سبحانه ينتقمقالشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
ومن سنة الله أن من لم يمكن المؤمنون أنيعذبوه من الذين يؤذون الله ورسوله؛ فإن الله سبحانه ينتقم منه لرسوله ويكفيه إياه ... والقصة في إهلاك الله واحداً واحداً من هؤلاء المستهزئين معروفة، قد ذكرها أهلالسير والتفسير، وهم على ما قيل نفر من رؤوس قريش: منهم الوليد بن المغيرة، و العاصبن وائل، والأسودان بن المطلب وابن عبد يغوث، والحارث بن قيس.
وقد كتب النبي صلىالله عليه وسلم إلى كسرى وقيصر وكلاهما لم يُسْلم، لكن قيصر أكرم كتاب رسول اللهصلى الله عليه وسلم ، وأكرم رسوله، فَثَبَتَ ملكه، فيقال: إن الملك باقٍ في ذريتهإلى اليوم، و كسرى مَزَّقَ كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، واستهزأ برسولالله صلى الله عليه وسلم ، فقتله الله بعد قليل، ومزق ملكه كل ممزق، و لم يبقللأكاسرة ملك، وهذا ـ والله أعلم ـ
ونظير هذا ما حدثناه أعداد من المسلمين العدول أهل الفقه والخبرة عما جربوه مراتمتعددة في حصر الحصون والمدائن التي بالسواحل الشامية، لما حصر المسلمون فيها بنيالأصفر في زماننا، قالوا: كنا نحن نحصر الحصن أو المدينة الشهر أو أكثر من الشهروهو ممتنع علينا حتى نكاد نيأس منه حتى إذا تعرض أهله لسب رسول الله صلى الله عليهوسلم والوقيعة في عِرْضِه، تعجلنا فتحه وتيسر ولم يكد يتأخر إلا يوماً أو يومين أونحو ذلك، ثم يُفتح المكان عَنْوَة، ويكون فيهم ملحمة عظيمة، قالوا: حتى إن كنالنتباشر بتعجيل الفتح إذا سمعناهم يقعون فيه مع امتلاء القلوب غيظاً عليهم بماقالوه فيه(. انتهى كلام ابن تيمية
كاتب وحي تنصر
عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : كَانَ رَجُلٌ نَصْرَانِيًّا فَأَسْلَمَوَقَرَأَالْبَقَرَةَ وَآلَ عِمْرَانَ فَكَانَ يَكْتُبُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِوَسَلَّمَ ،فَعَادَ نَصْرَانِيًّا, فَكَانَ يَقُولُ : مَا يَدْرِي مُحَمَّدٌ إِلَّا مَا كَتَبْتُ لَهُفَأَمَاتَهُ اللَّهُ ، فَدَفَنُوهُ,فَأَصْبَحَ وَقَدْ لَفَظَتْهُالْأَرْضُ, فَقَالُوا هَذَا فِعْلُ مُحَمَّدٍ وَأَصْحَابِهِ ، لَمَّا هَرَبَمِنْهُمْ ، نَبَشُوا عَنْ صَاحِبِنَا فَأَلْقَوْهُ .
فَحَفَرُوا لَهُ ،فَأَعْمَقُوا . فَأَصْبَحَ وَقَدْ لَفَظَتْهُ الْأَرْضُفَقَالُوا هَذَافِعْلُ مُحَمَّدٍ وَأَصْحَابِهِ ، نَبَشُوا عَنْ صَاحِبِنَا لَمَّا هَرَبَ مِنْهُمْ؛ فَأَلْقَوْهُ .
فَحَفَرُوا لَهُ ، وَأَعْمَقُوا لَهُ فِي الْأَرْضِ مَااسْتَطَاعُوافَأَصْبَحَ وَقَدْ لَفَظَتْهُ الْأَرْضُفَعَلِمُوا أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ النَّاسِ فَأَلْقَوْهُ) رواه البخاري
يَهُودِيَّةً تَشْتُمُ النَّبِيَّ
وروى أبو داود (4362) عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ يَهُودِيَّةً كَانَتْ تَشْتُمُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَقَعُ فِيهِ ، فَخَنَقَهَا رَجُلٌ حَتَّى مَاتَتْ ، فَأَبْطَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَمَهَا.
قال شيخ الإسلام في الصارم المسلول (2/126) : وهذا الحديث جيد ، وله شاهد من حديث ابن عباس وسيأتي أهـ
وهذا الحديث نص في جواز قتلها لأجل شتم النبي صلى الله عليه وسلم .
وروى أبو داود (4361) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَجُلاً أَعْمَى كَانَتْ لَهُ أُمُّ وَلَدٍ تَشْتُمُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَتَقَعُ فِيهِ ، فَيَنْهَاهَا فَلَا تَنْتَهِي ، وَيَزْجُرُهَا فَلَا تَنْزَجِرُ ، فَلَمَّا كَانَتْ ذَاتَ لَيْلَةٍ جَعَلَتْ تَقَعُ فِي النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَشْتُمُهُ ، فَأَخَذَ الْمِغْوَلَ [سيف قصير] فَوَضَعَهُ فِي بَطْنِهَا وَاتَّكَأَ عَلَيْهَا فَقَتَلَهَا . فَلَمَّا أَصْبَحَ ذُكِرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَمَعَ النَّاسَ فَقَالَ : أَنْشُدُ اللَّهَ رَجُلًا فَعَلَ مَا فَعَلَ لِي عَلَيْهِ حَقٌّ إِلَّا قَامَ . فَقَامَ الْأَعْمَى فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَنَا صَاحِبُهَا ، كَانَتْ تَشْتُمُكَ وَتَقَعُ فِيكَ فَأَنْهَاهَا فَلَا تَنْتَهِي ، وَأَزْجُرُهَا فَلَا تَنْزَجِرُ ، وَلِي مِنْهَا ابْنَانِ مِثْلُ اللُّؤْلُؤَتَيْنِ ، وَكَانَتْ بِي رَفِيقَةً ، فَلَمَّا كَانَ الْبَارِحَةَ جَعَلَتْ تَشْتُمُكَ وَتَقَعُ فِيكَ ، فَأَخَذْتُ الْمِغْوَلَ فَوَضَعْتُهُ فِي بَطْنِهَا وَاتَّكَأْتُ عَلَيْهَا حَتَّى قَتَلْتُهَا . فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَلا اشْهَدُوا أَنَّ دَمَهَا هَدَرٌ) . صححه الألباني في صحيح أبي داود (3655) .
كلب ينتصر لرسول الله
وذكر ابن حجر رحمه الله في الدرر الكامنة (4/153) ط2 ، دائرة المعارف ، 1392هـ
295 _ علي بن مرزوق بن أبي الحسن الربعي السلاميزين الدين أصله من الموصل ولد سنة 650 وتعانى التجارةذَكَرَ عَنْ جَمَالِالدِّيْنِ ِإْبَراهِيْمَ بْنِ مُحَمَّدٍ الطِّيْبِيِّ أَنَّ بَعْضَ أُمَرَاءِالمُغُلِ تَنَصَّرَ ، فَحَضَرَ عِنْدَهُ جَمَاعَةٌ مِن كِبَارِ النَّصَارَىوَالمُغُلِ ، فَجَعَلَ وَاحِدٌ مِنْهُم يَنْتَقِصُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُعَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
وَهُنَاكَ كَلْبُ صَيْدٍ مَرْبُوْطٌ ،فَلَمَّا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ ، وَثَبَ عَلَيْهِ الكَلْبُ فَخَمَشَهُفَخَلَّصُوْهُ مِنْهُ .
وَقَالَ بَعْضُ مَنْ حَضَرَ : هَذَا بِكَلاَمِكَ فِي مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ !
فَقَالَ : كَلاَّ ؛ بَلْ هَذَا الكَلْبُ عَزِيْزُ النَّفْسِ ، رَآنِيأُشِيْرُ بِيَدِي ، فَظَنَّ أَنِّي أُرِيْدُ أَنْ أَضْرِبَهُ .
ثُمَّ عَادَإِلَى مَا كَانَ فِيْهِ ؛ فَأَطَالَ .
فَوَثَبَ الكَلْبُمَرَّةً أُخْرَى ، فَقَبَضَ عَلَى زَرْدَمَتِهِ فَقَلَعَهَا ، فَمَاتَ مِنْحِيْنِهِ ، فَأَسْلَمَ بِسَبَبِ ذَلِكَ نَحْو أَرْبَعِيْنَ أَلْفًا مِنَ المُغُلِ .
ومات علاء الدين هذا في سنة 720
ألم يقل الله عز وجل: [إِنَّا كَفَيْنَاكَ المُسْتَهْزِئِينَ] {الحجر:95} ؟
خطيب يسب الرسول
وقَالَ الشَّيخ أحمد شاكر رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى في كتاب " كلمة الحقِّ " ص 148 _ 153 :
... ( وسأقص عليك قصَّة من مثل ما فعلتَ ، قصة كانت في عصرنا ، ما أظنكأدركت عهدها ، ولعلك سَمِعْت بها ، عسى أن يكون لك فيها موعظة وعبرة .
كانالشيخ طه حسين طالبًا بالجامعة المصرية القديمة , حين كانت متشرفة برياسة سموالأمير فؤاد (حضرة صاحب الجلالة الملك فؤاد رَحِمَهُ اللهُ ) ، وتقرر إرساله فيبعثة إلى أوربة , فأراد حضرة صاحب العظمة السلطان حسين رحمه الله أن يكرمه بعطفهورعايته , فاستقبله في قصره استقبالاً كريمًا , وحباه هدية قيمة المغزىوالمعنى.
وكان من خطباء المساجد التابعين لوزارة الأوقاف , خطيبٌ فصيح متكلمٌمقتدر , وهو الشيخ محمد المهدي خطيب " مسجد عزبان " ، وكان السلطان حسين رحمه اللهمواظباً على صلاة الجمعة , في حفلٍ فخمٍ جليل يحضره العلماء والوزراءوالكبراء.
فصلّى الجمعة يومًا ما , " بمسجد المبدولي " القريب من قصر عابدينالعامر ، وندبت وزارة الأوقاف ذاكَ الخطيب لذلك اليوم ، وأراد الخطيب أن يمدح عظمةالسلطان , وأن ينوِّ ه بما أكرم الشيخ طه حسين , وحق له أن يفعل ، ولكن خانتهفصاحته , وغلبه حبّ التغالي في المدح , فزلّ زلة لم تقم لهقائمة من بعدها ، إذ قال أثناء خطبته : جاءه الأعمى, فما عبس في وجهه وماتولّى"!
وكان من شهود هذه الصلاة والدي الشيخ محمّدشاكر , وكيل الأزهر سابقًا رحمه الله ، فقام بعد الصلاة يعلن الناس في المسجد أنصلاتهم باطلة , وأمرهم أن يعيدوا صلاة الظهر , فأعادوها ، ذلك بأن الخطيب كَفَرَبما شتم رسول الله صلى الله عليه وسلم تعريضًا لا تصريحًا، لأن الله سبحانهعتب على رسوله صلى الله عليه وسلم حين جاءه ابنُ أم مكتوم الأعمى , وهو يحدث صناديدقريش يدعوهم إلى الإسلام , فأعرض عن الأعمى قليلاً حتى يفرغ من حديثه , فأنزل اللهعتاب رسوله في سورة كريمة ، ثمّ جاء هذا الخطيب الأحمق الجاهل , يريد أن يتملق عظمةالسلطان رَحِمَهُ اللهُ , وهو عن تملقه غنيّ والحمد لله ، فمدحه بما يوهم السامعأنه يريد إظهار منقبة لعظمته , بالقياس إلى ما عاتب الله عليه رسوله ، وأستغفر اللهمن حكاية هَذَا .
فكان صنع الخطيب المسكين تعريضًا برسول الله صلى الله عليهوسلم, لا يرضى به مسلم , وفي مقدمة من ينكره السلطان نفسه.
ثمّ ذهب الوالد رحمهالله فورًا إلى قصر عابدين العامر وقابل محمود شكري باشا رَحِمَهُ اللهُ _ وهو لهصديق حميم , وكان رئيس الديوان إذ ذاك _ ، وطلب منه أن يرفع الأمر إلى عظمة السلطان , وأن يبلغه حكم الشرع في هذا بوجوب إعادة الصلاة التي بطلت بكفر الخطيب .
ولميتردد شكري باشا في قبول ما حُمّل من الأمانة , وأَعْتَقِدُ أن عظمة السلطان لميتردد في قبول حكم الشرع بإعادة الصلاة.
وكادَ الأمر أن يقف عند هذا الحدِّ , لأن قوانينكم هذه التي تدينون بها لا تحمي رسول الله صلى الله عليه وسلم من سفهالسفهاء ولا من حمق الحمقى والأدعياء.
ثمّ دخل فيه دخلاء السوء , ممّن يحرصونأشد الحرص ـ فيما زعموا ـ على حقوق الأفراد , ويغلون أشد الغلوّ في هضم العلماءوهدمهم , حتى يشغلوهم بأنفسهم عن نصر دينهم والذبّ عن حوضه ، وكان ذلك الخطيبمتصلاً ببعض المستشارين الكبار , اتِّصَالَ التَّابع بالمتبوع , يؤدي لهم كثيرًا منالخدمات ، فأشاروا عليه بأن يرفع دعوى جنحة مباشرة على أبي , لأنه سبّه سبًا علنيًافي المسجد وفي ديوان السلطان .وأشفق من لم يعلم أن ينال أبي من ذلك السوء ،وثار البلد,وكثر اللغط , ووقف رجال كرام من رجال القضاء الأهلي في ذلك مواقف مشرّفة , بين مسلم وقبطيّ كانوا يدًا واحدة في الذبّ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم, وإنكار أي مساس ولو من بعيد بمقامه الكريم.
ولم يعبأ والدي رحمه الله بقضيةالخطيب , ولا بمن وراءه من الكبار ، بل وكَّلَ عنه صديقه الأستاذ الكبير محمّد بكأبو شادي , وكان موقف أبي في القضية أنه لن يحتكم في حكم الشرع في جريمة هذا المجرمإلى علماء الأزهر , لأن حكم المساس برسول الله صلى الله عليه وسلم ولو تعريضًامعروف للدهماء , ولا ينكره جاهل أو متعنت أو غبي ، وإنما نقطة البحث الصحيحة فيهاعربية لغوية صرفة: آلذي صدر من الرجل الجاني المدعي أنه مجني عليه تعريض بالمقامالكريم مقام الرسولَ الأعظم , بدلالة اللغة والاستعمال أم ليس بتعريض؟ولايحتاج الفصل في هذا إلى علماء الأزهر , خشية أن يظن بهم ما هم برءاء منه من العصبية، بل هي نقطة عربية لغوية , يكفي فيها رأي بعض المستشرقين الإفرنج , ممّن لا يظنبهم العصبية لرسول الله صلى الله عليه وسلم, بل هم مظنة الضدّ من ذلك.!
فكانتصميم الوالد رحمه الله وعزمه , على أنه إذا وصلت القضية إلى المحكمة ؛ وعُرضت , أنيطلب ندب خبراء مستشرقين ؛ ليحددوا بخبرتهم في لغة العرب دلالة كلام الخطيب منالوجهة العربية ، أهو تعريض أم لا ؟؟ ، ثمّ يكون الفصل القضائي طبقًا لما يقررهالخبراء.
ثمّ دخلت الحكومة في الأمر , خشية ما يكون من وراءهذه القضية من أحداث وأخطار ، وطُوِيَ بساطها قبل أن ينظرهاالقضاء.
ولكن الله لم يدع لهذا المجرم جرمه فيالدنيا , قبل أن يجزيه جزاءه في الأُخرىفأقسم بالله : لقد رأيته بعيني رأسي , بعد بضع سنين , وبعد أن كان متعاليًا متنفخًا , مستعزًا بمن لاذ بهم من العظماءوالكبراء , رأيته مهينًا ذليلاً , خادمًا على باب مسجد من مساجد القاهرة , يتلقىنعال المصلين يحفظها, في ذلة وصغار ، حتى لقد خجلت أن يراني , وأنا أعرفه وهويعرفني , لا شفقةً عليه , فما كان موضعًا للشفقة , ولا شماتةً فيه , فالرجل النبيليسمو على الشماتة , ولكن لما رأيت من عبرة وموعظة.! ... ) انتهى كلام الشيخ أحمد شاكر
بحجة حرية التعبير رسم فيستر جورد رسومه المسيئة للنبي صلى الله عليه وسلم فعاقبه الله عز وجل بسلبه حريته ليظل معتقلا متخفيا بين يدي الشرطة خوف القتل, والجزاء من جنس العمل.
[إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالآَخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا] {الأحزاب:57}
ومن سنة الله أن من لم يمكن المؤمنون أنيعذبوه من الذين يؤذون الله ورسوله؛ فإن الله سبحانه ينتقم منه لرسوله ويكفيه إياه ... والقصة في إهلاك الله واحداً واحداً من هؤلاء المستهزئين معروفة، قد ذكرها أهلالسير والتفسير، وهم على ما قيل نفر من رؤوس قريش: منهم الوليد بن المغيرة، و العاصبن وائل، والأسودان بن المطلب وابن عبد يغوث، والحارث بن قيس.
وقد كتب النبي صلىالله عليه وسلم إلى كسرى وقيصر وكلاهما لم يُسْلم، لكن قيصر أكرم كتاب رسول اللهصلى الله عليه وسلم ، وأكرم رسوله، فَثَبَتَ ملكه، فيقال: إن الملك باقٍ في ذريتهإلى اليوم، و كسرى مَزَّقَ كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، واستهزأ برسولالله صلى الله عليه وسلم ، فقتله الله بعد قليل، ومزق ملكه كل ممزق، و لم يبقللأكاسرة ملك، وهذا ـ والله أعلم ـ
ونظير هذا ما حدثناه أعداد من المسلمين العدول أهل الفقه والخبرة عما جربوه مراتمتعددة في حصر الحصون والمدائن التي بالسواحل الشامية، لما حصر المسلمون فيها بنيالأصفر في زماننا، قالوا: كنا نحن نحصر الحصن أو المدينة الشهر أو أكثر من الشهروهو ممتنع علينا حتى نكاد نيأس منه حتى إذا تعرض أهله لسب رسول الله صلى الله عليهوسلم والوقيعة في عِرْضِه، تعجلنا فتحه وتيسر ولم يكد يتأخر إلا يوماً أو يومين أونحو ذلك، ثم يُفتح المكان عَنْوَة، ويكون فيهم ملحمة عظيمة، قالوا: حتى إن كنالنتباشر بتعجيل الفتح إذا سمعناهم يقعون فيه مع امتلاء القلوب غيظاً عليهم بماقالوه فيه(. انتهى كلام ابن تيمية
كاتب وحي تنصر
عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : كَانَ رَجُلٌ نَصْرَانِيًّا فَأَسْلَمَوَقَرَأَالْبَقَرَةَ وَآلَ عِمْرَانَ فَكَانَ يَكْتُبُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِوَسَلَّمَ ،فَعَادَ نَصْرَانِيًّا, فَكَانَ يَقُولُ : مَا يَدْرِي مُحَمَّدٌ إِلَّا مَا كَتَبْتُ لَهُفَأَمَاتَهُ اللَّهُ ، فَدَفَنُوهُ,فَأَصْبَحَ وَقَدْ لَفَظَتْهُالْأَرْضُ, فَقَالُوا هَذَا فِعْلُ مُحَمَّدٍ وَأَصْحَابِهِ ، لَمَّا هَرَبَمِنْهُمْ ، نَبَشُوا عَنْ صَاحِبِنَا فَأَلْقَوْهُ .
فَحَفَرُوا لَهُ ،فَأَعْمَقُوا . فَأَصْبَحَ وَقَدْ لَفَظَتْهُ الْأَرْضُفَقَالُوا هَذَافِعْلُ مُحَمَّدٍ وَأَصْحَابِهِ ، نَبَشُوا عَنْ صَاحِبِنَا لَمَّا هَرَبَ مِنْهُمْ؛ فَأَلْقَوْهُ .
فَحَفَرُوا لَهُ ، وَأَعْمَقُوا لَهُ فِي الْأَرْضِ مَااسْتَطَاعُوافَأَصْبَحَ وَقَدْ لَفَظَتْهُ الْأَرْضُفَعَلِمُوا أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ النَّاسِ فَأَلْقَوْهُ) رواه البخاري
يَهُودِيَّةً تَشْتُمُ النَّبِيَّ
وروى أبو داود (4362) عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ يَهُودِيَّةً كَانَتْ تَشْتُمُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَقَعُ فِيهِ ، فَخَنَقَهَا رَجُلٌ حَتَّى مَاتَتْ ، فَأَبْطَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَمَهَا.
قال شيخ الإسلام في الصارم المسلول (2/126) : وهذا الحديث جيد ، وله شاهد من حديث ابن عباس وسيأتي أهـ
وهذا الحديث نص في جواز قتلها لأجل شتم النبي صلى الله عليه وسلم .
وروى أبو داود (4361) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَجُلاً أَعْمَى كَانَتْ لَهُ أُمُّ وَلَدٍ تَشْتُمُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَتَقَعُ فِيهِ ، فَيَنْهَاهَا فَلَا تَنْتَهِي ، وَيَزْجُرُهَا فَلَا تَنْزَجِرُ ، فَلَمَّا كَانَتْ ذَاتَ لَيْلَةٍ جَعَلَتْ تَقَعُ فِي النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَشْتُمُهُ ، فَأَخَذَ الْمِغْوَلَ [سيف قصير] فَوَضَعَهُ فِي بَطْنِهَا وَاتَّكَأَ عَلَيْهَا فَقَتَلَهَا . فَلَمَّا أَصْبَحَ ذُكِرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَمَعَ النَّاسَ فَقَالَ : أَنْشُدُ اللَّهَ رَجُلًا فَعَلَ مَا فَعَلَ لِي عَلَيْهِ حَقٌّ إِلَّا قَامَ . فَقَامَ الْأَعْمَى فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَنَا صَاحِبُهَا ، كَانَتْ تَشْتُمُكَ وَتَقَعُ فِيكَ فَأَنْهَاهَا فَلَا تَنْتَهِي ، وَأَزْجُرُهَا فَلَا تَنْزَجِرُ ، وَلِي مِنْهَا ابْنَانِ مِثْلُ اللُّؤْلُؤَتَيْنِ ، وَكَانَتْ بِي رَفِيقَةً ، فَلَمَّا كَانَ الْبَارِحَةَ جَعَلَتْ تَشْتُمُكَ وَتَقَعُ فِيكَ ، فَأَخَذْتُ الْمِغْوَلَ فَوَضَعْتُهُ فِي بَطْنِهَا وَاتَّكَأْتُ عَلَيْهَا حَتَّى قَتَلْتُهَا . فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَلا اشْهَدُوا أَنَّ دَمَهَا هَدَرٌ) . صححه الألباني في صحيح أبي داود (3655) .
كلب ينتصر لرسول الله
وذكر ابن حجر رحمه الله في الدرر الكامنة (4/153) ط2 ، دائرة المعارف ، 1392هـ
295 _ علي بن مرزوق بن أبي الحسن الربعي السلاميزين الدين أصله من الموصل ولد سنة 650 وتعانى التجارةذَكَرَ عَنْ جَمَالِالدِّيْنِ ِإْبَراهِيْمَ بْنِ مُحَمَّدٍ الطِّيْبِيِّ أَنَّ بَعْضَ أُمَرَاءِالمُغُلِ تَنَصَّرَ ، فَحَضَرَ عِنْدَهُ جَمَاعَةٌ مِن كِبَارِ النَّصَارَىوَالمُغُلِ ، فَجَعَلَ وَاحِدٌ مِنْهُم يَنْتَقِصُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُعَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
وَهُنَاكَ كَلْبُ صَيْدٍ مَرْبُوْطٌ ،فَلَمَّا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ ، وَثَبَ عَلَيْهِ الكَلْبُ فَخَمَشَهُفَخَلَّصُوْهُ مِنْهُ .
وَقَالَ بَعْضُ مَنْ حَضَرَ : هَذَا بِكَلاَمِكَ فِي مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ !
فَقَالَ : كَلاَّ ؛ بَلْ هَذَا الكَلْبُ عَزِيْزُ النَّفْسِ ، رَآنِيأُشِيْرُ بِيَدِي ، فَظَنَّ أَنِّي أُرِيْدُ أَنْ أَضْرِبَهُ .
ثُمَّ عَادَإِلَى مَا كَانَ فِيْهِ ؛ فَأَطَالَ .
فَوَثَبَ الكَلْبُمَرَّةً أُخْرَى ، فَقَبَضَ عَلَى زَرْدَمَتِهِ فَقَلَعَهَا ، فَمَاتَ مِنْحِيْنِهِ ، فَأَسْلَمَ بِسَبَبِ ذَلِكَ نَحْو أَرْبَعِيْنَ أَلْفًا مِنَ المُغُلِ .
ومات علاء الدين هذا في سنة 720
ألم يقل الله عز وجل: [إِنَّا كَفَيْنَاكَ المُسْتَهْزِئِينَ] {الحجر:95} ؟
خطيب يسب الرسول
وقَالَ الشَّيخ أحمد شاكر رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى في كتاب " كلمة الحقِّ " ص 148 _ 153 :
... ( وسأقص عليك قصَّة من مثل ما فعلتَ ، قصة كانت في عصرنا ، ما أظنكأدركت عهدها ، ولعلك سَمِعْت بها ، عسى أن يكون لك فيها موعظة وعبرة .
كانالشيخ طه حسين طالبًا بالجامعة المصرية القديمة , حين كانت متشرفة برياسة سموالأمير فؤاد (حضرة صاحب الجلالة الملك فؤاد رَحِمَهُ اللهُ ) ، وتقرر إرساله فيبعثة إلى أوربة , فأراد حضرة صاحب العظمة السلطان حسين رحمه الله أن يكرمه بعطفهورعايته , فاستقبله في قصره استقبالاً كريمًا , وحباه هدية قيمة المغزىوالمعنى.
وكان من خطباء المساجد التابعين لوزارة الأوقاف , خطيبٌ فصيح متكلمٌمقتدر , وهو الشيخ محمد المهدي خطيب " مسجد عزبان " ، وكان السلطان حسين رحمه اللهمواظباً على صلاة الجمعة , في حفلٍ فخمٍ جليل يحضره العلماء والوزراءوالكبراء.
فصلّى الجمعة يومًا ما , " بمسجد المبدولي " القريب من قصر عابدينالعامر ، وندبت وزارة الأوقاف ذاكَ الخطيب لذلك اليوم ، وأراد الخطيب أن يمدح عظمةالسلطان , وأن ينوِّ ه بما أكرم الشيخ طه حسين , وحق له أن يفعل ، ولكن خانتهفصاحته , وغلبه حبّ التغالي في المدح , فزلّ زلة لم تقم لهقائمة من بعدها ، إذ قال أثناء خطبته : جاءه الأعمى, فما عبس في وجهه وماتولّى"!
وكان من شهود هذه الصلاة والدي الشيخ محمّدشاكر , وكيل الأزهر سابقًا رحمه الله ، فقام بعد الصلاة يعلن الناس في المسجد أنصلاتهم باطلة , وأمرهم أن يعيدوا صلاة الظهر , فأعادوها ، ذلك بأن الخطيب كَفَرَبما شتم رسول الله صلى الله عليه وسلم تعريضًا لا تصريحًا، لأن الله سبحانهعتب على رسوله صلى الله عليه وسلم حين جاءه ابنُ أم مكتوم الأعمى , وهو يحدث صناديدقريش يدعوهم إلى الإسلام , فأعرض عن الأعمى قليلاً حتى يفرغ من حديثه , فأنزل اللهعتاب رسوله في سورة كريمة ، ثمّ جاء هذا الخطيب الأحمق الجاهل , يريد أن يتملق عظمةالسلطان رَحِمَهُ اللهُ , وهو عن تملقه غنيّ والحمد لله ، فمدحه بما يوهم السامعأنه يريد إظهار منقبة لعظمته , بالقياس إلى ما عاتب الله عليه رسوله ، وأستغفر اللهمن حكاية هَذَا .
فكان صنع الخطيب المسكين تعريضًا برسول الله صلى الله عليهوسلم, لا يرضى به مسلم , وفي مقدمة من ينكره السلطان نفسه.
ثمّ ذهب الوالد رحمهالله فورًا إلى قصر عابدين العامر وقابل محمود شكري باشا رَحِمَهُ اللهُ _ وهو لهصديق حميم , وكان رئيس الديوان إذ ذاك _ ، وطلب منه أن يرفع الأمر إلى عظمة السلطان , وأن يبلغه حكم الشرع في هذا بوجوب إعادة الصلاة التي بطلت بكفر الخطيب .
ولميتردد شكري باشا في قبول ما حُمّل من الأمانة , وأَعْتَقِدُ أن عظمة السلطان لميتردد في قبول حكم الشرع بإعادة الصلاة.
وكادَ الأمر أن يقف عند هذا الحدِّ , لأن قوانينكم هذه التي تدينون بها لا تحمي رسول الله صلى الله عليه وسلم من سفهالسفهاء ولا من حمق الحمقى والأدعياء.
ثمّ دخل فيه دخلاء السوء , ممّن يحرصونأشد الحرص ـ فيما زعموا ـ على حقوق الأفراد , ويغلون أشد الغلوّ في هضم العلماءوهدمهم , حتى يشغلوهم بأنفسهم عن نصر دينهم والذبّ عن حوضه ، وكان ذلك الخطيبمتصلاً ببعض المستشارين الكبار , اتِّصَالَ التَّابع بالمتبوع , يؤدي لهم كثيرًا منالخدمات ، فأشاروا عليه بأن يرفع دعوى جنحة مباشرة على أبي , لأنه سبّه سبًا علنيًافي المسجد وفي ديوان السلطان .وأشفق من لم يعلم أن ينال أبي من ذلك السوء ،وثار البلد,وكثر اللغط , ووقف رجال كرام من رجال القضاء الأهلي في ذلك مواقف مشرّفة , بين مسلم وقبطيّ كانوا يدًا واحدة في الذبّ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم, وإنكار أي مساس ولو من بعيد بمقامه الكريم.
ولم يعبأ والدي رحمه الله بقضيةالخطيب , ولا بمن وراءه من الكبار ، بل وكَّلَ عنه صديقه الأستاذ الكبير محمّد بكأبو شادي , وكان موقف أبي في القضية أنه لن يحتكم في حكم الشرع في جريمة هذا المجرمإلى علماء الأزهر , لأن حكم المساس برسول الله صلى الله عليه وسلم ولو تعريضًامعروف للدهماء , ولا ينكره جاهل أو متعنت أو غبي ، وإنما نقطة البحث الصحيحة فيهاعربية لغوية صرفة: آلذي صدر من الرجل الجاني المدعي أنه مجني عليه تعريض بالمقامالكريم مقام الرسولَ الأعظم , بدلالة اللغة والاستعمال أم ليس بتعريض؟ولايحتاج الفصل في هذا إلى علماء الأزهر , خشية أن يظن بهم ما هم برءاء منه من العصبية، بل هي نقطة عربية لغوية , يكفي فيها رأي بعض المستشرقين الإفرنج , ممّن لا يظنبهم العصبية لرسول الله صلى الله عليه وسلم, بل هم مظنة الضدّ من ذلك.!
فكانتصميم الوالد رحمه الله وعزمه , على أنه إذا وصلت القضية إلى المحكمة ؛ وعُرضت , أنيطلب ندب خبراء مستشرقين ؛ ليحددوا بخبرتهم في لغة العرب دلالة كلام الخطيب منالوجهة العربية ، أهو تعريض أم لا ؟؟ ، ثمّ يكون الفصل القضائي طبقًا لما يقررهالخبراء.
ثمّ دخلت الحكومة في الأمر , خشية ما يكون من وراءهذه القضية من أحداث وأخطار ، وطُوِيَ بساطها قبل أن ينظرهاالقضاء.
ولكن الله لم يدع لهذا المجرم جرمه فيالدنيا , قبل أن يجزيه جزاءه في الأُخرىفأقسم بالله : لقد رأيته بعيني رأسي , بعد بضع سنين , وبعد أن كان متعاليًا متنفخًا , مستعزًا بمن لاذ بهم من العظماءوالكبراء , رأيته مهينًا ذليلاً , خادمًا على باب مسجد من مساجد القاهرة , يتلقىنعال المصلين يحفظها, في ذلة وصغار ، حتى لقد خجلت أن يراني , وأنا أعرفه وهويعرفني , لا شفقةً عليه , فما كان موضعًا للشفقة , ولا شماتةً فيه , فالرجل النبيليسمو على الشماتة , ولكن لما رأيت من عبرة وموعظة.! ... ) انتهى كلام الشيخ أحمد شاكر
بحجة حرية التعبير رسم فيستر جورد رسومه المسيئة للنبي صلى الله عليه وسلم فعاقبه الله عز وجل بسلبه حريته ليظل معتقلا متخفيا بين يدي الشرطة خوف القتل, والجزاء من جنس العمل.
[إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالآَخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا] {الأحزاب:57}