من أسرار القرآن الكريم (المنسأة)
قال الله تعالى : ((فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَن لَّوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ{14}سبأ ، لو قال قائل: لم قال : ((منسأته)) ولم يقل (عصاه) كما في قوله تعالى : ((قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى{18}طه والجواب على ذلك أن المنسأة هي العصا الكبيرة ، ولما كانت كلمة (عصا) تصلح للصغيرة والكبيرة ، قال موسى عليه السلام ((عصاي)) لأن كبرها أو صغرها غير مقصود ، ولا يترتب عليه شيء آخر ، إذ المقصود لدى سيدنا موسى عليه السلام فوائدها المعهودة ، ومقصود الله تعالى تحويلها إلى ثعبان ، ولا فرق إن كانت صغيرة أو كبيرة ، أما في قصة سيدنا سليمان عليه السلام فهناك مقصود آخر وهو طول المدة التي مكثها الجن وهم يعملون وسيدنا سليمان عليه السلام متكئ على المنسأة(العصا الكبيرة) ظانين أنه حي ، والحال على خلاف ذلك حيث كان ميتا ، فلو كانت ((عصاً)) لكانت صغيرة ، ولما أخذت الأرضة وقتا طويلا في أكلها ، لكنها في الحقيقة كانت عصاً كبيرة ( منسأة ) ، فطال على الأرضة الوقت في أكلها ، وطال وقوف سيدنا سليمان عليه السلام ميتا متكئا عليها وطال مكوث الجن في العذاب المهين وهو العمل الشاق الذي فرضه عليهم سيدنا سليمان عليه السلام ، وهذا شأن لغة القرآن المعجزة فهل من مدكر.
مجلة جند عُمان العدد 299