بعد الغياب /رواية مختلفة جدا وجديدة جدا

    • عبدالله سكر من ماجد وهو مولع من الغضب..
      (هذي يعني رجعت تطلع في حياتي عشان تنكد علي)..

      حس كل ماله يولع ويولع وهو يتذكر السالفة اللي كثير قالها له ماجد عن لقائه الأول والوحيد بجواهر (اللي ماقال له اسمها بس كان يقول صديقة اختي)..
      اللقاء اللي خلا ماجد اللي كان مضرب عن الزواج عمره كله.. يجن بجواهر ويخطبها فوق 20 مرة خلال سنة..


      قبل سنة

      ثاني يوم لولادة نجلاء.. الساعة 6 ونص صباحا.. نجلاء ماكان معها إلا الخدامة، مرت عليها جواهر الصبح قبل تروح للجامعة، بفطور كامل على أساس قبل أي حد يجيها.. وأكدت لها نجلاء إنه مافيه أي حد بيجيها قبل الساعة 10..

      نجلاء كانت تبي تدخل الحمام.. طلبت من جواهر تغير للولد..
      جواهر طلعت على سرير نجلاء بعد ما فسخت عبايتها وحطتها على جنب.. عشان تبدل لحمودي

      وقتها أخوها ماجد كان عنده نفس التفكير : خلني أمر نجلاء قبل أروح للدوام وقبل يجونها الحريم..

      ماجد وصل لغرفة نجلاء فتح الباب بشويش يخاف نجلاء نايمة ويصحيها..

      شاف ماجد مشهد انطبع في ذاكرته.. الذكرى اللي أصبحت احلى ذكرى بحياته..

      ماقدر يتكلم
      أو يتنحنح
      أو يتراجع مثل ماكان مفترض يسوي

      شاف قدامه أحلى مخلوقة شافها بحياته ( مستحيل تكون هذي أنسية، هذي أكيد ملاك أو حورية.. مافيه بشر بهالجمال )

      كانت حاضنة حمودي بحب، وهي موب حاسة بشيء حولها، كأن العالم هي وحمودي بس..

      مر وقت وماجد بس واقف مثل اللي ضربته صاعقة، عينه تتابع بدقة وجوع ولهفة حركة جواهر وهي تمسك أصابع حمودي ..وترفع خصلات شعرها عن وجهها، يسمع همساتها لحمودي ومركز في ابتساماتها له..

      كل شيء فيها فتنه، فتنه لأقصى حد.. الشكل، الشعر ، البشرة، الابتسامة.. حتى الكلام..

      كان ماجد ساكت، جامد، حتى عينه ماترمش، يخاف ترمش عينه يفوته تفصيل من تفاصيلها..

      جواهر اللي رفعت عينها فوجئت بالرجال اللي يراقبها فصاحت مرعوبة، فتراجع ماجد ورا الباب..

      لكن بعد ما أصبح مجنون رسميا بجواهر.. اللي في نفس اليوم راح يخطبها من خالها..

      هذي السالفة حكاها ماجد لعبدالله خلال السنة اللي فاتت يمكن مية مرة
      ومع كل مرة ألف تغزل بجمال وعذوبة وأنوثة اللي شافها،

      وعبدالله يضحك عليه، ويقول أنت أكيد مجنون، وكان ماخذ السالفة تعليقه على ماجد فكان مسميه قيس ومسمي محبوبته المجهولة ليلى..
      وماعرف إن ليلى هي جواهر.. زوجته السابقة وأم عياله..

      عبدالله حاس إنه بينفجر خلاص.. (سنة كاملة وهو يتغزل بزوجتي هالغزل الفاضح لا وانا قاعد أضحك .. ماترك شيء ما تغزل فيه من شعرها لوجهها لجسمها.. وانا أضحك من هبالي..
      حدك يا عبدالله المرة مالك حق عليها ولا هي زوجتك.....
      لا بس بتصير زوجتي وغصبا عنها.. موب كيفها.. مستحيل تكون لغيري.. أو أسمح لغيري يفكر فيها حتى..)

      تناول عبدالله موبايله بكل غضب الدنيا وجنونه.. ودق على جواهر اللي كانت لحظتها متمددة تعبانة بعد الموقف العنيف اللي صار بينها وبين عيالها...

      جواهر اللي كانت ذراعها على عينها، ردت بدون ما تشوف الرقم بصوت متعب : ألو

      صوته الغاضب الملتهب الناري اللي تخلى فيه عن كل حواجز البرود اللي كان يتستر وراها كان يوصلها وكأنه يبي يحرق كل شيء قدامه:

      أنا أبي اعرف أنتي من شنو مصنوعة؟؟ انتي ما تستحين؟؟ ما في وجهج حيا؟؟ أشلون تقعدين متكشفة عند مره تدرين إنه ممكن زوجها أو أخوها يدخلون عليها في أي لحظة؟؟ أو يمكن أنتي قاصدة تتكشفين تبينهم يشوفونج؟؟
    • بعد الغياب/ الجزء التاسع والعشرين





      تناول عبدالله موبايله بكل غضب الدنيا وجنونه.. ودق على جواهر اللي كانت لحظتها متمددة تعبانة بعد الموقف العنيف اللي صار بينها وبين عيالها...

      جواهر اللي كانت ذراعها على عينها، ردت بدون ما تشوف الرقم بصوت متعب : ألو

      صوته الغاضب الملتهب الناري اللي تخلى فيه عن كل حواجز البرود اللي كان يتستر وراها كان يوصلها وكأنه يبي يحرق كل شيء قدامه:

      أنا أبي اعرف أنتي من شنو مصنوعة؟؟ انتي ما تستحين؟؟ ما في وجهج حيا؟؟ أشلون تقعدين متكشفة عند مره تدرين إنه ممكن زوجها أو أخوها يدخلون عليها في أي لحظة؟؟ أو يمكن أنتي قاصدة تتكشفين تبينهم يشوفونج؟؟

      جواهر اللي كانت منتهية من التعب جسديا ونفسيا
      لها يومين ما نامت، واللي سواه عيالها فيها الليلة فوق احتمالها، ماقدرت حتى تستوعب عبدالله وش يقول.. (معصب والسلام.. خليه يذلف)

      سكرت الخط في وجهه..
      بعد ثواني كان المسج واصلها:

      " أنا سكت لج على كل المرات اللي فاتت
      اللي سكرتي الخط فيها في وجهي
      بس ذا المرة
      أقسم برب العزة
      اللي رفع السماء بدون عمد
      لو ما رديتي علي الحين
      لأكون راجع الدوحة الحين
      إن شاء الله على طيارة خاصة
      والله لا يوريج
      أيش ممكن أسوي
      لو رجعت وأنا معصب كذا"

      جواهر لما قرت المسج توترت
      عبدالله بكبره ما يهمها، ولا يهمها ايش ممكن يسوي فيها، بس المهم عيالها.. ما تدري المجنون ذا وش ممكن يسوي؟؟ ممكن يسوي شيء يبعد عيالها عنها..

      جواهر يوم خطر الخاطر هذا ببالها.. جنت (يبعدهم عني عقب مالقيتهم.. مستحيل.. أنا أروح فيها.. أجن.. أموت..)

      كتبت له جواهر مسج:

      "عبدالله واللي يرحم والديك
      أنا تعبانة موت
      اعتقني لوجه الله الليلة بس
      بكرة أنا بأكلمك"

      عبدالله اللي كان معصب لأبعد حد.. لما وصله المسج..

      استغرب...وهدأ
      أكيد جواهر فيها شيء كايد..
      وإلا مستحيل تخاطبه بذا اللهجة الهادية المستسلمة المهادنة إلا لو كان فيها مصيبة... مو شيء كايد بس..

      رحمها.. وقرر يعتقها الليلة من ملاغته..

      بس من ناحية ثانية.. حس قلبه يغلي عليها غصبا عنه.." وش فيها؟؟ أيش اللي متعبها لهالدرجة؟"

      اتصل بعبدالعزيز ولده.. وسأله عنها، عبدالعزيز طبعا قال له إنه كلمها إنه ترجع لأبوه، وقال لأبوه كل شيء صار من البداية للختام..

      عبدالله خلاص عرف ليش هي تعبانة لدرجة إنها تهادنه عشان تخلص منه: "لهالدرجة جواهر منتي طايقتني... أنا ما ألومج، أنا أستاهل أكثر من كذا... بس ياترى مافيه أمل تسامحيني، ونبدأ من جديد؟؟"



    • دانة قضت ليلة من أسوأ لياليها.. ماتحركت من الصالة اللي هي قاعدة فيها..ولا دخلت الحمام.. حتى ملابسها بدلتها بالصالة بعد ما تأكدت إن سعود أكيد نام...

      سعود بعد ما دخل غرفته ما طلع منها، وترك الباب بين الغرفة والصالة مفتوح، على فرض إنها احتاجت تدخل الحمام.. "أو يمكن تستخف وتجي تنام جنبي!!!"

      سعود قام لصلاة الفجر، كان يتحرك في غرفته بحذر، مايدري أشلون الوضع على الجبهة الأخرى/ في الصالة..
      بعد ما توضأ طلع بشويش يتسحب للصالة متوقع بيلاقيها أكيد صاحية على نفس وضعيتها من البارحة
      وبعبايتها
      وعيونها تولع
      تنتظره تنط في حلقه وتقول له: طلقني..

      لكن المنظر اللي شافه.. فاجأه..
      هزه..
      خلب لبه..

      كانت دانة نايمة على الكنبة لابسة بيجامة بنفسجية حاضنه نفسها من البرد، وشعرها الطويل متناثر جزء على الكنبة وجزء على وجهها..

      سعود تصارعت عدة مشاعر في نفسه:

      أولها: حس إنه ماعنده ذوق " يعني لو عندك ضيف في مجلسك ماخليته ينام بدون فراش وغطا، أشلون مخلي بنت عمك ومرتك اللي في غرفتك، كذا بدون غطاء في ذا البرد، صدق إنك ما تستحي ولا عندك ذوق ولا حتى إحساس"

      ثانيها: حس إن منظرها الأنثوي جاب له توتر، سعود كان متباعد جدا عن عوالم الحريم، خواته على محبته لهم عمره ماتدخل في خصوصياتهم، ولا يعرف أي شيء عن شغلاتهم الخاصة
      من ناحية ثانية كان مستقيم بزيادة، حتى مجرد النظر عمره ما رفع عينه بمره لا بمجمع ولا بغيره، حتى محاولات البنات اللي أحيانا يحاولون يلفتون نظره في المجمعات، عمره ما أنتبه لها لأنه أصلا ما يرفع عينهم لهم عشان ينتبه لحركاتهم..
      فكون إنه يتفاجئ بين يوم وليلة وبدون حتى ما يهيء نفسه، بوجود أنثى بهذا القرب الحميم منه، كان شيء صادم له.. وبعنف

      كان يتمعن غصبا عنه في شكل دانة وهي نايمة ، في تفاصيل جسدها الأنثوية، واللي كانت أنثوية بزيادة!!!!..
      والبيجامة الحرير تكشف بدقة عن انحناءات هذه التفاصيل.. وهو يتتبع بعينه هذه الانحناءات المثالية اللي مع كل منحنى تمر عليه عينه بتفحص، يحس بارتفاع درجة التوتر والحرارة عنده..

      الشيء الثالث: واللي بدا يكتشفه من أمس أول مرة شاف دانة، إنها رغم جمالها الهادئ، إلا إنه حس إنها جذابة بشكل غيرطبيعي
      والحين أكتشف ناحية ثانية لجاذبيتها: مثيرة بشكل غير طبيعي!!!!

      الشيء الرابع: شعور غريب يجتاحه... يشبه شعور قديم منسي!!!!!!!!!!!!!!

      سعود هز راسه، وهو يحاول يطرد الأفكار هذي عن رأسه: " يارجّال روح صل واستغفر ربك"

      بس قبل ما يروح للصلاة، خذ غطا سريره، وغطاها فيه..
      وهو يغطيها يده لمست كتفها غصبا عنه، فحس بمثل لسعة الكهرباء في يده: " لحول يا سعود، والله إنك عليمي وخام على قولت الربع في الثكنة، أقل شيء يوترك، إثقل الله يرجك"

      رجع سعود من الصلاة، لقاها مثل ماغطاها "يظهر الأخت نومها ثقيل" كان يبي يصحيها للصلاة
      بس ويا للغرابة والأعجوبة والخبر غير المسبوق
      سعود كان مستحي..

      "أنا على أخر الزمن مستحي من دوينه المعقدة، خلاص خلها تنام، ومتى ماقامت تصلي براحتها"..

      تركها نايمة ودخل لغرفته.. بس ماجاه نوم، وكان كل شوي يطل عليها بشويش يخاف تنتبه له وتكشفه..

      "لو ماغطيتها كان أحسن.. كان لقيت لي شيء أتمقل فيه!!!"



    • صحت جواهر الساعة 8 الصبح.. وهي حاسة براحة جسدية كبيرة، بعد ما أشبعت جسمها نوم.. بس روحها كانت غارقة في القلق النفسي العاصف..

      قامت مرعوبة لأن صلاة الصبح فاتتها.. عمرها ماسوتها.. "كله بسبتك يا عبدالله الله يوريني فيك يوم"

      بعد ماصلت.. كان اول شيء خطر ببالها تتصل بعبدالله، تعرف إنه فيه فرق ساعة في التوقيت الشتوي بينهم وبين القاهرة، يعني القاهرة الحين 7 ونص، يكون صحا أو لا؟؟

      قالت لنفسها: أنا بسوي اللي علي.. وأتصل بارن رنة وحدة، ويارب يكون نايم، ويخلصني من كلامه اللي يغث..

      مالحق الموبايل يرن رنة واحدة، كان صوته المليان لهفة يوصلها: هلا والله..وألف هلا وربي

      جواهر بهدوء: صباح الخير..

      عبدالله بصوت مرهق وملهوف: جواهر أنا تعبان.. لي يومين ما قدرت أنام حتى نص ساعة..

      جواهر ببرود: إذا خلصت شغلك، خذ حبتين بناول نايت، وأرقد لين تشبع..

      عبدالله بهدوء فيه رنة حنين وحزن: والقلب والعقل شاللي بيرقدهم؟؟

      جواهر بذات البرود: ما أعتقد إنك طلبت مني أتصل فيك عشان تشتكي لي من تعبك؟؟

      عبدالله بصوت حاول يتمالك فيه نفسه: أشلون عبدالعزيز ونوف؟؟

      جواهر بهدوء: أنت كل شوي تكلمهم.. أعتقد أن أخبارهم عندك.. مافيه داعي تسأل

      عبدالله يحاول يرد على برودها ببرود نفسه: أنتي كذا على طول نكدية؟؟

      جواهر ببرود: على طول على طول.. نكدية وأجيب الكآبة..

      عبدالله ببرود خبيث: حتى ولو.. نكدي علي..تزوجيني..

      جواهر بهدوء وجدية بعد مادخل الحديث للموضوع اللي هي اتصلت عشانه:

      عبدالله.. زواج ماني بمتزوجتك.. وأرجوك عبدالله لا تدخل عيالي في هالموضوع، ولا تستخدمهم سلاح ضدي.. لأن هذا سلاح غير شريف.. أنت عارف أنا وش كثر شفقانة على عيالي ومستحيل أخليهم بعد ما لقيتهم.. فكونك تستخدمهم ورقة ضغط ضدي.. تكون تستخدم سلاح غير شريف أبدا..

      عبدالله ببرود: أنتي أصلا مو تقولين أني واحد بدون اخلاق..
      ومن ناحية ثانية المقولة القديمة تقول: كل شيء يجوز في الحب وفي الحرب
      فكيف لما يكون اللي يخوض الحرب والحب واحد بدون أخلاق مثلي، لازم يستخدم كل أسلحته، الشريفة وغير الشريفة..
      ولمعلوماتج انا عيالي ما فتحت هذا الموضوع معهم نهائي، هذا كان اقتراح عزوز، وأعتقد إنه قال لج..

      جواهر بصوت حزين بعد مافقدت قدرتها المعتادة على التماسك: عبدالله إتق الله فيني،حرام عليك.. مو ترجع لي عيالي، وتبي تجبرني أعيش معك كزوجة عشانهم..

      عبدالله بهدوء ظاهري واشتعال داخلي: لهالدرجة تشوفني سيء؟؟

      جواهر بحزن غاضب: أسوأ من كل شيء ممكن تتخيله..
      تعتقد إني البارحة ماحاولت أفكر في الموضوع عشان عيالي..
      كل ما تخيلت إني زوجتك.. وممكن يحصل بيننا ما يحصل بين أي زوجين طبيعين، حسيت اني أبي أرجع كل اللي في بطني..

      عبدالله المصدوم صدمة موجعة في صلب رجولته: لهالدرجة جواهر ؟؟ لهالدرجة؟؟

      جواهر بسخرية حزينة: مافيه داعي تستدرجني في الكلام، لأنه في كلام جارح اكثر من هذا بكثير.. أنا مستحيل أكون لك.. ويكون لك حق تلمسني.. أفضل أموت قبلها.. أنا أشعر بالتقزز من مجرد الفكرة.. فكيف بالواقع..

      عبدالله لأول مرة يكون مايبي يسمعها
      ولا يبي يسمع صوتها اللي كان يتشفق على حرف منه
      كان خلاص يبيها تسكت، لكن ما يقدر يبين نفسه ضعيف قدامها لدرجة إنه مو قادر يستحمل كلامها

      قال لها بصوت بارد ميت منتزع من ذاته المجروحه: ولو أنا تنازلت عن هالحق برضاي.. تتزوجيني..؟؟
      أنا خلاص عقب الكلام اللي قلتيه لي طابت نفسي منك.. خلاص..
      أنا بس عشان عزوز اللي كلمني منهار يبكي، ووعدته إنه مايصير خاطره إلا طيب.. والبارح كلمتني نوف وترجتني عشان نفس الموضوع..

      جواهر ببرود: هذا كلام مراهقين، مايدخل مخي، مافيه رجال يتزوج ويتنازل عن حقه الشرعي..

      عبدالله ببرود: والله كنت متزوجج سنة، ومتنازل عنه، ولولا ظروف خاصة، ماكان صار بيننا شيء أبدا..

      جواهر حست إنه يرد لها الطعنة في أنوثتها.. وردت ببرود: والله هذاك وقت، وهذا وقت...

      عبدالله وهو خلاص طابت نفسه منها، رجع استلم زمام الأمور بالكامل: أنتي مفكرة نفسج ملكة جمال الكون؟؟.. ومافيه رجّال يقدر يصمد أمام سحر حسنج وجمالج؟؟
      ماعليه.. استعرضتي حالج قدام ماجد وجننتيه، بس هذاك ماجد مو أنا..
      أنا لفيت الدنيا، وألف مره، أحلى منج بألف مرة، قطوا أنفسهم تحت رجولي.. وانا ماعبرت حد منهم، ولا حتى ألتفت لوحدة منهم، عشان أنهار تحت حرم جمالج الخرافي!!
      اصحي ياجواهر اصحي.. بأقولها لج كلمة وماراح أعيدها، تبين تتزوجيني، بيكون عشان عيالي، وأنا متنازل عن حقي الشرعي اللي حضرتج حاسة بالقرف منه، واحلج أمام رب العالمين منه.......
      ما تبين خلاص بكفيج، بس ما تدخليني بينج وبين عيالج.. لأنه اللي علي سويته..

      وهالمرة كان عبدالله هو اللي قفل الخط في وجهها
      عبدالله المجروح حتى الصميم..الصميم..
      المطعون بقسوة في رجولته..
      وإنسانيته..
      وحبه الوليد اللي كان بدأ ينمو في قلبه لجواهر

      "خلاص ياجواهر خلاص..
      كله ولا كرامتي..
      وصلنا أخر الخط..
      الله يلعن أي شيء ممكن يذلني لج..
      حتى لو كان قلبي..
      أدوسه بدون ما يرمش لي جفن...
      كله ولا كرامتي.. كله ولا كرامتي"


    • بعد الغياب/ الجزء الثلاثون




      يوم جديد..
      ونهاية يوم
      فيه مشاعر تغيرت..
      وقلوب تحطمت..
      وقلوب ارتعشت..
      وقلوب عرفت اللوعة..
      وقلوب عرفت الحرمان..
      وقلوب عرفت اللسعة الأولى..



      غرفة سعود الساعة 9 الصبح..

      سعود بعد ما تعب من مراقبة دانة النايمة.. راح تمدد على سريره وتغطى بفروته..

      واللي يتغطى بفروة في يوم شتاء بارد، خلاص يروح في النوم، لو هو ما يبي ينام..

      دانة اللي نومها ثقيل بدت تصحا من النوم، أول شيء حست فيه وهي بين الصاحي والنايم
      ريحة عطر رجالي قوية جدا ونفاذة............... وعذبة..

      بعدها مو مستوعبة الريحة هذي من وين جايه، بدت تتوعى شوي شوي، وهي تحس بقوة الريحة، وإنها محاوطتها من كل ناحية
      لما فتحت عيونها لقت نفسها متغطية بغطاء سعود اللي كان متعبي بريحة عطره...
      رمت الغطاء عنها كأنها خايفة إنه ينجسها..

      "عدال على كرم الضيافة عقب ماخلاني طول الليل باموت من البرد، غطاني........ بس غريبة من وين جايب الذوق المتوحش المتخلف... ريحة عطره حلوة"

      قالت هالكلام في نفسها، وعطست، كانت تحس ببوادر زكام.." أشوف فيك يوم يا سعود.. نيمتني في ذا البرد بدون غطا"

      شافت الدانة الساعة..برعب: يا ربي تأخرت على الصلاة..
      دخلت تتسحب للغرفة، من أمس مادخلت الحمام.. حاسة إنها بتموت، طلت.. شايفته نايم.. ومتغطي بفروته..

      رجعت جابت فوطتها وروبها وشبشبها.. كانت متعودة على الشاور الصباحي، ومستحيل تخلف عادتها، ولو كانت بتموت.. فكيف عشان سعود المتوحش..

      "خلني ألحق أتسبح.. قبل يصحا.."

      دخلت الحمام اللي بدا لها خالي بالنسبة لحمامها،بس كان الموجود شامبو هيد أند شولدرز، صابونة، معجون حلاقة وأمواس، وفرشاة ومعجون وغسول فم بس..

      "أشلون أتحمم الحين.. مافيه شامبو مثل العالم والناس، ولا بلسم، ولا شاور جل.. ولا أي شيء...... إذا أنا باضطر أقعد هنا، لازم أقول لمزنة تجيب لي شوي أغراض"

      اللي ماعرفته دانة اللي كانت فسخت بيجامتها وعلقتها.. ووقفت تحت الدوش، إنه السخان مطفي، وزراره من برا، سعود يشغله قبل يتحمم بخمس دقايق بس، ويظل طول اليوم مطفي، لأن سعود غالب الوقت برا..

      في برد أخر شهر 12 وبرودة الصبح.. أكلتها دانة
      اللي ماعرفت من وين يتشغل السخان
      ومستحيل تصحي سعود تسأله
      ومستحيل تقعد ما تحممت..
      تسبحت بماي أقل ما يقال عنه إنه مثلج.. مثلج.. مثلج..

      حست دانة إنها صارت قالب ثلج خلاص، وبدت تعطس بشكل غير طبيعي..
      لفت شعرها بالفوطة وجسمها بالروب ولبست شبشبها بصعوبة لانها كانت ترتعش بشكل هستيري..
      كانت طالعة بشويش ما تبي سعود يحس فيها..
      بس صوت عطساتها المتكررة وهي بعدها تفتح باب الحمام، صحت سعود اللي كان على عكسها نومه خفيف.. والحياة العسكرية دعمت هالصفة عنده..

      سعود اللي سمع صوت عطسها المتتابع، رفع طرف الفروة يبي يشوفها بدون ما يحرجها..
      شافها تتسند على الطوفة تبي تطلع للصالة.. ارتعب ونط واقف..
      وراح صوبها وسألها بلهجة حاول إنها تكون باردة كعادته: أنتي أشفيش..؟؟

      دانة ما قدرت ترد لأنها كانت ترتعش وتعطس
      قرب منها سعود وطالع فيها، كان خشمها أحمر كأنه دم.. وعيونها حمراء
      حط سعود كفه على خدها، حس إنه يلمس قالب ثلج..
      دانة حاولت داخليا إنها تبعد وجهها عن مدى ملمس يده، بس ما قدرت تسوي شيئ غير إنها ترتعش..

      سعود بغضب: أنتي وش سويتي يا مجنونة؟؟

      دانة بصوت يرتعش ويالله ينسمع: الماي مثلج..

      سعود بغضب أكبر: وليش ما صحتيني عشان أشغل لش السخان أو سألتيني عنه؟؟.. أو كرامتش ما تسمح لش تكلميني، بس نفسش تهون عليش، أنتي تبين تموتين علي أبتلش فيش؟؟

      سعود قال كلمته، وقرب منها بثبات وشالها
      كأنه يشيل له طفل من الارض

    • عبدالله يستعد لاجتماعه اللي هو حضر عشانه للقاهرة
      كان يلبس ملابسه بآلية.. مو حاسس بشيء..
      يحس مخه مخدر..
      مخدر من الألم العنيف اللي يجتاحه..
      عقد كرافتته ولبس جاكيته مو عارف أشلون سواها..

      طلع من غرفته..
      ونزل للوبي الفندق.. وهو مو عارف أشلون نزل.. كانت شخصيته العملية تقود عبدالله الإنسان المجروح..

      ركب مع سواقه.. اللي شق بالسيارة شوارع القاهرة المزدحمة.. وتفكيره مثل أسطوانة مشروخة تعيد وتزيد في كلمات جواهر الجارحة..

      " آه يا جواهر ..كان ممكن تكتفين برفضي.. بدون تجريحي وإهانتي بهذه الطريقة البشعة"

      " ليه أنت شايف إن اللي سويته فيها شوي.. 17 سنة خاطف عيالها.. وتاركها تتعذب"

      " بس جواهر غير عني.. غير.. جواهر أم حنون.. وأنا مجرد رجل أناني.. حُرمت من الحب والمشاعر ووجود أنثى إلى جانبي تكمل نقصي ..
      أعتقدت إن أنانيتي واحتفاظي بأطفالي لنفسي يمكن يعوض روحي الجائعة للعطف والمشاعر..
      أعتقدت إن حنانها ممكن يشملني وينتشلني من الحرمان اللي عشته عمري كله..
      لكن كنت غلطان .. غلطان..
      وهي كانت أقسى من كل شيء تخيلته.. أو خطر على بالي في أبشع أحلامي..
      يا ترى بيحكم علي ربي إني أعيش الباقي من حياتي في حرمان بجانب أنثى تشعر بالتقزز مني..."

      قاطع أفكار عبدالله المؤلمة والمتدافعة.. وقوف السيارة.. والسواق يفتح الباب: اتفضل يا عبدالله باشا.. احنا وصلنا اهو..


      ***************

      سالم في مكتبه في شركته..
      رن موبايله..
      طالع الاسم وابتسم..رد: هلا والله بابو سعيد.. هلا والله بالغالي..

      صوت محمد المرح المعتاد: سويلم جعل السلال يضرب بطنك.. عرسك عقب 27 يوم ولا علمتني.. أمحق خوه ..

      سالم يضحك: تركد .. داخل علينا بشراع وميداف على قولت جبر..

      محمد المبتسم: أصلا جبير اللي معلمني.. يعني تعلم جبر ولا تعلمني يا خوي العازة..

      سالم اللي مايقدر على محمد وعيارته: يا ابن الحلال جبر هو اللي جاني البارحة في الشركة..وأنت مسوي روحك طالب تخرج صدق..مانشوفك..شكلك بتأكل الكتب أكل.. والموعد والله العظيم توه تحدد أمس..

      محمد بعيارة: تدري وش دواك.. أحرض أختي على مرتك.. عشان ثاني مرة تحرم تعلم حد قدامي..

      سالم برعب: لا محمد.. تكفى..

      محمد بجدية ورجولة: السالفة فيها تكفى.. أبشر..بس وش سبتك؟؟

      سالم ببعض خجل: مرتي ماتعرف عن موعد العرس.. لا تقول لأختك شيء تروح تقول لها.. وتنصدم.. خلها لين تدري من أهلها..

      محمد المصدوم: بتزوجون البنية وهي مادرت عن موعد العرس.. في شرع من ذا؟؟

      سالم المنحرج: الحين هي عندها امتحانات، خلها لين تخلص وعقب يقولون لها..

      محمد اللي حس إنه أحرج سالم، كمل بمرح: درت عن موعد العرس.. وإلا مادرت.. تحب يدها مقلوبة إنها بتاخذ أبو مبارك..

      سالم بود: جعلني ما خلا منك..

      محمد: ولا خلا منك.. بس تراني شارط عليك شرط..

      سالم بثقة ورجولة: أبشر بعزك..

      محمد بعيارة: تراني خويكم في شهر العسل..

      سالم يضحك: يا زين مقفاك يا محمد



    • مها وفاطمة ومنيرة في الجامعة

      أول مرة يتقابلون بعد سالفة زواج سعود.. مها من شافت فاطمة، ماقدرت.. حضرت عاطفية البنات الزايدة.. ضمت فاطمة بقوة والعبرة خانقتها..

      فاطمة بمرح: أنتي يالهندية.. وش فيج خنقتيني؟؟

      هي بس قالت كذا... مها لقتها فرصة تخورها وتبكي لها شوي: أنا والله متفشلة منش فاطمة وولا لي وجه والله، أنا أسفة على الاحراج اللي سببته لش.

      فاطمة بمودة حقيقية: ياهبلة ..منيرة ما وصلت لج كلامي؟؟ انتي بس مشتهية تبكين شوي ولا لقيت لج سبب.. خلي شوي من دموع التماسيح لمتعب.. قصي عليه فيهم..

      (متعب خطيب مها أو ممكن نقول زوجها، وولد خالتها الموجود حاليا في دورة لمدة 9 شهور في أستراليا.. مضى منهم 4 شهور ـ وباقي 5 )

      مها اللي رجعت لها عيارتها، قالت بصوت باكي مرح: حي ذا الطاري، جعلكم كلكم فدا متعب..

      منيرة اللي كانت بدت العبرة تخنقها: عدال تبين تحريني، بس أنا بأقول سالم فدا لكم كلكم..

      فاطمة بزعل: لا حرام عليج منيرة، مو لهالدرجة تدعين على سالم

      وبعدين كملت بمرح: وأنتي يا مها أخوج العيار، يوم يبيني، ثاني يوم مالك على بنت عمه، لا وحتى ماخلا المسكينة تتجهز، ساحبها لبيته في نفس اليوم، صج ماعنده صبر.. الحمدلله ربي أنقذني منه..

      مها تضحك: الله يحبش، الله يعين دانة عليه بس


      ************


      دانة اللي ماتت من الاحراج، كانت تبي تخلص نفسها منه، بس هو ماخلاها، شالها بقوة

      ثم نزلها بالراحة على سريره
      وخذ فروته غطاها فيها..
      وهو نزل للأرض وجلس على ركبة.. وهو يقرب وجهه من وجهها اللي هو الشيء الوحيد اللي طالع من الفروة، وسألها بعصبية بصوت واطي: بأيش حاسة؟؟

      دانة بصوت يرتعش: بردانة..

      سعود بعصبية : لحول... وش أسوي لها الحين؟؟

      لو كان واحد من زملاء المعسكر كان سعود عرف يتصرف بسرعة
      بس هذي أنثى..
      حس إنه محتاس.. وأي حوسة
      راح لغرفة البنات لقاهم راحوا دواماتهم
      وامه ما حصلها يظهر عندها موعد في المستشفى..
      كان يبي حد يسلمه مسؤوليتها عشان يخلص منها.. بس مالقى حد.. "وش أسوي ياربي؟؟"

      راح للغرفة اللي أمه تخزن فيها مفارش البيت والبطاطين المغسولة، خذ بطانيتين وطلع لدانة..

      دخل عليها بسرعة، ورجع يلمس خدها لقاها بعدها مثلجة، طلع البطانيتين من الأكياس وحطهم فوقها فوق الفروة..

      "خلاص بكيفها، لو مادفت عقب ذا كله، تكون ماراح تدفي ولو وديتها خط الاستواء"

      جاب كرسي التسريحة، وحطه مقابلها وجلس عليه..وهو بس يطالع في وجهها وارتعاش شفايفها، كانت شوي تفتح عيونها وشوي تسكرها، ولما حست بالدفى نامت..
      وأخرشي تشوفه وجه سعود المحايد في تعابيره..

      سعود لما تأكد إنها نامت من خلال سماعه لصوت تنفسها المنتظم.. رجع يلمس خدها لقى حرارتها طبيعية..

      قام لبس ملابسه وطلع، لأنه كان عنده عدة مشاوير..
      يبي يطلع عقد الزواج من المحكمة
      بعدين يمر على رئاسة الجيش، عشان يقدم على إجازة الزواج:
      " مادمت اسمي تزوجت حتى ولو بالاسم، خلني استفيد على الاقل من إجازة ذا الاسبوعين"



    • منيرة ومها وفاطمة واقفين قدام القاعة.. يقرون الاعتذار المعلق

      منيرة بخيبة أمل: عين السيح معتذرة اليوم بعد..

      فاطمة باستفسار: مو المفروض نكلمها، مو عوايد دكتورة جواهر، تغيب محاضرتين ورا بعض، غابت الخميس اللي طاف، واليوم بعد.. مين تقدر تجيب رقمها عشان نتطمن عليها..

      مها وهي تتذكر شي: نجيبه من دكتورة نجلاء، الثنتين طول اليوم روسهم بروس بعض، أو على الاقل دكتورة نجلاء تطمننا عليها..

      منيرة: يالله خلونا نروح..

      وتوجهوا الثلاث لمكتب الدكتورة نجلاء


      ***************


      جواهر مزاجها بعده متعكر من مكالمة الصبح مع عبدالله
      (الله يأخذه ويخلصني منه بس..)

      عيالها بعدهم نايمين، نوف كانت نايمة مع أمها، وعبدالعزيز نايم في غرفة الضيوف

      في الأساس عبدالعزيز ماعنده مدرسة لأنه في فترة إجازة الكريسمس التي تعطى لمدرسين مدرسته الأجانب، ونوف وأمها اليوم اتفقوا ما يرحون للجامعة، ويدامون الاثنين
      " الساعة صارت عشر ونص، خلاص بأروح أصحيهم"

      أول شيء دخلت على عبدالعزيز، قربت بشويش وقعدت جنبه على السرير
      هزت كتفه بشويش: يمه.. قوم حبيبي، الساعة 10 ونص

      عبدالعزيز بطل عيونه وابتسم
      ومد يده على الكومدينو جنبه يدور شيء
      امه عرفت إنه يدور نظارته.. فعطته اياها بحب
      وقالت له بحنان: اذا تميت 18 سنة عقب كم شهر، وديتك تسوي عملية ليزك، عشان ترتاح من النظارة

      عبدالعزيز وهو يلبس نظارته ويطالع امه: أبوي قال لي بعد..

      جواهر من سمعت سيرة أبوه توترت وسكتت

      وعبدالعزيز طبعا ما ترك الفرصة تمر: وعلى طاري أبوي.. فكرتي في الموضوع اللي أمس؟؟

      جواهر بارتباك: محتاجة وقت أطول للتفكير..

      عبدالعزيز بعتب: الظاهر انه لازم نعرف حدودنا ومحدودية غلانا وما نتجاوزها

      جواهر برعب: لا عبدالعزيز ارجوك لا تقول كذا

      عبدالعزيز بلهجة فيها حزن حقيقي خلا قلب جواهر يذوب: لما تكونين محتاجة كل هذا الوقت، عشان تفكرين في موضوع تعرفين إن مصلحتنا وحياتنا متعلقة فيه، يكون لازم نشك في أهميتنا في حياتج

      جواهر وهي حاسة كلام ولدها سكاكين تقطع في قلبها: أرجوك حبيبي لا تقول كذا، أنا مستعدة أبيع عمري كله عشانكم

      عبدالعزيز باستنكار حزين: مستعدة تبيعين عمرج... لكن ترجعين لأبوي لا

      جواهر بغضب وهي تنط واقفة: بلاك ما تعرف أبوك وش سوى فيني..

      عبدالعزيز بهدوء:
      ومن قال لج إني ما أعرف..
      أنا أعرف كل شيء، ونوف بعد تعرف..

    • بعد الغياب/ الجزء الحادي والثلاثون




      عبدالله خلص اجتماعه ..
      كانت نفسيته في الحضيض..
      حاس بحزن غير طبيعي متجذر بقسوة .. وبجرح عميق خلى روحه تغرق نزيف..

      نزل من مقر البنك..
      لقى السواق اللي معاه ينتظره تحت،
      عطاه عبدالله جاكيته وكرافتته، وخذ من السواق جاكيته هو(جاكيت السواق اللي كان لونه زيتي ومبين عليه القدم)..

      وقال له : روح أنا أبي أمشي وسط الناس شوي.. وما أبي يكون منظري لافت للنظر وأنا بجاكيت رسمي وكرافته..

      ونزل عبدالله مشي.. متجه لميدان التحرير.. كان يبي يحس بالناس.. يمكن الزحمة والعالم يلهونه عن حزنه الحاد شوي..

      "خلاص جواهر أنتي كذا انتقمتي مني وزيادة.. عمر ماحد كسر نفسي مثل ما أنتي سويتي"

      كانت الهواجس تاخذ عبدالله وتوديه.. الكلام اللي قالته له جواهر جرحه لأبعد حد..
      وعمره ما تخيل وهو ابن السوق القوي الصارم الواثق.. إنه ممكن ينجرح بهالصورة من مجرد كلام..
      كلام..
      ومن من؟؟
      من اللي كان يتشفق وبيموت على كلمة منها..

      ألف هم يغرقه ويسحبه للهاوية..
      استمر عبدالله يمشي، مشى ومشى كثير بدون مايحس بالساعات اللي تمر..
      كان عبدالله يحفظ القاهرة مثل كف يده.. مشى في الميادين والشوارع العامرة بمئات الآلاف من البشر..
      لكنه كان وحيد .. وحيد..
      كأنه وسط صحراء قاحله عدد حبات رمالها يأسه وحزنه وجرح كرامته المهدورة..

      وصل لكوبري قصر النيل ، وقرر يجلس شوي في مقهاه الشهير اللي هناك، رغم برودة الجو..

      وهو جالس يشرب قهوته المرة كمرارته..
      وصله مسج.. فتحه..

      رغم إن المكتوب في المسج كان في غاية الأهمية.. إلا أن عبدالله قراه بدون اهتمام..
      ورمى الموبايل على الطاولة.. وهو رجع يطالع الأفق.. ونظره يسرح بعيد بعيد..


      *************



      جواهر وهي مصدومة ومو مصدقة: أنت ونوف تدرون؟؟ من متى؟؟ ومن اللي قال لكم؟

      عبدالعزيز بهدوء: أبوي اللي قال لنا.. خبرني امس الظهر لما اتصلت فيه؟؟

      جواهر وهي بعدها مصدومة: قال لك كل شيء.. كل شيء.. مستحيل.......
      أكيد إنه غيّر في السالفة.. عشان يخليكم صافين معه بهالطريقة.. لا وتبوني أرجع له..

      عبدالعزيز بذات الهدوء: شنهو اللي غيّره؟؟ عندج شيء ممكن تقولينه غير إنه طلقج.. وخطفنا.. وقص عليج عشان تخليه يطلع فينا من البيت .. وحرمج منا 17 سنة، وانتي ما تدرين عن مكاننا..

      جواهر كانت مصدومة وصدمتها أكبر من أي كلام: يعني عرفتوا ذا كله.. وعادي عندكم.. ما كأن أبوكم سوا شيء؟؟

      عبدالعزيز بهدوء ذكرها بأخوها عبدالعزيز: يمه اسمعيني فديتج
      قبل أمس لما جيتينا، أنا ونوف كنا معتقدين إنج رميتينا 17 سنة
      ومع كذا شوفي اشلون ارتمينا بحضنج وتقبلناج، وإحنا ما نعرفج.......
      فكيف بأبونا اللي معنا صار له 17 سنة؟!!
      ما أنكر إن اللي سواه أبوي جريمة، لكن هو سواها وهو يعتقد إن مصلحتنا في اللي سواه..
      أكيد إنه كان غلطان وأكبر غلطان.. بس خلاص يمه اللي راح راح... وهذا احنا تجمعنا من جديد.. بتخلين حقدج على أبوي يخرب حياتنا...... أبوي ربانا ما نحقد ولا نشيل على أحد..

      يمه أبوي عشاننا سوا اللي مستحيل أبو يسويه.. أنا عقب ما كبرت وصرت أعرف مشاعر الرجل أشلون.. حسيت بالمعاناة اللي هو كان عايشها..

      تخيلي شاب في العشرينات ثم في الثلاثينات في عز شبابه وفتوته ووسامته.. دافن نفسه حفاظا على دينه أولا وعشاننا ثانيا...
      كنت أشوف الحريم لما كنا في أمريكا أشلون يقطون نفسهم عليه.. مدرساتنا.. دكتورة الاسنان حقتنا.. مدربة الرياضة في الجم..
      في كل مكان كانوا الحريم يحاولون يلفتون نظره.. لكن هو عمره ما ألتفت لأحد....
      كان يكثر من الصيام والصلاة والرياضة ورفع الأثقال... وقتها ما كنت أعرف ليش هالك نفسه بذا كله.. بس الحين عقب ماكبرت عرفت ليش.. واعتقد إنج فاهمة يمه..

      جواهر اللي كانت قاعدة تسمع ولدها بانتباه.. لما وصلت هالنقطة، غصبا عنها حمر وجهها.. ولعنت الساعة اللي خلت ولدها يضطر يفتح معها موضوع مثل هذا..

      وكمل عبدالعزيز اللي بدأ ينفعل وصوته يرتعش: كان ممكن إنه يتزوج، ولا حد يقدر يلومه، شاب في سنة محتاج أكيد لزوجة جنبه، لكن هو ضحى بكل رغباته عشاننا..
      تعتقدين أبو مثل هذا..حتى لو كان خطفنا من أمنا.. إنه إحنا راح نتركه عقب ماضيع عمره علينا...؟؟

      جواهر بحزن: وأنا يعني ماضاع عمري وأنا انطركم؟؟ على الأقل هو كان مستمتع بوجودكم معه.. بس أنا عشت الحرمان كله..

      عبدالعزيز بحزم: بيدج تنهين الحرمان، وتخلينا كلنا نعيش مبسوطين..
      يعني أبوي مو سيء لهالدرجة اللي يخليج مو قادرة تتخلينه زوج..
      أبوي رجل رائع على كل المستويات..

      جواهر باستسلام: طيب والمطلوب مني؟؟

      عبدالعزيز بانتصار وشخصيته الجديدة القوية بدأت بالظهور: ترجعين لابوي..

      جواهر وهي تحس إنها تحكم على روحها بالإعدام: وأنا موافقة..

      عبدالعزيز ينط مبسوط يبوس في أمه، ويقول: خلني أبعث لأبوي مسج أبشره..

      " يبه
      أبشرك
      أمي وافقت ترجع لك..
      أرجوك تكتب عليها أول ما ترجع فورا"

      وكان هذا هو المسج اللي وصل عبدالله واللي هو تلقاه ببرود..

      "لو كان هذا المسج وصلني قبل مكالمتي الأخيرة مع جواهر.. يمكن ماكان قدرت أنطر لين موعد طيارتي بكرة، يمكن كان رجعت فورا على أول طيارة....
      بس الحين ما أبي أرجع الدوحة.. ما أبي اشوفها أو أسمعها.. كلامها في التلفون ذبحني.. اشلون لو قالته لي مباشرة"


    • سعود رجع البيت بعد صلاة الظهر..

      أمه مابعد رجعت، وخواته الجازي بعدها في المدرسة ومها في الجامعة..

      دخل غرفته يتسحب: "لحول.. الواحد حتى غرفته ما ياخذ راحته فيها..
      أنا وش اللي خلاني أتهور وأجيبها لبيتي، كان خليتها لحد ما أتعود على فكرة مره في غرفتي..
      أبوك ياللعانة، إلا تكسر خشم المسكينة، هذي هي كانت بتموت عليك"

      دخل الصالة، مالقى حد فيها..
      على غرفة النوم.. لقى دانة بعدها على نفس النومة..
      قرب منها.. حسبها تناديه.. لأنه متاكد إنه سمع صوتها.. قرب أكثر.. وجلس على الكرسي اللي هو كان قاعد عليه اليوم الصبح.. "دانة تبين شيء"

      قالت كلام كثير.. ما فهم منه شيء.. كان اسمه موجود في الكلام واسم مزنة أختها وخالد أخوها.. هذا اللي قدر يفهمه..

      سحب كرسيه.. وقرب منها أكثر، وهو يقرب إذنه من فمها: دانة أنتي شتقولين؟؟

      كانت تهذي.. والأخ بعده مو مستوعب.. وأخيرا قرر يحط يده على خدها.. أنلسع لما حط يده على خدها.. كانت مولعة نار..

      سعود احتاس: " أنا وش أسوي الحين"
      كان وده يتصل بأختها مزنة عشان تجي تشوف وش فيها.. بس يخاف إنها تكون في الجامعة، وهو أصلا مستحي يسويها...
      " يعني زوجتي مريضة ماني بعارف أتصرف معها يعني؟ بأوديها للمستشفى "

      وقال لها بصوت هادئ:" دانة قومي ألبسي أوديش المستشفى"

      بس دانة اللي كانت تعبانة جدا.. ماكانت حتى قادرة تركز هو شيقول، ولا حتى حاسة فيه ولا نفسها..

      شال سعود عنها البطانيات والفروة بسرعة، بس رجع يغطيها بذات السرعة بوحدة من البطانيات، عشانه تخرع لما شاف روبها منفتح شوي..

      " لحول وش ذا البلشة..هذي عقوبة ربي لي.. وش أبي بالبنية أخذها من بيت أهلها؟؟"

      راح سعود للصالة يبي يطلع لها ملابس من شنطتها، فتح الشنطة ما قدر يمد يدها فيها يفتش... (أنا أخرتها أقلب في ملابس حريمية..)

      أخر شيء هداه باله يتصل بمحمد اللي كان توه طالع من الجامعة راجع للبيت، وطلب منه يجيب دكتورة معه ويجي بسرعة..

      محمد برعب: دكتورة؟؟ ليه عسى ماشر؟؟

      سعود بهدوء : دانة تعبانة شوي..

      محمد بخبث: نعنبو.. وش سويت بالبنية يا المتوحش؟؟

      سعود اللي توه ينتبه لرنة الخبث في كلام أخيه: محيميد أنا ماني متفرغ للعانتك، البنت بتموت.. عجل علينا..

      محمد لما سمع سالفة بتموت ذي، قطع كل رادارات الدوحة من الجامعة.. لعيادة الدكتورة ..لبيتهم..

      سعود بعد ما سكر من محمد.. نزل للمطبخ
      جاب ماي مثلج.. ورجع لدانة اللي كانت ترتعش وتهذي.. طلع فوطة من أدراجه..
      حط غترته، وجلس على الكرسي وحط الماي على الكومدينو اللي جنب السرير.. وحط الفوطة في الماي عصرها وحطها على جبينها..

      دانة أول ماحست ببرودة الماي، صارت تشهق بشكل غير طبيعي..
      سعود احتاس، خاف يكون اللي يسويه غلط.. وإنه يكون يضرها.. لكنها بعد دقيقة هدت والفوطة على جبينها..

      ولقاها سعود فرصة يتمعن في ملامح دانة، اللي غصبا عنه كسرت خاطره..
      بدون ما يحس لقى أصابعه تمر على ملامح وجهها، وكأن أصابع يده المرتعشة تبي تحفظ ملامحها..
      بدء من حاجبها.. لعينها.. لخدها.. لخشمها.
      ..... لشفايفها..
      ومع وصول يده للمحطة الأخيرة .. لشفايفها..
      كانت رعشته بلغت أقصى حد..
      واللي زاد عليه إنه لما جاء يتماسك ويرجع يده..
      دانة مسكت في يده، وهي تقول: مزنة تعالي جنبي.. وتشده من يده بضعف..
      سعود قام وجلس جنبها.. هو بالكاد مسيطر على أعصابه..
      دخل ذراعه من تحت رأسها..

      و

      ضمها لصدره..
      وبقوة..

      سعود مايدري شاللي خلاه يحضنها..

      الموقف اللي هو كان فيه.. والمشاعر اللي هو كان حاس فيها.. مالقاها تترجم إلا بهذي الصورة ..
      وماكان ممكن يكون لها ترجمة إنسانية غير هذي الصورة..

      كان حاضنها بقوة، وهي كانت يد مرتمية ورا ظهره ويد مسكت فيها جيب ثوبه بضعف..

      سعود كان حاس كأن اللي قاعد يتصرف واحد ثاني غيره، سعود ما يتصرف بهالعاطفية..
      سعود الثاني كان شاد على دانة وحاضنها بقوة
      كأنه خايف حد يأخذها منها..

      كان حاضنها بيد، ويده الثانية كانت تلمس خدها الملتهب حرارة بكل حنان..

      عصبا عنه بدون مايحس، لقى نفسه يطبع قبلات ناعمة على شعرها اللي كان بعده مبلول.. كان يحس من حراره رأسها كأن الماء يتبخر من شعرها ويلفح وجهه..

      حس بألم كبير يجتاحه، وهو يحس بضعفها بين إيديه.. "المهرة اللي كانت تصهل بكل عنفوان البارحة بس.. يصير لها كذا اليوم... والله انش مهرة أصيلة يادانة ومن يومش مهرة.. ومن وأنتي صغيرة مهرة حرة ما حد قدر يروضها"

      سعود مستغرب من المشاعر اللي كانت تجتاحه بعنف.. وهو شاد على دانة في حضنه..

      وسعود على نفس جلسته اللي هو حاضن فيها دانة، رن موبايله، تناوله بيده الثانية كان محمد عند باب الغرفة..

      سعود نزل دانة بالراحة، كان كم ثوبه كله مبلول، من شعر دانة اللي مابعد نشف..

      طلع سعود عليهم ودخل الدكتورة ، الدكتورة فور كشفها عليها ارتعبت، درجة الحرارة كانت41.. : لازم ننئلها للمستشفى حالا.. البت تعبانة خالص..

      سعود رجع يحتاس: طيب هي ماعليها ملابس الحين..

      الدكتورة بعصبية : ملابس إيه أنت الأخر؟؟ أهي بروبها، لفها بعبايتها وشيلها.. أديك ئدامي ماشاء الله حصوة في عين الي مايصليش عالنبي تشيل اتنين..

      سعود اللي عصب على الدكتوره بس ماقدر يرد عليها..
      لف دانة بعبايتها وشالها

      محمد اللي كان واقف برا لما شافه طالع شايل زوجته، راح دخل غرفة خواته..

      ونزل سعود الدرج يركض كانه شايل عصفور مو مره..
      والدكتورة تركض وراه..

      حطها على سيت السيارة اللي ورا,, والدكتورة وراهم بسيارتها

      وفورا لطوارئ مستشفى حمد..



    • جواهر اللي كانت مهمومة لأبعد حد.. اضطرت ترجع مع عيالها لبيت أبوهم.. عشان رفيقات نوف كانوا يبون يجون يسلمون على أمها لما عرفوا الخبر..

      ونوف عطتهم موعد بعد صلاة المغرب..

      نوف أصرت على أمها إنها لازم تكشخ وتتعدل لأبعد حد.. عشان تحر رفيقاتها..
      خصوصا هند اللي شايفة إنه مافيه أحلى منها ولا احلى من جسمها في كل الجامعة..

      جواهر ماكان لها خلق تكشخ.. لكنها لبست عشان خاطر نوف..
      لبست تايور بنطلون مع جاكيت لونه تركواز، الجاكيت القصة الرسمية لكنه ماسك شوي وقصير لتحت الخصر بشوي، وتحته اسكارف حرير.. درجات التركواز مع شوي أورانج.. ملفوف على الرقبة والصدر ومبين من تحت فتحة الجاكيت المثلثة الطويلة.. مع صندل كعب عالي لونه فضي مطفي..

      وأصرت عليها نوف تحط مكياج، فحطت كحل وماسكرا وروج اورانج فاتح.. رفعت شعرها فوق ونزلت شوي خصل بشكل عشوائي..

      نوف تطالع أمها، وجواهر تقول بنفاذ صبر: خلاص كذا زين؟؟

      نوف قاعدة مبلمة.. جواهر: يمه.. خلصيني..

      نوف عقب السكوت.. صاحت بصوت عالي: واو مامي تهبلين تهبلين.. تهبلين.. بيموتون كلهم حرة..

      رن موبايل نوف.. يالله يمه.. كاهم وصلوا.. خلينا ننزل..

      في نفس الوقت
      كانت سيارة فايز أول سيارة توصل.. بعد ما أصر إنه هو اللي يودي هند.. مع إنه عمره ماوداها ولا جابها..

      وصل لمدخل البيت وكان يبي يطلع فوق يوقف عند مدخل الباب مباشرة..
      بس حارس البيت الداخلي مارضى.. وقال له إن أبو عبدالعزيز مشدد إنه مايطلع فوق غير سيارات أهل البيت، وسيارات الضيوف توقف تحت، لأن اللي بيوقف فوق بيكشف مدخل البيت على طول..

      اضطر فايز يوقف مكان ما قال له: يالله انزلي لا بارك الله فيج لا أنتي ولا العجوز اللي جاية تسلمين عليها..

      هند بحرة: إيه والله هالعجوز وش اللي طلعها في ذا الوقت بالذات، عشان تخرب مخططاتنا..؟؟

      فايز بخبث: مافيه شيء بيخرب.. بس أنتي خليج ذكية..

      نزلت هند.. ودخلت داخل.. عشان تشوف المفاجأة اللي خلتها تولع لأبعد حد..

    • بعد الغياب/ الجزء الثاني والثلاثون




      دخلت هند بهدوء..
      وهي تفسخ عبايتها وتعطيها الفلبينية اللي استقبلتها عند الباب..
      تعدلت في المراية الكبيرة اللي عند المدخل.. وعقب ودتها الخدامة للمكان اللي هم جالسين.. مجلس الحريم الكبير..

      هند دخلت...
      انصعقت من جمال المره اللي هي شافتها..
      سلمت على نوف وعلى المره الثانية.. وهي تسرق عيونها تتمعن في ملامحها وأناقتها ودقة تكوين جسمها..

      بعدها على طول ميلت على أذن نوف وقالت بهمس: نوف وين أمج؟؟

      نوف ضحكت ببراءة وهي تشبك ذراعها بذراع أمها، عشان تصيب هند بأقسى صدمة صابتها في حياتها: هذي أمي.. كأنها أختي صح..؟؟

      هند المصعوقة مو قادرة تتخيل إن القمر الصاروخي اللي قدامها هي أم نوف : " وانا اللي أبي أرسم على عبدالله.. واحد طلق وحدة مثل هذي.. أشلون بيطالعني؟!!"

      هند بلهجة متكلفة جدا : هلا والله خالتي.. سامحيني ما عرفتج

      جواهر بود: لا حبيبتي عادي، هلا والله وحياج.. نوف جننتني من كثر ما تتكلم عنكم، فحبيت والله أتعرف عليكم


      استمر الحديث بينهم
      ووصلوا صديقتين ثانين لنوف، ريم وتماضر..
      ريم وتماضر على طول ارتاحوا في القعدة
      وانفتحت نفسهم لأم صديقتهم.. اللي حسوها كأنها أختهم.. مو مثل الأمهات الكبار في السن، واللي دايما يسكرون على البنات في الحكي..

      لكن هند ماكانت مرتاحة وكانت من داخل تغلي.. وحاسة إنها مولعة.. بعثت مسج لفايز يجي يأخذها... رد عليها إنه خلال أقل من نص ساعة بيكون عندها..

      عقب هند بلهجة حاولت يكون دمها خفيف فيها: إلا نوف.. عبدالله متى بيوصل من السفر؟؟

      كانت هند أول مرة تنادي عبدالله كذا باسمه، كانت دايم تناديه أبوج أو أبو عبدالعزيز.. بس من زود الخبث اللي ضرب أقصى حد عندها..

      جواهر استغربت من إنها أشلون تنادي عبدالله باسمه المجرد..

      نوف البريئة اللي ما انتبهت: من عبدالله؟؟؟

      هند بمياعة: أبوج؟؟

      نوف حست إنه فيه شيء غير مريح: بكرة إن شاء الله..

      هند بنفس مياعتها: طيب قولي لعبدالله.. مافيه داعي يكلف على نفسه ويجيب لي هدية نفس المرة اللي فاتت..

      نوف تحاول تعصر مخها (متى أبوي جاب لهند هدية؟ ماعمره سواها) بس نوف سكتت لانها ماحبت تحرج هند قدام البنات..

      وجواهر تكلمت بتلقائية: موب من المفترض حبيبتي إنج تقولين عمي عبدالله أو حتى أبو عبدالعزيز.. عبدالله في مقام أبوج..

      هند اللي شكلها استخفت: شنو عمي يا خالتي.. حرام عبدالله بعده صغير ليش أكبره...

      جواهر نهائي ما أرتاحت لذا البنت (يعني أنا اللي خالتج.. وعبدالله صغير على إنه يكون عمج!!!!!!!)

      هند :زين خالتي أنا بكرة طالعة شوي الكورنيش، خلي نوف تجي معانا.. أخوي بيودينا وبيرجعنا..

      جواهر بهدوء: لا ماعليه حبيبتي.. أولا نوف ما تقدر تروح مع أخوج.. ثاني شيء أبوها بكرة جاي ولازم تكون في استقباله..

      هند حست خلاص إنها بتنفجر: (متى بياتي فايز الله يأخذه)

      بعد دقيقة كان فايز يدق عليها، جات نوف تبي تروح معها توصلها للباب.. قالت لها جواهر: خليج مع صديقاتج أنا بوصلها..

      فايز اللي وصل للبيت مالقى الحارس.. اللي شكله راح يصلي العشاء، فلقاها فرصة يطلع فوق، خصوصا إنه عارف إن عبدالله وعبدالعزيز ماحد منهم موجود...

      لحظتها كانت جواهر واقفة قدام الباب تودع هند.. في نفس اللحظة اللي فايز طلع فيها وشافت جواهر ليتات سيارته بوجهها..
      تراجعت جواهر وهي معصبة.. وهي تعتقد إنه ماشافها.. وسكرت الباب بقوة.. وهند بعدها واقفة.

      هند بعصبية : الله يأخذها عجوز النار..

      فايز اللي كان رايح في عالم ثاني، أول ماركبت معه هند، نط يسألها: هذي نوف؟؟

      هند اللي ماكانت متفرغة له: أي نوف؟؟

      فايز وهو مولع: هذي اللي وصلتك للباب؟؟

      هند وهي تنافخ: لا أم نوف الله يأخذها هي وبنتها..

      فايز وهو مصعوق: أنتي من جدج؟؟

      هند بقرف: وليش أكذب عليك؟؟

      فايز باستفسار محموم: ليه أم نوف كم عمرها..

      هند بطفش: 30

      فايز بدهشة ولهفة: معقولة؟؟ فرق 3 سنين بس بيني وبينها..

      فايز في نفسه( هذي المره وإلا بلاش، شنو هالأنوثة كلها، شنو نوف البزر؟؟ أمها تمسحها...... وتمسح الحريم كلهم بعد!!! يسلم لي ذا الطول والطلة)



    • سعود من الظهر لبعد المغرب وهو مع دانة في المستشفى..
      ماحد درى عنهم غير محمد.. اللي كان كل شوي يتصل على سعود ويشوف اخباره..
      الباقيين قالوا عرايس وأكيد طالعين يتمشون..

      وسعود استحى يقول لأحد..
      "شيقولون خذت البنت ومرضتها.. وإلا خويلد يجي ينط لي.. يقول لي وش سويت لأختي؟"

      سعود من أول ماوصلوا للطوارئ وهو جنبها ما تركها..

      سووا له شوي سالفة على إنه مامعها بطاقة صحية.. بس وراهم عقد الزواج اللي كان لحسن حظه بعده في السيارة مانزله.. واللي يثبت صلته فيها، واللي موجود فيه رقمها الشخصي.. وعن طريقه طلعوا ملفها الصحي.. ولما عرفوا إنها زميلة لهم طبيبة معهم اهتموا فيها بزيادة..

      بس سعود وبأصرار غريب.. رفض إنه يقرب جنبها أي طبيب رجال.. الغيرة شعور طبيعي، واي رجل طبيعي يحس بالغيرة على محارمه..

      لكن الغريب اللي سعود حس فيه.. إنه عمره ماحس شيء ينتمي له مثل مادانة تنتمي له.. ماكان يبي عين أي رجال حتى وإن كان طبيب تشاركه في شيء هو له .. وله بروحه.. دانة كلها له.. "لي أنا وبس"

      سعود اللي كان قاعد على كرسي جنبها.. كان بيموت نفسه يمسك يدها.. بس لأن التعبير عن المشاعر في عرفه نقيصة.. كتم الرغبة هذي في نفسه.. وجلس جنبها متكتف وكل يد ماسك فيها الثانية..

      دانة من لما وصلوا.. وهم مركبين عليها الجلوكوز.. وكل شوي وهم يكمدون جسمها كامل بالثلج.. ودرجة حرارة جسمها مو راضية تنزل..

      وهي شوي تصحى وشوي تنام وشوي تهذي.. وكل مافتحت عينها.. ماتشوف حد قدامها غير سعود..

      سعود كان واقف يراقب الجلوكوز ويشوفه قرب يخلص، كان يبي يروح ينادي الممرضة عشان تغيره.. حس بيد دافية تهز اطراف أصابعه
      كانت دانة تحاول تتكلم بس صوتها مو طالع.. قرب منها بالراحة.. كان صوتها مبحوح..
      قرب إذنه من شفايفها لحد ماصار يحس بأنفاسها تداعب خده، فأرتعش غصبا عنه

      دانة بصوتها المبحوح: سعود تكفى، خل مزنة تجينني، وتجيب لي ملابس معها..

      سعود تمالك نفسه، وطلب منها تعطيه رقم اختها: ملته الرقم.. واتصل فيها..
      مزنة لما كلمها كانت بتموت على اختها من الخوف والرعب.. العلاقة بين دانة ومزنة علاقة استثنائية..

      خلال أقل من نص ساعة كانت مزنة وصلت جايبها خالد، اللي كان يركض في ممرات الطوارئ ينافخ.. لين وصل سعود..
      وقرب منه وحط عينه بعينه، وقال له بصوت حاد غاضب مثل الفحيح: سعود وش سويت في أختي؟؟ (نفس الجملة اللي كان سعود يبي يتجنبها)

      سعود ببرود: وش سويت لها؟ كليتها يعني؟؟ روح أسال ويقولون لك وش فيها ..

      خالد بصوت ناري: بسأل.. ووالله ثم والله لأدري إنه لك يد ولو بسيطة باللي صار لأختي.. إنه مايخلصك من يدي أحد الليلة..

      سعود ببرود مع إنه بدأ يفقد أعصابه: روح إلعب بعيد يا خويلد.. وأعرف أشلون تحشم اللي أكبر منك.. وتكلم على قدك..

      خالد مارد عليه، ودخل ورا مزنة عند أخته...

      بعد دقايق كان خالد يطلع عليه ووجهه أهدأ شوي وعليه بوادر خجل مايبي يبينه: دانة تقول إنك من بدري هنا.. خلاص تقدر تروح أنا ومزنة بنقعد عندها..

      سعود اللي كان فعلا تعبان ومحتاج راحة.. كان حاب إنه يتطمن عليها قبل يروح.. بس حس إنه لو طلب يشوفها.. بيكون هذا بادرة ضعف منه..
      وصى خالد عليها.. ومشى بدون مايطل عليها..

    • أخر الليل في بيت عبدالله

      نوف وأمها في غرفة نوف..

      نوف بحماسة: ها مامي.. وشرايج في صديقاتي..؟؟

      أمها بود: ريم وتماضر يجننون.. وكملت بلهجة حذرة: بس هند هذي ما أرتحت لها..

      نوف بحذر: والله هند حبوبة.. صحيح إنها مغرورة شويتين.. بس بالعادة حبوبة... اليوم جد أنا ما أدري وش فيها..

      جواهر بحكمة: أنا ماأبي أفرض عليج صداقاتج.. بس اللي أبيه منج إنج تحذرين من هند هذي.... والحركة اللي سواها أخوها اليوم كانت وايد حقيرة.. اشلون يطلع فوق وهو عارف ان اهل البيت ما يرضون..

      نوف ببراءتها ودلالها: ان شاء الله يمه اللي تبين.. بس لا تقولين لابوي على سالفة انه اخو هند وقف قدام الباب... والله بيسويها سالفة ويمكن يطرد الحارس اللي تحت..

      جواهر بحب: ان شاء الله يا قلبي..

      بعد شوي كان عبدالعزيز يدخل عليهم.. جواهر حست قلبها يغرد وهي تشوف الثنين قدامها..

      (أنا مستعدة أعيش مع الغول نفسه عشان أشوف السعادة هذي في عيونهم!!!!!)


      بعد سهرة طويلة قضتها جواهر مع عيالها.. وكل لحظة تمر عليها مع عيالها.. تأكد لها إن قرار رجعتها لعبدالله مهما كان قاسي على نفسها، لكنه يظل أهون بكثير من إنها ترجع تفقد عيالها او حتى يبتعدون عنها ..

      نوف أول حد أستأذن على أساس إنه عندها جامعة بكرة، بعدها عبدالعزيز أستأذن لانه عارف إنه أمه عندها دوام بكرة..

      بعد ما طلعوا..

      جواهر اتصلت بنجلاء، وقبل ما تقول نجلاء أي شيء قالت جواهر: أدري أني سخيفة، وان ابو حمد أكيد على وصول..

      نجلاء بعيارة: زين أنتي قلتيها بروحك..

      جواهر بهدوء : أول شيء ابو حمد وصل أو بعد؟؟

      نجلاء بلهفة: طيارته توها نازلة.. يبي له ساعة لين يوصل البيت بحفظ الله..

      جواهر بهدوء غير محدد الملامح: عندي خبر حبيت إنج تكونين أول من يعرفه..

      نجلاء بحذر: شنو؟؟

      جواهر ببرود قاتل: بأرجع لعبدالله..

      نجلاء بنبرة خليط من الفرح والحزن: مبروك يا جواهر.. بس شنو اللي غير رايك؟؟

      جواهر بنبرة حزن: عيالي ضغطوا على وايد، وخصوصا عزوز.. ضغط علي بشكل ما تتخيلنه.. وانا خلاص صرت مؤمنة إن هذا هو الأحسن لهم.. حتى لو ماكان الأحسن لي.. أنا عشت أتعذب 17 سنة وهم بعيد.. ومستعدة أتعذب 100 سنة وألف سنة دامهم معاي..


    • بعد الغياب/ الجزء الثالث والثلاثون



      يوم جديد...

      عبدالله في القاهرة يستعد للعودة ..

      ونوف وجواهر لأول مرة يروحون مع بعض للجامعة
      نوف كانت بتجن من الوناسة.. كان اليوم عندها يوم خاص جدا

      وداهم أفضل، اللي أول ماشاف جواهر ركبت معه.. خنقته العبرة.. جواهر ما كانت عارفته.. كبر كثير في السن.. وماخطر ببالها إنه ممكن بعده يشتغل عند عبدالله..

      أول ماركبت، فوجئت بالسواق يقول لها بلهجته المحببة اللي مو غريبة عليها: هيا الله أم ئبدالئزيز (حيا الله أم عبدالعزيز)

      جواهر بشوي استغراب: حياك الله..

      أفضل بمودة كبيرة: أشلونك ؟؟ واشلون ئبدالئزيز، وئمي بو فهد؟؟

      جواهر ابتسمت: أفضل؟؟

      نوف بمودة: أبو محمد يمه.. عمي ابو محمد ماشاء الله عنده عيال وايد.. أكبرهم محمد.. اللي سماه على اسم جدي الله يرحمه..

      جواهر طلعت محفظتها وطلعت منه مبلغ غير بسيط، وحطته بظرف.. وجاوبته: كلهم تمام والله؟؟ أنت أشلونك واشلون عيالك؟؟

      أفضل بصدق ولطف: كلهم تيبين في خير أبو ئبدالئزيز..

      جواهر بمرح: وانت وين أختفيت قبل 17 سنة؟؟

      أفضل أنلسع وخنقته العبرة جد: سامهيني يا أم ئبدالئزيز انا ئبد مأمور.. والله أنا جيت أدوركم لما رجع ئبدالله من أمريكا قبل خمس سنين، بس أنا ما هصلت بيتكم والله..

      جواهر بمودة: أمزح معك يا بو محمد الله يخلي لك محمد وأخوانه.. خلاص المهم إن عيالي بحضني الحين..

      ظلوا يتحاورون شوي وجواهر تسأله عن عدد عياله وأسمائهم.. لحد ماوصلوا الجامعة..

      لما وصلوا.. عطته جواهر الظرف اللي رفضه بإصرار كبير
      بس جواهر أصرت عليه أكثر.. وقالت: هذا هدية لمحمد وأخوانه..
      وقالت له إنه مايرجع عليهم يجيبهم.. لأنها بترجع بسيارتها اللي موقفة في المواقف..

      أفضل كان متردد: أخاف أبو ئبدالئزيز ما يرزى..(يرضى)

      جواهر بثقة: لا تخاف أنا سنين صار لي أسوق.. خوش دريوله..

    • سعود ما قدر ينام من البارح لليوم إلا ساعات معدودة...
      أول مارجع البارح.. وشافته أمه راجع بروحه تخرعت.. وسألته عن زوجته.. سعود كان محرج وتعبان ومتضايق.. بس جاوبها بالصدق..

      أمه بقلق :"عروس تسخن وتدخل المستشفى ثاني يوم عرسها.. وش ذا الفال الشين؟"

      سعود اللي كان متوتر.. طلع لغرفته.. دخلها يتسحب..كأنها بعدها موجودة فيها..

      كل اللي قضته في الغرفة ليلة ماقالت فيها غير كلمات معدودة، ليش حاسس كأن الغرفة من غيرها فاضية كأنها قبر..

      " تدري يا سعود إنك أنت منت بوجه حريم.. من أول ليلة خقيتها.. هذا وأنت تكرهها.. أجل لو تحبها وش كان سويت؟؟ كان انتحرت وراها"

      شنطتها بعدها موجودة في مكانها، ملابسها اللي خلعتها البارح محطوطة على الكنبة..

      إحساسه بوجود أنثى كانت معه في غرفته بأغراضها الأنثوية..
      ومو أي أنثى.. هذي كانت دانة..
      كان إحساس مثير.. وغريب.. وموجع

      دخل لغرفته.. شبشبها بجنب السرير، وفوطتها بعدها على السرير، مسك الفوطة لقاها بعدها مبلولة، خذها معاه للحمام وعلقها هناك..
      لقى بيجامتها البنفسجية معلقة بالحمام..

      البيجامة اللي فتنته تفاصيل جسدها من خلالها.. غصبا عنه لقى نفسه يقرب من البيجامه ويقربها من وجهه ويأخذ نفس عميق من رائحة عطرها الناعم..
      انتفض سعود وهو يستحقر تفكيره وين وصله..

      " الله يخسك يا سعود شكلك استخفيت.. إثقل يارجال إثقل"

      توظأ وصلى ركعتين وتمدد على سريره.. بس النوم ماجاه إلا بعد وقت طويل.. كان كل شوي يبي يتصل بخالد يسأله عن دانة بس كان يتراجع..

      من بعد صلاة الصبح ماقدر ينام.. ماصدق إن الساعة تجي ست ونص.. عشان يروح المستشفى..

      أول ماوصل السرير اللي كانت دانة فيه في قسم الطوارئ، لقى عليه مريض ثاني.. سأل الممرضة المسؤولة عنها..

      الممرضة بدون اهتمام: طلعت..

      سعود باهتمام: وين لغرفة فوق، أو للبيت..

      الممرضة بذات النبرة الباردة: للطابق السادس/ العناية المركزة..


    • عبدالله في مطار القاهرة، طيارته بعد ساعتين..
      كان فيه شعور واحد يسيطر عليه...
      الأســـــــــــــى

      كان الأسى يعبي روحه.. أقسى شيء على روح رجل حر إنه يضطر يعيش مع امرأة يعرف إنها تشعر بالقرف منه...

      كل ما يتذكر عبدالله كلامها: وإنها قرفانة منه لدرجة إنها تستفرغ اللي في بطنها... يحس إنه هو اللي يبي يستفرغ اللي في بطنه..

      "الله يعينك يا عبدالله على الجاي من حياتك، الظاهر إن عقاب ربك على اللي سويته فيها جاك وعلى يدها"

      موب طايق يشوفها أو يسمع كلامها..
      كل ما يتذكرها يحس بكآبة حادة.. وحزن حاد..
      بالتأكيد هو ما كرهها ولا يكرهها ولا يقدر يكرهها..

      لكن نفسه أصبحت ترفضها وبقوة..
      ولولا عياله كان نهائيا مافكر يرجعها.. عقب الكلام الجارح اللي هي قالته له.. "لا وكان عندها كلام أكثر بس ماحبت تجرحني قال.. شنو أكثر من اللي أنت قلتيه يا جواهر شنو"

      تذكر عبدالله شيء.. خذ نفس عميق واتصل:

      -هلا عبدالعزيز.. صباح الخير..
      ...............................
      عسى ماصحيتك من النوم؟؟
      ......................
      في الدوام.. زين.. تقدر تستأذن و تجيني اليوم المطار على الساعة 12 ونص..
      .....................
      تسلم يابو منصور.. مشكور
      ........................
      مع السلامة ..الله يحفظك


      ***************


      سعود لما سمع الخبر.. حس إن رجوله مو قادرة تشيله.. سخونة وانفلونزا.. تستدعي العناية المركزة؟؟

      تمالك نفسه وطلع ركض للطابق السادس على الدرج بدون تفكير باستعمال المصعد..

      لما وصل عرف مكان غرفتها من التجمهر اللي قدامها/ عايلة عمه بالكامل.. عمه وخالد وأم خالد ومزنة وغالية..

      سعود أشر لخالد اللي جا له
      سعود بلهجة قلق حاول يغلفها بالبرود بس ما قدر.. وفشل فشل ذريع فخرج صوته مليان قلق ولهفة:
      خالد دانة وش اللي صار لها لدرجة إنها تدخل العناية؟؟ البارح لما تركتها كانت حالتها مستقرة..

      خالد بحزن كبير: درجة حرارتها قربت لل42 ، وماعادت قادرة تنفس..

      الدكتورة أصرت إنها تنقل للعناية فورا، عشان يتركب عليها جهاز لتبريد الدماغ، لأن الحرارة العالية هذي خطرة تسبب تلف بالدماغ... بس الحين صارت أحسن الحمدلله.. درجة حرارتها الحين 39..

      سعود حس إنه بيختنق.. وغصبا عنه حس بالذنب
      "كل شيء بأذن الله.. بس لو تركتها عند أهلها ما كان صار لها شيء من هذا.."

      سعود بصوت مخنوق: ممكن أشوفها..

      خالد بمودة نسته زعله من سعود: أكيد تقدر تشوفها
      خالد رفع صوته: يا بنات درب.. خلو سعود يروح يشوف هله..

      وقف سعود على باب غرفتها، خذ كمام ولبسه، وطهر يديه بالسائل المطهر اللي عند الباب، كان خايف يضرها بأي شيء..

      دخل بشويش..
      حس قلبه يتفتت لألف شظية وهو يشوف منظرها موصلة بالأجهزة والابر منغرزة في إيديها..

      هذي الفتنة اللي كانت نايمة قبل أمس في غلالة سحر بنفسجية؟؟ اليوم تكون بهذا الشحوب في لباس المستشفى الكئيب؟؟

      سعود حس إنه تعبان..
      تعبان لأبعد حد من إدعاء القوة والبرود وقسوة القلب..
      قرب منها.. سحب كرسي ووجلس..

      مسك يدها اللي كانت مزرقة من محاولات إدخال الأبر الفاشلة..
      مسح على أصابعها أصبع أصبع بكل حنان.. وبكل خفة يخاف يؤلمها بأي صورة..

      سحب كمامة للاسفل ونزل راسه وهو يقبل أصابعها كل واحد على حدة.. وهو يحس إن روحة تذوب مع كل قبلة..

      "شنو هذا يا سعود؟؟ أنت وش قاعد تسوي؟؟ تجننت؟؟"

      "اسكت مني.. ما أبي أسمعك.. أنا أحبها أحبها أحبها"

      " معقولة تكون تحبها ذا الحب كله، وخلال يوم واحد........
      مافيه حب بذا العمق يا سعود يجي بين يوم وليل.."

      " وليش ما تعترف بالحقيقة يا سعود اللي أنت خبيتها حتى على روحك ودفنتها في أعمق نقطة في كيانك...

      إن دانة كانت حب حياتك اللي أنت حاولت تنكره من أيام طفولتك بإدعاءات الكره والصراع والمعارك الطفولية..

      ليش ما تعترف إنك كنت بتجن عليها من الغيرة والخوف لما راحت تدرس، الدراسة اللي أنت اتخذتها عذر أخير، عشان تخنق مشاعرك العميقة لدانة وتطمرها تحت برودك وقسوتك..

      القسوة اللي أعتقدت إنها بتكون وسيلتك للصمود بعد وفاة أبوك. إنها بتكون سلاحك لمواصلة المسير والحفاظ على هلك..

      القسوة اللي كانت بتضيع دانة منك...

      دانة.. آآآآآه يادانة.. تكفين.. تكفين عشاني.... لا مهوب عشاني أدري مالي خاطر عندش.. عشان عمي أبو خالد وأمش وأخوانش..

      تكفين أصحي.. لو صار لش شيء.. أنا والله أموت .. أنا ما أقدر أعيش من غير حسش في الدنيا من بعد مالقيتش..

      أشلون فكرت في حياة ومستقبل أنتي ماكنتي شريكتي فيها؟؟ انا كنت غبي غبي سامحيني.. تكفين اصحي..تكفين"

      كانت هذه الحقائق الصادمة تتوارد لبال سعود لتثقل روحه المثقلة..
      وهو مازال يمسك بيد دانة ويغرقها بقبلاته الناعمة الشفافة اللي يخاف أنها تجرح رقة أناملها..
      انتفضت يدها بين يديه.. ارتعب، لكن يدها عادت للاستكانة في يده..

      دخلت عليه الممرضة وطلبت منه يطلع.. كان وده يرفض ويظل جنبها لحد ما تصحا..
      لكن كل الظروف ضده..
      خجله...
      وصورته الباردة المعروفة عند الكل..
      وجود أهل عمه.. .
      فأضطر إنه يطلع..

      مر على عمه أول شيء وحب خشمه.. وقال بلهجة حاول إنها تكون هادئة: مالها شر الدانة ياعمي..

      عمه اللي رفع عيونه له صدمه منظرها الغائم وهو يقول بصوت مرتعش: تكفى يا ولدي طلبتك..

      سعود انتفض من الحمية وقال بنبرة رجولية: أطلب عزك يا عمي..

      أبو خالد بنفس الصوت المرتعش: دانة إذا طلعت من المستشفى، أبيها ترجع لبيتي..


    • بعد الغياب/ الجزء الرابع والثلاثون



      كان عبدالله جالس في صالة الدرجة الأولى في مطار القاهرة

      كان جالس يشرب قهوته كأنه يشرب هم صافي....

      سمع نداء رحلته..
      النداء أشعل شيء خطير في أعماقه

      بعدها قطب عبدالله جبينه..

      وموال جديد ينرسم في رأسه..

      (أنا ماراح أرجع لعيالي بهالحزن والكآبة.. بأنسى الحزن والكآبة هنا.. على هالطاولة في مطار القاهرة..
      وبأرجع أنا عبدالله اللي ما حد يقدر عليه
      طيب جواهر تبيني احلج من حقي الشرعي.. أبركها من ساعة.. فكة..
      بس في غيرها أنا اللي بأوريج"


      *******************


      عمه اللي رفع عيونه له صدمه منظرها الغائم وهو يقول بصوت مرتعش: تكفى يا ولدي طلبتك..

      سعود انتفض من الحمية وقال بنبرة رجولية: أطلب عزك يا عمي..

      أبو خالد بنفس الصوت المرتعش: دانة إذا طلعت من المستشفى أبيها ترجع لبيتي..

      سعود حس كأن حد شق صدره بوحشية.. وأنتزع قلبه من مكانه بكل قسوة..

      "يبون يأخذون دانة مني عقب مالقيتها..
      إذا خذوا روحي أشلون أعيش بدون روح...
      قل لي أنت ياعمي..
      أشلون ممكن أعيش بدون روحي اللي بين جوانحي..
      وانفاسي اللي تردد في صدري..
      وقلبي اللي ينبض بين ضلوعي..
      قل يا عمي أشلون؟؟ أشلون؟؟
      ليتها خلت خالد يذبحني.. كان مت بدون ما أتعذب.. قبل ما أكتشف أسطورة حبها اللي تغلغت في قلبي من سنين طويلة..
      كان مت مرة وحدة قبل ما يجي عمي يبي يذبحني بالتدريج"

      هذا كان كلام سعود بينه وبين نفسه، لكن اللي هو قاله لعمه بصوت متماسك: أنت تأمر يا عمي، ما تطلب..

      بس عمه ما أكتفى
      رجع ينظر لسعود نظرة كلها ألم ورجاء: ولو كانت دانة تبغي الطلاق.. تكفى إنك تطلقها..
      بنتي بغت تروح مني يا أبيك..
      هذي الدانة يا سعود.. الدانة عصابة رأسي..
      وانت الله بيكتب لك أحسن منها.. بس أنا لو راحت مني وش بيعوضني عنها..

      سعود حس إنه ممكن ينهار في أي لحظة، عمره ماحس إنه ضعيف مثل هذي اللحظة

      "ليش يا عمي ليش؟؟؟!!
      .. كان وافقت على الرجّال اللي جاك يخطب دانة، ومارديت الشور علي
      كان حب دانة ظل مطمور في عقلي الباطن
      لكن بعد ما قربها مني فجر كل مشاعري المدفونة مثل بركان.. تبغيني أطلقها؟؟

      ... ومن قال إني أبغي غيرها.. ليتني قعدت أعمى، وتزوجت فاطمة وإلا غيرها..
      زواج هادئ بدون طوفان المشاعر اللي ماعدت قادر أتحمله..
      إذا الدانة عصابة رأسك.. فالدانة عندي هي أنا..
      أنا خلاص ما أقدر أكون سعود من غير دانة.. تبيني أطلقها؟؟..
      حرام عليك ياعمي تذبحني بذا الطريقة.. أنا ولد أخيك.. منيب عدوك.. "

      سعود رد بهدوء ظاهري رغم إنه كان يتمزق وينهار من الداخل: يصير خير يا عمي.. خل دانة تطلع من المستشفى أول.. واللي هي تبيه يصير..

      لكن عمه ما تركه، مسك في يده برجاء وقوة: لا.. أبيك تعطيني وجهك.. إنك تطلقها لو هي بغت الطلاق..

      "يا عمي حرام عليك.. أتق الله فيني.. تذبحني بذا الطريقة"

      سعود رد بهدوء المذبوح: لك وجهي ياعمي..

      عمه حس براحة.. في الوقت اللي سعود رجوله خلاص مو قادرة تشيله، فجلس جنب عمه.. والف عذاب يحز في قلبه مثل سكاكين حامية..

    • عبدالله يصل على متن رحلة الخطوط القطرية القادمة من القاهرة...

      وعبدالعزيز اللي كان يسمع نداء الوصول وهو داخل للمطار، كان ينتظر طلعة عبدالله عليه...

      بعد أقل من 10 دقايق كان عبدالله يطلع عليه بدون تأخير.. لأنه ماكان معه شحن.. بس شنطته اللي في يده..

      كان طالع ببنطلون أسود و تيشرت أبيض عليه جاكيت شمواه أسود.. كان شكله متعب جدا.. وكان لابس نظارته الشمسية، مع إنه كان بعده داخل المطار..

      سلم كل واحد منهم على الثاني بحرارة شديدة.. وطلعوا مع بعض.. لسيارة عبدالعزيز الواقفة في المواقف..

      عبدالعزيز دفع ثمن الموقف، وطلعوا خارج المطار، في الوقت اللي كانوا خلصوا السلامات التقليدية والسؤال عن الصحة والحال..

      بعدها ألتفت عبدالله ناحية عبدالعزيز.. وخلع نظارته الشمسية..
      عبدالعزيز ارتعب لما شافه:.. وش فيك يا بو عبدالعزيز؟؟ شكلك تعبان وايد.. وش هالهالات كلها؟؟

      عبدالله بابتسامة مغتصبة: مانمت من يوم تركت الدوحة..

      عبدالعزيز بقلق: أنت أكيد منت صاحي.. خل أمر الصيدلية.. نأخذ لك بنادول نايت.. لازم ترتاح شوي شكلك بتنهار..

      عبدالله بهدوء: فيه موضوع لازم أخلصه أول..

      عبدالعزيز بود: حاضرين يابو عزوز..

      عبدالله بجمود حاول إخفاءه ببرود: أنا يشرفني أطلب منك يد جواهر..

      عبدالعزيز بابتسامة دافية: يا حليلكم والله.. خلاص تخطبها من ولدها مو مني.. جواهر كانت عطتني خبر بس هي تتمنى إنك تطلبها من خالي أبو فهد.. تقديرا له ولمكانته عندنا..

      عبدالله بذات البرود: خلنا نروح له الحين..

      عبدالعزيز بمرح: أصبر شوي على شنو متسرع.. العصر نروح له..

      عبدالله بلهجة غامضة: أنا تعبان وايد.. وأبي أحط رأسي أنام.. وعيالي لو رجعت وأنا ماسويت اللي في رأسهم.. مستحيل يخلوني أرتاح.. تكفى عبدالعزيز خلنا نروح لأبوفهد الحين.. ونخلص..

      عبدالعزيز بمرح: وبتروح تخطب وأنت متفرنج كذا بذا البدلة..

      عبدالله بتعب: عادي يا ابن الحلال.. أبو فهد داري إني راجع من السفر.. خلني أسلم عليه.. واطلب جواهر بالمرة..

      عبدالعزيز يغير طريقه من بيت عبدالله لبيت أبوفهد: حاضرين يابو عزوز..نروح لأبوفهد عشان تخطب أم عزوز..


      ************


      في مكتب جواهر ونجلاء..

      نوف قاعدة عند أمها.. ونجلاء تسألها وتأخذ علومها..
      وبينهم ثلاثتهم جو حميم جدا...

      جواهر: شاخبار بو حمد؟؟ أكيد كان مستانس إنه خلص منج ومن حنتج أسبوعين كاملين..

      نجلاء بحب: لا والله.. خنت حيلي.. كان نحفان وايد.. وكملت بعيارة: من شوقه لي..

      جواهر بعيارة: يمكن من شوقه لحمودي.. لكن أنتي أشك في ذلك.. لشنو يشتاق لغثاج وبربرتج..

      نجلاء بابتسامة: يجي لج يوم أستلمج فيه..

      نوف ببراءة: قريب خالتي نجلاء قريب تستلمينها..

      جواهر خزت بنتها بتأنيب، ونوف حست بالخجل..

      نجلاء بعيارة: نعنبو.. خرعتي البنية.. ماعليج منها، بنخلي أبوج يأدبها على كيف كيفه..

      نوف ابتسمت، في الوقت اللي جواهر كحت، ونجلاء ماتت من الضحك

      انطق الباب، لقتها جواهر فرصة تتهرب من الموضوع وقالت بصوت هادئ: تفضل..

      دخلوا مها ومنيرة وفاطمة..
      وتوجهوا لجواهر وسلموا عليها: أسفين جدا على الأزعاج ..بس إحنا والله بس انشغل بالنا عشان غبتي يومين .. والبارح جينا نبي نتطمن من دكتورة نجلاء لقيناها في المحاضرة..

      جواهر بمودة صادقة: شكرا على الاهتمام والسؤال... وخلوني أعرفكم على بنتي.. هذي بنتي نوف.. نوف هذولاء 3 من أفضل طالباتي وأكثرهم أدب مها وفاطمة ومنيرة..

      البنات انصدموا وهم يشوفون نوف اللي قامت تسلم عليهم بمودة..معقول دكتورة جواهر عندها بنت هالكبر..

      في الوقت اللي فاطمة ضربت كل وحدة منهم كوع وهي تقول بصوت واطي: مو قلت لكم .. موقلت لكم..

      جواهر بمودة: وش فيكم بنات؟؟

      فاطمة بأدب: بنتج شفتها قبل كم يوم في النشاط الطلابي.. وكنت أقول لمها ومنيرة، شوفوا هالبنية تشابه دكتورة جواهر.. بس هم قالوا لا..

      نوف وهي تبتسم: الله يبشرج بالخير إذا أنا أشبه أمي..

      جواهر اضطرب قلبها.. لذا الدرجة كانت بنتها قريبة منها.. وبينهم ناس مشتركين.. و كان من الممكن إنها ما تشوفها أبد...

      نجلاء بعيارة ذربة: أفا يا بنات السلام بس لدكتورتكم.. ودكتورة نجلاء مالها سلام..

      البنات بحرج: لا والله سامحينا..... بس ماقدروا يرقعونها..

      جواهر بود: وشفيج على بناتي خجلتيهم..

      منيرة باحترام ود كبيرين: دكتورة إحنا نبي رقم تلفونس، عشان نكلمس عليه لو صار مثل هالموقف...

      جواهر بود: إن شاء الله حاضرة.. بس الرقم لكم أنتم الثلاثة بس.. ما تعطونه حد غيركم..

      البنات: اكيد دكتورة

      مها لقتها فرصة تنتقم من منيرة على سالفة شاي الريجيم اللي صارت الاسبوع اللي طاف..

      مها بخبث: بعد منيرة بالذات تبي رقم تلفونش عشان تعزمش على عرسها متى ماحددوه..

      منيرة كان ودها تموت.. تنتهي.. الارض تنشق وتبلعها من الحرج..

      جواهر بابتسامة ودودة: صدق منيرة.. إلا سعيد الحظ وش اسمه؟؟

      منيرة وصوتها طالع من قبر: سالم

      جواهر بود: الله يوفقج أنتي وسالم ويجمع بينكم في خير يارب.. وأكيد ياقلبي متى ماحددتي موعد زواجج.. بلغيني وأنا بأحاول أجي..

      منيرة كانت بس تبي تطلع عشان تفش حرتها في مها..

      لكن مها اللي كانت خبيرة في ذا الحركات.. أستأذنت قبلهم..

      البنات ودعوا الدكتورة جواهر اللي وصتهم يذاكرون زين، وخصوصا إنها ماعاد فيه محاضرات خلاص لموعد الامتحانات

      منيرة طلعت بسرعة تدور مها اللي كانت فص ملح وذاب.. .. وتتصل على موبايلها ماترد....

      جاها بس مسج:

      "تستاهلين
      وهاردلك
      يا ام شاهي الريجيم"
    • الساعة 2 الظهر..

      عبدالله راجع من بيت أبو فهد.. بعد ما أنهى مهمته اللي حسها ثقيلة جدا على قلبه..

      عبدالعزيز وصله.. ورجع للبيت ينتظر جواهر عشان يبلغ جواهر بالأخبار..
      حب يخبرها مباشرة مو عن طريق الموبايل..

      في الوقت اللي كانت جواهر راجعة هي وبنتها..
      كانت تبي توصل نوف لبيت أبوها عشان تسلم عليه لأنها عرفت من تحرقص نوف اللي كانت مشتاقة له إنه وصل.. في الوقت اللي كانت جواهر تبي ترجع لبيتها..

      عبدالله دخل وراح لغرفة عبدالعزيز اللي كان قاعد على النت..
      خلع جاكيته وحطه على سرير عزوز وقعد بالتيشرت النص كم..
      وجاء يمشي بشويش من وراء عزوز اللي تفاجأ و انبسط وايد بشوفه أبوه ..
      وطبعا عبدالله بشره بالتطورات الجديدة.. اللي أهتز لها عبدالعزيز بعنف وفرح خرافي لا حدود لها..
      ونط يحضن أبوه بقوة، الشيء اللي استغرب له عبدالله بشدة،

      عبدالعزيز بفرح مجنون: والله ماراح تندم أبد يبه.. أمي مره مافيه مثلها.. كأنكم انخلقتم لبعض..

      عبدالله بحزن في نفسه: بلاك ماتدري إن امك عندها لسان سم حية..



      عبدالله وهو نازل : الساعة صارت 2 وربع المفروض تكون نوف على وصول..

      اتصل عبدالله على أفضل: هلا أبو محمد
      ..............
      الله يسلمك.. وينكم الحين؟؟
      ..............
      أنت في البيت... ونوف وينها؟؟ (عبدالله برعب)
      ............
      شنو؟؟ شنو؟؟ وأشلون أنت توافق؟ (عبدالله بغضب ناري)
      ..............
      خلاص خلاص هذا صوت سيارة توصل..

      مع وقفة السيارة..
      كانت نوف تنزل..
      وعبدالله يفتح باب البيت بعنف..
      نوف نطت تحضن أبوها: الحمدلله على السلامة..
      عبدالله بحنية غاصبة: الله يسلمك..

      في الوقت اللي جواهر كانت تشوفه واقف.. ماكانت تبي تعطيه فرصة يتكلم معها، فقررت إنها تمشي وتستغل إنه لاهي يسلم على بنته..

      لكن جواهر فوجئت إنه يفلت نوف..ويلف ويوقف قدام السيارة اللي كانت على وشك التحرك.. ويخبط بكفه على كبوت السيارة الأمامي بكل قوة...

      جواهر ماكانت مستوعبة هو وش الجنون اللي هو قاعد يسويه..
      لكن جنونه في رأيها وصل حده.. لما لف عليها وفتح بابها بكل قوة وهو يمد يده، ويقول بلهجة حازمة: عطيني المفتاح؟؟

      جواهر اللي بعدها مو مستوعبة هو شيقول: أي مفتاح؟؟

      عبدالله بحزم: مفتاح المرسيدس الفضية اللي حضرتج قاعدة تسوقينها الحين..

      جواهر ببرود: وأشلون أرجع البيت يادكتور عبدالله؟؟

      نوف بعدها واقفة مو فاهمة شيء من اللي يصير

      عبدالله بحزم أكبر: أنا بأرجعج...

      جواهر بغضب: نعم.. وليه ترجعني؟؟ سيارتي معي وبارجع بروحي..

      عبدالله بغضب: السيارة هذي ماراح تسوقينها عقب اليوم.. ولا أي سيارة ثانية

      عبدالله قال كلمته وقرب منها أكثر
      انحنى ومد يده من قدامها.. وطفى السيارة وسحب مفتاحها بكل مهارة وخفة
      جواهر لما شافته مد ذراعه، ارتعبت،رجعت ورا بكل قوتها ولصقت ظهرها في السيت..
      يده كانت على بعد ستيمترات من صدرها..

      عبدالله خذ المفتاح.. وتراجع ورا خطوة

      في الوقت اللي جواهر نزلت
      وتوجهت ناحيته وهي تمد يدها لها وتقول بغضب: عبدالله عطني مفتاح سيارتي.. أنت مالك حق لي..

      عبدالله قرب منها وهمس بصوت حرص إن نوف ما تسمعه: في اتفاق زواجنا.. أنا تنازلت عن حق واحد من حقوقي.. لكن حقوقي الثانية ماراح أتنازل عن ولا واحد منها...

      وبعدها كمل بصوت اعتيادي بارد: وأول حق إنج تطيعيني.. وانا ما أرضى إن زوجتي تسوق سيارة..

      جواهر ولعت من الغضب: عبدالله أنا مابعد صرت زوجتك، أجل فرد عضلاتك علي لين أصير..

      عبدالله ببرود : اليوم ما يفرق من بكرة، وبكرة بعد العصر ملكتنا وزواجنا خلاص



    • بعد الغياب/ الجزء الخامس والثلاثون




      عبدالله قرب منها وهمس بصوت حرص إن نوف ما تسمعه: في اتفاق زواجنا.. أنا تنازلت عن حق واحد من حقوقي.. لكن حقوقي الثانية ماراح أتنازل عن ولا واحد منها...

      وبعدها كمل بصوت اعتيادي بارد: وأول حق إنج تطيعيني.. وانا ما أرضى إن زوجتي تسوق سيارة..

      جواهر ولعت من الغضب: عبدالله أنا مابعد صرت زوجتك، أجل فرد عضلاتك علي لين أصير..

      عبدالله برود : اليوم ما يفرق من بكرة، وبكرة بعد العصر ملكتنا وزواجنا خلاص

      جواهر اللي خلاص مو قادرة تمسك أعصابها ولا تجاري عبدالله في لعبة البرود أشرت لنوف... وقالت: نوف روحي ادخلي داخل..

      نوف دخلت مع إنها تموت و تعرف وش اللي خلاهم شابين كذا..

      جواهر ألتفت على عبدالله وقالت له بعصبية مولعة: أنت أشلون تسمح لنفسك تحدد مواعيد.. كأني جارية عندك.. ولا لي شور ولا أهل..

      عبدالله ببرود: والله هذا قرار خالج موب كلامي..

      جواهر بصدمة: نعم؟؟ خالي؟؟

      عبدالله بهدوء وهو يحس بانتصاره عليها: إيه خالج يا دكتورة...
      اليوم خطبتج منه.. وكان يبي يتصل فيج..
      بس أخوج عبدالعزيز قال مافيه داعي لأنج عطيتيه موافقتج خلاص...
      فخالج هو اللي قرر إن الملكة تكون بكرة بعد العصر.. وعشاء عائلي بالليل.. ونخلص من ذا الفيلم.. وتجين لبيتي..

      صحيج جواهر كانت متوقعة ذا كله، بس مو بهالسرعة.. يعني خلاص بكرة بتصير زوجة عبدالله....
      وع من التسمية (زوجة عبدالله) جاتها حالة الإحساس إنها تبي ترجع اللي في بطنها..

      جواهر حاولت تسيطر نفسها وهي تسأله: وقبل مايصير أي شيء.. بعدك على الإتفاق والكلام اللي قلته لي؟؟؟...
      أنا وحدة مصلية ياعبدالله.. وكله ولا غضب ربي علي.. إذا أنت متنازل عن حقك برضاك وتحلني منه أمام رب العالمين أو قل لي وإحنا بعدنا على البر؟؟

      عبدالله بقرف: أنا ما أتراجع في كلمتي..
      بس بعدها لقاها فرصة يشفي غليله منه..
      فكمل بخبث: إلا لو أنتي بغيتيني أتراجع ماعندي مانع..

      جواهر ولع وجهها.. وكان نفسها تخبطه بالشنطة اللي بيدها..

      قالت بهدوء تحته ألف انفعال: زين عبدالله اتفقنا.. زواجنا بكرة.. مثل ما تبون.. وعلى الاتفاق اللي بيننا.. بس طبعا أنا ما أبي عيالي يحسون بشيء..

      عبدالله يأكد على كلامها، على نقطة اتفاقهم الوحيدة ..عيالهم: أكيد وبدون ما تقولين.. أنا اللي أرجوج إنه ما يبين منج أي شيء يحسس العيال إنه الحياة بيننا غير طبيعية.. إحنا مارجعنا لبعض إلا عشانهم.. مانبيهم يعيشون حياة متوترة بين أب وأمهم بينهم خناق على طول..

      عبدالله تنحنح وكمل ببرود مع إنه كان يحترق من الداخل: وشيء ثاني؟؟

      جواهر باستفسار: شنو؟؟

      عبدالله ببرود تحته نار: أنتي ماقصرتي عرفتيني مكانتي عندج.. وأنتي أشلون قرفانة مني..
      بس اللي أتمناه.. إنه مافيه داعي تذكريني بهذا الموضوع كل شوي.. خلي الاحترام بيننا ومافيه داعي للتجريح..

      جواهر وهي منحرجة: اتفقنا... اللي تبيه يصير.. ويالله عطني مفتاحي.. عبدالعزيز اكيد قاعد ينطرني الحين..

      عبدالله ببرود: أنتي مفكرتني ألعب، وإلا أقول كلام ما أقصده.. سواقه بعد اليوم مافيه... تبين ترجعين رجعتج أنا..

      جواهر بهدوء مشتعل: أعتقد إن الكلام في القرارات الخطيرة اللي مثل هذي سابق لأوانه يا دكتور عبدالله.. عطني مفتاحي، أو بأظل واقفة هنا.. لين تعطيني إياه..

      عبدالله لف وهو يبي يدخل داخل ..رد عليها ببرود : عادي اقعدي براحتج البيت أصلا صار بيتج.. وأحسن خليج هنا من اليوم ليش ننطر لبكرة..

      جواهر اللي وصلت أخرها من طريقته في فرض نفسه وقراراته، مسكت عضد عبدالله العاري تبي توقفه وهي تقول من بين أسنانها: أنت يا أخ؟؟ وين رايح..؟؟ هات مفتاحي..

      جواهر بنفس الثانية اللي مسكت فيها عضده فكته.. وهي تنفض يدها وترجع خطوة للورا، وعبدالله التفت عليها بحدة..
      كلاهما انلسع.. وبقوة..

      جواهر صدمها صلابة ملمس عضلات عضده المشدودة

      وهو صدمه نعومة أصابعها ورقتها ودفئها..

      جواهر في نفسها: "كذا تخلينه ينتصر عليج ويستفزج لهالدرجة.. لهالدرجة.. إنج تمسكين في جسم رجّال غريب"

      جواهر بنبرة غامضة وهي مو قادرة تحط عينها بعينه من الخجل اللي اجتاحها غصبا عنها: بأتصل بعبدالعزيز يجيني.. أشبع بالسيارة والمفتاح..

      عبدالله اللي بعده محافظ على بروده رغم التوتر اللي بعثته لمستها الخاطفة فيه، رجع لسيارتها وركب مكان السواق وشغل السيارة، وقال لها ببرود: اركبي، بأوصلج، وبأخلي سيارتك في بيتكم، وبأخلي أفضل يجيني هناك..

      جواهر لما شافته ركب السيارة، دخلت داخل البيت، عبدالله طفا السيارة.. وخذ المفتاح.. ولحقها داخل
      وبدأ يفقد سيطرته على أعصابه من تجاهلها له.. كانت وصلت الدرج: عبدالله ببرود: أشلون تتركيني وأنا أكلمج؟؟

      جواهر اللي حاولت تمسك أعصابها.. ردت عليه ببرود شديد: بأطلع لبنتي بعد إذن حضرة جنابك وسموك.. خلاص ما أبي أروح للبيت.. بعد صلاة العصر بنخلي أفضل يوديني أنا وياها لبيتي.. إلا لو عندك مانع بعد..

      عبدالله ببرود مع إنه مولع من تكسيرها لكلامه: بكيفكم.. أنا بأطلع أنام..

      وتجاوزها طالع لفوق.. وهو يلوح بمفتاحها قاصد يحرق أعصابها.. في الوقت اللي جواهر ابتسمت من تحت نقابها ابتسامة خبث
      كانت تطالع عبدالله وهو يطلع الدرج وهي بعدها واقفة عند أول درجة..
      لما غاب عن عينها.. فتحت شنطتها.. طلعت سبير المفتاح.. وتوجهت لسيارتها.. ركبتها وحركت..


    • العصر
      مستشفى حمد/ الطابق السادس/قسم العناية المركزة

      سعود طالع يسحب رجله، ماكان يبي يفارق دانة ولا دقيقة.. خايف يصير لحالتها أي تطورات وهو مو موجود نفس ماصار البارحة وهو في البيت..

      بس لما أذن الظهر راح يصلي الظهر هو عمه اللي طلب منه يوصله للبيت.. وعقب حلف عليه يتغدى معه..

      سعود ماكان يبي غدا ولا شيء.. من دخلة دانة للمستشفى وهو ما يتذكر انه أكل شيء.. نفسه مسدودة عن كل شيء..

      بعد غدا عمه.. اللي تأخر رجع للبيت.. تحمم وبدل ملابسه.. صلى العصر وبسرعة جا للمستشفى

      وصل لغرفة دانة: مالقى قدامها أحد.. استغرب، طل فيها لقى السرير فاضي..

      سعود حس إن قلبه مات
      وروحه فارقته..
      وينها؟؟
      وينها؟؟
      لاااااااااا.. لااااااااااااا
      لااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا

      وأغمي عليه


      *************


      عبدالله قبل يروح ينام..
      مر على عياله اللي كانوا مجتمعين في غرفة عبدالعزيز..

      يظهر نوف ماصبرت راحت على طول لعبدالعزيز تقول له على الأكشن اللي صار بين أمها وأبوها..

      نوف بحماسة: واااااااو.. عزوز.. يغار عليها .. يجننون.. يجننون..

      عبدالعزيز يضحك: الله يرجج أكثر منتي مرجوجة..

      وهم يسولفون..

      دخل أبوهم مبتسم: دايم هالضحك يارب.. نوف عندي لج خبر..

      نوف بفضول: شنو يبه؟؟

      عبدالله بهدوء: بكرة أمج بتكون عندكم..

      عبدالعزيز طبعا كان عنده خبر ابتسم بفرحة صافية، بس ونوف نطت واقفة: صدق يبه صدق.. الله لا يحرمنا منكم اثنينكم

      عبدالله يكمل بذات الهدوء: بكرة العصر الملكة، وفي الليل بنسوي عشاء عائلي للحريم في بيت أمكم.. وللرجال في بيت خالكم..وعقب أمكم تجي عندكم..
      وعلى طاري أمكم... نوف أمج ترا راحت لغرفتج..

      نوف نطت رايحة لغرفتها.. وعبدالله قعد يسولف شوي مع عبدالعزيز لين يأذن العصر اللي مابقى عليه شيء..

      شوي رجعت نوف وتقول لابوها بمرح: يبه وينها امي؟؟ تبي عزوز في سالفة ما تبيني أسمعها.. عادي قل لي وأروح مافيه داعي تسوي فيلم وحركات.... مو عوايدك يعني.

      عبدالله وهو متفاجئ: والله راحت لغرفتك، هي بنفسها قالت لي واحنا تحت..

      نوف باستفسار: أنت شفتها تدخل غرفتي؟؟

      عبدالله بتشكك: لا

      ونزل بخطوات سريعه على الدرج.. وعياله وراه..

      عبدالله ألتفت حواليه في الصالات.. وطرا له شيء.. فتح باب البيت يبي يشوف سيارتها.. لقى مكانها فاضي..
      الغضب وصل عنده حده الأعلى: يعني سوتها وكسرت كلامي... بس اشلون المفتاح كاهو بعده بيدي..

      نوف ضحكت بصوت مكتوم.. وهي تقول: يبه اليوم كنت أفتش في شنطة أمي أبي كلينكس..
      لقيت مفتاح سيارة سألتها عنده، قالت لي إنه السبير.. وإنها ما تطلع من غيره استعدادا لأي طارئ.. مثل إنها تقفل السيارة والمفتاح داخل...
      وبعدين ميل عبدالعزيز على أذنها وقال بصوت واطي: أو رجّال غيور يأخذ مفتاح سيارتها منها..

      نوف وعزوز انفجروا من الضحك، في الوقت اللي عبدالله كان يطالعهم بغضب
      طلع الدرج ويدق على موبايل جواهر اللي لقاه مسكر..

      "زين يا جواهر.. خلي العداد يحسب.. كل شيء مردود لج"




    • سعود لما أغمي عليه..
      الممرضين والممرضات شالوه ودخلوه الغرفة اللي كانت دانة فيها.. وحاولوا فيه يفوقونه

      وعطوه شراب أملاح.. لما قدر يتمالك أعصابه، سألهم بصوت ميت متدمر: وين راحت؟؟ وين راحت؟؟

      الممرضة: أنت يقصد دكتورة دانة؟؟

      سعود بنفس الصوت الميت وهو ينطر الإجابة اللي حاس إنها بتقتله: إيه؟؟

      الممرضة بود: ينزل تحت غرفة عادية غرفة رقم الطابق الخامس..

      سعود حس مثل النسيم البارد هب على روحه الملتهبة.. كان وده يقوم يبوس الممرضة.. ينط.. يرقص.. يغني..
      أي شيء مجنون ممكن يعبر عن السعادة الخيالية اللي هو حاس فيها..
      لكن سعود البارد أو المتبارد، ماسوى غير إنه قال لها ببرود: شكرا نيرس..


      ***************


      سعود نزل من الطابق السادس للأول ركض يحاول يفرغ طاقة الفرح اللي عنده..

      راح لمحل لاريسا اللي تحت.. أختار أكبر بوكيه ورد موجود واكبر سلة شيكولت.. طلب منهم يطلعونها لغرفة دانة..

      البياعة: تفضل اختار الكرت..
      سعود رجعت له حالة صورته الجامدة: طلعوها بدون كرت..

      وطلع برا المستشفى متوجه لسيارته...

      في سيارته جالس..
      قرر يتصل بمها.. عشان يروحون للدانة.. ويتطمن عنها بطريق غير مباشر..

      سعود ببروده المعتاد اللي بدأ يهتز داخليا وبعنف: هلا مها.. مانتو برايحين للدانة بنت عمي؟؟ (ماقدر يقول زوجتي)
      .................
      (سعود ارتعش غصبا عنه) لكنه كمل بصوت بارد: أنتو عندها الحين؟؟ من متى؟؟
      ...................
      من ساعة..تنحنح: وهي أشلونها؟؟
      ..................
      الحمدلله (سعود بصوت بارد يشتعل من الداخل لأن ردود مها عليه كانت باختصار)
      .................
      طيب مع السلامة..

      "سعود يا غبي.. أنت وش تبي تسوي بروحك؟؟ تبي تضيعها منك بجمودك اللي يقتل؟؟ ليش ما طلبت تكلمها؟ أو طلعت لها تزورها؟ هذا أنت قاعد في سيارتك مقابل المستشفى مثل الطوفة...

      ما أقدر ما أقدر... أهلي عندها وأهلها أكيد.. ويمكن عندها نسوان الجماعة بعد.. خلها وقت ثاني

      طيب كلمها بس.. قل لها الحمدلله على السلامة بس.. زوجتك هذي ياللي ماعندك مشاعر..

      ما أقدر ما أقدر... لما كانت مهيب حاسة فيني.. كنت حاس إني ممكن أقول لها كل شيء... بس الحين هي وعت.. وأعرف إنها تكرهني كره العمى.. اخاف أكلمها تقول طلقني"

      سعود صار له ساعتين قاعد في سيارته اللي واقفة في مواقف المستشفى.. فكرة توديه وفكرة تجيبه.. والهم محاصره بكل عنف.. لحد ما أذن المغرب.. حرك سيارته.. وطلع لأقرب مسجد


      ****************


      قبل المغرب
      عبدالله نايم بغرفته في بيته
      جواهر نايمة في غرفتها في بيتها
      الليلة راح تكون الليلة الأخيرة لحرية كل منهم

      وعيالهم بدوا بالمخططات لبكرة وخصوصا نوف اللي اتصلت بحصة وبلغتها.. وأتفقوا على كل شيء يسونه بكره..
      اتصالات لا تحصى سوتها نوف وعبدالعزيز قاعد جنبها ميت من الضحك وكل شوي يقول: الحمدلله والشكر.. العقل زينة.. وش ذا كله؟؟

      نوف بحماس: يعني أمي وأبوي بيتزوجون بعض كل يوم.. أنت ووجهك.. كلها مرة وحدة..

      نوف خطر ببالها أهم شيء، ونطت تمسك في ذراع عزوز: صدق إني غبية كنت بأنسى أهم شيء... تذكر الشغلة اللي اشتريتها الصيف هذا من باريس.. وأنت ما كنت راضي.. وشرايك موب هذا وقتها..؟؟

      عبدالعزيز باستنكار مرح: لا لا لا حرام عليج.. اتقي الله في أبوي تبين تجلطينه .


    • بعد الغياب/ الجزء السادس والثلاثون





      الليلة الأخيرة من حياة عزوبية اثنين لم يمر أي منهما بحياة زوجية حقيقية..
      ومقبلين على حياة زوجية غير حقيقية..


      عبدالله بعده نايم.. رغم أنه أولاده حاولو يصحونه كثير للصلاة.. بس بدون فايدة.. كان ماكل 3 حبات بنادول نايت.. وهو أصلا كان منتهي من التعب..


      الوقت صار بعد العشا وهو بعده نايم.. نوف بتجن.. تبي فلوس منه...: ( زين ياعبدالله ارقد براحتك.. خلاص الحين كل شيء بيسكر.. بس إذا ما استلمتك من الصبح ما أكون بنتك نوف بنت عبدالله)


      جواهر صحت على صلاة المغرب.. وهي حاسة بهم كبير كاسر ظهرها.. قلبها مقبوض.. وخاطرها ضيق..


      صلت المغرب بإيمان كبير.. ودعت الله سبحانه يشرح صدرها ويفرج همها..


      عملت شوي اتصالات مهمة وضرورية لعدد من الناس اللي يهمها معرفتهم بزواجها بكرة: رئيس قسمها، نجلاء، موزة بنت خالها..وأم فهد..
      رغم إن موزة وأم فهد كانوا يعرفون بالخبر.. بس هي حبت أنهم يسمعون منها.. ماحبت حد يشك إن رجعتها لعبدالله كانت غصبا عنها..


      جلست جواهرفي غرفتها والهواجس تطحنها..
      وبنتها نوف كل شوي تتصل عليها.. في راسها ألف مخطط..


      جواهر حتى ما كانت منتبهة بنتها وش تقول وراسها عورها من حنتها.. كانت تبي ترضيها وبس....


      قالت لها جواهر: أهم شيء ما تعزمين حد.. بس أبي يكون موجود بيت خالي ونجلاء وأنتي وبس.. وغير كذا سوي اللي تبينه بدون ما تستشيريني..


      نوف بحماس: أكيد مامي.. موب عقب تسوين لي سالفة


      جواهر بحب: ماراح أسوي لج شي


      (في قلبها: أنا مارجعت لأكره إنسان على وجه الأرض الا عشانكم..فأي شي بتسوينه ويكون بيفرحج سويه)



      ******************



      الساعة 9 مساء..


      سارة تترك منيرة جالسة مع أمهم تحت.. وتطلع تتسحب لغرفتها وتقفل الباب عليها بالمفتاح.. وتتصل بصديقتها وضحى...


      بعد السلامات المعتادة..


      سارة بعيارة حزينة: وضحى أنا أبيس تعرسين..


      وضحى كحت: وشفيس يالمجنونة؟؟ وش عرسه ذا... توني تملكت الشهر اللي طاف..


      سارة: يالغبية أبيس تمثلين أنس بتعرسين..


      وضحى اللي مو فاهمة شيء: روحي نامي شكلس تخرفين..


      سارة: يالغبية: تذكرين في ملكتس، لما مالقيتي فستان تلبسينه.. خذتي فستان أختي مناري حق عرس ولد خالتي وكان يجنن عليس..


      وضحى: وطيب؟؟


      سارة: أبيس بكرة تروحين معي أنا ومناري.. على أساس أنس تبين نروح معس، تاجرين فستان أو تشترين حسب المتوافر لأن عرسس تحدد بسرعة وما عندس وقت تسوين فستان.. وإنس تبين مناري هي اللي تقيس الفستان عشان تشوفينه عليها.. وتقررين..


      والفستان اللي أنا بأحس إنه دخل مزاج مناري..بأشر لس عليه.. وأنتي صممي إنس تبغينه مهما كان سعره..


      وضحى بدهشة: وليش ذا كله..


      سارة بحزن: أنا باقولس..



      *****************



      الساعة صارت 11 بالليل..


      سعود واقف بسيارته في مواقف المستشفى..


      سعود صلى المغرب ورجع وقف في المواقف ، صلى العشا ورجع للمواقف.. على أساس إنه بيتشجع وينزل يزور الدانة..


      كان واقف..كأن فيه مغناطيس يشده لذا المكان..
      موب قادر يبعد عنه..
      تلقى عشرات الاتصالات.. من ربعه..من أمه..من محمد.. الكل يسأل عنه.. وينه مختفي..
      قال لهم في الشغل.. مع أنه في إجازة لمدة أسبوعين..


      وهو غارق في التفكير: سمع حد يدق على شباك سيارته، ألتفت كان من أمن المستشفى، اللي قاله بنبرة احترام لكن بنظرة شك: يا أخوي.. صار لك ساعة واقف.. والزيارة انتهت من زمان.. ياليت تحرك سيارتك..


      سعود ببروده الاعتيادي: مادريت أن الوقفة في ملك الحكومة ممنوع..


      الأمن اللي ارتبك شوي من برود سعود: حرك حرك يا أخوي..


      سعود كان في خاطره يفرغ التوتر اللي فيه في السكيورتي..
      لكنه تنهد وقال في نفسه: وذا المسكين وش ذنبه..


      حرك سيارته للبيت.. ولغرفته اللي صار يحسها قبر موحش بدون دانة، وخصوصا إن أغراض دانة القليلة المتناثرة في غرفته.. تثير في داخله جرح شديد العمق..
    • جواهر موب قادرة تنام... الهم محاصرها.. متوترة وحاسة بجرح كبير في روحها..

      عبدالله بعده نايم...

      نوف وحصة ما وقفت الاتصالات بينهم.. رغم إن الوقت تاخر..

      عبدالعزيز الصغير هو الوحيد اللي كان ينام بعمق وسعادة بعد ماسوى اللي في رأسه..


      ****************


      الساعة 4 الصبح

      عبدالله صحا مفزوع وهو يطالع الساعة: أعوذ بالله منك يا أبليس فاتني المغرب والعشا.. خلني أصلي قبل الفجر..

      صلى الصلوات الفايته..

      وعقب راح صحى عبدالعزيز وراح وياه المسجد.. كان ناسي موبايله في البيت بس ما أهتم..( مين اللي بيتصل فيني ذا الوقت يعني؟؟)..

      رجع للبيت وهو يحس بنشاط كبير بعد ماخذ نوم كفاية..

      الموبايل بعده مرمي عالكوميدينو.. ما أهتم..

      لبس تريننغ رياضة.. وراح يركض حوالين البيت كعادته بعد صلاته الفجر.. ويحاول يفرغ من التوتر اللي هو حاس به للحدث اللي بيصير اليوم.. وحاسه هم كبير كل ما يتذكر كلام جواهر اللي مثل السم

      رجع للبيت على الساعة ست.. دخل للحمام يأخذ شاور.. والموبايل بعده مرمي على الكوميدينو..

      أول ما طلع من الحمام وهو بعده بالفوطة الملفوفة على خصره..ضرب عينه على الكوميدينو.. شاف موبايله يولع ويطفي دليل إن حد يتصل فيه..

      استغرب من اللي بيتصل هالحزة..

      مشى ناحيته وتناوله بقلق.. بس كان الاتصال سكت..

      لينصدم عبدالله بعدد الاتصالات التي لم يرد عليها...

      68 مكالمة لم يرد عليها..

      59 اتصال من رقم واحد.. وهو الرقم اللي كان يدق أخر شيء

      و9 اتصالات من أرقام مختلفة..


      59 اتصال من شخص واحد / من ماجد..


      *****************


      عبدالله يتصل بسرعة بماجد قلبه انشغل عليه، أو ماوصله صوت ماجد اللي يقول بلهفة : ألو..

      رد عليه عبدالله بقلق كبير: عسى ماشر يا بو فيصل؟؟ اشغلتني..

      ماجد بلهجة غامضة: أبي أشوفك الحين..

      عبدالله رغم استغرابه رد بترحيب كبير: هلا والله تفضل في المجلس الخارجي، بأنتظرك هناك...

      عبدالله سكر من ماجد، اتصل في المقهوين اللي في المجلس الخارجي، وطلب منهم يجهزون القهوة..
      وباله مشغول على ماجد..


      ****************


      الساعة 7 صباحا: عبدالله وماجد في المجلس..

      ماجد جالس يفرك ايديه ببعض.. شكله مهموم.. داخل على عبدالله متلطم.. بدون عقال..

      عبدالله اللي حس بهم من منظر ماجد: أبو فيصل وش فيك جعلني ما خلا منك..

      ماجد بلهجة حزينة: تذكر ياعبدالله قبل 18 سنة وإحنا على الجبهة..

      عبدالله بنبرة رجولية فيها اعتزاز وكثير من الحزن: ومن ينسى ياماجد من ينسى؟؟


      قبل 18 سنة

      كانوا خمسة متطوعين على مدرعة عسكرية.. ينقلون مؤن للمعسكر..

      عبدالله هو اللي كان يسوق، وماجد جنبه..
      و3 ورا مع المؤن..

      عبدالله وماجد كانت بدت تربط بينهم علاقة حميمة زادها كونهم من بلد واحد ومن عمر متقارب..

      لكن الثلاثة اللي ورا كانوا أول مرة يشوفونهم ماجد وعبدالله..
      وهم يعبرون منطقة صحراوية للوصول للمخيم المعزول في الصحراء..

      انضربت المدرعة بصاروخ.. الصاروخ ضرب الجزء الخلفي من المدرعة..

      الثلاثة اللي ورا استشهدوا فورا، عليهم رحمة الله وغفرانه..

      عبدالله تصوب إصابة شديدة في رجله..وجروح مختلفة.. ماجد كان مصاب بعدة شظايا.. ووضعه غير معروف..

      عبدالله ما فقد الوعي مثل ماجد..
      فزحف خارج المدرعة
      وسحب ماجد برا ومدده بعد ما تطمن إنه حي..

      ثم توجه يبي يشوف اللي ورا.. تألم ألم عمره.. لما شافهم ثلاثتهم استشهدوا..
      ما كان يعرفهم.. لكن الحرب والجرح.. تقرب الناس لدرجة تلاصق الأرواح..

      سحبهم عبدالله برا المدرعة.. و رجله المكسورة تئن بألم خرافي..
      لكنه كان يتحامل على رجله السليمة لحد ما طلعهم كلهم..

      راح يبي يشوف ماجد ويتأكد من وضعه.. لكن ماجد توعى بروحه.. وكانت إصاباته بسيطة مجرد رضوض..

      ماجد وعبدالله تساعدوا يسحبون الجثث لمكان بعيد من المدرعة، لأنهم كانوا عارفين إن النار إذا وصلت خزان الوقود.. بتنفجر المدرعة..

      وفعلا خلال دقايق انفجرت المدرعة انفجار مدوي..

      عبدالله خلاص كان منتهي ونزف كثير.. وبدأ يفقد وعيه..

      عبدالله نزع شارته اللي عليها اسمه عن صدره.. وعطاها عبدالله لماجد مع شارات الشهداء الثلاثة... وقال له بصوت ضعيف لكن حازم: سلم الشارات للقائد، عشان يبلغون أهلنا.. وأرجوك يا ماجد ادفننا.. لا تخلينا كذا تأكلنا الطيور والذيابة..

      ماجد رد بحزم: أنت واحد مجنون وماينرد عليك.. إحنا يا نعيش سوا يا نموت سوا..

      قام ماجد وحفر 3 قبور، ودفن الشهداء فيهم..
      وحاول يحط عليها علامات واضحة.. على اساس إن أهلهم يمكن يرجعون يبون يدفنونهم في اماكن ثانية..

      بعدها سمى ماجد بسم الله..
      وحمل عبدالله اللي كان فاقد الوعي على كتفه..
      عبدالله كان أطول منه ، بس وقتها كان نحيف كثير..

      ماجد شال عبدالله على كتفه.. ورجع يتبع أثار عجلات المدرعة..
      وسار به لساعات.. وهو شوي يمشي.. وشوي يطيح.. وشوي يسحبه.. وشوي يشيله..

      لحد ماوصل للشارع العام.... كان ماجد اللي يحركه الباقي من حلاوة الروح.. فأول ما وصل الشارع انهار بالكامل..

      شافوهم سواقين السيارات اللي شالوهم للمستشفى.. والاثنين كان حالتهم صعبة..
      بس ماجد تشافى أسرع.. لأنه كان اللي فيه رضوض وإرهاق..
      بينما عبدالله رجله مكسورة ونزف كثير..

      أول مافتح عبدالله عينه شاف ماجد، سأل بصوت ضعيف: أنا وين؟؟

      ماجد بمرح: لا تستانس ما بعد رحت الجنة.. عادك في الدنيا لا وأنا معك.. تبي تخلص مني بس مافيه فكة..

      عبدالله بضعف واستغراب: أشلون احنا كنا بعيد عن الطريق والمخيم بعده بعيد..

      ماجد بنفس المرح: نعنبو خلعت كتفي.. شال نخلة موب آدمي..

      عبدالله وقتها من التاثر حضن ماجد وبكى، كانت هذي من المرات القليلة جدا اللي بكى عبدالله فيها..


      عبدالله بضعف وحزم ورجولة: جميلك يا ماجد في رقبتي.. أنت كان ممكن تخليني أنا كنت شبه جثة وماكان حد بيلومك.. في الحرب يا كثر الضحايا.. جميلك في رقبتي لأخر يوم في عمري.. ووعد علي أرده لك ولو على قطع رقبتي..

      ماجد بمرح: خلك من البربرة أنت ووعودك.. أنا ماسويت كذا عشان ترده لي..

      لكن عبدالله كان مصر.. و18 سنة وهو دايم يكرر الموضوع على ماجد.. اللي ما عمره فكر يطلب من عبدالله شيء.. لحد اليوم..

      ماجد بصوت ميت: عبدالله أنت مستعد ترد لي ديني اللي أنت بنفسك كنت مصر ترده..

      عبدالله بحزم كبير ورجولة بالغة: لو تبي روحي ماتغلى عليك..

      ماجد بنفس اللهجة الميتة: ما أبي روحك.. أبيك تنسى سالفة الزواج من جواهر بالكامل..

    • بعد الغياب/ الجزء السابع والثلاثون



      مستشفى حمد/ غرفة في الطابق الخامس

      الصبح..الوقت كان بعده بدري بدري
      مزنة تناول دانة اللي تحسنت صحتها كثير كأس عصير...

      دانة تأشر بيدها ما أبي.. وهي تلف وجهها بحزن..

      مزنة بتأثر: يا قلبي يادانة من لما طلعوش من العناية أمس لليوم ما كلتي شي.. ما يصير.. لازم تاكلين.. لازم

      دانة بهدوء: والله ما أبي فديتش.. لا تغصبيني..

      وبعدين ابتسمت وكملت بمرح حزين: وإلا أنتو كل شيء عندكم يا عايلة أبو خالد غصيبة، الملكة غصيبة والعرس غصيبة وحتى الأكل غصيبة..

      مزنة بتأثر أكبر: دانة يا قلبي بلاها توجعين قلبش..

      دانة بحزن: هو أبوخالد وسعود بقوا لي قلب عشان أوجعه.. نحروني مثل الشاه..

      مزنة بحزن مماثل: حرام عليش.. يعني سعود رجّال والنعم فيه.. أنتي بنفسش كنتي تقولين أشلون كان سعود مهتم فيش.. وماتركش لحد إحنا ما جينا..

      دانة بأسى: باين الاهتمام.. لا طل ولا حتى سأل.. ما صدق تجون أفكه من شري.. على الاقل يا مزنة قدام الناس.. أنا أصلا ما ابيه ولا أبي شوفته... بس بما إنه صار اسمه رجّالي.. يحترمني قدام الناس..

      مزنة بدفاع: حرام عليش..أمس الصبح جاء عندش في العناية .. وقعد مع أبي للظهر...........

      دانة قاطعتها باستنكار حزين: خلينا من سيرته.. جا أو ما جا الموضوع كله ما يهمني.. عطيتي خالد إجازتي المرضية.. يوصلها للدكتور سعد رئيس قسمي..

      مزنة بمرح: وعقد زواجش بعد.. يمكن يعطونش شهر على كذا..

      قاطع حديثهم رنين تلفون الغرفة، مزنة بتساءل: من تعتقدين يدق بدري كذا؟؟

      دانة بثقة: أكيد أمي تقول تبون شيء أجيبه معي..

      مزنة خذت السماعة وردت: ألو..
      ..........
      مزنة بخجل :هلا والله.. حياك الله
      ............
      مزنة بصدمة: تقول عند باب الغرفة.....زين.. دقيقة بس.. وانا بأدخلك..

      مزنة نطت تلبس عبايتها ونقابها..

      دانة اللي كانت قاعدة تطالعها مصدومة: من اللي عند الباب؟؟

      مزنة في كلمة واحدة حادة: سعود

      ****************


      ماجد بصوت ميت: عبدالله أنت مستعد ترد لي ديني اللي أنت بنفسك كنت مصر ترده..

      عبدالله بحزم كبير ورجولة بالغة: لو تبي روحي ماتغلى عليك..

      ماجد بنفس اللهجة الميتة: ما أبي روحك.. أبيك تنسى سالفة الزواج من جواهر بالكامل..

      عبدالله اللي كان مصدوم وموقادر يجمع أفكاره
      لو عليه هو، هو خلاص نفسه عافت جواهر، بس هو عشان عياله مستعد يسوي المستحيل..
      أشلون يجي ماجد الحين عقب ما تقرر كل شيء ويطلب منه هالطلب..
      أشلون يواجه العالم.. والأهم أشلون يواجه عياله...

      عبدالله بصوت خالي من المشاعر ومحايد: ماجد أنا لو علي.. وربك اللي جمعنا قبل 18 وجمعنا الحين.. إني ما أبي جواهر.. ولا أبي طاري العرس كله.. بس عشان عيالي يا أبو فيصل.. وأنت عارف غلا عيالي عندي..
      عيالي هم الشيء اللي أنا عايش عشانه في ذا الدنيا.. عيالي مصممين علي أرجع أمهم..

      ماجد بيأس: تكفى ياعبدالله.. ما عمري طلبتك غير ذا الشيء.. تكفى لا تقهرني.. قهر الرياجيل شين..

      عبدالله نط واقف وقال بحزم ورجولة وأخوة: يخسا اللي يقهرك يا أبو فيصل.. يخسا..ماعاش ولا كان.. أبشر بعزك..

      بعدها كمل عبدالله بتوتر: توكل على الله يا أبو فيصل ومايصير خاطرك الا طيب.. خلاص النصيب انقطع بيني وبين أم عبدالعزيز.. مثل ما أنقطع قبل 17 سنة....

      ماجد حضن عبدالله بنفس روح الأخوة وتوحد الارواح اللي جمعت بينهم قبل 18 سنة..

    • دانة اللي كانت قاعدة تطالعها مصدومة: من اللي عند الباب؟؟

      مزنة في كلمة واحدة حادة: سعود

      دانة بتوتر: عطيني جلال أحطه على رأسي..

      مزنة بتوتر: أنتي وذا الجلال.. رجالش هذا مهوب غريب.. وانا ماني متفرغة أدور لش.. الرجال برا.. بادخله وبانتظر في الممر..

      دانة برعب: مزنة لا تخليني معه بروحي..

      بس مزنة ماردت عليها.. لأنها كانت طلعت برا..

      بعد ثواني سعود دخل بخطوات مترددة.. دانة عيونها في حضنها وتفرك اصابعها بتوتر..

      سعود بصوت هادئ وهو يحس إنه كان بيموت من شوقه لشوفتها: السلام عليكم..

      دانة ردت بصوت واطي :وعليكم السلام..و رفعت عينها تطالعه..

      غصبا عنها حست بخجل كبير من شكلها (أكيد شكلي مبهدل وشعري منكوش).. كان نفسها لو أنها تعدلت قبل يدخل.. لانها حست إن شكلها ولاشيء لما شافت أناقته الصاعقة..

      الثوب الشتوي الأسود المنساب على جسده المتناسق بدقة.. غترة الشال الأنيقة..
      وشكله كأنه توه جاي من الحلاق.. العوارض مرتبة.. والسوالف محددة باستقامة..
      وريحة عطره سابقته.. رغم إنها مازالت تعاني من البرد.. وماتشم زين..

      رجعت دانة توطي راسها بخجل ما تعرف سببها.. يمكن نظرة سعود المتفحصة..... أو المختلفة!!!

      سعود من ناحيته كان واقف بعيد شوي ويدقق نظره فيها.. كانت في نظره أحلى واعذب من أي شافه بعمره كله..

      شعرها كان مرفوع ومتناثر منه خصل طفولية عنيدة على وجهها..وتلبس قميص نوم قطن لونه زهري كمه دانتيل طويل.. وله رقبة طويلة تربط بأزرار على كامل عنقها..


      كان نفسه يقترب
      يحضنها بقوة.. يقبلها ألف قبلة.. يسوي أي شيء ممكن يعبر عن مشاعره الملتهبة ناحيتها.. وفرحته بسلامتها..

      بس هو ظل واقف بمكانه كأن أقدامه مثبته في الأرض بمسامير، وقال بنبرته الباردة المعتادة: الحمدلله على سلامتش..

      دانة بهدوء وهي تنظر في حضنها، في الوقت اللي سعود بيموت يبيها تطالع فيه يشبع من تأمل وجهها: الله يسلمك..

      سعود بذات نبرته المعتادة: أشلونش الحين.. إن شاء الله أحسن..؟؟

      دانة وهي ترفع وجهها مرة ثانية وتطالعه: الحمدلله.. احسن بكثير

      سعود كان مبسوط برفعها لوجهها، تقدم نص خطوة، لكنه رجع وتراجع خطوة، وقال ببرود تحته نار لاهبة: تبين شيء؟ قاصرش شيء؟؟

      دانة وهي تهز رأسها، وخصلات شعرها تتماوج بشقاوة.. الحركة اللي ذوبت قلب سعود الذايب أصلا: لا شكرا..

      سعود وهو يستعد للمغادرة: لو احتجتي شيء، دقي علي..

      دانة بهدوء: لو أحتجت شيء خالد وابي موجودين..

      سعود اللي كان على وشك الخروج، رجع عليها وفي عيونه نظرة عتب حنون.. دانة لما شافته رجع.. انكمشت.. وحطت يدها على وجهها بخوف غصبا عنها..

      سعود لما شاف حركتها هذي حس قلبه انكسر مليون قطعة..

      طلع فورا بدون ما يقول شيء..

      مزنة دخلت بعد طلعته على طول: وش فيه الأخ طالع مشوت؟؟

      دانة بنبرة محايدة: ما أدري..


    • اليوم مافيه جامعة...

      البنات يدرسون في البيت استعداد لامتحانات نهاية الفصل الأول اللي خلاص باقي عليها أيام بس..

      غرفة منيرة وسارة..

      سارة بلهجة غامضة: منيرة ممكن تجين معاي أنا ووضحى اليوم العصر.. وضحى تبي تختار لها ثوب لعرسها...

      منيرة وهي تضحك: نعنبو العرب وش فيهم هبوا في العرس المستعجل..وضحى مهيب توها متملكة الشهر اللي طاف..
      بس أكيد بطل أسرع عرس سعود أخو مها..مستحيل حد يكسر رقمه القياسي.. تملك وخذها لبيته على طول..

      سارة اللي كانت مهمومة، ماكانت قادرة تجاري مرح منيرة وضحكها.. سارة حاسة بالذنب (بس شأسوي؟؟) : المهم تجين معنا..؟؟؟

      منيرة تهز رأسها: نو نو.. روحي انتي ورفيقتس أنا وش دخلي.. هذا أولا.. ثانيا : أبي أدرس..

      سارة وهي تتنهد: تكفين لا تفشليني فيها.. هي تبي تشوف الفستان عليس لأنكم نفس المقاس.. وأنا قلت لها إنس بتجين..

      منيرة بنفي: أستحي أقاوس فستان عرس.. والله استحي..

      سارة تحاول تدعي العيارة: بروفة يا بنت الحلال.. عشان عرسس

      منيرة برعب: بسم الله علي..

      سارة خلاص تحطمت: تكفين منيرة عشاني، وإلا اختس سويره مالها خاطر..

      منيرة بتأفف: يا كثر حنتس.. زين بأروح معكم


      ********************



      عبدالله ركبه هم جديد.. أشلون بيوصل الخبر لعياله.. أو الأصح أشلون يكسر قلوب عياله..

      (آه ياماجد آآآآآه.. مالقيت تطلب مني الا ذا الطلب..

      الحين العيال وش باسوي فيهم.. معي وإلا مع أمهم؟؟..

      معقول أقدر أنام في البيت وهم موب موجودين.. أشلون أقدر أقعد فيه وحسهم ما يملاه.. أشلون أقدر أعيش الباقي من حياتي وهم مقسمين بيني وبين أمهم..

      بس ماجد ما أقدر أرده.. كله ولا ماجد
      ياااارب.. يارب أعني على الجاي.. حاس أن الجاي أكبر مني.. يالله عفوك ومعونتك..)

      عبدالله موب عارف من وين يبدأ تنفيذ مخطط إلغاء الزواج اللي كان مقرر له يكون اليوم..

      حس أن أول اتصال لازم يكون لجواهر لأنها صاحبة الشأن، اتصل بها وهو متوجه لمبنى البنك..

      جواهر بصوت متعب: نعم عبدالله (كانت في نفسها تقول هذا يعني موب ناطر لين أصير مرته عشان ينكد علي.. بيبدأ من الحين)

      عبدالله بصوت متوتر: جواهر عندي لج خبر..


    • بعد الغياب/ الجزء الثامن والثلاثون



      عبدالله بصوت متوتر: جواهر عندي لج خبر..

      جواهر اللي ارتفع مستوى الأدرينالين إلى أعلى مستوياته، نطت واقفة: عيالي حد منهم فيه شيء..

      عبدالله بنفي: لا والله كلهم طيبين

      جواهر وهي تحس كأنه انصب ماي بارد على لهيبها: الحمدلله.. زين وش عندك..؟؟

      عبدالله وهو يبلع ريعه.. والكلمات تخرج متناثرة منه: أنا ما أقدر أتمم زواجنا..

      جواهر باستفسار: تبي تأجله يعني؟؟

      عبدالله بتوتر: لا.. أبي ألغي الفكرة نهائيا..

      جواهر انفجرت فيه كطوفان هادر: يالخسيس النذل.. طول عمرك بتظل خسيس نذل..
      يعني عقب ماقلت للناس.. ورئيس قسمي أكيد إنه بلغ السكرتارية اليوم.. والخبر انتشر في الجامعة.. وخالي وهله والناس اللي عرفوا..
      تبي تصغرني قدامهم يالنذل تبي تبين إنك مثل مارميتني قبل 17 سنة تقدر ترميني مرة ثانية.. نذل وحقير وجبان مثل ما كنت طول عمرك ولا عمرك بتغيير..
      وقبل أي شيء.. وأهم من أي شيء.. عيالي وعيالك.. أشلون وضعهم عندك..؟؟ وإلا تبي تنتقم منهم بعد..وتقهرهم..؟؟

      عبدالله كان قاعد يسمعها والكلام القاسي ينهمر من بين شفايفها مثل رشاش مدفعي..
      ظلت تسب وتتكلم وتتكلم.. لما تعبت من الكلام سكتت..

      عبدالله باستفسار حزين: خلصتي؟؟

      جواهر بقهر: تعبت من الكلام.. الكلام أصلا معك ضايع.. الكلام يكون مع إنسان عنده مشاعر أو قلب أو أحساس، مو مع واحد بدون إحساس مثلك

      عبدالله بيأس: جواهر اسمعيني مثل ماسمعتك.. واسمعي وش عندي..

      جواهر بقهر بالغ: وش عندك يعني؟؟ ووش بتقول؟؟

      عبدالله اللي كان وصل موقفه الخاص في مواقف البنك: طفا سيارته، وتنهد وقال: جواهر بأحكي لج حكاية صارت معي أيام الجبهة..اسمعيها..

      عبدالله حكى لها حكايته كلها لحد ماجاه ماجد اليوم والطلب اللي طلبه..

      جواهر كانت مشاعرها متضاربة، لكنها حاولت تتماسك وقالت بهدوء: عبدالله صديقك أنت وياه بكيفكم..
      رد له جميله على كيفكم.. بس بعيد عني وعن عيالي.. أنا إنسانة لها كيان وشخصية مستقلة.. ماني بكورة بينكم.. أنت ترميني وهو يتلقفني.. كاني مالي شور أو رأي

      أنا لو أبي ماجد كان خذته من زمان.. والعرس كله فكرة أنا كنت رافضتها.. ولولا عيالي أنا كان مستحيل أوافق عليك.. (وكملت بحزم) وعشان عيالي زواجنا بيتم اليوم مثل ماهو مخطط له..

      عبدالله بحزن: جواهر ما أقدر.. أنا وعدت ماجد خلاص..

      جواهر بنبرة غامضة: ولو ماجد نفسه كلمك وحلك من الوعد..

      عبدالله بثقة: نتزوج فورا..

      جواهر بثقة: إجراءات الزواج بنستمر فيها مثل الاتفاق..وأنت انتظر اتصال من ماجد.. أكيد..


    • عبدالله اللي كان توه واصل مكتبه..الساعة 8 صباحا
      موبايله يرن..
      كانت بنته نوف..

      عبدالله بهدوء: هلا حبيبتي..

      نوف بصوت مليان فرحة: عبدالله ياحلو أنت.. طالع تتسحب من البيت هربان مني.. مافيه فكة..

      عبدالله بابتسامه رغم الهم اللي ماليه (الله لا يحرمني من دلعها): والحلوة وش تبي من عبدالله المسكين؟

      نوف: أفا يبه، أنت ناسي وإلا شنو؟؟

      عبدالله باستفسار: ناسي شنو؟؟

      نوف بفرح مجنون: أفا.. عرسك يبه..

      عبدالله كح: عرس مرة وحدة..

      نوف بحماس: يبه أنا ماعندي وقت.. أبي فلوس..

      عبدالله باهتمام : أنتي عارفة سياستي في هالموضوع.. مافيه فلوس خارج مصروفكم.. لو تبين تشترين شيء.. أنا اوديج تشترين..

      نوف بنفاذ صبر:يبه فديتك مافيه وقت.. الملكة العصر والعشا بالليل.. وأنت ماراح تجي من البنك قبل 2.. فيه أشياء وااااااايد أبي أشتريها وأسويها..

      عبدالله اللي كان يبي يقول لبنته لا تسوي شيء لأن السالفة كلها يمكن ما تتم، بس ماحب يكسر بخاطرها ويخنق فرحتها اللي كان باين إنها من غير حدود: طيب كم تبين؟؟

      نوف بصوت متخوف: وايد..

      عبدالله بهدوء: وايد كم يعني؟؟؟

      نوف بتخوف شديد: ما أدري، مابين 20 ل50 ألف..

      عبدالله بعصبية: نعم.. تبيني أعطيج المبلغ هذا كله في يدج..؟؟

      نوف بتحرقص: أعرف سياستك إنه فلوس في يد المراهق فساد.. بس اليوم غير.. لا تخاف ماراح أفسد اليوم.. ما عندي وقت.. بأفسد في يوم ثاني..

      عبدالله بابتسامة (ياحبي لها) : اسمعيني بارسل لج الفيزا مع أفضل.. وافضل بيكون معج خطوة بخطوة لحد ما ترجعين البطاقة له.. وابي فواتير بكل شيء بتشترينه أو تسوينه.. مفهوم.؟؟. ريال واحد انصرف من البطاقة.. وماكان مسجل في الفواتير... أنتي عارفة اللي بيصير..

      نوف بحماس: أعرف أعرف.. بانحرم من مصروف الشهر الجاي.. هذي مشكلة اللي أبوهم مع دكتوراة اقتصاد.. الله يعين عليك.. خلني أشوف أمي إذا ما روضتك شوي..

      عبدالله في نفسه: الله يعيني على لسانها بس... وإلا الترويض بيكون مهمتي أنا..

      نوف بحماس زايد: زين يبه لا تنسى شبكة أمي ودلبتها اليوم..

      عبدالله باستفسار : أي شبكة؟؟

      نوف بمرح: أفا.. أنت تبي تتزوج أمي بدون شبكة وبدون دبلة..؟؟
      إذا طلعت من الدوام روح جيبهم.. واسمعني عدل.. الطقم يكون ألماس وأبي فيه زمرد أخضر..وأبي أشوف ذوق عبدالله الحلو..توصى

      أبوها بابتسامة: وش معنى أخضر..

      نوف بغموض: بتعرف بعدين... والدبلة امي قياسها 12,5.. لا تنسى..

      عبدالله با بتسامة: حاضر أي أوامر ثانية..

      نوف بمرح: لا إذا تذكرت أوامر كلمتك.. وخل عمي أبو محمد يستعجل علي.. أنا والشغالة قاعدين ننطره.. بسرعة فديتك..

      عبدالله حس في روحه بجرح عميق.. وهو يحس بفرحة بنته الكبيرة..
      أشلون بيقدر يذبح هالفرحة.. لو ما كلمه ماجد.. وحله من وعده له.. مستحيل يتمم الزواج..

      ياربي.. وش أسوي؟؟ وش أسوي؟؟