هل قرأتم هذه القصة مغني القصر الأبله

    • هل قرأتم هذه القصة مغني القصر الأبله

      مغني القصر الأبله
      من شدة خوف الملك من وجود عملاء للإرهابيين في قصره ، واستجابة لنصيحة الإمبراطور الأكبر للكون الذي كان قد أمره - مدعياً أنه ينصحه - بالحذر والحيطة من الأذكياء ، الذين - كما قال الإمبراطور - لايمكن ائتمانهم على أسرار الملك والدولة والأمراء والوزراء والأعيان الموالين لهما ، قرر تبديل مغني القصر ، لأنه كان يبدو ذكياً في بعض الأحيان ، وأمر بالبحث عن مغنٍ آخر لايملك من الذكاء ذرة واحدة .
      حزن المغني المخلوع كثيراً ، وبكى أمام الملك ، وأقسم له بأغلظ الأيمان أنه غبي وأبله ولايملك ذرة واحدة من الذكاء وأنه يحب الملك والإمبراطور ، وأنه ليس عميلاً للأذكياء ، وأن لديه أولاد اعتادوا على الترف وأن لديه زوجة قد تخونه إن لم يقدم لها المال الكثير .... ولكن الملك قال له : أشعر في بعض الأحيان كأنك ذكي ، وهذا يضرني ، ويرفضه الإمبراطور ... مع السلامة .
      فطلب المغني من الملك أن يسمح له بتقديم أغنيته الأخيرة في القصر ، فسمح له ، فأخذ يغني بصوت حزين ودموعه تحرق وجنتيه :
      أنا غنيت أعذب الألحان
      ونافقت اشكال والوان
      وهذا العقاب والهوان
      استحقه لأني جبان !
      وخرج حزيناً ذليلاً .... لايدري مايفعل .
      وبدأت الأجهزة الأمنية الملكية والإمبراطورية بالبحث عن مغن أبله ، يوافق عليه الإمبراطور ويسر به الملك .
      وكلما سمعوا عن مغنٍ أبله ، اختبروه للتأكد من بلاهته ، إلى أن وجدوا في أزقة بعض الأحياء القديمة رجلاً يجلس على قارعة الطريق ينشد بعض الأناشيد المبهمة والأغاني غير المعروفة بصوت يمثل قمة النشاز والإزعاج .
      قالوا له :
      - أتوافق على أن تكون مغني الملك في القصر ؟
      أجاب :
      - أي ملك ؟
      - ملكنا أطال الله عمره !
      - وهل يريد طول العمر ؟!
      - نعم !
      - ابحثوا عن غيري ، فإن الذي يتعرف علي لايكون كذلك بل يموت مغتاظاً ...
      - ولم ؟!!
      - لأني أبله ..
      قالوا : هذا المطلوب ، وجدنا ضالتنا ... صوروه وأخذوا بصماته وكتبوا سيرة حياته التي لم تضم أكثر من اسمه ... وأرسلوا الإضبارة إلى الإمبراطور ، فوافق على تعيينه على الفور .
      فأخذوه إلى القصر ، وطلبوا من الخدم تنظيفه وتغيير ملابسه ، ثم أخبروه بأنه يجب أن يدخل إلى غرفة الملك ليغني له كي يستيقظ على أعذب الألحان ، ويغني له بعد عمله وبعد القيلولة وعند المساء وفي السهرة .
      فسألهم : ومتى أتناول الطعام إذا كان كل الوقت للغناء ؟
      قالوا : كل عندما تشاء .
      في صبيحة اليوم التالي ، دخل إلى غرفة الملك ووكزه في خاصرته وهو يقول :
      - قم .. قم ياهذا ... أريد أن أغني لك !
      اعتدل الملك مذعوراً ، وأخذ يفرك عينيه ، أراد أن يغضب لكنه تذكر أمر الإمبراطور بالصبر على هذا المغني الأبله لأنه مأمون الجانب ، فابتسم واستلقى وقال له :
      - تفضل بالغناء ..
      - عليك أولاً أن تأمر باحضار الطعام والشراب لي ، ألا تفكر إلا بنفسك ؟!!
      قال : أحضروا له طلبه .
      وسأل مغني القصر الأبله الملك :
      - ماذا تحب أن أغني لك ؟
      - وماذا تعرف من الوان الغناء ؟
      - أعرف أغنية الحمار الذي يرفس من لايطعمه ... وأغنية الكلب الذي عض الملك ..
      - ولماذا عض الملك ؟!
      - لأن الملك هو الذي عضه أولاً !
      - ولماذا الملك عض الكلب ؟!!!
      - لأن الكلب جر له الكرسي ..
      - قبح الله من أتى بك إلي !
      - آمين ..
      - وقبحني الله على تحمل مثلك !
      - آمين ...
      - تقول آمين ؟!!!
      - هكذا كانت تقول أم شرارة إذا سمعت أحداً يدعو فقل آمين ..
      - حسناً ... غني ماتشاء ..
      فتنحنح وسعل ، وأخذ نفساً عميقاً وبدأ الغناء :
      كان في حمار ذكي وزين
      عند ملك غبي وشين
      وكان الملك مايعطي العلف للحمار
      إلا إذا الإمبراطور أصدر القرار
      ومرة نسي الإمبراطور الحمار
      والملك لايستطيع القرار
      فجاع وهاج وماج
      وتخلى عن صفة الدجاج
      ورفس الملك رفسة مثل نطحة الثور
      ليبقر بطنه وتصل أحشاءه إلى الإمبراطور
      الذي أرغى وأزبد
      وصرخ وتوعد
      ثم اصدر القرار
      بأن لايبقى على الأرض حمار
      وأن يحل محلهم ملوك الديار

      وعندما نظر المغني الأبله إلى الملك ، وجده جاحظ العينين ، فاغر الفم ، منقطع النفس ... حركه فسقط على الأرض ...
      فأدرك أنه مات !
      وعندما انقض عليه رجال الأمن قال لهم :
      - مارأيكم لو غنيت لكم أغنية الكلاب التي عضها الملك ؟!!