مشكلة الزواج المختلط في لبنان
في الاتصال الأول أبلغها، "أن العائلة براء منها وسوف تُحرم من الميراث، وفي الاتصال الثاني وبعد ساعات قال لها، إن تريد الانتقام وغسل العار، وأنه سوف يقتلها وزوجها "النصراني" في القريب العاجل"، هذا الحوار حصل بين ردينة الشابة اللبنانية السنية ووالدها بعد معرفته ووالدتها نيتها الزواج من زميلها المسيحي مارون.
لا تعرف ردينة إذا كانت ردة فعل أهلها هي بسب زواجها المدني أم لزواجها من مسيحي، وردينة ليست الفتاة اللبنانية الوحيدة التي تعيش في شقة مستقلة عن أهلها، ورغم ذلك لا تستطيع تقرير مصيرها في الزواج ممن تريد، فالزواج المختلط وعلى كثرته، لا زال من الأمور غير المستحبة بين مختلف الاديان في لبنان، بل حتى بين طوائف مختلفة داخل الدين الواحد.
فالزواج في لبنان يتم بإشراف السلطات الدينية ويسجل في مديرية السجل المدني في المنطقة التي ولد فيها الزوج، ومن أراد أن يتزوج مدنيًّا عليه أن يتزوج خارج لبنان، وفي حالات الزواج المختلط بين زوجين من دينين مختلفين بإمكان أي من الزوجين اعتناق دين الآخر لغرض الزواج، ورغم اعترضات التي يلقاه الزواج المختلط في لبنان إلاَّ أن التواصل بين اللبنانين سهل نسبيا، بسبب صغر مساحة البلد من ناحية وقرب المدن والقرى من بعضها البعض ووجود مدن وقرى واحياء مختلطة، هذا عدا التواصل الذي يحصل في المدارس والجامعات والمؤسسات العامة والخاصة، وفي نفس الوقت يُعرف عن اللبنانين تمسكهم بطوائفهم وخصوصياتهم الطائفية الايجابية منها والسلبية التي تصل في بعض الاحيان الى ممارسة العنصرية، وهنا تظهر وبشكل تلقائي مشكلة التوفيق بين التواصل الحاصل الذي يؤدي الى التزاوج وبين الحفاظ على الخصوصية الطائفية والدينية، فيأتي الزواج المدني كحل لهذه مشكلة ليساهم في إثارة مشاكل من نوع آخر، قد تكون أكثر حدة في طرحها على الرأي العام، وذلك بحسب الجهة المعنية من المجتمع المدني مثلا او من المراجع الدينية الاسلامية والمسيحية.
فالطوائف المسيحية ترفض الزواج المدني بشكل نهائي على عكس مثيلاتها في العالم الغربي، باعتبار أن الزواج من اختصاص الكنيسة ورباط إلاهي ليس للبشر فيه اي شأن، والطوائف الاسلامية لا ترفضه في الشكل كون عقد الزواج هو من الاجراءات المدنية ولا يستدعي وجود رجل دين ولكنها تتخوف من المضمون حيث يمكنه اباحة بعض المحرمات الاساسية في الدين.
يعود تاريخ طرح وتطبيق قانون الزواج المدني في لبنان إلى بداية الخمسينات، حيث أعدت نقابة المحامين في بيروت قانون خاص في 20 تشرين الاول 1951، وتمت إحالته إلى مجلس الوزراء آنذاك دون الوصول إلى مجلس النواب، ونتيجة لذلك أضرب المحامون اضرابا شاملا استمر من 12 كانون الثاني وحتى 5 نيسان 1952، بناء على تبلغ النقابة وعبر كتاب رسمي وعدا بان المشروع سوف يطرح في جلسة مجلس النواب، وقد مرّ نصف قرن تقريبا ولم يطرح حتى اليوم. اما المحاولة الثانية كانت في العام 1997 في عهد الرئيس اللبناني السابق الياس الهراوي، الذي قدم شخصيا مشروع قانون للمناقشة، تم نقاشه بعد سنة في مجلس النواب ووافق عليه الوزراء بالاغلبية 21 صوت من اصل 30 ولكنه لم يصل ايضا الى مجلس النواب بسبب رفض رئيس الحكومة انذاك المرحوم رفيق الحريري التصديق عليه وتقديمه لمجلس النواب مع علمه ان هكذا سلوك يعتبر انتهاك للدستور ولكنه برر سلوكه بحساسية الموضوع على التوازن الطائفي في لبنان. المحاولة الاخيرة كانت في العام 2002 حين قدمت "حركة حقوق الناس" وهي جمعية غير حكومية، اقتراح قانون مدني للاحوال الشخصية اختياري، هو حصيلة الاقتراحات المختلفة التي طرحتها العديد من الاحزاب والاطراف اللبنانية منذ الخمسينات. استطاع هذا الاقتراح ان يصعد النقاش وان يحصل على تأييد عدد من النواب ولكنه لم يصل الى داخل البرلمان.
ردينة تزوجت من مارون، وتعيش قلق دائم من تهديد والدها، سجل زواجها في لبنان ويعتبر شرعي، ولكن تبقى شرعيته منقوصة ما لم يتم احتضانه اجتماعيا، خاصة في لبنان حيث ما زالت جريمة الشرف قائمة ويتمتع منفذها بتخفيض للعقوبة.
ومن العوائق الحقيقية التي تعترض الزواج المدني خاصة نتيجة زواج مختلط، هو الدين الذي سوف يعتنقه الاطفال، رسميا يسجلون في خانة طائفة الوالد، ولكن اي ثقافة دينية سوف يتبعون عمليا، فمن الحالات التي تتكلم عن تنوع ثقافي عند اولاد الزواج المختلط تجعل منهم متنورين وغير متعصبين طائفيا، وهذا التنور يسهل عليهم اختيار الدين الذي يرتاحون فيه، ولكنه النهايات ليست سعيدة بالضرورة، وسام الشيعي العلماني تزوج من ساندرا المسيحية، وطبعا كان زواج خطيفة بعدم رضا اهلها كونها قريبة احد كبار رجال الدين المسيحين في لبنان، اتفقا في البداية ان الاولاد سوف يتابعون دراستهم في مدارس علمانية وعندما يكبرون يقررون بانفسهم ماذا يريدون، ولكن جرت الرياح عكس ما اشتهوا، ففي اول نزاع حصل بين الزوجين ولاسباب لا علاقة لها باختلاف الاديان، وخاصة بعد اعادة العلاقات بين ساندرا واهلها، انعكس النزاع على الاولاد، فوسام العلماني يريد ادخال اولاده الى مدرسة اسلامية، وساندرا تريد ادخالهم الى مدارس الراهبات بحجة تعلم اللغة الاجنبية، وهكذا يدفع الاولاد ضريبة خلافات الاهل بحجة اختلاف الاديان، ويقدمون بذلك حجة مهمة لمناهضي الزواج المدني.
لا تعرف ردينة إذا كانت ردة فعل أهلها هي بسب زواجها المدني أم لزواجها من مسيحي، وردينة ليست الفتاة اللبنانية الوحيدة التي تعيش في شقة مستقلة عن أهلها، ورغم ذلك لا تستطيع تقرير مصيرها في الزواج ممن تريد، فالزواج المختلط وعلى كثرته، لا زال من الأمور غير المستحبة بين مختلف الاديان في لبنان، بل حتى بين طوائف مختلفة داخل الدين الواحد.
فالزواج في لبنان يتم بإشراف السلطات الدينية ويسجل في مديرية السجل المدني في المنطقة التي ولد فيها الزوج، ومن أراد أن يتزوج مدنيًّا عليه أن يتزوج خارج لبنان، وفي حالات الزواج المختلط بين زوجين من دينين مختلفين بإمكان أي من الزوجين اعتناق دين الآخر لغرض الزواج، ورغم اعترضات التي يلقاه الزواج المختلط في لبنان إلاَّ أن التواصل بين اللبنانين سهل نسبيا، بسبب صغر مساحة البلد من ناحية وقرب المدن والقرى من بعضها البعض ووجود مدن وقرى واحياء مختلطة، هذا عدا التواصل الذي يحصل في المدارس والجامعات والمؤسسات العامة والخاصة، وفي نفس الوقت يُعرف عن اللبنانين تمسكهم بطوائفهم وخصوصياتهم الطائفية الايجابية منها والسلبية التي تصل في بعض الاحيان الى ممارسة العنصرية، وهنا تظهر وبشكل تلقائي مشكلة التوفيق بين التواصل الحاصل الذي يؤدي الى التزاوج وبين الحفاظ على الخصوصية الطائفية والدينية، فيأتي الزواج المدني كحل لهذه مشكلة ليساهم في إثارة مشاكل من نوع آخر، قد تكون أكثر حدة في طرحها على الرأي العام، وذلك بحسب الجهة المعنية من المجتمع المدني مثلا او من المراجع الدينية الاسلامية والمسيحية.
فالطوائف المسيحية ترفض الزواج المدني بشكل نهائي على عكس مثيلاتها في العالم الغربي، باعتبار أن الزواج من اختصاص الكنيسة ورباط إلاهي ليس للبشر فيه اي شأن، والطوائف الاسلامية لا ترفضه في الشكل كون عقد الزواج هو من الاجراءات المدنية ولا يستدعي وجود رجل دين ولكنها تتخوف من المضمون حيث يمكنه اباحة بعض المحرمات الاساسية في الدين.
يعود تاريخ طرح وتطبيق قانون الزواج المدني في لبنان إلى بداية الخمسينات، حيث أعدت نقابة المحامين في بيروت قانون خاص في 20 تشرين الاول 1951، وتمت إحالته إلى مجلس الوزراء آنذاك دون الوصول إلى مجلس النواب، ونتيجة لذلك أضرب المحامون اضرابا شاملا استمر من 12 كانون الثاني وحتى 5 نيسان 1952، بناء على تبلغ النقابة وعبر كتاب رسمي وعدا بان المشروع سوف يطرح في جلسة مجلس النواب، وقد مرّ نصف قرن تقريبا ولم يطرح حتى اليوم. اما المحاولة الثانية كانت في العام 1997 في عهد الرئيس اللبناني السابق الياس الهراوي، الذي قدم شخصيا مشروع قانون للمناقشة، تم نقاشه بعد سنة في مجلس النواب ووافق عليه الوزراء بالاغلبية 21 صوت من اصل 30 ولكنه لم يصل ايضا الى مجلس النواب بسبب رفض رئيس الحكومة انذاك المرحوم رفيق الحريري التصديق عليه وتقديمه لمجلس النواب مع علمه ان هكذا سلوك يعتبر انتهاك للدستور ولكنه برر سلوكه بحساسية الموضوع على التوازن الطائفي في لبنان. المحاولة الاخيرة كانت في العام 2002 حين قدمت "حركة حقوق الناس" وهي جمعية غير حكومية، اقتراح قانون مدني للاحوال الشخصية اختياري، هو حصيلة الاقتراحات المختلفة التي طرحتها العديد من الاحزاب والاطراف اللبنانية منذ الخمسينات. استطاع هذا الاقتراح ان يصعد النقاش وان يحصل على تأييد عدد من النواب ولكنه لم يصل الى داخل البرلمان.
ردينة تزوجت من مارون، وتعيش قلق دائم من تهديد والدها، سجل زواجها في لبنان ويعتبر شرعي، ولكن تبقى شرعيته منقوصة ما لم يتم احتضانه اجتماعيا، خاصة في لبنان حيث ما زالت جريمة الشرف قائمة ويتمتع منفذها بتخفيض للعقوبة.
ومن العوائق الحقيقية التي تعترض الزواج المدني خاصة نتيجة زواج مختلط، هو الدين الذي سوف يعتنقه الاطفال، رسميا يسجلون في خانة طائفة الوالد، ولكن اي ثقافة دينية سوف يتبعون عمليا، فمن الحالات التي تتكلم عن تنوع ثقافي عند اولاد الزواج المختلط تجعل منهم متنورين وغير متعصبين طائفيا، وهذا التنور يسهل عليهم اختيار الدين الذي يرتاحون فيه، ولكنه النهايات ليست سعيدة بالضرورة، وسام الشيعي العلماني تزوج من ساندرا المسيحية، وطبعا كان زواج خطيفة بعدم رضا اهلها كونها قريبة احد كبار رجال الدين المسيحين في لبنان، اتفقا في البداية ان الاولاد سوف يتابعون دراستهم في مدارس علمانية وعندما يكبرون يقررون بانفسهم ماذا يريدون، ولكن جرت الرياح عكس ما اشتهوا، ففي اول نزاع حصل بين الزوجين ولاسباب لا علاقة لها باختلاف الاديان، وخاصة بعد اعادة العلاقات بين ساندرا واهلها، انعكس النزاع على الاولاد، فوسام العلماني يريد ادخال اولاده الى مدرسة اسلامية، وساندرا تريد ادخالهم الى مدارس الراهبات بحجة تعلم اللغة الاجنبية، وهكذا يدفع الاولاد ضريبة خلافات الاهل بحجة اختلاف الاديان، ويقدمون بذلك حجة مهمة لمناهضي الزواج المدني.
في الاتصال الأول أبلغها، "أن العائلة براء منها وسوف تُحرم من الميراث، وفي الاتصال الثاني وبعد ساعات قال لها، إن تريد الانتقام وغسل العار، وأنه سوف يقتلها وزوجها "النصراني" في القريب العاجل"، هذا الحوار حصل بين ردينة الشابة اللبنانية السنية ووالدها بعد معرفته ووالدتها نيتها الزواج من زميلها المسيحي مارون.
لا تعرف ردينة إذا كانت ردة فعل أهلها هي بسب زواجها المدني أم لزواجها من مسيحي، وردينة ليست الفتاة اللبنانية الوحيدة التي تعيش في شقة مستقلة عن أهلها، ورغم ذلك لا تستطيع تقرير مصيرها في الزواج ممن تريد، فالزواج المختلط وعلى كثرته، لا زال من الأمور غير المستحبة بين مختلف الاديان في لبنان، بل حتى بين طوائف مختلفة داخل الدين الواحد.
فالزواج في لبنان يتم بإشراف السلطات الدينية ويسجل في مديرية السجل المدني في المنطقة التي ولد فيها الزوج، ومن أراد أن يتزوج مدنيًّا عليه أن يتزوج خارج لبنان، وفي حالات الزواج المختلط بين زوجين من دينين مختلفين بإمكان أي من الزوجين اعتناق دين الآخر لغرض الزواج، ورغم اعترضات التي يلقاه الزواج المختلط في لبنان إلاَّ أن التواصل بين اللبنانين سهل نسبيا، بسبب صغر مساحة البلد من ناحية وقرب المدن والقرى من بعضها البعض ووجود مدن وقرى واحياء مختلطة، هذا عدا التواصل الذي يحصل في المدارس والجامعات والمؤسسات العامة والخاصة، وفي نفس الوقت يُعرف عن اللبنانين تمسكهم بطوائفهم وخصوصياتهم الطائفية الايجابية منها والسلبية التي تصل في بعض الاحيان الى ممارسة العنصرية، وهنا تظهر وبشكل تلقائي مشكلة التوفيق بين التواصل الحاصل الذي يؤدي الى التزاوج وبين الحفاظ على الخصوصية الطائفية والدينية، فيأتي الزواج المدني كحل لهذه مشكلة ليساهم في إثارة مشاكل من نوع آخر، قد تكون أكثر حدة في طرحها على الرأي العام، وذلك بحسب الجهة المعنية من المجتمع المدني مثلا او من المراجع الدينية الاسلامية والمسيحية.
فالطوائف المسيحية ترفض الزواج المدني بشكل نهائي على عكس مثيلاتها في العالم الغربي، باعتبار أن الزواج من اختصاص الكنيسة ورباط إلاهي ليس للبشر فيه اي شأن، والطوائف الاسلامية لا ترفضه في الشكل كون عقد الزواج هو من الاجراءات المدنية ولا يستدعي وجود رجل دين ولكنها تتخوف من المضمون حيث يمكنه اباحة بعض المحرمات الاساسية في الدين.
يعود تاريخ طرح وتطبيق قانون الزواج المدني في لبنان إلى بداية الخمسينات، حيث أعدت نقابة المحامين في بيروت قانون خاص في 20 تشرين الاول 1951، وتمت إحالته إلى مجلس الوزراء آنذاك دون الوصول إلى مجلس النواب، ونتيجة لذلك أضرب المحامون اضرابا شاملا استمر من 12 كانون الثاني وحتى 5 نيسان 1952، بناء على تبلغ النقابة وعبر كتاب رسمي وعدا بان المشروع سوف يطرح في جلسة مجلس النواب، وقد مرّ نصف قرن تقريبا ولم يطرح حتى اليوم. اما المحاولة الثانية كانت في العام 1997 في عهد الرئيس اللبناني السابق الياس الهراوي، الذي قدم شخصيا مشروع قانون للمناقشة، تم نقاشه بعد سنة في مجلس النواب ووافق عليه الوزراء بالاغلبية 21 صوت من اصل 30 ولكنه لم يصل ايضا الى مجلس النواب بسبب رفض رئيس الحكومة انذاك المرحوم رفيق الحريري التصديق عليه وتقديمه لمجلس النواب مع علمه ان هكذا سلوك يعتبر انتهاك للدستور ولكنه برر سلوكه بحساسية الموضوع على التوازن الطائفي في لبنان. المحاولة الاخيرة كانت في العام 2002 حين قدمت "حركة حقوق الناس" وهي جمعية غير حكومية، اقتراح قانون مدني للاحوال الشخصية اختياري، هو حصيلة الاقتراحات المختلفة التي طرحتها العديد من الاحزاب والاطراف اللبنانية منذ الخمسينات. استطاع هذا الاقتراح ان يصعد النقاش وان يحصل على تأييد عدد من النواب ولكنه لم يصل الى داخل البرلمان.
ردينة تزوجت من مارون، وتعيش قلق دائم من تهديد والدها، سجل زواجها في لبنان ويعتبر شرعي، ولكن تبقى شرعيته منقوصة ما لم يتم احتضانه اجتماعيا، خاصة في لبنان حيث ما زالت جريمة الشرف قائمة ويتمتع منفذها بتخفيض للعقوبة.
ومن العوائق الحقيقية التي تعترض الزواج المدني خاصة نتيجة زواج مختلط، هو الدين الذي سوف يعتنقه الاطفال، رسميا يسجلون في خانة طائفة الوالد، ولكن اي ثقافة دينية سوف يتبعون عمليا، فمن الحالات التي تتكلم عن تنوع ثقافي عند اولاد الزواج المختلط تجعل منهم متنورين وغير متعصبين طائفيا، وهذا التنور يسهل عليهم اختيار الدين الذي يرتاحون فيه، ولكنه النهايات ليست سعيدة بالضرورة، وسام الشيعي العلماني تزوج من ساندرا المسيحية، وطبعا كان زواج خطيفة بعدم رضا اهلها كونها قريبة احد كبار رجال الدين المسيحين في لبنان، اتفقا في البداية ان الاولاد سوف يتابعون دراستهم في مدارس علمانية وعندما يكبرون يقررون بانفسهم ماذا يريدون، ولكن جرت الرياح عكس ما اشتهوا، ففي اول نزاع حصل بين الزوجين ولاسباب لا علاقة لها باختلاف الاديان، وخاصة بعد اعادة العلاقات بين ساندرا واهلها، انعكس النزاع على الاولاد، فوسام العلماني يريد ادخال اولاده الى مدرسة اسلامية، وساندرا تريد ادخالهم الى مدارس الراهبات بحجة تعلم اللغة الاجنبية، وهكذا يدفع الاولاد ضريبة خلافات الاهل بحجة اختلاف الاديان، ويقدمون بذلك حجة مهمة لمناهضي الزواج المدني.
لا تعرف ردينة إذا كانت ردة فعل أهلها هي بسب زواجها المدني أم لزواجها من مسيحي، وردينة ليست الفتاة اللبنانية الوحيدة التي تعيش في شقة مستقلة عن أهلها، ورغم ذلك لا تستطيع تقرير مصيرها في الزواج ممن تريد، فالزواج المختلط وعلى كثرته، لا زال من الأمور غير المستحبة بين مختلف الاديان في لبنان، بل حتى بين طوائف مختلفة داخل الدين الواحد.
فالزواج في لبنان يتم بإشراف السلطات الدينية ويسجل في مديرية السجل المدني في المنطقة التي ولد فيها الزوج، ومن أراد أن يتزوج مدنيًّا عليه أن يتزوج خارج لبنان، وفي حالات الزواج المختلط بين زوجين من دينين مختلفين بإمكان أي من الزوجين اعتناق دين الآخر لغرض الزواج، ورغم اعترضات التي يلقاه الزواج المختلط في لبنان إلاَّ أن التواصل بين اللبنانين سهل نسبيا، بسبب صغر مساحة البلد من ناحية وقرب المدن والقرى من بعضها البعض ووجود مدن وقرى واحياء مختلطة، هذا عدا التواصل الذي يحصل في المدارس والجامعات والمؤسسات العامة والخاصة، وفي نفس الوقت يُعرف عن اللبنانين تمسكهم بطوائفهم وخصوصياتهم الطائفية الايجابية منها والسلبية التي تصل في بعض الاحيان الى ممارسة العنصرية، وهنا تظهر وبشكل تلقائي مشكلة التوفيق بين التواصل الحاصل الذي يؤدي الى التزاوج وبين الحفاظ على الخصوصية الطائفية والدينية، فيأتي الزواج المدني كحل لهذه مشكلة ليساهم في إثارة مشاكل من نوع آخر، قد تكون أكثر حدة في طرحها على الرأي العام، وذلك بحسب الجهة المعنية من المجتمع المدني مثلا او من المراجع الدينية الاسلامية والمسيحية.
فالطوائف المسيحية ترفض الزواج المدني بشكل نهائي على عكس مثيلاتها في العالم الغربي، باعتبار أن الزواج من اختصاص الكنيسة ورباط إلاهي ليس للبشر فيه اي شأن، والطوائف الاسلامية لا ترفضه في الشكل كون عقد الزواج هو من الاجراءات المدنية ولا يستدعي وجود رجل دين ولكنها تتخوف من المضمون حيث يمكنه اباحة بعض المحرمات الاساسية في الدين.
يعود تاريخ طرح وتطبيق قانون الزواج المدني في لبنان إلى بداية الخمسينات، حيث أعدت نقابة المحامين في بيروت قانون خاص في 20 تشرين الاول 1951، وتمت إحالته إلى مجلس الوزراء آنذاك دون الوصول إلى مجلس النواب، ونتيجة لذلك أضرب المحامون اضرابا شاملا استمر من 12 كانون الثاني وحتى 5 نيسان 1952، بناء على تبلغ النقابة وعبر كتاب رسمي وعدا بان المشروع سوف يطرح في جلسة مجلس النواب، وقد مرّ نصف قرن تقريبا ولم يطرح حتى اليوم. اما المحاولة الثانية كانت في العام 1997 في عهد الرئيس اللبناني السابق الياس الهراوي، الذي قدم شخصيا مشروع قانون للمناقشة، تم نقاشه بعد سنة في مجلس النواب ووافق عليه الوزراء بالاغلبية 21 صوت من اصل 30 ولكنه لم يصل ايضا الى مجلس النواب بسبب رفض رئيس الحكومة انذاك المرحوم رفيق الحريري التصديق عليه وتقديمه لمجلس النواب مع علمه ان هكذا سلوك يعتبر انتهاك للدستور ولكنه برر سلوكه بحساسية الموضوع على التوازن الطائفي في لبنان. المحاولة الاخيرة كانت في العام 2002 حين قدمت "حركة حقوق الناس" وهي جمعية غير حكومية، اقتراح قانون مدني للاحوال الشخصية اختياري، هو حصيلة الاقتراحات المختلفة التي طرحتها العديد من الاحزاب والاطراف اللبنانية منذ الخمسينات. استطاع هذا الاقتراح ان يصعد النقاش وان يحصل على تأييد عدد من النواب ولكنه لم يصل الى داخل البرلمان.
ردينة تزوجت من مارون، وتعيش قلق دائم من تهديد والدها، سجل زواجها في لبنان ويعتبر شرعي، ولكن تبقى شرعيته منقوصة ما لم يتم احتضانه اجتماعيا، خاصة في لبنان حيث ما زالت جريمة الشرف قائمة ويتمتع منفذها بتخفيض للعقوبة.
ومن العوائق الحقيقية التي تعترض الزواج المدني خاصة نتيجة زواج مختلط، هو الدين الذي سوف يعتنقه الاطفال، رسميا يسجلون في خانة طائفة الوالد، ولكن اي ثقافة دينية سوف يتبعون عمليا، فمن الحالات التي تتكلم عن تنوع ثقافي عند اولاد الزواج المختلط تجعل منهم متنورين وغير متعصبين طائفيا، وهذا التنور يسهل عليهم اختيار الدين الذي يرتاحون فيه، ولكنه النهايات ليست سعيدة بالضرورة، وسام الشيعي العلماني تزوج من ساندرا المسيحية، وطبعا كان زواج خطيفة بعدم رضا اهلها كونها قريبة احد كبار رجال الدين المسيحين في لبنان، اتفقا في البداية ان الاولاد سوف يتابعون دراستهم في مدارس علمانية وعندما يكبرون يقررون بانفسهم ماذا يريدون، ولكن جرت الرياح عكس ما اشتهوا، ففي اول نزاع حصل بين الزوجين ولاسباب لا علاقة لها باختلاف الاديان، وخاصة بعد اعادة العلاقات بين ساندرا واهلها، انعكس النزاع على الاولاد، فوسام العلماني يريد ادخال اولاده الى مدرسة اسلامية، وساندرا تريد ادخالهم الى مدارس الراهبات بحجة تعلم اللغة الاجنبية، وهكذا يدفع الاولاد ضريبة خلافات الاهل بحجة اختلاف الاديان، ويقدمون بذلك حجة مهمة لمناهضي الزواج المدني.