واستشهد بطل ( الكـــــــــــــونغ فـــــــو )

    • واستشهد بطل ( الكـــــــــــــونغ فـــــــو )

      غزّة – تقرير خاص :
      لم يستطع الشاب المصري عبد الفتاح عثمان محمد علي – 28 عاماً - أن يقف مكتوف الأيدي و هو يرى دولة الكيان الصهيوني تمعن قتلاً و تدميراً و فتكاً بكل ما هو فلسطيني في الأراضي المحتلة دون أن تجري في عروقه الدماء المسلمة و يثور غضباً على هؤلاء المجرمين الصهاينة القتلة و يأبى إلا أن يهبّ لنجدة و مساعدة الشعب الفلسطيني في محنته و الوقوف إلى جانبه للدفاع عن أرضه المقدسة مسرى النبي عليه الصلاة و السلام و ثالث الحرمين الشريفين .
      فبعد اندلاع انتفاضة الأقصى في 28 أيلول عام 2000 بأسبوع قرّر التوجه إلى فلسطين لمقاومة العدو الصهيوني و الدفاع عن المقدسات و الأرض الطاهرة و لم يفكر لحظة في مصاعب الوصول إلى فلسطين و ما قد يلاقيه أثناء محاولته الدخول إلى قطاع غزة عبر الأسلاك الشائكة ، بل كان همه الأول و الأخير الدفاع عن مسرى الرسول من تدنيس الصهاينة و الانتقام لكل قطرة دم فلسطينية طاهرة سالت على هذه الأرض على أيدي الصهاينة القتلة .
      و كان الشهيد المصري قد استشهد على حاجز أبو هولي شرق مدينة دير البلح أثناء توجهه من غزة إلى مدينة رفح و فجأة قامت قوات الاحتلال بمحاصرة عدد من السيارات المدنية الفلسطينية بين حاجزي أبو هولي و المطاحن و شرعت بأعمال تفتيش و تدقيق في البطاقات الشخصية بصورة دقيقة و قامت باغتيال الشهيد المصري أثناء وجوده بين الفلسطينيين.

      عبد الفتاح في سطور :

      عبد الفتاح شاب مصري من محافظة الزقازيق الشرقية بجمهورية مصر العربية .. رياضي الجسم ..حاصل على عدة بطولات في رياضة "الكونغ فو" في مصر .. دائم البحث عن الشهادة في فلسطين .. و مع دخول انتفاضة الأقصى أسبوعها الأول ترك الدنيا و ما فيها و ما تردّد لحظة في كيفية الالتحاق بركب المجاهدين في فلسطين فزرع عبد الفتاح الشهير بـ "سيد عبده المصري" الأمل و الشجاعة و البطولة في نفوس من حوله .. و تقدم نحو الشهادة في غزة للمشاركة في شرف الجهاد و الدفاع عن أرض الرباط من المحتلين الصهاينة .

      نشأته و ميلاده :

      ولد الشهيد عبد الفتاح عثمان محمد علي في محافظة الزقازيق الشرقية بجمهورية مصر العربية عام 1976 و ترعرع في أكتاف بيت مصري أصيل زرع في نفسه حب الجهاد في سبيل الله و رضع مع لبنه منذ صغره حب فلسطين ، التي كانت تسري في عروقه .. كبر "عبد الفتاح " و نفسه تحدّثه دائما حول كيفية الوصول إلى فلسطين و كلما حاول إخماد ذلك الإحساس الجارف في أعماق نفسه زاد اشتعالا و أصبحت رغبته أكثر إلحاحا و قوة
      ..
      رحلة الإعداد :

      للوصول إلى فلسطين كان لا بد من الإعداد النفسي و الجسدي لرحلة الشهادة التي طالما تمنّاها .. حيث أخذ عبد الفتاح على نفسه تدريبها على رياضة من نوع خاص قد تفيده عندما يكبر في رحلته القادمة .. و زاد من جرعة تدريباته حتى أصبح بطلا رياضيا في زمن قياسي في لعبة "الكونغ فو" ، و مع توالي الأحداث في فلسطين و تعلق قلبه بحب الجهاد فيها و مع دخول الانتفاضة أسبوعها الأول وجد عبد الفتاح قلبه يخفق إخفاقا شديدا و تأثّر بصورة كبيرة لما يرى من دماء تسيل من على تلك الأرض المباركة من أطفال و نساء و شباب و شيوخ الشعب الفلسطيني .. و لم يشعر بنفسه إلا و قدماه تسابق الخطى في طريقه إلى فلسطين غير مكترث بمصيره و ما ينتظره هناك أو مدى نجاحه في التسلل إلى فلسطين ، بل كان همه الأوحد هو أن تطأ قدماه أرض الرباط .

      الحلم أصبح حقيقة :

      ترك عبد الفتاح الأهل و الوطن و الدراسة في كلية الشريعة بجامعة الزقازيق و هاجر إلى الله هجرة خالصة من أجل تحقيق حلمه بالجهاد في فلسطين و لم يخبر أهله أنه ذاهب إلى هنا و لكنه أخبرهم أنه سيسافر إلى بلد أوروبي يعمل فيها .. حيث كان حريصا أشد الحرص على ألا يتعرض أهله لأي أذى .. و كان دائم الاتصال بهم للاطمئنان عليهم و بذل الغالي و النفيس من أجل أن يبدأ رحلته التي كانت أحبّ القرارات إلى نفسه ..

      صفاته و مناقبه :

      يقول (أيمن) أحد أصدقائه الذين عاشروه و عرفوه عن قرب : "كان فارسنا ذا أخلاق إسلامية حميدة .. ملتزما بصلاته في مسجد الاستقامة القريب من المنزل الذي كان يسكنه مع مجموعه من إخوانه المصريين الذين باعوا متاع الحياة الدنيا و جاءوا لكي يؤدّوا واجبهم الديني المقدس نحو أعدل قضية و كان ذا علاقة طيبة مع جميع جيرانه و أصدقائه الذين أحبوه حبا عظميا و تعلّقوا به ، لقد كان قويّ الإيمان و العزيمة شديد الثقة بنفسه متواضعا شجاعا لا يخشى في الله لومة لائم..".

      موعد مع القدر :

      كان عبد الفتاح مختفيا عن الأنظار منذ شهرين تقريبا و ظهر يوم الإثنين 16/9/2002 و استقل سيارة أجرة من ساحة فلسطين في غزة متوجهاً إلى رفح و عند اجتيازه حاجز أبو هولي الحاجز شرق مدينة دير البلح نصب الجنود الصهاينة له كمينا حيث احتجزوا عشرات السيارات المدنية الفلسطينية بين الحاجزين و شرعوا بعملية تفتيش و تدقيق واسعة النطاق في صفوف السيارات و راكبيها ، عندها أدرك عبد الفتاح أن هناك شيء ما قد أحاط به فاستلّ نفسه خلسة من السيارة و توجّه دون أن يشعر به أحد إلى مجموعة من الناس كانوا قد نزلوا من سياراتهم للتفتيش و التخفيف عن أنفسهم من أشعة الشمس الحارقة .
      جاء الجنود الصهاينة إلى السيارة التي كان بها عبد الفتاح و سألوا السائق عن عدد ركابه فأخبرهم بأن هؤلاء فقط من معه فاعتدوا عليه بالضرب و أخبروه أن هناك شخصا ما قد نزل من السيارة .. حينها بدأت رحلة البحث عن عبد الفتاح الذي اختفى وسط مجموعة من الناس ، و عندما أمر جنود الاحتلال فصل الرجال عن النساء وجدوه بينهم ففتحوا نيران أسلحتهم الرشاشة عليه و أصابوه بأكثر من خمسين رصاصة في أنحاء متفرقة من جسده الطاهر مما أدّى إلى استشهاده على الفور و روّى بدمه الطاهر أرض فلسطين .. و لم يكتفِ الجنود الصهاينة بارتكاب جريمتهم البشعة أمام ناظري النساء و الأطفال الموجودين على الحاجز العسكرية ، بل أخذوا يسحبون جثته على الأرض في مشهد مروّع بكت له الأعين و كان شاهدة على دموية و سادية الصهاينة المحتلين ..
    • شكرا أخي الكريم، وتغمد الله الشهيد بواسع رحمته واسكنه فسيح جنانه.
      فعلا ما أحوجنا إلى هذه النماذج الطيبة من المجاهدين الأبرار للذود عن مقدساتنا. وأتمنى أن تكون هذه الحادثة وغيرها من الحوادث الأخرى سببا في رفع الصدأ عن القلوب التي طال سباتها