الـتـانـجـو ومـرحـلـة الـبـنـاء مـن جـديـد

    • الـتـانـجـو ومـرحـلـة الـبـنـاء مـن جـديـد







      يعيش الشارع الأرجنتيني هذه الأيام حالة حزن عميقة بعد الخسارة الكبيرة من العدو اللدود المنتخب البرازيلي صاحب العناصر الشابة في نهائي بطولة كوبا أميركا 2007م في فنزويلا ولـ المرة الثالة على التوالي ! واضعين في الحسبان أن المنتخب الأرجنتيني الأول لم يتمكن من تحقيق بطولة رسمية منذ عام 1993م أي حوالي 14 سنة ! ولا ننسى أيضاً أنها سـ تكون بـ كل تأكيد 16 سنة لأن البطولة القادمة لـ المنتخب الأرجنتيني سـ تكون في عام 2009م وهي بطولة كوبا أميركا القادمة ! ومما لاشك فيه أن هذه نقطة سوداء كبيرة في تاريخ منتخب عريق وكبير كـ المنتخب الأرجنتيني , وهذا إن دل على شيء فـ إنما يدل على أن هناك خلل ليس بـ السهل ويجب إستئصاله من جذوره ! فـ أعتقد أن الوقت حان لـ مراجعة الحسابات بـ شكل جدي وحاسم والبداية من الصفر , فـ هذه المرحلة أشبه بـ مرحلة البناء من جديد ووضع الأسس القوية , وهذه الأسس كـ التالي ..







      - * - :: [ إتحاد كرة قدم على قدر المسؤولية ] :: - * -



      رئيس الإتحاد الأرجنتيني الحالي هو السيد خوليو هامبيرتو جروندونا الذي تولى هذا المنصب عام 1979م خلفاً لـ الدكتور ألفريدو كانتيلو آنذاك , والمشكلة الكبرى أن جروندونا هو الرئيس حتى يومنا هذا ! أي مدة رئاسته لـ الإتحاد الأرجنتيني حوالي 28 سنة ! وأطول مدة رئاسة سابقة قبل جروندونا كانت لـ الرئيس راؤول كولومبو من عام 1956م حتى عام 1964م أي حوالي 8 سنوات ! النتيجة هي أن جروندونا هو الرئيس رقم 46 منذ أن تأسس الإتحاد الأرجنتيني لـ كرة القدم عام 1912م بـ شكل رسمي , وهو الرئيس الوحيد الذي شذ عن هذه القاعدة , وأن 14 سنة من رئاسته وهي النصف لم يتمكن المنتخب الأرجنتيني الأول من تحقيق شيء , وأعتقد أنه حان وقت التغيير بعد سنوات عجاف طويلة خصوصاً في ظل ترشيح المدرب المخضرم الأرجنتيني السابق كارلوس بيلاردو إسمه لـ الرئاسة , فـ إنجازات بيلاردو الكبيرة لـ الأرجنتين تؤهله وبـ قوة لـ هذا المنصب , فقد تمكن من تحقيق بطولة كأس العالم عام 1986م في المكسيك والوصول إلى نهائي بطولة كاس العالم 1990م في إيطاليا , وإخترع الخطة العبقرية التي لا تزال الأرجنتين تلعب بها حتى اليوم , فـ هو الرجل المناسب في المكان المناسب.







      - * - :: [ مدرب محنك والأهم أن يكون وطني ! ] :: - * -



      مؤخراً أصبحت بعض الآراء تطالب بـ مدرب أجنبي من القارة العجوز لـ فك شفرة العقدة المستعصية التي تعيشها الكرة الأرجنتينية على المستوى الدولي , وهذا الأمر لا نقول أنه صعب بل أمر مستحيل حدوثه ولن ترضاه الجماهير الأرجنتينية إطلاقاً , فـ أعتقد أنه لا يوجد في الظرف الحالي سوى خياران لا ثالث لهما , الخيار الأول هو المدرب الكبير هيكتور كوبر مدرب تكتيكي كبير لا يستهان به , وصاحب خبرة كبيرة في الملاعب الأوروبية , فـ في يوم من الأيام تفوق على معظم مدربي أوروبا الكبار ووصل عام 1999م وعام 2000م إلى نهائي بطولة دوري أبطال أوروبا مع نادي فالنسيا الأسباني رغم الخسارة فيهما وفي أحدهما بـ ضربات الجزاء , وكذلك تفوقه الكبير في الكالشيو الإيطالي على جميع المدربين موسم 1998م / 1999م والخسارة في آخر جولة بـ تدخل الحكام ! الخيار الثاني هو المدرب الشاب دييجو سيموني والمتمثل بـ عنصر الشباب وإستخدام أساليب جديدة في عالم التدريب , والذي أثبت كفاءة عالية مع نادي إستوديانتيس الأرجنتيني ضمن منافسات بطولة الدوري الأرجنتيني المحلي سواءً الـ أبرتورا أو الـ كلوزورا , فـ هذان الأثنين هما الأفضل حالياً لـ فك شفرة العقدة المستعصية , فـ إما الخبرة والتكتيكات العالية وإما عنصر حيوية الشباب والأساليب الجديدة.







      - * - :: [ معاناة نجوم التانجو مع الأندية الصغيرة ] :: - * -



      دعونا نلقي نظرة سريعة على أبرز اللاعبين المحترفين من الأرجنتين في قارة أوروبا , نجد أن معظمهم يلعبون لـ الأندية الصغيرة أو الأندية المتوسطة بـ إستثناء النجم ليونيل ميسي المحترف لـ نادي برشلونة الأسباني والنجم هيرنان كريسبو والنجم خافيير زانتي المحترفان لـ نادي إنتر ميلان الإيطالي والنجم خافيير ماسكيرانو المحترف لـ نادي ليفربول الإنجليزي ! فـ شيء طبيعي جداً لو غاب المنتخب الأرجنتيني عن المنافسة على البطولات الكبرى لـ سنوات طويلة , والسبب يعود لـ عدم دخول اللاعبين أجواء البطولات القوية كـ بطولة دوري أبطال أوروبا وأجواء المنافسات القوية بـ إستمرار , والتعود على أجواء الضغط الإعلامي الكبير والهائل , فـ مؤخراً شهدت سوق الإنتقالات لـ اللاعبين الأرجنتينيين في أوروبا تقدماً ملحوظاً , كـ إنتقال المدافع جابرييل ميليتو من نادي ريال سرقسطة الأسباني الصغير إلى نادي كبير وهو نادي برشلونة الأسباني , وإنتقال المهاجم خافيير سافيولا من نادي كبير كـ برشلونة الأسباني إلى نادي عريق كـ نادي ريال مدريد الأسباني وعدم البقاء حبيساً على دكة البدلاء وإضاعة الوقت , وكذلك بـ إنتظار أن تنتهي صفقة إنتقال المهاجم كارلوس تيفير المعقدة والإنتقال من نادي ويست هام الإنجليزي الصغير إلى نادي عريق كـ نادي مانشستر يونايتد الإنجليزي , وأيضاً بـ إنتظار إنتقال نجم خط الوسط لوتشو جونزاليز من نادي بورتو البرتغالي إلى نادي كبير كـ نادي فالنسيا الأسباني , وعلى قاعدة من صغير إلى كبير نسير.







      - * - :: [ تقوية شخصية النجوم وإزالة الضغوط الإعلامية ] :: - * -



      الجميع يذكر الأسطورة دييجو أرماندو مارادونا بطل كأس العالم 1986م في المكسيك الذي فرض شخصيته القوية على أرض الملعب , والكل يذكر المدرب الكبير كارلوس بيلاردو ودوره الكبير في تقوية شخصية مارادونا وإزالة الضغوط الإعلامية الكبيرة التي عانى منها في بداية إحترافه في أوروبا , وهذا يعني أن بيلاردو لعب دور إضافي بـ جانب دوره كـ مدرب وهو دور الطبيب النفسي ! وهذا ما حدث أيضاً مع المدرب الأرجنتيني السابق خوسيه بيكرمان في بطولة كأس العالم 2006م في ألمانيا , فقد أزال الضغوط عن لاعبيه رغم أن خبرته التدريبية خانته في اللحظات الحاسمة ! ولكن رغم ذلك قام بـ تقوية شخصية النجم خوان رومان ريكلمي منذ أن تولى تدريب المنتخب الأرجنتيني , وقام بـ إزالة الضغوط الضغوط الإعلامية التي يعاني منها اللاعب بعد فشله الكبير مع نادي برشلونة الأسباني ! وأعاد لنا ريكلمي قوياً لايقهر كـ أفضل من يقود وسط الميدان في العالم بعد أن كدنا ننساه , وأبرز لاعب بـ حاجة إلى تقوية شخصيته في الوقت الحالي هو النجم الشاب ليونيل ميسي لأنه في بداية المشوار وأمامه طريق طويل لـ قيادة المنتخب الأرجنتيني لـ البطولات والأمجاد.







      - * - :: [ عدم المجاملة وإعطاء الفرصة لـ الأجدر ! ] :: - * -



      مما لاشك فيه أن لكل مدرب في عالم التدريب في كرة القدم نظرة وقناعات خاصة , وربما تكون هذه النظرات والقناعات الخاصة خاطئة وغبية في بعض الأحيان , وربما يكون في هذه النظرات والقناعات الخاصة مجاملات لاعبين على حساب آخرين مبدعين أو أصحاب إمكانيات كبيرة ! ولماذا لا تكون هذه النظرات والقناعات الخاصة هي من ضيعت الكثير من البطولات على المنتخب الأرجنتيني مؤخراً ! على سبيل المثال النجم بابلو أيمار نادراً ما نشاهده يأخذ فرصته مع المنتخب الأرجنتيني ! وإن أخذ الفرصة أحد أمرين الأمر الأول أن يكون المنتخب الأرجنتيني خاسراً وفي وضع لايحسد عليه ويطلب منه فعل المعجزات كـ نهائي بطولة كأس القارات الماضي وبطولة كوبا أميركا الأخيرة , والأمر الثاني أن تكون مباراة ودية ! أعجبني كثيراً إنتقاء المدرب السابق بيكرمان لـ لاعبيه , فقد إختار ما يحتاج من اللاعبين وإستبعد الذين لايحتاجهم بغض النظر عن تاريخ اللاعب , فقد إستبعد النجم خافيير زانتي عن المنتخب الأرجنتيني في بطولة كأس العالم 2006م في ألمانيا , ولكن هل كان غياب زانتي عن المنتخب الأرجنتيني في تلك البطولة مؤثراً ؟ أقولها وبـ قوة أنه لم يكن مؤثراً بل لم نشعر بـ غيابه أصلاً , وكذلك لم يجامل الشاب ميسي على حساب المنتخب الأرجنتيني رغم مطالبة مارادونا به , بل أبقاه على دكة البدلاء لأنه لا يناسب خطته الأساسية ! أتذكر جيداً لحظات الخروج المذل من بطولة كأس العالم 2002م في كوريا واليابان وإعلان الأسطورة جابرييل عمر باتيستوتا الإعتزال الدولي , وأذكر جيداً أن المدرب الأرجنتيني مارسيلو بييلسا طلب من باتيستوتا العدول عن قراره لأنه بـ حاجة كبيرة له في التصفيات المؤهلة لـ بطولة كأس العالم 2006م في ألمانيا , فـ صرح باتيستوتا رداً على المدرب تصريحاً جميلاً لا ينسى حيث قال : " أنا لم أعد قادراً على خدمة بلادي كما كنت في السابق , فـ لا تجاملوني من أجل تاريخي على حساب المنتخب الأرجنتيني ".







      - * - :: [ حراسة المرمى نقطة الضعف الكبرى ! ] :: - * -



      منذ رحيل الحارس العملاق أبلادو ماتيلدو فيلول والحارس الأشقر نيري ألبيرتو بامبيدو وسيد ضربات الجزاء الحارس سيرجيو خافيير جويجوتشيا رحلت البطولات عن المنتخب الأرجنتيني , بل أصبحت حراسة المرمى في المنتخب الأرجنتيني هي نقطة الضعف الكبرى , فـ أصبح مشهد إهتزاز شباك المنتخب الأرجنتيني والحارس يشاهد الكرة دون أي حراك أمر يتكرر كثيراً مؤخراً ! حتى في اللقائات التي يفوز فيها المنتخب الأرجنتيني بـ نتائج كبيرة نجد أن أن مرماه يهتز بـ هدف واحد على الأقل ولكن هذا الهدف لـ الأسف يكون خطئأ فادحاً من الحارس ! خرجت لنا بطولة كأس العالم لـ فئة الشباب حراساً مبدعين ولكن العائق الوحيد أمامهم كان عدم إعطائهم الفرصة الكاملة ! أمثال الشاب أوسكار أوستاري البطل في النسخة السابقة والحارس الشاب سيرجيو روميرو الحالي , ولا ننسى أيضاً ألحارس الرائع ماريانو باربوزا حارس مرمى نادي فياريال الأسباني , فـ أعتقد أن الحارس روبيرتو أبوندنزيري الملقب بـ البطة قد أخذ فرصته الكاملة في الكثير من المناسبات وهي بطولتين لـ كوبا أميركا الأولى عام 2004م في البيرو والأخيرة عام 2007م في فنزويلا , ولا أنكر أنه كان سداً منيعاً في بطولة كأس العالم 2006م في ألمانيا ولكن حان وقت البديل الشاب.







      - * - :: [ الوريث الجديد لـ شارة القيادة ] :: - * -



      بعد إعتزال القائد الكبير النجم روبيرتو فابيان أيالا سـ تفقد الأرجنتين واحداً من أفضل اللاعبين الذين إرتدوا شارة القائد في السنوات الأخيرة , ولو قلنا ما الذي يميز أيالا عن غيره لـ وجدنا أنه يتمتع بـ قوية الشخصية وأن اللاعبين يشعرون بـ الثقة بـ مجرد وجوده معهم , وفي حالة الإشتباكات مع الخصوم أو إعتراض اللاعبين على الحكم نجد أن أيالا هو أول من يفض الإشتباكات ونجد أنه هو الوحيد الذي يتكلم مع الحكم في حالة الإعتراض , بعكس القائد السابق خوان بابلو سورين الذي كان هادئاً وقليلاً ما يتكلم مع الحكم ! فـ لو رشحنا قائداً جديداً فـ أفضل الموجود هم ثلاثة الأول هو المدافع جابرييل ميليتو قائد نادي ريال سرقسطة الأسباني فـ أثبت قوة شخصيته مع النادي الأسباني والقيادة لن تكون جديدة عليه , أما الثاني فـ هو مايسترو خط الوسط خوان رومان ريكلمي طبعاً في حالة إستمراره مع المنتخب الأرجنتيني فـ الجميع يثق بـ قدراته وإمكانياته , أما الثالث والأخير فـ هو نجم الإرتكاز خافيير ماسكيرانو الذي يعطي تواجده في الملعب ثقة كبيرة لـ خط الدفاع وأكثر من ذلك أنه لاعب خط وسط يربط بين الدفاع والهجوم , ونستثني من ذلك المهاجم هيرنان كريسبو الذي أعلن أن بطولة كوبا أميركا 2007م في فنزويلا سـ تكون آخر مشواره الدولي , وكذلك قائد نادي إنتر ميلان الإيطالي خافيير زانتي الذي تعتبر مسالة إستمرار مع المنتخب الأرجنتيني أمر غير مؤكد في ظل تقدمه في العمر.






      كل ما أتمناه هو أن يكون الموضوع قد حاز على إعجابكم وإستحسانكم ,,

      أخوكم عاشق ليونيل ميسي