القصيدة العبيرية في وصف الجنة

    • القصيدة العبيرية في وصف الجنة

      القصيدة العبيرية
      للشيخ محمد بن ابراهيم الكندي صاحب بيان الشرع أقدمها مكتبوبة لأول مرة على الشبكة لكل المحبين لها
      و نسألكم الدعاء لنا ولجميع المسلمين



      لك الحمد جز لي بالذي أنا قائل = شهيد على نفسي وأنت مجيرها
      وتسوي لها القسم الجزيل من الرضا = فأنت لها من كل سوء خفيرها
      وتؤتي لها في دار قدسك معقلا = فعندك حق للنفوس أجورها
      فإني لم أطلب سواك مسامرا = وأنت لها من كل حب سميرها
      ولم أجتلب إلا إليك محببا = إلى خلقك الدار الأجل خفيرها
      ألا فاسمعوا وصف الجنان ونعتها =منازل للأبرار فيها سرورها
      أذابوا لهم أكبادهم وقلوبهم = معلقة فيها وفيها مصيرها
      قلوب جلاها الخوف والشوق و الرجا= فأشرق في سبع السموات نورها
      رجال شروا لله عقد ضميرهم = ولم يختلبهم للحياة غرورها
      رجوه فأعطوه الصفاوة و الرضا = ولم يخف من نفس عليه ضميرها
      فقال هلموا يا أحباي أنتم = من القلب عندي قلبها و صدورها
      لكم دار عليين عندي مواهب = عقائل في الفردوس جم غفيرها
      لكم ما اشتهت فيها النفوس و كلما = تلذ به عين وقر قريرها
      هنيئا لكم يا صفوة الله مقعد = يحف به من رحمة الله سورها
      تزورهم من ذي الجلال ملائك = إلى قبة من سندس وحريرها
      مقاول مرد لا يبوس نعيمهم = فأوجههم يزهو على الشمس نورها
      مسورة أيديهم وخلاخل = لهم زجل في مشيهم يستحيرها
      قلائدهم من لؤلؤ وزبرجد = مفصلة بالمسك منها شذورها
      وتحسب في أقراطهم ووجوههم = شموسا تلألأ قارنتها بدورها
      ومشكوكة بالدر منهم شعورهم = معللة بالمسك منها ثغورها
      ويطربهم في مشيهم بنعالهم = إذا خطروا تسبيحها و صريرها
      يشق لهم رمانها عن كواعب = يرد وميض البرق منها حسورها
      معقربة الأصداغ منها جفونها = تردد فيها غنجها و فتورها
      تقوم على رأس الولي بخدم = ثمانون ألفا كالأهلة نورها
      يعاطونها كأسا من الخمر أنزعت = مزاجا من التسنيم فيها يسورها
      على وطئ فوق الحرير نضائد = من الزعفران حشوها وظهورها

      وسبعين طاقا من حرير وسندس =واستبرق تبدو عليها سحورها
      مكللة منظومة بلآلئ = بنادقها من عسجد و حجورها
      على رأسه تاج من التبر أرسلت = ذوائبه تجري عليه ثغورها
      ونوق من المرجان والدر حليها = حقائبها ربط الحرير وكورها
      وخيل من الياقوت بالدر ألجمت = ومن ذهب أسراجها و كفورها
      تطير به في ساعة من حياتكم = ألف عام قطعها ومسيرها
      إلى روضة من جنة الخلد لم تزل= ينمي عليها نشرها و عبيرها
      تحيط بها كثبان مسك و عنبر = و تزهو به أشجارها و نهورها
      منابرها من لؤلؤ و زبرجد = بنور تلألأ و الحرير ستورها
      أسرتها من لؤلؤ وقبابها = علائق در والرحيق نميرها
      ألا حبذا جنات عدن منازلا = ملاعبها بين القصور ودورها
      قصور سمت من قدرة الله في الهوا = علائق فيها فرشها ونهورها
      فأبوابها من عنبر وحجالها = من الزعفران الغض منه سطورها
      وفي باب عليين قصر زمرد = له غرف حمراء خضر ظهورها
      أسرته من عسجد وزبرجد = مكللة بالدر منها وتيرها
      قواعده مثل السراب لوامع = يدق على الأبصار منها بصيرها
      له مجلس في عرض خمس فراسخ = سماواته يغشى العيون منيرها
      على سطحه من رحمة الله قبة = لها حبك من لؤلؤ يستديرها
      ميادينها فيها الضباء رواتع = تصاد بلا عقر هناك نظيرها
      ومن ذهب قد أنشأت وتكاملت = حدائقها والزعفران غميرها
      معرشة أشجارها قد ترفعت = على غير أعماد هناك خمورها
      وسفن من الياقوت في بحر سلسل = يحف عليها نخلها و قصورها
      وحيتانها أذكى من المسك ريحها = من الشهد أحلى و اللجين قشورها
      وطير كمثل البخت خضر متونها = ومن ذهب أذنابها و صدورها
      ترجع في تلك الغصون ترنما = يصدع قلب المستهام صفيرها
      تميل على تلك الموائد وقعا = اذا ما اشتهى مشويها وقديدها
      تقل يا ولي الله كل من أطايبي = فمرعاي منها غضها و نضيرها
      وفي روضة الرضوان طابت مراتعي = وحسبي منها زهرها و غديرها
      بجنة عدن كالسموات عرضها = و فردوس منها تاجها و سريرها

      تحف بها تلك الجنان كأنها = كواكب قد حفت ببدر ينيرها
      جنادلها من لؤلؤ وزبرجد = ومسك و كافور هناك مشورها
      من الزعفران الرطب و المسك أنشئت = على قدر من رحمة الله حورها
      خرائد يطفين الشموس لوامع = عقائل أبكار حوتها خدورها
      إذا ابتسمت حوراء في صحن قصرها = تضاحكها أشجارها و طيورها
      ولو أسفرت عن وجهها ولثامها = أضاء جنان الخلد منها سفورها
      ولو تفلت قي لجة البحر تفلة = لطيبت البحر الأجاج ثغورها
      ولو أرسلت دون السماء ذؤابة = لطيب بين الخافقين عطورها
      ولو لمست في ظلمة القبر ميتا = لعاش و لم يردد عليه حفيرها
      ولو برزت في ليلة مدلهمة = لأشرق منها في الحنادس نورها
      ولو نهضت للمشي تحمل ذيلها = وصائف أمثال الشموس نحورها
      ويحملن عطرا ليس كالعطرعنده = منابر ريحان لها وكفورها
      سلالة كافور تضوع نشرها = وتاه عليها دلها و خفوفها
      على نحرها فوق البياض بصفرة = كتائب عقيان تلوح سطورها
      تقول أنا للقائم الليل راكعا = وللصائم الحامي عليه هجيرها
      أنا للذي أرضى الاله بطاعة = ولم يختدعه للغور غرورها
      وفي جنة الفردوس حوراء كاعب = يحار لها طرف الفتى ويحيرها
      لها زجل عشرون ألف ذؤابة = تسيل على أرض العبير ظفيرها
      إذ ما مشت في تربة المسك مشية = تبدل منها حليها و حريرها
      بعشرة ألآف و الفين مشية = لها في تراب الزعفران خطورها
      وأربع ألآف وصائف حولها = بأقبية الديباج قب قصورها
      ألا تلك دار مهرها ترك هذه = وأبكار غيد والنفوس مهورها
      وعذراء بكر لا يطيق عناقها = من الناس إلا جلدها وصبورها
      فإن كنت ذا عزم فعد عن الهوى = وباشر بها حتى يلين وعورها
      فما النفس إلا كالرضيع لأمه = فإن فطمت ذلت وذل نفورها
      فوطن بها سبل الرشاد برأفة = فما لك نفس غيرها تستخيرها
      وصل على خير الأنام محمد = نبي الهدى مهديها وسفيرها
      فطوبى لمن في جنة الخلد داره = وصلى عليه ربها و غفورها