بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ / أبو المنذر
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أعتذر على تأخري في الرد ، لقلة تواجدي على الشبكة بسبب كثرة الأعمال ،
كما أني رأيت أن أطرح ردي في موضوع مستقل ، لكثرة المشاركات والجدال في الموضوع السابق .
هداك الله أخي لا داعي لكل هذا التشنج والتعصب ، وأنا لا أريد أن أعلمك عقيدة جهم ولا غيره ، ولا أملك السبيل لذلك ، فقط أريد منك النظر بفكر وروية وتأمل ، والله الهادي للصواب .
أولاً :
هذا الحديث جاء من عدة طرق وأغلبها - إن لم يكن كلها - جاءت من طريق الأعمش
ولا أريد أن أفصل القول عن عنعنة الأعمش ، ولا في ما قاله العلماء في ذلك ، فالأعمش قال عنه الحافظ ابن حجر: سليمان بن مهران الأعمش محدث الكوفة وقارئها وكان يدلس، وصفه بذلك الكرابيسي والنسائي والدارقطني وغيرهم.
وجاء في " التدليس والمدلسون " لفضيلة الشيخ حماد الأنصاري رحمه الله
الأعمش : مشهور بالتدليس. وفي الميزان: كان يدلس على الحسن البصري وغيره ما لم يسمعه. وفيه أيضا: يدلس وربما دلس عن ضعيف ولا يدري به. فمتى قال : حدثنا فلا كلام ومتى قال عن تطرق إليه احتمال التدليس إلا في شيوخ أكثر عنهم كإبراهيم النخعي وأبي وائل وأبي صالح السمان فإن روايته عن هذا الصنف محمولة على الاتصال. ذكرته في فتح الوهاب في الألقاب. من الثانية توفي سنة 148 هـ.
وجاء في " التبيين لأسماء المدلسين " للشيخ إبراهيم بن محمد بن سبط ابن العجمي المعروف بأبو الوفا :
" سليمان بن مهران الأعمش مشهور به وفي الميزان قيل انه كان يدلس عن الحسن وغيره ما لم يسمعه تنبيه وفي ترجمة الأعمش في الميزان يدلس وربما دلس عن ضعيف ولا يدري به فمتى قال حدثنا فلا كلام ومتى قال عن تطرق اليه احتمال التدليس الا في شيوخ له أكثر عنهم كإبراهيم وأبي وائل وأبي صالح السمان فان روايته عن هذا الصنف محمولة على الاتصال " انتهى
ولنترك الكلام عن صحة إسناد الحديث من عدمه ، ولنسلم بإن الحديث صحيح ثابت عن الرسول صلى الله عليه وسلم ، ولنستمع إلى ما قاله العلماء عند شرحهم لهذا الحديث .
فعن ابن فورك : يجوز ان يكون الاصبع خلقا يخلقه الله فيحمله الله ما يحمل الاصبع، ويحتمل ان يراد به القدرة والسلطان، كقول القائل ما فلان الا بين اصبعي اذا اراد الاخبار عن قدرته عليه، وايد ابن التين الاول بانه قال على اصبع ولم يقل على اصبعيه .
وإستمع إلى قول الخطابي في شرحه للحديث :
" لم يقع ذكر الاصبع في القران ولا في حديث مقطوع به، وقد تقرر ان اليد ليست بجارحة حتى يتوهم من ثبوتها ثبوت الاصابع بل هو توقيف اطلقه الشارع فلا يكيف ولا يشبه، ولعل ذكر الاصابع من تخليط اليهودي، فان اليهود مشبهة وفيما يدعونه من التوراة الفاظ تدخل في باب التشبيه ولا تدخل في مذاهب المسلمين، واما ضحكه صلى الله عليه وسلم من قول الحبر فيحتمل الرضا والانكار، واما قول الراوي " تصديقا " له فظن منه وحسبان، وقد جاء الحديث من عدة طرق ليس فيها هذه الزيادة، وعلى تقدير صحتها فقد يستدل بحمرة الوجه على الخجل، وبصفرته على الوجل، ويكون الامر بخلاف ذلك، فقد تكون الحمرة لامر حدث في البدن كثوران الدم، والصفرة لثوران خلط من مرار وغيره، وعلى تقدير ان يكون ذلك محفوظا فهو محمول على تاويل قوله تعالى (والسموات مطويات بيمينه) اي قدرته على طيها، وسهولة الامر عليه في جمعها بمنزلة من جمع شيئا في كفه واستقل بحمله من غير ان يجمع كفه عليه بل يقله ببعض اصابعه، وقد جرى في امثالهم فلان يقل - كذا - باصبعه ويعمله بخنصره " إنتهى
وقال القرطبي في " المفهم " :
" قوله ( ان الله يمسك ) الى اخر الحديث، هذا كله قول اليهودي وهم يعتقدون التجسيم وان الله شخص ذو جوارح كما يعتقده غلاة المشبهة من هذه الامة، وضحك النبي صلى الله عليه وسلم انما هو للتعجب من جهل اليهودي، ولهذا قرا عند ذلك (وما قدروا الله حق قدره) اي ما عرفوه حق معرفته ولا عظموه حق تعظيمه فهذه الرواية هي الصحيحة المحققة، واما من زاد " وتصديقا له " فليست بشيء فانها من قول الراوي وهي باطلة لان النبي صلى الله عليه وسلم لا يصدق المحال وهذه الاوصاف في حق الله محال؛ اذ لو كان ذا يد واصابع وجوارح كان كواحد منا فكان يجب له من الافتقار والحدوث والنقص والعجز ما يجب لنا، ولو كان كذلك لاستحال ان يكون الها اذ لو جازت الالهية لمن هذه صفته لصحت للدجال وهو محال، فالمفضى اليه كذب فقول اليهودي كذب ومحال، ولذلك انزل الله في الرد عليه (وما قدروا الله حق قدره) وانما تعجب النبي صلى الله عليه وسلم من جهله فظن الراوي ان ذلك التعجب تصديق وليس كذلك، فان قيل قد صح حديث " ان قلوب بني ادم بين اصبعين من اصابع الرحمن " فالجواب انه اذا جاءنا مثل هذا في الكلام الصادق تاولناه او توقفنا فيه الى ان يتبين وجهه مع القطع باستحالة ظاهره لضرورة صدق من دلت المعجزة على صدقه، واما اذا جاء على لسان من يجوز عليه الكذب بل على لسان من اخبر الصادق عن نوعه بالكذب والتحريف كذبناه وقبحناه، ثم لو سلمنا ان النبي صلى الله عليه وسلم صرح بتصديقه لم يكن ذلك تصديقا له في المعنى بل في اللفظ الذي نقله من كتابه عن نبيه، ونقطع بان ظاهره غير مراد " إنتهى
وأعتذر على الإطالة
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وعيدكم مبارك .
الأخ / أبو المنذر
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أعتذر على تأخري في الرد ، لقلة تواجدي على الشبكة بسبب كثرة الأعمال ،
كما أني رأيت أن أطرح ردي في موضوع مستقل ، لكثرة المشاركات والجدال في الموضوع السابق .
abualmonther كتب:
ماشاء الله تريد ان تعلمني نفي الصفات وعقيدة جهم لا أنا في غنى عن ذلك ولكن وش رأيك في الحديث .....بالله أشرحه لي
حدثنا مسدد سمع يحيى بن سعيد عن سفيان حدثني منصور وسليمان عن إبراهيم عن عبيدة عن عبد اللهأن يهوديا جاء إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا محمد، إن الله يمسك السماوات على إصبع، والأرضين على إصبع والجبال على إصبع، والشجر على إصبع والخلائق على إصبع، ثم يقول: أنا الملك، فضحك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى بدت نواجذه، ثم قرأ
وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ
![]()
.
هداك الله أخي لا داعي لكل هذا التشنج والتعصب ، وأنا لا أريد أن أعلمك عقيدة جهم ولا غيره ، ولا أملك السبيل لذلك ، فقط أريد منك النظر بفكر وروية وتأمل ، والله الهادي للصواب .
أولاً :
هذا الحديث جاء من عدة طرق وأغلبها - إن لم يكن كلها - جاءت من طريق الأعمش
ولا أريد أن أفصل القول عن عنعنة الأعمش ، ولا في ما قاله العلماء في ذلك ، فالأعمش قال عنه الحافظ ابن حجر: سليمان بن مهران الأعمش محدث الكوفة وقارئها وكان يدلس، وصفه بذلك الكرابيسي والنسائي والدارقطني وغيرهم.
وجاء في " التدليس والمدلسون " لفضيلة الشيخ حماد الأنصاري رحمه الله
الأعمش : مشهور بالتدليس. وفي الميزان: كان يدلس على الحسن البصري وغيره ما لم يسمعه. وفيه أيضا: يدلس وربما دلس عن ضعيف ولا يدري به. فمتى قال : حدثنا فلا كلام ومتى قال عن تطرق إليه احتمال التدليس إلا في شيوخ أكثر عنهم كإبراهيم النخعي وأبي وائل وأبي صالح السمان فإن روايته عن هذا الصنف محمولة على الاتصال. ذكرته في فتح الوهاب في الألقاب. من الثانية توفي سنة 148 هـ.
وجاء في " التبيين لأسماء المدلسين " للشيخ إبراهيم بن محمد بن سبط ابن العجمي المعروف بأبو الوفا :
" سليمان بن مهران الأعمش مشهور به وفي الميزان قيل انه كان يدلس عن الحسن وغيره ما لم يسمعه تنبيه وفي ترجمة الأعمش في الميزان يدلس وربما دلس عن ضعيف ولا يدري به فمتى قال حدثنا فلا كلام ومتى قال عن تطرق اليه احتمال التدليس الا في شيوخ له أكثر عنهم كإبراهيم وأبي وائل وأبي صالح السمان فان روايته عن هذا الصنف محمولة على الاتصال " انتهى
ولنترك الكلام عن صحة إسناد الحديث من عدمه ، ولنسلم بإن الحديث صحيح ثابت عن الرسول صلى الله عليه وسلم ، ولنستمع إلى ما قاله العلماء عند شرحهم لهذا الحديث .
فعن ابن فورك : يجوز ان يكون الاصبع خلقا يخلقه الله فيحمله الله ما يحمل الاصبع، ويحتمل ان يراد به القدرة والسلطان، كقول القائل ما فلان الا بين اصبعي اذا اراد الاخبار عن قدرته عليه، وايد ابن التين الاول بانه قال على اصبع ولم يقل على اصبعيه .
وإستمع إلى قول الخطابي في شرحه للحديث :
" لم يقع ذكر الاصبع في القران ولا في حديث مقطوع به، وقد تقرر ان اليد ليست بجارحة حتى يتوهم من ثبوتها ثبوت الاصابع بل هو توقيف اطلقه الشارع فلا يكيف ولا يشبه، ولعل ذكر الاصابع من تخليط اليهودي، فان اليهود مشبهة وفيما يدعونه من التوراة الفاظ تدخل في باب التشبيه ولا تدخل في مذاهب المسلمين، واما ضحكه صلى الله عليه وسلم من قول الحبر فيحتمل الرضا والانكار، واما قول الراوي " تصديقا " له فظن منه وحسبان، وقد جاء الحديث من عدة طرق ليس فيها هذه الزيادة، وعلى تقدير صحتها فقد يستدل بحمرة الوجه على الخجل، وبصفرته على الوجل، ويكون الامر بخلاف ذلك، فقد تكون الحمرة لامر حدث في البدن كثوران الدم، والصفرة لثوران خلط من مرار وغيره، وعلى تقدير ان يكون ذلك محفوظا فهو محمول على تاويل قوله تعالى (والسموات مطويات بيمينه) اي قدرته على طيها، وسهولة الامر عليه في جمعها بمنزلة من جمع شيئا في كفه واستقل بحمله من غير ان يجمع كفه عليه بل يقله ببعض اصابعه، وقد جرى في امثالهم فلان يقل - كذا - باصبعه ويعمله بخنصره " إنتهى
وقال القرطبي في " المفهم " :
" قوله ( ان الله يمسك ) الى اخر الحديث، هذا كله قول اليهودي وهم يعتقدون التجسيم وان الله شخص ذو جوارح كما يعتقده غلاة المشبهة من هذه الامة، وضحك النبي صلى الله عليه وسلم انما هو للتعجب من جهل اليهودي، ولهذا قرا عند ذلك (وما قدروا الله حق قدره) اي ما عرفوه حق معرفته ولا عظموه حق تعظيمه فهذه الرواية هي الصحيحة المحققة، واما من زاد " وتصديقا له " فليست بشيء فانها من قول الراوي وهي باطلة لان النبي صلى الله عليه وسلم لا يصدق المحال وهذه الاوصاف في حق الله محال؛ اذ لو كان ذا يد واصابع وجوارح كان كواحد منا فكان يجب له من الافتقار والحدوث والنقص والعجز ما يجب لنا، ولو كان كذلك لاستحال ان يكون الها اذ لو جازت الالهية لمن هذه صفته لصحت للدجال وهو محال، فالمفضى اليه كذب فقول اليهودي كذب ومحال، ولذلك انزل الله في الرد عليه (وما قدروا الله حق قدره) وانما تعجب النبي صلى الله عليه وسلم من جهله فظن الراوي ان ذلك التعجب تصديق وليس كذلك، فان قيل قد صح حديث " ان قلوب بني ادم بين اصبعين من اصابع الرحمن " فالجواب انه اذا جاءنا مثل هذا في الكلام الصادق تاولناه او توقفنا فيه الى ان يتبين وجهه مع القطع باستحالة ظاهره لضرورة صدق من دلت المعجزة على صدقه، واما اذا جاء على لسان من يجوز عليه الكذب بل على لسان من اخبر الصادق عن نوعه بالكذب والتحريف كذبناه وقبحناه، ثم لو سلمنا ان النبي صلى الله عليه وسلم صرح بتصديقه لم يكن ذلك تصديقا له في المعنى بل في اللفظ الذي نقله من كتابه عن نبيه، ونقطع بان ظاهره غير مراد " إنتهى
وأعتذر على الإطالة
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وعيدكم مبارك .