احبائي زوار الساحه
نستكمل معكم حرب البسوس والجزء الثاني
وحث بنى تغلب على الأخذ بالثأر ، فقال له أكابر قومه : إننا نرى ألا تعجل بالحرب حتى نعذز إلى إخواننا ، فبالله ما تجدع بحرب قومك إلا أنفك ، ولا تقطع إلا كفك ! فقال: جدعه الله أنفاً ، وقطعها كفاً ، والله لا تحدثت نساء تغلب أني أكلت لكليب ثمناً ولا أخذت له دية ، فقالوا : لا بد أن تغض طرفك وتخفض جناحك لنا ولهم ، فكره المهلهل أن يخالفهم فينفضوا من حوله ، فقال: دونكم ما أردتم.
وانطلق رهط من أشرافهم وذوي أسنانهم حتى أتوا مرة بن ذهل فعظموا ما بينهم وبينه، وقالوا له: إنكم أتيتم أمراً عظيماً بقتلكم كليباً بناب من الإبل، وقطعتم الرحم، ونحن نكره العجلة عليكم دون الإعذار، وإننا نعرض عليكم إحدى ثلاث، لكم فيها مخرج ولنا مرضاة.
إما أن تدفعوا إلينا جساساً فنقتله بصاحبنا، فلم يظلم من قتل قاتله ، وإما أن تدفعوا إلينا هماماً فإنه ند لكليب ، وإما أن تقيدنا من نفسك يا مرة ، فإن فيك رضا القوم.
فسكت وقد حضرته وجوه بنى بكر بن وائل فقالوا: تكلم غير مخذول ، فقال: أما جساس فغلام حديث السن ركب رأسه ، فهرب حين خاف ، فوالله ما أدري أي البلاد انطوت عليه . وأما همام فأبو عشرة وأخو عشرة، ولو دفعته إليكم لصيح بنوه في وجهي وقالوا: دفعت أبانا للقتل بجريرة غيره. وأما أنا فلا أتعجل الموت ، وهل تزيد الخيل على أن تجول جولة فأكون أول قتيل ! لكن هل لكم في غير ذلك ؟ هؤلاء بنيّ فدونكم أحدهم فاقتلوه ، وإن شئتم فلكم ألف ناقة تضمنها لكم بكر بن وائل. فغضبوا وقالوا : إنا لم نأتك لترذل لنا بنيك ، ولا لتسومنا اللبن. ورجعوا فأخبروا المهلهل، فقال: والله ما كان كليب بجزور نأكل له ثمناً.
واعتزلت قبائل من بكر الحرب ، وكرهوا مساعدة بني شيبان ومجامعتهم على قتال إخوتهم ، وأعظموا قتل جساس كليباً بناب من الإبل ، فظعنت عجل عنهم ، وكفت يشكر على نصرتهم ، ودعت تغلب النمر من قاسط فانضمت إليها ، وصاروا يداً معهم على بكر ، ولحقت بهم عقيل بنت ساقط.
وكان الحارث بن عباد بن ضبيعة من قيس بن ثعلبة من حكام بكر وفرسانها المعدودين، فلما علم بمقتل كليب أعظمه ، واعتزل بأهله وولد إخوته وأقاربه ، وحل وتر قوسه ، ونزع سنان رمحه.
ووقعت الحرب بين الحيين، وكانت وقعات مزاحفات يتخللها مغاورات، وكان الرجل يلقى الرجل والرجلان والرجلين هكذا ، وأول وقعة كانت على ماء لهم يقال له النهى كان بنو شيبان نازلين عليه ، ورئيس تغلب المهلهل ورئيس شيبان الحارث بن مرة فكانت الدائرة لتغلب ، وكانت الشوكة في شيبان ، واستحر القتال فيهم ، إلا أنه لم يقتل ذلك اليوم أحد من بني مرة.
ثم التقوا بالذنائب فظفرت بنو تغلب ، وقتلت بكر مقتلة عظيمة ، ثم التقوا بواردات فظفرت بنو تغلب ، وكان جساس بن مرة وغيره طلائع قومهم وأبو نويرة التغلبي طلائع قومهم أيضاً ، فالتقوا بعض الليالي فقال له أبو نويرة : اختر إما الصراع أو الطعان ، أو المسايفة – أي التضارب بالسيوف- ، فاختار جساس الصراع فاصطرعا ، وأبطأ كل واحد منهما على أصحاب حيه ، وطلبوهما فأصابوهما وهما يصطرعان ، وقد كاد جساس يصرعه ففرقوا بينهما.
ثم التقوا بعنيزة فتكافأ الحيان، ثم التقوا بالقصيبات وكانت الدائرة على بكر ، وقتل في ذلك اليوم همام بن مرة أخو جساس ، فمر به مهلهل مقتولاً فقال له : والله ما قتل بعد كليب قتيل أعز عليّ فقداً منك.
نستكمل معكم حرب البسوس والجزء الثاني
وحث بنى تغلب على الأخذ بالثأر ، فقال له أكابر قومه : إننا نرى ألا تعجل بالحرب حتى نعذز إلى إخواننا ، فبالله ما تجدع بحرب قومك إلا أنفك ، ولا تقطع إلا كفك ! فقال: جدعه الله أنفاً ، وقطعها كفاً ، والله لا تحدثت نساء تغلب أني أكلت لكليب ثمناً ولا أخذت له دية ، فقالوا : لا بد أن تغض طرفك وتخفض جناحك لنا ولهم ، فكره المهلهل أن يخالفهم فينفضوا من حوله ، فقال: دونكم ما أردتم.
وانطلق رهط من أشرافهم وذوي أسنانهم حتى أتوا مرة بن ذهل فعظموا ما بينهم وبينه، وقالوا له: إنكم أتيتم أمراً عظيماً بقتلكم كليباً بناب من الإبل، وقطعتم الرحم، ونحن نكره العجلة عليكم دون الإعذار، وإننا نعرض عليكم إحدى ثلاث، لكم فيها مخرج ولنا مرضاة.
إما أن تدفعوا إلينا جساساً فنقتله بصاحبنا، فلم يظلم من قتل قاتله ، وإما أن تدفعوا إلينا هماماً فإنه ند لكليب ، وإما أن تقيدنا من نفسك يا مرة ، فإن فيك رضا القوم.
فسكت وقد حضرته وجوه بنى بكر بن وائل فقالوا: تكلم غير مخذول ، فقال: أما جساس فغلام حديث السن ركب رأسه ، فهرب حين خاف ، فوالله ما أدري أي البلاد انطوت عليه . وأما همام فأبو عشرة وأخو عشرة، ولو دفعته إليكم لصيح بنوه في وجهي وقالوا: دفعت أبانا للقتل بجريرة غيره. وأما أنا فلا أتعجل الموت ، وهل تزيد الخيل على أن تجول جولة فأكون أول قتيل ! لكن هل لكم في غير ذلك ؟ هؤلاء بنيّ فدونكم أحدهم فاقتلوه ، وإن شئتم فلكم ألف ناقة تضمنها لكم بكر بن وائل. فغضبوا وقالوا : إنا لم نأتك لترذل لنا بنيك ، ولا لتسومنا اللبن. ورجعوا فأخبروا المهلهل، فقال: والله ما كان كليب بجزور نأكل له ثمناً.
واعتزلت قبائل من بكر الحرب ، وكرهوا مساعدة بني شيبان ومجامعتهم على قتال إخوتهم ، وأعظموا قتل جساس كليباً بناب من الإبل ، فظعنت عجل عنهم ، وكفت يشكر على نصرتهم ، ودعت تغلب النمر من قاسط فانضمت إليها ، وصاروا يداً معهم على بكر ، ولحقت بهم عقيل بنت ساقط.
وكان الحارث بن عباد بن ضبيعة من قيس بن ثعلبة من حكام بكر وفرسانها المعدودين، فلما علم بمقتل كليب أعظمه ، واعتزل بأهله وولد إخوته وأقاربه ، وحل وتر قوسه ، ونزع سنان رمحه.
ووقعت الحرب بين الحيين، وكانت وقعات مزاحفات يتخللها مغاورات، وكان الرجل يلقى الرجل والرجلان والرجلين هكذا ، وأول وقعة كانت على ماء لهم يقال له النهى كان بنو شيبان نازلين عليه ، ورئيس تغلب المهلهل ورئيس شيبان الحارث بن مرة فكانت الدائرة لتغلب ، وكانت الشوكة في شيبان ، واستحر القتال فيهم ، إلا أنه لم يقتل ذلك اليوم أحد من بني مرة.
ثم التقوا بالذنائب فظفرت بنو تغلب ، وقتلت بكر مقتلة عظيمة ، ثم التقوا بواردات فظفرت بنو تغلب ، وكان جساس بن مرة وغيره طلائع قومهم وأبو نويرة التغلبي طلائع قومهم أيضاً ، فالتقوا بعض الليالي فقال له أبو نويرة : اختر إما الصراع أو الطعان ، أو المسايفة – أي التضارب بالسيوف- ، فاختار جساس الصراع فاصطرعا ، وأبطأ كل واحد منهما على أصحاب حيه ، وطلبوهما فأصابوهما وهما يصطرعان ، وقد كاد جساس يصرعه ففرقوا بينهما.
ثم التقوا بعنيزة فتكافأ الحيان، ثم التقوا بالقصيبات وكانت الدائرة على بكر ، وقتل في ذلك اليوم همام بن مرة أخو جساس ، فمر به مهلهل مقتولاً فقال له : والله ما قتل بعد كليب قتيل أعز عليّ فقداً منك.