تذكر التعلم و تعلم التذكر

    • تذكر التعلم و تعلم التذكر

      النظر للمستقبل

      من الشائع عند الطلاب الذين يعانون من صعوبات في الذاكرة أن يتركوا المدرسة ويفترضون أنهم أغبياء. ومن المقلق جدا وجود عدد كبير من الأطفال ذوي العقول الممتازة الذين يظهرون قصورا في الذاكرة لايعرفون هم أنفسهم عنها، ويجب أن نصل إلى هؤلاء الأشخاص قبل فوات الآوان.

      إن فانس مثال واضح، فهو غير مستعد حاليا للعودة إلى المدرسة، أو الحصول على عمل، أو التفكير في المستقبل على الإطلاق. يبقى في المنزل طوال اليوم، وينام حتى وقت متأخر، ويقلب المجلات و الجرائد، و يشاهد المسلسلات الطويلة و الألعاب الترفيهية على التلفاز. ويصف قائلا: ((لا فائدة، كل ما ألمسه يصبح سيئا. لقد فشلت أكثر مما ينبغي في حياتي، ولست مستعدا لأن أكرر كل شيء مرة أخرى)).

      لا يزال فانس يعزف على الغيتار أحيانا ولكنه توقف عن كتابة الموسيقى. إنه مصاب بكآبة واضحة و قد بدأ بتناول الأدوية. عندما ناقشت أنا وفانس مشكلات ذاكرته، أحس بالخلاص، لكنه تصرف وكأن الآوان فد فات، فقد كان يائسا من نفسه.

      يا للأسف، عقل متألق يضيع سدى. أحس فانس وكأنه متخلف جدا في كل شيء، ولا يجد أية طريقة للحاق بالركب: ((أشعر وكأنني مقبور ولا أستطيع أن أحفر لأخرج)). لقد كان يرفض العمل خوفا من فشل آخر. إننا لا نزال نعمل على فانس، وأعتقد أن هناك أملا.

      يتورط كثير من الأطفال من أمثال فانس في المخدرات و العصابات، ويستحق فانس المديح لمقاومته طرق الهروب هذه. لا نزال أنا وأبواه نستكشف بعض الطرق الآمنة التي يمكن فيها أن يستعمل قدراته الفكرية ويجد طريقا نحو الإنتاجية والرضى في الحياة. و لو استطعنا أن نعيده إلى الطريق الصحيح، ونجد له المكان المناسب لتمكنا من أن نقدم له بعض الطرق لتجاوز ضعف ذاكرته عندما يصبح أيضا أكثر انتظاما في فتح الملفات في الذاكرة.

      أتمنى لو أن فانس استطاع أن يفهم نفسه في وقت أبكر وقبل أن يعاني من مثل هذه الجراح العميقة لنظرته إلى نفسه. يوجد حولنا كثير من أمثال فانس الذين أُسيء فهمهم.

      يمكن للاكتشاف المبكر للعجز في الذاكرة أن ينقذ الأطفال وأهلهم ومعليهم من أطنان من الدموع و ساعات النوم المضطرب، ناهيك عن الصراع المرير.




      نبذة من كتاب لكل عقل موهبة للكاتب الدكتور الطبيب مل لفين
      مدير مركز التطوير و التعليم الأمريكي و مؤسس All Kinds of Minds Institute