بكين مدينة الحضارة

    • بكين مدينة الحضارة

      بكين المدينة ذات القصور

      بكين عاصمة الصين .. إنها المدينة العريقة ذات الحضارة وذات القصور .. فيها كل قصور الأباطرة ، وفيها عاش أعظم أباطرة الصين ، وفيها كل المعابد البوذية ، حتى معبد السماء ..

      المعبد السماوى فى بكين

      وبكين مدينة صينية أصيلة لم تتأثر بأى احتلال ، كما تأثرت شنغهاى .. إن المبانى لاتزال محتفظة بكل أصائل الفن الصينى العريق وطابعه .. السقوف الخزفية المزركشة ، والتنين الهائل شعار الصين ، وأن مليونين وثلاثة أرباع المليون من الصينيين يعيشون الآن فى بكين يرون مدينتهم العريقة تبنى من جديد ، شقت الشوارع الواسعة وغرست الأشجار ، ورسمت الميادين الفسيحة .. ظهر ميدان تين آن فى قلب المدينة ، ومن برجه الأحمر يطل الرئيس ماو على الجماهير ..

      وأقيمت العمارات الكبيرة لدور الحكومة والمستشفيات والمصانع ، والفنادق .. حدث تغيير كبير وظهرت بنايات حديثة فى السنين الأخيرة ، ولكن بكين العريقة لاتزال باقية وغالبة بطابعها القديم ..


      إن بكين قائمة على أرض واسعة ، ولهذا بنيت فيها القصور التى لايدركها العقل فى الاتساع .. إن قصر الصيف وحده مساحته 850 فدانا ..

      وكيف تمضى فى هذه المدينة المترامية الأطراف ، وترى قصر الصيف ، وقصر الشتاء ، وقصر الامبراطور ، الذى تقيم فيه الحكومة .. إن الركشا التى يجرها الإنسان ممنوعة ، منذ تحررت الصين ، والسيارات الخاصة نادرة ، والتاكسى يكلفك كثيرا لارتفاع ثمن الوقود ..

      والصينى يستعمل الآن الدراجة كما يستعملها الهولندى ، كوسيلة سهلة ورخيصة للانتقال .. وقد تطورت الركشا فأصبحت تسوقها الدراجة ..

      وندر أن تقع عينك على سيارة خاصة فى بكين ، أما الدراجات فتراها بكثرة مذهلة ويخيل إليك أن نصف الركاب يركبونها ..

      ومن الساعة الخامسة صباحا تراها تتحرك فى الطريق .. ويسير بعدها الترام والأتوبيس والتروللى باس ..

      وبعاصمة الصين 240 تراما تتحرك على سبعة خطوط و 401 من الأتوبيسات تتحرك على 14 خطا ..

      ومع كل هذا العدد الضخم من السيارات وعربات الترام فإنك تحس إن الجمهور يقول هل من مزيد .. والجمهور فى غاية النظام والأدب عندما يركب هذه السيارات وينزل منها ، وثوبه نظيف وهو لايدخن بتاتا فى داخل العربة ، ولا تسمع من راكب كلمة بذيئة أو سبابا ..


      وشوارع بكين تمتلىء بالرجال والنساء بعد الخروج من العمل ، وتراهم يتسوقون الأشياء من الحوانيت فى سرعة ، والصينى سريع المشى والحركة ولا يتردد ولا يجادل ولا يغش ..

      ولا توجد مساومة فى البيع والشراء ، والأسعار كلها موحدة فى المتاجر الصغيرة والمتاجر الكبيرة ، وكل شىء يباع بفاتورة ، لأنه يدخل فى جيب الحكومة ..

      وكما يقف الصينى فى بكين فى طابور لينتظر الترام ، تقف المرأة الصينية فى طابور أمام البقال لتأخذ حاجاتها المنزلية ..

      والصينى بسيط فى ردائه ، بمثل البساطة التى فى طباعه ..

      وعندما تدخل بكين سترى حسن رجب سفير مصر هناك ، الرجل الواسع الثقافة الذى جعل السفارة المصرية من أروع السفارات وأجملها ، وجعل قاعتها الشرقية ، قاعة نادرة المثال ، سترى الرجل الذى تعلم الصينية وأصبح يجيدها ، وعرف كل عادات وتقاليد الصين ..

      وسترى بدران مستشار الثقافة ، الرجل الضاحك الذى يحل بابتسامته كل مشاكل الحياة حتى برد بكين القارس ، سترى الرجل الذى يعمل على ترجمة أدب بلاده إلى اللغة الصينية ، ويحاول أن يجعل الاتصال الثقافى كما كان أيام العرب


      قصر الصيف

      ـــــــ
      ومن أروع المشاهد فى بكين قصر الصيف ، وقد بنى فى متوسط القرن التاسع عشر ، وبناه الامبراطور تشى ومساحته 850 فدانا ، وبهذا القصر أجمل المناظر الطبيعية على الإطلاق ..

      وتحيط به بحيرة واسعة فى وسطها برج يصل إليه الإنسان ، بعد أن يتخطى جسرا غاية فى الجمال ، وفى البحيرة الزوارق تتهادى ..

      وهناك أبراج كثيرة فى القصر وتماثيل من الذهب الخالص ، وقد سكن فيه الامبراطور لغاية سنة 1907

      وعندما يجىء الليل .. تعمل المسارح فى بكين والأوبرات ودور السينما ..

      وأوبرا بكين هى أشهر أوبرا فى الصين ، والفرق التى تمثل الأوبرات ممتازة والاخراج رائع .. والصينى يعشق الأوبرا ، كما يعشق المسرح ، ونصف الذين يترددون عليها من العمال ..

      وفرق الأكروبات عالمية ، وتقوم بألعاب خارقة ، والجمهور يحبها ويقبل عليها بشغف ، وترى المقاعد ممتلئة بالمشاهدين قبل رفع الستار ، وهم جميعا فى زى شعبى واحد الرجال والنساء ، وتسمع ضحكاتهم وتصفيقهم للمشاهد ، وترى البيت كله ذاهب للمسرح ، الزوج والزوجة والأولاد ..

      والنساء فى مثل عدد الرجال ، وتلاحظ تقارب السن ، الجميع بين العشرين والخامسة والثلاثين ، وقليل منهم الذى يلبس رداء يختلف عن الآخر ، أو الذى يتكلم غير اللغة الصينية ، وإذا خرجت من السينما أو المسرح لايمكن أن تجد فى بكين كلها مطعما تأكل فيه ، أو مقهى أو مشربا تستريح فيه ساعة ، الطعام والشراب فى الفنادق ، ولكن إذا كنت عابر سبيل ، أولا تنزل فى فندق ، أين تأكل ..؟ هذا هو السؤال كما يقول شكسبير ، وهو شىء يحير فى عاصمة الصين ..

      وإذا كنت من نزلاء الفنادق ، ولم تراع مواعيد الطعام ، فستنام من غير عشاء ..


      السور العظيم

      وإذا خرجت من بكين ، وزرت السور العظيم ، فأنت سترى أعجوبة من عجائب الدنيا السبع ..

      تصل إلى السور بعد ثلاث ساعات بالسيارة من بكين ، وترى أعجب شىء فى الدنيا " سور طوله 2700 كيلو متر "



      وقد بنى فى عهد أسرة الامبراطور شى هوانج وسمى بالسور الذى طوله عشرة آلاف ميل .. وذلك مبالغة فى اظهار ضخامته وطوله ـ بالأميال الصينية خمسة آلاف ميل ـ ويرتفع عن الأرض 15 قدما وهو عبارة عن سور له حائط من الجانبين .. وبعد كل مسافة توجد أبراج مراقبة وبه 35 الف برج حربى و 15 الف برج للحراسة ..

      وهذا السور يذكره الصينيون بالأسى ويسمونه " محزنة الشعب " لكثرة من مات فيه من الشعب .. وتروى عنه القصص التى تعبر عن هذا المعنى ..


      منقول من كتاب ادب الرحلة:مدينة الاحلام بكين