العنــوسه..تبحث عن حل(الجزء الثاني)

    • العنــوسه..تبحث عن حل(الجزء الثاني)














      أسبــاب تفاقـــم ظاهـرة العنوســــــة

      ارتفاع المهور والمغالاة فيها هو أحد أهم القواسم المشتركة لارتفاع ظاهرة العنوسة في المجتمعات العربية ، فضلا عن التشدد في تحديد مواصفات عش الزوجية والأثاث ، والتي تفوق قدرة ودخول أغلب الشباب العرب .. ففي سوريا – مثلا – يبلغ متوسط دخل الفرد شهريا 42 دولارا ، ويصل أعلى راتب شهري في الدولة إلى ما يوازي 210 دولارات شهريا ، في الوقت الذي تحلق فيه أسعار الشقق عاليا ليصل سعر المنزل المتواضع في وسط دمشق إلى حوالي 20.000 دولار، مما يراكم الديون على العريس لسنوات طوال ثمنا للشقة ولفرشها وللهدايا التي يتوجب عليه تقديمها للعروس من حلي ومجوهرات .
      وفي المقابل يدافع أهالي الفتيات عن أنفسهم بأن جميع الأجهزة والأشياء التي كانت تعد سابقا من الكماليات أصبحت اليوم أساسيات وضرورة من ضروريات الزواج التي لا يمكن الاستغناء عنها ، حتى وإن كان أغلب الناس غير قادرين على توفيرها .

      وهكذا أصبح المجتمع العربي يتخبطً بين عاداته وتقاليده وبين مفاهيم الحضارة ، وتجسد ذلك واضحا في عدم تفهم الأسر للتحولات الاقتصادية وما صاحبها من أزمات وتغيرات اجتماعية ، فهي لا تزال تطالب من يتقدم للزواج من بناتها بمطالب يعجز عن تلبيتها ، ومن ثم تحولت مشكلة العنوسة وفقا لهذا الاتجاه إلى مشكلة مادية بحتة ، نتيجة التغييرات الحادة التي طرأت على تفكير اغلب الناس ونظام الحياة بشكل عام ، بحيث لم تعد الفتاة نفسها اليوم تحلم بالفارس الذي يحملها على الحصان الأبيض ، ولم تعد تهتم بقوة شخصية الرجل ، وإنما اصبح جل اهتمامها منصبا على قدرته على توفير حياة مرفهة لها .
      * و تلعب البطالة دورا مكملا للسبب السابق ، فانحسار الوظائف وفرص العمل أمام الشباب أصبح هاجسا يؤرق كل طالب عمل ، ومحدودية الفرص الوظيفية للنساء ونمطيتها التقليدية صارت إطارا لا يبدو الخروج منه سهلا أو قريبا ، ومن ثم حالت البطالة دون حصول الشاب على فرصة عمل تدر عليه دخلا ثابتا يمكنه من تحمل أعباء الزواج ، ، وإذا وجد الشاب عملا فإنه يتعذر عليه العثور على مسكن ليتزوج فيه ، وهكذا يمتنع عن الزواج ما دام غير قادر ماديا .






      * ويشكل العامل الثقافي سببا ثالثا لمشكلة العنوسة ، فخروج الفتاة للتعليم الجامعي والعمل ، واحتكاكها بالشباب ورؤيتها لأنماط مختلفة منهم ، جعلها مترددة في الاختيار ، مما أدى إلى عدم الإقدام على الزواج بشكل جدي ، وبخاصة بعد أن ظنت أغلب الفتيات أنهن يستطعن الحصول على "عريس تفصيل " كما يقول العوام ، مما يؤدي في نهاية المطاف إلى ضياع الوقت وتجاوز الفتاة سن الزواج .

      * وفي المقابل ، فإن الشباب أصبح قادرا على إقامة علاقات محرمة مع الفتيات – تتفاوت في عمقها وطبيعتها – فشعر بعدم الحاجة الملحة للزواج ، وبالتالي أرجأ الزواج قدر استطاعته ، لأنه يعلم يقينا أن المجتمع يقبل أن يتزوج الرجل - مهما كان سنه - بفتاة صغيرة وقتما يشاء ، بينما ينظر بتوجس لفتاة تتزوج من هو أصغر منها أو يتأخر زواجها.
      العنوســـة الاختياريــــة
      واللافت للانتباه في هذا المجال، ظهور حالات متعددة من " العنوسة الاختيارية" التي تتوسع رقعتها يوما عن يوم ، وتتغذى هذه الحالة من الاستقلالية التي اكتسبتها الفتاة الموظفة سواء إزاء أسرتها أو قدرتها المادية.
      واحدة من هذه الحالات تختصرها أستاذة في الرباط بقولها: "أنا عانس لأنني لم أعثر بعد على شريك حياتي، أما الزوج، بمفهومه السلطوي، فهو موجود بكثرة، لكنني أبحث عن شريك حياة يقدر اهتماماتي ويفهمني، وهذا لم أعثر عليه بعد". وقالت أخرى" أنا أعيش وحيدة، خير من العيش مع زوج سيئ".





      ويعتبر محللون أن هذا ما هو إلا نتيجة للتحولات الاجتماعية الناجمة عن التأثر الغربي، وضعف الوازع الديني ، وهو ما يجعل علاقة الجنسين ممكنة خارج شرعية مؤسسة الزوجية، دون التزامات ولا مسؤولية، ولو أن هذا الرأي "الموضة" تتنكر له العصريات "المستغربات" بعد أن يتقدمن في السن إذ لا يصح إلا الصحيح.
      والنتائج
      الباحث الإسلامي الدكتور عبد القادر عمارة يلخص نتائج ظاهرة العنوسة في نوعين:
      - نتائج آنية تمس الأفراد، ويعني الشابات والشباب الذين يحلمون بالاستقرار في حضن مؤسسة الزوجية الطبيعية، وإنجاب الأولاد، وهؤلاء تستمر معاناتهم وعدم استقرارهم طالما لم يتزوجوا ، بل وتعيش الفتاة التي تأخر زواجها مثقلة بصفة "باير" (عانس) التي تدعو إلى الشك واعتقاد أن بها عيبا ما.
      - ونتائج على الأمد البعيد تهدد استقرار المجتمع قاطبة. إذ أن هذه الظاهرة في الظروف الحالية تساهم في إشاعة وسلوكيات منحرفة، حين يقع تصريف العلاقة بين الجنسين خارج مؤسسة الزواج، لأن العلاقات تصبح مفتوحة على مصراعيها، وعلى كافة الشرور والمخاطر، وكلها أسباب لنتائج أخرى أكثر فداحة تتمثل في ارتفاع أعداد ما أصبح يعرف باسم "الأمهات العازبات" وا رتفاع أعداد أطفال لا نسب لهم، في مجتمع نسابة، يتجاوز حد الجد العاشر، وبذلك تنقرض العلاقات الأسرية الحميمية، وتشيع الأنانية فيحصر الإنسان اهتمامه بنفسه.





      ويرى الدكتور عمارة أن هذه الظاهرة التي تستدعي علاجاً فوريا قبل فوات الأوان، لا يمكن معالجتها بالمسكنات، فلا بد من مقاربة شمولية للموضوع، مؤكدا على ضرورة استحضار البعد الديني في المسألة، فنحن أمة دينها الإسلام الذي يصرف العلاقة بين الجنسين داخل مؤسسة الزواج، والذي يحث على التكاثر، وينوه بمن يوهب جزءا من حياته لتربية أولاده باعتبارهم مستقبل الأمة وكفالة والديه باعتبارهما الأصل.
      محاكــــــاة الغرب سبب تفشي الظاهرة
      ويجسد تأثر العديد من الفتيات بالقيم الغربية الوافدة ، مثل عدم التزامهن بالاحتشام في ملابسهن ومجاراة الغرب في سلوكهن والاختلاط بين الجنسين في الأماكن العامة والعمل والأسواق ، وانتشار ظاهرة ما يسمى بالصداقة بين الجنسين ، والسفور الفاحش المنتشر بين الإناث ، سببا آخر من أسباب تفشي ظاهرة العنوسة ، لأنه غالبا ما ينفر الكثير من الشباب من الاقتران بها ، ذلك أن المجتمع يحترم الفتاة المحترمة ، والشاب عندما يفكر في الزواج لن يفكر إلا فيمن سوف تحمل اسمه فيما بعد وفيمن تستحق من وجهة نظره هذا الاسم .

      ويتعلق بذلك أيضا عدم التزام بعض الأسر بالأخلاقيات وتفهمها لظروف من يتقدم لابنتها ، حتى وإن كانت الفتاة نفسها صالحة ، لأن ذلك يصبح مدعاة لتخوف الشاب من أن تمس سمعته نتيجة لارتباطه بفتاة من أسرة غير ملتزمة ، وبالتالي تؤخذ الفتاة بجريرة أسرتها .. وكم من فتيات صالحات حرمن من فرص الزواج لأن أسرهن تحت مستوى الشبهات ، فضلا عن أن بعض أولياء الأمور يمنعون بناتهن من الزواج طمعا في مهور خيالية يحصلن عليها من الزوج المرتقب – وبخاصة إذا كانت الفتاة جميلة – أو حتى لا تنقطع المكاسب المادية التي يجنونها من وراء وظيفة ابنتهم .





      * وتلعب العادات الاجتماعية البالية دورا بارزا بين أسباب تفشي ظاهرة العنوسة في مجتمعاتنا العربية ، بزعم الحفاظ على الأنساب وتقويتها وتدعيمها وصيانتها من الاندثار ، وعلى رأسها ألا تتزوج القبلية من الحضري ولا الشريفة من غير الأشراف ، وألا تتزوج الغنية إلا من غني ، ولا تتزوج العربية من أجنبي .. إلى جانب قيام أولياء الأمور بحجز الفتاة إلى ابن عمها او ابن خالها بحجة أنه أولى بها من الغريب (كما يحدث في صعيد مصر أو دول الخليج العربي وبعض الدول العربية) حتى وإن لم يكن يحمل المؤهلات التي تجعله كفئا للفتاة .

      ومن بين هذه العادات أيضا إصرار الأب أو الأم على ألا تتزوج الفتاة الصغيرة قبل الكبيرة ، أو أن ابنتهما مازلت صغيره على الزواج ولم تكمل بعد تعليمها الجامعي ، أو إصرارهما على أن تكون مواصفات حفل الزفاف ومكان انعقاده لا تقل عن حفل زفاف شقيقة العروس ، أو حفل زفاف ابنة عمها أو ابنة خالتها ، أو حتى صديقتها أو جارتها ، فالفتاة تريد حفل عرس يحكى عنه الناس ، وفستانا وجهازا يتكلف الكثير ؛ بغض النظر عن ظروف الأسرة نفسها ، إذ إن كل ما يهمها هو أن تستمتع بحياتها ، وهو ما يدفع الشباب بدوره إلى الهروب من تكاليف حفل زواج لا يطيقه .
      الطمـــوح العلمــــــي للفتــــــــــاة سبب جديــد





      * ويشكل التعليم سببا إضافيا – إلى جانب الأسباب السابقة – لانتشار العنوسة في المجتمعات العربية ، إذ ترفض الفتاة الطموح علميا الزواج حتى تحصل على الماجستير والدكتوراه ، وعندما تحصل عليهما تتغير شروطها في زوج المستقبل ، فيبدأ مسلسل الرفض حتى يفوتها قطار الزواج .. وبينما كانت الفتاة التي حصلت على قسط بسيط من التعليم في الماضي تحلم بأن تصبح زوجة وربة بيت ، وتدرك أن الزواج سنة الله في أرضه ، فإنها الآن أصبحت تعيش حالة صراع الأدوار ، بعد أن أصبحت لا تفكر في دورها التقليدي فقط كزوجة وأم ، بل أيضا في دورها كامرأة عاملة تخشى أن تتزوج من رجل يستولي على راتبها ، بينما هي من وجهة نظرها تستطيع الاستغناء عن الزوج لأنها لا تحتاجه اقتصاديا.

      وإذا كانت هذه الأسباب المباشرة لظاهرة العنوسة تقف وراءها الفتاة وأسرتها ، فإن هذا بالطبع لا يعني أن هناك أسبابا أخرى تتعلق بالشاب – أو الزوج المنتظر – نفسه ، وعلى رأسها أن أغلب الشباب راح يستمد من فتيات الإعلان مواصفات عروسه ، وبخاصة بعد أن أفسدت القنوات التلفزيونية والمجلات الشباب وجعلته لا يصلح لإقامة أسرة أو فتح بيت ، ورسخت في وجدانه أن الجمال لا يتوافر إلا في أصحاب الشعر الأشقر والعينان الزرقاوان





      ومن بين تلك الأسباب أيضا رغبة الزوج أو الخطيب في الظهور بمظهر لائق ، حتى ولو لم يكن قادرا على تكاليف هذه المظاهر ، إذ يجنح بعض الشباب المقبل على الزواج إلى المظهرية والمبالغة في نفقات الزواج وإقامة حفلات الزفاف ؛ مما يدفع من يريد المحاكاة والتقليد إلى اللجوء لأساليب منحرفة للحصول على المال ، أو إقامة علاقة ارتباط غير شرعية كبديل للإحباط الذي ينتابه إذا ما فشل في تحقيق هذا الحلم لسبب أو آخر .

      وكثيرا ما يضع شبح لقب " العنوسة " الفتاة العربية تحت ضغط اجتماعي شديد وقاس ، لدرجة أن الفتاة التي لم تتم العشرين بعد – أو تلك التي مرت السنوات الخضراء في حياتها من دون زواج – قد تضطر الى تقديم بعض التضحيات من اجل الزواج حتى لو كان ذلك على حساب كرامتهن وكبريائهن ، إذ تبدأ الفتاة في الحرص على حضور الأفراح والظهور في المناسبات ، ويصل الأمر إلى حد تملق أم العريس (المحتمل) حتى تكسب ودها ، لعلها تطلب يدها لابنها!! وذلك خشية ان تحمل لقب عانسة .
      ظاهــــــرة عالميـــــة
      وإنصافا للفتاة العربية فإن ظاهرة العنوسة ليست ظاهرة قاصرة على المجتمعات العربية وحدها ، وإنما هي بطبيعة الحال ظاهرة عالمية ، غير أن الغرب الذي يعاني أيضا من ظاهرة العنوسة لا يشعر بحدتها مثل المجتمعات العربية نظرا لأن الزنا عندهم ليس محرما ، بل تظل المرأة تعاشر الرجل معاشرة الأزواج سنوات طويلة وقد تنجب سفاحاً ، وفي النهاية قد يقرران الزواج أو الانفصال .. هكذا بكل بساطة .






      رأي علمـــــــاء النفــس والاجتمـــــــاع
      كان من الطبيعي أن تستوقف الأرقام المخيفة لارتفاع معدلات العنوسة علماء الاجتماع والنفس ـ بل والسياسيون أيضا ـ في محاولة لبحث أهم الأسباب المباشرة لتفشي هذه الظاهرة في العالم العربي ، ودراسة تداعياتها على الأسرة والمجتمعات العربية ، أملا في وضع الحلول وتذليل العقبات .


      ويكاد علماء النفس والاجتماع يجمعون على أن تداعيات العنوسة لا تتوقف علي الفتاة وحدها ، وإنما تمتد لتشمل باقي أفراد الأسرة جميعا ، فالأب ـ مثلا ـ قد ينساق وراء نصائح زوجته بالبحث عن عريس لابنته بين كل المحيطين به والمتعاملين معه ، فيلجأ إلى عرض ابنته بطرق غير مباشرة على بعض زملائه أو أبنائهم ، وإذا فشل في ذلك فإنه يلجأ إلى أساليب لا شعورية تخفف عنه ، كأن يبلغ الآخرين مثلا بأن ابنته قد تقدم لها الكثيرون ولكنه رفض ـ أو رفضت هي ـ لأسباب متعددة ، وربما تعايش مع هذا الكذب حتى يعتقد بأن ما يرويه من أكاذيب هو الحقيقة بالفعل ، وهو ما يقوده في نهاية المطاف إلى كثير من الاضطرابات النفسية والسلوكية .

      ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد ، بل تمتد هذه التداعيات لتشمل علاقة الأب بابنته العانس ، فينهج في تعامله معها طريقة من بين ثلاث طرق ، فإما التغاضي عن هذه المشكلة ، وترديد عبارات مثل " القسمة والنصيب " و" ربنا عايز كده " ، وإما التشدد والعنف في تعامله مع ابنته وتشديد الرقابة عليها ، لأنه يظن ـ لا شعوريا ـ أن في ابنته شيئا ما خطأ جعل الآخرين يعزفون عن التقدم إليها ، وإما ترك الحبل لها على الغارب بدعوى أن كثرة خروج ابنته ورؤية الآخرين لها قد يدفع أحد الشباب إلى الاقتران بها .







      وبينما يكون هذا حال الأب ، فإن الأم تعيش هذه المشكلة بكامل طاقتها وعصبيتها وقلقها واكتئابها ، فهي كأم تشعر بعمق أحاسيس ابنتها ، وتعيش على حلم أن ترى ابنتها في عش الزوجية وأن ترى أحفادها ، ومن ثم فقد تنتابها حالات من الاكتئاب ، وقد تلجأ إلى السحرة والدجالين ظنا منها أن ابنتها " معمول لها عمل " ، وقد تلجأ إلى الدلالات لتعرض عليهن مشكلة ابنتها ، مع وعدهن بمكافأة سخية إذا أحضرن لابنتها عريس المستقبل .. غير أن الأم في بعض الأحيان قد يكون إيمانها قويا فتقوم بالتخفيف عن ابنتها وحثها على الرضا بقضاء الله .

      أما الأخت الصغرى ، فلاشك أن مشاعرها تكون مبهمة وغامضة ، وقد تهيئ نفسها لأن تكون في الوضع ذاته وتعيش نفس المأساة ـ أي لا تتزوج مثل أختها ـ وقد تتفنن في ابتكار طرق مختلفة لجذب أنظار الشباب والدخول في علاقات آثمة مع بعضهم ، ظنا منها أنه إذا وقع المحظور فإن هذا يضمن لها الفوز بعريس المستقبل وألا تواجه نفس مصير شقيقتها .. بينما إذا كانت شقيقات الفتاة متزوجات فإنهن يشعرن بالأسى تجاه أختهن ، وفي الوقت ذاته يشعرن أيضا بالنقص أمام أزواجهن ، خاصة إذا سألوهن عن سر عدم زواج أختهن أو حملت أسئلتهم تلميحات حول سلوك الفتاة وطباعها .





      ومن البديهي بطبيعة الحال أن تكون الفتاة نفسها أكثر أفراد الأسرة معاناة من مضاعفات العنوسة ، وعلى رأسها المضاعفات الجسدية والنفسية منها الشعور بالاضطرابات والقلق والتخوف من المستقبل وعدم الاستقرار أو راحة البال .
      ففي المجتمعات العربية تحديدا يعد الزواج " سترة " للفتاة وحفظا لكرامة أسرتها ، ومن ثم فإن تقدمها في السن دون زواج قد يثير العديد من الأقاويل التي تمس سمعة الفتاة وسمعة الأسرة ، فتشعر بالدونية وبأنها أقل من الأخريات ، وبخاصة عندما تصرخ بداخلها نداءات الأنوثة والأمومة ، وهو ما قد يدخلها في دوامات من القلق والاكتئاب واليأس والتشاؤم من الحياة .. وربما حاولت الفتاة التغلب على هذه الدوامات باللجوء إلى توثيق صلتها بالله أكثر ، غير أنها قد تغلو دينيا فتمارس دور المفتى في التحليل والتحريم .
      وقد تسلك الفتاة العانس طريقا مغايرا تماما للهروب من دوامات القلق واليأس هذه ، فتلجأ إلى الابتذال والسفور غير الطبيعي في ملابسها وهندامها بطريقة تثير غرائز الشباب ، رغبة في إثبات الذات والشعور بأنها مرغوبة مثل باقي أترابها ، بل وربما سعت في الوقت ذاته إلى كثرة الاختلاط بالشباب في الأماكن العامة وفي العمل والأسواق تحت زعم ما يسمى بالصداقة .





      وشيئا فشيئا قد يتحول هذا الابتذال والسفور إلى انحلال خلقي ، فتندفع الفتاة إلى الانحراف وإقامة علاقات جنسية سرية وعابرة لإشباع رغباتها خارج مؤسسة الزواج ، أو إلى ما يسمى بالزواج العرفي أو السري ، بيد أنها رغم ذلك تظل في كلتا الحالتين محرومة من مشاعر الأمومة ومن الإحساس بالأمان .

      * ويأتي ارتفاع ظاهرة الزواج من أجنبيات ليشكل بعدا آخر من أبعاد مشكلة العنوسة ، إذ بدأت هذه الظاهرة تغزو أغلب المجتمعات العربية بكثافة شديدة ، لدرجة أن دراسة صادرة عن وزارة الداخلية السعودية قد طالبت بمنع زواج الشبان السعوديين من أجنبيات بعد أن بلغ عدد الزوجات الأجنبيات اللاتي حصلن على الجنسية السعودية خلال السنوات الخمس الأخيرة نحو تسعة آلاف زوجة ، مشددة على أن تفشي هذه الظاهرة يؤثر سلباً على الأطفال وعلى استقرار الأسرة في حالة حدوث خلاف أو طلاق .. بينما كشفت دراسة أخرى لوزارة العدل المصرية عن أن هناك اتجاهاً يسود بين الشباب المصريين للارتباط بزوجات من روسيا ودول الاتحاد السوفيتي السابق وأوروبا الشرقية .


      محاولات لحـل المشكـــلة
      يري الخبراء أن المؤسسات الاجتماعية والجمعيات الخيرية يمكن أن تجند طاقاتها وجهودها لمواجهة تفشي هذه الظاهرة ، وإعادة الاعتبار إلى شكل الزواج بوصفه رباطا أسريا وليس علاقة تجارية ، وذلك من خلال تنظيم الندوات والمحاضرات الدورية للتوعية بالمفهوم الإسلامي للزواج ولمحاربة شتي العادات والتقاليد التي عفا عليها الزمن .. فضلا عن إقامة الأسواق الخيرية المختلفة التي تساهم في توفير متطلبات بيت الزوجية بأسعار معقولة وبهامش ربح بسيط .. أو تقديم المساعدات المالية والقروض الحسنة لراغبي الزواج ، على ان يتم تقسيطها وفقا لظروف المقترض .




      ويتصل بهذا التيسير والتسهيل في منح القروض ضرورة إنشاء الدول العربية صناديق للزواج ، وهي تجربة بدأت بعض الدول بالفعل تتنبه إليها وتتبناها ، حيث أنشأت دولة الإمارات العربية المتحدة هذا الصندوق لمعالجة أسباب وجذور مشكلة العنوسة ، وسعى المسؤولون عنه إلى تشجيع الشباب على الزواج من أهل بلدهم ، وحث الأهالي على عدم المغالاة في المهور وتكاليف الزواج ، وبدأ الصندوق نشاطه بالعمل على أكثر من مسار، منها تقديم منح مالية لراغبي الزواج تصل إلى 70 ألف درهم ، كما يقدم الصندوق أيضا منحاً للزيجة الثانية.

      ففي المملكة العربية السعودية خاضت جمعية البر بالمنطقة الشرقية تجربة مماثلة أطلقت عليها مشروع تيسير الزواج للتوفيق بين راغبي الزواج وتقديم المساعدات المادية والقروض للشباب المقبل على الزواج وإحياء مبدأ التكافل الاجتماعي بين المسلمين ، وتقديم المساعدات العينية مثل

      الأثاث الجديد أو المستعمل الذي يقدمه المتبرعون ومحبو الخير ، بالإضافة إلى توسط إدارة المشروع لدى المتبرعين من أهل الخير لتوفير مكان مناسب لإقامة حفل الزواج بسعر تشجيعي ، أو الحصول على تخفيضات في أسعار الأثاث والتجهيزات.





      أما في الكويت فقد قامت مجموعة من رجال الأعمال ومسئولي الجمعيات الأهلية والخيرية بتأسيس صندوق للزواج يبلغ رأس ماله خمسة ملايين دينار، تزيد مستقبلاً لتصل إلى 10ملايين دينار( أكثر من30 مليون دولار) ، بهدف التوفيق بين الراغبين من الجنسين في الزواج ، وتقديم القروض المالية بدون فوائد وعلى أقساط قليلة ومريحة.



      وقد أعلنت اللجنة التأسيسية للصندوق أنها ستسعى للحصول على موافقة الجهات المختصة لتخصيص وقف دائم لدعم رأسمال الصندوق، إضافة إلى القروض الحسنة التي يقدمها أهل الخير وبعض الشركات لهذا الغرض ، والتبرعات المالية من الجهات الحكومية ، بالإضافة إلى مبالغ مالية سنوية من زكاه الأفراد والمؤسسات والشركات المختلفة في المجتمع الكويتي ومساعده الفنادق ورجال الأعمال وبعض المؤسسات .



      وعلى نفس الصعيد بدأت معظم البلدان العربية تنظم حفلات زواج جماعي تضم أعداداً من الشباب والشابات في زفاف واحد ضخم، مما يوفر مبالغ ضخمة تتكلفها كل حالة زواج ، وبخاصة بعد أن اتضح أن المبالغ التي تصرف على حفلات الزواج في دول الخليج ـ مثلا ـ تمثل سبباً رئيسياً في عزوف آلاف الشباب عن الزواج من مواطنات بلدهم ولجوئهم للزواج من فتيات بلدان عربية أخرى .





      وتأتي الدعوة لتعدد الزوجات لتشكل حلا آخر من حلول مشكلة العنوسة ، ومن ثم لم يكن غريبا أن يؤكد مفتي عام المملكة العربية السعودية رئيس هيئة كبار العلماء الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ أن تعدد الزوجات أمر شرعه الله لصالح المجتمع ، وأن على المرأة أن تقبل أن تكون زوجة ثانية أو ثالثة باعتبار ذلك خيراً من العنوسة .. مضيفا أن زواج المرأة من رجل ذي دين وكفاءة وخلق ومعه زوجة أخرى لا عيب ولا نقص فيه ، وأن التعدد أمر مشروع ومن يشكك فيه فهو ضال .

      ورغم أن هذا التعدد أمر شرعي صحيح ، إلا أن فكرة التعدد هذه مازالت تلقى معارضة شديدة في المجتمعات العربية ، وهو ما كشفته ردود الأفعال المتباينة في الشارع العربي على مسلسل "عائلة الحاج متولي" ، الذي شنت عليه النساء العربيات حملة هوجاء ، معتبرين أنه عودة إلى " عصر الحريم والجواري " ..

      ورغم أن الإسلام قد شرع صراحة مبدأ تعدد الزوجات شريطة العدل بينهن ، في محاولة مبكرة منه للقضاء على مشكلة العنوسة ، بيد أن الواقع في مجتمعاتنا العربية يكشف بوضوح أن الزواج من الثانية محرم اجتماعيا بسبب النظرة الاجتماعية الخاطئة لمن تزوج على زوجته ، وتوهمهم أن هناك عيبا فيمن تزوج عليها زوجها ، كما أن الزوجة قد تكون قريبة للزوج ولا تسمح وأهلها بزواجه من أخرى ، بالإضافة إلى الاحتجاج بالنفقة وقلة الدخل مع أن مصروف أسرة واحدة في أغلب الدول العربية قد يفوق ما ينفق على عشر أسر في بعض البلاد الإسلامية الأخرى .
      [FONT="Comic Sans MS"][SIZE="6"]
      عذراً أخوتي ... ضاعت الرجولة
      [/FONT]
    • اشكرك اختي ع الطرح الرااااائع
      فعلااااااااااا موضوع في غاية الاهميه
      أسباب متعارف عليهاااااااااا ومن اهمهاااااااا غلاء المهور
      اتمنى لج التوفيج
      |•--{لســت الأفــضل .. ولــكن لي أســـلوبي }--•|
      سأضل دائما .. اتقبل رأي الناقد والحاسد
      فالأول يصحح مساري .. والثاني يزيد من اصراري
      سكوتي لا يعني [ جهلي ] بما يدور حولي ,, ولكن ماحولي لايستحق [ الكلام ]
    • الابتسامــــة ...
      وضاح اليمن 9 ...

      الموضوع طويل جداً .. ويحتاج شرح وافي .. في كل فكره ..
      من المستحيل طرح الموضوع في جزء واحد
      ..

      اشكر مروركم ....


      [FONT="Comic Sans MS"][SIZE="6"]
      عذراً أخوتي ... ضاعت الرجولة
      [/FONT]



    • كلا الطرفين مشتركان الشاب و الشابة بهذه القضية لذلك يتقاسم كل منهما
      النصيب من الذنب و قد يكونا ضحية بهذا المجتمع و الذي لا نستطيع أن نتناوله
      بمعزل عن المؤثرات الخارجية و القادمة عبر هذه العولمة من المجتمعات الأخرى
      إذ أن الجانب الذي نأسف عليه هووه ما إجتاح الشباب من دخائل المجتمعات
      الأخرى عن رضى بل تقليد يسير نحو الفخر و الإعجاب بحياة لا تناسب هذا
      المجتمع الإسلامي الأخلاقي التربوي المحافض السوي في أصله و منهاجه
      و من الأسباب الأخرى للعنوسة غياب معنى الزواج كأساس إنساني يجب أن
      تستقر عليه حياة الشاب و فقدان الترابط الأسري في توحد شخصية الفرد
      داخل الأسرة كالصورة بالحياة العصرية و التي لا تعطي العلاقات الأسرية جانب
      من التكافل و التعاون و العاطفة التي تنمي فكرة هذا الشاب عن أهمية الزواج
      و البدء نحو بناء أسرة و مستقر الأساس بحياته و مستقبلة في الإرتباط و الزواج فنجد
      أن حياة هذا الشاب تجد الراحة و الإستقرار مع مجموعات من العزف عن الزواج
      و في حياة تسير نحو التوحد الذي إكتسبه من محيط أسرته و أيضا غياب مفهوم
      تحقيق الذات إجتماعيا في نظرة لا تقدر قيمة رابط الزواج و بناء الأسرة تدفع بهذا
      الشاب لتخاذل و تحقيق ذاته بمجال أخر كتبني أفكار مجتمعات أخرى لا تضع
      قضية العنوسة و العزوف بجانب النقص و التقصير بالحياة الإجتماعية و إذا تحدثنا
      عن مفهوم الأنساب و التي ناقشه هذا الموضوع بخلط مفهوم النسب بالحسب
      و القول بأن الأنساب عادات و تقاليد بالية و سبب عنوسة أجدها نظرة غير
      دقيقة النسب يأخذنا إلى العرق و الأعراق أمر لا يمكن وصفه بعادة أو تقليد
      بالي بل هووه تحقيق توازن بين مجتمعات هذا العالم و شرائحة المختلفة في
      تنوع أفكارها و نظراتها و عادتها و تقاليدها التي تربت عليها و لا ننسى أن
      تفاوت الحالة الإجتماعية تؤدي لخلل و عدم توازن بالحياة الأسرية و تجر
      مشكلات أخرى كثيرة كما أن التكافؤ الإجتماعي أحد مقومات الزواج الناجح


      في أمان الله
    • اكتفي بقراءة للموضوع و ردووووووود #e


      وذالك منعا للاحساسيه مع صاحبة الموضوع :)

      معرف ليش دومها معصبة عليه :)




      سلامووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووو
      كلكم ذووووووووووق وكلي نظر
      ***********************************************
      من أقوال أحد العقلاء المجانين:
      افهم اللي تبا تفهمه ..
      i don't care