وحش يفتك بهم من دون رحمة الإيدز يغتال الأطفال !

    • وحش يفتك بهم من دون رحمة الإيدز يغتال الأطفال !

      وحش يفتك بهم من دون رحمة الإيدز يغتال الأطفال ! تحقيق: زينب حافظ
      الايدز احد الأمراض التي انتشرت بشكل كبير خلال العشرين عاما الماضية، مسببا معاناة كبرى للعديد من الأسر، ومؤخرا خرجت علينا الإحصائيات بأرقام مخيفة تؤكد إصابة أعداد كبيرة من الأطفال بهذا المرض المدمر الذي يقتلع حياتهم من دون رحمة، مخلفا وراءه قصصا مأساوية تعجز عن وصفها الكلمات.
      ولم ينج أطفال مملكة البحرين من عدة إصابات تم اكتشافها خلال الخمسة والعشرين عاما الماضية، البعض منهم مازال حيا يرزق وآخرون توفاهم الله، وجميعهم انتقلت إليهم العدوى عندما كانوا أجنة في أرحام أمهاتهم.
      وعلى الصعيد العالمي تشير إحصائيات عام 2007 إلى أن عدد الأطفال الذين يعانون فيروس نقص المناعة دون 15 سنة بلغ حوالي 1،2



      مليون طفل من 2،33 مليون مصاب، إذ أصيب 420000 طفل بفيروس الايدز، وتوفي 290000 طفل بسبب متلازمة نقص المناعة المكتسب.
      وتعد افريقيا موطنا لحوالي 90% من مجموع الأطفال الذين يعيشون مع فيروس نقص المناعة، أصيب معظمهم خلال فترة الحمل والولادة أو أثناء الرضاعة الطبيعية، وتوفي حوالي 50 في المائة من الأطفال قبل الثانية من العمر، عن طريق انتقال فيروس نقص المناعة البشرية من الأم، وعدد الأطفال دون سن 18 عاما الذين تيتموا بسبب الايدز ارتفع إلى أكثر من الضعف بين عامي 2000 و2007، حيث وصل إلى 1،12 مليون طفل.
      وفي عام 2007، مثلت الفئة العمرية 15 الى 24 سنة من الشباب حوالي 40% من الإصابات الجديدة بفيروس نقص المناعة البشرية إذ وصل عددهم إلى 4،5 ملايين مصاب، منهم حوالي 1،3 ملايين من النساء.
      وخلال 2007، أصيب أغلبية المليوني طفل الذين تقل أعمارهم عن 15 سنة، والذين يعيشون بفيروس الايدز، بالعدوى قبل ولادتهم أو خلال الولادة أو الرضاعة في حين يمثل الشبان الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و24 سنة، 40% من الإصابات الجديدة .
      وفي دراسة أجرتها كل من منظمة الأمم المتحدة للطفولة والمنظمة العالمية للصحة ومنظمة الأمم المتحدة لمكافحة الايدز أثبتت أن أكثر من 12 مليون طفل في دول افريقيا جنوب الصحراء، و15 مليون طفل على مستوى العالم يتامى بسبب الايدز، و23% من النساء الحوامل الايجابيات المصل (350 ألفا) يتلقين مضادات للفيروس لخفض خطر نقل العدوى إلى أجنتهن حتى ان كانت النسبة قد ارتفعت بنسبة 60% من 2005 إلى 2006، وان عدد الأطفال المصابين بفيروس الايدز الذين يتلقون علاجا في الدول النامية ارتفع بنسبة 70% بين 2005 و2006 (127 ألف طفل مقابل 75 ألفا السنة السابقة).
      وتوقعت الدراسة أن يتمكن 21 بلدا من تحقيق هدف الوقاية بنسبة 80% من انتقال فيروس الأم إلى الطفل بحلول 2010، ومن بين تلك البلدان ذكرت اليونيسيف جنوب افريقيا وبنين وبوتسوانا والبرازيل وناميبيا ورواندا وتايلند بينما لم يكن عدد تلك البلدان يتجاوز 11 قبل سنة.
      وفي السودان سجلت المستشفيات ومراكز رعاية الحوامل 6119 إصابة إيدز، فيما بينت إحصائيات الفحص الطوعي للنساء بأحد المجمعات الطبية إصابة 9% من مجموع 449 متطوعة، وبين جملة المترددات على مستشفى الولادة البالغ عددهم 6347 أجرى الفحص الطوعي على 440 منهن وجدت بينهن إصابتان، وهذه الأرقام الكبيرة تشكل دلالة أخرى على مدى انتشار الإصابات بالايدز في السودان.
      وعن كيفية انتقال مرض الايدز إلى الأطفال، والطرق التي يجب أن تتبعها الأم لوقاية أطفالها من الإصابة بهذا المرض المدمر، وكيفية تنظيمها لحياتهم وتعاملها معهم، والايجابيات المطلوبة من المجتمع لاستيعاب هؤلاء الأطفال كان لـ "أخبار الخليج" وقفة لإلقاء الضوء على الكثير من النقاط الغامضة وذلك خلال التحقيق التالي:
      بعض الحالات
      طفلة جميلة في عمر البراءة لم تتعد الثامنة من عمرها، جاءت إلى الدنيا بصرخة ألم سوف تستمر معها ما بقيت من عمر، مسببة لمن حولها تعاسة تعجز عن وصفها الكلمات، لأنها ببساطة حاملة لمرض الايدز الذي انتقل إليها من أمها وهي لاتزال جنينا في رحمها، وقد انتقل إلى الأم من زوجها الذي اتبع خطوات الشيطان وكانت النتيجة أن توفاه الله وهو في بداية زواجه مخلفا امرأة وطفلة لا ذنب لهما فيما تحملانه من عذاب سوى إنهما تنتسبان إليه.
      وبدأت فصول المأساة عندما اكتشف القائمون على التحاليل في المستشفى العسكري ان نتيجة تحليل الايدز الذي اجري لإحدى الحوامل جاءت ايجابية، وعندما استطاعوا الوصول إليها كانت قد وضعت طفلتها التي أثبتت التحاليل أنها حاملة للمرض، وأصيبت الأم بصدمة كبرى ولم تعرف على من تصب ثورتها، أتصبها على زوجها، ولكن كيف وقد صارحها قبل الزواج بعلاقاته النسائية المتعددة ومع ذلك وافقت على الارتباط به؟ أَتحمل نفسها المسئولية فهي من ارتضت الارتباط برجل اتبع خطوات الشيطان؟ لكن ما ذنبها فهي لم تكن تعلم انه يحمل هذا المرض اللعين؟ وسرعان ما حولت ثورتها إلى القائمين على الفحص قبل الزواج لأنهم لم ينصحوها باجراء تحليل الايدز مكتفين بعمل تحليل الدم الوراثي الذي اثبت انهما مناسبان لبعضهما بعضا، ولكن هم أيضا لا ذنب لهم لان تحليل الايدز لم يكن إجباريا في ذاك الوقت.
      وعندما لم تجد من تحمله نتيجة مأساتها حولت ثورتها وغضبها إلى خوف على ابنتها، فكرست كل جهدها ووقتها لرعايتها، وحرصت على إخفاء سرها عن كل من حولها وخاصة مدرستها كي لا تعامل بشكل يجرح مشاعرها، وقد أمضت السنوات الماضية في خوف من اكتشاف سر طفلتها، وترقب لما يمكن أن يحدث لها، وسوف تمضي ما بقي لها من عمر في تعاسة وشقاء حاملة عبء الحياة وحدها خاصة ان صحة زوجها قد تدهورت سريعا اثر اكتشاف مرضه ومات بعد عام ونصف عام فقط من إجراء الفحوص التي أثبتت انه السبب في الكارثة التي حلت بعائلته، أما الطفلة فتتمتع بصحة جيدة نظرا لتلقيها العناية اللازمة، إذ تخضع لفحص دوري ولذلك لم تظهر عليها أعراض المرض على الرغم من انها تحمل الفيروس.
      ندم
      أما هذه الطفلة التي تحيا حياتها ببراءة ولا تعلم المصير الذي ينتظرها في مستقبل أيامها بسبب أب كان يعلم انه حامل للمرض، ومع ذلك عاش في حالة إنكار للحقيقة، وأقدم على الزواج من امرأة أجنبية من دون أن يصارحها بحقيقة مرضه، وكانت النتيجة مولد طفلة استقبلت الدنيا بنمو غير طبيعي، وارتفاع في درجة الحرارة، بالإضافة إلى تضخم في الكبد وتضخم الغدد الليمفاوية، مما جعل الطبيب يشك في إصابتها بمرض الإيدز، وجاءت نتيجة التحليل لتؤكد أن ظن الطبيب في محله، وبالتحليل للأم والأب اتضح انهما يحملان المرض وان هناك تحليلا سابقا للأب تؤكد نتيجته انه كان يعلم بمرضه قبل أن يقدم على الزواج، مما أصاب زوجته بصدمة كبرى وإحساس بالظلم لأنه تزوجها وهو يعلم بأنه سوف ينقل إليها والى أطفالهما المرض، ومع ذلك لم تطلب الطلاق لأنه لن يحل المشكلة إذ أصبحوا جميعا يعانون المرض، وكان أن أكملت حياتها معه كي ترعى ابنتها، ولكنها أصيبت بعد فترة في رأسها وحدث لها نزيف داخلي وتشنجات أودت بحياتها خلال أسبوع، وبعدها دخل الزوج في حالة ندم عميق لأنه كذب عليها وكان السبب فيما حدث للأسرة، وحاليا الطفلة تتلقى العلاج وتتجاوب معه، ولا احد يعلم بمرضها سوى أهل والدها الذين يساعدونه في رعايتها.
      مأساة أخرى تعيشها أم لشاب يبلغ اثنين وعشرين عاما لم يستطع إكمال تعليمه الثانوي نظرا لان عقله غير مكتمل النمو وقد يعود ذلك إلى أن فيروس نقص المناعة المكتسب قد يكون قد أصابه بالتهاب في المخ، وتعود فصول الرواية عندما حملت الأم المرة الأولى ونقل إليها دم وهي في الشهر الثالث من الحمل وفي الشهر السابع أثبتت التحاليل أن الدم الذي نقل لها كان ملوثا، ولم يكتمل هذا الحمل، ولكنها حملت مرة أخرى واتخذت كل الاحتياطات وبدأت عمل التحاليل منذ بداية الحمل، وأنجبت طفلا معافى ولكنه يحمل الفيروس، ومع مرور السنوات اتضح أن عقله لا ينمو بما يتناسب مع سنه مما أدى إلى تعثره في المرحلة الثانوية، وهو إلى الآن لا يعلم انه مريض رغم أن الأطباء يفضلون اخبار المصابين في مرحلة البلوغ بحقيقة حالتهم فإن أهل هذا الشاب قرروا عدم إخباره خوفا عليه من الصدمة، ويتابعون حالته باستمرار ويبذلون جهدا كبيرا في رعايته.
      أمل
      حالة أخرى اكتشفها المستشفى العسكري عام 2006، لامرأة أمية كانت تلاحظ أن زوجها لديه علاقات متعددة ولكنها لم تستطع مواجهته لفقرها، ولأنه عسكري فقد اكتشف المستشفى مرضها وهي في الشهر السابع من الحمل، ولتأخر الفحص أنجبت طفلة مصابة بالايدز، ولم تستطع الأم تقبل الواقع المر ورفضت فكرة إصابة ابنتها، فتناست نفسها وحياتها وأصبح كل همها إنقاذها، فأخذت تطرق أبواب جميع المستشفيات حاملة رضيعتها بين أيديها، تجرى لها التحاليل المتتالية وتستجدي الأطباء أن يشفوا طفلتها التي تعاني ضعفا في النمو، واكتملت فصول المأساة بموت الأب في رمضان 2007، تاركا زوجة تعيش في حالة ذهول، لا تريد الاعتراف بمرض طفلتها مفضلة التمسك بالأمل لعلها تشفى في يوم ما، وطفلة تعاني المرض الذي يفتك بطفولتها ولا يعلم سوى الله ماذا سيكون مصيرها.
      رأي الطب
      وحول طرق انتقال الايدز، والاحتياطات التي يجب على الأم اتخاذها أثناء الحمل لحماية أطفالها من الإصابة بهذا المرض، كان لنا لقاء مع الدكتورة سمية الجودر رئيسة اللجنة الوطنية لمكافحة الإيدز التي بدأت حديثها مؤكدة ان الايدز لا ينتقل إلا عن طريق الاتصال الجنسي أو نقل الدم الملوث أو تداول الحقن الملوثة بين أكثر من شخص، بالإضافة إلى انتقاله من الأم المصابة إلى جنينها، وفي بعض الحالات لا يصاب الطفل.
      { معنى ذلك وجود احتمال أن يولد طفل سليم لام مصابة.
      - بالفعل توجد حالات فهناك حالة لاحدى السيدات التي تزوجت قبل الفحص الإجباري، وكانت حاملا عندما تعرض زوجها لحادث اكتشف على اثره انه مصاب بالايدز، وأثبتت التحاليل أنها لم تصب، ولذلك طلبت الطلاق وأنجبت طفلا يتمتع بصحة جيدة، وعموما انتقال العدوى يخضع إلى عدة عوامل، منها نسبة المناعة في الجسم ونسبة الفيروس في الدم.
      { هل نسبة انتقال العدوى من الزوج إلى زوجته والعكس متساوية؟
      - احتمال انتقال العدوى من الرجل إلى المرأة تسع مرات أكثر من المرأة إلى الرجل، ويعود ذلك للعوامل البيولوجية، بالإضافة إلى العوامل الاجتماعية، فالمرأة لا تستطيع إجبار الزوج على استخدام العازل لأنها الطرف الأضعف ولذلك يسهل انتقال المرض إليها.
      { هل تتبع وزارة الصحة طرقا معينة لإجراء فحص الايدز للحوامل؟
      - في عام 2007 اتبعنا نظاما مفاده إجراء تحاليل الايدز للحوامل اللاتي تعرضن إلى نقل دم، أو الإصابة بمرض الزهري، أو الكبد الوبائي، بالإضافة إلى من تعاني إفرازات مهبلية أو ألم أسفل البطن، وقد أجرينا التحاليل لأكثر من سبعة آلاف شخص ولم نكتشف أي حالة مصابة، فتوجهنا إلى إجراء الفحص الطوعي أي لمن يطلب التحليل بإرادته وذلك في سرية كاملة ومن دون ذكر الاسم، ونحن حاليا نشجع الفحص الطوعي إذ لا تتعدى تكلفته الخمسة الدنانير، ويجب على كل امرأة أن تطمئن على نفسها وأن تكرر التحليل أكثر من مرة.
      وفي حال اكتشاف أن احدى السيدات تحمل الفيروس نعطيها أساليب منع الحمل مع استخدام العازل الطبي، أما في حالة الحوامل فنبدأ في الشهر الرابع بإعطائهن عقاقير طبية لمنع انتقال المرض إلى الأطفال، وكل من خضعن للمتابعة الطبية أنجبن أطفالا أصحاء.
      رعاية خاصة
      - وعن كيفية تعامل الأمهات مع أطفالهن المصابين بهذا المرض تقول الدكتورة سمية الجودر:
      من السهل تقديم النصيحة ولكن تنفيذها هو الصعب إذ يجب على الأم متابعة طفلها ومراقبته جيدا، لحمايته من الإصابة بأي مرض حتى لا تتعب جهازه المناعي في مقاومة أمراض فرعية في الوقت الذي يحتاج إلى كل قوته لمقاومة المرض الأساسي، وإذا حدث فيجب علاجه بأقصى سرعة، بالإضافة إلى الحرص على تناوله التطعيمات في أوقاتها كي تعطيه الحماية الكافية، كما يجب أن تخضعه لفحص دوري وتقييم إكلينيكي ومختبري، أما بالنسبة للطعام فيجب أن يكون متنوعا مع التركيز على البروتينات والخضراوات سواء كانت مطهوة أو نيئة لتقوية الجهاز المناعي، بالإضافة إلى تشجيعه على ممارسة الرياضة بغرض الترفيه والتسلية، ويجب عدم حرمانه من حقه في التعليم مع مراعاة أن يعامل في المدرسة كطفل عادي، ولا يوجد تخوف من تعامله مع الأطفال الأصحاء أو لعبه معهم وحتى في حال إصابته بجرح فلا يوجد خوف إذ ان فيروس الايدز يموت بمجرد تعرض الدم إلى الهواء.
      - وعن تعامل الناس مع مرضى الايدز تقول الجودر:
      قامت اللجنة الوطنية للإيدز التابعة لوزارة الصحة مع المكتب الإنمائي للأمم المتحدة بمملكة البحرين بعمل دراسة تناولت ثلاث شرائح هي الحوامل والمدمنون والشباب من كل الفئات على أساس أنهم الأكثر عرضة للإصابة بهذا المرض، لمعرفة معلوماتهم عن طرق الوقاية واتجاهاتهم للتعامل مع المرضى فوجدنا أن 57% لا يريدون التعامل معهم سواء كزملاء دراسة أو مدرسين، ولذلك قررنا ألا نبلغ جهات العمل أو التعليم، وبعد 3 سنوات سوف نعيد هذه الدراسة لمعرفة هل تغيرت نظرة الناس إلى مرضى الايدز أم لا.