حــقــيــقــة الـمـــــهـــدي .

    • حــقــيــقــة الـمـــــهـــدي .

      بسم الله الواحد القهار سبحانه .
      الحمد لله سبحانه على كل حال ما كان .
      السلام على الموحدين ورحمة الله سبحانه وبركاته ، وبعد :

      حـقـيـقـة الـمـهــدي :

      الحاقا لمشاركاتي السابقة كلها حول فتنة أعور الدجل ودابة الأرض وغيرها في منتديات الفقه والحجة والحوار الأنترنتية المختلفة وتتمة لها ، أقول :

      .. الموحد المجاهد ( جهيمان العتيبي ) اللهم ارحمه ، مات مجتهدا في سبيل الله سبحانه ولا ريب عندي .. ولاكن لله الحكمة البالغة في كل شيء سبحانه .. ، ومن خلال قراءة كتابه ( الرسائل السبعة ) أدركت تماما ان العــالم جهيمان اللهم ارحمه على منهج جماعة أهل القرآن والسنة وفقه ا لأثر الصالح .. ولا أشك في ان وسائل اعلام الطاغوت … المحارب قد اساءت للعالم المجاهد جهيمان اللهم ارحمه ، وحرّفت حقيقته ـــ كعادتها المطّردة ـــ وشوهته في عقول ومدارك الناس البريئة وحتى غير الابرياء وقعوا تحت تاثير تضليل الاعلام الدجلي المتواصل حتى اليوم .. ،
      يقول الرسول ـــ اللهم صل عليه ـــ : " ... ومعه ــ الدجال ــ من كل لسان ... " .

      توضيح تمهيدي لازم :
      .. يلاحظ ـ في البدء ـ أني أكتب الحروف كلها حسب نطقها اللغوي تماما ، فيما عدا اسم " الله " سبحانه ، فاني أكتبه كما عهدت ذالك . ثم أنصح وألح على ضرورة التعامل مع المصطلحات الشائعة بحذر وبعد تحقيقها وتاصيلها الشرعي السائغ ـــ ولو داخل النفس تعبّدا لله سبحانه ـــ ، وكمثال :
      (أ) : ــ مصطلح " أهل السنة والجماعة " مع محبتي في سبيله تعالى لكل العلماء الاخيار اللذين استخدموا هاذا المصطلح وعلى راسهم علاّمة الاسلام ابن تيمية اللهم ارحمه .. ولاكن :
      ـــ هل كان مستخدما ابان عهود الخلافة الراشدة الاولى وقت ابي بكر وعمر ـــ مثلا ـــ اللهم ارض عنهما ؟
      ـــ ثم هو مصطلحان في مصطلح واحد : أي " أهل السنة " و " الجماعة " ؛ لأنه ( عاطف ومعطوف ) ــ كما تعلمته في كلية اللغة العربية في جامعة الامام محمد ابن عبدالوهاب الاسلامية ، لا كما يسمونها جامعة المأموم ... ــ .. والمصطلح الاول معروف .. وثابت هو هو لا يتغير لا قبلا ولا بعدا ، ويدخل فيه كل من اتبع هدي خاتم الانبياء عليه السلام : من اقواله وافعاله واقراراته ..
      .. ولاكن الحرج في المصطلح الثاني .. فاي جماعة هي المقصودة ؟ جماعة الامويين ام العباسيين .. ام المعاصرين ؟ ومن هم ؟ ، فهي كلمة قد تكون موهمة لبعض الناس .. مطلقة لأنها متأخرة عن الاول قبلها .. فكان لا بد من تقييدها ؛ ولكي يمكن تقييدها هنا فلا بد من تقديمها ( مضاف ومضاف اليه ) لتصبح : " جماعة أهل السنة " ولتكون معروفة وثابتة هي هي ..
      .. وحتى هاذه هل كانت مستخدمة في العصر الاسلامي الاول المفضل ؟ ثم أين القرآن منها ؟ واين فقه وآثار العلماء الصالحين ؟ ولذا ـــ وان كان لا بد ـــ فاني أفضل استخدام مصطلح " جماعة أهل القرآن والسنة وفقه الأثر الصالح " ، وأفضل منه ما كانوا يستخدمونه ابان عهود الخلافة الراشدة الأولى .

      (ب) : ــ مصطلح " شيخ " الشائع كثيرا ؛ فأنا أكره استخدام هاذه الكلمة .. ؛ لعلة شرعية ؛ وأخرى لارتباطها بكثير من العلماء المضللين اللذين خانوا أمانة العلم ـــ مع أنه كما قال العلامة ابن القيم اللهم ارحمه : لا يلزم من العلم الهداية ـــ ، قال سبحانه : (( .. ثم لتكونوا شيوخا )) ، وقال سبحانه : (( .. وأبونا شيخ كبير )) وغيره . وأخيرا : ليس باللازم أن يكون العالم هو فقط ما يعرّفه ويزيّنه اعلام الحكومة الطاغي ، بل قد يكون العكس صحيحا في أحوال كثيرة .
      …………………
      أما أصل المشاركة هنا ، والدافع من ورائها ، فهو حول اجتهاد العالم المجاهد ( جهيمان ) اللهم ارحمه وآجره ، وجهاده العملي ضد الطاغوت … ، وما يثار هاذه الأيام حول ذالك لعلة في نفس من يفعل ؛ وتوجّس واستباق لما يتوقعونه ويتخوفون منه وان كانوا يجحدون ذالك حتى الآن .. أقول :

      لقد استفاض الخلاف والاختلاف في مسألة المهدية والقحطانية حتى عمّ وطمّ ، واذا كان هاذا صحيحا فيما بين خاصة العلماء فهو في حق العامة أصبح من جملة الفتن المترادفة المتداخلة المتغايرة ، ولا تكاد تجد من حسم المسألة بما يقنع المرء الباحث عن الحق شرعيا وعقليا . والمشكلة من جانبها الآخر المضني لم تقتصر على جماعة أهل الشيعة اللذين لم يشاركوا أمة الاستجابة في جهادها أعداء الله سبحانه الظاهرين منذ مئات السنين بحجة " الغيبة " وانتظار من يحضر ليعلن لهم الجهاد في سبيل الله سبحانه ، وربطوا رقاب كل أمتهم بالملايين في حال شخص واحد غير موجود ، رغم أن كل النصوص الشرعية المكتملة بموت النبي الخاتم عليه السلام قطعية في أن نتعبد لله سبحانه بما في النصوص لا بما في الرجال حضروا أو غابوا ، فسبحان الله ! ، وأزيد وأدهى : لم تقتصر هاذه الفتنة على هاؤلاء ولاكن أختها جاثمة في عقر دارنا جماعة أهل القرآن والسنة وفقه الأثر الصالح :

      (1)
      فمن بين من ينكر خروج " المهدي " بالكلية مثل العالم ( عبدالله ابن زيد آل محمود اللهم ارحمه ـــ رغم أنه من آل البيت كما ذكر ، ولا أعلم عن حقيقة ذالك ) في كتابه ( لا مهدي ينتظر بعد الرسول ــ اللهم صل عليه ــ خير البشر ) وغيره كثير ..
      .. ومن جملة ما احتجوا به على ذالك أن : البخاري ومسلم اللهم ارحمهما لم يعتدّا بشيء من روايات المهدي في صحيحيهما المتفق عليهما .. بينما من جهة أخرى أوردا حديث خروج القحطاني . ومما قاله العالم محمد رشيد رضا اللهم ارحمه في ذالك : ( أما التعارض في أحاديث المهدي فهو أقوى وأظهر والجمع بين الروايات فيه أعسر ، والمنكرون لهل أكثر والشبهة فيها أظهر ولذالك لم يعتد الشيخان بشيء من رواياتها في صحيحهما . وقد كانت أكبر مثارات الفساد والفتن في الشعوب الاسلامية .. ) . وهاذا ما دفع بعض الكتاب أيضا الى معالجة الخطأ بخطأ آخر للخروج من أزمة الفتن المتتالية المترادفة حيث يقول : ( ويرى الكثيرون من العلماء الثقاة الأثبات أن ما ورد في أحاديث خاصة بالمهدي ليست الا من وضع الباطنية والشيعة واضرابهم ، وانها لا تصح نسبتها الى الرسول ـ اللهم صل عليه ــ ) ، وآخر اشتط بعيدا جدا الى درجة أن قال : ( يرى بعض الباحثين أن كل ما ورد عن المهدي وعن الدجال من الاسرائيليات ) ، قلت : ولا أشك أن تحريف الحقائق ميراث يهودي ، فقد حرفوا من قبل التوراة والانجيل ، ولا أشك أن عبثوا هنا ، ولاكن ليس الى هاذا الحد الرهيب .

      (2)
      وبين من يذكر أن المهدي قد خرج فعلا ؛ وأنه :
      ( أ ) : اللذي ولي من بني العباس .. وخرجت معه الرايات السود .. في القرن الثاني الهجري ، وهو المهدي محمد ابن عبدالله المنصور ابن علي العباسي ، أبو عبدالله ، المهدي بالله ( 127 ــ 169 هـ ) : من خلفاء الدولة العباسية في العراق .. وولي بعد وفاة أبيه سنة 158 ـ وأقام في الخلافة عشر سنين .. .
      ( ب ) : أو أنه هو النفس الزكية : ( محمد ابن عبدالله ابن الحسن ابن الحسين ابن علي ابن ابي طالب ، أبو عبدالله ) الملقب بالمهدي .. اللهم ارحمه ، ( 93 ـــ 145 هـ ) ولد ونشأ بالمدينة المنورة .. وسماه اهل بيته بالمهدي ، وكان غزير العلم ، فيه شجاعة وحزم وسخاء .. خرج ثائرا من مخبأه في 250 رجلا وبايعه اهل المدينة المنورة بالخلافة .. ثم البصرة وفارس .. ومكة .. واليمن .. وكان الامامان مالك وابو حنيفة اللهم ارحمهما يريان امامته ، وأوذيا على ذالك ، وقيل ان الامام أبا حنيفة اللهم ارحمه بايعه فعلا ولهاذا فحواه الشرعي ، .. ثم قتل . وعرفه الصفدي في الوافي بالوفيات بالمهدي العلوي ، .. وأتبـاعـه لا يصـدّقـون بـموتـه ، ويزعــمـون أنـه في جــبـل " حـاجـر " من ناحية نـجـــد ، مقــيـم الى ان يؤمـر بالـخــروج !!! ..
      .. < اذن قد يكون هناك فرقة ضالة في نـجــد تؤمن بالغيبة .. ، ولم تظهر نفسها وانما تمارس التقية .. وتنتظر عودة خروج المهدي ( محمد ابن عبدالله ) من جبل حاجر في نجد تحت غطاء أنه خروج جديد ( مهدي جبل حاجر نجد ) ، مثلها تماما الفرقة الضالة من المنتسبين للشيعة في فارس اللتي تنتظر عودة خروج المهدي من سرداب سامراء ( مهدي سرداب سامراء العراق ) ؛ ولا زالوا ينتظرون < اذن هناك : شيعي نجدي مخفي ــ باطني ، وشيعي فارسي معلن ــ ظاهري ! > ، وحسبي الله سبحانه . وفي كــــل ذالـك أبـحـــث عن الـيـــهـود الملاعين ؛ أحقر وأخبث وأكفر وأنجس جنس بشري مخلوق على وجه الأرض . ولا زالوا يمارسون دورهم الشيطاني في المسخ والتجهيل والتضليل .. والى أن يشاء الله سبحانه وحتى يأتي أمره سبحانه بنزول رسوله المسيح الحقيقي عيسى ابن مريم اللهم صل عليه المعصوم اللذي يقضي عليهم كلهم أبدا ويقتلع شجرتهم الملعونه من كل الأرض ويشف صدور القوم المؤمنين بهم .. ثم انما هو قيام الساعة ، ومردهم الى يوم الدين ؛ حيث العقاب الأبدي > .
      .. ولما بويع ( محمد ابن عبدالله اللهم ارحمه ) وجاءته البيعة من جهات كثيرة ، قال في خطبة له بالمدينة المنورة : " أما انه لم يبق مصر من الامصار يعبد الله ــ سبحانه ــ فيه الا وقد أخذت لي فيه البيعة ، وما بقي أحد من شرق ولا غرب الا وقد أتتني بيعته " .
      .. وواضح انه من أحفاد علي ابن ابي طالب اللهم ارض عنه أي علوي فاطمي ، واجتمع فيه الاسم واللقب والكنية ( كما في رواية أنه : أبو عبدالله ) والنسب والتقوى حتى سمي بالنفس الزكية .. والحقيقة أن النصوص والآثار الواردة في هاذا الشأن تنطبق عليه وقد تحسم المسألة بخروجه .. وهو ما انتهيت اليه بذالك .
      ( ج ) : وقيل غير ذالك كثير : فلان من الأموات أو فلان من الأحياء ، ولو أحصيت من ادّعوا المهدية أو نسبت لهم عبر التاريخ الاسلامي لكانوا بالعشرات .. ومئات المحاولات .. وكل مضى بفتنته ومعه آلاف المفتونين والأموات .

      (3)
      ( مهدي نجــد ) و ( مهدي فــارس ) :

      ومن يدري ماذا بقي علينا في المستقبل : فان الشائع عند عامة الناس ــ وبخاصة الآن في نجد وفارس ــ انهم ما زالوا ينتظرون خروج المهدي من آل البيت ســــــواء بغيبة فجأة أو فجأة بدون غيبة ( فعنصر المباغتة دائما مطلوب سواء في الحالتين ، فسبحان الله ! ) ، من جماعة أهل السنة ، وأنه من ولد : الحسن ابن علي اللهم ارض عنه ، ومن جماعة الشيعة ، وأنه من ولد : الحسين ابن على اللهم ارض عنه ( كما اتضح بالفقرة ((2/أ )) أعلاه ) .
      .. واذا ثبت قطعا ــ كواقعة تاريخية حقيقية موثّقة ــ خروج المهدي العلوي الفاطمي محمد ابن عبدالله اللهم ارحمه ، وانه انتهى شأنه ولن يعود كما اتضح سابقا ؛ فلا فرق في المردود العملي التضليلي على آحاد الأمة من أن ينتظر الناس الآن خروجه ابتداء ــ عند عامة أهل السنة ــ أو خروجه كعودة ــ عند عامة أهل الشيعة ــ فعقدة وفتنة الانتظار بهاذا الشكل قائمة ؛ ومقتضياتها ومترتباتها الشرعية وتوابعها النفسية حاصلة لا ريب .. وأصبح كل طرف يزعم أنه على حق وصواب وغيره على باطل وضلال ! ، وأصبح علم الحقيقة التاريخي القطعي ضربا من الخيال !. وليس هاذا فحسب ، بل ان كل فرقة من أمة الاستجابة وهي بالملايين تضلل علنا وتخصيصا وباطّراد الفرقة الأخرى وهي بالملايين . ( ولا عبرة للأرقام ، ولاكن الشاهد تجسيم الفتنة ) .

      ولذالك فان المؤسسة السياسية … الذكية المنتسبة للسنة في نجــد اللتي التزمت الفقه الحنبلي بكل علمائه وتفاصيله وتبنّت ــ بغلواء علنا ورسميا ــ محبة آل الشيخ العالم المجدد ابن عبدالوهاب اللهم ارض عنه .. وجيّرته ووظفته ــ سياسيا بانتقاء وحدة ــ لمصلحتها تماما مع أبرياء السنة حتى أقنعت أتباعها أنهم هم اللذين على الحق والهدى السليم ومن عداهم قد يكون على باطل وضلال !! = يقابلها تماما المؤسسة السياسية … الذكية المنتسبة للشيعة في فارس اللتي التزمت الفقه الشيعي بكل علمائه وتفاصيله وتبنّت ــ بغلواء علنا ورسميا ــ محبة آل بيت الرسول اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله .. وجيّرته ووظفته ــ سياسيا بانتقاء وحدة ــ لمصلحتها تماما مع أبرياء الشيعة حتى أقنعت أتباعها أنهم هم اللذين على الحق والهدى السليم ومن عداهم قد يكون على باطل وضلال !! .
      .. وكان للمؤسسة اليهودية الماسونية العامة منذ أمد بعيد أن تشظف أمة الاسلام الى حزبين متحاربين كسنة وكشيعة ورغم ذالك فهما معا ينتظران رجلا واحدا ذا صفات متقاربة عندهما ، وكان الأجدر بهما الآن أن يتحدا على متطلبات العمل للمستقبل الواحد والامام الواحد اللذي ينتظران خروجه ابتداءا أو عودة . وهي هي نفسها المؤسسة القديمة الخبيثة اللتي شظفت أمة العرب الى حزبين متحاربين : يمنية وقيسية ، فلعنة الله سبحانه على الظالمين ، ولا زالت الأمة ممسوخة في عقلها وفهمها ومعلوماتها وحقائق كينونتها ، مفتونة في دينها ودنياها ، مهتوكة بين الأمم .. ولابد من تحرير وفتح العقول والأذهان قبل تحرير وفتح الأراضي والأبدان ..

      (4)
      أنه المسيح عيسى ابن مريم عليه السلام ، وهو المهدي على الحقيقة ؛ واحتج أصحاب هاذا بحديث الرسول اللهم صل عليه " .. ولا المهدي الا عيسى ابن مريم عليه السلام " .. قال العلامة ابن القيم اللهم ارحمه : ( .. فيصح أن يقال : لا مهدي في الحقيقة سوى عيسى عليه السلام ، وان كان غيره مهديا ؛ كما يقال : لا علم الا ما نفع .. ، وكما يصح أن يقال : انما المهدي عيسى ابن مريم عليه السلام ؛ يعني : المهدي الكامل المعصوم ) ومثل هاذا قاله كل من ابن كثير اللهم ارحمه : ( .. والمراد أن المهدي حق المهدية هو عيسى ابن مريم عليه السلام ولا ينفي ذالك أن يكون غيره مهديا أيضا .. ) ، والقرطبي اللهم ارحمه : ( .. أي لا مهدي كاملا معصوما الا عيسى عليه السلام .. ) ، والشوكاني اللهم ارحمه : ( .. أي لا مهدي كامل ولا شك أن عيسى عليه السلام أكمل من المهدي لأنه نبي الله سبحانه .. ) ..
      .. وأنا ـــ من قراءة مجموع النصوص والآثار الصالحة على اختلافها ــ في هاذا الباب ، على هاذا الرأي وعليه القناعة الشرعية اللتي أتعبد بها لله سبحانه ؛ ويشهد لذالك أنه اذا كان المهدي المقصود في آخر الزمان رجلا غير المسيح عيسى عليه السلام ويملأ الارض عدلا وبركة .. فما فحوى ومغزى ومعنى رفع رسول الله عيسى اللهم صل عليه الى السماء قبل حوالي ألفين سنة ثم نزوله الى الأرض عليه السلام على مهدي آخر مثله تماما في الرتبة والعصمة والمعجزات والبركات والصفات والخصائص والمهمات في نفس الزمن وضد نفس الاعداء ؟! ، الا اذا كانا في زمنين مختلفين وهو ما لم يقل به أحد من العلماء اطلاقا ولا يصح ـ لو كان ـ لمخالفته التامة لما في حكم العلم القطعي من نزول هاذا على هاذا ..
      .. ؛ ولذالك فاللذي عليه القناعة ان المهدي الممهد غير الكامل غبر المعصوم له دور استباقي ـ في الأرض ـ تمهيدي اعلامي وعملي ، ومهمة محدودة تبشيرية للمؤمنين وتنذيرية للكافرين لنـزول واستضافة المهدي الحقيقي الكامل المعصوم عيسى عليه السلام ـ من السماء ـ ذي الآيات والمعجزات والبينات .. ، وقد وضّحت ذالك أكثر في مشاركات سابقة أخرى .
      والحقيقة أن اللبس الحاصل في فقه أكثر الناس في هاذه المسألة يشبهه الى حد كبير ـ مع الجهة المقابلة تماما ـ اللبس الحاصل في أن المسيح الدجال يأتي بمعجزات احياء الموتى وابراء الاكمه والابرص وغيرها ثم يأتي في نفس الوقت المسيح الحقيقي عليه السلام ومعه نفس معجزات احياء الموتى وابراء الاكمه والابرص وغيرها وجها لوجه ! وهاذا غير سليم لأنه لا فحوى له حيث لا يصح شرعا وعقلا أن تكون معجزات الصادق على الحقيقة هي نفس معجزات الكاذب ، وان كان : فسبحان الله ! فأي فقه يكون هاذا ؟ ! ،
      .. أي ــ باختصار ــ : كيف يصح ( شرعا وعقلا ) أن يكون هناك مهديان متماثلان بنفس الوقت ونفس الدرجة ونفس البركة ونفس المعجزات ؟! ، ومثله : كيف يصح ( شرعا وعقلا ) أن يكون مع الدجال الحقيقي والمسيح الحقيقي في نفس الوقت نفس المعجزات على الحقيقة ، مثل احياء الموتى وابراء الابرص والاكمه ؟! ، أي : لا يصح ولايعقل ، لا هاذه ، ولا تلك ؛ ومن هنا ومن الآن أقول لكل الناس أنه اذا جاء من يحيي الموتى على الحقيقة ويبرىء الأكمه والأبرص ونحوها من المعجزات الثابتة في القرآن المجيد لرسول الله عيسى اللهم صل عليه فاقطعوا أنه المسيح الحقيقي عليه السلام واتبعوه مطمئنين ، وقد وضّحت ذالك أكثر في مشاركات سابقة أخرى .

      .. وللاقناع ، فان لفظ " المهدي " ورد في النصوص والآثار بمواقع ومعاني مختلفة على نحو :
      ــ قوله سبحانه : (( .. ومن عمل صالحا فلأنفسهم يـمـهــدون )) أي : يهيئون .
      ــ قوله عليه السلام : " عليكم بسنتي وسنتة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي " .
      ــ قوله عليه السلام : " .. ولا المهدي الا عيسى ابن مريم عليه السلام " .
      ــ قوله عليه السلام : " يخرج في آخر أمتي المهدي .. " .
      ــ قوله عليه السلام : " يخرج المهدي في أمتي … " .
      ــ قوله عليه السلام : " ان في أمتي المهدي " .
      ــ قوله عليه السلام : " يكون من أمتي المهدي … " .
      ــ قوله عليه السلام : " يكون في أمتي المهدي " .
      ــ قوله عليه السلام : " أبشركم بالمهدي يبعث في أمتي على اختلاف من الناس .. " . وهاذه الأحاديث الستة السابقة وغيرها كثير من الروايات عامة لم تخصص مهديا معينا لا من بني العباس ولا من آل البيت ولا القحطاني ولا المسيح عيسى عليه السلام ، وهي تتحدث عن " المهدي " كلقب وصفة ؛ وأغلب ما فيها أنها تقع على صفات مهدي آخر الزمان .
      ــ قوله عليه السلام : " ينزل عيسى ابن مريم عليه السلام فيقول أميرهم المهدي تعال صل بنا .. " .
      ــ قوله عليه السلام : " يوشك من عاش منكم أن يلقى عيسى ابن مريم عليه السلام امـامــا مـهــديـا وحكما عدلا .. " ؛ وفيه : ( يوشك ) للأمر القريب الوقوع ؛ حتى أنه عليه السلام يخاطب الصحابة مبشرهم باحتمال نزول المسيح عيسى عليه السلام في وقتهم . ولفظ ( مهديا ) هنا متكرر في أحاديث كثيرة من وجوه متعددة ، وكلها تعني أن كلمة الله عيسى عليه السلام انما هو مهدي آخر آخر الزمان الأكبر الحقيقي حيث الآيات والبينات والمعجزات .. ، ومنه : ( .. مسيح الهداية .. ) .
      ــ قوله عليه السلام : " المهدي مني .. " .
      ــ وعن عبدالله ابن عمرو ــ اللهم ارض عنه ــ قال " المهدي ينزل عليه عيسى ابن مريم عليه السلام ويصلي خلفه .. " .
      ــ وعن ابن سيرين اللهم ارحمه قال : " المهدي من هاذه الأمة وهو اللذي يؤم عيسى ابن مريم عليه السلام " .
      .. وغيرها كثير جدا .. ؛ وللجمع بين كل ذالك ، ومن خلال قراءة وتفقّه مجموع النصوص القرآنية والنبوية ( الأحاديث والروايات ) والآثار الصالحة حول العيسوية والمهدية والقحطانية ، ومن خلال قراءة واستيعاب وقائع وأحداث التاريخ المختلفة ذات الشأن ، ومن خلال قراءة وتفقه وتدبر أشراط وعلامات القيامة الصغرى والكبرى ، ومن خلال حصر أكثر ألفاظ ومعاني " المهدية " وادراكا واستيعابا للواقع المشهود بكل تفاصيله ، وتعبّدا لله سبحانه ؛ فان القناعة الشرعية عندي في شأن المهدية اللتي اختلفت عليها الأمة اختلافا كبيرا ولا تزال ، هي أنهم مهديون مختلفون ، لا مهدي واحد بذاته ، ويميز ويخصص ويدل على المهدي المعني في كل حديث أو رواية أو أثر : السياق العام والقرائن اللتي معه ، ومثلها عندي لفظ ومصطلح " امام " و " خليفة " ؛ وذالك على النحو التالي :

      أولا : ـــ ( مهدي عام ) :
      ويمكن تعريفه لتمييزه فقط ــ والا فهو تعريف غير جامع ولا مانع كما يقولون ــ بأنه : مهدي من أمة محمد عليه السلام أخذ بجماع منهج الاسلام الحق السليم بثوابته من القرآن المجيد والسنة الثابتة والآثار الصالحة مثل غيره الا أنه امتاز بخصوصية حركية مهدوية معينة فاعلة مؤثرة في مجال من المجالات الاسلامية في عصر ما .
      .. ومثاله حديث الرسول اللهم صل عليه عن الخلفاء المهديـين ، وهو : " عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديـين من بعدي … " ؛ فالخلفاء الأربعة : أبو بكر وعمر وعثمان وعلي اللهم ارض عنهم كلهم مهديون . ولذالك ألحق بهم بعض العلماء وشاع عند كل الأمة : عمر ابن عبدالعزيز اللهم ارض عنه ( 61 ــ 101 هـ ) رغم أنه لم يكن في عصرهم ، وفي ذالك يقول العلامة ابن القيم اللهم ارحمه : ( … وعمر ابن عبدالعزيز كان مهديا … وقد ذهب الامام أحمد … الى أن عمر ابن عبدالعزيز منهم < أي من الخلفاء المهديـين > … ) .
      .. ولعل من هاذا الباب في الوقت الحاضر ( المهدية العامة ) بعض ما يمكن تسميته ــ تجاوزا للمحاورة والتمييز ــ بالرؤوس الاسلامية الفاعلة في مجالها من حقيقة ممارسة انزال النصوص الشرعية ( المجردة ) على منازلها الواقعية السليمة في الحاكمية والتوحيد والجهاد والحديث والفقه والدعوة والنشاط السياسي الاسلامي ، وغير ذالك في اطار التمهيد الشرعي العملي العام لنـزول رسول الله عيسى ابن مريم اللهم صل عليه واقامة الخلافة النبوية الموعودة . ومن أمثلهم عندي الآن : الامام الأخ ( محمد ابن عبدالله المسعري ) ، وعلاّمة التوحيد الأخ ( أبو محمد المقدسي ) ، وأمير المجاهدين العلم الأخ ( أسامة ابن محمد ) ، والعالم المحقق ( المحدّث الفقيه ) الأخ ( سليمان العلوان ) ، والعالم السياسي الشرعي الأخ ( سلمان العودة ) اللهم آجرهم واحرسهم وانصرهم واشف صدورهم بالطواغيت الملاعين ، آمين . وغيرهم كثير ، وليس هاهنا تفصيله ، وقد أعود للحديث عن هاذه المسألة بتوضيح أكثر لاحقا ان شاء الله سبحانه .

      ثانيا : ـــ ( مهدي بني العباس ) :
      وقد خرج وانتهى زمانه ، وهو المهدي اللذي ولي من بني العباس كما ذكرت أعلاه .
      ودليله قوله عليه السلام : " اذا رأيتم الرايات السود قد أقبلت من خراسان ، فأتوها ولو حبوا على الثلج ؛ فان فيها خليفة الله المهدي " ، وقوله عليه السلام ، عن عبدالله ابن مسعود اللهم ارض عنه ، قال : بينما نحن عند رسول الله اللهم صل عليه ، اذ أقبل فتية من بني هاشم ، فلما رآهم النبي عليه السلام اغرورقت عيناه وتغير لونه ، فقلت : ما نزال نرى في وجهك شيئا نكرهه . قال عليه السلام : " انا أهل بيت ، اختار الله ـ سبحانه ـ لنا الآخرة على الدنيا ، وان أهل بيتي سيلقون بلاءا وتشريدا وتطريدا ، حتى يأتي قوم من أهل المشرق ومعهم رايات سود ، يسألون الحق فلا يعطونه ، فيقاتلون فينصرون فيعطون ما سألوا فلا يقبلونه حتى يدفعوها الى رجل من أهل بيتي ، فيملؤها قسطا كما كما ملئت جورا ، فمن أدرك ذالك منكم ؛ فليأتهم ولو حبوا على الثلج " .
      قال ابن القيم اللهم ارحمه : ( وهاذا واللذي قبله لو صح لم يكن فيه دليل على على أن المهدي اللذي تولى من بني العباس هو المهدي اللذي يخرج في آخر الزمان ، بل هو مهدي من جملة المهديـين … ) قلت : وهاذا صحيح . وقد يشهد له أنه حكم فعليا حوالي عشر سنوات ؛ وبعض روايات المهدية تشير الى ان المدة حوالي تسع سنوات .. وهي قريبة . وغيره من الأحاديث والروايات .
      ولعل الرايات السود اللتي خرجت معه هي اللتي أقبل بها أبو مسلم الخراساني فاستلب بها دولة بني أمية وأقام دولة بني العباس كما معروف تاريخيا ، ولعل ذالك مصداق قوله عليه السلام " يخرج من المشرق رايات سود لبني العـبـــاس … " في رواية .

      ثالثا : ـــ ( مهدي آل البيت الفاطمي ) :
      المهدي القرشي العلوي الفاطمي ، اللذي وردت روايات كثيرة ــ في غير البخاري ومسلم اللهم ارحمها ــ منسوبة للرسول اللهم صل عليه حوله ، ومنها حديث الرسول اللهم صل عليه : " لا تذهب أو لا تنقضي الدنيا حتى يملك العرب رجل من أهل بيتي يواطىء اسمه اسمي " وفي رواية : " يواطىء اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي " وقد حصل ؛ كما ذكرت آنفا : واسمه محمد ابن عبدالله وكنيته أبو عبدالله ، من ذرية علي وفاطمة اللهم ارض عنهما ، وفي نسبه أنه من ولد " الحسن " ومن ولد " الحسين " فسبحان الله ! فقد اجتمع به أيضا زمام اختلاف أهل السنة وأهل الشيعة ، فتنبه وتدبر ! .. وانه : قد خرج في القرن الثاني الهجري وملك العرب وبويع بالخلافة ، وهو الملقب بالنفس الزكية ، وتفصيل ذالك أعلاه ، وفي غيره في مظانه ، وانه قد انتهى شأنه بذالك .
      .. ومما في رواية قوله عليه السلام " لو لم يبق من الدنيا الا ليلة لملك رجل من أهل بيتي يواطىء اسمه اسمي " ، ورواية قوله عليه السلام " لو لم يبق من الدنيا الا يوم واحد … " دلالة تأكيدية على حتمية تملك أحد من أهل بيته عليه السلام ، ودلالة ــ وهاذا هو المهم هنا ــ على عدم اعتبار أو أهمية مدة تملكه وعدم التأكيد عليها سواء أكانت يوم أو كانت شهر أو سنوات ، وهاذا ما كانت عليه مدة ملك النفس الزكية اللهم ارحمه . وفي قوله عليه السلام " يملك " و " لملك " المتواترة ما يشير الى نوع ملكه وانه ليس له ارتباط بالخلافة النبوية الموعودة .
      ولعل مما يشهد لذالك رواية " المهدي مولده بالمدينة المنورة " ؛ فان المهدي الفاطمي ( النفس الزكية ) اللهم ارحمه انما ولد ونشأ بالمدينة المنورة كما هو ثابت ومذكور أعلاه .

      رابعا : ـــ ( مهدي عيسى عليه السلام ) :
      أي الممهد : الرجل الصالح المضيف لرسول الله عيسى اللهم صل عليه بعد نزوله عليه ، ولعله الرجل الجامع ( بما يشبه للتوضيح ما يسمونه اليوم : موقع ومركز الأمانة العامة ) ؛ اللذي يجتمع عــنـــــده وفي موقعه أخيار الأمة الصالحون اللين يفرون بدينهم ويجتمعون عــــــلـى رسول الله عيسى وبامامته اللهم صل عليه . وقد لا يكون لهاذا الرجل ولاية مستقلة ، وهومجتهد غير معصوم وان كان في أقصاه البشري المأجور ، وهو خير الناس أو من خير الناس كما في رواية ، ولعله " القحطاني " اللذي وردت بعض الآثار أنه يكون في زمن المسيح عيسى عليه السلام ؛ ولاكنه دون رتبة حقيقة المهدية ، ومنه قول العالم المحقق ابن حجر اللهم ارحمه : ( … فان ثبت ذالك فالقحطاني في زمن عيسى ابن مريم عليه السلام … واستشكل ذالك كيف يكون في زمن عيسى عليه السلام يسوق الناس والأمر انما هو لعيسى ـ عليه السلام ـ ؟ ويجاب بجواز أن يقيمه عيسى عليه السلام نائبا عنه في أمور مهمة عامة … ) .
      .. وليس معه أي معجزات أبدا الا أن الله سبحانه يكرمه بحفظه عن ايذاء طواغيت الحكام ورجالهم وجنودهم وعن ايذاء كل أعدائه له < رغم جرأته عليهم ومدافعته وقتاله لهم .. > ؛ وذالك لاقامة حجة العلم والبصيرة الشرعية ، والتمهيد الاعلامي والعملي الخاص المباشر لنـزول المسيح الحقيقي عيسى عليه السلام من السماء واستضافته ومناصرته عليه السلام على الأرض .. ، ومنه قوله عليه السلام : " … فيريد الدجال أن يقتله فلا يسلط عليه " ، وقوله عليه السلام " … فذهب < الدجال > ليذبحه < الرجل المؤمن > فلم يستطع ولم يسلط عليه … " ، وقوله عليه السلام " ان الدجال اذا خرج … فيكثر جنوده ومسالحه < أي أنهم كانوا قليلين ثم يزدادون شيئا فشيئا وهم العسكر والجيش والشرطة ونحوهم > … فيجيء رجل … أنت عدو الله الدجال … قال اني ذابحك قال وان ذبحتني قال فيريد ذبحه فلا يستطيع ذبحه فيقول من يحييه : ان كنت صادقا فلتذبحني فعند ذالك يــرتــاب جــنـــــوده < أي يرتاب ويشك جنود ورجال الدجال بأنه فعلا هو الدجال الحقيقي ؛ لعدم استطاعته ايذاء هاذا الرجل الصالح > وينزل عيسى ابن مريم عليه السلام … " ، ومثله غيره .
      .. ولعل منه قوله عليه السلام ضمن الحديث الطويل : " … وامامهم مـهــدي رجــل صــالح " ، فمن دلالته اللغوية الواضحة تماما أنه عليه السلام نكّره بأنه " مهدي " هاكذا في أصل روايته نكرة وغيرمعرف بالألف واللام ، وأنه بذالك مهدي من جملة المهديين ، ثم عرّف هاذا المهدي بأنه : رجل صالح ؛ فكلمة " رجل " نكــرة تدل على أنه غير معرف وغير معروف ؛ ويدل على ذالك وصفه بأنه " صالح " ، وتعريف المهدي نصّا هنا على أنه نكرة موصوفة يدل قطعا على أن المهدي هاذا ليس من آل البيت نسبا ؛ والا لقيل مثلا : < وامامهم المهدي رجل من آل بيتي ، أو من عترتي ، أو نحوه > وهاذا واضح لمن له دراية بأساليب اللغة والبلاغة العربية ومتجرد من الخلفيات الذهنية المضللة .
      .. ويشهد له روايات أخرى كثيرة :
      ــ مثل : " يسلط الدجال على رجـــــل من المسلمين …. والرجــل ينادي يا أهل الاسلام : بل هو عدو الله الكافر الخبيث … " ، وفيه : أن الدجال يتظاهر بالاسلام ، وأن الناس أيضا يعتبرونه مسلما ، والا فلم يحاول هاذا الرجل تصحيح مفاهيم الناس لو كان الدجال مظهرا للكفر الأصلي أو كان الناس يكفّرونه أصلا ؟! ؛ وكما يفهم من صياغة ( بل ) المضادة في أساليب لغة العرب وبلاغتهم . وكلمة ( ينادي ) تعني الاستمرار ، والسياق كله ــ مع مجمل الأحاديث الأخرى ــ يوحي بعدم قناعة الناس بدعوى هاذا الرجل المؤمن حتى يأتي أمر الله سبحانه بنـزول رسوله عيسى اللهم صل عليه .
      ــ ومثل : " … فيخرج اليه ـ الى الدجال ـ يومئذ رجــــل هو خير الناس أو من خير الناس فيقول له : أشهد أنك الدجال اللذي حدثنا رسول الله اللهم صل عليه حديثه … < وفيه أن غير هاذا الرجل قد لا يشهد ذالك ! > ... فيريد الدجال أن يقتله فلا يسلط عليه " . ويبدو من قراءة مجموع الأحاديث والروايات المختلفة أن خروج هاذا الرجل الصالح ضد الدجال في بادىء الأمر ليس خروج قوة وتحدي ، وانما هو خروج معرفة واكتشاف حقيقة الدجال من دون الناس كلهم بفضل الله سبحانه .. وأنه الوحيد اللذي يعلن ذالك ويفضح أمره للناس .. كما يفهم من تكرار قصة هاذا الرجل الصالح مع الدجال أنه لو كان الدجال معروفا عند عامة المسلمين وجمهورهم لما كان لخروج هاذا الرجل الصالح اللذي يكشف الدجال ويفضحه للناس أي معنى أو فحوى ، وهاذا قطعا محال .
      ــ ومثل : " يخرج الدجال فيتوجه قبله < أي ضده > رجـــل من المؤمنين فتلقاه المســالح ، مســالح الدجال < أي مراكز ودوريات الشرطة والمباحث ونحوها .. > … فقال رسول الله اللهم صل عليه : " هاذا ـ يعني الرجل الصالح ـ أعظم الناس شهادة عند رب العالمين ـ سبحانه " .
      ــ ومثل : " … فيقول رجل من المؤمنين لأصحابه … فأبى عليهم الرجل المؤمن … فانطلق يمشي حتى أتى مسلحة من مسالحه < مثل دورية شرطة ومباحث > فأخذوه فسألوه ما شأنك وما تريد ؟! قال لهم : أريد الدجال الكذاب . قالوا : انك تقول ذالك < الاستنكار لتعجبهم من جرأته وعدم قناعتهم بما يقول ! > قال نعم ، فأرسلوا الى الدجال < بمركزه ، وهاذ يعني أنهما في موقعين أو بلدين مختلفين .. وفيه : أن الدجال لا يمارس كل أموره بنفسه ولاكن له دولة ورجال مبثوثون في كل بلاده .. > : انا قد أخذنا < اعتقلنا > من يقول كذا وكذا ، فنقتله < أي هل نقتله ؟ > أو نرسله اليك ؟ < فمقولة هاذا الصالح في فهمهم التلقائي تستحق القتل > قال أرسلوه اليّ < وفيه أن للدجال مركز دائم مستقر فيه .. وأنه في مكان غير المكان اللذي يكون فيه هاذا الرجل الصالح .. > … فقال له المؤمن : والله لا أطيعك أبدا … فذهب ليذبحه فلم يستطع ولم يسلط عليه … فذالك الرجل أقرب أمتي مني درجة " ــ = وكان الصحابة يحسبونه ــ أي هاذا الرجل المؤمن ــ عمر ابن الخطاب اللهم ارض عنه حتى سلك عمر سبيله = !!!
      < رغم أن عمر اللهم ارض عنه لم يقتل قتلا حقيقيا دمويا في قصته مع ابن صياد ، ولم يبعث في وقته بعثا حقيقيا دمويا من قبل ابن صياد ، وهاذا يعني أن فهمهم لقتل الدجال للرجل المؤمن واحياءه من جديد ليس هو القتل والاحياء الحقيقي ؛ وهاذا مهم جدا هنا ، فتنبّه وتدبّر ! ، وقد وضّحت ذالك أكثر في مشاركة سابقة أخرى > . وغير ذالك كثير من الروايات والدلالات .

      ولعل منه قوله عليه السلام في رواية : " المهدي منا أهل البيت ؛ رجل من أمتي … " وفيه : أنه عليه السلام سمّى رجلا غير معروف من عامة أمته ب " المهدي " ، وأنه من أهل ولايته عليه السلام كقوله عليه السلام عن ( سلمان الفارسي ) اللهم ارض عنه : " سلمان منا أهل البيت " ، وسيأتي معناها .

      .. ولذالك تأول بعض العلماء ــ مخطئا عندي ، مأجورا ان شاء الله سبحانه ــ قوله عليه السلام " لا المهدي الا عيسى ابن مريم عليه السلام " بأنه على حذف مضاف ، أي : الا مهدي عيسى عليه السلام ، أي : اللذي يجيء في زمن عيسى عليه السلام .. ، وليس الأمر كذالك ؛ فهو ليس مهديا على الحقيقة كما هو شأن رسول الله اللهم صل عليه ولاكنه ممهد حقيقي له عليه السلام ، والا فلا فحوى شرعية أو عقلية بوجود مهديين بذات الصفات والمعجزات وذات الرتبة وذات الزمن ، كما ذكرت سابقا .
      ــ ولعل منه الأثر المروي عن عبدالله ابن عمرو اللهم ارض عنه مما له حكم الرفع لأنه مما لا اجتهاد في مثله : " المهدي ينـزل عليه عيسى ابن مريم ـ عليه السلام ـ ويصلي خلفه … " . ومثله ما روي عن ابن سيرين اللهم ارحمه : < المهدي من هاذه الأمة وهو اللذي يؤم عيسى ابن مريم عليه السلام > . وله شواهد كثيرة من روايات أخرى .
      ــ ولعل منه قوله عليه السلام : " ينزل عيسى ابن مريم عليه السلام فيقول أميرهم المهدي : تعال صل بنا فيقول : لا ؛ ان بعضهم أمير بعض تكرمة الله سبحانه لهاذه الأمة " ولعلها بمعنى سواسية والفرق في المهمات .

      ــ ولعل منه بعض الآثار ـ رغم غرابتها ـ من مثل ما نقله العالم أبو عمر الداني اللهم ارحمه في " سننه " ــ ولم أطلع عليها ــ من أنه : ( انما سمي المهدي لأنه يهدي الى جبل من جبال الشام … ) ، ولعل هاذا الجبل هو ( جبل المنارة البيضاء ) . ونحوه في غيره : ( انما سمي المهدي لأنه يهدي الى أمر خفي ) ! ولعله هاذا الأمر كشف الدجال وفضحه واعلانه للناس رغم خفائه على الناس ، أو غير ذالك مثله ! .

      وأخيرا ، فلعل هاذا الرجل الممهد من القبيلة القحطانية اللتي ذكرها النبي الخاتم عليه السلام وخصها بذكر طيب لم يقله بحق أي قبيلة أخرى ولم يمتدحها به حتى قريش ذاتها ، حيث يقول عليه السلام : " أكثر القبائل في الجنة مذحج " وهو ثناء ديني ( أخروي ) لا دنيوي لخصوصية صلاح فيها أو نحوه ، والله سبحانه أعلم .

      خامسا : ـــ ( مهدي آخر الزمان الأكبر ) :
      المهدي الحقيقي ، الكامل المعصوم ، الامام المقسط ، ذو البينات والمعجزات والآيات : عبدالله ونبيه ورسوله وآيته وكلمته وروح منه ؛ المسيح عيسى ابن مريم البتول اللهم صل وسلم عليه .
      قال العالم الشوكاني اللهم ارحمه : ( .. وأما حديث " … ولا المهدي الا عيسى ابن مريم عليه السلام " فيمكن أن يفال في تأويله : لا مهدي كامل ، ولا شك أن عيسى ــ عليه السلام ــ أكمل من المهدي ؛ لأنه بني الله ــ عليه السلام ــ ، وهــاذا الـتـأويـل مـتـحـتّـم … ) . وللفظة " المهدي " هنا شواهد لفظية مثلها نصّت على مهدية المسيح عيسى عليه السلام ذكرنها آنفا عند عرض بعض ألفاظ " المهدي " ، وغيرها ..
      وقال العلامة ابن القيم اللهم ارحمه : ( … فالمهدي في جانب الخير والرشد كالدجال في جانب الشر والضلال ، وكما أن بين يدي الدجال الأكبر … دجالين كذابين ؛ فكذالك بين يدي المهدي الأكبر مهديون راشدون ) ، قلت : وهاذا صحيح ؛ الا أن " المهدي الأكبر عندي انما هو مسيح الهداية عيسى عليه السلام لا غيره ؛ لأنه هو نفسه عليه السلام اللذي ــ كما هو ثابت بنصوص قطعية عند كل العلماء والأمة ــ سيقابل ويقاتل ويقضي على مسيح الضلالة الدجال الأكبر وعلى أركان فتنته وحكومته الدجلية الى الأبد بأذن الله الواحد القهار سبحانه ؛ فهما الرأسان المتضادان في الحق والخير والباطل والشر بصورة أساسية دون غيرهما ، فتنبه وتدبر ! .
      .. وفي تعريفه عليه السلام للمهدي بالألف واللام ــ كما في أصل الحديث ــ في قوله عليه السلام " … ولا الـمهدي الا .. " فائدة عزيزة وبديعة تماما تجاهلها أو تغافل عنها ــ عن حسن نية ــ كل من تناول هاذه المسألة بالتحقيق ، وهي : أن وجود النفي ب" لا " لمعرف بالالف واللام " المهدي " ثم الأستثناء ب " الا " تعني قطعا الكلام عن مهدي معروف للمتكلم وللمخاطب ؛ أي المهدي الممدوح الموعود بوجوده في آخر الزمان ، المعروف ، المعني بأحاديثه عليه السلام .. وكأنه جواب على سؤال : من هو المهدي ؟ ! . وهاذا مهم جدا : فالمهدي المنعوت المقصود اللذي عليه أكثر النصوص والروايات والآثار الصالحة ــ غير المقيدة بقرينة مختلفة ــ الواردة في " المهدية " في آخر الزمان انما هو حتما وقطعا مســـــيح الـهـــدايـة عيسى ابن مريم عليه السلام ، فتنبه وتدبر ! . وهو اللذي ــ عليه السلام ــ يجدد أمر الاسلام كما بدأ بفقهه وعلمه المعصوم القطعي لمعاني ومقاصد كل النصوص القرآنية والنبوية .. ويحسم ويبين الحق الصافي السليم الملزم في كل ما اختلف عليه علماء الأمة وفصاؤلها الكثيرة ، وتتوحد عليه كلمة الحق والجهاد والأمة في آخر الزمان رغم اختلافها الكبير ، بعز عزيز أو بذل ذليل ، وهو وأصحابه عليه السلام اللذي يفتح روما بالتسبيح والتكبير . ونزوله من السماء بمعجزاته عليه السلام من العقائد القطعية عند المسلمين اللتي يكفر منكرها .
      .. ولذالك ، فان أحقر الأجناس البشرية على الأرض منذ أن ذرأ الله سبحانه الأرض وحتى اليوم ؛ شجرة اليهود الملعونة في القرآن الى يوم الدين ، ومن خلال أحبارهم ورهبانهم ورؤوسهم ونحوهم ، أعرف لحقيقة النبؤات الاسلامية في التوراة والانجيل والقرآن المجيد والسنة الثابتة الخاتمة ، واللتي عملوا على محاولة اخفائها عن العامة أو تحريفها ما أمكنهم ذالك ، هاؤلاء الأنجاس كانوا يتوقعون نزول المسيح الحقيقي رسول الله عيسى اللهم صل عليه في 1/1/2000 ، ولذالك ـ ومن خلال علوّهم وتمكّنهم الشامل ـ افتعلوا ـ كما تذكرون ـ حملة التعبئة الاعلامية والنفسية الملحة لما كانوا يسمونه ب" أ زمـة الألـفـيّـة " وربطها بالأصفار الاليكترونية ، وما صاحب ذالك من تهيئة عامة في كل الأرض لانقطاع الكهرباء والاتصالات والطيران والعودة للتدفئة الخشبية وتخزين الغذاء .. الخ " الضجة المفتعلة " لصرف الناس عن حقيقة ما كانوا يتوقعونه ولاكنهم يجحدونه .. وخسئوا ، ويجب ألا ننسى .. ولله سبحانه المكر جميعا ويأتيهم من حيث لا يحتسبون .
      .. ولأن كل ما يجري في الأرض الآن ، وبخاصة ما يرتبط منه بالصحوة الاسلامية المباركة انما هو تمهيد اعلامي وعملي شامل لهاذا الحدث العظيم في حياة الأمة ، والبشرية كلها : نزول مسيح الهداية عليه السلام من السماء الى الأرض .. فلذالك ؛ فان استنفار شيطانة القوة الكبرى ( أمريكيا اليهودية ) ضد العراق الأبي وضد الأمة المكلومة كلها هو في هاذا الاطار ؛ انهم يمهّدون الارض والناس من جهتهم ــ ما أمكنهم ــ لمحاربة رسول الله المسيح عيسى اللهم صل عليه .. واضفاء القابلية النفسية ابتداءا على ذالك ، ولاكن ، كما قال سبحانه : (( وحيل بينهم وبين ما يشتهون كما فعل بأشياعهم من قبل .. )) .
      ……………………
      ملاحق توضيحية مختصرة :

      ــ لم يرد في البخاري ومسلم اللهم ارحمهما اطلاقا أي حديث عن ( مهدي آل البيت ) ولا عن اسمه واسم أبيه أو أي من صفاته الأخرى ؛ وقد اتفق أغلب علماء جماعة أهل السنة على ثيوت ما جاء في جامع البخاري الصحيح وجامع مسلم الصحيح من أحاديث .. ولذالك كان عدم ايرادهما لأي رواية حول مسألة " المهدي القرشي " رغم خطورتها على كينونة الأمة عبر التاريخ .. وانشغال الناس بها منذ أمد بعيد ولا زالوا .. ووقوع كثير من الفتن بشأنها .. ورغم انتظار الناس من موت الرسول النبي الخاتم اللهم صل وسلم عليه الى اللحظة هاذه من زماننا ، أثره على فقه وقناعات بعض العلماء المنكرين للمهدية كلها أصلا أو تأويلا ..

      ــ لم يرد أي نص نبوي سليم ( أي : ثابت صحيح ) اطلاقا بلفظ ( المنتظر ) أو ( المهدي المنتظر ) وانما ورد مفردا لوحده ( المهدي ) وقد تكون الزيادة من اجتهادات وأخطاء العلماء وغيرهم من الناس < وكما في كل مرة : أبحث عن اليهود الملاعين أو غيرهم من المنتفعين .. > ، ولا عبرة شرعية لها ولا فائدة منها .. بل بالعكس كان مردودها الشرعي والنفسي العملي على الأمة سيئا مقيتا حيث كما يقال < كبّر أكثر الناس وساءدهم وناموا ينتظرون .. ! > . والحقيقة أن هاذه من أخطر ما في مسألة < المهدية > وما يثار حولها من شبهة " الاسرائيليات " المعروفة عند أهل العلم والفقه والحديث :
      فالثابت قطعا أنه لا يوجد أي نص شرعي قرآني أو نبوي يأمر المسلمين (1) بالأنتظار حتى يخرج ( المهدي المنتظر ) ، أو (2) بالأنتظار وقبول المكفرات والمعاصي والمنكرات وعدم محاربتها .. ، ولا يصح ذالك ــ لا شرعا ولا عقلا ــ حتى في حق " المهدي " نفسه كائنا من كان : فالنصوص الشرعية المقطوع بثبوتها ودلالتها كلها على عكس ذالك : أي على الأمر بتعريف المعروف وانكار المنكر ــ عــلى الـفــور ــ بأقصى جهد واجتهاد .. فسبحان الله ! ما أكثر الفتن على الأمة : متنوعة ؛ مترادفة ، جمّة ! .
      ولقد أمرنا بالقتال في سبيله سبحانه ، وطلب الشهادة في سبيله سبحانه لاقامة الحق بين الناس ــ لا لذات الشهادة والموت فحسب كما هو الفهم المغلوط ــ حتى ولو عند سلطان جائر ، وفي عقر داره ، فكيف بالحال لو كان هاذا السلطان كافرا كما هي الحال في كل حكام الأرض اليوم دون استثناء ؟! .
      .. وكرد فعل على ما هو معروف ــ وبخاصة عند علماء الحديث ــ من تأثير العصبيات العلوية والعباسية والفارسية الشيعية ودخول " الاسرائيليات " في بعض الروايات المنسوبة للرسول اللهم صل عليه ، فقد قال أحد العلماء : ( … وأن اليهود والفرس روجوا لهاذه الروايات بقصد تخدير المسلمين حتى يتكلوا على ظهور المهدي … ) قلت : وروج لبعضها بعض من ينتسبون الى جماعة السنة ــ ادعاءا ودجلا ــ من المنتفعين سابقا وحاضرا .
      ولعل أجود ما قرأت عن مسألة " الأنتظار " هاذه ما كتبه العالم الناشط الأخ ( سلمان العوده ــ اللهم احرسه وآجره ) بعنوان ( الأنتظار : عقدة أم عقيدة ؟ ) ، وأنصح بقرائته .

      ــ بقراءة مجموع الأحاديث المروية في شأن المهدي لا تجد حديثا واحدا مانعا ( للخارج ) جامعا ( للداخل ) لكل علامات وصفات المهدي مثل موقع خروجه ومبايعته واسمه ونسبه ووقته وزمنه ودوره الخ ، ولاكن العلماء فعلوا مجتهدين وجمعوها في شخص واحد ، ولم يحققوا بعض المسائل المهمة المرتبط بمسألة المهدية مثل القحطانية ومثل العيسوية والخلافة النبوية .. مما ترك الأمر غير محسوم ويبدوفيه التجاهل أو التغاير أو التعارض فيما بين عناصره المترابطة . ولمحاولة معرفة الحقيقة الشرعية العلمية السليمة لابد من شمولية تناول الموضوعات في مقدماتها ونتائجها الحتمية حتى لا نقع في مغبة تعمد تجاوز النصوص الشاملة واستغفال العقول الكاملة وتسلط الأهواء الظالمة .. ومن ثم المشاركة الفعلية في عملية المسخ والتجهيل والتضليل وان كانت ــ في أحسن أحوالها ــ بغير قصد ونية ..
      .. وعند التدبر يتضح أن أكثر ما في أحاديث وروايات وآثار المهدي من صفات وكرامات ومعجزات انما هي من خصائص رسول الله عيسى عليه السلام وزمنه رغم عدم تسميته بها هنا نصا ؛ بينما هي ثابتة له عليه السلام بنصوص أخرى قطعية .
      .. ومثاله رواية قوله عليه السلام : " يخرج المهدي حكما عدلا ، فيكسر الصليب ويقتل الخنزير … " فهاذه مقطوع بنصوص أخرى بثبوتها ودلالتها للمسيح عيسى عليه السلام . ومثله الأثر المروي عن علي ابن أبي طالب اللهم ارض عنه ( يلي المهدي أمر الناس ثلاثين أو أربعين سنة ) والأثر المروي عن أرطأة ( يبقى المهدي أربعين عاما ) ؛ فالتداخل واضح تماما في أكثر المرويات ..
      .. قال عليه السلام : " يخرج المهدي على رأسه عمامة ، فيها ملك ينادي : هاذا المهدي خليفة الله فاتبعوه " .

      ــ الغريب الشائع عند أكثر من تناول مسائل أشراط الساعة الكبرى هو التركيز على عنصر المباغتة والفجائية : فالمهدي ـ من كان ـ يخرج بغتة ، والقحطاني يخرج بغتة ، والدجال يخرج بغتة ، ودابة الأرض تخرج بغتة ، والمسيح عيسى عليه السلام ينزل بغتة ، وكل شيء يقع بغتة ، فسبحان الله ، وحري بهم أن يسمونها أشراط " البغتة " ! . وليس هناك أي مستند شرعي لعنصر المباغتة هاذا ، بل العكس هو الصحيح حيث أن هناك سننا كونية وشرعية .. وعلامات وأشراط .. لكل شيء يقع الاما اقتضت حكمته فيه سبحانه غير ذالك .. والا ما ثبت قطعا به النص ، وهو خاصة في وجبة وتوقيت " القيامة الكبرى " في قوله سبحانه (( يسألونك عن الساعة أيان مرساها قل انما علمها عند ربي لا يجليها لوقتها الا هو ثقلت في السماوات والأرض لا تأتيكم الا بغتة … )) ، فوجبة ورسو وجلاء " الساعة " لا يكون الا بغتة ، الا أنها رغم ذالك لها علامات وأشراط اما لقربها واما لحصولها ؛ وانها منذ بعثة خاتم الأنبياء عليه السلام ـ وقد كانت أول الأشراط ــ وهي قد ( ثقلت ) وقربت .. وحتى بعثة الرسول اللهم صل عليه كان لها من الدلائل والعلامات ما جعل الناس يتوقعونه عليه السلام في وقته وبدون بغتة ، والأمر نفسه صحيح في بقية أشراط الساعة ..

      ــ " الـمـنـّـيـّـة " الواردة في أحاديث خاتم الأنبياء عليه السلام في مثل قوله عليه السلام : " .. ومن خرج على أمتي يضرب برها وفاجرها .. فليس مني ولست منه " ، وقوله عليه السلام لـلأنصار : " .. أنا منكم وأنتم مني .. " ، وقوله عليه السلام :" منا اللذي عيسى ابن مريم عليه السلام خلفه .. " ، وقوله عليه السلام : " المهدي مني " ، وقوله عليه السلام : " سلمان منا أهل البيت .. " ، وقوله عليه السلام : " المهدي منا أهل البيت يصلحه الله ــ سبحانه ــ في ليلة واحدة " ــ وللعلم : فهي ليست ليلة اصلاح هداية ؛ بحيث أنه يكون كافرا ضالا قبلها فيؤمن ويهتدي فيها ؛ ولاكنها ليلة اصلاح ولاية واستخلاف ــ ، ولم يقل عليه السلام " المهدي منا آل البيت ... " ، ولعل الرواية الأخرى لهاذا الحديث توضح المقصود تماما ، حيث يقول عليه السلام : " المهدي منا أهل البيت ؛ رجل من أمتي ... " ، وقوله عليه السلام : " انها ستكون عليكم امراء فمن أعانهم على ظلمهم … فليس مني ولست منه … ، ومن لم يعنهم على ظلمهم … فهو مني وأنا منه … " ..
      .. معناها كلها : أي انه على منهاجي وطريقتي وشريعتي وسنتي وذمتي وملتي وأمتي وديني ، وعلى مثل ما أنا عليه وأصحابي ، ومن أهل ولايتي ومحبتي ونصرتي وطاعتي ، ولم يقصد عليه السلام أنه من آل بيته نسبا ورحما وعرقا وقربى .. والعكس بالعكس . ولهاذا أدلة وشواهد كثيرة جدا من القرآن المجيد والسنة الثابتة ؛ ذكرت بعضها وفصّلت الرأي فيه في مشاركة سابقة حول هاذا الموضوع نفسه .
      .. ومن أوضح ما يشهد لهاذا المعنى : قوله عليه السلام : " المهدي منا أهل البيت ؛ رجل من أمتي … " ، فقد نص به على أنه لا يقصد من خاصة آل بيته عليه السلام ولاكنه من عامة أمته عليه السلام ، وقوله عليه السلام : " … ثم فتنة السراء ، دخنها من تحت قدمي رجل من أهل بيتي ، يزعم أنه مني وليس مني ، وانما أوليائي المتقون … " فقد تبين معناها في هاذا الحديث أوضح تبيان ؛ وأن " الـمـنـّـيـّـة " المقصودة انما هي ولاية التقوى والصراط المستقيم ، لا " منـّـيّـة " النسب حتى ولو كان من أهل البيت ذاتهم فلا عبرة لذالك .
      ــ ومثله ما هو شائع عن دعوى الاجماع على شرط " القرشية " في الخلافة والامامة ، فبالاضافة الى أن العالم المحقق ابن حجر العسقلاني اللهم ارحمه كان ينكر الاجماع على ذالك ؛ فهو بكل بساطة واختصار مردود ومنقوض بحديث " القحطاني " الثابت ، وبالنصوص الثابتة الصريحة اللتي تقطع بأن آخر من يحكم الأرض بالملة الاسلامية الصافية انما هو المسيح عيسى ابن مريم عليه السلام ، وهو ليس بقرشي كما هو معروف قطعا . وهو تفصيل ليس هاهنا مقامه .

      ــ ومن أهم ما يشهد لحديث " ولا المهدي الا عيسى ابن مريم عليه السلام " وأنه مهدي آخر الزمان الحقيقي اللذي تجتمع عليه الأمة ، حديث الغرباء في احدى رواياته ــ وهي عندي كلها بعد التدبر روايات سليمة ثابتة متوافقة متناسقة تشهد لبعضها ــ ، يقول النبي الخاتم عليه السلام : " بدأ الاسلام غريبا وسيعود غريبا كما بدأ فطوبى للغرباء ، قيل ومن الغرباء يا رسول الله ؟ قال : " الـفـرّارون بدينهم يجتمعون الى عيسى ابن مريم عليه السلام < قبل > يوم القيامة " .
      .. والواقع المشهود اليوم يدل على ذالك ويحتّمه عند من له أدنى يصيرة ، وباختصار : في اطار الصحوة الاسلامية المباركة الشاملة المنتشرة في كل الأرض واللتي ينقصها الآن الامام العام ، هناك ــ بفضل الله سبحانه ــ ما أستطيع تسميته ــ لتستقيم المحاورة ــ ( رؤوس اسلامية ) لها أتباع وأنصار يكون لبعضها تميز في مجال معين ما مثل علم التوحيد وعمل الجهاد وغيرهما .. وفي كل أقطار الأرض تقريبا ، وكل منهم قد يرى في نفسه ــ تعبدا لله سبحانه وأداءا للأمانة ــ أهلية الامامة دون غيره ، وبالتالي قد يصعب عليه ــ متأولا ــ مبايعة أحد الرؤوس الأخرى المماثلة .. وباستيعاب الواقع بكل تفاصيله فان نزول رسول الله عيسى اللهم صل عليه واجتماع هاذه الرؤوس بأتباعهم وأنصارهم عليه ومبايعته ومناصرته عليه السلام لتوحيد كلمة الحق والجهاد والأمة عليه وتجديد أمر الاسلام الصافي يكون رحمة وحكمة بالغة من الله الرحيم الحكيم سبحانه .

      ــ استمرأ الظالمون من الدجال الأكبر وعلماؤه المضللون منذ أمد بعيد مســــخ العقول البريئة المنتسبة للاسلام العظيم ، وحرّفوا معاني النصوص الشرعية ، وعطّلوا مقاصدها الحقيقية ، ونقضوا جديتها العملية : أي بدّلوا الدين الحق ، بدين له نفس الاسم ونفس الرسم ، ولاكنه ليس هو ؛ والا فان منافقي الصحابة الباطنيـين زمن الرسول اللهم صل عليه كانوا يظهرون الشعائر : كلمة الشهادة والصلاة والصيام والزكاة والحج والجهاد ، ثم ماذا ؟ هم أسفل أهل النار .
      ثم ماذا ؟ لم يكتف الدجال الحقيقي وأحباره ورهبانه وعلماؤه واعلاميوه المضللون بما فعلوه قي الماضي أو الحاضر ، ولاكنهم ســــــابقوا المستقبل وعمدوا الى تشويه حقائق النبؤات وتسمية الأشياء بغير أسمائها الصحيحة . وباختصار : أصبح المسيح الحقيقي عيسى ابن مريم عليه السلام اللذي سينزل من السماء الى الأرض بالآيات والبينات وبمعجزات احياء الموتى وابراء الأكمه والأبرص ، هو المسيح الدجال ! سبحانك اللهم ربي هاذا بهتان عظيم . وأصبح المهدي محمد ابن عبدالله اللهم ارحمه اللذي خرج وانتهى شأنه وزمنه ، سيعود بعد غيبته من حاجر النجدية أو سامراء العراقية أو يخرج من جديد وكأنه لم يكن اذّاك ! فلا فرق بينهما قطعا ، وانتظري ــ وانخنعي نفسيا في سويداء قلبك ، واقعدي ــ يا أمة المنتظرين ! .
      ولذالك ، ومن شدة عملية المسخ المكينة القديمة المتواصلة وقع اللبس والخلط حتى على بعض الخاصة من العلماء والأمة : فهاذا العالم المجاهد ( جهيمان العتيبي ــ اللهم ارحمه ) يذكر من جهة في كتابه ( الرسائل السبعة ) الأحاديث المروية في المهدي وأنه من قريش من ولد فاطمة اللهم ارض عنها ، ولم يدرك ـ من جانب ـ حقيقة المعلومة التاريخية الثابتة أن هاذا قد خرج ، ومن جهة أخرى يذكر أنه كان متوقفا في أمر " القحطاني " الوارد في الأحاديث لعدم تبين شيء له حول ذالك . ومن جهة ثالثة عملية فانه اللهم آجره وارحمه قد خرج فعلا ــ كما هو ثابت ومعروف ــ مبايعا ( محمد ابن عبدالله القحطاني ــ اللهم ارحمه ) على أنه هو " المهدي " المنتظر . وكأنه أراد أن يجمع بين النصوص المعنية ، عمليا بما فعل : أي يجمع بين الاسم والقحطانية ! ، أسأل الله سبحانه أن يؤجره بحسن نيته وأن يتقبله في الشهداء . ولنفس الأمر فان اللذين ادعوا " المهدية " في الأمة بالعشرات ، كلها فتن تترى ..
      ومن آخر خبث الدجاجلة وتوقعاتهم الشيطانية ومؤثراتهم النفسية واستغفالهم للأمة الممسوخة المفتونة اللجوء الى " المنامات " فبركة وتعبيرا في كثير منها ، ومن ثم توجيه مسار الأحداث المستقبلية في عقول الناس وتخديرهم وشل حركتهم ما أمكن وتشتيت أذهانهم وصرفهم باستباق الحقائق المتوقعة ال افتعالى وقائع مصطنعة . قال سبحانه : (( ولا يحسبن اللذين كفروا سبقوا انهم لا يعجزون )) .

      ــ ومثله وان كان بصورة أخرى : فان المتنفذين المضللين في كيان الدجال الطاغي يعلمون تماما أن " السفياني " الوارد في الأحاديث قد خرج فعلا وانتهى شأنه في القرت الثاني الهجري كما هو ثابت ، ولاكنهم لمآرب تضليلية سياسية خبيثة ومصلحية دنيوية دنيئة لا زالوا يطرحون اسمه وموضوعه في المنتديات الانترنيتية من خلال الروايات المختلفة وعلى أنه " فلان " رغم توضيحي لذالك مرارا في مشاركة " حقيقة السفياني " في أكثر المنتديات ؛ فشأنهم أقوى وأمكن تأثيرا .. وآخره : صياغة المنامات حوله ! .

      ــ قال صاحب كتاب ( أشراط الساعة ـ يوسف الوابل ـ آجره الله سبحانه ) : ( … ثم ان المهدي الحقيقي < مع اختلافي عنه في تعيينه > لا يحتاج الىأن يدعو له أحد بل يظهره الله سبحانه للناس اذا شاء ويعرفونه بعلامات تدل عليه … ) ، وهاذا حق ، ولا بد أن الحقيقة تظهر ؛ واذا كان في حكمة الله وعلمه وأمره سبحانه أن أمرا أو شيئا هو الحق أو هو الشيء الحقيقي ، فمهما غابت الحقيقة عن الناس نتيجة ضلال أو تضليل أو دجل وتدجيل أو غيره ، الا وتظهر كما هي مكتوبة في علم الله سبحانه في اللوح المحفوظ . ومن مثاله أن طاغوتا مشهورا بذل أموالا طائلة واعلاما خبيثا وسخر كل كنوزه ورجاله لكي يثبت للناس ـ رغما ـ أنه خادم للدين .. يرفع أياديه بالدعاء في صورة باكي عند اشارات المرور .. ولاكن ـ وبفضل الله سبحانه ـ يقوم له رجل مستضعف ويقول بأعلى صوته : أيها الناس ، لا تغتروا ، انه الدجال المضل . وبالمقابل قد يفعلون ــ ان لم يفعلوا ــ كل شيء من خلال تمكنهم وسحرتهم وشياطينهم ورجالهم ومباحثهم وألسنتهم وكتابهم واعلامييهم ومعبري مناماتهم لصرف الناس عن معرفة وحقيقة الرجل الصالح اللذي يمهد فعليا ومباشرة وصراحة وعلنا لنـزول الرسول عيسى اللهم صل عليه .. ولاكن ان كان هو هو كما في اللوح المحفوظ فلا شك أن الله سبحانه سيحرسه برحمته حتى يأتي أمره الحق سبحانه وينـزل مسيح البركة والهداية عيسى ابن مريم عليه السلام .
      .. فالمسألة ـ باختصار ـ ليست ادعاءات ، ولاكنها حقائق : اما مخفية واما ظاهرة لحكمة عند الله سبحانه قد نعلمها وقد لا نعلمها . ومنه ؛ وعليه : فلو اجتمعت الجن والأنس وتظاهروا على أن يثبتوا لأحد من الناس ( المهدية أو القحطانية أو غيرها ) وهي ليست له عند الله سبحانه على الحقيقة في حكمته وعلمه سبحانه في اللوح المحفوظ ، فبكل هدوء وبساطة : انهم لن يفعلوا ، ولو فعلوا مرحليا لانكشفوا . وبالمقابل : لو اجتمع وتظاهر كل هاؤلاء الجن والأنس على أن ينفوها عن أحد هي ثابتة له في حكمة الله وعلمه سبحانه ، فبكل بساطة : لن يفعلوا .. وان الله بالغ أمره سبحانه ، ولا ريب .
      …………….

      قال العالم المحقق الأخ ( سليمان العلوان ــ اللهم احرسه وآجره وبارك فيه ) : < .. القول بأن الشخص صفة لله سبحانه والمنازعة في ذالك من غرائب العلم وعجائب المسائل ، وأعجب من ذالك دعوى الاجماع … والأحاديث ظاهرة في اثبات هاذه الصفة لله تعالى ، ولا يخالف في ذالك أحد من أهل السنة ، قال المغيرة ابن شعبة اللهم ارض عنه عن النبي عليه السلام قال : " لا شخص أغير من الله سبحانه "… وقال البخاري اللهم ارحمه في صحيحه ( باب قول النبي ــ عليه السلام ــ لا شخص أغير من الله ــ سبحانه ) وقال عبيدالله ابن عمر عن عبدالملك ( لا شخص أغير من الله ــ سبحانه ــ ) ، وقال القواريري : ( ليس حديث أشد على الجهمية من هاذا الحديث ) . وفي حديث لقيط ابن عامر اللهم ارض عنه قال النبي عليه السلام : " فتنظرون اليه وينظر اليكم ) قال لقيط : وكيف ونحن ملء الأرض وهو شخص واحد ينظر الينا وننظر اليه … " الحديث . ورواه ابن خزيمة وعبدالله ابن الامام أحمد وصححه ابن مندة ــ اللهم ارحمهم ــ وقال : ( لا ينكر هاذا الحديث الا جاحد أو جاهل أو مخالف للكتاب والسنة ) وصححه ابن القيم ــ اللهم ارحمه ــ ، وهو ظاهر في اثبات صفة الشخص لله تعالى ، وبينت ذالك بأكثر من هاذا في كتابي ( اتحاف أهل الفضل والانصاف بنقض كتاب ابن الجوزي دفع شبه التشبيه وتعليقات السقاف ) ، وكتابي الآخر ( القول المبين في اثبات الصورة لرب العالمين ) سبحانه .

      ثم ماذا بعد ؟ ولماذا أوردت هاذا هنا ؟! لأني أول مرة أقرأه في حياتي ! ويهون دونه كل ما كتبت عن الدجال أو دابة الأرض أو المنارة أو جديد المهدية كما هو هاهنا . وكأني أريد أن أقول للناس لا تعجبوا من علم ما كتبت . ومثله ـ مع الفرق ـ الرد ب ( تنبيه الأخيار على عدم فناء النار ) مما يفهم منه أن هناك من يقول بفناء النار ، وهاذا اختلاف خطير ؛ ورغم أني لم أطلع على تفاصيل هاذه المقولة ، فان أخطر ما فيها ـ ببساطة بدائية ـ أن الكفار يعبثون في دنياهم بلا رقيب ، ويحاجون المؤمنين بأن أقصى مردهم في الآخرة لا الى عذاب ولاكن الى سراب ، وهاذا لا يصح في فقهي لمقاصد النصوص الشرعية ، والله سبحانه أعلم .

      ومثله في أمة الاستجابة كثير من الاختلافات المضنية في أمة مكلومة : مفتونة في دينها ممسوخة في عقلها مغيّبة عن حاضرها مهتوكة في واقعها السياسي بين بقية الأمم : وقد يكون منه قبولنا ــ تعبدا لله سبحانه ــ موطأ الامام مالك اللهم ارحمه على أنه كتاب صحيح كله بعد كتاب الله سبحانه كما ذكر الامام الشافعي اللهم ارحمه ، رغم الاختلاف في ذالك ، وليس علي أن آخذ بخاصة هنا باجتهادات علماء الحديث ـ آجرهم الله سبحانه ـ من ضوابط لاحقة للموطأ حول الأسناد ونحوه لأن الرجل سبقهم مجتهدا أقصاه اللهم ارحمه وآجره ، والا لزمني ـ واياكم ـ من جهة أخرى ، ومعاصرة ، أن نخطأ أخواننا المسلمين الكثيرين اللذين أخذوا بالفقه المالكي من عرب أفريقيا وغيرها ممن اعتمدوا هاذا الموطأ وعملوا بما جاء فيه في أمور دينهم ودنياهم رغم ما يذكر عليه ، وما فيه من مراسيل ، وهاذا لا يقول به أحد ، وان كان فهو مردود على نفسه وقوله معه وأنا من فعله هاذا خاصة براء .
      .. ولاكن : .. لو توحّد فقه الناس لما دعا النبي الخاتم عليه السلام لابن عمه أن يفقهه الله سبحانه في الدين ، ولو توحّد فقه الناس لمعاني ومقاصد النصوص الشرعية لما وقع الاختلاف .. الا أنه اذا صح اعتقاد المرء ، وصفت النية لله سبحانه ، وأخذ بضوابط علم الاجتهاد السائغة ، وبذل أقصاه : فلعله عند الله سبحانه مأجور .. وكفى بهاذا المبتغى ، وأنعم . ولا عبرة لغلبة الفهم المغلوط على عقول الناس ؛ ولذالك قيل في معنى " عليك بالجماعة " أن "الجماعة " هي الحق حتى ولو كنت وحدك . ذكره الصحابي عبدالله ابن مسعود اللهم ارض عنه .
      قال العالم الشوكاني اللهم ارحمه : ( واللذي ينبغي التعويل عليه ما يدل عليه المعنى اللغوي ) .
      ……………
      قال سبحانه : (( هو اللذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلوا عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وان كانوا من قبل لفي ضلال مبين . وآخـــــريــن مــنـهـم لـمـّـا يـلـحـقـــوا بـهــم … )) ، جاء في تفسير العالم ابن جرير الطبري اللهم ارحمه : ( الأميين : العرب ، وآخرين منهم : كل لاحق بأصحاب الرسول اللهم صل عليه باسلامهم من أي الأجناس كانوا ؛ لمّـا يلحقوا بهم : لم يلحقوا بهم بعد وسيلحقون ، أو لم يجيئوا بعد وسيجيئون ) .
      وقال عليه السلام : " ألا ان عيسى ابن مريم عليه السلام ليس بيني وبينه نبي ولا رسول ، ألا انه خـلــيـفـتـي في أمتي من بعدي ، ألا انه يقتل الدجال … " .
      وقال عليه السلام : " سيدرك رجال من أمتي عيسى ابن مريم عليه السلام ويــشـــــهــدون قــتـــال الدجال … " .
      وقال عليه السلام : " … حتى يهلك في زمانه < زمان مسيح الهداية عيسى عليه السلام > مسيح الضلالة الأعور الكذاب " .
      وقال عليه السلام : " … ثم تكون خلافة على منهاج النبوة " .
      وقال عليه السلام : " … واني أولى الناس بعيسى ابن مريم عليه السلام … وانه نازل فيكم … ويدعو ويقاتل الناس على الاسلام ويهلك الله سبحانه في زمانه الملل كلها الا الاسلام … " .
      وقال عليه السلام : " واللذي نفسي بيده سبحانه ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم حكما عدلا … وتكون السجدة واحدة لله سبحانه رب العالمين " .
      وقال عليه السلام : " … وتكون الكلمة واحدة فلا يعبد الا الله سبحانه … " .
      وقال عليه السلام : " ليدركن الدجال قوم مـثـلـكم أو خـــيــر مـنـكم ، ولن يخزي الله سبحانه أمة أنا أولها وعيسى ابن مريم عليه السلام آخرها " .
      وقال عليه السلام : " خير هاذه الأمة أولها وآخرها : أولها فيهم رسول الله اللهم صل عليه وآخرها فيهم عيسى ابن مريم اللهم صل عليه … " .
      وقال سبحانه : (( هو اللذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله … )) ، جاء في مختصر تفسير الطبري اللهم ارحمه : ( ليظهره على الدين كله : ليبطل به الملل كلها ، لا يكون غير الاسلام ، وذالـك عـنــد نـــــزول عيسى عليه السلام ) .
      قال الله الواحد القهار سبحانه : (( لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولاكن يناله التقوى منكم … )) .

      اللهم ان هاذا ما أتعبد به لك ؛ حجة على الناس ؛ وشهادة لك أسئل عنها يوم الدين ، وصل اللهم وسلم على النبي الخاتم الأمين ، وأسألك اللهم الفرج ، واحمدك سبحانك على كل حال ما كان . وكتبه : عبدالواحد ابن عبدالكريم الصالح ، من جوف الشام الحرة المباركة ، في 7 / 9 / 1423 .