تحقيق: سالم ربيع الغيلاني
انتبه لا تجيب على هذا الرقم (002216633965) أو لا تحاول الاتصال به إذا ما وجدته في المكالمات التي لم يرد عليها في هاتفك النقال، وإن الفضول سيطر عليك ولم تستطع قتل الرغبة التي بدأت تنهشك لمعرفة المتصل، فإياك وأن تصدق كلمة واحدة مما قد تسمع، وإن صدقت فأنت الجاني على نفسك.
منذ فترة بدأت اتصالات دولية غريبة ترد على هواتف العديد من المواطنين من دولة مجهولة اتضح فيما بعد أن هذه الدولة هي كينيا، يأتي الاتصال على شكل رنة واحدة، البعض تجاهل الرد وأنا منهم باعتبار أن الأمر لا يعدو أن يكون اتصالاً خاطئاً، والبعض الآخر لم يستطع أن يقاوم فضوله فأدار الرقم من جديد وأجرى المكالمة ليأتيه من الجانب الآخر صوتاً فيه الشيء الكثير من الأنوثة وبلغة عربية ركيكة أنا "الشيخ حسن" فما قصة "الشيخ حسن" ولماذا يتكبد عناء الاتصال بهذا العدد الهائل من البشر من ذلك المكان القصي هذا ما حاولت الزمن معرفته خلال هذا التحقيق.
عماد اليافعي لم يستطع مقاومة فضوله وأجرى الاتصال بعد أن وجد الرقم في قائمة المكالمات التي لم يرد عليها ويقول: أنا سبق وأن عرفت بقصة "الشيخ حسن" من أحد الأصدقاء الذين تلقوا اتصالا مشابها، ولكنني لم أتوقع أن يحدث ذلك معي، الأمر الآخر عدم تصديقي وشكي بهذه القصة لا سيما وأني قد تعودت من زملائي تدبير المقالب المختلفة، لذلك حين وجدت الرقم لم أنتبه إلى أنه دولي وقمت بالاتصال وفوجئت برجل على الجانب الآخر يتحدث بصوت أنثوي وبعربية ركيكة ويقول لي: أنا "الشيخ حسن" وأنت مهدد بالقتل وهناك من يحاول أخذ روحك عن طريق الشعوذة وأنا أستطيع حمايتك، لكن يجب أن تحول لي مبلغاً من المال. في البداية ظننت أن الأمر مقلب من مقالب الشباب ولكن حين عدت للرقم اكتشفت أنه دولياً.
ماذا فعل اليافعي وما كانت ردة فعله حول ذلك، يقول: بعد أن سمعت ما قاله وتأكدت من أنه الشخص نفسه الذي حدثني عنه زملائي قلت له " اسمع يا شيخ حسن أنا إنسان فقير فابحث عن شخص آخر لتنصب عليه" وأغلقت السماعة في وجهه ولم يعاود الاتصال من جديد.
جميل الخوذيري يقول: لقد نشأت في بيئة تكثر فيها معتقدات مثل السحر والحسد، وإن كنت أحاول أن أظهر أن هذا الأمور خرافات إلا أنه في داخلي إيمان بها لم استطع التخلص منه، لذلك حين جاءني هذا الاتصال وسمعت ما قاله "الشيخ حسن" شعرت بالخوف رغم أني أقفلت السماعة في وجهه، ولكن الوساوس لم تتركني، فأخبرت أحد الأصدقاء بالقصة وحين سمعها ضحك وقال لي هذا نصاب يتصل بالجميع، وفتح لي هاتفه وقال لي هل هذا هو الرقم الذي تلقيت منه المكالمة، حينها اكتشفت أن الأمر لا يعدو أن يكون سوى محاولة احتيال رخيصة.
أحمد المقبالي أحد الذين تلقوا هذا الاتصال ولكنه لم يرد عليه حيث يذكر: تلقيت أكثر من اتصال من نفس الرقم ولكنني لم أجب على أيٍ منها أولاً لأني لا أرد على الأرقام الغريبة خصوصاً التي ترد من الخارج ومن دول غير معروفة لي وثانياً لأني أعرف حقيقة هذا الرقم عن طريق بعض الأصدقاء.، عادل المخيني ومصعب هم أيضاً تلقوا هذا الاتصال ولكنهم نهجوا النهج الذي اتبعه المقبالي.
أما ماجد سلطان ولأن لديه العديد من الصداقات في مختلف دول العالم فقد قام بما يعتقد أنه طبيعي من خلال الاتصال بالرقم المذكور عندما وجده في قائمة المكالمات التي لم يرد عليها ويقول: عندما سمعت قصة التهديد بالقتل والشعوذة لم أتمالك نفسي من الضحك في وجه "الشيخ حسن" كما يدعي، مما دفعه إلى إنهاء المكالمة لقد كان الأمر طريفاً جداً بالنسبة لي.
محسن الرحبي يقول: حكايتي مع الشيخ المزعوم مختلفة، فهو لم يتصل بي شخصياً ولكنه اتصل على نقال زوجتي التي أخبرتني إنها وجدت رقم غريب في قائمة المكالمات التي لم يرد عليها، فأعدت الاتصال به فرد علي شخص أخبرني أنه رأى حلماً مفزعاً لشخص لا يعرفه وحين استيقظ من نومه وجد نفسه يتصل بهذا الرقم، ولكن المكالمة لم تكتمل لنفاذ الرصيد، شعرت بالخوف والقلق الشديد وقررت الاتصال من جديد لمعرفة كامل القصة، والتأكد من صدق الرجل. في المكالمة الثانية قال لي أن هناك خطرا كبيرا يتهددني وأن الله وضعه في طريقي لكي ينقذني منه، ولكن الأمر يحتاج لتدابير كثيرة وهو لا يملك المال لذلك واقترح علي تحويل مبلغ من المال على رقم حساب سوف يمليني إياه، حينها عرفت أنه نصاب ويبحث عن شخص ساذج يسرق منه نقوده، بعد ذلك توالت علي الحكايات من أشخاص تلقوا اتصالات مشابه ولكن بقصص وأساليب مختلفة.
الصالحي يقول: تكرر الاتصال على هاتف زوجتي من هذا الرقم، وفي الأخير قمت بالاتصال من هاتف عمومي لأعرف صاحب الاتصال، ولكن لم يكن أحد يجيب، فعاودت بالاتصال من هاتف زوجتي، فرد علي رجل يظهر من خلال صوته أنه كبير بالسن وكان يتحدث بلغة عربية ركيكة، وأخبرني أن هناك عمل شيطاني مسلط علي بيتي وموضوع في صرة رميت في البحر، وأن هذا العمل يهدم لتفكيك الأسرة وهدمها، وهو يتصل الآن لتقديم العون لي وتخليصي من شر هذا العمل مقابل مبلغ من المال، وبطبيعة الحال لم أصدق ما سمعت كما أنني لم أكذبه فالسحر موجود والحسد موجود، لذلك ذهبت لأحد أقربائي ممن يعالجون بالقرآن الكريم، فقام بطمأنتي وأخبرني ألا ألتفت لمثل هذا الأمور وأن الأمر لا يعدو أن يكون إلا محاولة للنصب علي.
أبو سعود بشره "الشيخ حسن" أن في انتظاره ما سوف يقلب حياته ويجعله من الأثرياء وأصحاب النفوذ، وأن الحياة سوف تبسط كفها له وتعطيه بغير حساب، ولكن هناك من يسعى للحيلولة دون ذلك، وهو فقط -أي "الشيخ حسن"- يستطيع تأمين الحماية له؛ لأنه نظر في طالعه وعرف كيف يمكن الخلاص من هؤلاء الأعداء والوقوف في وجه ما يسعون لتحقيقه، وكل ما عليه أن يحول له مبلغ من المال لكي يقوم بذلك، ولكن أبو سعود لم يصدق أي كلمة مما قاله هذا المحتال، وتجاهل تهديداته بأن أمور سيئة ستحدث له أن لم يأخذ ما قاله بعين الاعتبار.
هناك العديد من الأشخاص الذين تلقوا مثل هذا الاتصال ولا يمكن أن تستعرض الجميع في هذا التحقيق، ولكن الهدف أن نلقي الضوء علي هذه القضية وتوعية الجماهير وتحذيرها من هذه الممارسات التي تستهدف النصب عليهم من خلال بث المخاوف في نفوسهم وسلبهم أموالهم، وإن كان أسلوب النصب الذي اتبعه "الشيخ حسن" -كما يدعي- ساذج، لكن يجب الحذر؛ لأن هناك دوماً من هم أكثر سذاجة في كل المجتمعات، والزمن حاولت من خلال هذا التحقيق رصد هذه القضية وتوجيه رسالة للجمهور لكي يكونوا على حذر من مثل هذه المحاولات الرخيصة لاستلاب أموالهم.
ورمضان كريم
المصدر