قنابل الرز والاقتصاد العالمي !!
في بدايات الربع الثاني من القرن العشرين كانت الفلسفة قد احتدمت بين المنظرين لتنافس النظامين الثنائيين للأقتصاد العالمي ، ففيما المعسكر الشرقي ( الاشتراكي ) يرفع شعار ( ياعمال العالم اتحدوا ) بأيدلوجيته ( لا إله والحياة مادة ) ، كان المعسكر الغربي ( الديموقراطي ) يواجه ذلك النظام بـ ( حرية رأس المال ) والعبارة المشهورة للاستقطاب الاقتصادي والتخفيف من البيروقراطية المحبطة بـ (دعوه يعبر.. دعوه يمر ..). ولن أدخل في تفاصيل تلك الحقبة المليئة بتلك المشاحنات ... ولكن أعجبني قول أحد الفلاسفة المنظرين في إبراز ذلك التفاضل حيث تنزل في مقولته إلى الجانب الإنساني المطحون بعجلة الاقتصاد وانتصر للنظام الرأسمالي الحر بنظرته الثاقبة ، و بأطروحته الإنسانية حين قال : " أن العمال في المعسكر الشرقي يعملون بأجور مقطوعة ، وتسلب حريتهم في التعبير وفي الرضا لتلك الأجور المتدنية التي يحصلون عليها مقابل أعمالهم الشاقة ، فيتحولون إلى آلات وروبرتات وميكنات جامدة وكأن لا مشاعر لهم ، بينما النظام الرأسمالي الحر( الديمقراطي ) يسمح لهم بحرية التعبير وتقديم الشكاوى لرفع الأجور بل والإضراب إذا احتاج الأمر ومن شأن هذه العمليات أن تدفع بالمؤسسات في النظام الرأسمالي إلى تعديل أنظمتها وتعديل مسارها بما يتلاءم مع مصلحتها ومصلحة العاملين بتلك المؤسسات على حد سواء وتحقيق نوع من العدالة ، وبهذه الممارسة والحرية يحصل العمال في النظام الديموقراطي على أجورهم المستحقة ، كما أن في هذا النظام ما يخفف عن كاهل الدولة ضغوط التدخلات وإنهاء الخصومات إلا في الحالات النادرة والمستعصية ... ""
ولا شك أن هذا هو دور المثقف والمبدع في طرح الحلول المناسبة والخروج بالمجتمع من الأزمات والمشاكل التي تعصف به ، لكن مشكلتنا أن لدينا ندرة في وجود هذا المثقف ولدينا ندرة أشد في وجود المؤسسات البحثية والتخطيطية التي تعمل على شق الطريق وابتداع الحلول الناجعة ليستأنس بها السياسي ويستند إليها وتسبغ قراره بشيء من الطمأنينة والوثوق .. أضف إلى ذلك أننا ككيان له خصوصيته وله وضعه الاقتصادي المنفرد تماما والمغاير لكثير من اقتصاديات العالم ، لذلك فنحن نحتاج إلى معالجة من نوع خاص تتناسب والمرحلة التي نمر بها ... فإذا كان إقتصادنا يعتمد بشكل شبه كلي على صادرات البترول ، فإن المؤسسات التجارية لدينا تعتمد بدرجة أولى على المتاجرة في المواد الاستهلاكية المستوردة ، ولذلك أعجب كيف أن هذا النوع من التجارة أخذ منحى الاحتكار وغلاء الأسعار في حين أن الوضع الطبيعي أن هذا النوع من التجارة أن يجير لصالح المستهلك ، لأنه هو سيد السوق في عدم وجود المنافس !! والحقيقة أن الذي ساهم في خلق هذا الخطأ وتغيير المسار الطبيعي هو الاحتكارات الجائرة ، والبيروقراطية ، وعدم المراقبة ، وبمعنى آخر ، إطلاق يد التاجر بحرية ، وتقييد المستهلك من جهة أخرى ولوي ذراعه أو ليدق رأسه في الجدار ... فالمستهلك وقع ضحية جشع التجار واتفاقهم على احترام بعضهم ولزوم حدودهم أما في ما يخص المواطن فهو عرض مباح ومستهدف فهو الدجاجة التي تبيض ذهبا .. والمشكلة أن المواطن يأمل في وجود هيئة مدنية ( حماية المستهلك ) ولو وجدت فإنها ستقيد بألف قيد ، حتى يظل وجودها مجرد وجود شكلي لا أقل ولا أكثر.. هذا عدا عن أنها يمكن أن تستخدم بطريقة ما ضد المواطن !! فالامور لدينا تسيرها النوايا الطيبة ، على غرار مجلس الشورى الموقر الذي لم نسمع له ركزا خاصة في الأزمات الحالكة !
وما مثال المغالاة التي ظهرت في المواد الغذائية ونظرية الوزير المتفردة في علم الاقتصاد إلا دليل على الاتفاق المبطن ، وإذا اختصم اللصان ظهرت السرقة !!
وربما حركت أزمة البطون متمثلة في الرز في مجتمعنا مالم تحركه كثير من الأزمات ََ!!
في بدايات الربع الثاني من القرن العشرين كانت الفلسفة قد احتدمت بين المنظرين لتنافس النظامين الثنائيين للأقتصاد العالمي ، ففيما المعسكر الشرقي ( الاشتراكي ) يرفع شعار ( ياعمال العالم اتحدوا ) بأيدلوجيته ( لا إله والحياة مادة ) ، كان المعسكر الغربي ( الديموقراطي ) يواجه ذلك النظام بـ ( حرية رأس المال ) والعبارة المشهورة للاستقطاب الاقتصادي والتخفيف من البيروقراطية المحبطة بـ (دعوه يعبر.. دعوه يمر ..). ولن أدخل في تفاصيل تلك الحقبة المليئة بتلك المشاحنات ... ولكن أعجبني قول أحد الفلاسفة المنظرين في إبراز ذلك التفاضل حيث تنزل في مقولته إلى الجانب الإنساني المطحون بعجلة الاقتصاد وانتصر للنظام الرأسمالي الحر بنظرته الثاقبة ، و بأطروحته الإنسانية حين قال : " أن العمال في المعسكر الشرقي يعملون بأجور مقطوعة ، وتسلب حريتهم في التعبير وفي الرضا لتلك الأجور المتدنية التي يحصلون عليها مقابل أعمالهم الشاقة ، فيتحولون إلى آلات وروبرتات وميكنات جامدة وكأن لا مشاعر لهم ، بينما النظام الرأسمالي الحر( الديمقراطي ) يسمح لهم بحرية التعبير وتقديم الشكاوى لرفع الأجور بل والإضراب إذا احتاج الأمر ومن شأن هذه العمليات أن تدفع بالمؤسسات في النظام الرأسمالي إلى تعديل أنظمتها وتعديل مسارها بما يتلاءم مع مصلحتها ومصلحة العاملين بتلك المؤسسات على حد سواء وتحقيق نوع من العدالة ، وبهذه الممارسة والحرية يحصل العمال في النظام الديموقراطي على أجورهم المستحقة ، كما أن في هذا النظام ما يخفف عن كاهل الدولة ضغوط التدخلات وإنهاء الخصومات إلا في الحالات النادرة والمستعصية ... ""
ولا شك أن هذا هو دور المثقف والمبدع في طرح الحلول المناسبة والخروج بالمجتمع من الأزمات والمشاكل التي تعصف به ، لكن مشكلتنا أن لدينا ندرة في وجود هذا المثقف ولدينا ندرة أشد في وجود المؤسسات البحثية والتخطيطية التي تعمل على شق الطريق وابتداع الحلول الناجعة ليستأنس بها السياسي ويستند إليها وتسبغ قراره بشيء من الطمأنينة والوثوق .. أضف إلى ذلك أننا ككيان له خصوصيته وله وضعه الاقتصادي المنفرد تماما والمغاير لكثير من اقتصاديات العالم ، لذلك فنحن نحتاج إلى معالجة من نوع خاص تتناسب والمرحلة التي نمر بها ... فإذا كان إقتصادنا يعتمد بشكل شبه كلي على صادرات البترول ، فإن المؤسسات التجارية لدينا تعتمد بدرجة أولى على المتاجرة في المواد الاستهلاكية المستوردة ، ولذلك أعجب كيف أن هذا النوع من التجارة أخذ منحى الاحتكار وغلاء الأسعار في حين أن الوضع الطبيعي أن هذا النوع من التجارة أن يجير لصالح المستهلك ، لأنه هو سيد السوق في عدم وجود المنافس !! والحقيقة أن الذي ساهم في خلق هذا الخطأ وتغيير المسار الطبيعي هو الاحتكارات الجائرة ، والبيروقراطية ، وعدم المراقبة ، وبمعنى آخر ، إطلاق يد التاجر بحرية ، وتقييد المستهلك من جهة أخرى ولوي ذراعه أو ليدق رأسه في الجدار ... فالمستهلك وقع ضحية جشع التجار واتفاقهم على احترام بعضهم ولزوم حدودهم أما في ما يخص المواطن فهو عرض مباح ومستهدف فهو الدجاجة التي تبيض ذهبا .. والمشكلة أن المواطن يأمل في وجود هيئة مدنية ( حماية المستهلك ) ولو وجدت فإنها ستقيد بألف قيد ، حتى يظل وجودها مجرد وجود شكلي لا أقل ولا أكثر.. هذا عدا عن أنها يمكن أن تستخدم بطريقة ما ضد المواطن !! فالامور لدينا تسيرها النوايا الطيبة ، على غرار مجلس الشورى الموقر الذي لم نسمع له ركزا خاصة في الأزمات الحالكة !
وما مثال المغالاة التي ظهرت في المواد الغذائية ونظرية الوزير المتفردة في علم الاقتصاد إلا دليل على الاتفاق المبطن ، وإذا اختصم اللصان ظهرت السرقة !!
وربما حركت أزمة البطون متمثلة في الرز في مجتمعنا مالم تحركه كثير من الأزمات ََ!!