بين غزة وغانا والدانمارك

كنت أنوي كتابة هذا المقال قبل ذلك ، لكن قدر الله أن أنشغل ، وقدر أيضا أن تعود الرسوم المسيئة للظهور في الصحف الدانماركية فيعود الموضوع للجول بخاطري .
وانا في طريقي الى مطار القاهرا ذات يوم ، لتلفت انتباهي عبارة مكتوبة على كشك صغير يبيع الشاي والقهوة على جانب الطريق ، العبارة تقول : "إلا رسول الله"
إنها – بالتأكيد – ليست المرة الأولى التي تسمع أو ترى فيها "إلا رسول الله" ، غير أن العبارة طالما استفزتني ، ورؤيتي لها على هذا الكشك الصغير كانت القشة التي قصمت ظهر البعير
الكل يعرف أن "إلا" أداة استثناء ، والاستثناء هو الشئ الوحيد الذي لا يسير على القاعدة ، وعلى غرار دروس النحو ، فحين أقول لك : حضرنا إلا أحمد ، فالقاعدة هنا هي الحضور ، والمستثنى منها هو أحمد الذي لم يحض
وأنا حين أقول "إلا رسول الله" ، فأنا أعني بالتأكيد "إلا إهانة رسول الله" أو "إلا المساس برسول الله" ، فكأن القاعدة عندي أن تهين ما شئت ، أو أن تمس ما شئت إلا رسول الله !

---
يختلف الإسلام عن غيره من الحركات والمناهج والأفكار
أنت تستطيع أن ترمز للمسيحية بالصليب ، وتستطيع أن ترمز لليهودية بنجمة داوود ، ولا رمز للإسلام .
في الإسلام ، أنت لا تجد أشخاصا مقدسين ، ولا أشخاصا لا يخطئون ، ولا كلاما – بعد كلام الله وكلام النبي – غير قابل للنقاش وإعمال العقل ، ولا تجد كذلك أشخاصا يتوقف الإسلام عندهم ، وتنتهي الدعوة بموتهم ، حتى النبي صلى الله عليه وسلم
الإسلام دين مناهج فحسب ، لا دين شخوص ، "وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل ، أفئن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ؟ ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا" ، فـ"لا يكن أحدكم إمعة يقول إن أحسن الناس أحسنت وإن أساءوا أسأت ...." ولكن اثبت على المنهج مهما قال الناس أو فعلوا ، ولك في ثبات ابن حنبل – وحده – في محنة خلق القرآن عبرة .
---
إذن ، ماذا أفهم من ذلك ؟
أني أرتبط بالنبي صلى الله عليه وسلم كمنهج قبل أن أرتبط به كشخص
إذا فهمت ذلك ، علمت – علم اليقين – أن إهانة الرسول صلى الله عليه وسلم الحقيقية ، متمثلة في إهانة منهجه بتركه قبل أن تكون بإهانة شخصه برسمة أو سبة .
وإذا فهمت ذلك ، علمت أيضا أن كل شئ عندي – كمسلم – حرام على عدوي ، فلا أقول "إلا رسول الله" أعنيه بها – صلى الله عليه وسلم – كشخص ، وإنما أقول "إلا إسلامي" ، "إلا حُرُماتي" ، "إلا كل شئ"
---
وإذا علمت أن منهج نبيك – صلى الله عليه وسلم – يقتضي أن حرمة دم المسلم مقدمة على حرمة الكعبة ، وهو في الحقيقة ما يقره العقل والفطرة السليمة ، ويقره قبلهما الإسلام ذاته ، فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يطوف بالكعبة ويقول: (ما أطيبك وأطيب ريحك ما أعظمك وأعظم حرمتك والذي نفس محمد بيده لحرمة المؤمن أعظم عند الله حرمة منك ماله ودمه وأن نظن به إلا خيراً) رواه ابن ماجة وصححه العلامة الألباني في صحيح الترغيب 2/630
وإذا سمعت حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم : (لزوال الدنيا أهون على الله من قتل مؤمن بغير حق ولو أن أهل سماواته وأهل أرضه اشتركوا في دم مؤمن لأدخلهم الله النار) وهو حديث صحيح كما قال العلامة الألباني في صحيح الترغيب 2/629.
أقول إذا آمنت بكل ذلك ، لاختلف رد فعلك بين ما يحدث في غزة ، وبين ما يحدث في الدانمارك ، ولكانت عاطفتك تجاه الأولى أقوى – بكثير – من عاطفتك تجاه الثانية ، ولغضبت للأولى أشد مما تغضب للثانية ، ولقاطعت ودعوت من أجل الأولى أكثر مما تقاطع وتدعو من أجل الثانية.

---
لا ريب أن مسألة إعادة نشر الرسوم المسيئة للنبي صلى الله عليه وسلم ، في هذا الوقت وبهذه الصورة له مدلول ومن ورائه هدف ، ولعله شغلك بقضية عاطفية – دون عميق فهم – عما يحدث من سفك للدماء المسلمة عيانا بيانا .
فاحذر
---
لا حاجة لي هنا إلى الحديث عن غانا وكأس الأمم الإفريقية – راجع العنوان - ، إظن أن نقطتي قد وصلت .
راجع معتنقاتك ، واعتقاداتك ، وأولوياتك

كنت أنوي كتابة هذا المقال قبل ذلك ، لكن قدر الله أن أنشغل ، وقدر أيضا أن تعود الرسوم المسيئة للظهور في الصحف الدانماركية فيعود الموضوع للجول بخاطري .
وانا في طريقي الى مطار القاهرا ذات يوم ، لتلفت انتباهي عبارة مكتوبة على كشك صغير يبيع الشاي والقهوة على جانب الطريق ، العبارة تقول : "إلا رسول الله"
إنها – بالتأكيد – ليست المرة الأولى التي تسمع أو ترى فيها "إلا رسول الله" ، غير أن العبارة طالما استفزتني ، ورؤيتي لها على هذا الكشك الصغير كانت القشة التي قصمت ظهر البعير
الكل يعرف أن "إلا" أداة استثناء ، والاستثناء هو الشئ الوحيد الذي لا يسير على القاعدة ، وعلى غرار دروس النحو ، فحين أقول لك : حضرنا إلا أحمد ، فالقاعدة هنا هي الحضور ، والمستثنى منها هو أحمد الذي لم يحض
وأنا حين أقول "إلا رسول الله" ، فأنا أعني بالتأكيد "إلا إهانة رسول الله" أو "إلا المساس برسول الله" ، فكأن القاعدة عندي أن تهين ما شئت ، أو أن تمس ما شئت إلا رسول الله !

---
يختلف الإسلام عن غيره من الحركات والمناهج والأفكار
أنت تستطيع أن ترمز للمسيحية بالصليب ، وتستطيع أن ترمز لليهودية بنجمة داوود ، ولا رمز للإسلام .
في الإسلام ، أنت لا تجد أشخاصا مقدسين ، ولا أشخاصا لا يخطئون ، ولا كلاما – بعد كلام الله وكلام النبي – غير قابل للنقاش وإعمال العقل ، ولا تجد كذلك أشخاصا يتوقف الإسلام عندهم ، وتنتهي الدعوة بموتهم ، حتى النبي صلى الله عليه وسلم
الإسلام دين مناهج فحسب ، لا دين شخوص ، "وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل ، أفئن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ؟ ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا" ، فـ"لا يكن أحدكم إمعة يقول إن أحسن الناس أحسنت وإن أساءوا أسأت ...." ولكن اثبت على المنهج مهما قال الناس أو فعلوا ، ولك في ثبات ابن حنبل – وحده – في محنة خلق القرآن عبرة .
---
إذن ، ماذا أفهم من ذلك ؟
أني أرتبط بالنبي صلى الله عليه وسلم كمنهج قبل أن أرتبط به كشخص
إذا فهمت ذلك ، علمت – علم اليقين – أن إهانة الرسول صلى الله عليه وسلم الحقيقية ، متمثلة في إهانة منهجه بتركه قبل أن تكون بإهانة شخصه برسمة أو سبة .
وإذا فهمت ذلك ، علمت أيضا أن كل شئ عندي – كمسلم – حرام على عدوي ، فلا أقول "إلا رسول الله" أعنيه بها – صلى الله عليه وسلم – كشخص ، وإنما أقول "إلا إسلامي" ، "إلا حُرُماتي" ، "إلا كل شئ"
---
وإذا علمت أن منهج نبيك – صلى الله عليه وسلم – يقتضي أن حرمة دم المسلم مقدمة على حرمة الكعبة ، وهو في الحقيقة ما يقره العقل والفطرة السليمة ، ويقره قبلهما الإسلام ذاته ، فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يطوف بالكعبة ويقول: (ما أطيبك وأطيب ريحك ما أعظمك وأعظم حرمتك والذي نفس محمد بيده لحرمة المؤمن أعظم عند الله حرمة منك ماله ودمه وأن نظن به إلا خيراً) رواه ابن ماجة وصححه العلامة الألباني في صحيح الترغيب 2/630
وإذا سمعت حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم : (لزوال الدنيا أهون على الله من قتل مؤمن بغير حق ولو أن أهل سماواته وأهل أرضه اشتركوا في دم مؤمن لأدخلهم الله النار) وهو حديث صحيح كما قال العلامة الألباني في صحيح الترغيب 2/629.
أقول إذا آمنت بكل ذلك ، لاختلف رد فعلك بين ما يحدث في غزة ، وبين ما يحدث في الدانمارك ، ولكانت عاطفتك تجاه الأولى أقوى – بكثير – من عاطفتك تجاه الثانية ، ولغضبت للأولى أشد مما تغضب للثانية ، ولقاطعت ودعوت من أجل الأولى أكثر مما تقاطع وتدعو من أجل الثانية.

---
لا ريب أن مسألة إعادة نشر الرسوم المسيئة للنبي صلى الله عليه وسلم ، في هذا الوقت وبهذه الصورة له مدلول ومن ورائه هدف ، ولعله شغلك بقضية عاطفية – دون عميق فهم – عما يحدث من سفك للدماء المسلمة عيانا بيانا .
فاحذر
---
لا حاجة لي هنا إلى الحديث عن غانا وكأس الأمم الإفريقية – راجع العنوان - ، إظن أن نقطتي قد وصلت .
راجع معتنقاتك ، واعتقاداتك ، وأولوياتك