سلسلة فتيات رياضيات[FONT=Times New Roman, serif].[/FONT]
بثينة اليعقوبي رحلة مليئة بالعطاء[FONT=Times New Roman, serif].[/FONT]
هي المرأة تصارع المستحيل، فتصرعهُ حيناً، ويصرعها أحياناً، فتجد في قاموس بعضها [FONT=Times New Roman, serif]([/FONT]مستحيل[FONT=Times New Roman, serif]) [/FONT]وفي قاموس البعض الآخر [FONT=Times New Roman, serif]([/FONT]لا مستحيل[FONT=Times New Roman, serif]) [/FONT]ولهذا تجد ثلةً منهن يعانقن السماء والأنجم، وترتضي البعض السير في الأرض والإستكانة للواقع، بينما الشامخات يواصلن طريقهن نحو تحطيم القيود وكسر الحواجز، لذا سنظل نكتبُ في كل عددٍ عن نجمةً برزت في أفق عمان، ورفعت علم السلطنة في أي محفل، فهذه الأرض الطيبة ولادةٌ معطاءة، تطالعنا كل يومٍ بمفخرةٍ جديدة، نرفع لها الهامة والعقيرة[FONT=Times New Roman, serif].[/FONT]
بثينة بنت عيد بن حمود اليعقوبي، هي فتاةٌ عمانية، كان لها شرف المشاركة في ألمبياد بكين، حيث التجمع الرياضي الضخم، اقتربنا منها أكثر، لنعرف كل جوانب حياتها، ونوضح للقارىء الكريم ما لا يعرفه عن شخصيتها، التاريخ المميّز في حياتها يوم ولادتها، فقبل أيامٍ بسيطة احتفلت بعيد ميلادها، فقد رأت نور الحياة في [FONT=Times New Roman, serif]1991/1/31[/FONT]م، احتضنتها الحيل الجنوبية كأمها، نشأت وترعرت فيها، حتى قويَ عودها، واشتد ساعدها، لتمارس الرياضة وهي بعمر الست سنين، طفولةٌ عاشتها وهي تنظر للحياة بإشراقٍ وتحدٍ، والبداية مع تنس الطاولة، لتضاف إليها السباحة، وفي مرحلةٍ متقدمة جاءت رياضة ركوب الخيل التي شغفتها حيناً، لتجد نفسها بعد فترةٍ من الزمن لا تميلُ إليها وتعفها النفس، فهي لم تجد بثينة الفارسة التي تحلم، ولم يكن الخيل صديقاً رقيقاً، لترجع إلى ما يلائم فطرتها ويملأ قلبها حباً [FONT=Times New Roman, serif]([/FONT]ألعاب القوى[FONT=Times New Roman, serif]) [/FONT]التي لا مجال فيها إلا للأقوى[FONT=Times New Roman, serif].[/FONT]
ولتفصيلٍ بسيط، نجد أن لعبة التنس دخلت عالم اليعقوبية في الصف الرابع الإبتدائي، تلتها هواية السباحة بعامٍ واحد، وفي الأول الإعدادي شاركت في الخيالة السلطانية العمانية، لتنسى كل هذه الهوايات، أو لنقل أنها ابتعدت عن هواياتها الثلاث، ولا ترجع لها إلا للذكرى والإستئناس بألعاب الطفولة، وبقت ألعاب القوى هي القرين الملازم والصاحب المرافق في الحلم واليقظة[FONT=Times New Roman, serif].[/FONT]
تهوى ابنة عيد عزف الموسيقى، فالبيانو لا يفارقها إلا فيما ندر، كما أن المشاركة في المنتديات الإلكترونية يأخذ بعضاً من اهتمامها، أما القراءة فهي أمرٌ لا بد منه، خصوصاً ما يتعلق بالرياضة، كونها تعدُّ نفسها لتصبح مثقفةً رياضية، لتستعين بفكرها الرياضي وتسخّره لتطوير مهاراتها في أرض المضمار، فهي تؤمن بأن العقل الرياضي ينتج جسداً رياضياً، وبذاك تجمع الحسنيين[FONT=Times New Roman, serif].[/FONT]
أول مسابقةٍ تشترك فيها، كانت لا تزال تدرس بالصف السادس الإبتدائي، في بطولة مدارس محافظة مسقط، مثلت فيها مدرسة حيل العوامر، في مسابقة [FONT=Times New Roman, serif]100 [/FONT]متر جري،وقد نالت المركز الثالث، شاركت أيضاً في بطولة المناطق في صحار، وقد أحرزت المركز الثالث في تنس الطاولة، وفي أول إنجازٍ لها على مستوى الميدالية الذهبية كان في عام [FONT=Times New Roman, serif]2006[/FONT]م يوم أن أحرزت المركز الأول في بطولة مدارس محافظة مسقط في [FONT=Times New Roman, serif]100 [/FONT]متر عدو[FONT=Times New Roman, serif].[/FONT]
بعد تلك البطولة تم استدعاؤها للمنتخب الوطني لألعاب القوى، هذا الخبر بقدر ما أفرحها أقلقها، مما جعلها تطيل التفكير فيه، فخلصت في البداية إلى رفض الفكرة والإعتذار عن المشاركة مع المنتخب، فالأمر يحتاج إلى تفرغٍ وتوفير الوقت الكافي للتمرين، هذا يعني أنها ستهمل دراستها كثيراً، ولا تود أن تضيع مستقبلها، خصوصاً وأنها كانت من المتفوقين في الدراسة، إلا أن للمدربة التونسية [FONT=Times New Roman, serif]([/FONT]نعيمة بنت عمارة[FONT=Times New Roman, serif]) [/FONT]رأيٌ آخر، فمع صرارها الكبير وتعلقها ببثينة، حدا بها إلى إعادة النظر والأخذ بمشورة الأهل، ليأتي الدعم والمساندة من العائلة الكريمة، والتي كان لها بالغ الأثر في نجاح ابنتهم الرائعة [FONT=Times New Roman, serif]([/FONT]بثون[FONT=Times New Roman, serif])[/FONT]، لتشهد الساعة الخامسة عصراً بتاريخ [FONT=Times New Roman, serif]2006/2/27[/FONT]م أول تدريبٍ مع المنتخب، الذي أدارته المدربة القديرة [FONT=Times New Roman, serif]([/FONT]نعيمة[FONT=Times New Roman, serif]) [/FONT]فاتحةً المجال أمام بثينة لبداية كسب البطولات والمراكز، وحصد الميداليات وتحقيق الأرقام الجديدة[FONT=Times New Roman, serif].[/FONT]
عيد وموزة، هما أروع أبوين كما تراهما بثينة، فقد منحاها الحافز والتشجيع، لا تنقطع نصائحهما عنها، كذلك الأشقاء الذين ظلوا يأخذون بيدها، نحو صنع ذاتها وإبراز شخصها، لتطير خارج حدود الوطن في [FONT=Times New Roman, serif]2006[/FONT]م إلى البطولة الخليجية الأولى الناشئة بالبحرين، حيث الموعد الأول مع التتويج الدولي، الميدالية البرونزية في الوثب الطويل هي بداية رائعة، خصوصاً وأنها لا تزال في الخامسة عشر من العمر، في هذه البطولة أحست بالكثير من الخوف والرهبة، إلا أن المدربة نعيمة، والإدارية الجميلة خولة الرواحي، أزالا القلق والتوتر من نفسها، لتضيف ميداليةً جديدة في خزينتها، لحظت التتويج ظلت عالقةً في ذاكرتها، ورنين الهاتف وعبارات [FONT=Times New Roman, serif]([/FONT]ألف ألف مبروك، رفعتي راسنا[FONT=Times New Roman, serif]) [/FONT]من أمها الغالية منحتها دافعاً أكبر وعزماً أقوى لمواصلة الطريق[FONT=Times New Roman, serif].[/FONT]
الغرور لا يجدُ طريقاً أبداً إلى قلبها، وهي الهادئة جداً في طباعها، المرحة اللطيفة في تعاملها، علاقتها بصديقاتها حميمةٌ جداً، لذا وجدت الجميع يساندها في بطولة سوريا للناشئين والناشئات تحت سن [FONT=Times New Roman, serif]18[/FONT]، وقد حققت في هذه البطولة رقماً جديداً للسلطنة في الوثب الطويل [FONT=Times New Roman, serif](9 [/FONT]أمتار و[FONT=Times New Roman, serif]48[/FONT]سم[FONT=Times New Roman, serif]) [/FONT]لتشارك بعدها في معسكرٍ تدريبي في ماليزيا يوم [FONT=Times New Roman, serif]2008/2/1[/FONT]م[FONT=Times New Roman, serif].[/FONT]
مثلتِ السلطنةُ أيضاً في بطولة الكويت الأولى لناشئات الخليج في [FONT=Times New Roman, serif]2008/3/1[/FONT]م لتحقق جائزة المركز الثالث في الوثب الطويل على المستوى الشخصي، وتحصد ذهبية [FONT=Times New Roman, serif]([/FONT]تتابع متنوع[FONT=Times New Roman, serif]) [/FONT]مع رفيقاتها [FONT=Times New Roman, serif]([/FONT]أمل آل سعيد وشنونة الحبسي ونهى[FONT=Times New Roman, serif]) [/FONT]على المستوى الجماعي[FONT=Times New Roman, serif].[/FONT]
حققت أيضاً رقماً جديداً للسلطنة في سباق [FONT=Times New Roman, serif]100[/FONT]متر عدو وإحراز الميدالية الفضية في اللقاء الأسيوي للفتيات بالمملكة الأردنية الهاشمية، إضافة إلى الميدالية الفضية في الوثب الثلاثي وهو رقم جديد للسلطنة كذلك، كما أنها حازت على الميدالية الفضية مع صويحباتها في التتابع [FONT=Times New Roman, serif]100x4 ([/FONT]عبير الجابري، أمل آل سعيد، نجاح العاصمي[FONT=Times New Roman, serif])[/FONT]، ليحققن أيضاً برونزية التابع [FONT=Times New Roman, serif]400 [/FONT]متر، لتضيف بثينة برونزية [FONT=Times New Roman, serif]200 [/FONT]متر، وبذلك عادت إلى السلطنة وهي تحمل [FONT=Times New Roman, serif]5 [/FONT]ميدالية ثلاث فضيات وبرونزيتين[FONT=Times New Roman, serif].[/FONT]
أما الحدث الأكبر في حياة بثينة هو المشاركة في أولمبياد بكين، والذي كان له دورٌ بالغ في تعميق الثقة بالنفس، فليس سهلاً المشاركة أمام أكثر من [FONT=Times New Roman, serif]100 [/FONT]ألف متفرج، في حدثٍ عالمي، تنقله أغلب محطات التلفزة، ويتابعه الملايين، اكتسبت من مشاركتها تلك خبرةً واسعة، ناهيك عن الإحتكاك المباشر مع لاعبين عالميين، بكين منحت اليعقوبية عزيمةً في النفس لمواصلة المزيد من العطاءات وتطوير قدراتها، صادقت من خلال مشاركتها اللاعبة المعروفة [FONT=Times New Roman, serif]([/FONT]ماريا[FONT=Times New Roman, serif]) [/FONT]لاعبة [FONT=Times New Roman, serif]100 [/FONT]متر عدو، بالإضافة إلى لاعبات من باكستان وفرنسا وجمايكا والأرجنتين، فالتواصل قائمٌ بينهم حتى اللحظة[FONT=Times New Roman, serif].[/FONT]
انزعجت كثيراً من سفرها إلى بكين بدون استعدادتٍ جيدة، فقد تم استدعاؤها للمنتخب قبل أسبوعين فقط، ولم تُهيأ الظروف المناسبة لها، خصوصاً وأنها سافرت إلى بكين بدون مدرب، إضافة إلى ضغط الدراسة وقرب الإمتحانات النهائية للثانوية العامة، وهي المرحلة الحساسة والمهمة في طريق مواصلة الدراسات الجامعية، فهي لم تكن تتمتع بلياقةٍ جيدة إثر الإستعداد الهزيل، الذي لا يكون لبطولةٍ صغيرة، فمن الأولى أن لا يكون لبطولةٍ كبير بحجم الأولمبياد، لذا فإن اللياقة خانتها كثيراً في مشاركتها، فتراها تنطلق بقوة في بداياتها، ولا تستطيع المواصلة للإنهاك وانتهاء المخزون اللياقي لديها، فهل يعقل أن تكتسب لياقةً عالية من خلال أسبوعين فقط؟[FONT=Times New Roman, serif]![/FONT]
وعليه فإنها تعتذر من جمهورها، فلم يساعدها الوضع على تحقيق إنجازٍ يُرضي الشارع الرياضي العماني، ولم يكن بالإمكان أكثر مما كان [FONT=Times New Roman, serif]([/FONT]العين بصيرة ويد الإعداد قصيرة[FONT=Times New Roman, serif])[/FONT]، ولأن المرحلة الختامية من الدراسة تزامنت مع مشاركتها في الصين، أثّرت كثيراً على نتيجتها الدراسية، ومع هذا كله حصلت على نسبةٍ جيدة أهلتها لدخول كليةٍ حكومية في إحدى المناطق البعيدة عن مسقط، موطن العائلة ومقر الإقامة، مقدمةً شكرها لمواقف الأهل النبيلة، ولتعاون المدرسة في تأجيل الإختبارات، كما أنها تشكر وزارة الشؤون الرياضية على منحها بعثة دراسية في مجال الهندسة الإلكترونية[FONT=Times New Roman, serif].[/FONT]
تمتلك ابنة الثامنة عشر، عشرين ميدالية، أربعاً منها ذهبية، وسبع فضيات، وتسع برونزيات، وهي الفتاة الرياضية الوحيدة في عائلتها المكونة من أبٍ وأم وأربعاً من الإناث وثلاثةً من الذكور، يمارس أخوها أحمد التيكواندو في أحد الأندية، بينما تعزف شيخة الكمان، ومها تجيد كتابة الشعر برصانة[FONT=Times New Roman, serif].[/FONT]
تعجبها اللاعبة البحرينية رقية، فهي أثبتت وجودها كلاعبة خليجية وعربية وعالمية، كما أن الروسية مارينا تعدُّ أفضل رياضيةٍ لديها، بينما الفريق الجمايكي للتتابع يمثل لها الفريق المتكامل والقدوة، تطمع بثينة لتحقيق إنجازات عالمية للسلطنة، وتسعى لمواصلة دراساتها الجامعية حتى تنال شهادة الدكتوراة بإذن الله، تتوقع أن يصل المنتخب العماني إلى نهائي كأس أسيا،والظفر بكاس البطولة، كما أنها تتألم لمصائب الإسلام، خصوصاً الحرب الأخيرة على المعذبين في غزة، داعية الله أن يرحم الشهداء ويرزقهم الجنة، وأن يكون في عون كل من فقد حبياً أو صديقاً أو قريباً، وأن يلطف الله بالأمهات والأطفال والمجاهدين[FONT=Times New Roman, serif].[/FONT]
منهيةً حديثها بتقديم الشكر الجزيل والحب الكبير للمدربة المخلصة والرائعة [FONT=Times New Roman, serif]([/FONT]نعيمة بنت عمارة[FONT=Times New Roman, serif]) [/FONT]وللأهل والأصدقاء، ولجميع فريق العمل في وزارة الشؤون الرياضية، ويبقى الشكر الأعظم والأكبر للقائد الحكيم الملهم، صاحب الجلالة حفظه الله ورعاه، على منحه الفرصة الكاملة للفتاة في إبراز مواهبها وقدراتها، والمرأة العمانية قادرة على وضع بصمتها الخاصة[FONT=Times New Roman, serif].[/FONT]