كيفية الغسل من الجنابة

    • كيفية الغسل من الجنابة

      الغسل الصحيح من الجنابة

      الإغتسال من الجنابة ( أي الجماع والاتصال الجنسي ) واجب على الرجل والمرأة
      وللماء دور كبير في الجنس فهو ينشط الرجل للقاء جنسي ثان أو ثالث ، كما أن اغتسال
      الرجل وزوجته قبل الجماع أو بعده معا وما يتخلل ذلك من مداعبات وملاطفات لها أثر
      مميز على نفسية الرجل والمرأة ، وعموما الماء إذا وجد أثناء العملية الجنسية فإنها يعطي للقاء الجنسي نكهة خاصة ويبدد الملل ويجدد النشاط..
      وللاغتسال في شريعة الإسلام وصف كامل ورد عن الرسول صلى الله عليه يسن الإقتداء
      به وهو كالآتي :
      1- يغسل يديه ثلاث مرات
      2- يغسل ( أعضاءه التناسلية ) حتى لايضطر إلى مسها بعد ذلك فينتقض وضوءه إذا نوى الوضوء
      3- يتوضأ وضوءه للصلاة ويؤخر غسل رجليه إلى نهاية الغسل ( وذلك حتى لايعلق شيء من النجاسة من الماء المسكوب على الأرض في قدميه أثناء الغسل )
      4- يبدأ بسكب الماء على رأسه ثلاثا حتى يصل الماء إلى أصول الشعر
      5- ثم يسكب الماء على بقية جسمه ويبدأ بالأجزاء اليمنى من الجسم ثم اليسرى .
      6- بعد الانتهاء من سكب الماء على جميع أجزاء البدن يغسل قدميه ثم يخرج من مستحمه .

      وأصل ذلك كله ماورد في الصحيحين ( البخاري ومسلم ) عن عائشة رضي عنها (( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا اغتسل من الجنابة يبدأ فيغسل يديه ثم يفرغ بيمينه على شماله فيغسل فرجه ثم يتوضأ وضوءه للصلاة ، ثم يأخذ الماء ويدخل أصابعه في أصول الشعر حتى إذا رأى أنه قد استبرأ ( أي أوصل الماء إلى أصول الشعر ) حفن على رأسه ثلاث حثيات ثم أفاض الماء على سائر جسده ))
      وعن ميمونة رضي الله عنها قالت (( وضعت للنبي صلى الله عليه وسلم ماء يغتسل به فأفرغ على يديه فغسلهما مرتين أو ثلاثا ثم أفرغ على بيمينه على شماله فغسل مذاكيره ثم دلك يده بالأرض ثم مضمض واستنشق ثم غسل وجهه ثم غسل رأسه ثلاثا ثم أفرغ على جسده ثم تنحى من مقامه فغسل قدميه ))...
      وغسل المرأة كغسل الرجل إلا أنها لاتنقض ضفيرتها إذا كان لها ضفيرة ( والمقصود إيصال الماء إلى أصول الشعر فإذا وصل فلا حاجة إلى فك الضفيرة ) كما أنه يستحب للمرأة إذا اغتسلت من حيض أو نفاس أن تأخذ قطنة وتضع عليها مسكا أو طيبا وتمسح بها فرجها لتزيل أثر الدم ورائحته..
      ويجوز للرجل وزوجته أن يغتسلا معا وقد ثبت عن عائشة أنها كانت تغتسل مع الرسول صلى الله عليه وسلم من إناء واحد ..







      بَــاب الغُسْـل مِنَ الجنَـابة


      الغسل -بضـم الغين- اسم الاغتسال، الذي هو تعميم البدن بالماء.
      وأصل "الجنابة" البعد، وإنما قيل لمن جامع أو خرج منه المنىُ: جنب لأن ماءه باعد محله.
      ويراد بهذا الباب، الأحكام التي تتعلق بالغسل وتبين أسبابه وآدابه، وغير ذلك.
      وهو من جملة الطهارة المشروعة للصلاة ،ومن النظافة المرغب فيهِا.
      { وَإنْ كُنْتُم جُنُباً فَاطًهرُوا } عدا ما فيه من فوائد صحية وقلبية.
      فإن المجامع حينـما تخرج منه النطفة التي تعتبر سلالة بدنه، وجوهره، يحصل له بعد خروجها شيء من الإجهاد والتعب، ، ويحصل له فتور وكسل وتَبَلُّدُ ذهن ، وركود في حركة الدم.
      ومن رحمة الحكيم الخبير، شرع هذا الغسل ، الذي يعيد إلى الجسد قوته، وينشط دورة الدم في جسمه، فيعود إلى نشاطه.
      وكم في شرع الله من حِكم وأسرار!! وفقنا الله تعالى لفهمها، والإيمان بها.








      الحديث الأول



      عَنْ أبي هُرَيْرَةَ رَضيَ الله عَنْهُ: أن النبي صلى الله عليه وسلم لقيه في[1][1] بعض طرق المدينة وهُوَ جُنُبٌ ، قالَ : فَاْنخَنَسْتُ مِنْهُ. فَذَهبْتُ- فاغتسلت، ثمً جِئت، فقال : " أيْنَ كُنْتَ يَا أبا هريرة؟" قال: كُنْتُ جُنُباً، فَكَرِهتُ أنْ أجالسك وَأنَا عَلَى غَيْرِ طَهَاَرةٍ . فقَالَ: " سُبْحَانَ الله إِنَّ الْمُؤْمِنَ لا يَنْجُسُ ".



      غريب الحديث:
      1- "انخنست": بالنون ثم بالخاء المعجمة والسين المهملة،. من الخنوس، وهو التأخر والاختفاء. يعنى انسللت واختفيت.
      قال ابن فارس: "الخنس" الذهاب بخفية، "خنس" الرجال، تأخر.
      2- "منه": أي من أجله، حيث رأيت نفسي نجساً بالنسبة إلى طهارته وجلالته صلى الله عليه وسلم.
      3- "كنت جنبا": أي كنت ذا جنابة، وتقع هذه اللفظة على الواحد والجمع المذكر والمؤنث،كما ورد في القرآن والحديث.
      قال سبحانه: { إن كنتم جنبا فاطهروا } وقالت إحدى أمهات المؤمنين: "كنت جنبا".
      4- "لا ينجُس": بضم الجيم وفتحها.
      5- "سبحان الله": تعجب من اعتقاد أبي هريرة التنجس من الجنابة.

      المعنى الإجمالي:
      لقي أبو هريرة النبي صلى الله عليه وسلم في بعض طرق المدينة، وصادف أنه جنب فكان من تعظيمه للنبي صلى الله عليه وسلم وتكريمه إياه، أن كره مجالسته ومحادثته وهو على تلك الحال.
      فانسل في خفية من النبي صلى الله عليه وسلم واغتسل، ثم جاء إليه.
      فسأله النبي صلى الله عليه وسلم أين ذهب؟ فأخبره بحاله، وأنه كره مجالسته على غير طهارة.
      فتعجب النبي صلى الله عليه وسلم من حال أبي هريرة حين ظن نجاسة الجنب. وذهب ليغتسل وأخبره : أن المؤمن لا ينجس على أية حال .

      ما يؤخذ من الحديث:
      1- كون الجنابة ليست نجاسة تحل البدن.
      2- كون الإنسان لا تنجس ذاته، لا حيا، ولا ميتا. وليس معناه أن بدنه لا تصيبه النجاسة أو تحل به، فقد تكون عينه -أي ذاته- متنجسة إذا أصابته النجاسة.
      3- جواز تأخير الغسل من الجنابة.
      4- تعظيم أهل الفضل، والعلم، والصلاح، ومجالستهم على أحسن الهيئات.
      5- مشروعية استئذان التابع للمتبوع في الانصراف، فقد أنكر النبي صلى الله عليه وسلم على أبي هريرة ذهابه من غير علمه، وذاك أن الاستئذان من حسن الأدب.


      الحديث الثاني



      عَنْ عَائِشَةَ رَضي الله عَنْهَا قَالتْ: كان رَسولُ الله صلى الله عليه وسلم إذا اغْتَسَلَ مِنَ الجَنَابَةِ غَسَل يَدَيْهِ، ثُمَ تَوَضَّأ وضُوءهُ للصلاةِ، ثم يُخَلِّلُ بيَدْيَهِ شَعْره حَتَّى إِذَا ظَنَّ أنَّهُ قَدْ أرْوَى بَشَرَتَهُ أفَاضَ عَلَيْهِ الماءَ ثَلاثَ مَرَاتٍ ، ثُم غَسل سَائِرَ جَسَدِهِ.
      وقالت: كُنْت أغْتَسل أنَا وَرَسُول الله صلى الله عليه وسلم مِنْ إِنَاء وَاحِدٍ ، نَغْتَرِف مِنْهُ جَمِيعاً.



      غريب الحديث:
      1- "إذا اغتسل من الجنابة": يعنى أراد ذلك. قال الزمخشرى : عبر عن إرادة الفعل بالفعل، لأن الفعل يوجد بقدرة الفاعل عليه وإرادته له. والقصد الإِيجاز في الكلام.
      2- "ثم يخلل بيديه شعره": التخليل إدخال الأصابع بين أجزاء الشعر.
      3- قد أروى بشرته- أوصل الماء إلى أصول الشعر، والبشرة المرادة هنا، ظاهر الجلد المستور بالشعر.
      4- "إذا ظن": الظن يراد به هنا معنى الرجحان، إذ لا دليل على أنه لابد من اليقين ، والظن قد صح التعبد به في الأحكام .
      5- "أفاض عليه": أسال الماء على شعره.

      المعنى الإجمالي:
      تصف عائشة غسل النبي صلى الله عليه وسلم بأنه إذا أراد الغسل من الجنابة، بدأ بغسل يديه، لتكونا نظيفتين حينما يتناول بهما الماء للطهارة، وتوضأ كما يتوضأ للصلاة.
      ولكونه صلى الله عليه وسلم ذا شعر كثيف، فإنه يخلله بيديه وفيهما الماء.
      حتى إذا وصل الماء إلى أصول الشـعر، وأروى البشرة، أفاض الماء على رأسه ثلاث مرات ثم غسل باقي جسده.
      ومع هذا الغسل الكامل، فإنه يكفيه هو وعائشة، إناء واحد، يغترفان منه جميعا.

      ما يؤخذ من الحديث:
      1- مشروعية الغسل من الجنابة. سواء أكان ذلك لإنزال المنى أم لمجرد الإيلاج . كما سيأتي صريحا في حديث أبي هريرة.
      2- أن الغسل الكامل، ما ذكر في هذا الحديث، من تقديم غسل اليدين، ثم الوضوء، ثم تخليل الشعر الكثيف، وترويته، ثم غسل بقية البدن.
      3- قولها : " كان إذا اغتسل ": يدل على تكرار هذا الفعل منه عند الغسل من الجنابة.
      4- جواز نظر أحد الزوجين لعورة الآخر، وغسلهما من إناء واحد.
      5- تقديم غسل أعضاء الوضوء في ابتداء الغسل على الغسل منْ الجنابة، عدا غسل الرجلين فإنه مؤخر إلى بعد الانتهاء من غسل البدن كله، كما سيأتي .
      6- قولها : " ثم توضأ وضوءه للصلاة... ثم غسل سائر جسده" : يدل على أن غسل أعضاء الوضوء رافع للحدثين الأكبر والأصغر، فإن الأمر الذي يوجب غسل هذه الأعضاء للجنابة ولرفع الحدث الأصغر واحد.
      7- سائر الجسد: بقيته.


      الحديث الثالث



      عَنْ مَيْمُونَةَ بنْتِ الْحَارثِ زَوْج النبي صلى الله عليه وسلم أنَّهَا قَالَتْ: وَضَعْتُ لِرَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم وَضُوءَ الجَنَابَة فأَكفَأ بِيِمِينِهِ علَى يساره مَرًّتيْنِ أوْ ثَلاثَا، ثم غَسَلَ فرْجَهُ، ثُمٌ ضَرَبَ يدَهُ بِالأرْضِ أوْ ا اْلحَائِطِ مرًّتينَ أوْ ثَلاثَاً ثمَّ مَضْمَضَ وَاَسْتَنْشَقَ، ثُمَّ غَسَلَ وجْهَهُ وَذِراعَيْهِ، ثمَّ أفَاضَ عَلى رَأسهِ الْمَاءَ، ثمَّ غَسَلَ سَائرَ جَسَدِهِ، ثُمَّ تَنَحَّى فَغَسَل رِجْليْهِ فأتيتهُ بِخِرْقَةٍ فَلَمْ يُرِدْها، فَجَعَل يَنْفُضُ الْمَاءَ بِيَدَيْهِ.



      غريب الحديث:
      1- "أكفأ الإناء" : قلبه على وجهه. وكفأه: أماله، والحديث يفيد الإمالة بلا شك، وهذا ما يوافق رواية البخاري وهى " كفأ " وأنكر بعضهم أَن يكون "أكفأ" بمعنى قلب.
      2- "ضرب يده في الأرض أو الحائط" : المراد منه مسح يده بأحدهما لإزالة اللزوجة بعد الاستنجاء.
      3- "إفاضة الماء" : على الشيء وإفراغه عليه وإسالته فوقه.
      4- "فلم يُرِدْها" : بضم الياء وكسر الراء وإسكان الدال، من الإرادة لا من الردّ- كما غلط بعضهم.

      ما يؤخذ من الحديث:
      هذا الحديث نحو الحديث السابق، وفيه فوائد نجملها فيما يلي .
      1- الحديث الأول ذكر فيه غسل يديه مجملا ، وفي هذا الحديث ذكر أن غسلهما مرتين أو ثلاثا.
      2- في هذا الحديث أنه بعد غسل اليدين غسل فرجه ثم مسح يديه بالأرض مرتين أو ثلاثا وقد ذكر العلماء أنه يعفى عن بقية الرائحة بعد دلكها بالأرض أو غسلها بمطهر آخر.
      3- يتعين أن ينوي بغسل فرجه ابتداء الجنابة لئلا يحتاج إلى غسله مرة أخرى.
      4- في الحديث الأول ذكر أنه توضأ وضوء الصلاة، ويقتضي أنه غسل رجليه. وهذا الحديث صرح أنه غسل رجليه بعد غسل الجسد.
      ولعل أحسن ما يجمع بينهما أن يقال: إنه توضأ في حديث ميمونة وضوءاً كاملا، ولكنه غسل رجليه مرة ثانية بعد غسل الجسد في مكان آخر لكون المكان المغتسل فيه متلوثا.
      5- في هذا الحديث أن ميمونة جاءته بخرقة لينشـف بها أعضاءه، فلم يقبلها وإنما نفض يديه من الماء.
      6- أنه لا يجب دَلكُ الجسد في الغُسل. وهو كالدلك في الوضوء سنة.
      7- أنه لا يغسل أعضاء الوضوء للجنابة بعد غسلها في الوضوء. فقد صحح النووي أنه يجزئ غسلة واحدة عن الوضوء وعن الجنابة.
      8- أن غسل الجسد مرة واحدة وبعضهم يجعله ثلاثا، قياساً على الوضوء، ولا قياس مع النص هذا اختيار شيخ الإسلام " ابن تيمية " وشيخنا- " عبد الرحمن السعدي " وأحد الوجهين في مذهب أحمد.




      oman0.net/forum/newthread.php?do=newthread&f=4#_ftnref1
      :rolleyes:
    • لغسل الجنابة كيفيتان: احداهما بنحو الترتيب والاخرى بنحو الارتماس.
      الغسل الترتيبى

      المشهور فى كيفية الغسل الترتيبي: غسل الرأس مع الرقبة اولاً ثم الجانب الأيمن ثم الجانب الأيسر.
      وينبغى الحديث اولاً عن اعتبار الترتيب ما بين الرأس والرقبة وبين بقية الجسد وثانيا فى اعتباره ما بين الجانبين.
      الترتيب بين الرأس وبقية الجسد
      اما الترتيب بين الرأس والرقبة وبين بقية الجسد فالمشهور اعتباره بل لم يعرف الخلاف الا من الصدوقين وابن الجنيد، فانه قد يظهر منهم الاكتفاء بصبِّ الماء علي الجسد من دون اعتبار الترتيب رأسا(1).
      واذا رجعنا الى الروايات وجدناها على طوائف ثلاث:
      الاولي: ما دلَّ على نفى اعتبار الترتيب بالصراحة، وهى صحيحة هشام بن سالم...:«كان ابو عبداللّه‏ عليه‏السلام فيما بين مكة والمدينة ومعه ام اسماعيل فأصاب من جارية له فأمرها فغسلت جسدها وتركت رأسها، وقال لها: اذا اردت ان تركبى فاغسلي رأسك ففعلت ذلك، فعلمت ام اسماعيل فحلقت رأسها، فلما كان من قابل انتهى ابو عبداللّه‏ عليه‏السلام الى ذلك المكان، فقالت له ام اسماعيل: اى موضع هذا؟ قال لها: هذا
      الموضع الذى احبط اللّه‏ فيه حجك عام اول
      الثانية: ما دلَّ على نفى اعتبار الترتيب بالإطلاق، كصحيحة زرارة: «سألت ابا عبداللّه‏ عليه‏السلام عن غسل الجنابة فقال: تبدأ فتغسل كفيك، ثم تفرغ بيمينك على شمالك فتغسل فرجك ومرافقك، ثم تمضمض واستنشق، ثم تغسل جسدك من لدن قرنك الي قدميك. وليس قبله ولا بعده وضوء. وكل شيء امسسته الماء فقد انقيته. ولو ان رجلاً جنبا ارتمس فى الماء ارتماسة واحدة اجزأه ذلك وان لم يدلك جسده»(2) وغيرها.
      الثالثة: ما دلَّ على اعتبار الترتيب، كصحيحة زرارة الاخري: «قلت: كيف يغتسل الجنب؟ فقال: ان لم يكن اصاب كفه شيء غمسها فى الماء ثم بدأ بفرجه فانقاه بثلاث غرف ثم صبَّ على رأسه ثلاث اكف ثم صبَّ على منكبه الايمن مرتين وعلى منكبه الايسر مرتين فما جرى عليه الماء فقد اجزأه»(3) وغيرها.
      هذه طوائف ثلاث.
    • والطائفة الاولى لابدَّ من حذفها من الحساب لأن هشام بن سالم نفسه روى القصة بعينها عن محمد بن مسلم عن ابى عبداللّه‏ عليه‏السلام بهذا الشكل: «..فقلت: اغسلى رأسك وامسحيه مسحا شديدا لاتعلم به مولاتك فإذا اردت الاحرام فاغسلى جسدك...»(4)، وحيث ان القصة واحدة فاحد النقلين هو الصحيح دون الآخر، ولازم ذلك سقوط النقل الاول عن الاعتبار لاحتمال ان الثانى هو الصحيح.
      وعليه نبقى نحن والطائفتين الأخيرتين.
      والمناسب تقييد الثانية بالثالثة كسائر موارد الاطلاق والتقييد، وتكون النتيجة بناء على ذلك اعتبار الترتيب بغسل الرأس والرقبة اولاً ثم بقية البدن.
      هذا وقد يشكل على الجمع المذكور بالوجهين التاليين:
      أ ـ ان لسان الروايات المطلقة آبٍ عن التقييد، لأن السائل سأل عن غسل الجنابة والامام عليه‏السلام اخذ بذكر امور مستحبة خارجة عن حقيقة الغسل، فلو كان الترتيب معتبرا لكان

      من المناسب الاشارة اليه، وعدم الاشارة اليه يدل بوضوح على عدم وجوبه، وبالتالى يكون حمل الطائفة الثالثة على الاستحباب اولى من تقييد المطلقات، بل ذلك هو المُتعيّن.
      و اذا قيل: ان عدم الاشارة اليه هو باعتبار ان الطائفة الثانية فى صدد بيان المستحبات والآداب فى الغسل دون الامور المعتبرة فيه بنحو اللزوم، وبناء على هذا لايكون السكوت عن الترتيب كاشفا عن عدم وجوبه.
      قلنا: ان الحكيم اذا سأل عن كيفية شيء و تفاصيله فليس من المناسب له قصر نظره على بيان المستحبات و الغض عن الأمور اللازمة لو كانت بل المناسب هو العكس او الجمع بين الأمرين.
      ب ـ إنّ الطائفة الثالثة التى اشارت الى اعتبار الترتيب لايمكن استفادة وجوبه منها، لأن الامور الاخرى المشار اليها فيها حيث انها مستحبة فبقرينة وحدة السياق يلزم حمل الترتيب على ذلك ايضا، ولا اقل من الاجمال وعدم امكان استفادة اللزوم.
      وهذا مطلب وجيه بناء على كون الأمر والنهى موضوعين لإفادة الوجوب والتحريم، واما بناء على استفادة ذلك من حكم العقل فلا يمكن التمسك بقرينة وحدة السياق لأن الجميع مستعمل فى الطلب لا اكثر، غايته ان العقل يحكم فى بعضها بالاستحباب لثبوت الدليل من الخارج على الترخيص فى الفعل او الترك ويحكم بالوجوب فى بعضها الاخر لعدم ثبوت مثل ذلك، وهذا لايلزم منه اختلال السياق الواحد.
      ومن خلال هذا اتضح ان الجمع بالحمل على التقييد قد يواجه الاشكالين المتقدمين.
      هذا كله لو كانت الطائفة الثالثة بلسان صحيحة زرارة السابقة المشتملة على بيان المستحبات؛ الا ان هناك روايتين اخريين فى المقام تدلان على اعتبار الترتيب.
      الاولي: صحيحة ثالثة لزرارة عن ابى عبداللّه‏ عليه‏السلام : «من اغتسل من جنابة فلم يغسل رأسه ثم بدا له ان يغسل رأسه لم يجد بُدّا من إعادة الغسل»(1)، فإنها تدل بوضوح على اعتبار الترتيب بين الرأس وبقية الجسد من دون ان تشتمل على المستحبات.
      ويرد عليها: انها تدل على اعتبار الترتيب بمعنى عدم جواز غسل بقية الجسد قبل الرأس ولاتدل على عدم جواز غسل تمام الجسد دفعة واحدة.
      الثانية: صحيحة حريز الواردة فى الوضوء اذا جفَّ: «قلت: فان جفَّ الاول قبل ان

      اغسل الذى يليه، قال: جفَّ او لم يجف اغسل ما بقي. قلت: وكذلك غسل الجنابة؟ قال: هو بتلك المنزلة وابدأ بالرأس ثم افض على سائر جسدك. قلت: وان كان بعض يوم؟ قال: نعم»(1). ودلالتها واضحة.
      وقد يشكل على سندها بأنها مضمرة بل قد يقال هى مقطوعة باعتبار ان الضمير في «قلت» يرجع الى عبداللّه‏ بن المغيرة الراوى عن حريز وليس الى حريز نفسه لتكون مضمرة، اى قلت له.
      الا ان الاشكال المذكور ضعيف، اذ الاضمار لايضر بحجية الرواية بعد ما كان الراوي من اجلاّء الاصحاب الذين لاتليق بهم الرواية عن غير الامام عليه‏السلام .(2)