
/
\
/
و كَأَيِّ طفلةٍ تُرَاوِدُهَا أَحْلامٌ مُلَوَّنةٌ فِيْ عَالَمٍ مِثَاليٍ رُسِمَ بِفُرشَاةِ مُخَيلتِهَا، كُنْت.
و لَرُبَمَا كُنْتُ أَحْيَا فَقَطْ لِيَأْتِيْ ذَلِكَ اليَوْمُ الذِي تَتَحَققُ فِيْه الأُمْنِيَاْت، لَيْسَ أُمْنِيَاتِيْ فَقَطْ بَلْ أُمْنِيَاتُ جَمِيْعِ البَشَر، فَقَدْ قِيْل بِأَنَّ كُلَّ شيءٍ سَيَكُوْنُ بِخَيْرٍ فِيْ النِهَايَة –تَماماً مِثْل مَاْ تَنْتَهِي الْقِصَصِ الخُرَافِيَّة- ، و إِنْ لَمْ يُصبِحْ كُلُّ شيئٍ عَلَى مَا يُرَامْ حَتَى الآنْ .. فَـ النِهَايَةُ لَمْ تَأْتِ بعدْ.
لَكِنْ كَـ مَنْ يَقِفُ فِيْ آخِر صفٍ لا يَرَى أَوَلّه و قَدْ أَخَذَ مِنْهُ المَلَلُ مأخذاً مِنَ الإِنْتِظَارِ .. أَتَسَاءَلْ :
كَمْ دمْعَةً عَلَيْنَا أَنْ نَذْرِفْ ؟!..
و كَمْ جُرْحاً عَلَيْنَا أَنْ نَنْزِف ؟!..
و كَمْ مرّةً يَجِبُ أَنْ تَخْذِلَ الْدُنْيَا أَمَانِيْنَا حَتَّى تَأْتِيَّ هذِهِ النِهَايَة!!
وَ أَلا يُفْتَرَضُ بِهذِهِ النِهَايَةْ ، أَن تَكُونَ هِيَ البِدَايَة ؟!
/
\
/
و إِنْ أَتَتْ هَذِهِ النِهَايَة ..فَـ لِكَمْ سَتَسْتَمِّرْ ؟!
لأَنِّيْ عِنْدَمَا أَعِيْشُ لَحَظَاتٍ طَالَما تَمَنَّيْتُهَا وَ أَسْتَبْشِرُ بِالمَزِيْد .. تَرفُضٌ الأَبْوَابُ المُغْلَقَةُ أَنْ تَفْتَحَ .. و تُغْلَقُ الأَبْوابُ التِي فَتَحْتُهِا مِنْ قَبْل .. لِـ أَبْحَثَ عنِ المُفْتَاحِ الذِيْ كَانَ تواً بَيْن يدَّيْ وَ أُصْدَمَ بِـ أَنَّهُ إخْتَفَى..وَ كَأَنَّها الدُنْيَا تُعَاتِبُنِيْ/تُعَاقِبُنِيْ عَلَى طَمَعِي عِنْدَمَا لَمْ أَكْتَفِ بِمَا عِنْدي مِنْ الّسَعَادَةْ وَطَلَبْتُ المَزِيْـد!!
أَحْيَاناً أَتَخيَّلُ الفَرَحْ .. كَرَغيْفٍ مِنَ الخُبْز يَتَقَاسَمُهُ الكَثِيْرُوْن وكلٌ يَأْخُذُ حِصَّتَه، قَدْ يَحُصُلُ البَعضُ مِنَّا مِنْهُ عَلَى مَا يَسُّدُ رَمَقَهْ وَأَكْثَرْ ، و يَحْصُلُ بَعْضُنَا الآخَرُ عَلَى أَقَلِّ مِما يَحْتَاجُهْ فَـ يَلْعَنُ حَظَّه ، بينَمَا يَبْقَى آخَرُونْ فِي زاويَّةٍ مُظْلِمَة، فَارِغِي الأَيْدِي بِلا رَغِيفْ،
وبِلا حظٍ يُلْعَنْ ..!!

\
/
\
ومعَ بَِداْيَةِ الشِتَاءْ و تَجَدُُّدِ مَنْظَرِ الكُرّةِ الأّرْضِيْة وَأَلْوَانُهَا، و بِدَايَةِ سُبَاتِ بَعضِ الحَيَوَانَاتِ الشتَويّ و تَغَيُّرِ جِلْدِ بَعْضِهَا .. تَتَجَدَّدُ أَحْلامُنَا .. لأَنَ أَهَمِيَّةُ الأَحْلامَ لَنَا هِيَ كَـ أَهَمِّيَةِ الهَوَاءِ الذيْ نَسْتَنْشِقُه .. وَوُجُوْدُهَاْ هُوَ السَبَبُ الرَئِيْسِيُ الذِيْ يُسَاعِدُنَاْ عَلَىْ إِخْرَاجِ كُلِ ذِكْرَىْ مؤْلِمَةْ كَـ زَفِيْرٍ مُقَابِلَ إِسْتِنْشَاقِ الأَحْلامْ ..
أَذْكُرُ ذَاتَ مَرَّة عِنْدَمَا كُنْتُ فِيْ أَشَّدِ بَرْدٍ قَارِسٍ أَعِيْشُهْ .. أَنِّي بِلا وَعْي سَمَحْتُ لِـ يَدَيْكَ الدَافِئَتَيْنْ بِأَنْ تُمْسِكَا يَدَّي .. وَعِنْدَمَا إسْتَعَدْتُ وَعيِي وَسَأَلْتُكَ عَنْ الذِيْ حَدَثْ تَلَعْثَمْتَ ..
ثُمَّ قُلْت:
كَانَتْ يَديْكِ بِحَاجَةٍ لِـ الدِفْء و كُنْتُ أَنَا بِدَوْرِي أَبْحَثُ عَنْ مَا يُمْكِنُ أَن يُعِيْدَ لِـ يَداي الدَافِئتَانِ جداً تَوَازُناً بَارِداً ..
كَاْنَ ردُكَّ مُضْحِكَاً بَعْضَ الشَيءْ .. لَكِنَّهُ أَعَادَ لِـ قَلْبِيَ الدِفءَ الذيْ كُنْتُ أَفْتَقِدُهُ مُنّذُ عُصُوْر .
بَعْدَهَا .. كُنَّا أَسْعَدَ مَنْ فِي الأَرضْ – أَوْ عَلَى الأَقِل هَذَا مَا كُنْتُ أَظُنُه- لَمْ أَتَخَيََّلْ بِأَنَّ الأَرْضَ التِّيْ كُنْتُ أَعِيْشُ فِيْهَا هِيَ نَفْسُهَا التِيْ إِلْتَقَيْتُكَ بِهَا.. وَأَنَّ النَّاس هُمْ نَفْسُهُم الذِّينَ كُنْتُ أَعِيْشُ بَيْنَهُمْ .. فَكُلُّ شيءٍ بَدَاْ مُخْتَلِفَاً تَمَاماً .. حَتَّى نَظَرَاتُهُمْ لَنَاْ ..
وحِيْنَ أَخْبَرْتُكَ بِكُلِ ذَلِكَ قُلْت لِيْ أَنْ لا أَتَعَجَّبَ إِنْ كَانَ بَعْضُ نَظَرَاتِهِمْ يُوْحِيْ بِالحِقْدِ ..
سَأَلْتُكَ فِي قَلَقْ : أَيَحقِدُونْ عَليَّ لأنِّي أَخِيْراً وَجَدْتُ مَا أَبْحَثُ عَنْه؟! هَلْ سَببُ حِقْدِهمْ هُوَ أَنِّي مَعَكْ ؟!!..
ضحِكتَ أَنْتَ بِكِبْرياءٍ زَادَ مِن قَلَقيْ
وُقُلْتَ و عَيْنَاكَ تَبْتَسِمَان :
بَل لِـ أنِّيْ معكِ ...
لَمْ أَتَصَّوَر قَطْ .. بِأَنَّ هُنَاكَ نِهَايةً أَسْعَدَ مِنْ هَذِهْ .. لِـ ذَلِكَ ظَنَنْتُ بِأَنَّهَا هِيَ النِهَايُة التِي تَحَمَّلْتُ كُلَّ أَلَمِيْ و حَيَاتِي لِـ أَعِيْشَهَاْ ..
لِـ تَصْدِمَنِيَ الحَيَاةُ بِأَنَّ الأَمْرَ لَيْسَ كَذَلِكْ ..!!!!