
أيام قليلة ويصل ضيفنا العزيز الذي ننتظر قدومه منذ أن غادرنا آخر مرة قبل حوالي عام ، ضيف منظم مرتب ، يبدأ رحلة قدومه بموعد محدد ، مع ظهور القمر ، ويغادرنا كذلك بموعد محدد ، قبيل ساعات من الظهور التالي للقمر ، ومع كونه ضيفنا فكثيرا ما نشعر أنه مضيفنا وليس ضيفنا ، فهو يعطي ولا يأخذ يكرم بلا حدود ، يأتينا منظما مرتبا معلما مدربا واعظا ، ينظم أوقاتنا ، ويرتب مواعيد إمساكنا وإفطارنا ، يعلمنا أسمى المعاني من حب وود وتواصل ، يدربنا على الصبر وقوة الإرادة يعظنا أن نكون من الجاهلين الغافلين ، يأتينا كل عام محملا بالهدايا القيمة العظيمة التي يحملها من عند رب العالمين ، ويوزعها علينا على مدى إقامته بيننا ، فيبدؤنا بالرحمة ، ثم يتوسط إقامته معنا بالمغفرة ، ولا يغادرنا إلا وقد وزع بطاقات العتق من النار
أهلا رمضان
شهر الخير والإحسان ، فيه تفتح أبواب الجنان ، وتغلق أبواب النبران،وتصفد الشياطين ، فهذا الشهر هو أحد المواسم الخاصة التي حباها الله بفضل خاص تشجيعا لنا ليكون لنا فيها تواجد خاص فنشمر عن سواعد الجد ونقلل النوم ونكثر الذكر وتلاوة القرآن الذي أنزل في هذا الشهر،فيه ينادى : يا باغي الخير أقبل ويا باغي الشر أقصر ، قال عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم مبشرا أصحابه بقدومه: قد جاءكم شهر رمضان ، شهر مبارك،افترض الله عليكم صيامه، يفتح فيه أبواب الجنة ، ويغلق فيه أبواب الجحيم، وتغل فيه الشياطين ، فيه ليلة خير من ألف شهر ،من حرم خيرها فقد حرم.
وقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم ( الذي غفر الله ما تقدم من ذنبه وما تأخر ) أشد الناس حرصا على اغتنام رمضان ، فكان يدارسه جبريل عليه السلام القرآن في رمضان ، وكان أجود الناس وأجود ما يكون في رمضان ، و يكثر من العبادات والتلاوة والاعتكاف ، دون أن يؤثر على مسيرة الدولة الفتية في حينها ، ففيه حصلت غزوة بدر ، وفيه تم فتح مكة ، كان يحث الناس على السحور ويقول : تسحروا فان في السحور بركة (متفق عليه)، ويقول : ما تزال أمتي بخير ما عجلوا الفطور (صحيح) وكان يفطر على حبات من رطب فان لم يجد فتمرات ،فان لم يجد حسا حسوات من ماء ، وكان يقبل أزواجه وهو صائم وربما جامع أهله في الليل فأدركه الفجر وهو جنب فيغتسل ويصوم.
نسأل الله أن يتقبل من جميع المسلمين صيامهم وقيامهم وصالح أعمالهم ، وأن يكتبهم من المقبولين المغفور ذنوبهم ، وأن يعتقنا
برحمته وفضله ومنه وكرمه من النار ، انه خير مسؤول