المذهب الخامس الجزء الثاني

    • المذهب الخامس الجزء الثاني

      معنى التشيع :
      لم يكن للعرب وحدة سياسية قبل الاسلام، فكل قبيلة تحكم نفسها، وكل مدينة لا تعرف لغيرها سلطاناً عليها، وبعد الاسلام اوجد النبي سلطة عامة
      خضع لها جميع العرب، ومارس هو السلطة بكافة معانيها : التشريعية، والتنفيذية، والقضائية، فكان يبين الاحكام والحلال والحرام، ويقود الجيش، ويخابر الملوك، ويعقد المعاهدات، ويقضي بين الناس، ويقيم الحدود، وقد ربط القرآن الكريم هذه السلطات بشخص الرسول، ففي الآية 6 من سورة الأحزاب : «النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم» وفي الآية 36 من السورة نفسها : «وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى اللّه ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم» وفي الآية 7 من سورة الحشر : «وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا» وغيرها كثير.
      واتفق المسلمون بكلمة واحدة على ان السلطة الزمنية والدينية التي كانت للرسول تعطى لخليفته، ثم اختلفوا فيما بينهم : هل يعين الخليفة بالنص عليه من النبي، او يترك الامر فيه الى اختيار الامة؟. قال الشيعة : ان الخليفة يتعين بالنص لا بالانتخاب، أي ان اللّه سبحانه يأمر النبي ان يبلغ المسلمين بانه قد اختار (فلاناً) خليفة بعده، وان عليهم ان يسمعوا له ويطيعوا، وقد صدر هذا النص بالفعل من النبي على علي بن أبي طالب.
      هذا هو التشيع، وهكذا ابتدأ ونشأ دون ان يضاف اليه أي شيء آخر... اما المغالاة في علي وصفاته أو تكفير خصومه السياسيين وما الى ذاك فلا يمت الى التشيع بسبب... والذي يدلنا على ان لفظ الشيعة علَم على من يؤمن بأن علياً هو الخليفة بنص النبي ما قاله فقهاء الإمامية في كتب التشريع من انه اذا اوصى رجل بمال للشيعة، او وقف عقاراً عليهم يعطى لمن قدم علياً في الإمامة على غيره بعد النبي، ولا يعطى للمغالين (كتاب المسالك للشهيد الثاني ج 1 باب الوقف).
      وبالتالي، إن التشيع في حقيقته وجوهره يتلخص بهذه الكلمة، وهي الإيمان بأن الإمام المنصوص عليه يتولى الحكم، ويحكم بإرادة اللّه لا بإرادة الناس، وقد أنكر السنة عليهم ذلك، وبالغوا في الإنكار، حتى قال بعض المؤلفين : إن هذه العقيدة نزعة فارسية استقاها الشيعة من الفرس...
      ونجيب بانها اسلامية بحت، لا شائبة فيها لغير الاسلام، وقد أُخذت من كتاب اللّه وسنة نبيه، كما يظهر من الادلة الآتية. وإذا اخذ الشيعة هذه النزعة من الفرس. فمن اين اخذ عثمان بن عفان قوله - حين طلب اليه ان يتخلى عن
      الخلافة - «ما كنت لاخلع قميصاً قمصنيه اللّه». وقال ايضاً : «لان اقدم فتضرب عنقي احب من ان انزع سربالاً سربلنيه اللّه».
      يجوز ان تكون الخلافة قميصاً بل سربالاً من اللّه لعثمان، ولا يجوز ان تكون حقاً الهياً لعلي. ثم أي فرق بين قول عثمان هذا، وقول الشيعة بان الخلافة منصب الهي امرها بيد اللّه لا بيد الناس؟... ولماذا كان قول الشيعة نزعة اجنبية، وقول عثمان نزعة اسلامية؟...
      من ادلة الشيعة :
      استدل الشيعة على ان الخلافة تكون بالنص لا بالانتخاب بادلة :
      منها : أن الخليفة يحكم باسم اللّه لا باسم الشعب، فيجب والحال، ان يُختار من اللّه بلسان نبيه، لا من الشعب بطريق الانتخاب.
      ومنها : قوله تعالى في الآية 68 من سورة القصص : «وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة». فاللّه سبحانه حصر الاختيار به، ونفاه عن جميع الناس. (دلائل الصدق ج 3 ص 21 طبعة 1953).
      ومنها : أن الأكثرية غير معصومة عن الخطأ، فمن الجائز أن تختار رجلاً لا تتوافر فيه صفات الإمام من العلم والخلق، فتعم الفوضى والفساد. وقد نص القرآن على سقوط رأي الأكثرية في الآية 116 من سورة الانعام : «وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل اللّه». وفي الآية 106 من سورة المائدة : «وأكثرهم لا يعقلون». وفي الآية 71 من سورة المؤمنون : «وأكثرهم للحق كارهون». وغيرها من الآيات (كتاب فدك للصدر ص 113 طبعة 1955. وج 4 من كتاب الميزان في تفسير القرآن للطباطبائي ص 109 طبعة سنة 1376هجري).
      وجاء في الحديث النبوي ان محمداً (ص) يرى يوم القيامة اكثر امته تدخل النار. وحين يسأل عن السبب يقال له : انهم ارتدوا بعدك على ادبارهم القهقرى (كتاب الجمع بين الصحيحين. الحديث 267).
      واهل السنة الذين قالوا : ان الخليفة يكون بالانتخاب لا بالنص يعترفون بان الاكثرية قد تخطئ، وتختار غير الكفوء، لكن بعضهم قال : اذا انحرف الخليفة، عزلناه، وأتينا بالأصلح... واعلن ابو بكر من على المنبر قائلاً : «اذا استقمت
      فأعينوني، واذا زغت قوِّموني». واجاب الشيعة عن ذلك بان وظيفة الإمام ان يقوّم المعوج من رعيته، فاذا قومته الرعية انعكست الآية، واصبح محكوماً، والرعية هي الحاكمة، قال الشاعر الشيعي1 :
      وقالوا رسول اللّه ما اختار بعده*** إِماماً ولكنا لأنفسنا اخترنا
      أقمنا إماماً إن أقام على الهدى*** أطعنا وإن ضل الهداية قوّمنا
      فقلنا إذن أنتم امام إِمامكم*** بحمدٍ من الرحمن تهتم وما تهنا
      ولكننا اخترنا الذي اختار ربنا*** لنا يوم خم ما اعتدينا ولا حلنا
      يسخر الشاعر من قولهم : انهم يطيعون الامام ان استقام، ويقوِّمونه إن اعوج، ويرد عليهم بانهم اصبحوا هم الإمام، وهو المأموم.
      أصل التشيع :
      من الذي جاء بالتشيع، وحمل الناس عليه؟ وهل يرجع الى اصل من اصول الاسلام، ومصدر من مصادره كآية من كتاب اللّه، أو رواية من السنة النبوية؟
      وقد أجاب الشيعة عن ذلك إجابة حاسمة وواضحة، وأثبتوا بالأرقام من أقوال أهل السنة، وكتبهم الصحاح أن النبي هو الذي بعث عقيدة التشيع، وأوجدها، ودعا إلى حب علي وولائه، وأول من أطلق لفظ الشيعة على أتباعه ومريديه، ولولاه لم يكن للشيعة والتشيع عين ولا أثر.
      قال العلامة الحلي في كتاب «نهج الحق» : ذكر الإمام احمد بن حنبل في مسنده، والثعالبي في تفسيره انه لما نزلت الآية 214 من سورة الشعراء : «وانذر عشيرتك الاقربين» جمع النبي من أهل بيته ثلاثين، فاكلوا، وشربوا، ثم قال لهم : من يضمن عني ديني ومواعيدي، ويكون خليفتي، ومعي في الجنة؟ قال علي : أنا. فقال له : انت.
      ونقل الشيخ محمد حسن المظفر في كتاب دلائل الصدق ج 2 ص 233 عن كتاب كنز العمال ج 6 ص 397 أن النبي قال لعشيرته : قد جئتكم بخير الدنيا
      _____________________________
      1 - دلائل الصدق ج 2 ص 25 طبعة سنة 1953، وهذا الشاعر هو سفيان بن مصعب العبدي، قال السيد محسن الأمين: كان من أصحاب الإمام جعفر الصادق، وتوفي في حدود سنة 120 هجري (اعيان الشيعة، القسم الثاني من الجزء الأول ص 166 طبعة سنة 1960 ).
      والآخرة، وقد أمرني ربي أن أدعوكم إليه، فأيكم يؤازرني على أمري هذا؟ قال علي: أنا يا نبي اللّه أكون وزيرك عليه فأخذ النبي برقبته، وقال: إن هذا أخي، ووصيي،وخليفتي فيكم، فاسمعوا له وأطيعوا. فقام القوم يضحكون، ويقولون لأبي طالب: قد أمرك أن تسمع وتطيع لولدك علي1 .
      وبهذه المناسبة ننقل ما ذكره الاديب المصري عبد الرحمن الشرقاوي في كتاب «محمد رسول الحرية»، قال في ص 80 الطبعة الاولى:
      «ورأى محمد أن يجمع أسرته من بني عبد المطلب، ويدعوهم إلى الإيمان بما جاء به، فليس أحب إليه من عشيرته. وأولم لهم في بيته، وبدأ يتكلم. وبدأوا كلهم يسمعون لمحمد، وهو يحدثهم عما جاء به. ولكن أحداً لم يستجب إليه: إلا علي بن أبي طالب. هو وحده الذي انتفض يؤكد أنه سينصر محمداً بسيفه. وضحك من الاستخفاف بعض الكبار، فقد كان علي هذا أصغر الحاضرين، كان اذ ذاك ما يزال فتى صغير السن، تتقدم به سنه الى أول الشباب، ولكن محمداً لم يستخف بحماسة علي، فقد قام اليه، فعانقه وبكى».
      وقال الأميني في الجزء الأول من كتاب «الغدير»2 ص 9 طبعة 1372 هجري: بعد أن رجع النبي من حجة الوداع، وهي الحجة التي لم يلبث بعدها الا قليلاً، ووصل الى غدير خم جمع الناس، وخطبهم وقال فيما قال:
      ان اللّه مولاي، وانا مولى المؤمنين، وانا اولى بهم من انفسهم، فمن كنت مولاه فعلي مولاه يقولها ثلاث مرات، ثم قال: اللهم والِ من والاه، وعاد من عاداه، واحب من احبه، وابغض من بغضه، وانصر من نصره، واخذل من خذله، وادر الحق معه حيث دار، ألا فليبلغ الشاهد الغائب.
      ثم ذكر الاميني من رواة هذا الحديث 120 صحابياً ، و 84 تابعياً، اما
      ___________________
      1 - ذكر هذا الحديث محمد حسين هيكل في كتاب «حياة محمد» طبعة أولى، ثم حذفه في الثانية لقاء 500 جنيه، ودليلنا المقابلة بين الطبعتين. انظر التعليق ص 114 من «أعيان الشيعة» ج 1 قسم 1 طبعة 1960 .
      2 - هذا الكتاب للشيخ عبد الحسين الأميني، وقد بلغ 12 مجلداً ضخماً، جمع فيه النصوص على خلافة علي من طرق السنة ورواياتهم عن النبي، وقد بلغت المئات، وطبع الكتاب أكثر من مرة في طهران، والمؤلف من علماء الشيعة في هذا العصر ومحل ثقة الجميع واحترامهم.
      طبقات رواته من أئمة الحديث واساتذته فقد بلغوا 360، وبلغ المؤلفون في حديث الغدير من السنة والشيعة 26 مؤلفاً.
      وقد اعتبر الشيعة حديث الغدير هذا نصاً بخلافة علي بعد النبي، ومن هنا اهتموا به هذا الاهتمام البالغ، واهل السنة يعترفون بصحة هذا الحديث، ويقولون بصدوره عن النبي، ولكنهم أوَّلوا الولاء بالحب والاخلاص، لا بالحكم والسلطان، فحديث «من كنت مولاه فعلي مولاه» أشبه عندهم بحديث «يا علي لا يحبك إلا مؤمن، ولا يبغضك إلا منافق» وغيره من الأحاديث الدالة على مكانة أهل البيت وعلو شأنهم، والحب وعلو الشأن شيء، والنص على الخلافة شيء آخر.
      وأجاب الشيعة عن ذلك بأن قول النبي أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم، فمن كنت مولاه فعلي مولاه يدل بصراحة ووضوح على أن نفس ولاية النبي الدينية والدنيوية هي بعينها قد جعلها النبي لعلي بعده، إذ جعل علياً نظير نفسه في أنه أولى بهم من أنفسهم، ولا شيء سوى ذلك، ولو كان للفظ المولى ألف معنى ومعنى.
      لفظ الشيعة:
      وكما أثبت الشيعة من كتب السنة وأقوالهم أن النبي هو الذي بعث عقيدة التشيع ودعا اليها أثبتوا أيضاً من طرق السنة أن النبي أول من أطلق لفظ الشيعة على من احب علياً وتابعه، قال الشيخ محمد حسين المظفر في كتاب «تاريخ الشيعة» ص 5 طبع النجف:
      جاء في كتاب الصواعق المحرقة لابن حجر وفي كتاب النهاية لابن الأثير، ان النبي قال: يا علي انك ستقدم على اللّه انت وشيعتك راضين مرضيين.
      وجاء في الدر المنثور للسيوطي ان النبي قال: ان هذا - واشار الى علي - وشيعته لهم فائزون يوم القيامة.
      ثم قال صاحب «تاريخ الشيعة»: فكانت الدعوة الى التشيع لعلي من محمد تمشي منه جنباً لجنب مع الدعوة الى شهادة لا إله الا اللّه محمد رسول اللّه.
      وبهذا يتبين معنا ان المصدر الاول والاخير للشيعة والتشيع هو النبي دون سواه، فان كان التشيع هو السبب لتمزيق المسلمين وتفريق كلمتهم كما زعم
      بعض السنة فالمسؤول عن ذلك هو النبي وحده دون سواه.
      الشعر:
      وكان لأحاديث الشيعة والتشيع أثر ظاهر في أشعار الصحابة، نقل طرفاً منها الشريف المرتضى في كتاب «العيون والمحاسن»1 والشيخ الاميني في كتاب «الغدير». من ذلك ما جاء في ج 1 ص 11 و ج 2 ص 39 من كتاب الغدير ان حسان بن ثابت قال للنبي بعد ان اعلن قوله من كنت مولاه فعلي مولاه: ائذن لي يا رسول اللّه ان اقول في علي ابياتاً تسمعهن، فقال له النبي: قل على بركة اللّه، فقام حسان، وقال: يا معشر مشيخة قريش، اتبعها قولي بشهادةٍ من رسول اللّه في الولاية:
      يناديهم يوم الغدير نبيهم*** بخم واسمع بالنبي مناديا
      وقد جاء جبريل عن أمر ربه*** بأنك معصوم فلا تك وانيا
      وبلغهم ما أنزل اللّه ربهم*** إليك ولا تخشَ هناك الأعاديا
      فقام به إذ ذاك رافع كفه*** بكف علي معلن الصوت عاليا
      فقال فمن مولاكم ووليكم*** فقالوا ولم يبدوا هناك تعاميا
      إلهك مولانا وأنت وليّنا*** ولن تجدن فينا لك اليوم عاصيا
      فقال له قم يا علي فإنني*** رضيتك من بعدي إِماماً وهاديا
      فمن كنت مولاه فهذا وليّه*** فكونوا له أنصار صدق مواليا
      هناك دعا اللهم وال وليّه*** وكن للذي عادى علياً معاديا
      فيا رب انصر ناصريه لنصرهم*** امام هدى كالبدر يجلو الدياجيا
      وفي ج 2 ص 67 من كتاب «العيون والمحاسن» أن خزيمة بن ثابت ذي الشهادتين صاحب رسول اللّه، قال:
      إذا نحن بايعنا علياً فحسبنا*** أبو حسن مما نخاف من الفتن
      وجدناه أولى الناس بالناس انه*** أطب قريش بالكتاب وبالسنن
      وإن قريشاً لا تشق غباره*** إذا ما جرى يوماً على الضمر البدن
      ________________________
      1 - هذا الكتاب جمعه الشريف المرتضى من أقوال استاذه الشيخ المفيد، وطبع في النجف سنة 1937 باسم الفهرست خشية ان تمنعه السلطة يومذاك لو طبع باسمه الحقيقي.
      وصي رسول اللّه من دون أهله*** وفارسه قد كان في سالف الزمن
      وأول من صلى من الناس كلهم*** سوى خيرة النسوان واللّه ذو المنن
      وصاحب كبش القوم في كل وقعة*** يكون لها نفس الشجاع لدى الذقن
      فذاك الذي تثني الخناصر باسمه*** امامهم حتى أغيب في الكفن
      وفي الكتاب المذكور أن ربيعة بن الحرث بن عبد المطلب قال عندما بويع أبو بكر:
      ما كنت أحسب أن الأمر منتقل*** عن هاشم ثم منها عن أبي حسن
      أليس أول من صلى لقبلتهم*** واعلم الناس بالآيات والسنن
      وآخر الناس عهداً بالنبي ومن*** جبريل عون له في الغسل والكفن
      ماذا الذي ردكم عنه فنعلمه*** ها ان بيعتكم من أول الفتن
      وقال عبد اللّه بن سفيان بن الحرث بن عبد المطلب:
      وكان ولي الأمر بعد محمد*** علي وفي كل المواطن صاحبه
      وصي رسول اللّه حقاً وجاره*** وأول من صلى ومن لان جانبه
      وقال الصحابي جرير بن عبد اللّه البجلي:
      فصلى الإله على أحمد*** رسول المليك تمام النعم
      وصلى على الطهر من بعده*** خليفتنا القائم المدعم
      علياً عنيت وصي النبي*** يجالد عنه غواث الأمم
      وقال عبد الرحمن بن حنبل:
      لعمري لئن بايعتم ذا حفيظة*** على الدين معروف العفاف موفقا
      عفيفاً عن الفحشاء أبيض ماجداً*** صدوقاً وللجبار قدماً مصدقا
      أبا حسن فارضوا به وتبايعوا*** فليس كمن فيه لذي العيب منطقا
      علي وصي المصطفى ووزيره*** وأول من صلى لذي العرش واتقى
      وهذا الشاعر الصحابي هو الذي قال في عثمان بن عفان1 :
      واحلف باللّه جهد اليمين*** ما ترك اللّه أمراً سدى
      ولكن جعلت لنا فتنة*** لكي نبتلي بك أو تبتلى
      _____________________
      1 - كتاب «الاستيعاب» ج 2 ص 407 طبعة 1939
      دعوت الطريد فأدنيته*** خلافاً لما سنه المصطفى
      ووليت قرباك أمر العباد*** خلافاً لسنة من قد مضى
      وأعطيت مروان خمس الغنى*** -مة آثرته وحميت الحمى
      وفي الجزء الثاني من كتاب «الغدير» ص 67 أن الصحابي قيس بن سعد بن عبادة قال:
      وعلي إمامنا وإمام*** لسوانا أتى به التنزيل
      يوم قال النبي من كنت مولا*** ه فهذا خطب جليل
      إنما قاله النبي على الأمة*** حتم ما فيه قال وقيل
      وفي كتاب «أمير المؤمنين علي بن أبي طالب» لكاظم آل نوح سنة 1374 هجري ص 43: نقلاً عن جمهرة الخطب أن سعيد بن قيس الهمداني كان يرتجز يوم صفين بقوله:
      هذا علي وابن عم المصطفى*** أول من أجابه لما دعا
      هذا الإمام لا يبالي من غوى
      وفي الكتاب المذكور ص 44 أن الفضل بن أبي لهب قال:
      الا إن خير الناس بعد محمد*** مهيمنه التاليه في العرف والنكر
      وخيرته في خيبر ورسوله*** تبيد عهود الشرك فوق أبي بكر
      وأول من صلى وصنو نبيه*** وأول من أردى الغواة لدى بدر
      فذاك علي الخير من ذا يفوقه*** أبو حسن حلف القرابة والصهر
      وفي صفحة 45 نقلاً عن كتاب «صفين» لنصر بن مزاحم أن زفر بن زيد بن حذيفة الأسدي قال يوم صفين:
      فحوطوا علياً فانصروه فانه*** وصيي وفي الإسلام أول أول
      وان تخذلوه والحوادث جمة*** فليس لكم عن أرضكم متحول
      وفي كتاب «أمالي الشيخ المفيد» ص 91، منشورات المطبعة الحيدرية بالنجف:
      إن علي بن أبي طالب لما بلغه مسير طلحة والزبير لحربه خطب في الناس، وقال بعد أن حمد اللّه وأثنى عليه:
      أما بعد، فإن اللّه تبارك وتعالى لما قبض نبيه قلنا نحن أهل بيته وعصبته
      وورثته وأولياؤه أحق خلائق اللّه به، لا ننازع حقه وسلطانه، فبينما نحن على ذلك إذ نفر المنافقون، فانتزعوا سلطان نبينا منا، وولوه غيرنا. وايم اللّه لولا مخافة الفرقة من المسلمين أن يعودوا إلى الكفر، ويعود الدين لكنا قد غيرنا ذلك ما استطعنا، وقد ولي ذلك ولاة مضوا لسبيلهم، ورد اللّه الأمر إليّ، وقد بايعني طلحة والزبير، ثم نهضا إلى البصرة ليفرقا جماعتكم، ويلقيا بأسكم بينكم، اللهم فخذهما لغشهما هذه الأمة، وسوء نظرهما للعامة.
      فقام الصحابي بو الهيثم بن التيهاني، وقال: يا أمير المؤمنين إن حسد قريش إياك على وجهين: أما خيارهم فحسدوك منافسة في الفضل، وارتفاعاً في الدرجة، وأما شرارهم فحسدوك حسداً أحبط اللّه به أعمالهم، وأثقل أوزارهم، وما رضوا أن يساووك، حتى أرادوا أن يتقدموك، فبعدت عليهم الغاية، وأسقطهم المضمار، وكنت أحق قريش بقريش، نصرت نبيهم حياً، وقضيت عنه الحقوق ميتاً، واللّه ما بغيهم إلا على أنفسهم، ونحن أنصارك وأعوانك، فمرنا بأمرك ثم انشأ:
      إن قوماً بغوا عليك وكادوا*** ثم عابوك بالأمور القباح
      ليس من عيبها جناح بعوض*** فيك حقاً ولا كعشر جناح
      أبصروا نعمة عليك من اللّه*** وقرماً يدق قرن النطاح
      وإماماً تأوي الأمور إليه*** ولجاماً يلين غرب الجماح
      كلٍ ما تجمع الامامة فيه*** هاشمياً له عراض البطاح
      حسداً للذي أتاك من اللّه*** وعادوا إلى قلوب قراح
      ونفوس هناك أوعية البغض*** على الخير للشفاء شحاح
      من مسر يكنه حجب الغيب*** ومن مظهر العداوة لاح
      يا وصي النبي نحن من الحق*** على مثل بهجة الاصباح
      فخذ الاوس والقبيل من الخز*** رج بالطعن والوغى والكفاح
      ليس منا من لم يكن لك في اللّه*** ولياً على الهدى والفلاح
      فاشعار الصحابة والأحاديث النبوية تدل دلالة واضحة على أن التشيع بمعنى وجود النص على علي بالخلافة بعد النبي بلا فاصل كان موجوداً في عهد رسول اللّه (ص).