الاستجواب حرية ... أم مزايدة ؟!
الذي يهمنا بالدرجة الأولى رؤية ما يجري في بلدنا التي نعيش فيها ، وبدرجة أقل مايجري في بلاد الجوار التي نرتبط معها بروابط مختلفة تؤثر علينا ولو على الأمد الطويل ، وبدرجة أقل منهما مايجري في شتى دول العالم ، لأن العالم صار قرية صغيرة يمكن أن ترى جميع مافيها في زمن بسيط.
والمهم أيضا أن نستفيد من هذه الرؤى فنحاكي ما يفيدنا ، وندع ماهو خلاف ذلك ، حتى ولو كانت ليست من ثقافتنا ، فضلا أن تكون أصلا لها.
الظلم والفساد ممقوت شرعاً وطبعاً حتى عند غير البشر ، ورده ومنعه مما تتوافق عليه الفطر السليمة ، وانتشارهما من أسباب الهلاك والدمار للمجتمع ، وقلّب نظرك إن شئت في هذا العالم لترى أحوالاً غريبة وعجيبة ، دولٌ تفتقر إلى كثرة الموارد لكنها تتميّز بالغنى الذاتي ... وتعيش في ازدهار واستقرار، ماليزيا مثلاً ، والأشد من هذا أن بعض هذه الدول الفقيرة التي لاتمتلك إلى أبسط الموارد تكون عونا لغيرها في تنمية مجتمعه ، الفلبين وبنجلاديش في شأن التمريض في المستشفيات ، والتدريس والتدريب في بعض المعاهد دليل على ذلك ...
وأخرى تتربع على مواد الثروات الطائلة ، والموارد الوفيرة وتعيش مجتمعاتها على بسيط العيش ، وهشاشة الاستقرار . والأمثلة واضحة للعيان ..كل هذا بسبب كثرة نفقاتها العبثية ... أو قل صراحة بسبب فسادها ... وعدم مسآءلة المسؤولين فيها .
هؤلاء الفاسدون المخربون ليسوا صغاراً يرتدعون بكلمات التأنيب وقرص اليد ، هم مراهقون كبار يتصرفون دون مسؤولية أو أخلاق وتربية يستشعرون بها حرمة فعلهم ، وعاقبة صنيعهم ، والأهم من هذا كله تماديهم وتفاخرهم بهذا الفساد رغم علمهم المسبق بحرمة الفساد ، وعظيم عقوبته عند الله سبحانه ، وسوء نتيجته عليهم في الدنيا والأخرة ، والدافع لهم هو أنهم لم يجدوا من يسآءلهم عن هذه التصرفات .. فهم قد ضمنوا السلامة من العقوبة ومن ضمنها فقد أساء الأدب ...
ثقافة الاستجواب والمسآءلة مرتبطة بالعدل الذي قامت عليه السموات والأرض ، ونبذ الظلم الذي حرمه الله على نفسه ابتداءً ، لذلك فهي مشروعة في كل الأديان والمعتقدات ، بل وعند أهل القوانين اللادينية . لأن الاستجواب والمسآءلة تحفظ الحقوق وتضبط النفس عن الميل بها إلى مايخالف رعايتها وصيانتها .
في تاريخنا المجيد " قام عمر رضي الله عنه على المنبر فقال: أيها الناس اسمعوا وأطيعوا! فقال له سلمان الفارسي رضي الله عنه : لا سمع لك علينا ولا طاعة! قال عمر : ولما؟ قال : حتى تبين لنا من أين لك هذا البرد الذي ائتزرت به وأنت رجل طوال لا يكفيك برد واحد، كما نال بقية المسلمين! فنادى عمر ولده عبد الله فقال له : نشدتك الله! هذا البرد الذي ائتزرت به أهو بردك؟ قال عبد الله رضي الله عنه : نعم! هو بردي أعطيته لأبي ليأتزر به، لأنه رجل طوال لا يكفيه البرد الذي ناله كبقية المسلمين! فيقول سلمان رضي الله عنه: الآن مر! نسمع ونطع..!!"
من أين لك هذا ...؟؟ عبارة سجلها التاريخ لتبقى شاهدة على قِدم العدالة في ثقافتنا ، وتبقى سلاحاً يُشهر في وجه المنكرين لها ، يسلط على رقابهم أيّاً كانوا..
لكن التعامل مع ثقافة الاستجواب بدأت تأخذ مناحي شتى ، أفقدتها قيمتها وهيبتها حتى أصبحت تستخدم لاعتبارات مقصودة ، تحقق نتائج مصلحية .
وهذا مايريده أعداؤها ، لأن إسقاطها أو العبث بها يطيل في أعمارهم ، ويفسح المجال لهم للاستمرار في فسادهم وإفسادهم ، وربما كلف الكثير لأجل البحث عن بديل لها في حال استمرارها على هذا النمط .
شقيقتنا الكويت تمرّست هذه الثقافة وحملتها بكل صدق وأمانة حتى أصبحت نموذجاً ينبغي أن يحتذى به ، لكن السعي بدأ لإجهاض هذه الثقافة ، ومصادمتها بمواقف لها نفس الثقل القانوني ، فكم مرة حُلّ مجلس الأمة ؟؟!! لا لشيء إلا لأجل هذه القضية ..!! و هذا لن يكون مقبولا دائماً عند الشارع الكويتي على المدى القريب من وجهة نظري .
وفي رأيي أن قرار حل المجلس نقيض لحق الاستجواب ، بل لايجعل له قيمة ،إذ أن الأمن من الاستجواب مرتبط بالمجلس وجوداً وعدماً ، وهذا سيكلف الشقيقة تبعات ربما تظهر في المستقبل القريب ، فالمطلوب أن يحافظ الأشقاء على هذا التمّيز ، ويستمروا في توجيهه نحو السلامة والنزاهة ، والمطلوب من غيرهم أن يستفيدوا منهم ، ويسعوا لتجنب السقطات ، وأهل مكة أدرى بشعابها ..
وعلى العموم فما تزال ثقافة الاستجواب تحل كابوساً يأرق المفسدين ، ويحول دون تحقيق مآربهم رغم المؤامرات التي تحاك ضدها ، والسعي لتوجيهها إلى بلاء يخلق المشكلات ويفتعل الأزمات . والمهم أن نسعى لتطبيقها ولو بنسبية عددية .
لماذا تسبقنا الدولة الغربية وشعوبها نحو هذه الثقافة أقصد الاستجواب .. مماحقق لها الازدهار والمحافظة على ثروات شعوبها ، بل وحتى في أشر دول العالم ظلما وإرهاباً يطل علينا خبر يفيد بقرب مسآءلة كبارئهم على فتاتِ تصدق به بعض أغنيائهم عليهم ..!!
ألسنا نحن أولى منهم بهذه الثقافة..؟؟!! خصوصاً في مجتمعنا المسلم ..!! الذي يفتخر بإسلامه وتدينه ... ويبني عليهما أسس دولته ، والوقت مناسب الآن خصوصاً بعد التوجهات الإصلاحية التي بدأت تشق مسارها في هذا العصر الحافل ، فمن حقنا أن نعتقد أحقيتنا في هذه الثقافة ، ومن الحرية أن ننشرها عبر الأجيال لعل الأيام القادمة كفيلة بتحقيقها وتطبيقها ، لنرفع شعار العصا ... ولكن هذه المرة بدون جزرة ...!! نسأل الله أن يصلح الأحوال .
عبدالله العتيبي ( ksa )
تحياتي لكم وللجميع ولأهل بلدي , بلد المليون تكشيرة !!
الذي يهمنا بالدرجة الأولى رؤية ما يجري في بلدنا التي نعيش فيها ، وبدرجة أقل مايجري في بلاد الجوار التي نرتبط معها بروابط مختلفة تؤثر علينا ولو على الأمد الطويل ، وبدرجة أقل منهما مايجري في شتى دول العالم ، لأن العالم صار قرية صغيرة يمكن أن ترى جميع مافيها في زمن بسيط.
والمهم أيضا أن نستفيد من هذه الرؤى فنحاكي ما يفيدنا ، وندع ماهو خلاف ذلك ، حتى ولو كانت ليست من ثقافتنا ، فضلا أن تكون أصلا لها.
الظلم والفساد ممقوت شرعاً وطبعاً حتى عند غير البشر ، ورده ومنعه مما تتوافق عليه الفطر السليمة ، وانتشارهما من أسباب الهلاك والدمار للمجتمع ، وقلّب نظرك إن شئت في هذا العالم لترى أحوالاً غريبة وعجيبة ، دولٌ تفتقر إلى كثرة الموارد لكنها تتميّز بالغنى الذاتي ... وتعيش في ازدهار واستقرار، ماليزيا مثلاً ، والأشد من هذا أن بعض هذه الدول الفقيرة التي لاتمتلك إلى أبسط الموارد تكون عونا لغيرها في تنمية مجتمعه ، الفلبين وبنجلاديش في شأن التمريض في المستشفيات ، والتدريس والتدريب في بعض المعاهد دليل على ذلك ...
وأخرى تتربع على مواد الثروات الطائلة ، والموارد الوفيرة وتعيش مجتمعاتها على بسيط العيش ، وهشاشة الاستقرار . والأمثلة واضحة للعيان ..كل هذا بسبب كثرة نفقاتها العبثية ... أو قل صراحة بسبب فسادها ... وعدم مسآءلة المسؤولين فيها .
هؤلاء الفاسدون المخربون ليسوا صغاراً يرتدعون بكلمات التأنيب وقرص اليد ، هم مراهقون كبار يتصرفون دون مسؤولية أو أخلاق وتربية يستشعرون بها حرمة فعلهم ، وعاقبة صنيعهم ، والأهم من هذا كله تماديهم وتفاخرهم بهذا الفساد رغم علمهم المسبق بحرمة الفساد ، وعظيم عقوبته عند الله سبحانه ، وسوء نتيجته عليهم في الدنيا والأخرة ، والدافع لهم هو أنهم لم يجدوا من يسآءلهم عن هذه التصرفات .. فهم قد ضمنوا السلامة من العقوبة ومن ضمنها فقد أساء الأدب ...
ثقافة الاستجواب والمسآءلة مرتبطة بالعدل الذي قامت عليه السموات والأرض ، ونبذ الظلم الذي حرمه الله على نفسه ابتداءً ، لذلك فهي مشروعة في كل الأديان والمعتقدات ، بل وعند أهل القوانين اللادينية . لأن الاستجواب والمسآءلة تحفظ الحقوق وتضبط النفس عن الميل بها إلى مايخالف رعايتها وصيانتها .
في تاريخنا المجيد " قام عمر رضي الله عنه على المنبر فقال: أيها الناس اسمعوا وأطيعوا! فقال له سلمان الفارسي رضي الله عنه : لا سمع لك علينا ولا طاعة! قال عمر : ولما؟ قال : حتى تبين لنا من أين لك هذا البرد الذي ائتزرت به وأنت رجل طوال لا يكفيك برد واحد، كما نال بقية المسلمين! فنادى عمر ولده عبد الله فقال له : نشدتك الله! هذا البرد الذي ائتزرت به أهو بردك؟ قال عبد الله رضي الله عنه : نعم! هو بردي أعطيته لأبي ليأتزر به، لأنه رجل طوال لا يكفيه البرد الذي ناله كبقية المسلمين! فيقول سلمان رضي الله عنه: الآن مر! نسمع ونطع..!!"
من أين لك هذا ...؟؟ عبارة سجلها التاريخ لتبقى شاهدة على قِدم العدالة في ثقافتنا ، وتبقى سلاحاً يُشهر في وجه المنكرين لها ، يسلط على رقابهم أيّاً كانوا..
لكن التعامل مع ثقافة الاستجواب بدأت تأخذ مناحي شتى ، أفقدتها قيمتها وهيبتها حتى أصبحت تستخدم لاعتبارات مقصودة ، تحقق نتائج مصلحية .
وهذا مايريده أعداؤها ، لأن إسقاطها أو العبث بها يطيل في أعمارهم ، ويفسح المجال لهم للاستمرار في فسادهم وإفسادهم ، وربما كلف الكثير لأجل البحث عن بديل لها في حال استمرارها على هذا النمط .
شقيقتنا الكويت تمرّست هذه الثقافة وحملتها بكل صدق وأمانة حتى أصبحت نموذجاً ينبغي أن يحتذى به ، لكن السعي بدأ لإجهاض هذه الثقافة ، ومصادمتها بمواقف لها نفس الثقل القانوني ، فكم مرة حُلّ مجلس الأمة ؟؟!! لا لشيء إلا لأجل هذه القضية ..!! و هذا لن يكون مقبولا دائماً عند الشارع الكويتي على المدى القريب من وجهة نظري .
وفي رأيي أن قرار حل المجلس نقيض لحق الاستجواب ، بل لايجعل له قيمة ،إذ أن الأمن من الاستجواب مرتبط بالمجلس وجوداً وعدماً ، وهذا سيكلف الشقيقة تبعات ربما تظهر في المستقبل القريب ، فالمطلوب أن يحافظ الأشقاء على هذا التمّيز ، ويستمروا في توجيهه نحو السلامة والنزاهة ، والمطلوب من غيرهم أن يستفيدوا منهم ، ويسعوا لتجنب السقطات ، وأهل مكة أدرى بشعابها ..
وعلى العموم فما تزال ثقافة الاستجواب تحل كابوساً يأرق المفسدين ، ويحول دون تحقيق مآربهم رغم المؤامرات التي تحاك ضدها ، والسعي لتوجيهها إلى بلاء يخلق المشكلات ويفتعل الأزمات . والمهم أن نسعى لتطبيقها ولو بنسبية عددية .
لماذا تسبقنا الدولة الغربية وشعوبها نحو هذه الثقافة أقصد الاستجواب .. مماحقق لها الازدهار والمحافظة على ثروات شعوبها ، بل وحتى في أشر دول العالم ظلما وإرهاباً يطل علينا خبر يفيد بقرب مسآءلة كبارئهم على فتاتِ تصدق به بعض أغنيائهم عليهم ..!!
ألسنا نحن أولى منهم بهذه الثقافة..؟؟!! خصوصاً في مجتمعنا المسلم ..!! الذي يفتخر بإسلامه وتدينه ... ويبني عليهما أسس دولته ، والوقت مناسب الآن خصوصاً بعد التوجهات الإصلاحية التي بدأت تشق مسارها في هذا العصر الحافل ، فمن حقنا أن نعتقد أحقيتنا في هذه الثقافة ، ومن الحرية أن ننشرها عبر الأجيال لعل الأيام القادمة كفيلة بتحقيقها وتطبيقها ، لنرفع شعار العصا ... ولكن هذه المرة بدون جزرة ...!! نسأل الله أن يصلح الأحوال .
عبدالله العتيبي ( ksa )
تحياتي لكم وللجميع ولأهل بلدي , بلد المليون تكشيرة !!