ثقافة و أدب

    • ثقافة و أدب

      ثقافة و أدب

      الركائز اللغوية فى العلاقات
      العربية الأفريقية


      إعداد : مها عبد المجيد
      يحرص التاريخ دوماً على تسجيل وذكر تجربة التعاون والتواصل العربى الأفريقى على أنها من أقدم وأول تجارب التعاون الإقليمى التى شهدتها البشرية والحضارة الإنسانية منذ قرون طويلة، ليس فقط على مستوى الجوار الجغرافى وإنما امتد أيضاً ليشمل الروابط الثقافية والاجتماعية ذات الانعكاس الحضارى على العلاقات السياسية والاقتصادية بين الشعبين العربى والأفريقى والتى شهدت قروناً طويلة من الحراك والتفاعل الذى أدى إلى امتزاجهما وانصهار العرب والأفارقة فى العديد من بقاع القارة الأفريقية، خاصة فى مناطق الساحل الشرقى الأفريقى وحوض النيل ووسط أفريقيا، مما يدعو المتابع والمراقب لهذه المناطق إلى مشاهدة التداخل بين العادات والتقاليد العربية والأفريقية، وإلى اختلاف وتغير السمات العامة الجسدية بسبب التزاوج، وأيضاً، وهو الأهم والأوضح والسبب فى كل ما سبق، وجود لغة واحدة يتحدثها أبناء هذه المناطق هى مزيج بين اللغة العربية واللغات الأفريقية الأخرى ساعد على تدعيمها وترسيخ جذورها دخول الإسلام القارة السمراء وانتشاره بين أبنائها ووجود ركائز لغوية انطلقت وازدهرت من خلالها العلاقات العربية الأفريقية.
      * علاقات العرب بأفريقيا .. علاقة ذات جذور:
      كان عرب شبه الجزيرة العربية عامة وعرب اليمن وحضرموت وعمان خاصة هم أول من عرف منطقة شرق أفريقيا قبل غيرهم من الأمم الأخرى وحتى قبل ظهور الإسلام بعدة قرون، فقد استطاع العرب –ومن خلال رحلاتهم البحرية- أن يعبروا مضيق باب المندب منذ أقدم العصور وأن يكتشفوا البلاد الواقعة على الساحل الشرقى الأفريقى من بلاد الدناقلة والحبشة شمالاً وحتى موزمبيق ومدغشقر جنوباً.
      وكان التبادل التجارى وتسويق منتجات المنطقة فى الأسواق الخارجية حين ذاك مثل بلاد الشام والهند هو الأساس الحقيقى لترسيخ الاتصال العربى الأفريقى، وهو ما دفع بالعرب إلى الاستقرار فى مناطق الساحل الشرقى الأفريقى حيث أصبحت لهم تجارة مزدهرة وكونوا إمارات شهد بتحضرها كل من زارها من الرحالة العرب والأجانب،
      وكانت هناك عدة عوامل ساعدت على استقرار العرب ودعم تجارتهم من أهمها:
      1-القرب المكانى فيما بين المناطق المطلة على ساحل المحيط الهندى من كلا الجانبين العربى والأفريقى، وأيضاً الساحل الغربى لشبه الجزيرة العربية والساحل الشرقى الأفريقى.
      2- المناخ الجغرافى والمتمثل فى نظام الرياح الموسمى المنتظم والذى ساعد على سهولة الملاحة البحرية بين سواحل شبه الجزيرة العربية المطلة على ساحل المحيط الهندى وبين سواحل شرق أفريقيا، فكانت هناك رحلات منتظمة ينظمها العرب بحسب المواسم المعروفة لديهم تذهب بهم خلال فصل الشتاء إلى الساحل الشرقى الأفريقى وتعود بهم مرة أخرى إلى بلادهم خلال فصل الصيف.
      3- ظهور الإسلام وهجرة أفواج متتالية من المسلمين إلى بلاد الحبشة والساحل الأفريقى فراراً بدينهم.
      ومما لاشك فيه أن العرب –وحتى قبل ظهور الإسلام-كانوا أصحاب ثقافة وحضارة استطاعوا أن ينقلوها معهم إلى بلاد الساحل الأفريقى الشرقى التى تأثر سكانها بتلك الثقافة، ومع انتظام رحلات التجارة بدأ العديد من التجار العرب فى الاستقرار لفترات طويلة فى شرق أفريقيا مما دفع ببعضهم إلى التزاوج والانصهار فى المجتمع الأفريقى.
      ومع ظهور الإسلام وهجرة جماعات من المسلمين إلى بلاد الحبشة حيث وجدوا الرعاية والحماية فى كنف النجاشى ملك الحبشة، وسادت بين العرب والأفارقة علاقات سلمية كانت دافعاً لاستقرار العرب فأصبح لهم منازلهم ومتاجرهم، كما أنشأوا مراكز تجارية فى منطقة الساحل الأفريقى، وكثر عدد الوافدين العرب إليها سواء لأسباب اقتصادية كتجار من حضرموت وعمان والحجاز أو مزارعين من اليمن أو لأسباب سياسية.
      وأدى الاختلاط بين العرب المسلمين وسكان هذه المناطق إلى انتشار الإسلام فى هضبة الحبشة وإريتريا وبلاد البجة، كما قامت بعض الإمارات الإسلامية على ساحل البحر الأحمر تمتعت بنفوذ سياسى كبير.
      وقد اتسعت دائرة الإسلام بفضل جهود التجار والعلماء واعتنقت بعض الجماعات الأفريقية الدين الإسلامى مثل الفالا فى الهضبة الحبشية والتقرى فى إريتريا، كما أدى توافد العرب من جنوب الجزيرة العربية ومنطقة الخليج العربى إلى اختلاطهم بالوطنيين وقيام عدد من المراكز التجارية العربية فى زنجبار وكلوه وممباسا.
      ومن الساحل الشرقى لأفريقيا –توغلت المؤثرات العربية الإسلامية إلى منطقة البحيرات الاستوائية التى تضم تنجانيقا (تنزانيا حالياً) وكينيا وأوغندا ورواندا وبوروندى والكونغو وكان لها نفوذاً كبيراً خاصة فى منطقتى: تنجانيفا وزنجبار والتى ظل العمانيون يستمتعون بنفوذ كبير بها بل وأيضاً بحكمها حتى عام 1964.
      ودفع هذا التعايش إلى الانصهار العربى الأفريقى فى تلك المناطق على مدى قرون طويلة وإلى وجود أجيال تحمل سمات عربية أفريقية بعقيدة واحدة تمارس العادات والتقاليد العربية بجانب العادات والتقاليد الأفريقية، وتكون هى حلقة الوصل بين العرب والأفارقة أبناء هذه المناطق، وهو ما ساعد أيضاً على تضمن اللغات الأفريقية للعديد من مفردات اللغة العربية التى أطلق عليها فيما بعد اللغة السواحيلية.
      * تأثير اللغة العربية على اللغات الأفريقية:
      تركت اللغة العربية وثقافتها أثراً بالغاً فى اللغات الأفريقية وفى الثقافة الأفريقية خاصة فى منطقتى الساحل الشرقى لأفريقيا وحوض النيل وذلك من خلال منفذين أساسيين عبرت منهما إليها وهما :
      المنفذ الأول:
      المنفذ الشمالى الأفريقى من خلال مصر، حيث اهتم المصريون القدماء منذ ما يزيد على 3000 عام قبل الميلاد بالإبحار جنوباً فى محاولات استكشافية لمنابع النيل وأيضاً جنوباً فى البحر الأحمر وعلى طول سواحل شرق أفريقيا لما كان بينهم وبين أهالى هذه البلاد من تبادل تجارى يرجع إلى القرن الرابع عشر قبل الميلاد، وظلت علاقات مصر وطيدة بهذه المناطق حتى عهد الخديوى إسماعيل مما ترك أثراً لغوياً مصرياً فى اللغة السواحيلية ومنها كلمة Pwani ذات الأصل المصرى القديم وهو Punt ومعناها ساحل باللغة المصرية القديمة.
      ولأن مصر من أول الأقطار الأفريقية اعتناقاً للعقيدة الإسلامية وتأثراً باللغة العربية وثقافتها، فقد استطاعت بمالها من صلات قوية بالأقطار الأفريقية وموقع جغرافى متميز يربطها ارتباطاً وثيقاً بالكيان الأفريقى أن تكون منفذاً تتدفق منه المؤثرات العربية الإسلامية وبقوة إلى السودان ودول حوض النيل بشكل خاص.
      المنفذ الثانى:
      وهو المنفذ الشرقى العربى حيث استطاعت اللغات السامية عبور البحر الأحمر ومنه إلى بلاد الحبشة والساحل الأفريقى ومن بين تلك اللغات: الأوردية والفارسية والعربية.
      إلا أن اللغة العربية كانت أكثر اللغات السامية تفاعلاً مع اللغات الأفريقية مثل: الصومالية والهوسا والفولانى والبانتو والتجرينية والعفرية والأمهرية والأورومية وغيرها من اللغات الأفريقية التى يقدرها علماء اللغة بما بين 700 إلى 1000 لغة محلية.
      ولغة البانتو هى لغة أم ينحدر منها عدد من اللغات الأفريقية الأخرى، وعندما قدم العرب إلى الساحل الشرقى لأفريقيا لم يكونوا ليعلموا شيئاً عن لغة البانتو وكذلك السكان الأصليين من قبائل البانتو لم يكونوا ليعرفوا شيئاً عن اللغة العربية، وكان لابد من وجود لغة للتواصل والتفاهم بين العرب وأبناء قبائل البانتو، ومن ثم بدأت اللغة السواحيلية بمفرداتها البانتوية والعربية تأخذ قالباً خاصاً حاملاً سمات وأصوات اللغة البانتوية والحرف العربى.
      وكان للاحتكاك المستمر بين التجار العرب ولغتهم وبين قبائل البانتو فى شرق أفريقيا ولغتهم عظيم الأثر فى اقتراض اللغة السواحيلية للعديد من المفردات العربية والتى بلغت نحو 25% من مفرداتها خاصة فى مناطق الساحل والجزر القريبة منه.
      واللغة السواحيلية هى لغة من فصيلة لغات البانتو الأفريقية، وتعتبر وسيلة اتصال لأكثر من خمسين مليون نسمة يعيشون فى مناطق متعددة من سواحل أفريقيا الشرقية وجزرها ووسط القارة .
      وكلمة سواحيلى لفظ مشتق من الكلمة العربية "سواحل" وتعنى الشواطئ ومعنى ذلك أن السواحيلية هى لغة الشعب الذى يقطن سواحل شرق أفريقيا، والسواحيلية الآن هى اللغة الرسمية فى تنزانيا والثانية فى كينيا وتستخدم بصورة كبيرة فى أوغندا وبعض البلاد الأخرى، وقد ارتبطت السواحيلية بالعربية ارتباطا كبيراً، حيث لعبت اللغة العربية دوراً غير قليل فى تطوير اللغة السواحيلية وتنميتها وحفظ تاريخ القارة، ففى حين كانت اللغة السواحيلية لا تعدو أن تكون لغة منطوقة غير مكتوبة تتحدث بها مجموعة من قبائل البانتو، كانت اللغة العربية لغة مكتوبة لها أصولها اللغوية ذات الجذور العميقة وصاحبة ثقافة خاصة.
      ومع دخول العرب والإسلام للقارة الأفريقية سواء من خلال هجرات المسلمين الأولى لبلاد الحبشة أو بقصد التجارة ونشر الدعوة الإسلامية، نشأت علاقة وطيدة بين السكان الأصليين والعرب وأصبح هناك تجذر قوى للعرب وانتشر الإسلام بين القبائل الأفريقية وبدأ المهتمون بعلم اللغة من العرب فى كتابة السواحيلية بحروف عربية.
      ورغم أنه لا يوجد تاريخ محدد لبداية كتابة السواحيلية بالحرف العربى إلا أن الشواهد التاريخية تشير إلى أنه لم يمر القرن الأول من بداية التقويم الهجرى إلا وكانت اللغة السواحيلية تكتب بالحرف العربى.
      ومعنى ذلك أن تطور اللغة السواحيلية ارتبط ارتباطاً وثيقاً باللغة العربية وحرفها وبانتشار الإسلام فعندما وصل ابن بطوطة منطقة شرق القارة عام 729هـ- 1329م، قال عن أهلها "أنهم سواحيليون شافعيون مخلصون".
      ويظهر تأثير اللغة العربية على تطور اللغة السواحيلية بحرفها العربى فى عدة مجالات:
      مجال اللغة والأدب:
      ارتبطت اللغة العربية ارتباطاً وثيقاً بالحرف العربى والخط العربى الذى انتشر انتشارا كبيراً فى منطقة شرق ووسط أفريقيا. وهو ما تؤكده المخطوطات السواحيلية الشعرية ذات الطابع الإسلامى، ويعود ذلك إلى أن حكام منطقة شرق أفريقيا فى تلك الفترة كانوا من العرب العمانيين وهو ما تشير إليه النسبة العالية للمفردات العربية فى اللغة السواحيلية خاصة فى المجال الأدبى فيما يتعلق بالمصطلحات الأدبية المتعلقة بالأساليب اللغوية المرتبطة بالشعر وأنماطه، وكذلك مصطلحات العلوم البلاغية والعروض حيث كان الشعر أهم الأنماط الأدبية التى تستحوذ على اهتمام الصفوة من المثقفين فى تلك الفترة وهو ما أدى إلى انتشار الشعر السواحيلى بقصائده الطويلة ذات الحرف العربى، وتلك المخطوطات التراثية مازالت موجودة فى مكتبتى لندن وجامعة دار السلام بتنزانيا.
      فى المجال الدينى:
      يعد المجال الدينى من أكثر المجالات تأثيراً فى اللغة السواحيلية، إذ أن الاحتكاك الحقيقى بين العرب والسواحيليين زاد بشكل ملحوظ مع ظهور الإسلام خاصة مع لجوء العرب إلى منهج الدعوة إلى الإسلام بجانب نشاطهم التجارى، وهو ما حذا بهم إلى المكوث لفترات أكبر بين الأفارقة السواحيليين لتعليمهم أمور دينهم، وبالتالى اكتسبت اللغة السواحيلية المفردات الدينية الإسلامية من اللغة العربية حيث أصبحت مع مرور الوقت جزء لا يتجزأ من مفردات اللغة السواحيلية، ومما يدل على ذلك أقدم أثر تاريخى معمارى تم العثور عليه وهو محراب منحوت بالحرف العربى لمسجد كيزيمكازى: Kizimakazi بجزيرة زنجبار ويرجع تاريخه لعام 500هـ - 1107م، وكذلك ما تضمنه معرض حول الكتابة والخط فى الفنون الأفريقية أقيم فى واشنطن فى يونيو 2007 تضمن ألواحاً للكتابة من السودان ونيجيريا تستخدم لتعلم القرآن الكريم، وأحجبة من سيراليون تحتوى على آيات قرآنية وأيضاً قطع كتبت عليها لغات أفريقية بالأبجدية العربية ومن بين القطع التى عرضت بالمعرض أيضاً رداء محارب من ليبيريا مع غطاء رأسه زين بمخالب النسور وبأحجبة جلدية صغيرة تحمل آيات من القرآن الكريم باللغة العربية.
      فى المجالين السياسى والاقتصادى:
      ويرجع تأثير اللغة العربية فى اللغة السواحيلية فى المجال الاقتصادى إلى أن معظم العرب الذين كانوا يترددون على السواحل الشرقية لأفريقيا كانوا من التجار مما استدعى وجود مفردات لغوية تجارية واقتصادية مثل: تاجر – تجارة – اقتصاد- إلى أن استقر العرب واشتد نفوذهم وأصبحوا حكاماً لإمارات على سواحل شرق أفريقيا وفى الداخل أيضاً مثل كلمات: ملك – سلطان – مملكة – رئيس – وزير.
      أيضاً اقترضت السواحيلية من العربية مجموعة من المفردات فى مجالات الحساب والتقويم والكيمياء والجغرافيا وإن لم تكن بحجم المفردات الدينية والأدبية.
      * العربية ولغات أفريقية أخرى:
      لم يقتصر تفاعل وتأثير اللغة العربية على اللغة السواحيلية فقط وإنما امتد إلى لغات أخرى بعضها يتحدث به فى شرق أفريقيا مثل الصومالية التى هى من مجموعة لغات الكوشية وتعد اللغة الرسمية التى يتحدث بها سكان الصومال، وقد كانت تكتب بالحرف العربى حتى وقت قريب.
      وفى وسط وغرب أفريقيا نجد لغة الهاوسا وهى لغة تشادية تنتمى لعائلة اللغات الأفروآسيوية، والتى سبق وكتبت بحروف عربية يتحدث بها نحو 24 مليون شخص كلغة أولى، و 15 مليون كلغة ثانية، وأغلب متحدثيها موجودون فى النيجر وشمال نيجيريا وغانا وتوجو وبنين بالإضافة إلى السودان وتشاد والكاميرون وبوركينا فاسو، وهى كلغة تستخدم بين متحدثى لغات أخرى فى أغلبية أفريقيا الغربية، وخاصة بين المسلمين. والهاوسا لغة رسمية فى شمال نيجيريا، وقد أصدر مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف ترجمة قرآنية لمعانى القرآن بهذه اللغة، وكان ملوك الهوسا قد أعلنوا فى عام 1800م اعتناقهم الإسلام واعتبروه الدين الرسمى. وتعد لغة الهوسا اللغة الثانية بعد العربية من حيث عدد الناطقين بها فى أفريقيا.
      وفى أقصى غرب أفريقيا نجد من بين اللغات الأفريقية التى كتبت بحرف عربى لغة الولوف، وهى لغة قبائل الولوف الذين يشكلون 26% من عدد سكان السنغال و15% من سكان جامبيا وموريتانيا، وهى اللغة الثانية فى السنغال حيث يتحدث بها نحو 30% آخرون لأنها تعد لغة تجارة. وأبناء قبائل الولوف جميعهم مسلمون فيما عدا قلة مسيحية لذلك تنتشر بينهم اللغة العربية انتشارا كبيراً ولا نجد لديهم ترجمة كاملة لمعانى القرآن الكريم بلغتهم.
      هذا إلى جانب العديد من اللغات الأفريقية الأخرى التى كتبت بالحرف العربى، مثل: التجرينية والعفرية والأورومية وغيرها من بين 700 إلى 1000 لغة أفريقية محلية بحسب تقدير علماء اللغة فى العالم. ومما تجدر الإشارة إليه هنا أنه تمت ترجمة كاملة لمعانى القرآن الكريم لست لغات أفريقية وهى : الهوسا، السواحيلية، الزولو، الأفريكان، موريثو بوس، الكريول (فى جزر موريس)، بالإضافة إلى ترجمة جزئية فى كل من الولا واللوجاندا والولون.
      * أثر الاستعمار فى الحرف العربى:
      دخلت القارة الأفريقية مع نهاية القرن الخامس عشر مرحلة جديدة ارتبطت بنجاح البرتغاليين فى اكتشاف طريق رأس الرجاء الصالح وسيطرتهم على السواحل الأفريقية. وبدأت منذ ذلك الحين السيطرة الاستعمارية على القارة ليس بالبرتغاليين فقط، وإنما بمشاركة: بريطانية، فرنسية، إيطالية، ألمانية وبلجيكية، تاركة آثاراً سلبية على العلاقات العربية الأفريقية، فقد حاولت القوى الاستعمارية الأوروبية محاصرة الإسلام فى أفريقيا جنوب الصحراء وطمس ملامح علاقتها بالثقافة العربية، واستبدال كتابة اللغات الأفريقية من الحرف العربى للحرف اللاتينى وإقامة علاقات اقتصادية وتجارية بديلة، ويمكن رصد محاولات الاستعمار الدءوبة على اختلاف مصادره فى إضعاف الروابط العربية الأفريقية وطمس معالم تاريخ العرب فى أفريقيا فيما يلى:
      1- وقع صدام عنيف بين البرتغاليين والمراكز التجارية والإمارات التى أسسها العرب فى شرق أفريقيا وخاصة فى ممباسا، وتوحد العرب والأفارقة فى كفاح مشترك لتحرير تلك الشواطئ غير أن جهودهم لم تكلل بالنجاح نتيجة لعدم تسلح الجيوش هناك تسلحاً كافياً، فهى لم يسبق لها خوض أية حروب قبل الغزو الاستعمارى لها نظراً لأنها إمارات أسست على التجارة والدعوة السلمية.
      2- عملت القوى الاستعمارية البريطانية والألمانية على تفكيك سلطنة زنجبار وانتهى الأمر لصالح الاستعمار البريطانى وكانت له الغلبة والسيطرة على هذه السلطنة.
      3- فى منطقة الكونغو عمل الاستعمار البلجيكى على تشويه صورة العرب حيث كانوا القوة المنظمة التى تستطيع مواجهته، وصوروهم على أنهم تجار رقيق.
      4- عمل الاستعمار على تحجيم الامتداد المصرى إلى الجنوب فى عهد محمد على والخديوى إسماعيل.
      5- تبنى الاستعمار سياسة اللا تعريب فى أفريقيا وأصبح الأمر المحقق هو انتشار لغة المستعمر بل فرضها كلغة تخاطب وتعليم فى مدارس الدولة المحتلة وإحلال الحرف اللاتينى محل الحرف العربى فى كتابة اللغات الأفريقية المحلية، وكان ذلك على حساب انتشار الحرف العربى واللغة العربية وبالتالى أيضاً انتشار الإسلام.
      غير أن هذه السياسة كان لها آثارها السلبية على اللغات المحلية ذاتها، فإحلال الحرف اللاتينى محل الحرف العربى فى لغة كالسواحيلية أفقدها كثيراً من صوتياتها وسماتها حيث أن كثيراً من المفردات التى اقترضتها السواحيلية من العربية على مدار القرون والأزمان حوت أصواتاً غير موجودة بالأبجدية اللاتينية: كالحاء والعين والظاء والضاد وغيرها مما أحدث خللاً باللغة السواحيلية. والمتابع لسياسة اللا تعريب الاستعمارية واستبدال الحرف العربى باللاتينى يجد أنها ارتكزت بالأساس على اللغات التى يدين ناطقيها بالإسلام مثل: السواحيلية والصومالية والهوسا والولوف فى حين أنه توجد لغات أفريقية أخرى لم يسعى الاستعمار إلى كتابتها باللاتينية.
      * عودة الحرف العربى:
      بدأت فى السنوات الأخيرة تتعزز الدعوة إلى إعادة كتابة اللغات الأفريقية بالحرف العربى وأيضاً عودة اللغة العربية مرة أخرى إلى أراضيها التى عاشت فى كنفها قروناً طويلة تواصلت خلالها وعلى كل المستويات الإنسانية مع سكان القارة الأصليين فكانت بينهم علاقات نسب ومصاهرة وتجارة وعقيدة جعلت العرب المقيمين فى أفريقيا ينصهرون فى بوتقة القارة السمراء، وفى نفس الوقت أصبحوا هم حلقة الوصل الأساسية بين العرب والأفارقة ، ومن أجل دعم علاقات ترجع إلى نحو ألفى عام بدأت عدة مجهودات نذكر منها:
      بدأت الصومال منذ ما يزيد على 13 عاماً فى الدعوة إلى دعم اللغة العربية وجعلها لغة رسمية للبلاد إلى جانب الصومالية وأيضاً العمل على إعادة كتابة الصومالية بحرف عربى.
      اعتمدت السلطات التشادية اللغة العربية كلغة ثانية للبلاد بعد الفرنسية كما تقوم المؤسسات الإسلامية المحلية وعدد من الدول العربية بدعم التعريب بالتعاون مع المؤسسات الإسلامية المحلية.
      اعتمدت السلطات فى النيجر اللغة العربية كلغة ثانية بعد الفرنسية، وينتشر تعليم اللغة العربية والإسلام فى المدارس الإسلامية الحديثة فى كل أنحاء النيجر.
      فى مايو 2006 أوصت لجنة متخصصة فى مقر المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (الإيسيسكو) بدعم المشروع الثقافى الحضارى الخاص بإعادة كتابة لغات الشعوب الأفريقية المسلمة بالحرف العربى الذى تنفذه الإيسيسكو –وقررت اللجنة التى تتكون من ممثلى البنك الإسلامى للتنمية واليونسكو والإيسيسكو ومعهد الدراسات والأبحاث للتعريب بالرباط عقد اجتماعات دورية كل ثلاثة أشهر للمتابعة، وبالفعل تمت إعادة كتابة إحدى وعشرين لغة أفريقية بالحرف العربى فى إطار هذا المشروع. وكانت الإيسيسكو قد أنتجت آلة طباعة خاصة بالحرف العربى المنمط، كما أنتجت حروفاً طباعية يدوية خاصة بذلك وزعتها على الدول الأفريقية الأعضاء بالإيسيسكو.
      وفى مايو 2007 عقدت المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (الإيسيسكو) ورشة تدريب للصحفيين على استعمال الحرف العربى فى الإعلام التربوى فى العاصمة الغينية كوناكرى، شارك فيها صحفيون بصحيفة "أخبار غينيا" اليومية التى تصدر فى كوناكرى عن وزارة الإعلام باللغة العربية وباللغة الوطنية المحلية المكتوبة بالحرف العربى. كما شارك بها أيضاً عدد من العاملين فى مجال محو الأمية بواسطة اللغات الوطنية المكتوبة بالحرف العربى المنمط ومسئولون عن المدارس القرآنية ومدرسوها. وجاءت تلك الورشة بهدف إطلاع المشاركين على الطرق المبسطة لاستعمال الحرف العربى المنمط من أجل ضمان انتشار أوسع له وتشجيع دول أخرى من أفريقيا على اعتماد وسائل جديدة فى محو الأمية باستعمال الحرف العربى المنمط فى كتابة لغاتها الوطنية الأفريقية، إضافة إلى أن استعمال الحرف العربى فى كتابة اللغات الوطنية الأفريقية يساعد على تعليم قراءة القرآن الكريم والحديث النبوى وفهمها بشكل صحيح لمعتنقى الإسلام بتلك الدول.
      ومازالت الجهود تتتابع لإعادة كتابة اللغات المحلية الأفريقية بالحرف العربى دون كلل.

      منقول
    • مشكووور....يعطيكـ العافيه..

      ..تقبل مروري..
      اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين
      أستغفر الله من كل ذنب أذنبته ومن كل عمل بنية شر انجزته
      اللهم أغفر لي ولعائلتي وللجميع المسلمين الأحياء منهم والأموات
      اللهم يامقلب القلوب والأبصار ثبت قلوبنا على دينك