عقول يفكرون بها؟!! وأبصار ينظرون بها؟!! المجهر والتليسكوبات والقميرات وليعلم القاريء الكريم أن الكاميرة هي لفظ عربي شكلا ومحتوى فابن الهيثم هو من ابتدع تلك الكوة الصغيرة التي كان يرى بها الأشياء بوساطة تسليط الضوء فسماها قميرة أي تصغير قمر ومن ثم أخذها الغرب وغربت لتعود إلينا في شكل قميرات فيديو وعدسات تصوير سنمائي وتلفزي ردت إلينا بضاعتنا مطورة ونحن نائمون، فصح النوم. لقد أوصلتهم كاميرات المصورين الى أعماق البحار والى ظلمات المحيطات وشاهدوا عن قرب مخلوقات لا تعد ولا تحصى بأشكال وألوان وأحجام لم يكن في إمكان أي بشرآخرأن يراها أويرى مثل ما يرون اليوم ؟!! ماذا يريد هؤلاء الناكرون الجدد؟!! أتحييد القرآن وتعطيل آياته لدى الذين آمنوا به؟!! أم إلغاء عقول وأفهام من آمن وترسخ إيمانه بفضل من الله وهدايته ؟!! هيهات، وعبثا يحاولون!.

      التوسع المستمرثم الرجوع
      (والسماء بنيناها بأيد وإنا لمُوسِعون) (الذاريات الآية: 47 ) إن آخر ما توصل إليه العلم الحديث، في مجال بحوث الفضاء وسبرأغواره هو أن الكون ما فتيء يتوسع ، وهو في حالة امتداد متواصل، منذ أن خلقه الله ، وسوف يستمر في توسعه إلى ما شاء له، ثم يعود مرة أخرى إلى حالته التي انطلق منها، وهي حالة التكثف والانزواء، والانكماش آي إلى نقطة الصفر، التي بدأ منها، ( كانتا رتقا ففتقناهما )(الأنبياء الآية: 30 )..
      (ويعرج إاليه في يوم مقداره ألف سنة مما تعدون..)
      الكلم الطيب يصعد الى الله سبحانه وتعالى في يوم ، اليوم عند البشر يتكون من أربع وعشرين ساعة هذا الوقت الذي نحسبه ونقول أن تاريخ نشوء الأرض هو كذا مليار سنة هذا، المليار من السنوات كم من يوم فيه فإذا حسبنا كم فيه من يوم فقط ، مع علمنا أن اليوم مقداره ألف سنة من حسابنا البشري هل باستطاعة أي جهاز حاسوب أن تحتوي ذاكرته حساب مليون يوم فقط؟!!فما بالك بملايير السنوات!! زد على ذلك فإذا كانت تلك السنوات تحسب بالسنوات الضوئية؟!!وهي وسيلتنا وحسابنا الذي نعد به المسافات والأبعاد الفلكية،وأن سرعة الضوء كما هو معروف هي ثلاث مئة ألف كلم في الثانية لأدركنا أن هذا الأمر فوق طاقة البشر وفوق أن يتصور المرء حدا له سبحان الله المبدع المصورالعزيز الحكيم...وبالتالي فإن تاريخ الرتق والفتق أو الانفجار الأول للكون لايقدر بزمن ومن ثم فتاريخ عودته الى الانزواء والانكماش والرتق من جديد أي يوم القيامة لا يعلمه إلا الله.
      ( وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه..)(الزمر، الآية: 67)
      (سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق) (فصلت: الآية 53)
      من المعروف لغويا أن حرف ( السين) إذا دخل على الفعل المضارع يفيد حصول ذلك الفعل فيما استقبل من الزمن، الزمن القريب، بينما ،( سوف) تفيد حصول الفعل في المستقبل البعيد، فالآية تتحدث عن حتمية إظهار آيات الله في الآفاق لكل ما استقبل من الزمن، أي زمن وصل وحصل، أو ما زال لم يحن ميعاد حصوله ، لكل جيل من الأجيال معجزات تبهر عقولهم وتحير أفهامهم على إدراك حقيقة ما يتوصلون إليه من حقائق كونية لم تكن من قبل لتدرك .
      ففي زمن الرسول صلى الله عليه وسلم كان الناس يعتقدون أن الآفاق هي المسافة أو المساحة التي يصلها البصر أفقيا، أما عموديا الىحيث القمر وما وراء القمر من مجرات ونجوم فلم يخطر على قلب بشر آنذاك، وأنه سيأتي يوم يصعد فيه الإنسان الى ما فوق السحاب وأنه بإمكانه قطع مسافات تقدر بملايين الكيلومترات و بالسنوات الضوئية إلى المريخ والزهراء وما بعدهما من كواكب وأجرام ونجوم ومجرات ،، فذاك أمر يعد ضربا من ضروب المحال آنذاك.
      سنريهم: من هم هؤلاء الذين سيريهم الله؟ سيبين لهم؟ سيظهر لهم؟ علامات وجوده؟ وقدرته؟ وعظمته، جل وعلا ؟
      الكفار ، الملاحدة، والعياذ بالله ، الذين ينكرون وجوده ، والذين يقولون بخلق الكون هكذا عبثا، دون مبدع ، دون خالق
      ( أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون...)(المؤمنون، الآية 115)
      ففيما تتبين لهؤلاء الكفارعلامات وجود الله ؟!
      في الآفاق أولا، أي في السماوات وما تحتويه من كواكب ونجوم ومجرات ...
      وفي أنفسهم ثانيا أي في نتائج تلك البحوث البيولوجية والفيزيولوجية وعلوم النفس والخلايا وعمل آلاف الأعصاب والمخ ووظائف القلب المبهرة هذا القلب الذي يتحرك ويضخ الدم الى مختلف أنحاء الجسم من دون محرك كهربائي أو بطارية فلايكل ولا يتوقف ولا يستريح، نائما كنت أم يقظا، متحركا أم ساكنا ، في جهاز السمع والبصر، وحركة اليدين والرجلين ما الذي يجعل هذه الأعضاء تتحرك دون محرك يمنة ويسرة فوقا وتحتا؟!! الله سبحانه وتعالى، هل استطاعوا جعل ( الروبو) يمشي ويتحرك دونما طاقة كهربائية أو نفطية هل بإمكان هذا (الروبو)الحركة والسير ذاتيا دون دفع خارجي أو داخلي ؟!!
      يسمى (آليا) ولكن هذه الآلية ما الذي يدفعها للحركة؟ إن لم تكن مزودة بشكل ما من أشكال الطاقة.

      هل هناك سفينة بدون ربان؟!

      قد يجيب أحدهم أنه توجد الآن سفينة بدون ربان أي تسير متحكما في سيرها عن بعد، ذلك وارد الآن وممكن، ولكن ما نقصده هو الصانع فلا مصنوع بدون صانع. ولا بأس أن نورد ها هنا تلك الحادثة التاريخية التي جرت وقائعها بين أحد كبارعلماء المسلمين، وبين أحد الكفار، الذي سمع بغزارة علم هذا العالم، وقوة منطقه، وكثرة أدلته،،، هذا الكافر، كان ملكا بإحدى دول آسيا الصغرى ، فأرسل في طلب العالم (أعتقد أنه الإمام أبي حنيفة )، ليرى ويسمع مباشرة، منه، وليقف على أدلته، التي يقول بها للتدليل على وجود الله.
      فلما وصل العالمَ المسلمَ خطابُ السلطان أو الملك، يدعوه بالحضور إليه ، شد رحاله فورا الى ذلك الملك أو السلطان ، وعوضا من أن يصل اليه في ظرف يوم أو يومين، تأخر كثيرا متعمدا هذا التأخر، فغضب الملك عليه كثيرا ولما وصل، سأله : لماذا تأخرت كل هذا التأخر؟! وما الذي أخرك ؟!
      فقال العالم المسلم: لقد مررت بنهر عظيم ، فلم أستطع عبوره، وبقيت أنتظر حتى تجمعت أخشاب الأشجار، وضمت إلى بعضها البعض، ثم تحولت إلى سفينة، فركبت هذه السفينة، وقطعت بي النهر، دون أن يكون بها أي ربان أو ملاح ، فها أنا كما ترى قد وصلت .
      فقال له الملك: ويحك، أتهزأ بي؟! كيف للأخشاب أن تتجمع وتتلاصق ويشد بعضها بعضا، ثم تصير سفينة، فتركبها أنت دون أن يكون لها صانع ولا ربان ؟! فرد العالم المسلم قائلا:
      وكيف يمكن أن تصدق أنت أن هذا الكون الفسيح، يشد بعضه، بعضا، في انسجام تام وبديع دونما خالق مدبر؟!
      فبهت الملك، ولم يستطع الرد ولو بكلمة واحدة.
      إذن المسألة مفصول فيها عقلا ومنطقا، ومنذ مئات آلاف السنين، إن لم نقل ملايين أو حتى ملايير، ومع ذلك مايزال بعض المتنطعين الجدد في العالم الإسلامي يحاولون السيرعكس التيارـ تيارعودة الأمم والشعوب الى ينبوع الإيمان الذي لا ملاذ لهم غيره، سواء وصلوا الى نهاية العالم ونفاد الزمن أم بقوا يتأرجحون في بداياتهما ـ بتلك النتائج التي توصلوا إليها عبرالبحث في الجينات البشرية والحيوانية، وإنجاب الأطفال بواسطة الأنابيب والاستنساخ المتكرر للمخلوقلت، في محاولة يائسة للوصول الى عدم صدقية الأنبياء والرسل ،وهي محاولات كمن ينطح الصخر الصوان برأسه، أملا في تفتيته بلحم وشحم، فمن كان يمتلك القدرة على التفكير والإبداع، فليقل للبشرية عن الكيفية التي يمكن بها القضاء على مختلف الأمراض والأوبئة، وكذا الوسائل والطرق التي من شأنها الحد من مآسي الفقر والأمية والجهل المتفشية في ربوع العالم ، وما هي الآليات المثلى لتحجيم الصراعات وتقليصها إلى أدنى حد ممكن ، حتى تعيش البشرية في وئام وانسجام، وحتى يعم الرخاء سائر انحاء الكرة الأرضية، ويعيش الجميع متحابين متآزرين، من شاء يؤمن فليؤمن ومن شاء يكفر فليكفر ولكن دونما صدام،ولا سفك للدماء في إطار حريتك تنتهي عند بدء حريتي، وليس بتسفيه إيمان الآخرين ومحاولات حصرهم في زاوية الضالين المتحجرين المتخلفين، ظلما وعدوانا ومن ثم إلغاء حقهم في الوجود.
      ذاك ما يحاول قطيع العلمانيين والشيوعيين والملاحدة القدامى والجدد نشره وتعميمه على كل من أدرك أو لم يدرك أن الآية الأكثر إبهارا ودهشة وتعجيزا للبشرية جمعاء هي تلك التي تثبت أن الناس مبعوثون ليوم معلوم، آلا وهي آية الموت التي لاجدال فيها منذ عهد آدم الى يوم يبعثون متناسين أو ناسين أو لم يطلعوا على التراث الفكري والأدبي وأسس المذاهب الكبرى في الفقه الإسلامي أن فيلسوف الشعراء وشاعر الفلاسفة ابن الرومي قد فصل في هذا الأمر منذ قرون، عندما أنكر بعض العلمانيين والملاحدة القدامى أن لا حياة بعد الموت، تصديقا لرأي الطبيب والمنجم اللذين أثبتا أن ما يقوم به المصلي من حركات ودعاء ما هو إلاعبث مؤكدين أن ذلك سوف يذهب سدى، فالفناء أوالموت يعني عندهما التلاشي ،العلم يقول :(لا فناء للمادة ولا تستخرج من عدم ) والقرآن يقول:( كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام ) لا تعارض ولا تناقض، صحيح لا يمكن استخراج أي شيء من عدم منطقيا وعقليا، تسنده فكرة أن المادة لا تفنى وإنما تتحول من شكل إلى شكل آخر جامد، سائل، غاز ...ثم تبعث في شكل آخر، جسد الإنسان يتحلل في القبر ولا يبقى منه إلا عظم العصعص الذي هو على شكل حبة خردل ....وهذا قد جاء في أحاديث الرسول الأعظم عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام وأثبته العلم الحديث .
      وأن لا أمل في بعث وجزاء وعقاب، فقال ابن الرومي فاصلا في المسألة:
      قال الطبيب والمنجم كلاهما * لاتبعث الأجسام قلت إليكما
      إن كان ذا حقاماخسرت شيئا * وإن كان باطلا فالخسارعليكما.
      يعني أن الإنسان المؤمن بالله وباليوم الآخروبالبعث والجزاء والعقاب وبالقضاء والقدر خيره وشره وبالرسل والملائكة والكتب، يصلي ويصوم ويزكي ويحج ويوحد الله ويتبع الرسول، فإن كان في ريب ولم يبلغ درجة المؤمنين بالغيبيقينا، فلا يخسر في نهاية المطاف شيئا في دنياه، بينما من أنكر وتولى فسيكون الخاسر الأكبربالتأكيد. (والعصر إن الإنسان لفي خسرإلاالذين آمنوا وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر) ؟!!!
      عبدالقادربوميدونة
      الجزائر


      vbrep_register("1684247")