ثقافة الحب وتعريفاته النفسية

    • ثقافة الحب وتعريفاته النفسية

      بسم الله

      " إن فن الحب يُشكّل دورة الأحاسيس الإنسانية فهو يقود إلى السبيل الأسمى " قول صيني قديم " لم ينسب لشخصية معينة فاعتبر من تراثيات وأقوال صينية . .



      " يُعرف الحب بأنه فن راقي له مشاعر تُقلّبه أحاسيسنا المعرفية إلى وعي شعوري واضح ويُعرف الجنس بأنه ثورة الاتصال بأحاسيسنا فهو الشعور الأسمى للتعبير عن تآلف حيواتنا . "
      المرتاح في احدى كتاباته .


      إذن ، إذا ما أردنا تعريف الحب فسنقول بأنه الاستمرارية في الحياة وهو أصل الوجود ، وكل ما هو موجود في ثنائياته المتداخلة والمتفاعلة مع بعضها بعضاَ .. لا بد أن تكون مصادره حقيقية . وطالما نحن الآن نقترب من هذه المصادر الحقيقية ، ظاهرية منها أو حادثة ، نعرفها بأنها صادقة ، ذلك لأنه شاغلنا الدائم من حيث ندري أو لا ندري .. وذلك هو الحب الذي تسمّى كثيراً بالعاطفة . فالعاطفة مثلاً شُعلة متوقدة ، تملأ أسماعنا وعقولنا ومشاعرنا ، وتغزو ثقافتها كلماتنا وتستوطن غالباً القلب .. وتجرحنا بأحاسيسها ، وغالباً ما نهرب من حقيقتها .. فمثلاً لو قال لك أحد من الناس إنني مهموم / نحيف الجسم / ضيق الصدر / ربما انك تحب .. سوف يكون الرد لا سلبي ، ظاهريا ، لكن الإجابة الحقيقية في المنولوج الداخلي ـ نعم ـ كلمة نعم ، كامنة فينا ، لكننا نُغيّبها وهي جلية واضحة ، فالحب نعرفه بالأمل ، وبهذا الأمل نتغنّى ثم به نتأمل .. وبالحب ايضاً نتقرّب .. كيف ..؟! ربّ سائل يسأل .. ونقول : مثال .. لو انك تحب بنت الجيران ، فسوف تختلف معاملتك مع أهلها وإخوانها وأخواتها وكل المحيطين بها .. وستتعدد زيارتك وتكثر ، ومُستعد وقتها ، لبذل أقصى وقصارى جهدك لارضاؤهم ، أكثر مما تفعله مع اهلك وأخواتك وإخوانك . إذن نقول أن الحب يُلوّن شعورنا ،ويعطي مشاعرنا دفعاً من الدفء والحميمية اتجاه الأخر ..ناهيك عمّن يتعلّق به قلبنا هياماً في فتنته .. وهذا النوع من الهيام هو الحب على الأكثر أو حتى الأغلب . فالحب ينبوع أحاسيسنا ، نتقرب إلى الأخر بواقع شعورنا وبواقع لمسة تحركه في أحشائنا .. وقديماً قالوا ( وما الحب إلا للحبيب الأول ) لا اذكر الشاعر أو من تغنّى بها .
      إذن نقول أن الحب يجعلنا نتغنى بشاعرية فذّة ، ولها لذة وشهية في النفس المطمئنة بهذا الحب ودوافعه العاطفية . فالحب إذاً يُوقد شرارة انطلاقتنا، ويُثري دوافع إلهام مُخيلاتنا ويزيد تفكيرنا صلاحاً ونجاحاً ونحن نتفننّ لمصلحة هذه المشاعر بكل ما تحمله من أحاسيس وجدانية ومشاعرية مُلهمة لعقولنا أو تلتهب بإشتعال في ذواتنا أو مُهجاتنا ..إذا ما أحسنّا التعبير .. ويُعزز في دواخلنا الثقة الخالصة بمن نحب .. ويرسم لنا حركاته التبادلية كما لو كنا نعيشها توّاً . ويغرينا بالمتابعة ، ويكوّن في نفوسنا مُتعة التواضع بمن نُعطيه أشياءنا .. ظاهرية أو باطنية بلا قيمة ولا مقابل ، بل ويدفعنا أن نُضحي بما نملك غالٍ أو نفيسٍ ، ونسترخص كل شيء فيه .. فلماذا هذا المارد اللطيف الذي يسكن أحشائنا ، يدغدغ وجداننا بقوة لا إرادية .. ولماذا يدير تركيزنا وأسماعنا إلى حيث يُريد .. كأنه رُبّان سفينتنا ونحن في عرضه تتلاطمنا أمواج شاعرية ، وتصطدم بمياه عذوبته ، رغم مُلوحتها الظاهرة . فحضرتْ عندها أذهاننا فقط بمجرد التلميح إلى مُبتغانا .. دون شكٍّ ودون تشكّي ، إلا في حالة واحدة عسيرة ومُقرفة بالنسبة لنا ، تلك الحالة هي حالة فقد الحبيب ، سواء أكان بالموت أو الالتجاء إلى شيء آخر أو مُحاولة التملّص مِنا ، أو انحرافه إلى جهة أخرى لا نحبها ولا نُحبذها.. غير جهتنا بالطبع .وحينها يصعب القرار اتخاذه بسهولة ويسر وبكل بساطه .. فاتخاذ القرار صعب هنا ..حتى لو أرغمت عليه .. أو ربما قد اتخذناه بسرعة انقلابية كبيرة ، كما يقولون من الصفر إلى المائة أو العكس .. أومن العشرة حتى الصفر .. إنما هذه السرعة تُعد تهوراً نفسياً ، ليس إلا..! يغلب عليه طابع الضيق ، وخنق زجاجة رائحة الحب التي كانت لتوّها تفوح من قنينتها ، فأصبحتْ هذه القنينة خالية من مائها العذب ، الذي نستقيه من خلال فوهتها أو فوهاتها الزكية ، ذات القدرة الطبيعية التي تتفنن في إسعادنا أو تعذيبنا وفق قدرات وإرادات لا طاقة لنا بها .. سواء أكان ذاك الشخص كبيراً أو صغيراً غنياً أو فقيراً ، عفيفاً أو صعلوكاً ، حاكماً أو خادماً في عرش ملكه . إنه الحب ، ذي اللمسة السحرية التي لا تعرف الهَجْعه إلا باكتمال لذتها ، واقتناء طيبتها في حقيبة سُلوكنا اليومي .
      إذن نقول / أن الحب أسمى شيء عرفه الإنسان "فال " ، هذه تشير التعريف به و" الحاء " تشير إلى إحياء ما فينا وفي دواخلنا وأحاسيسنا ومشاعرنا .. و" الباء " بداية طريقنا إليه وبداية حياة لطفنا وهنائنا وبداية انحرافنا عن عادات مألوفة في عالم يسوده تقاليد مرتبطة بثقافة دينية أو احترازية أو التزاميه .. أو شخصية سلوكية عامة . فالحب ، جملة كبيرة ساكنة في أنفسنا ، متأصلة في مشاعرنا ومتأصلة في جوارحنا ، فالحب خطاب تعبيري وإنشائي ولفظي صادق ، وكلمته ، قد يلقيها البعض جزافاً ، كناحية استهلاكية وآخرون يطلقونها كأنما هي خزائن تتهادى من أعلى سماء في كوكب مشاعرنا وأحاسيسنا .. فالحب غاية وهدف نلتزم به .. والحب قد يقودنا إلى خطيئة أو جرم .. وللحب معان نرتعد إذا ما سمعناها ، نخاف منها / فهناك من مات باسم الحب, أو قُتل في سبيل الحب ودافع الغضب .. وهناك من زجّ في نفسه في غياهب السجون بوحشية كل ذلك في سبيل دفاعه عن حبه . وهناااك ايضاً من تلقى صَفْعة الخطيئة باسم الحب .. فالبناات في عالم شرقنا هنّ المتضررات من هذا الحب الذي لم يرقى يوماً إلى طموحهن ، فتنكسر القيم ، وتحبط التقاليد ، وتضيع الإنسانية بسبب الحب . وباسم الحب ، ينجر الرجال وتغرر به إمرأة فيتيه ضائعاً في صحراء غياهب حبّه الذي سيغرق من جراء تماس شيطنته .
      وسؤالي أطرحه عليكم جميعاً ، إلى أي مدى يكون الحب باق وقوياً في حضورنا النفسي وفي غياهب مشاعرنا وأحاسيسنا .. ؟! وإلى أي مدى نبقى نُزيف الأقاويل ، ونلفّق الأكاذيب ، كمحاولة مستميتة لمخاتلته .؟! فهل ذلك كله بدافع الحب .؟! أم بدافع عواطف لا قِبَل لنا بها ..؟!! وهل يمكن أن نقول أن الحب هو أسمى عبارة لا تستقر على حال .؟! أو هل يمكن أن نقول بأن كينونة ثقافة سلوكياتنا ومتغيراتنا تسعى لزعزعة هذا المفهوم كلما تقدمتْ البشرية أو تحضّرتْ بمدنيتها وتطوراتها .؟! وهل بالفعل يُفزعنا إلى حد بعيد على اعتباره قرين مُرعب ، لا نفهم من خلاله غير صوابنا أو خطأنا في حين نجثو نتباكى أو ربما نعض أصابع الندم على ما فرّطنا فيه .؟!
      الإجابات والتعليقات مسموحة للجنسين معاً .
      ترقبوا في المرة القادمة ، سنقوم بدراسة إشكال الرغبة الجنسية في كل حالاتنا الاجتماعية ..

      تحياتي المرتاااح

      |a
      لن تستقيم الحياة إن لمْ يستقم عليها الانسان .!
      لن يُحبّ الله أحداً إلا إذا أحبّ الانسان غيره بصدق ..!!
      الحُبّ الحقيقي تتدفّق عاطفته كما يتدفّق الماء من أعلى قِمّة.!