جمعية الكتاب والادباء بين الممكن واللامعقول

    • جمعية الكتاب والادباء بين الممكن واللامعقول

      جمعية الكتاب والادباء بين الممكن واللامعقول !


      بعد سنوات طويلة من المطالبات والمماطلة والإنتظار، صدرت الموافقة الحكومية أخيراً وتم إشهار الجمعية العمانية للكتاب والأدباء وقيدها في سجل الجمعيات الأهلية. هذا الإشهار ينهي مرحلة صعبة تكللت بالنجاح، ويعلن عن بداية مرحلة جديدة أصعب من سابقتها، تفرض تحديات جديدة وتتطلب تضحيات وجهود أكبر تتلائم مع كفاح السنوات الماضية من أجل الإشهار، وحجم الآمال التي يعلقها الكثيرون على هذه الجمعية الوليدة.

      ولعل هذه فرصة ملائمة أوجه فيها تحيتي لكل من طالب بهذا الكيان وعمل ،صادقاً، من أجله، وتصدى على مدى أعوام لحجج الوزارة والقائمين عليها ومماطلتهم وبيروقراطيتهم، وآمن - في زمنٍ قل فيه المؤمنون- بحق الكاتب العماني في كيان يمثله ويتبنى ابداعاته ويدافع عن حقوقه. وكما أن التاريخ سيذكر للمؤسسين إنجازهم، فإنه سيحملهم أيضاً مسؤولية اللحظات الأولى، ومايسفر عنها. مسؤولية البداية والقرارات الأهم التي ستحدد ملامح الجمعية وطبيعة عملها ومدى جدواها، أو عدم جدواها.

      أولى البشائر تمثلت بإعادة تشكيل مجلس إدارة الجمعية وإبعاد الرئيس السابق الذي يشغل منصب مدير المطبوعات والنشر والرقابة بوزارة الإعلام، وتولية أمر الجمعية لمن هو أقرب منه إلى هموم الكاتب وتطلعاته. هذه الخطوة برأيي، أعادت الجمعية إلى حيز المنطق والمعقول، ومنحتها مصداقيةً أكبر، وتركتنا أكثر تفاؤلاً بالمستقبل. لكن هذا التفاؤل يحتاج إلى مايبرر بقائه واستمراره. وعلى عكس توقعاتنا وما كنا نرجوه، مرت أشهر طوال على إشهار الجمعية، ولم نر حتى الآن من نشاطاتها ، سوى الإحتفال، والبهجة ،واجتماعات عديدة لا نعرف عما تمخضت.

      لكأن البعض قد تحققت غايته بإشهار الجمعية ونسيَ، في غمرة فرحه، أنها وجدت لكي تعمل. أو أن موافقة الحكومة قد أخذت البعض على حين غرة من حيث لم يكن مستعداً. إن المرء ليتوقع أن جمعيةً ناضل أصحابها عقدين من الزمن لتخرج إلى النور، ستحظى ببداية أكثر وضوحاً وتنظيماً، لا أن تغرق في الروتين والإجراءات، وتضيع أكثر من ستة أشهر مهمة في التحضير لإنطلاقةٍ متأخرة. لكننا مع ذلك نلتمس العذر للإدارة الحالية، ونتفهم صعوبة الخطوات الأولى، ونأمل أن القادم سيعوض عن الوقت الذي فات وكل الفرص الضائعة.

      وحتى تكون البداية صحيحة تؤسس لمستقبل حقيقي للجمعية ككيان فاعل ومؤثر في الحركة الثقافية والفكرية في السلطنة، لابد من إستيعاب التحديات والصعوبات التي تواجهه، والتعاطي معها وفق رؤية واستراتيجية واضحة تجنبنا سنواتٍ قد تضيع ، وجهود قد تذهب هباء.

      أول هذه التحديات يتمثل في السلطة. كيف سيتم التعامل مع السلطة التي سعت وتسعى إلى تجريد الجمعية من طبيعتها الأهلية وانتمائها إلى المجتمع المدني ؟ هذه السلطة التي تريد لمدير الرقابة على المطبوعات والنشر أن يمثل الكتاب ويتحدث باسمهم، ومديريته تعمل منذ عقود على مصادرة ابداعاتهم والتضييق على نتاجاتهم ! هذه السلطة نفسها هي من يقيد حرية التعبير ويقاضي كتاب الانترنت وأصحاب المواقع ويلاحق نشطاء الحقوق والحريات. إذن إن كانت الجمعية جادةً في نيتها (العمل على دعم حرية الفكر وتشجيع لغة الحوار والدفاع عن حقوق الكاتب والأديب)، كما تنص أهدافها، فإن(الصدام) مع السلطة سيحدث لا محالة، عاجلاً أم آجلاً. ومحاولة تجاهله أو تأجيله لن تجدي نفعاً، بل سيفقد الجمعية الكثير من مصداقيتها. لابد من التصدي لتدخلات السلطة وطلباتها، وتحجيم دورها، حتى لا تتحول الجمعية إلى هيئة حكومية أو تابعة، وجسد بيروقراطي لاروح له.

      من الضروري كذلك أن يدرك القائمون على الجمعية وخصوصاً إدارتها الحالية، أنه لا يمكنهم أبداً التزام الحياد في قضايا المثقف والسلطة، لأنهم لن يحققوا أياً من أهدافهم إلا إذا مثلوا مصالح الأول، وكرسوا استقلاليتهم عن الأخرى. للأسف حتى الآن، ليس هناك مايدعو للتفاؤل في هذا الصدد. فقد شهدت الأشهر الماضية، ضربات عنيفة لحرية التعبير، لازالت تتداول في ساحات المحاكم. ولازال أحد الكتاب والشعراء العمانيين، يحارب من أجل حريته ضد غرامةٍ وحكمٍ بالسجن، بينما لا يزال موقع إلكتروني حواري مغلق، وقد يبقى كذلك إن نجح الإدعاء العام في مسعاه. تقع كل هذه الأحداث دون أن نسمع صوتاً لجمعية الكتاب والأدباء، ولازلنا حتى اللحظة لا نعرف لها موقفاً مما حدث ويحدث !

      بالإضافة إلى هذه الفرصة الضائعة، فإن المؤسسين سمحوا للسلطة أن تحتفي بجمعيةٍ ،حاربت إنشاءها لعقدين، وكأنها منجزٌ ثقافي رسمي، وتركوها تستفيد من ذلك دعائياً وإعلامياً كما ظهر من خلال تغطية الإعلام الرسمي وتصريحات الرئيس والأعضاء والإحتفالية المشتركة التي انتهت بتقديم هدية تذكارية لراعي الحفل على غرار الإفتتاحات الحكومية الرسمية !
      هذا لا يعني أننا ندعو لمحاربة الحكومة وإعلان القطيعة الكاملة بين المثقفين والجهات الرسمية، لكن تأكيد استقلالية جمعية وليدة في بدايتها أمرٌ مهمٌ وأساسي لمصداقيتها في ظل معطيات وضعنا الحالي، وقد يستدعي خطواتٍ أكثر حزماً ووضوحاً مما لو كنا نعيش في بلد يعترف بالعمل المدني ويقيم له وزناً.

      وفي الحقيقة يبدو أن الصدام قد بدأ فعلاً، فكما قرأنا في أحد المنتديات على لسان علي الزويدي، عضو مجلس الإدارة الحالي، أن وزارة التنمية رفضت السماح بانعقاد اجتماع للجمعية كان من المزمع عقده الشهر القادم، وأن الجمعية قررت تأجيله، بناءً على هذا الرفض، إلى أكتوبر!

      التحدي الآخر يتمثل في المنظومة القانونية التي تعمل الجمعية في إطارها. فمن المؤسف فعلاً أن تبدأ الجمعية عملها، وقانون الجمعيات الأهلية لازال مطبقاً بقيوده وحدوده وممنوعاته وعقوباته. هذا القانون الذي يجعل قيام مؤسسات المجتمع المدني المستقل، حلماً صعباً وجهاداً عسيراً. ناهيك طبعاً عن قانون المطبوعات والنشر الشهير، الذي ينتهك، صراحةً، حرية التعبير ويعد بقائه تقويضاً لمباديء النظام الأساسي للدولة. ونحن هنا ندرك أن الجمعية لا تمتلك عصاً سحريةً تغير بها واقع الحال بين يوم وليلة، لأن إصلاحاً قانونياً بهذا الحجم، يتطلب إرادة سياسية حقيقية راغبةً في التغيير و مستعدة للتخلي عن احتكارها للعمل العام ، وقبول مبدأ الشراكة مع مؤسسات المجتمع المدني ، ومع المثقف بوصفه المعني الأول بالشأن الثقافي. إلا أن هذا لايعني الرضا بالحيز الضيق المتاح بل يؤكد حاجتنا لإختبار وإعادة إختبار الحدود المفروضة حتى تسقط. ولهذا لابد أن يكون العمل على تغيير هذه القوانين وتعديلها ضمن كل القنوات المتاحة والممكنة، على رأس أولويات الجمعية، من أجل تحسين ظروف و معطيات العمل الثقافي والإبداعي في السلطنة ، والإنتقال به إلى مرحلة جديدة أكثر حريةً، وأكثر تميزاً، كما ونوعاً، وأقل التصاقاً بالمؤسسة الرسمية.

      وبعيداً عن المعوقات الخارجية، يطرح النظام الأساسي للجمعيةأسئلةً عديدة، تحتاج إلى إجابات وتوضيحات من القائمين عليها حتى نتمكن نحن،كمتابعين، من أن نفهم إلى أين تسير هذه الجمعية وماهي سياساتها وحدود امكاناتهاوالدور المرسوم لها.

      الفصل الثاني من الباب الأول، تحديداً، يضعنا أماممعضلات حقيقية ستعيق بلاشك عمل الجمعية وقدرتها على اجتذاب الأعضاء. في الحقيقة، لاأظنني أبالغ إن قلت أن مواد هذا الفصل تخالف المنطق وتجعل تفعيل دور الجمعية، علىالأقل كما كنا نرجوه، أمراً شبه مستحيل. هذا الفصل يفرض حظراً على ممارسة أعضاءالجمعية للعديد من الأنشطة التي تعد جزءً لا يتجزأ من كونهم كتاباً وأدباء. ولوأردنا أن نتحرى الدقة قانونياً فيمكننا القول أنه يصادر حتى أنشطتهم الإنسانيةالطبيعية كمثقفين، لأنه يحظر عليهم صراحةً ممارسة أي نشاط لم يرد ذكره في النظامالأساسي للجمعية.
      لا أعرف حقيقةً من الذي يقف وراء صياغة مواد النظام، لأنهبشكله الحالي (الفصل الثاني من الباب الأول تحديداً) يمثل كارثةً قانونية.
      لقدأعدت قراءة مواد هذا الفصل مراراً وتكراراً راجيةً أن أكون قد أخطأت القراءة، أوأغفلت استثناءً، ولازلت حتى الآن أرجو أن أكتشف وجود خطأ مطبعي أو جملةٍ سقطت سهواً، لأن هذه المواد لا يمكن وصفها إلا بالغرابة واللامنطقية.

      المادة الرابعةمثلاً، تمنع أعضاء الجمعية من الإشتغال بالسياسة. وهذه معضلة كبرى لأنه اشتراطغامضٌ وغريبٌ وكاف لإقصاء فئة كبيرة من الكتاب. أولاً:مالمقصود بالإشتغال بالسياسة؟هل هذا يشمل الإشتغال بالكتابة في الشؤون السياسية؟ هل يعني هذا أن عضو الجمعيةممنوع من الكتابة حول أداء الحكومة سلباً أو ايجاباً؟ وهنا لا فرق لأن انتقادالحكومة أو الثناء عليها، يمثلان كتابةً سياسية. ماذا عن الكتابة في شؤون السياسةالخارجية، أو في علم السياسة ونظرياته وتطبيقاته؟أم هل المقصود اتخاذ السياسةمهنةً ونشاطاً عملياً؟ وهنا كيف سيتم التصرف لو أراد أحد الأعضاء الترشح لمجلسالشورى مثلاً؟ أو تم تعيينه وكيلاً لوزارةٍ ؟ أو دبلوماسياً؟ أو والياً؟ وكيف نحدد،أصلاً، المهن التي تتضمن اشتغالاً بالسياسة وتلك التي لا علاقة لها بها؟!

      نفس المادة تنص على عدم تدخل الأعضاء في الشؤون الدينية . وهذا إشكال آخرلا يقل خطورةً عن سابقه. ماهو المقصود تحديداً بالتدخل في الشؤون الدينية؟ هلالكتابة الدينية ممنوعة مثلاً؟ هل يمنعون انتقاد المؤسسة الدينية وأداء رجال الدين؟ ماذا عن إعداد دراسةٍ نقديةٍ حول مذهبٍ معين ؟ ماذا عن تحقيق الفكر الديني ونقدهوتحليله؟والمثير للدهشة أن أهداف الجمعية تتضمن إثراء الحركة الثقافيةوالفكرية وإعداد الدراسات وتشجيع الحوار الجاد وحماية الحرية الفكرية، كيف سيحققونهذا مادام الكتاب ممنوعون من كل المذكور أعلاه؟!

      المادة الخامسة (2) تحظرعلى أعضاء الجمعية الإنتساب لأي جمعية أو نادٍ أو هيئة خارج السلطنة إلا بعد الحصولعلى موافقة الجهات المختصة. أولاً: من هي الجهات المختصة؟ هل هي وزارة التنميةالإجتماعية؟ وماشأن الوزارة أو أي مسؤول آخر في كون أي كاتب يرغب في الإنضماملجماعة أدبية أو فكرية، داخل السلطنة أو خارجها؟ هذا انتهاك لخصوصية الكاتب وحقهكإنسان في ممارسة نشاطاته والإنضمام لهيئات خليجية أو عربية أو دولية، يعتقد أنهاستعزز قدراته وتضيف لتجربته.
      المادة الخامسة (3) تمنع على الكاتب المشاركة فيالمحاضرات والندوات العامة إلا بعد موافقة الجهات المختصة. بينما المادة الخامسة (5) تحظر عليه ممارسة أي نشاط يتعارض مع العادات والتقاليد العمانية، دون أن يوضحلنا أحد ماهو المقصود بالعادات والتقاليد العمانية. على ماذا تشتمل؟ ومالذي يتعارضمعها؟ كيف سيعرف العضو متى خالف العادات والتقاليد ومتى التزم بها مادام عاجزاً فيالمقام الأول عن تحديد ماهيتها. مفهوم العادات والتقاليد مفهوم غامضٌ ونسبيٌ ومطاطجداً ولا يصح إدارجه ضمن نص قانوني تنظيمي كهذا لأنه يتنافى مع صفتي الوضوحوالتأكيد اللتين يفترض أن يتصف بهما نصٌ كهذا.

      مع هذه النصوص، يبدوالإنضمام إلى الجمعية عبارة عن تنازل صريح عن حقوقٍ لازلنا نتمتع بها خارجها. وكأنهذه الجمعية إضافةٌ جديدة للقيود المفروضة على الكاتب العماني. أي إننا لو أردناالمقارنة بين حال الكاتب قبل انضمامه للجمعية وبعد انضمامه إليها، سنجد أن حالهقبلها أفضل فهو على الأقل لم يوقع ولم (يتعهد كتابةً)، كما يشترطون، بأن يمتنع عنكل الأنشطة المذكورة أعلاه.
      وهنا أؤكد أننا نتفهم حجم الضغوط والقيود التي فرضتعلى الجمعية ومؤسسيها حتى تخرج للنور، ولكن إلى أي حدٍ سيستمر التنازل؟كانيمكن تجنب كل هذه الإشكالات، لو أن صياغة المواد السابقة تغيرت قليلاً. أي لو أنالحظر كان على الجمعية، عوضاً عن أعضاء الجمعية، كما هو الحال في المادة الخامسة منقانون الجمعيات الأهلية . ففي ظل نظامنا السياسي والقانوني الحالي، يتوقع المرء أنتكون الجمعية كشخص اعتباري، ممنوعة من ممارسة أنشطة كهذه، لكن أن يمتد الحظر إلىشخوص الأعضاء فهذا أمر غريب ولا منطقي. فمن هذا الذي يريد أن يتنازل رضاً وطواعيةًعن حقوقه وحريته في ممارسة نشاطاته الطبيعية؟لكن الأغرب من هذا كله هوالمادة الخامسة (1) والتي تحظر على عضو الجمعية ممارسة (أي نشاط غير الأنشطةالمحددة في هذا النظام)! وهذا مايجعلني أتسائل مرةً أخرى، من الذي يقف خلف صياغةهذه المواد؟! المفروض أن تكون النصوص التقييدية واضحة ومحددة، لا أن تكون مطلقةًبهذا الشكل. أي أن الأصل في الأشياء، الإباحة بينما يكون الحظر والتقييد استثناءً. إلا إننا هنا نشهد العكس فالمذكور فقط هو المباح وكل ماعدا ذلك ممنوع!

      بينما نجد أن أحد أهداف الجمعية ينص على (القيام بأي عمل أو نشاط آخر منشأنه أن يمكن الجمعية من تحقيق أهدافها)، وهنا إطلاقٌ يناقض التقييد أعلاه، فأيهمانتبع ونصدق؟المشكل الآخر يتمثل في شروط العضوية، وأحدها هو أن لا يقل عمرالعضو عن 21 عاماً. وهنا لا أعرف تحديداً ما هي أهمية أن يتم تحديد عمر معينللإنضمام إلى جمعية كتاب، ولماذا 21 على وجه التحديد؟ المنطقي أن تكون اهتماماتالكاتب ونشاطاته هي المعيار في أحقيته بالإنضمام للجمعية لا عمره. والعجيب أنالمادة السابعة (و) من قانون الجمعيات الأهلية تسمح بأن يكون سن العضو 18 عاماً،فعلى أي تبرير تستند الواحد والعشرين عاماً المطلوبة؟الشرط الآخر هو حسنالسيرة والسلوك والذي تؤكده المادة الثانية عشر التي توجب على العضو أن يكون (مثالافي الاستقامة وحسن السيرة والسلوك). والسؤال الذي يطرح نفسه هنا:ماهو المقصود بحسنالسيرة والسلوك؟ وماهي معايير الإستقامة المطلوبة؟ وكيف يعد هذا ضرورياً لجمعيةكتابٍ وأدباء؟ كل هذه المفاهيم نسبية تختلف من شخصٍ إلى آخر، ولا يصح أبداً اتخاذهامعياراً ينظم العضوية في جمعية أهلية تهتم بشؤون الأدب والثقافة والفكر. فما أراهأنا سلوكاً مستهجناً قد يعتبره غيري أمراً عادياً مقبولاً لا غبار عليه. ومفهوميأنا للإستقامة سيختلف حتماً عن غيري. فمن الذي يحدد أي مفهوم سيسود؟ وماهي المرجعيةالمقبولة للحكم في أمور شخصيةٍ ونسبيةٍ كهذه؟ وماهو الإثبات الذي يتوجب على الراغبفي الإنتساب تقديمه؟ شهادة من السجل العدلي؟ أم من مكان العمل؟ أم من الجامعة أوالمدرسة أو ربما الوالي وشيخ القبيلة؟!

      هذه الشروط بحاجة لمراجعة ، كما أنالفصل الثاني من الباب الأول بحاجة إلى مراجعة وإعادة صياغة. ونحن بحاجة إلى إجاباتلأسئلتنا لأننا لا نستطيع ، حتى الآن، أن نتخذ أي موقف من الجمعية قبل أن نفهم ماهيفلسفة العمل فيها وماهو التصور الموضوع لدورها ونشاطها ومواقفها من قضايا حريةالرأي والتعبير. فنحن لسنا بحاجة إلى مؤسسة حكومية بيروقراطية أخرى تطبع كتابين كلعام وتعقد احتفالات وندوات لا تعبر عن تطلعات المثقف واشتغالاته الحقيقية.
      هذا لا يعني أبداً أننا ننتقص من دور المؤسسين والقائمين على الجمعية، أوأننا نعارض الجمعية ونشاطاتها. بل سنظل دائماً نحترم مبادرتهم وجهودهم ونواياهمالصادقة، لكن هذا لا يمنع من تقييم الوضع كماهو عليه الآن بصراحة وموضوعية، لعل هذايساهم في أن يكون المستقبل أفضل وأقرب إلى مانتمنى.


      منقول
      للكاتبة العمانية / بسمةالكيومي