لا يصلي أحدكم وهو ناعس حتى يرقد لئلا يذهب ليدعو فيسب نفسه؟

    • لا يصلي أحدكم وهو ناعس حتى يرقد لئلا يذهب ليدعو فيسب نفسه؟

      *ما معنى حديث (لا يصلي أحدكم وهو ناعس حتى يرقد لئلا يذهب ليدعو فيسب نفسه

      **بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد:
      فإن الصلاة هي أم العبادات جميعاً، لأنها تجمع ما لا يجمع غيرها من العبادات، ومن أجل ذلك تتكرر في اليوم والليلة ما لا يتكرر غيرها من العبادات .
      والله تبارك وتعالى جعل للروح مطالب مثلما جعل للجسم مطالب، وقد هيأ الله تعالى مطالب كل واحد منهما بقدر الحاجة ، وما كانت الحاجة إليه أدعى كان أيسر من غيره، وهذا ما نشاهده في مطالب الجسم بين الهواء والماء والغذاء، فإن كل واحد منهما يتيسر بقدر الطلب، فالهواء الحاجة إليه أدعى، فالإنسان في جميع أحواله بحاجة إلى الهواء وقد يسره الله تعالى له من غير معاناة ومن غير تعب ومن غير كلفة ومن غير ثمن، بحيث يستنشق الإنسان الهواء في ليله وفي نهاره، في نومه وفي يقظته، في ذكره وفي غفلته، في حركته وفي سكونه. وقد شاء الله تبارك وتعالى أن يكون ذلك من غير أن يبذل الإنسان أدنى ثمن في مقابل هذا الهواء.
      ثم تأتي الحاجة إلى الماء وهو أيسر مما بعده ، وأقل يسراً من الهواء ، ثم تأتي بعد ذلك الحاجة إلى الغذاء ، ثم تأتي بعد ذلك الحاجة إلى الدواء وهكذا .
      وهكذا بالنسبة إلى مطالب الروح ، فقد يسر الله تبارك وتعالى الذكر بحيث إن الإنسان يمكنه في أي حال من الأحوال أن يذكر ربه حتى وهو يمارس شئون حياته كأن يكون في تجارته أو في زراعته أو في أي شيء .
      ثم بعد ذلك الذكر المنظم الذي له مواقيت معينة بحيث يرتبط بأحوال طبيعية في نظام هذا الكون وهو الصلاة. وقد يسر الله تعالى هذه الصلاة فلا تكلف الإنسان كلفة مالية، بل ولا تكلفه كلفة بدنية إلا شيئاً يسيراً ، فهو يمارسها في جميع أحواله سواء كان فقيراً أو كان غنياً ، وسواء كان في ضيق أو في رخاء ، وسواء كان في حالة رضا أو في حالة غضب، الصلاة ميسرة للإنسان لأن الحاجة إليها داعية .
      هذه الصلاة هي مناجاة من العبد لربه سبحانه وتعالى، فالإنسان جدير به وهو يقبل على الله تعالى وينال شرف هذا اللقاء بينه وبين ربه ويتوجه إليه بوجهه وبقلبه ويكلمه بلسانه جدير بهذا الإنسان وهو في هذه الحالة أن يكون متيقظا لا يقبل على هذه الصلاة وهو في حالة تخالف ما ينبغي أن يكون عليه من اليقظة والانتباه.
      وليقدر الإنسان أنه يدخل على عظيم من عظماء الناس، على حاكم أو من يقدر بين الناس، هل يكلمه ويناجيه وهو معرض عنه أو وهو مشغول بشيء آخر أو وهو في حالة يفقد فيها وعيه ويفقد فيها انتباهه ، أو أنه يحرص على أن يكلمه بيقظة ، فهكذا ينبغي إذاً من يغلبه النعاس يؤمر أن ينام أولاً حتى يأخذ حظه من النوم ليقبل على الله تبارك وتعالى وهو في حال يقظة وانتباه بحيث إن كل كلمة يقولها في صلاته يكون معناها إلى عقله وقلبه أسرع من لفظها إلى سمعه ، هكذا ينبغي، أي أن تكون المعاني تسابق الألفاظ إلى ذهن هذا المصلي حتى يؤدي الصلاة على الوجه المشروع، وهذا لا يعني أن يؤخرها عن وقتها هذا إذا كان في الوقت متسع ، أما إذا لم يكن في الوقت متسع فالصلاة هي كتاب موقوت وليس للإنسان أن يفرط فيها بحيث يؤخرها عن ميقاتها الشرعي.