حدثنا أبو يزيد بن أبيه عن أبيه فيما قال:
"طفقتُ الآفاق. حتى بلغتُ العراق".. وترنمت أنا وشيطاني.. بكل شعرٍ وديوانِ. فإن شيطاني أمير الجنّ. يذهب بي في الشعرِ كل فنِ..
أتيت بغداد. ومالي بها من عتاد
سوى قربة ماء، وقليلٍ من زاد
ونزلت على جارية حمراء. تسكن قفرا في العراء.. فعجبت لفصاحتها. واستمالتني برصانتها.
فقلت: ما هذا اللسان؟ ومن أين هذا البيان؟.
فقالت: روضتُ العلمَ وصِعابَه. وخضتُ له البحرَ وأمواجَه
...
ولي أخوة ... يُجَرجِرونَ القيودَ جرا.. ولا يفرون من الحروب فرا
وعندي حصان اسميته رَواح.. له مرعى ورَواح.. في كل فجّ وواد .. وبدار ثمودٍ وعاد
مكر مفر .. مقبل مدبر ... كأنه صليل السيف في الأصماخِ ..
...
ثم أتبعتُ سببا..
ومكثتُ تحت شمس القيض ..حتى جعل الله لي من دونها سِترا ... وقد أحاط بما لدي خُبرا
قال أبو يزيد بن أبيهِ فيما رواه عن أبيه: بعدها .. سكتت
فألتفتَتْ عني .. وقد خِلتُ نفسي بأني... أذوب حزنا أو كأني .. أصيح لدمعها لولا أني أبا يزيد..
فذهبتُ عنها. وأنا لا ألوي على شئ ..
فما كدتُ أخطو بضع خطوات.. حتى أعادتني الأبيات
فأرخيتُ مسمعي لها. وأصخت بجوارحي كلها
وعجبت من بيتٍ لا يرقأ دمعُه
ومن رجلٍ كمثلي ثَقُلَ سمعُه..
وأيُ بيتٍ أسمعَ المصموم.. وهو كالمنشارِ المثلوم
لا تعرِفُ له وزناً. وتُقيمُ على حروفهِ حزناً
فأجلتُ بصرِي.. وكررتُ في وجهها نظرِي
فأعرضتْ عني حياءْ.. ثم عاودتني باستحياءْ
بسؤالها المحزون. ودمعها المترقرق المكنون..
فقالت: ما تقول في بغداد؟
فأنشدتها قائلاً ..، ولساني حالي أعوجاً مائلا:
بغداد هل لي أن أصوغ حكاية
نسي الزمان تراتيل حروفِها
بغداد.. هل لي أن أستميلَ رواية
مما ضيع الماكثون بها
.... حبيبتي ليلى... أما كفاكِ طول الدهر حُبلى
بأوجاعي وأتراعي
تتقيأيين الأرواح وِحَامَاً
وتلفضين الجراح حِماما
تَعِبَ الصباح.. يلوك أصفادَ الكِفاح
مكبلاً في قيد القماط .. من لحظة الميلاد. حينما أعلن الحِداد
فأرضعتهِ الموت ما زاد على الحولين. ولم ينل فِصالا في عامين
بعد أن كانت قاب قوس واحد (وليس قوسين). عراق بلاد ما بين النهرين
ثم أشاحتْ عني بكلِها..فتنبهتُ لِقدومِ بعلِها ...وتمتمت مرددةً:
لا بارك الله بتلك الليالي .. أحييتها كلها
والدموع تنجدني.. هي وشؤونها (مجاري الدمع من الرأس إلى العين)، والظلام ينجدها..
فلا قلبي يقبل بالظلام يلفه ليغفو.. ولا مقلتي بالنعاس أجهدها .. آهٍ لو تعلمون .....!!
فدار في خَلدي:
آه... بغداد... بالرغم مما حصل.. ويحصل. لم تتخل عن سحرها .وجمالها. وألغازها... تذكرنا بالقصص الأسطورية. وببابل والسومارية وسحر الشرق والبحر. الباقي أبد الدهر...
بعدها ..
لففتُ عمامتي الغبراء .. على ما بقي من شعيرات رأسي الشعثاء
ومضيت مذيلا خلفي ردائي
وما من صاحبٍ لي غير الهمّ هو ألد أعدائي
انتـــــــهى
هِمِمْ
"طفقتُ الآفاق. حتى بلغتُ العراق".. وترنمت أنا وشيطاني.. بكل شعرٍ وديوانِ. فإن شيطاني أمير الجنّ. يذهب بي في الشعرِ كل فنِ..
أتيت بغداد. ومالي بها من عتاد
سوى قربة ماء، وقليلٍ من زاد
ونزلت على جارية حمراء. تسكن قفرا في العراء.. فعجبت لفصاحتها. واستمالتني برصانتها.
فقلت: ما هذا اللسان؟ ومن أين هذا البيان؟.
فقالت: روضتُ العلمَ وصِعابَه. وخضتُ له البحرَ وأمواجَه
...
ولي أخوة ... يُجَرجِرونَ القيودَ جرا.. ولا يفرون من الحروب فرا
وعندي حصان اسميته رَواح.. له مرعى ورَواح.. في كل فجّ وواد .. وبدار ثمودٍ وعاد
مكر مفر .. مقبل مدبر ... كأنه صليل السيف في الأصماخِ ..
...
ثم أتبعتُ سببا..
ومكثتُ تحت شمس القيض ..حتى جعل الله لي من دونها سِترا ... وقد أحاط بما لدي خُبرا
قال أبو يزيد بن أبيهِ فيما رواه عن أبيه: بعدها .. سكتت
فألتفتَتْ عني .. وقد خِلتُ نفسي بأني... أذوب حزنا أو كأني .. أصيح لدمعها لولا أني أبا يزيد..
فذهبتُ عنها. وأنا لا ألوي على شئ ..
فما كدتُ أخطو بضع خطوات.. حتى أعادتني الأبيات
فأرخيتُ مسمعي لها. وأصخت بجوارحي كلها
وعجبت من بيتٍ لا يرقأ دمعُه
ومن رجلٍ كمثلي ثَقُلَ سمعُه..
وأيُ بيتٍ أسمعَ المصموم.. وهو كالمنشارِ المثلوم
لا تعرِفُ له وزناً. وتُقيمُ على حروفهِ حزناً
فأجلتُ بصرِي.. وكررتُ في وجهها نظرِي
فأعرضتْ عني حياءْ.. ثم عاودتني باستحياءْ
بسؤالها المحزون. ودمعها المترقرق المكنون..
فقالت: ما تقول في بغداد؟
فأنشدتها قائلاً ..، ولساني حالي أعوجاً مائلا:
بغداد هل لي أن أصوغ حكاية
نسي الزمان تراتيل حروفِها
بغداد.. هل لي أن أستميلَ رواية
مما ضيع الماكثون بها
.... حبيبتي ليلى... أما كفاكِ طول الدهر حُبلى
بأوجاعي وأتراعي
تتقيأيين الأرواح وِحَامَاً
وتلفضين الجراح حِماما
تَعِبَ الصباح.. يلوك أصفادَ الكِفاح
مكبلاً في قيد القماط .. من لحظة الميلاد. حينما أعلن الحِداد
فأرضعتهِ الموت ما زاد على الحولين. ولم ينل فِصالا في عامين
بعد أن كانت قاب قوس واحد (وليس قوسين). عراق بلاد ما بين النهرين
ثم أشاحتْ عني بكلِها..فتنبهتُ لِقدومِ بعلِها ...وتمتمت مرددةً:
لا بارك الله بتلك الليالي .. أحييتها كلها
والدموع تنجدني.. هي وشؤونها (مجاري الدمع من الرأس إلى العين)، والظلام ينجدها..
فلا قلبي يقبل بالظلام يلفه ليغفو.. ولا مقلتي بالنعاس أجهدها .. آهٍ لو تعلمون .....!!
فدار في خَلدي:
آه... بغداد... بالرغم مما حصل.. ويحصل. لم تتخل عن سحرها .وجمالها. وألغازها... تذكرنا بالقصص الأسطورية. وببابل والسومارية وسحر الشرق والبحر. الباقي أبد الدهر...
بعدها ..
لففتُ عمامتي الغبراء .. على ما بقي من شعيرات رأسي الشعثاء
ومضيت مذيلا خلفي ردائي
وما من صاحبٍ لي غير الهمّ هو ألد أعدائي
انتـــــــهى
هِمِمْ